المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌228 - باب الأمر بإسباغ الوضوء وإحسانه - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٢

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب فِي إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌228 - بَابُ الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِحْسَانِهِ

- ‌229 - بَابُ إِسْبَاغِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ

- ‌230 - بَابُ إِطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثار الوُضُوءِ

- ‌231 - بَابُ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ

- ‌232 - بَابٌ: حِلْيَةُ المُؤْمِنِ إِلَى مُنْتَهَى الوضُوءِ

- ‌233 - بَابُ أَجْرِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

- ‌234 - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌235 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيةِ الإِسْبَاغِ

- ‌أبواب أَحْكَامِ الوُضُوءِ مَعَ الصَّلَاةِ

- ‌236 - بَابٌ: الوُضُوءُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ

- ‌237 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌238 - بَابٌ: الطُّهُورُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ

- ‌239 - بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ

- ‌240 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌241 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَرْضِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْلَ الأَمْرِ

- ‌242 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ: صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ

- ‌243 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوُضُوءَ ثُلُثُ الصَّلَاةِ

- ‌244 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌245 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ تَجْدِيدِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌246 - بَابُ الوُضُوءِ لِذِكْرِ اللهِ

- ‌247 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ لِلذِّكْرِ

- ‌248 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌249 - بَابُ الوُضُوءِ لِلُجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّومَ وَالأَكْلَ وَنَحْوَهُ

- ‌250 - بَابُ الوُضُوءِ لِلمُعَاوِدِ لِلجِمَاعِ

- ‌251 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌252 - بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ البَائِلِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌253 - بَابُ الوُضُوء مِنْ حَمْلِ المَيِّتِ

- ‌254 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ

الفصل: ‌228 - باب الأمر بإسباغ الوضوء وإحسانه

‌228 - بَابُ الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِحْسَانِهِ

1450 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ المسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فِي نَاحِيَةِ المسْجِدِ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَرَجَعَ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ، فَقَالَ:«وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، فَارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ» فَقَالَ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الَّتِي بَعْدَهَا: عَلِّمْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغِ الوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ بِمَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا» .

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[التخريج]:

[خ 6251 (واللفظ له)، 6667/ م 397/ د 848/ ت 2884 (ولم يسقْ مَتْنَهُ) / جه 1027/ خز 491/ عه 1628، 1652، 1653/ ش 2959/ هق 2290، 2804، 4000، 4001، 4004/ هقع 4763، 4764/ هقغ 351/ هقر 5/ زهر 302/ سرج 2526/ طاو 382/ بغ 552/ مخلدي (ق 217/ ب)].

ص: 5

[السند]:

أخرجه البخاريُّ (6251) قال: حدثنا إسحاق بن منصور، أخبرنا عبد الله بن نمير، حدثنا عبيد الله، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، به.

ورواه مسلمٌ قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة، وعبد الله بن نمير (ح) وحدثنا ابن نمير، حدثنا أبي، قالا: حدثنا عبيد الله عن أبي هريرة، به.

ولحديثِ المسيءِ صلاته ألفاظٌ ورواياتٌ كثيرةٌ وشواهدُ من حديثِ أبي رافعٍ وغيرِهِ، ستأتي بإذن الله في "موسوعة الصلاة".

ص: 6

1451 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَةَ إِلَى المَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِندَ العَصْرِ، فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ تَلَوحُ لَمْ يَمَسَّهَا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الوُضُوءَ» .

[الحكم]:

صحيح (م)، وأصلُ الحديثِ متفقٌ عليه دونَ الأَمرِ بإسباغِ الوضوءِ.

[اللغة]:

* عِجَالٌ -بكسر العين-: جَمْعُ عَجْلَانَ، وهو المستعجِلُ، كَغَضْبَانَ وَغِضَابٍ. (شرح مسلم للنووي 3/ 130).

* وَأَعْقَابُهُمْ تَلَوحُ: أي: تَظْهَرُ. وقيل: تُضِيءُ (مشارق الأنوار 1/ 365)، ومعناه: أنَّ أعقابَهُم بِيضٌ تُضيءُ فيُبصرُ النَّاظرُ بها مكانًا لم يُصبْهُ الماءَ (الإيجاز في شرح سنن أبي داود للنوويِّ 1/ 383).

* وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ: أي: لأَصْحَابِ الأعقَابِ المقصرينَ في غَسْلِهَا. والعَقِبُ: ما أصابَ الأَرضَ مِن مُؤخِّرِ الرِّجلِ إلى موضعِ الشِّرَاكِ. (شرح السنة للبغوي 1/ 429).

* إِسْبَاغُ الوُضُوءِ: إتمامُهُ، يقالُ: ثوبٌ سابغٌ، ودرعٌ سَابغٌ. (كشف المشكل لابن الجوزي 3/ 490) ومعناه: عمموه لجميع أجزاء الأعضاء (الإيجاز في شرح سنن أبي داود للنووي 1/ 383).

ص: 7

[الفوائد]:

قال الخطابيُّ: "فيه منَ الفقهِ أن المسحَ لا يجوزُ على النَّعْلَينِ، وأنه لا يجوزُ تركُ شيءٍ من القدمِ وغيرِهِ مِن أعضاءِ الوضوءِ لَمْ يَمَسَّهُ المَاءُ، قَلَّ ذلك أو كثر؛ لأنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يَتَوَعَّدُ عَلَى مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ (معالم السنن 1/ 46).

قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "وظاهرُهُ أن عبدَ اللهِ بنَ عمرٍو كانَ في تلكَ السفرةِ. ووقعَ في روايةٍ لمسلمٍ أنها كانتْ من مكةَ إلى المدينةِ، ولم يقعْ ذلك لعبد الله محققًا إلا في حَجَّةِ الوداعِ، أما غزوةُ الفتحِ فقد كان فيها لكن ما رجعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها إلى المدينةِ من مكةَ بل من الجعرانة، ويحتملُ أن تكونَ عمرةُ القضيةِ فإن هجرةَ عبد الله بن عمرو كانتْ في ذلك الوقت أو قريبًا منه"(فتح الباري 1/ 265).

[التخريج]:

[م 241 (واللفظ له) / د 97/ ن 111، 142/ كن 141، 176/ جه 454/ حم 6528، 6809، 6883/ مي 724/ خز 171/ حب 1050/ طي 2404/ ش 270/ عه 686 - 688، 751/ بز 2362/ طبر (8/ 206 - 207) / طح (1/ 39) / طحق 42، 43/ طب (13/ 530، 531/ 14416، 14417) / مسن 568/ هق 323/ هقع 662/ هقغ/ شعب 2462/ ثوري 85، 90/ بنس 183/ خط (6/ 487 - 488) / تمهيد (24/ 253) / محلى (2/ 57) / حداد 279/ فوائد (مزكي ق 278/ أ) / لال (بزاز ق 59/ ب- 60/ أ) / قند (1/ 664) / دبيثي (3/ 508)].

[السند]:

قال مسلمٌ: حدَّثني زهير بن حرب حدثنا جرير (ح) وحدثنا إسحاق،

ص: 8

أخبرنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو به.

وسيأتي الحديثُ بتخريجِهِ مطولًا مع ذكر رواياته في باب "التغليظ في ترك إسباغ الوضوء وإتمامه".

ص: 9

1452 -

حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ

◼ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ. قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا فِي القَوْمِ مِنْ طَهُورٍ؟ » قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ بِفَضْلَةٍ فِي إِدَاوَةٍ. قَالَ: فَصَبَّهُ فِي قَدَحٍ. قَالَ: فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ إِنَّ القَوْمَ أَتَوْا بَقِيَّةَ الطَّهُورِ، فَقَالَوا: تَمَسَّحُوا تَمَسَّحُوا. قَالَ: فَسَمِعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:«عَلَى رِسْلِكُمْ» ، قَالَ: فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ فِي القَدَحِ فِي جَوْفِ المَاءِ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ: «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ الطَّهُورَ» ، قَالَ: فَقَالَ جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَالَّذِي أَذْهَبَ بَصَرِي -قَالَ: وَكَانَ قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ- لَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرْفَعْ يَدَهُ حَتَّى تَوَضَّئُوا أَجْمَعُونَ. قَالَ الأَسْوَدُ: حَسِبْتُهُ قَالَ: كُنَّا مِائَتَيْنِ أَوْ زِيَادَةً.

[الحكم]:

صحيحٌ. وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيمةَ. وقَالَ ابنُ كَثيرٍ: إسنادٌ جيدٌ.

[التخريج]:

[حم 14115، 14860 (واللفظ له) / ش 32381/ خز 114/ مي 27/ هقل (4/ 117) / لفر 32].

[السند]:

أخرجه أحمدُ في (المسند 14860)، وابنُ أبي شيبةَ في (المصنف) قالا: حدثنا عَبيدةُ بن حُميدٍ، حدثني الأسود بن قيس، عن نُبَيْحٍ العَنَزيِّ، عن جابر بن عبد الله به.

ورواه ابنُ خزيمةَ في (صحيحه) من طريقِ عَبيدةَ به.

ص: 10

ورواه أحمدُ في (المسند 14115) قال: حدثنا يحيى بن حماد، حدثنا أبو عوانة، عن الأسود بن قيس بنحوه.

ومداره -عند الجميع- على الأسود بن قيس عن نُبَيحٍ العَنَزِيِّ عن جابر.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ غير نبيح بن عبد الله العنزي، قال فيه أبو زرعة:"ثقةٌ، ولم يَرْوِ عنه غير الأسود بن قيس"(الجرح والتعديل 8/ 508)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 484)، ووَثَّقَهُ العجليُّ (2/ 311)، وصَحَّحَ الترمذيُّ حديثَهُ. وكذلك ابنُ خزيمةَ وابنُ حِبَّانَ والحاكمُ (تهذيب التهذيب 10/ 417). بينما ذَكَرَهُ ابنُ المدينيِّ في جُملةِ المجهولينَ الذين يَروي عنهم الأسودُ بنُ قَيسٍ! (العلل 1/ 92 رقم 153). وكأنَّهُ لذلكَ قال الذهبيُّ:"تابعيٌّ فيه لِينٌ، وقد وُثِّقَ"(الميزان 4/ 245)، وقال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 1/ 559).

قلنا: هذا غير مقبول، فقد وَثَّقَهُ أيضًا الترمذيُّ في (جامعه 4/ 215) وصَحَّحَ حديثَهُ. وأقرَّ أبا زُرعةَ والترمذيَّ على توثِيقِهِ عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الكبرى 2/ 537)، فكيف يُلَيَّنُ بعد توثيقِ أبي زرعةَ والترمذيِّ والعجليِّ له؟ ! ورَوى عنه إمامٌ مُجْمَعٌ على ثِقَتِهِ، وهو الأسودُ (تاريخ الإسلام 3/ 617).

قلنا: وقد وَثَّقَهُ الحافظُ نفسُهُ، حيثُ ذَكَرَ حديثًا فيه نُبَيحٌ هذا ثم قَالَ:"ورجالُ هذا الحديثِ ثقاتٌ"(الإصابة 1/ 27).

وصَحَّحَ ابنُ خزيمةَ حديثَهُ هذا حيثُ أخرجه في (صحيحه)، وقال ابنُ كَثيرٍ:"هذا إسنادٌ جيدٌ"(البداية والنهاية 8/ 612).

ص: 11

وقد وردتْ قصةُ الوضوءِ ومعجزةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في خروجِ الماءِ من بينِ أصابعِهِ- في البخاريِّ (3576، 5639)، ومسلمٍ (1856) من حديثِ سالمِ بنِ أبي الجعدِ عن جابرٍ، ليسَ فيه الأمرُ بإسباغِ الوُضوءِ.

ص: 12

1453 -

حَدِيثُ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ

◼ عن عَاصِمَ بنَ لَقِيطِ بنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الوُضُوءِ؟ قَالَ:«أَسْبِغِ الوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» .

[الحكم]:

حديثٌ صحيحٌ، وصَحَّحَهُ: الترمذيُّ، وابنُ خُزيمةَ، والطبريُّ، وابنُ السَّكنِ، وابنُ حِبَّانَ، والحَاكمُ، وأبو المعالي الجوينيُّ، ومحيي السنةِ البغويُّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ القطانِ، والمنذريُّ، والنوويُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ. وقال ابنُ الصَّلَاحِ:"حسنٌ".

[الفوائد]:

1 -

قال أبو جعفرٍ الطحاويُّ: "وإذا كان تخليلُ ما بين الأصابع في وُضوءِ الصلاةِ مع سَعةِ ما بينهما مما يُستحبُ للمتوضئ أن يَفْعَلَهُ، كان لابسُ الخَاتمِ مع ضيقِ ما بينه وبين الأصابعِ التي يلبسها إيَّاهُ بمثل ذلك من تحريك خاتمه في وضوئه لصلاته بذلك- أَوْلى"(مشكل 5363).

2 -

الأمرُ بالمبالغةِ في الاستنشاقِ يُحملُ على الاستحبابِ.

قال أبو جعفر الطحاويُّ: "ففي هذا الحديثِ أَمَرُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالمبالغةِ في الاستنشاقِ في الوُضوءِ للصَّلَاةِ في حالِ الإفطارِ وبالنهيِّ عن ذلك في حالِ الصيامِ، فدلَّ ذلك أن المبالغةَ التي أمرَ بها في حالِ الإفطارِ كانتْ على الاختيارِ لا على الفرضِ؛ لأنها لو كانتْ على الفرضِ لم يرفعْهَا الصيامُ وكان في نهيهِ عنها في حالِ الصيامِ ما قد دَلَّ على أنَّها تفسدُ الصيامَ، بدخولِ الماءِ بها من الموضعِ الذي بلغَ بها إليه مما يكونُ سببًا إلى وصولِها إلى حَلْقِ

ص: 13

المستعملِ لها فيكونُ ذلك مُفْسدًا عليه صيامه، والله نسأله التوفيق" (مشكل 5427).

وقال ابنُ قُدامةَ: "معنى المبالغة في الاستنشاق: اجتذابُ الماءِ بالنفَسِ إلى أَقْصَى الأنفِ، ولا يجعله سعوطًا، وذلك سُنةٌ مستحبةٌ في الوُضوءِ، إلا أن يكونَ صائمًا فلا يُستحبُ، لا نعلمُ في ذلك خِلافًا"(المغني 1/ 147).

وقال الترمذيُّ عَقبه: "وقد كَرِهَ أهلُ العلمِ السعوطَ للصَّائمِ، ورأوا أن ذلك يفطره، وفي الحديثِ ما يُقَوِّي قولَهم"(السنن عقب رقم 794).

[التخريج]:

[د 141، 142 (مطولًا)، 2354 (مقتصرًا على الاستنشاق) / ت 38 (مقتصرًا على التخليل)، 794 (واللفظ له) / ن 90، 119/ كن 117، 144، 3232/ جه 411، 452/ حم 16380 (والرواية له ولغيره) - 16384، 17846 (مطولًا) / يخ 166/ خز 160، 179/ مي 723/ حب 1049 (مطولًا)، 1082، 4538 (مطولًا) / ك 529 - 532، 660 (مقتصرًا على التخليل)، 7290 (مطولًا) / طب (19/ 215 - 216/ 479 - 483) / طس 7446/ عب 79، 80/ ش 84، 275، 9844 (مقتصرًا على الاستنشاق) / طي 1341/ جا 80/ سعد (6/ 200) / عد (1/ 225) / منذ 355، 356، 403/ هق 230، 238، 360، 8337، 14887 (مطولًا) / هقع 657/ هقغ 109، 110/ بغ 213 (مطولًا) / أم 73/ شف 48 (مطولًا) / مشكل 5362 - 5363، 5425 - 5427/ شب (2/ 515) / صبغ (4/ 286 - 287)(مطولًا) / كما (13/ 540، 541) / سط (صـ 209، 210)(مطولًا) / طهور 284/ ضح (2/ 334، 335) / متفق 164، 1700/ صحا 5920 (مطولًا) / إصا (9/ 390) /

ص: 14

قا (3/ 9) / طوسي 34، 733/ أثرم 22/ فاصل (1/ 579) / مزني 5/ تمهيد (18/ 223) / حل (7/ 229)(مقتصرًا على الاستنشاق) / عذر 1282 (مطولًا) / مخرزي 29 (مطولًا) / بشران 728/ دانيال (بلبانق 17/ ب)(مطولًا) / غحر (1/ 310)(مختصرًا على الاستنشاق) / أسد (4/ 490 - 491) / متاع 34].

[السند]:

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في (الطهور 284)،

وأبو بكر بن أبي شيبة في (مصنفه 84، 275، 9844) -وعنه ابنُ ماجهْ (411) -. وأخرجه أبو داود (141، 2354)، والنسائيُّ في (الصغرى 90) عن قتيبةَ بنِ سعيدٍ. والترمذيُّ (794): عن عبد الوهاب بن عبد الحكم والحسين بن حريث.

والنسائيُّ في (الصغرى 119) عن إسحاق بن إبراهيم.

وابن خزيمة (160) عن الزعفراني، وزياد بن يحيى الحساني، وإسحاق بن حاتم بن بيان، ورزق الله بن موسى. وزاد برقم (179) عن الحسن بن محمد، وأبي الخطاب.

كلهم: عن يحيى بن سليم الطائفي، عن إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، به وفيه عند أبي داود قصة.

وتابع يحيى بنَ سليم غيرُ واحدٍ:

فأخرجه عبدُ الرزاقِ (79).

وأخرجه أحمدُ (16380، 16381)، والترمذيُّ (38) قال: حدثنا قتيبة وهناد.

ص: 15

والنسائي في (الصغرى 90) عن إسحاق بن إبراهيم.

ثلاثتهم: عن وكيعٍ.

وأخرجه أحمدُ (16383)، والنسائيُّ في (الكبرى 3232)، والطحاويُّ في (شرح مشكل الآثار 5425) من طريق عبد الرحمن بن مهدي.

وأخرجه الأثرمُ في (سننه 22) عن أبي نعيم الفضل بن دكين.

وأخرجه النسائيُّ في (الصغرى 119) من طريق يحيى بن آدم.

خمستُهُم (عبد الرزاق، ووكيع، وابن مهدي، وأبو نعيم، ويحيى) عن سفيان الثوري عن أبي هاشم عن عاصم به.

وأخرجه عبدُ الرزاقِ (80) -وعنه أحمدُ (16384) -.

وأخرجه أحمدُ (17846)، وأبو داود في (سننه 142): من طريقِ يحيى بن سعيد القطان. وأخرجه الدارميُّ (723) وغيرُهُ: عن أبي عاصم النبيل.

ثلاثتهم: عن ابن جريج قال: حدثني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط، عن أبيه، به.

ومداره عند الجميع على أبي هاشم إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لَقيط بن صَبِرة، عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجالُهُ ثقاتٌ، عاصم بن لقيط بن صبرة وَثَّقَهُ النسائيُّ (تهذيب الكمال 13/ 540) والعجليُّ (816)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 234)، وقال في (المشاهير 969):"منَ الأثباتِ في الرواياتِ"، ولذَا

ص: 16

قال الحَافظُ: "ثقةٌ"(التقريب 3076).

بينما قال فيه أحمدُ: "عاصمٌ لم نسمعْ عنه حديثا كذا"، قال أبو داود:"يعني: لم نسمعْ عنه بكثيرِ رواية، أي: ليس عاصمُ بنُ لقيطٍ بمشهورٍ في الرواياتِ عنهُ"(مسائل أحمد رواية أبي داود 1924)

(1)

.

وقال الحافظُ: "ويُقالُ: لم يَرْوِ عنه غير إسماعيل. وليس بشيءٍ؛ لأنه رَوى عنه غيره

(2)

، وصَحَّحَهُ الترمذيُّ والبغويُّ وابنُ القطانِ" (التلخيص الحبير 1/ 139).

وأبو هاشم إسماعيل بن كثير الحجازي المكي- وَثَّقَهُ أحمدُ، والنسائيُّ، ويعقوبُ بنُ شيبةَ، ويعقوبُ بنُ سفيانَ، وابنُ سَعدٍ، والعجليُّ، وابنُ حِبَّانَ. وقال أبو حاتم:"صالحُ الحديثِ"، انظر (تهذيب التهذيب 1/ 326)، ولذا قال الحافظُ:"ثقةٌ"(التقريب 474)

والحديثُ صَحَّحَهُ عددٌ من أهلِ العلمِ:

فقال عنه الترمذيُّ: "حسنٌ صحيحٌ". وأقرَّهُ أبو محمدٍ البغويُّ في (شرح السنة 1/ 417)

(3)

.

(1)

وفي (الإمام لابن دقيق 1/ 477): "وذَكَرَ الخلالُ عن سليمان بن الأشعث قال: سمعتُ أبا عبد الله سُئِلَ عن حديث ابن لقيط فقال: "عاصمٌ لم يسمعْ عنه بكثير رواية، أي: ليس هو بمشهور في الرواية عنه".

(2)

ففي زوائد عبد الله بن أحمد على المسند (16206)، والسنة لابن أبي عاصم (636) وغيرهما- رواية للأسود بن عبد الله عن عاصم. وكذا وقع في بعض نسخ (سنن أبي داود)، وذكره المزيُّ في (تحفة الأشراف 11177)، ومع هذا فاته ذكر (الأسود) فيمن روى عن عاصم في التهذيب (3025).

(3)

وذكره في قسم الحسان من (مصابيح السنة 276، 1431)، ونقلَ ابنُ الملقن في (البدر 2/ 127)، وتبعه الحافظُ في (التلخيص الحبير 1/ 139)، أنه صَحَّحَهُ.

ص: 17

وَصَحَّحَهُ ابنُ خزيمةَ وابنُ حِبَّانَ، حيثُ أخرجاه في (الصحيح).

وقال الحاكمُ: "حديثٌ صحيحٌ، ولم يخرجاه؛ وهي في جملة ما قلنا: إنه ما أعرضا، عن الصحابيِّ الذي لا يروي عنه غيرُ الواحدِ، وقد احتجا جميعًا ببعض هذا النوع، فأما أبو هاشم إسماعيل بن كثير القارئ فإنه من كبار المكيين، روى عنه هذا الحديث بعينه غير الثوري جماعة، منهم ابن جريج، وداود بن عبد الرحمن العطار، ويحيى بن سليم، وغيرهم"، ثم ساقه بأسانيده إليهم. (المستدرك عقب رقم 529) وَصَحَّحَهُ كذلك برقم (7290). وذكره مختصرًا برقم (660) ثم قال:"هذا حديثٌ قد احتجا بأكثر رواته، ثم لم يخرجاه لتفردِ عاصم بن لقيط بن عامر بن صبرة عن أبيه بالرواية" اهـ.

وَصَحَّحَهُ كذلك: ابنُ السكنِ، كما في (تحفة المحتاج لابن الملقن 1/ 184).

وذكره عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 165) وسكتَ عنه مصححًا له.

وقال ابنُ القطانِ: "هو صحيحٌ"(بيان الوهم والإيهام 5/ 592، 593).

وقال العينيُّ: "وصَحَّحَ إسنادَهُ الطبريُّ في كتابه (تهذيب الآثار)، والدولابيُّ في جمعه

(1)

، وابنُ القطانِ في آخرين" (عمدة القاري 3/ 8).

(1)

كذا ذكر العينيُّ، وفيه نظر؛ فإن أصلَ كلامه مأخوذ من (بيان الوهم والإيهام)، والتصحيح الموجود فيه لابنِ القطانِ وليس للدولابي، والدولابي غير معروف بالكلام على الأحاديثِ تصحيحًا وتضعيفًا، والله أعلم.

ص: 18

وَصَحَّحَهُ النوويُّ في (المجموع 1/ 352)، و (شرح مسلم 3/ 105)، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 2/ 127)، وابنُ حَجرٍ في (الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع صـ 50)، وفي (الإصابة 9/ 391)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 242).

وقال أبو المعالي الجوينيُّ (إمام الحرمين): "وفي الأحاديثِ المتفقِ على صحتِهَا ما رُوي أن لَقيطَ بنَ صَبرة قال للنبيِّ عليه السلام: عَلِّمْنِي الوُضُوءَ يَا رَسُولَ اللهِ. فقال: «أَسْبِغِ الوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ

» " (نهاية المطلب 1/ 85).

وقال ابنُ الصَّلَاحِ: "وهو حديثٌ حسنُ الإسنادِ"(شرح مشكل الوسيط 1/ 159).

وقال الشوكانيُّ: "وإسنادُهُ صحيحٌ، وقد صَحَّحَهُ الترمذيُّ والنوويُّ وغيرُهُما، ولم يأتِ مَن أعلَّه بما يقدحُ فيه"(السيل الجرار، صـ 53)، ونحوه في (الدراري المضية 1/ 44).

[تنبيه]:

وقعَ عندَ عبدِ الرزاقِ في (مصنفه 80) -وعنه أحمدُ في (المسند 16384) - شَكٌّ في راوي الحديثِ؛ حيثُ قالَ عبدُ الرزاقِ: أنا ابن جريج قال: حدثنا إسماعيل بن كثير أبو هاشم المكي، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، أو جده -هكذا بالشك- قال: انْطَلَقْتُ أَنَا وَأَصْحَابٌ لِي

فذكرَ الحديثَ.

ورواه ابنُ المنذرِ في (الأوسط 356) وذكر أنَّ الشَّكَّ فيه من الراوي عن عبد الرزاق، وهو إسحاق الدبري، فقال ابن المنذر: حدثنا إسحاق، أنا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط،

ص: 19

عن أبيه، - قال إسحاق: أو جده -

وهذا خطأٌ؛ لروايةِ الإمام أحمد الحديث على الشَّكِّ موافقًا لرواية إسحاق.

كما أن الطبرانيَّ روى الحديثَ في (معجمه الكبير 19/ 215) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، أنا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني إسماعيل بن كثير، عن عاصم بن لقيط بن صبرة، عن أبيه، قال: انْطَلَقْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي

الحديث بدون شك، مما يدلُّ على أن عبد الرزاق كان أحيانًا يَشُكُّ فيه، والله أعلم.

ص: 20

رِوَايَةُ زِيدَ فِيهَا «المَضْمَضَةُ معَ الاسْتِنْشَاقِ»

◼ وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ فِيهِ: «

وَبَالِغْ فِي المَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ

».

[الحكم]:

شاذٌّ بزيادةِ: «المَضْمَضَةِ» .

[التخريج]:

[جزء في حديث الثوري للدولابي (وهم 5/ 593)].

[السند]:

رواه أبو بشر الدولابي في جزء جمعه في (حديث الثوري) -كما في (بيان الوهم والإيهام) - قال: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن أبي هاشم، عن عاصم بن لقيط، عن أبيه به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غيرَ أنَّ ذِكرَ «المَضْمَضَةِ» غيرُ محفوظٍ في الحديثِ، لا من حديثِ الثوريِّ ولا من حديثِ غيرِهِ؛ وذلك لأُمورٍ:

أولًا: أن جماعةً رووه عنِ ابنِ مهديٍّ بدونها:

فرواه الإمامُ أحمدُ في (المسند 16383).

ومحمد بنُ المثنى عندَ النسائيِّ في (الكبرى 3232).

ويزيدُ بنُ سنان، عندَ الطحاويِّ في (شرح مشكل الآثار 5425).

ثلاثتُهُم: عن عبد الرحمن بن مهدي به دون ذكر المضمضة.

ثانيًا: أن بقيةَ أصحابِ الثوريِّ الذين رووا هذا الحديث، ومنهم:

- عبدُ الرزاقِ في (مصنفه 79).

ص: 21

- ووكيعٌ عند أحمدَ (16380، 16381)، والترمذيِّ (38)، والنسائيِّ (الصغرى 90)، وغيرهم.

- ويحيى بنُ آدمَ عندَ النسائيِّ (الصغرى 119) وغيرِهِ.

- وأبو نُعيمٍ الفضلُ بنُ دُكينٍ، عندَ الأثرمِ في (سننه 22).

- والفريابيُّ، عند الطبرانيِّ في (المعجم الكبير 19/ 216).

- ومحمدُ بنُ كَثيرٍ، والحسينُ بنُ جعفرٍ عندَ الحاكمِ في (المستدرك 529).

كلُّهم -وغيرهم- عن سفيانَ الثوريِّ عن أبي هاشم عن عاصمٍ به. دون ذكر المضمضة كما سبقَ.

ثالثًا: أن ابنَ جُريجٍ، وقُرةَ بنَ خالدٍ، ويحيى بنَ سليم، وغيرهم- تابعوا الثوري على شيخِهِ ولم يذكروها كما تقدَّمَ.

رابعًا: أن الحديثَ بهذه الزيادة لم يروه سوى أبي بشر الدولابي، فيما ذكره ابنُ القطانِ. والدولابيُّ متكلَّمٌ فيه كما في (ميزان الاعتدال 3/ 459).

ومع كلِّ ذلك صَحَّحَهُ ابنُ القطانِ، حيثُ قالَ: "وتركَ منه -يعني الإشبيليَّ- زيادةً ذكرها الثوريُّ في رواية عبد الرحمن بن مهدي عنه، وهي الأمرُ بالمبالغةِ أيضًا في المضمضةِ، ولفظ النسائيِّ هو من رواية وكيع عن الثوري، وابن مهدي أحفظ من وكيع وأَجَلّ قدرًا، قال أبو بشر الدولابي فيما جمع من حديث الثوري:

" فذكره بزيادةِ المضمضةِ، ثم قال ابنُ القطانِ: "وهذا صحيحٌ" (بيان الوهم والإيهام 5/ 592، 593).

قلنا: ابنُ مَهديٍّ موافقٌ لوكيعٍ حَسَب رواية الجماعة عنه، ووكيعٌ لم ينفردْ بذلك أيضًا، فهو متابَعٌ من عامةِ أصحابِ الثوريِّ الثقات كما بَيَّنَّا.

والذي نميلُ إليه أن هذه الزيادةَ وهمٌ من أبي بشرٍ الدلابيِّ، والله أعلم.

ص: 22

1454 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ

◼ عنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبدًا مَأْمُورًا، [بَلَّغَ وَاللَّهِ مَا أُرْسِلَ بِهِ، و] مَا اخْتَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بِشَيْءٍ إِلَّا بِثَلَاثٍ: «أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الوُضُوءَ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى فَرَسٍ» .

[الحكم]:

صحيحٌ. وصَحَّحَهُ: الترمذيُّ، وابنُ خُزيمةَ، والنوويُّ، والعينيُّ، وابنُ مُفْلحٍ، والألبانيُّ. ورَمَزَ لحُسْنِهِ السيوطيُّ.

[الفوائد]:

* قال العظيمُ آبادي: "قوله: «وَأَنْ لَا نُنْزِيَ حِمَارًا عَلَى الفَرَسِ» أي: لا نحمله عليها للنسلِ، يقال: نزا الذَّكَرُ على الأُنثَى، ركبها. وأنزيته أنا. ولعلَّ المعنى فيه أنه قَلَّ عددها وانقطع نماؤها وتعطلتْ منافعها. والخيلُ للركوبِ والركضِ والطلبِ والجهادِ وإحرازِ الغنائمِ والأكلِ وغيرِها من المنافعِ مما ليسَ في البغْلِ".

* وقال أيضًا: "واعلمْ أنه يشكلُ الاختصاصُ في الإسباغِ والإنزاءِ، فإن الأولَ مستحبٌ أُمِرَ به كلُّ واحدٍ، والثاني مكروهٌ، نُهِيَ عنه كلُّ واحدٍ. نعم حرمةُ أَكْلِ الصدقةِ مخصوصٌ بأهلِ البيتِ. ويجابُ بأن المرادَ الإيجاب وهو مختصٌ بهم. أو المراد الحث على المبالغةِ والتأكيدِ في ذلك. وقيل: هذا كقولِ عليٍّ رضي الله عنه: ((إِلَّا مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ))

(1)

. فالمقصودُ نفي الاختصاص والاستيثار بشيءٍ من الأحكامِ لأنَّ هذه الأشياء ليستْ مخصوصة بهم" (عون المعبود 3/ 18).

(1)

أخرجه البخاري (111، 3047)، ومسلم (1370)

ص: 23

[التخريج]:

[د 808 (وفيه قصة) / ت 1797 (واللفظ له) / ن 146، 3607/ كن 177، 4616/ حم 1977 (والزيادة له ولغيره)، 2238/ خز 185/ طب (10/ 273/ 10642)، (11/ 306/ 11817) / عب 7059/ ش 34392 (مقتصرًا على آخره) / طي 2723/ تعب (1/ 279) / هق 13365، 19818، 19819/ هقع 19274 - 19275/ ضيا (11/ 103 - 108/ 92 - 98) / طح (2/ 4، 3/ 271، 275، 297) / طحق 785 - 786/ مشكل 216 - 218، 229/ طوسي 1442/ مسد (خيرة 534/ 2) / كما (15/ 252 - 254) / دبيثي (1/ 274، 2/ 503) / بزاز 44].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ رُوي من ثلاثةِ طرقٍ عنِ ابنِ عباسٍ:

الأول -وهو أشهرها-:

رواه موسى بن سالم، وكنيته أبو جهضم، واختُلفَ عليه في اسمِ شيخِهِ على النحوِ التالي:

فأخرجه أبو داود في (سننه 808) -ومن طريقه البيهقيُّ في (19819) - من طريق عبد الوارث بن سعيد.

وأخرجه الترمذيُّ في (جامعه 1797)، وأحمدُ في (مسنده 1977)، -ومن طريقهما الضياءُ في (المختارة 93 - 94) -، وغيرهما من طريقِ إسماعيل بن إبراهيم بن عُليةَ.

وأخرجه أحمدُ في (مسنده 2238) -ومن طريقه الضياء في (المختارة 96) - من طريق وُهيب.

ص: 24

وأخرجه الطحاويُّ في (معاني الآثار 2/ 4، 3/ 275) من طرقٍ عن مُرجَّى بن رجاء، وسعيد بن زيد.

كلهم (وهيب، وعبد الوارث، وابن علية، ومُرجَّى، وسعيد بن زيد) عن أبي جهضم موسى بن سالم عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن ابن عباس به.

وخالفهم سفيانُ الثوريُّ، واختُلِفَ عليه:

فرواه أحمدُ في (2060)، وابنُ أبي شيبةَ (34392) -ومن طريقه الطبرانيُّ في (الكبير 10643) -، والترمذيُّ في (العلل 28)، من طرقٍ عن وكيعٍ عن سفيانَ الثوريِّ عن أبي جهضم عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس به.

هكذا سمَّاهُ سفيانُ "عبيد الله بن عبد الله"، فَقَلَبَ اسْمَهُ.

وقد صوَّبَهُ الشيخُ أحمد شاكر في طبعته للمسند، وذَكَرَ أن ما في الأصل خطأ يقينًا، والخطأ ليسَ من قِبل الناسخِ كما ظَنَّ، وإنما هو خطأٌ من جهةِ الروايةِ كما نَصَّ عليه البخاريُّ والترمذيُّ، وسيأتي كلامهما قريبًا.

نعم، رواه أحمدُ في موضعٍ آخر من (المسند 2092) بنفسِ الإسنادِ مقتصرًا على النهيِّ عن إنزاء الحمار على الفرس، وجاء فيه:"عبد الله بن عبيد الله"، على الصوابِ.

وبهذا استدلَّ الشيخ شاكر على صحةِ صنيعهِ، ولكن تخطئة الناسخ في هذا الموضع أَوْلى من تخطئته في الموضع الأول؛ لأن المراجعَ الأُخرى توافقه، فضلًا عمَّا ذكرناه من تصريحِ الأئمةِ.

وقد تابع وكيعًا عليه: محمدُ بنُ كَثيرٍ، ولكن قال: "عبيد الله من ولد

ص: 25

العباس"، رواه البيهقيُّ في (الكبرى 19818، ومعرفة السنن 19275) وابنُ الدبيثي في (ذيل تاريخ بغداد 1/ 274، 2/ 503) من طريقِ محمدِ بنِ كَثيرٍ عن سفيانَ به.

وخالفهما عبدُ الرزاقِ، فرواه في (مصنفه 7059) عن سفيانَ عن أبي جهضم سالم (! ! ) البصري عنِ ابنِ عباسٍ، به.

فأسقطَ الواسطةَ بين أبي جهضم وابن عباس، وسَمَّى أبا جهضم سالمًا! !

فأما إسقاطُ الواسطةِ، فخطأٌ إما من النَّاسخِ أو من الدبريِّ راوي المصنف.

فقد رواه عبدُ الرزاقِ في (التفسير 1/ 279) عن سفيانَ عن أبي جهضم سالم (! ! ) البصري عن رجلٍ عنِ ابنِ عباسٍ، به، فذكرَ الواسطةَ إلَّا أنه أَبْهَمَهُ ولَمْ يُسَمِّهِ.

وأما تسميتُهُ أبا جَهضم سالمًا، فتَكراره في الكتابين يُرَجِّحُ أن الوهمَ فيه من عبدِ الرزاقِ، وقد خُولِفَ فيه:

فرواه الطوسيُّ في (مستخرجه 1442) من طريق محمد بن يوسف الفريابي عن سفيان عن موسى بن سالم أبي الجهضم عن رجلٍ من ولد العباس عنِ ابنِ عباسٍ قال: ((نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُنْزِيَ الحُمُرَ عَلَى الخَيْلِ)).

وقد توبع سفيان على الوجه الأول في قوله: "عبيد الله بن عبد الله"، تابعه حماد بن سلمة، وهشام الدستوائي.

فأما روايةُ حمادٍ فأخرجها الطيالسيُّ في (مسنده 2723)، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن أبي جهضم موسى بن سالم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، قال: قيل له: هَلْ خَصَّكُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

ص: 26

فذكره.

وأما روايةُ هشامٍ الدستوائيِّ، فعلَّقها ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 69 - 70) فقال: عبيد الله بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب يَروي عن أبيه، روى عنه أبو جهضم موسى بن سالم حديثه:((أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا نُنْزِيَ الحِمَارَ عَلَى الفَرَسِ، وَأَنْ لَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ نُسْبِغَ الوُضُوءَ)). هكذا قال معاذ بن هشام عن أبيه عن أبي جهضم فقال: عبيد الله بن عبد الله.

ولم نجدْها في غيرِ هذا الموضع، والله أعلم.

وقد رواه حمادُ بنُ زيدٍ، واختُلِفَ عليه.

فرواه يحيى بنُ حبيب، كما عند النسائيِّ في (الصغرى 146، والكبرى 177)، والبيهقيُّ في (الكبرى 13365) وغيرهما.

وأحمدُ بنُ عبدةَ، كما عندَ ابنِ ماجهْ (430)، وابنِ خُزيمةَ (185)، وغيرهما.

وحُمَيدُ بنُ مَسْعَدَةَ، كما عندَ النسائيِّ في (الكبرى 4616)، والطحاويِّ في (المشكل 217).

وسليمانُ بنُ حَربٍ وأسدُ بنُ مُوسَى، كما عند الطحاويِّ في (المشكل 216).

جميعهم (يحيى بن حبيب، أحمد بن عبدة، حميد بن مسعدة، سليمان بن حرب، أسد بن موسى)، رووه عن حمادِ بنِ زيدٍ عن أبي جَهضمٍ عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس

به موافقًا لأَصْحَابِ الوجهِ الأولِ.

وخَالَفَهُم:

مسددٌ كما في (مسنده) -وعنه الدارميُّ في (مسنده 700)، وإبراهيمُ

ص: 27

الحربيُّ في (غريب الحديث 2/ 406) -.

ومحمدُ بنُ أبي بكرٍ المُقَدَّميُّ كما عند الطبرانيِّ في (الكبير 10642).

ومحمدُ بنُ عِيسَى الطباعُ، كما عند أبي بكر محمد بن العباس بن نَجيح البزار في (جزئه الأول والثاني رواية ابن شاذان 44).

ثلاثتُهُم عن حمادٍ عن أبي جهضم عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، مثل رواية الثوري وحماد.

والقولُ الأولُ هو الصحيحُ عن حمادٍ لروايةِ الجماعةِ عنه، ولموافقته لرواية الجماعة المتقدمِ ذكرهم على الوجهِ الأولِ، وفيهم إسماعيلُ بنُ عُليةَ، وكان إليه المنتهى في التثبتِ بالبصرةِ، وقال ابنُ المدينيِّ:"ما أقولُ: إنَّ أحدًا أثبت في الحديثِ من ابنِ عُليةَ"(تهذيب التهذيب 1/ 277).

ولذا قالَ الترمذيُّ: "ورَوى سفيانُ الثوريُّ هذا عن أبي جهضم، فقال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن ابن عباس. وسمعتُ محمدًا يقولُ: حديثُ الثوريِّ غيرُ محفوظٍ، ووهم فيه الثوريُّ، والصحيحُ ما رَوى إسماعيلُ ابنُ عُليةَ، وعبدُ الوارثِ بنُ سعيدٍ، عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس"(جامع الترمذي عقب الحديث 1797).

وقال في (العلل): "سألتُ محمدًا [يعني البخاريَّ] عن هذا الحديثِ فقال: حديثُ سفيانَ الثوريِّ وَهْمٌ، وَهِمَ فيه سفيانُ فقال: عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس. والصحيح: عبد الله بن عبيد الله بن عباس"(علل الترمذي الكبير 28)، ووافقه البيهقيُّ في (الكبرى 19818، معرفة السنن 14/ 99).

وكذا قال الطوسيُّ: "سفيانُ الثوريُّ وَهِم في الحديثِ، وهذا غير محفوظ".

ص: 28

وقال ابنُ أبي حاتمٍ: "وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثِ رواه حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه ابن عباس قال:((لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ إِلَّا ثَلَاثةً: أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الوُضُوءَ)).

فقال أبي: إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأَ فيه حمادٌ. وقالا جميعًا: رواه حمادُ بنُ زيدٍ، وعبدُ الوارثِ، ومُرَجَّى بنُ رَجَاءٍ، فقالوا كلُّهم: عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله، وهو الصحيحُ" (العلل 44)، وانظر (الجرح والتعديل 8/ 143).

لكن قال المزيُّ: "وفي نسبةِ الوهمِ إلى الثوريِّ نظرٌ؛ فإن حمادَ بنَ سلمةَ رواه عن أبي جَهضمٍ مثل رواية الثوري، وكذلك رواه محمدُ بنُ عيسى بنِ الطَّبَّاعِ عن حمادِ بنِ زيدٍ"(تهذيب الكمال 15/ 254).

فكأنَّهُ يحمل على أبي جهضم، وما قاله البخاريُّ والترمذيُّ وأبو حاتم وأبو زرعةَ وغيرُهُم أَوْلى، وعلى كلٍّ، فالصوابُ هو الوجهُ الأولُ.

وأبو جَهضمٍ -مولى آل العباس- ثقةٌ اتفاقًا؛ وَثَّقَهُ أحمدُ وابنُ مَعينٍ وأبو زرعةَ. وقال أبو حَاتمٍ: "صالحُ الحديثِ صدوقٌ"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات)، وقال ابنُ عبدِ البرِّ:"لم يختلفوا في أنه ثقةٌ"(تهذيب التهذيب 10/ 344).

وعبد الله بن عبيد الله بن عباس؛ قال أبو زرعةَ والنسائيُّ: "ثقةٌ" وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات)، وقال ابنُ سعدٍ:" كان ثقةً وله أحاديث"(تهذيب التهذيب 5/ 306).

ووَثَّقَهُ ابنُ البَرقي في (تمييز ثقات المحدثين وضعفائهم وأسمائهم

ص: 29

وكناهم، صـ 42).

ولذا قال الحافظُ: "ثقةٌ"(التقريب 3452).

والحديثُ صَحَّحَهُ من هذا الوجهِ جماعةٌ:

فقال الترمذيُّ: "وهذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

وصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ حيثُ أخرجه في (صحيحه).

وقال النوويُّ: "رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ"(المجموع 3/ 361).

وقال بدرُ الدينِ العينيُّ: "حديثُ ابنِ عباسٍ هذا سندُهُ صحيحٌ"(شرح سنن أبي داود 3/ 471).

وصَحَّحَهُ ابنُ مُفْلحٍ في (الآداب الشرعية 3/ 134).

ورمز السيوطيُّ لحُسْنِهِ في (جامعه 1641).

وقال الألبانيُّ: "صحيحُ الإسنادِ"(صحيح أبي داود 3/ 392/ 769).

الطريق الثاني:

رواه الطبرانيُّ في (الكبير 11/ 155) قال: حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي، ثنا سليمان بن أيوب، صاحب البصري، ثنا جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال:«أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ» هكذا مختصرًا.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير جعفر بن سليمان الضُّبَعي، صدوقٌ متكلمٌ فيه من أجلِ تشيعه. انظر (ميزان الاعتدال 1/ 408 - 411).

وشيخُهُ مالكُ بنُ دِينارٍ، قال الذهبيُّ:"صدوقٌ، ما علمتُ فيه جرحًا"، وقد قال فيه النسائيُّ:"ثقة". وخرَّجَ له مسلمٌ متابعة والبخاريُّ تعليقًا (الرواة

ص: 30

الثقات المتكلَّم فيهم بما لا يوجب ردهم، 68).

الطريق الثالث:

أخرجه الطبرانيُّ في (المعجم الكبير 11/ 306) قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي، ثنا وهب بن بقية، أنا علي بن عاصم، عن عطاء بن السائب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:"إِنَّمَا اخْتَصَّنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: أَنْ نُسْبِغَ الوُضُوءَ، وَلَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَأَنْ لَا نُنْزِيَ الحُمُرَ عَلَى الخَيْلِ".

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه عطاء بن السائب، ساءَ حفظُهُ في آخرِهِ لاختلاطِهِ. وعليُّ بنُ عاصمٍ ممن رَوى عنه بعد الاختلاطِ، قال أبو طالب:"سألتُ أحمدَ -يعني ابنَ حَنبلٍ- عن عطاء بن السائب، قال: مَن سَمِعَ منه قديمًا كان صحيحًا، ومن سَمِعَ منه حديثًا لم يكنْ بشيءٍ، سَمِعَ منه قديمًا: شعبةُ، وسفيانُ، وَسَمِعَ منه حديثًا: جريرٌ، وخالدُ بنُ عبدِ اللهِ، وإسماعيل -يعني ابنَ عُليةَ-، وعليُّ بنُ عاصمٍ"(الجرح والتعديل 6/ 333)

وشيخُ الطبرانيِّ إبراهيم بن أحمد بن مروان الواسطي، قال الدارقطنيُّ:"ليس بالقوي"(تاريخ بغداد 6/ 490).

ص: 31

رِوَايَةٌ مُخْتَصَرةٌ

• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ: قَالَ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ» .

[الحكم]:

صحيحٌ.

[التخريج]:

[جه 430 (واللفظ له) / حم 2060/ مي 718/ طب (10/ 273/ 10643)، (11/ 155/ 11344) / علت 28/ غحر (2/ 406) / ضيا (11/ 236/ 234)].

[السند]:

قال ابن ماجه: حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا موسى بن سالم أبو جهضم قال: حدثنا عبد الله بن عبيد الله بن عباس، عن ابن عباس به.

كذا في المطبوع، وذكر ابن عساكر -فيما نقله عنه مغلطاي في (الإعلام 1/ 402) -، والمزيُّ في (التحفة 5/ 42) أنه وقع عند ابن ماجه:"موسى بن جهضم أبو جهضم"، قالا:"وهو وهم"، وكذا وقع في نسخة السنن التي شرحها مغلطاي في (الإعلام 1/ 402)، ووقع فيها أيضًا:"عبيد الله بن عبد الله"، وذكر مغلطايُ أن الوهمَ فيه من ابنِ ماجهْ، فالله أعلم.

وانظر الكلامَ على الإسنادِ فيما سبقَ.

ص: 32

1455 -

حَدِيثُ على رضي الله عنه

◼ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ، أَسْبِغِ الوُضُوءَ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ، وَلَا تَأْكُلِ الصَّدَقَةَ، وَلَا تُنْزِ الحَمِيرَ عَلَى الخَيْلِ، وَلَا تُجَالِسْ أَصْحَابَ النُّجُومِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا بهذا السياقِ. والمتنُ دون النهي عن أَصْحَابِ النُّجُومِ صَحَّ من حديثِ ابنِ عباسٍ كما سبقَ.

[التخريج]:

[حم 582 (واللفظ له) / عل 484/ فحم (زوائد عبد الله 1242)].

[السند]:

رواه عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند، وفضائل الصحابة) قال: حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا هارون بن مسلم حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه عن علي به.

ورواه أبو يعلى في (مسنده) قال: حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا هارون بن مسلم به.

فمداره على هارون بن مسلم به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأُولى: القاسم بن عبد الرحمن، وهو الأنصاريُّ، ضعيفٌ؛ قال فيه ابن معين:"ليس بشيءٍ". وقال أبو حاتم: "ضعيفُ الحديثِ، مضطربُ الحديثِ". وقال أبو زرعةَ: "منكرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 7/ 112، 113).

ص: 33

وبه أعلَّه الهيثميُّ فقال: "وفيه القاسمُ بنُ عبدِ الرحمنِ، وفيه ضعفٌ"(مجمع 1/ 136).

الثانية: الانقطاعُ؛ علي بن الحسين زين العابدين لم يسمعْ من جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم يدركه؛ قال الترمذيُّ: "لم يسمعْ علي بن الحسين من علي بن أبي طالب"(الجامع 3665). وقال أبو زرعةَ: "لم يدركْ جدَّه عليًّا رضي الله عنه"(جامع التحصيل 539).

وهارونُ بنُ مسلمٍ -وهو العجليُّ- مختَلَفٌ فيه: فَلَيَّنَهُ أبو حاتم، وذكره ابنُ حِبانَ في (الثقات 7/ 581)، ووَثَّقَهُ الحاكمُ (تعجيل المنفعة 2/ 320)، وقال الدارقطنيُّ:"صويلحٌ، يُعتبرُ به"(سؤالات البرقاني 526)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ"(التقريب 1/ 569)، ولم يخرج له أحدٌ من أصحاب الكتب الستة.

ويشهدُ لمتنِ الحديثِ -دون الفِقرة الأخيرة- حديث ابن عباس السابق وغيره من الشواهد.

ولذا قال الشوكانيُّ: "في إسناده: القاسم بن عبد الرحمن، وهو ضعيفٌ، وتشهدُ له أحاديثُ إسباغِ الوضوءِ، وأحاديث تحريم الصدقة على الآل، وأحاديث النهي عن إنزاء الحُمُر على الخيل، وأحاديث النهي عن إتيان المنجمين فإن المجالسةَ إتيانٌ وزيادةٌ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» "(نيل الأوطار 8/ 253).

ص: 34

رِوَايَةُ نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((نَهَانَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُنْزِيَ الحُمُرَ عَلَى الخَيْلِ وَأَنْ نَنَظُرَ فِي النُجُومِ، وَأَمَرَ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ)).

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا بهذا السياقِ. وضَعَّفَهُ ابنُ عَدِيٍّ، والعُقيليُّ.

[التخريج]:

[عق (2/ 31) (واللفظ له) / عد (4/ 526) / متفق 549/ ضح (2/ 93) / مردويه (در 2/ 151 - 152) / النجوم للخطيب (مغلطاي 1/ 405)].

[السند]:

أخرجه العقيليُّ في (الضعفاء له) قال: حدثناه إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن كرامة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن الربيع بن حبيب عن نوفل بن عبد الملك عن أبيه عن علي رضي الله عنه مرفوعًا به.

ورواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل)، والخطيبُ في (المتفق) و (النجوم)، و (الموضح) من طريق عبيد الله بن موسى

بنحوه.

فمداره عندهم على عبيد الله بن موسى به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأُولى: الربيع بن حبيب الكوفي؛ قال البخاريُّ والنسائيُّ وأبو حاتم: "منكرُ الحديثِ"(تهذيب الكمال 9/ 67). وكذلك قال ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 1/ 336)، والذهبيُّ في (الكاشف 1/ 391).

ص: 35

وقال أحمدُ بنُ حنبلٍ: "حَدَّثَ عنه عبيد الله بن موسى أحاديث مناكير"(الكامل 4/ 524).

وهذا من رواية عبيد الله بن موسى عنه.

وقال ابنُ حَجرٍ: "صدوقٌ، ضُعِّفَ بسبب روايته عن نوفل بن عبد الملك"(التقريب 1885).

وهذا الحديثُ من روايته عن نوفل بن عبد الملك.

الثانية: نوفل بن عبد الملك بن المغيرة؛ قال عنه أبو حاتم: "مجهولٌ"، وقال ابنُ مَعينٍ:"ليس بشيءٍ"(تهذيب التهذيب 10/ 491)، وقال الدارقطنيُّ:"مجهولٌ"(التعليقات على المجروحين 1/ 98)، وقال الحافظُ:"مستورٌ"(التقريب 7215).

ولذا قال ابنُ عَدِيٍّ بعد أن ذكرَ هذا الحديثَ وغيرَهُ في ترجمة الربيع بن حبيب: "وهذه الأحاديثُ مع غيرها يرويها عن الربيع بن حبيب عبيد الله بن موسى، وليستْ بالمحفوظةِ ولا (تُروى) إلا من هذا الطريق"(الكامل 4/ 526).

وقال العقيليُّ: "وقد رُوي عن النبيِّ عليه السلام أنه نَهى أن نُنْزِيَ الحُمُرَ عَلَى الخَيلِ بأسانيد أصلح من هذا. وأما إسباغُ الوضوءِ ففيه أحاديث صحاح. وأما النظرُ في النجومِ ففية روايةٌ الغالب عليها اللِّين"(الضعفاء 2/ 31).

قلنا: فِقرة النهي عن النظر في النجوم صَحَّ معناها من حديث ابن عباس رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَا اقْتَبَسَ رَجُلٌ عِلْمًا مِنَ النُّجُومِ إِلَّا اقْتَبَسَ بِهَا شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ، مَا زَادَ زَادَ» أخرجه أحمد في (المسند 2000)، وأبو داود (3905)، وابن ماجه (3752) وغيرُهُم، وإسنادُهُ حسنٌ.

ص: 36

1456 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ زَيْنِ العَابِدِينَ مُرْسَلًا

◼ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عَلِيُّ، أَسْبِغِ الوُضُوءَ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ، وَلَا تَأْكُلِ الصَّدَقَةَ، وَلَا تُنْزِ الخَيْلَ عَلَى الحُمُرِ، وَلا تُجَالِسْ أَصْحَابَ النُّجُومِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وأنْكَرَهُ الذهبيُّ.

[التخريج]:

[خط (8/ 471)].

[السند]:

رواه الخطيبُ في (تاريخه) قال: أخبرنا عبد الله بن أبي بكر بن شاذان، حدثنا محمد بن جعفر بن أحمد المعدل، حدثنا أبو علي بن محمي بن بهرام البزاز المخرمي، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا هارون بن مسلم عن القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، أسندَهُ الخطيبُ في ترجمة الحسن بن مَحْمِيِّ بن بهرام أبو علي البزاز ثم قال:"كتبنا عنه، رأيتُهُم مُجْمِعينَ على ضَعْفِهِ، وقد حَدَّثَ بغيرِ حديثٍ أنكرتُهُ عليه، ورأيتُ له ابنًا أعور كهلًا، ذكرَ البغداديون أنه يُلقن أَبَاهُ ما ليسَ من حديثِهِ".

ولذا قال الذهبيُّ: "هذا حديثٌ منكرٌ جدًّا، أحسب آفته ابن مَحْمِيٍّ"(الميزان 1/ 522).

وتعقبه الحافظُ بقولِهِ: "هذا الحسبانُ فاسدٌ، لا ذَنْبَ فيه لابنِ مَحْمِيٍّ، بل ولا

ص: 37

لشيخِهِ وإن كان فيه مقال؛ فقد أخرجه أبو يعلى في (مسنده) عن سويد بن سعيد، وأخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في (زيادات المسند) عن محمد بن أبي بكر المقدمي عن هارون بن مسلم بهذا السند والمتن" (اللسان: 3/ 80).

قلنا: فاتَ ابنُ حَجرٍ أن روايةَ عبد الله وأبي يعلى موصولةٌ بذكرِ عليٍّ رضي الله عنه، بينما أسقطَ ابنُ مَحْمِيٍّ من سندِهِ عليًّا رضي الله عنه.

وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعًا لم يدركِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بل ولم يسمعْ عليًا رضي الله عنه كما سبقَ وذكرنا عن أبي زرعة والترمذي، فأنَّى له أن يحضر قصة قول النبي صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه ذلك؟ ! فعلى هذا تكون روايته معضلة.

وقد تقدم الكلامُ على باقي رجال إسنادِهِ في حديثِ عليٍّ رضي الله عنه السابق.

ص: 38

1457 -

حَدِيثُ ابنِ مَسْعُودٍ

◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: «الصَّفْقَةُ بِالصَّفْقَتَيْنِ رِبًا (لَا يَصْلُحُ صَفْقَتَانِ فِي صَفْقَةٍ)، وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ مفرقًا. وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ وابنُ حِبَّانَ. وإسنادُهُ بهذا التمامِ ضعيفٌ. وأنكره البزارُ وابنُ صَاعدٍ. وضَعَّفَهُ الهيثميُّ.

[التخريج]:

[خز 187 (واللفظ له) / حب 1048/ بز 2016 (والرواية له) / طس 1461 (مقتصرًا على آخره) / كر (35/ 63) / مخلص 2973].

[السند]:

رواه ابن خزيمة والبزار عن محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، حدثنا أبي نا سفيان عن سِماك عن عبد الرحمن بن عبد الله -وهو ابنُ مسعودٍ- عن أبيه، به.

ورواه ابنُ حِبَّانَ عن أحمد بن يحيى بن زهير.

ورواه الطبرانيُّ عن أحمد بن محمد بن صدقة.

ورواه المخلصُ -ومن طريقه ابن عساكر- عن ابن صاعد.

ثلاثتُهم عن محمد بن عثمان عن أبيه به.

فمدارُ إسنادِهِ عندهم على محمد بن عثمان.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: والد محمد، عثمان بن عمرو -وقيل: ابن عمر- أبو صفوان الثقفي، وقيل في اسمه غير ذلك؛ ذكره مسلمٌ في (الكنى

ص: 39

1677)، وابن منده في (الكنى 3953)، ولا يُعرفُ روى عنه غير ابنه محمد بن عثمان، فهو مجهولٌ.

وبه أعلَّهُ الهيثميُّ، فقال:"رواه الطبرانيُّ في (الأوسط)، وفيه عثمان بن صفوان، روى عن الثوريِّ، وروى عنه ابنه محمد، ولم أجدْ مَن ترجمه"(مجمع الزوائد 1219).

قلنا: وقد ترجَمَ له العقيليُّ أيضًا، إلا أنه قلب اسمه، وقال:"في حديثِهِ نكارةٌ، لا يُتَابَعُ عليه"، انظر الرواية المذكورة عقب هذا التحقيق.

وقدِ انفردَ عثمانُ هذا بزيادة إسباغ الوضوء في الحديث؛ ولذا قال ابن صاعد عقبه: "وهذا اللفظُ الأخيرُ المرفوعُ غريبٌ؛ ما سمعناه إلا منه".

وكذا قال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن سفيان إلا عثمان، تَفَرَّدَ به ابنُهُ".

وقال البزارُ: "وهذا الحديثُ لم نسمعْهُ إلا من محمد بن عثمان عن أبيه، وأخرجَ إلينا محمد بن عثمان كتابًا ذكر أنه كتابُ أبيه فيه هذا الحديث"(المسند 2061).

وقد رواه أصحابُ سفيانَ فلم يذكروا هذه الزيادة، فرواه وكيعٌ عنه فلم يذكرْهَا، أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في (مصنفه 20828). وتابعه عبدُ الرزاقِ في (مصنفه 15452)، وأبو نُعَيمٍ عند العقيليِّ في (الضعفاء) كما سيأتي، والطبرانيُّ في (المعجم الكبير 9609).

وكذا رواه شعبةُ كما عند أحمدَ (3725)، وإسرائيلُ كما في (مصنف عبد الرزاق 15449)، وأبو الأحوصِ كما في (مصنف ابن أبي شيبة 20827)، ثلاثتُهُم عن سماكٍ به، مقتصرًا على الموقوف، وزاد شعبةُ فيه

ص: 40

لعن آكل الربا، مرفوعًا.

وإسنادُهُ حسنٌ من أجلِ سِماكٍ.

وعبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود وإن اختُلِفَ في سماعه من أبيه، إلا أن الراجحَ قولُ مَن أثبتَ السماعَ، وفيهم ابنُ المدينيِّ، والبخاريُّ، وأحمدُ، وابنُ مَعينٍ فِي روايةٍ، وأبو حاتمٍ. وصوَّبَهُ الألبانيُّ في (الصحيحة 5/ 420).

وقد قَيَّدَ بعضُهم سماعَهُ من أبيه بحديثٍ واحدٍ، وقَيَّدَهُ بعضُهم بحديثين، وأوصله ابنُ حَجرٍ إلى أربعةِ أحاديث، ثم قال:"وحديثُهُ عنه كثير، ففي السنن خمسة عشر، وفي المسند زيادة على ذلك سبعة أحاديث، معظمها بالعنعنة، وهذا هو التدليسُ"(طبقات المدلسين 1/ 40).

قلنا: لم نجدْ مَن رَمَاهُ بالتدليسِ قبله، والقولُ بأن ما سوى الأربعة التي ذكرها يُعَدُّ تدليسًا- قولٌ فيه نظر، فقد رَوى أحمدُ حديثَ الربا هذا في (المسند 4327) عن عفان عن أبي عوانة وأبي نعيم عن إسرائيل عن سِماكٍ به مقتصرًا على لعن آكل الربا، وصَرَّحَ فيه بسماع عبد الرحمن من أبيه. وهذا غير الأربعة التي ذكرها ابنُ حَجرٍ!

ولذا قد خرَّجَ ابنُ خُزيمةَ وابنُ حِبَّانَ حديثَهُ هذا في (صحيحيهما)، إلا أنه من طريق عثمان الثقفي، وقد علمتَ أنه مجهولٌ، وزاد فيه الأمر بإسباغ الوضوء، ولم يُتَابَعْ.

على أن إسباغ الوضوء ثابتٌ في أحاديث أخرى كما سبق.

ولذا صَحَّحَهُ الألبانيُّ في (التعليقات الحسان 2/ 349).

ص: 41

رِوَايَةُ الصَّفْقَةُ بِالصَّفْقَتَيْنِ

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الصَّفْقَةُ بِالصَّفْقَتَيْنِ

(1)

رِبًا»، وَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ.

[الحكم]:

حديثُ الصَّفْقَتَيْنِ الصحيحُ فيه الوقفُ، وبهذا أعلَّه العقيليُّ -وأقرَّهُ ابنُ حَجرٍ- والأمر بإسباغ الوضوء صَحَّ في أحاديث أخرى كما سبق.

[التخريج]:

[عق (3/ 159)].

[السند]:

قال العقيليُّ: حدثنا أحمد بن منصور [بن عطاء](2) النيسابوري، بالري، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سفيان، عن سماك بن حرب، عن عبد الرحمن بن عبد الله، عن أبيه، به.

[التحقيق]:

إسنادٌ ضعيفٌ؛ لجهالةِ والد محمد بن أبي صفوان الثقفي كما سبق، إلا أنه انقلبَ اسمه هنا على العقيليِّ أو شيخِهِ، فسَمَّاهُ: عمرو بن عثمان! وكذا ترجم له العقيليُّ في (الضعفاء 3/ 159) فقال: "عمرو بن عثمان الثقفي عن الثوري، في حديثه (وهم)

(2)

ولا يتابَع عليه".

(1)

في المطبوع: "الصَّفْقَتَانِ ربا"! والمثبت من مخطوطة أَبي يعقوب الصَّيْدلاني، عن العقيلي (ق 274 ب).

(2)

كذا أثبتها محققو التأصيل، وذكروا أنه ضُرِبَ عليها في الأصل، وكتب فوقها بخط مغاير:(نكارة)، ولعلَّ ما أثبتوه هو الصوابُ، فكذا نقل العبارة الحافظ في (اللسان 6/ 218). وانظر نسخة العقيلي الخطية (ق 274/ ب).

ص: 42

وأقرَّه الذهبيُّ في (الميزان 3/ 281)، وابنُ حَجرٍ في (اللسان 6/ 218).

والصوابُ أن اسمه "عثمان بن عمرو"، وقيل: ابن عمر، والأولُ هو الذي اعتمده مسلمٌ في (الكنى 1677)، وكذا ابن منده في (الكنى 3953).

والأقربُ أن الواهمَ فيه هو شيخُ العقيليِّ، فلم نجدْ له ترجمةً، وقد خالفه ابن خزيمة، والبزار، وأحمد بن يحيى بن زهير، وأحمد بن محمد بن صدقة، وابن صاعد، فرووه عن محمدٍ وسمَّوا أَبَاهُ "عثمان" كما سبق.

هذا، وقد روى له العقيليُّ هذا الحديث، ثم أسنده من طريق أبي نعيم عن سفيان به مقتصرًا على أوله موقوفًا كما سبق، وقال:"موقوفٌ، وهذا أَوْلى، وأما «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ»، فلا أصلَ له [بهذا الإسناد من حديث الثوري، وقد رُوي بغير هذا الإسناد]، كأنه حديثٌ أُدْخِلَ في حديثٍ، [والمتنُ رُوي بغير هذا الإسناد بخلافِ هذا اللفظِ] "(الضعفاء 3/ 159 ط. التأصيل)، وما بين المعقوفين زيادة من طبعة (الرشد 4/ 337) وغيرها. وأقرَّه ابنُ حجرٍ في (اللسان 6/ 218).

فالعقيليُّ أنكرَ أن تكون جملة إسباغ الوضوء محفوظة في هذا الحديث، وإن كانت ثابتةً في أحاديث أخرى كما سبق، وكذا في قوله:"والمتنُ رُوي بغير هذا الإسناد بخلاف هذا اللفظ"، إشارة إلى أن حديثَ الصَّفْقَتَيْنِ له شواهدُ بغيرِ هذا اللفظِ، كحديثِ:«مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا» ، وانظر (الصحيحة 2326).

ص: 43

1458 -

حَدِيثُ أَنَسٍ رضي الله عنه

◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه -مُطَوَّلًا- وَفِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «

يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ يُحِبُّكَ حَافِظَاكَ وَيُزَادُ فِي عُمُرِكَ

».

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا. وضَعَّفَهُ: أبو حَاتمٍ، وأبو زرعةَ، والعقيليُّ، وابنُ الجوزيِّ، وابنُ حَجرٍ، والبوصيريُّ، وغيرُهُم.

[التخريج]:

[عل 3624 (واللفظ له) / طس 5991/ طص 856/

].

[التحقيق]:

تقدم بتخريجه كاملًا مع تحقيقه في باب المحافظة على الوضوء.

ص: 44

رِوَايَةُ أَحْسِنِ الوُضُوءَ

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، قَالَ: صَبَبْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الوَضُوءَ بِيَدِي، فَقَالَ لِي: «يَا غُلَامُ، أَسْبِغِ (أَحْسِنِ) 1 الوُضُوءَ يَزِدِ اللَّهُ فِي عُمُرِكَ (يُصْلِحُ لَكَ دِينَكَ) 2، وَسَلِّمْ عَلَى مَنْ لَقِيتَ مِنْ أُمَّتِي يُكْثِرْ حَسَنَاتِكَ (يُطِلْ عُمُرَكَ) 3، وَسَلِّمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ إِذَا دَخَلْتَ عَلَيْهِمْ يُكْثِرْ خَيْرَ بَيْتِكَ (تَكْثُرْ حَسَنَاتُكَ)[وَلَا تَنَمْ إِلَّا وَأَنْتَ طَاهِرٌ فَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ مِتَّ شَهِيدًا][وَصَلِّ صَلَاةَ الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةُ الأَوَّابِينَ][وَصَلِّ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ يَحْفَظْكَ الحَفَظَةُ] 3، وَوَقِّرِ الكَبِيرَ وَارْحَمِ الصَّغِيرَ تُرَافِقْنِي فِي الجَنَّةِ

».

[الحكم]:

ضعيف جدًّا. وَضَعَّفَهُ: البخاريُّ، وأبو زرعةَ، وأبو حَاتمٍ، وابنُ حِبَّانَ، والعقيليُّ، وابنُ عَدِيٍّ، وابنُ طَاهرٍ، وابنُ دَقيقٍ، والعراقيُّ، والذهبيُّ، وابنُ حَجرٍ.

[التخريج]:

[بز 7396/ عل 3624، 4183 (والزيادة الثانية له)، 4293 (والرواية الرابعة له) / طس 2808 (والرواية الأولى له)، 5453 (والزيادة له) / طص 819 (والزيادة الثانية له) / شعب 8383 (والرواية الثالثة له) - 8386، 8387 (مختصرًا)، 8388، 8389، 8390 (والرواية الثانية له)، 8391 (مختصرًا)، 10475 (مختصرًا) / مكخ 844/ شهب 649 (والزيادة الأولى والثالثة له) / هقص 87 (مختصرًا) / متاع صـ 92، 93/ ميز 6739، 3184 / لسان 6057، 3424 103/ تخ 1802/ عد 2/ 256 (مختصرًا)، 2/ 348، 5/ 456، 8/ 550 (مختصرًا) / عق 1/ 288، 1/ 331 - 332، 2/ 111، 3/ 88،

ص: 45

3/ 344/ معكر 422/ مجر (2/ 192) 831/ معر 684، 699/ أصبهان (1/ 170 مختصرًا)، (2/ 132) / كر (9/ 344، 345)، (9/ 358) / تجر 883/ حل (8/ 83)(مختصرًا) / علج 577/ فضش 35/ مالين (صـ 172) / الغنية في شيوخ القاضي عياض (1/ 225) / عدن - (مط 669) / أخبار 33/ حكيم 1255/ ج 25 المشيخة البغدادية 31 مخطوط / كلابي (رواية النرسي 26) / شيو 368].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ له طرقٌ عديدةٌ، لكنها كلّها واهيةٌ شديدةٌ الضعفِ لا تتعاضدُ في تقويةِ هذا الحديثِ، وإليك عرضُ هذه الطرقِ:

الطريق الأول: عن أبي عمران الجوني، ورُوي عنه من وجهين:

الوجه الأول: عَوْبَدُ بنُ أَبِي عِمْرَانَ الجونيُّ عن أبيه:

رواه البزارُ (7396)، وأبو يعلى (4183)، والطبرانيُّ في (الأوسط 2808)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 8/ 550)، وابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 184)، والحكيمُ في (النوادر 1255)، وابنُ شاهينَ في (فضائل الأعمال 35)، من طُرُقٍ عن عوبد بن أبي عمران الجوني عن أبيه عن أنس به.

ووقعَ عند البزارِ وابنِ عَدِيٍّ والحكيمِ: "عويد" بالمثناة التحتية، وكذا في بعض مصادر ترجمته، كـ (الضعفاء للنسائي 441)، و (تاريخ الإسلام 4/ 937)، و (الديوان 3257).

وجاء في (التاريخ الكبير للبخاري 7/ 92)، و (ثقات ابن حبان 8/ 526):"عويذ" بالمثناة والذال المعجمة!

ص: 46

وفي عامة المصادر: "عوبد" بالموحدة والمهملة، كذا في (تاريخ ابن معين للدوري 3918)، و (التاريخ الأوسط 1078)، و (الضعفاء 305) للبخاريِّ، و (الجرح والتعديل 7/ 45)، و (أحوال الرجال 170)، و (الضعفاء للعقيلي 3/ 423)، و (الضعفاء لابن شاهين 402)، و (الميزان 3/ 304)، و (اللسان 5891)، وغيرها من مصادر ترجمته.

وكذا نقله بسنده: ابنُ كَثيرٍ عن البزارِ في (تفسيره 6/ 87)، وابنُ حَجرٍ عنِ ابنِ عَدِيٍّ وغيرِهِ في (الإمتاع صـ 93)، وكذا وقعَ في (نوادر الحكيم 1260 ط. البخاري)، و (مختصر ابن عدي للمقريزي 1546)، ومالَ إليه محققُ (التاريخ الكبير).

وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ عَوْبَدُ هذا قال فيه ابنُ مَعينٍ وغيرُهُ: "ليسَ بشيءٍ"، وقال البخاريُّ:"منكرُ الحديثِ"، وقال الجوزجانيُّ:"آيةٌ منَ الآياتِ"، وقال النسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"، وقال ابنُ عَدِيٍّ بعد أن ساقَ من مناكيرِهِ هذا الحديث وغيره:"بَيِّنٌ على حديثِهِ الضعف"، واضطربَ فيه ابنُ حِبَّانَ، فذكره كما سبق في (الثقات)! وذكره في (المجروحين)، وقال فيه:"كان ممن ينفردُ عن أبيه بما ليسَ من حديثِهِ توهمًا على قلة روايته، فبطلَ الاحتجاجُ بخبره"، ثم ذكر من مناكيرِهِ هذا الحديث، وكذا ذكره الذهبيُّ في (الميزان 3/ 304).

وبه أعلَّه ابنُ طَاهرٍ في (التذكرة 108)، و (الذخيرة 480، 6415)، وابنُ دَقيقٍ في (الإمام 2/ 28).

الوجه الثاني: أخرجه البيهقيُّ في (الشعب 8390، 8391)، من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي قال: نا بشر بن حازم ثنا أبو عمران الجوني عن أنس به.

ص: 47

قال الحافظُ: "وبِشْرٌ مجهولٌ"(الإمتاع بالأربعين المتباينة السماع، صـ 94).

الطريق الثاني: أخرجه أبو يعلى (4293) -ومن طريقه ابن عساكر (9/ 344) -، عن منصور بن أبي مزاحم حدثنا عمر بن أبي خليفة عن ضرار بن مسلم قال: سمعته ذكره: عن أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: ضرارُ بنُ مسلمٍ؛ لم يَعرِفْهُ ابنُ حَجرٍ كما في (اللسان 5610)، ولم نجدْهُ في غير هذا الموضع. فأما ابنُ حِبَّانَ فذكره في (الثقات 4/ 390)! ! على عادته في توثيق المجاهيل، ولم يذكرْ في الرواةِ عنه غير عمر بن أبي خليفة.

وعمر هذا مختلفٌ فيه، فقال أبو حاتم:"صالحُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 6/ 106)، وقال عمرو بن علي:"حدثنا عمر بن أبي خليفة من الثقات"(التهذيب 21/ 332)، وذكره ابنُ خَلْفُونَ في الثقات كما في (الإكمال 10/ 47).

بينما قال فيه العقيليُّ: "منكرُ الحديثِ"(الضعفاء 3/ 16)، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"يُحَدِّثُ عن محمد بن زياد القرشي مما لا يوافقه أحدٌ عليه، وعمر بن أبي خليفة لم أرَ للمتقدمين فيه كلامًا"(الكامل 7/ 326)، وقال الحافظُ:"مقبولٌ"(التقريب 4891)، وفرَّقَ في (اللسان 5610) بينه وبين الذي تَكلَّمَ فيه العقيليُّ.

وزعم ابنُ حِبَّانَ أنه هو عمر بن حفص العبدي (المجروحين 2/ 55)، وتابعه على ذلك ابنُ الجَوزيِّ في (الضعفاء والمتروكون 2/ 206)، وهو خطأٌ، قال الدارقطنيُّ: "غلط أبو حاتم في هذا، هما رجلان: عمر بن حفص

ص: 48

أبو حفص العبدي ضعيف

وعمر بن أبي خليفة، ثقة مصري"، واسم أبي خليفة: الحجاج بن عَتَّاب"(تعليقاته على المجروحين 1/ 173).

وكذا تعقبه الحافظُ في (تهذيب التهذيب 7/ 443).

هذا، وقد ذكرَ الحافظُ ابنُ حَجرٍ هذا الطريق في (الإمتاع 1/ 95)، وجعله من رواية ضرار بن عمرو! ! ثم قال:"وضرار ضَعَّفَهُ ابنُ حِبَّانَ، لكن قال: إنه يَروي عن يزيدَ الرَّقاشيِّ عن أنسٍ، فكأن (يزيد) سقط من النسخة".

ولو صَحَّ هذا، لكان الإسنادُ ساقطًا؛ لشدةِ وهاء يزيد الرقاشي، ولكنه وهم، فالحديثُ في المسند لأبي يعلى، ومن طريقه ابن عساكر كما سبقَ من رواية ضرار بن مسلم، وكذا نقله الزيلعيُّ من كتاب أبي يعلى في (تخريج أحاديث الكشاف 2/ 452).

وقد ذكره الحافظُ نفسُهُ على الصوابِ: "ضرار بن مسلم" كما في (اللسان 6/ 94/ 5610).

الطريق الثالث: أخرجه العقيليُّ في (الضعفاء 3/ 88)، والطبرانيُّ في (الأوسط 5453)، و (الصغير 819) وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان 2/ 163)، من طريق مسدد.

ورواه البيهقيُّ في (الشعب 8386)، وأبو نُعيمٍ في (التاريخ 1/ 134) من طريقِ محمد بن عبد الله الرقاشيِّ.

كلاهما عن علي بن الجند

(1)

الطائفي قال: حدثنا عمرو بن دينار عن

(1)

بالنون، كذا في عامة المراجع، وعامة مصادر ترجمته. وغَيَّره محقق (الأوسط) إلى:"الجعد"! مُخَطِّئًا ما في الأصل! وكأنه ظَنَّهُ الإمام الجوهري! وكذا غَيَّره محقق (التاريخ الكبير) إلى: "الجنيد"، مُخَطِّئًا ما في الأصلِ أيضًا! معتمدًا على ما في (اللسان 4/ 210 ط. الهندية)، وقد جاء في طبعة أبي غدة على الصوابِ (5345).

ص: 49

أنس بن مالك به.

وقال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِه عن عمرو بن دينار إلا علي بن الجند، ولا عن علي إلا مسدد ومحمد بن عبد الله الرقاشي".

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عليُّ بنُ الجند؛ قال البخاريُّ: "منكرُ الحديثِ"(التاريخ الكبير 6/ 266)، وقال أبو حَاتمٍ:"هو شيخٌ مجهولٌ، وحديثُهُ موضوعٌ"، وقال أبو زرعةَ:"وحديثُهُ منكرٌ"، يعنيان حديثه هذا، (الجرح والتعديل 6/ 178). وذكرَ الذهبيُّ في (الميزان 3/ 118) -وتبعه ابنُ حَجرٍ في (اللسان 5345) - أن أبا حَاتمٍ قال:"خبرُهُ كذبٌ".

وقال العقيليُّ: "مجهول النسب والرواية، حديثُهُ غيرُ محفوظٍ"، وساقَ حديثَهُ هذا، ثم قال:"يُروى عن أنسٍ بأسانيد لينة"، (اللسان 5/ 508).

وقال ابن حبان: "كان ممن يقلب الاسانيد، حتى إذا سمعها المبتدئ في هذه الصناعة علم أنها معمولةٌ، سقطَ الاحتجاجُ بروايته لانفرادِهِ بالأشياء المناكير عن الثقات المشاهير"(المجروحين 2/ 109).

هذا وقد أشارَ البيهقيُّ إلى أن الحديثَ منكرٌ عن عمرِو بنِ دينارٍ، فقال:"قال أبو عبد الله: يقال: تفرَّدَ به أبو قلابة. قلتُ: وإنما يُعرفُ من حديث سعيد بن زَوْنٍ عن أنس بن مالك"(الشعب 8386).

هذا، وقد تصحف اسم عليّ بن الجند في (الجرح والتعديل) إلى:"علي بن الجعد"، ولذا قال الحافظ: "ووقع في بعض نسخ كتاب

ص: 50

ابن أبي حاتم: علي بن الجعد، بالعين، قاله النباتي، والصوابُ بالنون".

الطريق الرابع: أخرجه ابنُ عبدِ الباقي في (المشيخة 368)، والبيهقيُّ في (الشعب 8383، 8384)، والجرجانيُّ في (تاريخ جرجان 883)، وابنُ عساكرَ في (المعجم 422)، وغيرُهُم، من طريق أبي نصر اليسع بن زيد بن سهل (الزينبي) قال: نا سفيان بن عيينة عن حميد الطويل عن أنسٍ به، دون ذكر الوضوء، ولفظه:«مَنْ لَقِيتَ مِنْ أُمَّتِي فَسَلِّمْ عَلَيْهِ يَطُلْ عُمُرُكَ، وَإِذَا دَخَلْتَ بَيْتَكَ فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ يَكْثُرْ خَيْرُ بَيْتِكَ، وَصَلِّ صَلَاةَ الضُّحَى فَإِنَّهَا صَلَاةُ الأَبْرَارِ» .

وهذا إسنادٌ وَاهٍ بمرة؛ قال الذهبيُّ: "اليسع بن زيد بن سهل الزينبي المكي، أبو نصر، حَدَّثَ بمكة سنة اثنتين وثمانين عن سفيان بن عيينة، وهو آخِرُ مَن حَدَّثَ في الدنيا عنه

، وأَتَى بحديثٍ منكرٍ عن سفيانَ عن حُميدٍ عن أنسٍ، أظنُّه موضوعًا، رواه جماعةٌ عن الكعبي عنه. والكعبي فقد صَحَّحَ الحاكمُ سماعاته وقال: وهذا الزَّيْنبي لا يُعْتَمدُ عليه" (التاريخ 6/ 853).

وقال أيضًا: "تفرَّد به اليسع، وليس بمعتمد"(تذكرة الحفاظ 4/ 57).

وقال أيضًا: "أتى عن ابن عيينة بخبرٍ موضوعٍ، هو في (الأربعين) لأبي الأسعد القشيري، عن حميدٍ، عن أنسٍ. ما تفوَّه به سفيانُ"(السير 12/ 633).

وقال أيضًا: "اليسع بن سهل (الزينبي) عن ابن عيينة بخبرٍ باطلٍ، ولم أرَ لهم فيه كلامًا"(الميزان 4/ 445)، وأقرَّه الزيلعيُّ في (تخريج أحاديث الكشاف 2/ 452).

وقال الحافظُ: "وهو اليسع بن زيد بن سهل. روى عنه جماعة. وأخرج

ص: 51

حديثَهُ البيهقيُّ في (الشعب) وحمزة الجرجاني في (تاريخ جرجان)، وهو منكرٌ من رواية ابن عيينة، عن الزهري (كذا!)، عن أنسٍ: في إسباغ الوضوء وفي إفشاء السلام وغير ذلك. وقد وقعَ لنا في (المئتين) للصابوني، ورواه عبد الله بن محمد الكعبي فقال: حدثنا أبو نصر اليسع بن زيد بن سهل الزينبي عن ابن عيينة، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك" وذكر الحديث، (اللسان 8614).

وقال الألبانيُّ: ((واليسع هذا لم أعرفه. ثم رأيتُ الحافظَ ابنَ حَجرٍ قال في (طرق حديث أنس هذا- ق 22/ 2): "واليسع مجهولٌ، وأظنُّهُ الذي ضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ، فإنه ذكر في (الضعفاء): اليسع بن إسماعيل عن ابن عيينة- ضعيف. فلعلَّ إسماعيل جده")) (الضعيفة 8/ 249).

قلنا: واليسع بن إسماعيل هذا رجلٌ آخرُ، وقد فرَّقَ بينهما الحافظُ نفسُهُ.

الطريق الخامس: رواه البيهقيُّ في (الشعب 8387)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 456)، والعقيليُّ في (الضعفاء 2/ 106)، وغيرُهُم من طريقِ سعيدِ بنِ زَوْنٍ الثعلبيِّ عن أنسٍ به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: سعيدُ بنُ زَوْنٍ الثعلبيُّ؛ قال ابنُ مَعينٍ: "ليس بشيءٍ"، وقال البخاريُّ:"لا يتابَعُ في حديثِهِ"، وقال النسائيُّ:"متروكٌ"، وقال أبو حاتم:"ضعيفٌ جدًّا"، وقال الدارقطنيُّ:"ضعيفٌ"، وقال أبو عبد الله الحاكمُ:"رَوى عن أنس بن مالك أحاديث موضوعة"(الميزان 2/ 137).

ولذا قال الذهبيُّ -بعد أن ذكرَ الحديثَ بإسنادِهِ-: "هذا حديثٌ منكرٌ"(الميزان 2/ 137/ 3184)، ووافقه الحافظُ في (اللسان 4/ 52/ 103).

ص: 52

وقال ابنُ عَديٍّ: "وسعيد بن زون بهذا الحديث معروف به عن أنس، وقد تابعه على لفظ هذا الحديث عن أنس كثير بن عبد الله الناجي. وسعيدُ بنُ زَوْنٍ أعرف بهذا الحديث ولا أبعد أن يكون له غيره عن أنس أو عن غيره، إلا أن هذا المتن الذي جاء به عن أنس الذي ذكرته لم يأتِ بهذا المتن أو أرجح منه إلا ضعيف مثله"(الكامل 5/ 456).

وقال العقيليُّ -بعد أن خرَّجَ هذا الحديثَ-: "وهذا المتنُ لا يُعرفُ له طريقٌ عن أنسٍ يَثبتُ"(الضعفاء 2/ 106).

الطريق السادس: مدارُهُ على ثابتٍ عن أنسٍ، ورُوِيَ عنه من ثلاثةِ طُرُقٍ:

الأول: أخرجه البيهقيُّ في (الشعب 8388)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 256)، وابنُ الجوزيِّ في (العلل المتناهية 577) من طريق يونس بن محمد عن أشعث بن بَراز حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: أَشْعَثُ بنُ بَرَازٍ؛ ضَعَّفَهُ ابنُ مَعينٍ وغيرُهُ، وقال النسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"، وقال البخاريُّ:"منكرُ الحديثِ"(الميزان 1/ 262/ 1420).

وقال ابن عدي -بعد أن ساق له هذا الحديث-: " ولأشعثِ بنِ بَرَازٍ هذا من الحديثِ غير ما ذكرتُ وليس بالكثير، وعامة ما يرويه غير محفوظ، والضعفُ بَيِّنٌ على رواياتِهِ"(الكامل 2/ 256).

الثاني: أخرجه البخاريُّ في (التاريخ الكبير 2/ 92)، والعقيليُّ في (الضعفاء 1/ 148) والبيهقيُّ في (الشعب 10475)، من طريق بكر

(1)

(1)

وقع في التاريخ: "بكار"، مع أن الترجمة باسم "بكر"! وكذا تحرف عند البيهقي إلى:"مطر"! !

ص: 53

الأعنق عن ثابت عن أنس به، إلا أن البخاريَّ اقتصرَ منه على الأمرِ بصلاةِ الضحى، واقتصرَ البيهقيُّ على الأمرِ بتوقير الكبير والرحمة بالصغير.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: بكر بن رستم أبو عتبة الأعنق؛ مُختَلفٌ فيه: فقال ابن معين: "ليس به بأس"(التاريخ 4083)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 6/ 102)، وقال:"ربما أخطأَ وخالف"، وكذا ذكره ابن شاهين في (الثقات 133). بينما ذكر له البخاريُّ هذا الحديث ثم قال:"لا يُتابَعُ عليه"(التاريخ الكبير 2/ 92)، وأقرَّه العقيليُّ، وقال بعد أن ساق حديثه:"ليس لهذا المتنِ عن أنسٍ إسنادٌ صحيحٌ"(الضعفاء 1/ 148)، وقال أبو حاتم:"ليس بقويٍّ"(الجرح والتعديل 2/ 385)، وقال النسائيُّ:"ليس بالقوي"(الضعفاء والمتروكين 1/ 25)، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"غير معروف"(الكامل 2/ 437)، ولذا قال الذهبيُّ:"لم يصحَّ حديثه: «يَا أَنَسُ، صَلِّ الضُّحَى» "(الميزان 1/ 349)، وأقرَّهُ ابنُ حَجرٍ في (اللسان 1577).

الثالث: أخرجه ابنُ الأعرابي في (المعجم 699 684)، وابنُ عساكر (تاريخ دمشق 9/ 358)، والعقيليُّ في (الضعفاء 3/ 444) وغيرهم، من طريق الفضل بن العباس أبي العباس، حدثنا ثابت البناني قال: سمعتُ أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعًا به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: الفضل بن العباس أبو العباس البصري؛ قال عنه العقيليُّ: "مجهولٌ بالنقلِ عن ثابتٍ، لا يتابعه إلا من هو دونه أو مثله" ثم ذكرَ له هذا الحديث، ثم قال:"الروايةُ في هذا متقاربة في الضعفِ"(الضعفاء 3/ 444).

قال الذهبيُّ: "الفضل بن العباس البصري عن ثابتٍ البنانيِّ لا يُعرفُ"(ميزان الاعتدال 3/ 353).

ص: 54

الطريق السابع: أخرجه البيهقيُّ في (الشعب 8389)[والقضاعي في (مسند الشهاب 649)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 348)، والعقيليُّ في (الضعفاء 1/ 119)] وغيرهم من طريقِ الأَزْوَرِ بنِ غَالِبٍ عن سليمانَ التيميِّ عن أنسٍ به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: الأَزْوَرُ بنُ غَالِبٍ؛ قال عنه البخاريُّ: "منكرُ الحديثِ"(التاريخ الكبير 2/ 57). وقال أبو زرعةَ: "ليس بقويٍّ"(لسان الميزان 2/ 22). وقال النسائيُّ: "ضعيفٌ"(الكامل 1/ 347). وقال ابنُ حِبَّانَ: "لا يُحتجُّ به إذا انفردَ، كان يُخطئُ وهو لا يعلمُ"(لسان الميزان 2/ 23).

قال الدارقطنيُّ: "منكرُ الحديثِ"(الضعفاء والمتروكون 1/ 259)، وقال أيضًا:"متروكُ الحديثِ"(العلل 6/ 31). وقال الذهبيُّ: "منكرُ الحديثِ، أَتَى بما لا يُحتملُ فكُذِّبَ"(الميزان 1/ 173).

وذكر له ابنُ عَدِيٍّ والعقيليُّ هذا الحديث ثم قال العقيليُّ: "لم يَأتِ به عن سليمانَ التيميِّ غير الأزور هذا، ولهذا الحديث عن أنسٍ طرقٌ، ليس منها طريقٌ من وجهٍ يَثبتُ"(الضعفاء 1/ 288).

الطريق الثامن: أخرجه البيهقيُّ في [الشعب 8390، 8391] من طريق محمد بن أبي بكر المقدمي قال: نا بشر بن حازم ثنا أبو عمران الجوني عن أنس بن مالك به.

قال الحافظُ: "وبِشرٌ مجهولٌ"(متاع 1/ 94).

الطريق التاسع: أخرجه أبو الحسن الغسانيُّ في (أخبار وحكايات 33) من طريق شهاب بن خِرَاش الحَوشَبِيِّ عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك

ص: 55

به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا من أجل أبان بن أبي عياش، قال عنه الحافظ:"متروكٌ"(تقريب 142).

وقال العراقيُّ: "إسنادُهُ ضعيفٌ"(المغني عن حمل الأسفار 1925).

الطريق العاشر: أخرجه أبو الحسين الكلابيُّ في (جزء من حديثه 26) -ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 9/ 345) -، عن سعيد بن عبد العزيز الحلبي، ثنا أبو نعيم عبيد بن هشام، حدثنا سليمان بن حيان، عن أبي همام قال: قال أنس به.

وهذا إسنادٌ وَاهٍ؛ فيه: "أبو همام" لا نعرفه، ولم نقفْ له على ترجمةٍ، ولا يُدْرَى هل سمع من أنسٍ أم لا؟ ولم يذكرْ سماعه منه.

وعبيد بن هشام تغيَّرَ وتلقن، وضَعَّفَهُ بعضُهم (تهذيب التهذيب 7/ 77)، (التقريب 4398).

وسليمانُ تُكلِّم في حفظه (الكامل 5/ 267).

وبعد عرض طرقه وأسانيده فإن كثرتها لا تتعاضد، بل إنها مما تَزيد الحديث وهنًا على وهن، إذ إن مدارها على ضعفاءَ ومجاهيلَ ووضَّاعينَ.

ولذا لما سألَ ابنُ أبي حاتم أباه وأبا زرعةَ عن هذا الحديثِ في إسباغ الوضوء يزيدُ في العمر. قال: "وذكرتُ لهما الأسانيدَ المرويةَ في ذلك فضعفاها كلها، وقالا: "ليس في: إسباغ الوضوء يزيد في العمر حديث صحيح" (العلل 1/ 592/ 128).

وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "هذا الحديثُ مشهورٌ عن أنسٍ. جاءَ فيه من رواية

ص: 56

ثابت البناني، وسليمان التيمي، وأبي عمران الجَوْني، وسعيد بن المسيب، وضرار بن عمرو، وعمرو بن دينار، وحميد، وسعيد بن زون. في آخرين غيرهم من الضعفاء المتروكين، وفي رواية بعضِهم ما ليس عند الآخر" (الإمتاع صـ 92).

ثم تعرض رحمه الله إلى ذكر هذه الطرق، وبيان علتها، وأنها لا تخلو من ضَعْفٍ أو وَضْعٍ، كما أن هناك طرقًا أخرى لم يتعرضْ لها بسبب وضعها، أو ضَعْفها الشديد، أو انقطاعها، أو جهالة رواتها.

وعلى كلٍّ

فإن هذا الحديثَ لا يصحُّ فيه شيءٌ بحالٍ من الأحوالِ، فهو كما قال أبو حاتم:"هذا حديثٌ كذبٌ". وقال الذهبيُّ: "هذا حديثٌ منكرٌ" كما تَقَدَّمَ.

وقال الألبانيُّ: "وبالجملةِ؛ فجميعُ هذه الطرقِ ضعيفةٌ، وبعضُها أشدّ ضعفًا من بعضٍ، فلم تطمئن النفس لتقوية الحديث بمجموعها، لا سيما وفيها الأمر بصلاة الضحى، ولم أرَ له شاهدًا معتبرًا إلَّا في روايةٍ ضعيفةِ السندِ عن أبي هريرةَ، والمحفوظُ الذي أخرجه الشيخان وغيرُهُما عنه بلفظ:«أَوْصَانِي» (الضعيفة 8/ 249).

ص: 57

1459 -

حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ

◼ عَنْ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ رضي الله عنه: «أَنَّ هَذَا عَهْدُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى اليَمَنِ

»، الحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ:«وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ: وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى المَرَافِقِ، وَأَرْجُلَهُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ وَيَمْسَحُوا بِرُؤُوسِهِمْ كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى» .

[الحكم]:

الأمرُ بإسباغِ الوضوءِ صَحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما سبقَ. وهذا الحديثُ إسنادُهُ ضعيفٌ معلولٌ، وفي بعضِ ألفاظِهِ نكارةٌ.

[التخريج]:

[كر (45/ 479 - 481)].

[السند]:

رواه ابن عساكر في (التاريخ 45/ 479) قال: أخبرناه أبو جعفر أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي نقيب مكة، أنبأ أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن، أنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد أنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الدُّيَبْلي، نا أبو يونس محمد بن أحمد بن يزيد

(1)

المديني، نا عتيق بن يعقوب عن عبد الملك بن أبي بكر بن محمد الحزمي

(2)

عن أبيه عن جده عن عمرو بن حزم به.

(1)

في المطبوع: "يونس"، والصوابُ المثبتُ كما في (الجرح والتعديل 7/ 183) وغيره.

(2)

في المطبوع: "الجرمي"، والصوابُ المثبتُ كما في (تهذيب الكمال 18/ 293) وغيره.

ص: 58

وأبو علي هو الحناط، وأبو الحسن هو العبقسي العطار، وعبد الملك هو ابن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، نُسب لجده.

[التحقيق]:

إسنادُهُ غريبٌ جدًّا، وهو ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: الانقطاعُ؛ فقد ذكرنا أن عبد الملك هو ابن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. وجده: أبو بكر بن محمد لم يسمع من عمرو بن حزم، روايته عنه مرسلة كما قال المزي في (تهذيب الكمال 33/ 137)، وتبعه العلائي في (الجامع 937)، والعيني في (المغاني 2820).

الثانية: أنه معلولٌ بالإرسالِ رغم عدالة رجاله، فكلُّهم ثقاتٌ سوى أبي جعفر الديبلي وشيخه أبي يونس، وهما صدوقان، (الجرح والتعديل 7/ 183)، و (السير 15/ 9).

ولكن عتيق بن يعقوب، وإن وَثَّقَهُ الدارقطنيُّ، فإن له أوهامًا كما في (اللسان 5098)، فلعله وَهِمَ في هذا أيضًا، فإن عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن حزم، وهو كتابه الذي كتب له حين بعثه إلى اليمن، لا يصحُّ مسندًا كما قال أبو داود وغيره، وإنما وجد هذا الكتاب عند آل عمرو بن حزم، وهذه وجادة صحيحة عمل بها السلف كما بَيَّنَّاهُ في باب (مس الجنب للمصحف)، وخرجناها هناك من رواية مالك وابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر به مرسلًا، ومن طريقِ مالك وابن إسحاق ومعمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه به مرسلًا، وليس فيها كثير مما ذُكر هنا من أحكامٍ؛ كفرض الجزية على المرأة، وقد رُويتْ هذه الزيادات في الكتاب من طريق ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر مرسلًا، وعنه عن أبيه أبي بكر بن محمد مرسلًا، وهي معلولةٌ أيضًا، وإليك بيان ذلك:

ص: 59

1460 -

حَدِيثُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ

◼ عَنْ أَبِي بَكْرِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، قَالَ: «هَذَا كِتَابُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَنَا، الَّذِي كَتَبَهُ لِعَمْرِو بنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى اليَمَنِ، يُفَقِّهُ أَهْلَهَا، وَيُعَلِّمُهُمُ السُّنَّةَ، وَيَأْخُذُ صَدَقَاتِهِمْ، فَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا وَعَهْدًا، وَأَمَرَهُ فِيهِ أَمْرَهُ، فَكَتَبَ: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ،

»، الحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: «وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ: وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ

(1)

إِلَى المَرَافِقِ، وَأَرْجُلَهُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَأَنْ يَمْسَحُوا رُؤُوسَهُمْ كَمَا أَمَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى

»، الحَدِيثَ بِنَحْوِ رِوَايَةِ عَتِيقٍ المُسْنَدَةِ.

[الحكم]:

الأمرُ بإسباغِ الوضوءِ صَحَّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما سبقَ، وهذا حديثٌ مرسلٌ معلولٌ إسنادُهُ، وفي بعضِ ألفاظِهِ نكارةٌ.

[التخريج]:

[هقل (5/ 413، 414) / كر (45/ 477 - 479)].

[السند]:

رواه البيهقيُّ في (الدلائل 5/ 413) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبار، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، به مرسلًا.

ورواه في (الكبرى 18709) بهذا الإسنادِ، إلا أنه اختصره، فلم يذكر فيه الوضوء وغيره.

(1)

تحرَّفتْ في تاريخ دمشق إلى: "أبدانهم"!

ص: 60

ورواه ابن عساكر (45/ 477) من طريق ابن عبد الجبار به مطولًا.

وتوبع عليه ابن عبد الجبار:

فرواه ابنُ أبي حاتمٍ في (التفسير 8482، 10779) من طريق أبي سعيد الأشج عن يونس، به مختصرًا جدًّا، ونقله عنه ابن كثير في (التفسير 2/ 7) بأطول مما في المطبوع.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأُولى: الإرسالُ، أو الانقطاعُ، إذ هي وجادةٌ، وحُكْمها الانقطاعُ.

وبهذا أعلَّه ابن عساكر فقال عقبه: "هذا منقطعٌ، وقد رُوي متصلًا من وجهٍ آخر"(التاريخ 45/ 479). والوجهُ الآخرُ المشار إليه هو رواية عتيق السابقة، وقد بَيَّنَّا ما فيها.

فإن قيلَ: لكن الوجادة إذا ثبتتْ نسبتها لصاحبها يجبُ العملُ بها كما بينتموه في باب (مس الجنب للمصحف) بشأن هذه الوجادة نفسها.

قلنا: لكن هذه الوجادة بهذا السياق لم تثبتْ عن صاحبها، وهذه هي:

العلة الثانية: أن يونس بن بكير أخطأَ في هذا الحديثِ بهذه السياقة، حيث جعله من رواية ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه، وإنما هو من قول ابن إسحاق بلا سند!

كذا رواه زياد بن عبد الله البكائي، عن ابن إسحاق، كما في (الخراج ليحيى بن آدم 381)، و (سيرة ابن هشام 2/ 594، 595).

والبكائيُّ أثبتُ الناسِ في المغازي، بخلاف ابن بكير القائل فيه أبو داود:

ص: 61

"ليس هو عندي حجة، يأخذُ كلامَ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث"(تهذيب التهذيب 11/ 435).

ثم إن المحفوظَ عن هذا الكتاب من روايات الثقات، ليس كما رواه ابن إسحاق، فقد ترك ابن إسحاق في هذه السياقة أشياء قد ذكرها الثقات؛ كأحكام الديات، بل وذكر بعضها ابن إسحاق نفسه كما في (المراسيل لأبي داود 260) من طريق حماد بن سلمة عن ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، قال: كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» .

وهذا غير موجود في سياقة السيرة التي رواها عنه البكائي وابن بكير وأيضًا الأبرش كما سيأتي، مما يدلُّ على أن سياقةَ السيرة ليستْ عند ابن إسحاق من حديث عبد الله بن أبي بكر ابن حزم، وأن حديثَهُ عن عبد الله بن أبي بكر ليس كما ذكره في السير.

كما ذكر ابن إسحاق في سياقة السيرة أشياء لم يذكرها الثقات؛ كإيجاب الجزية على المرأة، وهو خِلَافُ المحفوظِ عن معاذٍ رضي الله عنه فيما رواه مرفوعًا بشأنِ أهلِ اليمنِ أيضًا، وخلاف ما كتبَ به عمر رضي الله عنه إلى عُمَّاله، وتبعه عليه جماعة العلماء، أن لا جزيةَ على المرأةِ. انظر (الأموال لأبي عبيد 93)، و (سنن البيهقي الكبرى 18707)، و (أحكام أهل الذمة لابن القيم 1/ 149)، و (الإرواء 5/ 95).

وبنحو هذا أعلَّه البيهقيُّ في (الكبرى 18709)، حيثُ قال عقبه:"هذا منقطعٌ، وليس في الرواية الموصولة" اهـ. يعني: إيجاب الجزية على المرأة.

ص: 62

قلنا: وحتى المقدار الذي ذكره ابن إسحاق في سياقة السيرة، وشاركه فيه الثقات نقلًا عن الكتاب الذي وُجد عند آل عمرو بن حزم، تجد سياقته غير سياقتهم.

فمثلًا: ذكر ابنُ إسحاقَ أن في الكتابِ: «فِي كُلِّ عَشْرٍ مِنَ الإِبِلِ شَاتَانِ، وَفِي عِشْرِينَ أَرْبَعٌ، وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ مِنَ البَقَرِ تَبِيعٌ أَوْ تَبِيعَةٌ، جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مِنَ الغَنَمِ سَائِمَةٍ وَحْدَهَا شَاةٌ» .

فقارن بين هذا وبين رواية معمر، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، «أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لهم كتابًا فيه:

وَفِي الغَنَمِ فِي الأَرْبَعِينَ إِلَى العِشْرِينَ وَالمِائَةِ شَاةٌ، فَإِذَا مَا جَاوَزَتْ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ مِائَتَيْنِ فَشَاتَانِ، فَإِذَا جَاوَزَتْ مِائَتَيْنِ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثَ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَاعْدُدْ فِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةً، وَفِي الإِبِلِ إِذَا كَانَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ، فَفِيهَا ابْنَةُ مخَاضٍ، فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بِنْتُ مخَاضٍ فِي الإِبِلِ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ، فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ، فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ السِّتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ، فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَإِنَّ فِيهَا جَذَعَةً، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى تِسْعِينَ فِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ، فَإِذَا كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَاعْدُدْ فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةً، وَمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ، لَيْسَ فِيهَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عُوَارٍ مِنَ الغَنَمِ، وَفِي البَقَرِ فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ» (مصنف عبد الرزاق 6904).

هذا وقد ذكرَ البيهقيُّ لرواية ابن بكير عن ابن إسحاق شاهدًا، فقال:"ورُوي من وجهٍ آخر منقطعًا"، ثم رواه في (الكبرى 18709) من طريق عمرو بن خالد الحراني.

ص: 63

ورواه أبو عبيد في (الأموال 66) من طريق عثمان بن صالح، كلاهما عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، قال: هذا كتابٌ من محمدٍ صلى الله عليه وسلم إلى أَهْلِ اليمنِ

الحديث في إيجاب الجزية على الرجل والمرأة معًا!

وهذا مع إرساله فيه ابن لهيعة وهو سيئُ الحفظِ.

ورواه ابن زنجويه في (الأموال 108) عن ابن شميل عن عوف عن الحسن نحوه مرسلًا.

قال ابن حجر: "وهذان مرسلًا، يقوي أحدهما الآخر"! ! (التلخيص 4/ 227).

وأقرَّه الألبانيُّ في (الإرواء 5/ 97)، مع أنه صَحَّحَ قبله حديثَ معاذٍ، وليس فيه ذكر المرأة، وأثر عمر في نهيه عن فرض الجزية على النساء، وهو ما عليه العلماء كما سبق، ومع وجود المخالفة للمرسل فلا عبرة به كما أشارَ إليه البيهقيُّ في (الكبرى 18709)، لاسيما وقد قال الشافعيُّ:"سألتُ محمد بن خالد، وعبد الله بن عمرو بن مسلم، وعددًا من علماء أهل اليمن، فكلهم حكى لي عن عدد مضوا قبلهم، يحكون عن عدد مضوا قبلهم، كلهم ثقة: أن صلح النبي صلى الله عليه وسلم لهم كان لأهل ذمة اليمن على دينار كل سنة، ولا يُثبتون أن النساء كن فيمن يؤخذ منه الجزية"(السنن الكبرى للبيهقي 18707).

ص: 64

رِوَايَةُ وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ

• عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ أَبِي بَكْرِ بنِ محَمَّدِ بنِ عَمْرِو بنِ حَزْمٍ، قَالَ: «وكان رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى بَنِي الحَارِثِ بنِ كَعْبٍ بَعْدَ أَنْ وَلَّى وَفْدَهُمْ عَمْرَو بنَ حَزْمٍ الأَنْصَارِيَّ، ثُمَّ أَحَدَ بَنِي النَّجَّارِ؛ لِيُفَقِّهَهُمْ فِي الدِّينِ، وَيُعَلِّمَهُمُ السُّنَّةَ، وَمَعَالِمَ الإِسْلامِ، وَيَأْخُذُ مِنْهُمْ صَدَقَاتِهِمْ. وَكَتَبَ لَهُ كِتَابًا عَهِدَ إِلَيْهِ فِيهِ، وَأَمَرَهُ فِيهِ بِأَمْرِهِ:

»، الحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَفِيهِ: «وَيَأْمُرَ النَّاسَ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ: وُجُوهَهُمْ وَأَيْدِيَهُمْ إِلَى المَرَافِقِ، وَأَرْجُلَهُمْ إِلَى الكَعْبَيْنِ، وَيَمْسَحُونَ بِرُؤُوسِهِمْ كَمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ عز وجل

»، الحديث بمثل رواية ابن بكير.

[الحكم]:

الأمرُ بإسباغِ الوضوءِ صَحَّ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما سبقَ، وهذا حديثٌ مرسلٌ، إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، معلولٌ، وفي بعضِ ألفاظِهِ نكارةٌ.

[التخريج]:

[طبت (3/ 128، 129)].

[السند]:

رواه الطبريُّ في (التاريخ 3/ 128) قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر، به.

[التحقيق]:

مرسلٌ، إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، ابن حميد هو محمد الرازي، حافظٌ لكنه رُمِيَ بالكذبِ كما سبق مرارًا. وسلمة هو ابن الفضل الأبرش، وهو صدوقٌ كثيرُ الخطأ كما في (التقريب).

وقد ذكرنا فيما سبقَ آنفًا أنه معلولٌ أيضًا، وأن المحفوظَ بهذه السياقة أنه

ص: 65

من قولِ ابنِ إسحاقَ، لم يسندْهُ، كما رواه عنه زياد البكائي، وهو أثبتهم فِي رواية السيرة عن ابن إسحاق.

وفي الباب أحاديث أخرى ستأتي مفرقة تحت أبواب أخرى في الموسوعة.

ص: 66