الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
252 - بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ البَائِلِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ
1585 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، [فَدَخَلَ الخَلَاءَ] فَقَضَى حَاجَتَهُ (فَبَالَ)، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ (وَكَفَّيْهِ)، ثُمَّ نَامَ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م)، رواه مسلمٌ مختصرًا ومطوَّلًا. ولم يَرْوِه البخاريُّ إلا مطوَّلًا.
[التخريج]:
[خ 6316 "مطولًا"/ م 304 "واللفظ له"، 763 "مطولًا والروايتان له ولغيره"/ د 4958/ كن 481 "مطولًا"/ جه 511"والزيادة الأولى له"/ حم 2083، 2559 "مطولًا"، 2567 "مطولًا"، 3194 "مطولًا"/ خز 137"مطولًا"/ حب 1441، 2636 "مطولًا"/ عه 859، 860، 2326 - 2328 "مطولًا"/ طي 2829 "مطولًا"/ عب 3908 "مطولًا"، 4758 "مطولًا"/ طب (11/ 419 - 420/ 12189 - 12191) "مطولًا"/ بخ 695 "مطولًا"/ مسن 1744 - 1745 "مطولًا"/ غيب 1303/ هقت 373 "مطولًا"/ تهج 385 "مطولًا"/ بغ 905/ ضياء (رواه 109)].
[السند]:
رواه البخاري (6316) عن علي بن عبد الله المديني.
ورواه مسلم (763) عن عبد الله بن هاشم بن حيان العبدي.
ورواه أحمد (3194).
ثلاثتهم عن ابن مهدي، عن سفيان، عن سلمة بن كُهَيْل، عن كُرَيْب، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((بِتُّ [لَيْلَةً] عِنْدَ [خَالَتِي] مَيْمُونَةَ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم [مِنَ اللَّيْلِ] فَأَتَى حَاجَتَهُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَتَى القِرْبَةَ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا،
…
)) الحديث مطولًا
(1)
، والزيادات لمسلم.
وكريب هو ابن أبى مسلم، مولى ابن عباس، ثقة، روى له الجماعة، وكذلك سلمة.
وسفيان هو الثوري، وهو وابن مهدي إمامان جليلان.
وقد توبع عليه ابن مهدي:
فرواه مسلم (304) عن أبي بكر بن أبي شيبة، وأبي كريب، ورواه أبو داود (4958) عن عثمان بن أبي شيبة، ورواه ابن ماجه (511) عن علي بن محمد، ورواه أحمد (2083)، خمستهم عن وكيع.
ورواه أبو عوانة (860، 2326) من طريق أبي حذيفة النهدي، كلاهما عن سفيان، به مختصرًا كما ذكرناه في هذا الباب، وطَوَّلَهُ أبو عَوانةَ في الموضعِ الثاني.
ورواه عبد الرزاق (3908، 4758) -وعنه أحمد (2559) - عن سفيانَ
(1)
انظر الرواية المطولة في الطهارة تحت الأبواب التالية: (غَسْلِ اليَدَيْنِ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الوُضُوءِ)، و (الوُضُوءِ مِنَ البَوْلِ وَالغَائِطِ)، و (لا وُضُوءَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ بخَاصَةٍ).
به مطولًا.
وتوبع عليه سفيان الثوري أيضًا:
فرواه أحمد (2567)، ومسلم (763) وغيرهما من طريق غندر محمد بن جعفر.
ورواه مسلم (763) وغيره من طريق النضر بن شُميل.
ورواه ابن ماجه (511) من طريق يحيى بن سعيد.
ورواه ابن خزيمة (137) من طريق ابن أبي عدي.
ورواه أبو عوانة (859، 2328) من طريق حجاج بن محمد.
ورواه الطيالسي (2829) -ومن طريقه أبو عوانة (859) -.
كلُّهم عن شعبة، عن سلمة بن كهيل، به مطوَّلًا، إلا عند ابن ماجه وأبي عوانة -في الموضع الأول- فمختصر، وكذا رواية ابن خزيمة غير أنها أطول شيئًا ما.
وفي حديث النضر ويحيى قال سلمة بن كهيل: أخبرنا بكير، عن كريب. قال سلمة: فَلَقِيتُ كُرَيبًا، فَحَدَّثَنِي عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
…
فذكر نحوه.
أي أن سلمةَ قد سمعه أولًا من بُكيرٍ، ثم لقي كُريبًا فسمعه منه، وبكير هذا ذكر المزيُّ في (التهذيب 4/ 246)، والذهبيُّ في (السير 6/ 172) أنه الطويلُ الضخمُ، وهو مُتَكَلَّمٌ فيه كما في (تهذيب التهذيب 1/ 493)، وذكر أبو عوانة عن بعض أصحابه أنهم قالوا:"هو بكير بن عبد الله بن الأشج، ولا يشبه أن يكون هذا بكيرًا الضخم"(المستخرج 6/ 261)، وهذا الذي
قالوه نقله الذهبي عن البزار أيضًا، وهو الصواب، انظر (الإكمال لمغلطاي 3/ 31/ ت 807)، مع تعليق بشار عواد على (التهذيب 4/ 246/ الحاشية 3).
ورواه الطبراني في (الكبير 12190) من طريق محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس، به مطولًا.
والحديثُ له روايات وطرق أخرى كثيرة عند بعض من سبق ذكرهم وعند غيرهم، ولكن ليس فيها موضع الشاهد من هذا الباب، فانظر هذه الروايات في موسوعة الصلاة.
[تنبيه]:
وقع الإسناد عند ابن ماجه (511) هكذا: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع قال: سمعت سفيان يقول لزائدة بن قدامة: يا أبا الصلت، هل سمعت في هذا شيئًا؟ فقال: حدثنا سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس، به.
وهذا ظاهره أن سفيان إنما يرويه عن زائدة وأن زائدة، هو الذي يرويه عن سلمة!
والذي عند مسلم وأحمد وأبي داود عن وكيع أنه يرويه عن سفيان عن سلمة. وهكذا نقله المزيُّ في (التحفة 5/ 205) عن ابن ماجه! وهو كذلك في بقية المراجع، لم يذكروا فيه زائدة. وهذا هو الصوابُ، وما عند ابن ماجه خطأ لا شَكَّ فيه، إلا أن يكون فيه سقط، وأصل الكلام:"فقال زائدة: لا. فقال سفيان: حدثنا سلمة" إلخ، أو يكون فيه قلب، وأصله:"سمعت زائدة يقول لسفيان: هل سمعت" إلخ، فإن المزيَّ ذكرَ زائدةَ في
الرُّواةِ عن الثوريِّ وليس العكس، كما لم يذكر زائدة في الرواة عن سلمة، بل لا نعرفُ لزائدةَ روايةً عن سلمةَ، ونرى أنه لم يسمعْ منه أصلًا. انظر (علل أحمد 3020).
رِوَايَةُ وُضُوءًا بَيْنَ الوُضُوءَيْنِ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ وَبَاتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهَا، فَرَأَيْتُهُ قَامَ [مِنَ اللَّيْلِ قَوْمَةً] لِحَاجَتِهِ (فَقَضَى حَاجَتَهُ)، فَأَتَى القِرْبَةَ فَحَلَّ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ الوُضُوءَيْنِ، ثُمَّ أَتَى فِرَاشَهُ فَنَامَ، ثُمَّ قَامَ قَوْمَةً أُخْرَى فَأَتَى القِرْبَةَ فَحَلَّ شِنَاقَهَا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا هُوَ الوُضُوءُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي
…
» الحديث.
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 763/ ن 1133 "واللفظ له"/ كن 796/ عه 2329/ طب (11/ 418/ 12188) "والزيادة والرواية له"/ مسن 1747].
[السند]:
رواه مسلم (763) -عقب رواية غندر والنضر عن شعبة- فقال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهناد بن السَّرِي، قالا: حدثنا أبو الأحوص، عن سعيد بن مسروق، عن سلمة بن كهيل، عن أبي رشدين، مولى ابن عباس، عن ابن عباس، قال: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيمُونَةَ
…
واقتصَّ الحديثَ، ولم
يذكر غسل الوجه والكفين، غير أنه قال: ثُمَّ أَتَى القِرْبَةَ فَحَلَّ شِنَاقَهَا فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا بَينَ الوُضُوءَينِ
…
» الحديث.
ورواه النسائي في (الصغرى 1133) و (الكبرى 796) عن هناد بن السري، ورواه أبو عوانة (2329) من طريق أبي بكر بن أبي شيبة وابن الأصبهاني، ورواه أبو نعيم في (المستخرج 1747) من طريق أبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، ورواه الطبراني في (الكبير 12188) من طريق مسدد ومنجاب بن الحارث وأبي بكر بن أبي شيبة.
كلهم عن أبي الأحوص عن سعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن أبي رشدين عن ابن عباس به.
ووقع عند أبي نعيم في الموضعين: «تَوَضَّأَ وُضُوءًا بَينَ الوُضُوءَينِ» ! ولعلَّه خطأ من الناسخ أو الطابع، فالذي في بقية المراجع أنه قال في الثانية:«تَوَضَّأَ وُضُوءًا هُوَ الوُضُوءُ» .
والحديثُ في موضعين من مصنف ابن أبي شيبة (8576 = 2/ 491)، (29841 = 10/ 221)، غير أنه اختصره فيهما، فاقتصرَ في الأول على عدد الركعات، وفي الثاني على الدعاء، وليس فيهما موضع الشاهد من الباب هنا؛ ولذا لم نذكره في التخريج.
رواية: «كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ» :
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَيْقَظَ فَأَصَابَ الحَاجَةَ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ، غَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ» .
[الحكم]:
شاذٌّ بهذه السياقةِ التي تفيد التكرار والعادة، والمحفوظُ بلفظِ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ» .
[التخريج]:
[عه 863].
[السند]:
رواه أبو عوانة (863) قال: حدثنا الغَزِّي قال: ثنا الفريابي قال: ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن كريب، عن ابن عباس، به.
والغزيُّ هو أبو العباس عبد الله بن محمد بن عمرو الشاميُّ. والفريابيُّ هو محمد بن يوسف. وسفيانُ هو الثوريُّ.
[التحقيق]:
هذا الإسنادُ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ، سوى أبي العباس الغزي، فمن شيوخ أبي داود، وهو ثقةٌ (التقريب 3596).
ولكن الفريابي -مع ثقته- كان قد أخطأ في شيءٍ من حديث سفيان (التقريب 6415)، مع (مقدمة الفتح/ صـ 442).
وقد رَوى هذا الحديثَ وكيعٌ وابنُ مهديٍّ وعبدُ الرزاقِ وغيرُهُم عن سفيانَ كما سبقَ بلفظِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ نَامَ» .
فهذا يدلُّ على أنها واقعةٌ عينٍ، لا تفيدُ تكرارًا ولا عادةً، بخلاف لفظ الفريابي:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَيْقَظَ وَأَصَابَ الحَاجَةَ وَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ، غَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ» ، فهذا يفيدُ التكرار، ويدلُّ على أنه كان منه صلى الله عليه وسلم عادة!
وكلّ من وكيعٍ وابنِ مهديٍّ بمفردِهِ أثبتُ في حديث سفيان من الفريابي كما قاله ابن معين وغيره (تهذيب التهذيب 9/ 537).
فكيف وقد اجتمعا؟ ! بل فكيف وقد تابعهما عبد الرزاق وغيره؟ !
بل قد رواه شعبة عن سلمة بن كهيل، بنحو رواية وكيع ومن تابعه عن سفيان.
فالظاهرُ أن الفريابيَّ أخطأَ في أداءِ الروايةِ، والله أعلم.
رِوَايَةُ نَامَ حَتَّى نَفَخَ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «بِتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَظَرتُ إِلَيْهِ كَيْفَ يُصَلِّي، فَنَامَ، ثُمَّ قَامَ، فَبَالَ، فَأَخَذَ جَفْنَةً مِنْ مَاءٍ، فَمَسَحَ بِهَا يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكَانَ إِذَا نَامَ عَلِمْنَا لِشِدَّةِ نَفْخِهِ ثُمَّ قَامَ فَعَمَدَ إِلَى القِرْبَةِ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا فَصَبَّ مِنْهَا فِي جَفْنَةٍ أَو صَحْفَةٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا بَيْنَ الوُضُوءَيْنِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي
…
» الحديث مطولًا.
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذه السياقةِ، والمحفوظُ بلفظِ:«فَغَسَلَ» ، وليس «فَمَسَحَ» ، ودون ذكر الذراعين. وجعل النفخ بعد الوضوء وصلاة القيام وقبل صلاة الفجر، وليس قبل الوضوء والقيام.
[التخريج]:
[مسن 1746].
[السند]:
رواه أبو نُعيمٍ في (المستخرج 1746) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا الحسن بن علي الطوسي وإبراهيم بن محمد الرازي قالا: ثنا أحمد بن منصور زَاجٌ، ثنا النضر بن شُميل، ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن بكير الطائي عن كريب عن ابن عباس، قال سلمة: فَلَقِيتُ كُرَيْبًا فَحَدَّثَنِي فَقَالَ: قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا الإسنادُ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ سوى إبراهيم، وهو ابنُ محمد بن علي الرازي، روى عنه عبد الله بن محمد بن جعفر -المعروف بأبي الشيخ ابن حيان- في كتبِهِ، ولم نجدْ مَن ترجمَ له ولا مَن روى عنه سوى
أبي الشيخ، فهو في عِدادِ المجهولينَ، وليس هو ابن بطحا المحتسب كما زعم محقق كتاب (العظمة 2/ 523)، فإن ابن بطحا وُلِدَ سنة (250 هـ)، وأحمد بن منصور المروزي مات سنة (258 هـ) وقيل: سنة (257 هـ)، ذكرهما الخطيبُ في (تاريخ بغداد 2535 = 2809)، وقال ابن حبان:"مات سنة ستين أو قبلها أو بعدها بقليل"(الثقات 8/ 34). أي أن عمر بن بطحا حين مات ابن منصور كان عمره يتراوح ما بين سبع إلى عشر سنوات!
فإن قيل: ولِمَ كل هذا؟ أليس قد تابعه الحسن بن علي الطوسي، وهو إمامٌ ثقةٌ كما في (السير 15/ 16)؟
قلنا: نعم، ولكن أبا الشيخ لم يذكر مَن منهما صاحب اللفظ والسياقة، فيحتمل -وهو الأقرب- أن تكون السياقة لإبراهيم، ومتابعة الحسن على أصل الحديث دون بعض ألفاظه، لاسيما وقد جاء الحديث عن النضر من وجه آخر بغير هذه السياقة:
فقد رواه مسلمٌ (763) عن إسحاق بن منصور الكوسج، وعلَّقه أبو عوانة (2328) عن محمد بن رجاء بن السندي، كلاهما عن النضر بن شميل، عن شعبة، بمثل حديث غندر وحجاج، ولفظ حديث غندر وحجاج عن شعبة: «
…
فَقَامَ فَبَالَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى القِرْبَةِ
…
ثُمَّ تَوَضَّأَ
…
ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي،
…
فَتَكَامَلَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ، وَكُنَّا نَعْرِفُهُ إِذَا نَامَ بِنَفْخِهِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى
…
» الحديث.
[التخريج]:
[م 763/ حم 2567/ عه 859، 2328].
ففي هذه السياقة أنه (غَسَلَ)، وفي سياقة أبي نعيم عن أبي الشيخ:(فَمَسَحَ)!
وفي هذه السياقة اقتصرَ على ذِكرِ الوجهِ والكفينِ، ولم يذكرِ الذراعين، وزادهما في سياقة أبي نُعيمٍ!
وفي هذه السياقةِ جعلَ النفخَ بعدَ الوُضوءِ وصلاة القيام وقبل صلاة الفجر، أي أنه لم يُعِدِ الوضوءَ، وهذا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه صلى الله عليه وسلم تنام عيناه، ولا ينام قلبه، قاله ابن عيينة. وفي سياقة أبي نعيم جعل النفخ قبل الوضوء وصلاة القيام، فضاعت فائدة ذكره!
ولا شَكَّ أن المحفوظَ هو روايةُ الكوسجِ وابنِ السنديِّ عن النضرِ، فقد تابع النضرَ عليه جماعةٌ منَ الثقاتِ من أصحاب شعبة، منهم: غندر، والقطان، والطيالسي. وهكذا رواه الثوري عن سلمة بن كهيل كما سبقَ، وكفى ببعض ذلك دلالة على الوهم في رواية أبي نعيم، والحمل فيها على إبراهيم شيخِ ابنِ حَيَّانَ. ومتابعة الطوسي له إنما هي على أصل الحديث كما بَيَّنَّاهُ، وإلا فعلى فرض أنهما قد حفظاه عن أحمد بن منصور عن النضر هكذا، فهي رواية شاذة. وأحمد بن منصور وإن كان ثقةً كما في (السير 12/ 388)، فالكوسجُ أوثقُ منه، وقد تابعه ثقةٌ آخرُ، وهو ابن رجاء السندي، وتوبع شيخهما النضر من عامة أصحاب شعبة بمثل روايتهما، وتوبع شعبة من الثوري، وحسبك به، والله أعلم.
فأما ما رواه الطبرانيُّ في (الكبير 12191) عن معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني سلمة بن كهيل، حدثني بكير الطائي، عن كريب، فلقيت كريبًا فحدثني، عن ابن عباس، به بنحو رواية غندر ومن تابعه إلا أنه قال فيه:«فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ» ، فهذا لا يعضد ذكر الذراعين في
رواية أبي نعيم لأسبابٍ، منها:
1 -
أن ذكر الذراعين في رواية أبي نعيم زيادة على الوجه واليدين، بينما ذُكرا في رواية الطبراني بدل اليدين أو الكفين.
2 -
أن رواية الطبراني بذكر الذراعين هي عنده من طريق يحيى بن سعيد القطان، وقد رواه ابن ماجه من طريق يحيى القطان، وأحال بمتنه على رواية الثوري، وهي عنده بلفظ:«وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» ، وهذه أَوْلى من رواية الطبراني، ويدلُّ عليه ما يلي:
3 -
أن الحديث بهذه السياقة يرويه الثوري وشعبة وابن أبي ليلى عن سلمة بن كهيل، فأما الثوري فالمشهور والمحفوظ عنه بلفظ:«وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ» ، رواه عنه هكذا: ابنُ مهديٍّ، ووكيعٍ، وعبدِ الرزاقِ وغيرِهِم، وكذلك رواه ابنُ أبي ليلي، ورواه الطنافسيُّ وحدَهُ عن وكيعٍ عنِ الثوريِّ بلفظ:«وَكَفَّيْهِ» .
وأما شعبةُ فالمشهورُ والمحفوظُ عنه بلفظ: «وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ» ، رواه عنه هكذا غندرٌ والطيالسيُّ وحجاجٌ وغيرُهُم، ورواه ابنُ أبي عَدِيٍّ عن شعبةَ بلفظ:«وَيَدَيْهِ» .
ولا تعارضَ بين الروايتينِ، فاليدان في رواية الثوري، يراد بهما الكفان كما في رواية شعبة، هذا هو الأقربُ لغةً، والثابتُ سندًا، فأما تعيين اليدين بالذراعين -وإن كان سائغًا من جهة اللغة- فغير صحيح هنا؛ لأنه ثَبَتَ تعيين اليدين في الحديث بالكفين، والكفان غير الذراعين، فلا يمكن اعتماد الروايتين، لاسيما ولم يرد ذكر الذراعين من وجهٍ سالمٍ منَ النقدِ، والله أعلى وأعلم.