الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
250 - بَابُ الوُضُوءِ لِلمُعَاوِدِ لِلجِمَاعِ
1575 -
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ
◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ (ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُعَاوِدَ)، فَلْيَتَوَضَّأْ [بَينَهُمَا وُضُوءًا]» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[الفوائد]:
* قال ابنُ رَجبٍ: "واستحبَّ أكثرُ العلماءِ الوضوءَ للمعاودةِ. وهو مرويٌّ عن عمرَ وغيرِهِ، وليسَ بواجبٍ عند الأكثرين. وأوجبه قليلٌ من أهلِ الظاهرِ ونحوِهِم.
ومنَ العلماءِ من أنكرَ الوضوءَ، وحَمَلَ الوضوءَ في هذا الحديثِ على التنظيفِ وغسلِ الفرجِ، وقد قال إسحاق
(1)
: غسلُ الفرجِ لا بدَّ منه.
والأكثرونَ على أن المعاودةَ من غيرِ وُضوءٍ لا تُكره. وهو قولُ الحسنِ، ومالكٍ، وأحمدَ، وإسحاقَ" (فتح الباري 1/ 302).
* وقال القرطبيُّ: "ذهبَ بعضُ أهلِ الظاهرِ إلى أنَّ هذا الوضوءَ هنا هو
(1)
هو ابن راهويه. وانظر (فتح الباري لابن حجر 1/ 377).
الوضوءُ العرفيُّ، وأنه واجبٌ، واستحبه أحمدُ وغيرُهُ.
وذهبَ الفقهاءُ وأكثرُ أهلِ العلمِ إلى أنه غسلُ الفرجِ فقط؛ مبالغة في النظافة، واجتنابًا لاستدخال النجاسة، ويستدل على ذلك بأمرين:
أحدهما: أنه قد روى هذا الحديث ليث بن أبي سليم من حديث عمر رضي الله عنه، وقال فيه:«فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ» مكان: «فَلْيَتَوَضَّأْ بَينَهُمَا وُضُوءًا» .
وثانيهما: أن الوطءَ ليس من قبيل ما شُرع له الوضوء، فإنه بأصل مشروعيته لِلقُرَب والعبادات، والوطءُ بابه الملاذ والشهوات، وهو من جنس المباحات، ولو كان ذلك مشروعًا لأجل الوطء لشُرع في الوطء المبتدأ؛ فإنه من نوع المعاد، وإنما ذلك لما يتلطخ به الذكر من نجاسة ماء الفرج والمني؛ فإنه مما يُكره ويُستثقل عادة وشرعًا، والله تعالى أعلم" (المفهم 1/ 566).
قال الطيبيُّ: "قوله: ((توضَّأ وُضوءًا)) إنما أتى بالمصدرِ تأكيدًا؛ لئلا يُتوهم أن المرادَ بالوضوءِ غير المتعارف، كما في الأصلِ، وهذا يعضده الحديثُ السابقُ: ((تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)) "(شرح المشكاة 3/ 817).
وقال الصنعانيُّ: " «فَلْيَتَوَضَّأْ بَينَهُمَا وُضُوءًا» كأنه أكده؛ لأنه قد يطلق على غسل بعض الأعضاء، فأبان بالتأكيد أنه أراد به الشرعي، وقد ورد في روايةِ ابنِ خُزيمةَ والبيهقيِّ: «وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رواه مسلم"(سبل السلام 1/ 130).
وقال المباركفوريُّ: " «فَلْيَتَوَضَّأْ بَينَهُمَا»: أي: بين الإتيانين «وُضُوءًا» أي: كوُضوءِ الصلاة. وحَمَله بعضُ أهلِ العلمِ على الوضوءِ اللغويِّ، وقال: المرادُ به غسل الفرج. ورَدَّ عليه ابنُ خُزيمةَ بما رواه في هذا الحديثِ فقال: «فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ» "(تحفة الأحوذي 1/ 368).
[التخريج]:
[م 308 (واللفظ له مع الزيادة) / د 219 (والرواية له) / ت 142/ ن 267/ كن 323، 9186، 9188/ جه 574/ حم 11161/ خز 232/ حب 1205/ طي 2329/ ش 874 (واللفظ له) / عل 1164/ سمويه 35/ تفرد (تد 2/ 392) / مسن 702/ هق 999، 14203/ هقع 14040/ طح (1/ 128/ 788) / سرج 1474، 1478، 1480، 1481/ ناسخ 146 - 148/ طوسي 123/ نعيم (طب 446) / معكر 950/ لي (رواية ابن مهدي 1) / حداد 316/ مخلدي (ق 296/ ب -ق 297/ أ) / دبيثي (3/ 473)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص بن غياث (ح) وحدثنا أبو كريب، أخبرنا ابن أبي زائدة (ح) وحدثني عمرو الناقد وابن نمير، قالا: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري كلهم عن عاصم، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري به.
ثم قال مسلم -عقبه-: "زاد أبو بكر في حديثه: بَينَهُمَا وُضُوءًا".
وكذا روى هذه الزيادة
أبو داود: عن عمرو بن عون.
والترمذي: عن هناد.
كلاهما عن حفص بن غياث به.
وقال الترمذي -عقبه-: "حديثُ أبي سعيدٍ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
[تنبيه]:
قال الشافعيُّ رحمه الله في هذا المعنى: "قد رُوي فيه حديث وإن كان مما لا يَثبت مثله"، (السنن الكبير 14/ 345)، و (المحرر لابن عبد الهادي، صـ 138)، و (البدر المنير 2/ 570).
وأشارَ ابنُ رَجبٍ إلى أنه ربما يعني حديث أبي سعيد هذا، وقال:"وفي إسنادِهِ بعضُ اختلافٍ"(فتح الباري 1/ 302).
قال البيهقيُّ: "إن كان الشافعيُّ رحمه الله أرادَ هذا الحديث، فهذا إسنادُهُ صحيحٌ، ولعلَّه لم يقفْ على إسنادِهِ، ولعلَّه أراد
…
"، ثم ذكر حديثي ابن عمر وأبيه، وضَعَّفَهما، ثم قال: "وفي حديث أبي سعيد كفاية " (السنن الكبير 14/ 345 - 347).
وقال الذهبيُّ -متعقبًا البيهقي عقب إسناده لحديث ابن عمر-: "ولا بلغ الشافعي هذا؛ فإن هذا إنما ظهر بعد الشافعي بمدة"(المهذب 6/ 2765).
ونقل ابنُ حَجرٍ تضعيفَ الشافعيِّ وقال: "قال البيهقيُّ: لعلَّه لم يقفْ على إسنادِ حديثِ أبي سعيدٍ ووقفَ على إسنادِ حديثِ غيرِهِ، فقد رُوي عن عمرَ وابنِ عمرَ بإسنادين ضعيفين، ويؤيدُ هذا حديثُ أنسٍ الثابت في الصحيحين أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ
…
" (التلخيص الحبير 1/ 264).
رِوَايَةُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: «فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: ابنُ خُزيمةَ، وابنُ القطانِ، والألبانيُّ.
[الفوائد]:
قال ابن خزيمة: "باب ذكر الدليل على أن الوضوء للمعاودة للجماع كوضوء الصلاة". ثم أسند هذا الحديث (الصحيح 1/ 109)
وقال ابن حجر: " أشار ابن خزيمة إلى أن بعض أهل العلم حمله على الوضوء اللغوي فقال: المراد به غسل الفرج. ثم رَدَّهُ ابن خزيمة بما رواه من طريق ابن عيينة عن عاصم في هذا الحديث فقال: «فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ». وأظنُّ المشار إليه هو إسحاق بن راهويه، فقد نقل ابنُ المنذرِ عنه أنه قال: لا بدَّ من غسلِ الفرجِ إذا أرادَ العود"(فتح الباري لابن حجر 1/ 376).
قال السندي: "قد حمله قومٌ على الوضوءِ الشرعيِّ لأنه الظاهر، وقد جاء في رواية ابن خزيمة: «فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ». وأَوَّله قوم بغسلِ الفرجِ، وقال: إنما شُرعَ الوضوءُ للعبادةِ لا لقضاءِ الشهواتِ، ولو شُرعَ لقضاءِ الشهوةِ لكانَ الجماعُ الأولُ مثل العود ينبغي أن يُشرعَ له. والإنصافُ أنه لا مانعَ من العودِ. والجماعُ ينبغي أن يكونَ مسبوقًا بذكرِ اللهِ مثل «بِاسْمِ اللهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا» فلا مانعَ من ندبِ الوضوءِ ثانيًا تخفيفًا للجنابةِ بخلافِ الأولِ، فليتأمل. والله أعلم"(حاشية السندي على سنن ابن ماجه 1/ 205).
[التخريج]:
[حم 11227/ خز 233/ عه 864/ طش 2712/ حمد 770/ خط (4/ 390) / ذهبي (2/ 237) / سمويه 35/ سرج 1479/ طائي (ق 76/ ب)].
[التحقيق]:
الحديثُ بهذا اللفظِ رُوي من طريقِ عاصمٍ، وقتادةَ عن أبي المتوكلِ:
فأما عاصمٌ فرواه عنه جماعةٌ، وهم،
سفيان بن عيينة، واختُلف عليه:
فرواه ابن خزيمة في (صحيحه 233) عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي.
والحميدي في (مسنده 770).
كلاهما عن سفيان بن عيينة عن عاصم عن أبي المتوكل عن أبي سعيد مرفوعًا وفيه: «
…
وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ».
وخالفهما أحمد بن حنبل كما في (مسنده 11036).
والحسين بن حريث كما عند النسائي في (السنن الصغري 262، والكبرى 320).
ومحمد بن بكر كما عند ابن شاهين في (ناسخ الحديث 147).
فرووه عن سفيان بسنده، ولم يذكروا فيه: «
…
وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ».
وقد تابع سفيان على عدم ذكرها جماعةٌ أثبات فلم يذكروها كما سيأتي قريبًا.
بينما تابعه على ذكرها جماعة أيضًا، وهم:
1 -
محاضر بن مُوِّرع كما عند أحمد في (مسنده 11227)، وأبي عوانة في (المستخرج 864)، وغيرهما.
ومحاضر وإن كان من رجال مسلم، غير أن له أوهامًا كما قال الحافظ في (التقريب 6493)، بل قال أحمد:"لم يكن من أصحابِ الحديثِ، كان مغفَّلًا جدًّا"(العلل رواية ابنه عبد الله 4110).
2 -
علي بن مسهر، عند السراج في (حديثه 1479)، وعلي بن مسهر ثقة حافظ، إلا أن له غرائب بعد أن أُضر (التقريب 4800).
3 -
عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عند علي بن حرب الطائي في (حديثه ق 76/ ب) -ومن طريقه الذهبي في (معجم شيوخه 2/ 237) -.
والمحاربيُّ وَثَّقَهُ جماعةٌ من الأئمةِ، ولكن قال الساجيُّ:"صدوقٌ يهمُ"، وقال ابن سعد:"كان ثقةً، كثيرَ الغلطِ"(تهذيب التهذيب 6/ 266).
4 -
طلحة بن سنان كما عند الخطيب في (تاريخه 4/ 490).
وطلحة بن سنان، قال عنه أبو حاتم:"شيخٌ محله الصدق"(الجرح والتعديل 4/ 484)، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 326) وقال:"يُغْرِبُ".
جميعهم (سفيان بن عيينة في رواية، والمحاضر، وعلي بن مسهر، والمحاربي، وطلحة) عن عاصم به مع الزيادة.
وخالفهم جماعةٌ أعلى منهم في الحفظِ والتثبتِ، وهم:
1 -
ابن أبي زائدة، عند مسلم (308).
2 -
ومَرْوان بن معاوية الفَزَاري، عند مسلم (308).
3 -
وشعبة بن الحجاج كما عند أحمد في (مسنده 11227)، وابن خزيمة في (صحيحه 232)، وغيرهما.
4 -
وسفيان الثوري كما عند ابن شاهين في (ناسخ الحديث 148).
5 -
وعبد الله بن المبارك عند النسائي في (الكبرى 9186)، وغيره.
6 -
وجرير بن عبد الحميد كما عند أبي يعلى في (مسنده 1164)، والطوسي في (مستخرجه 123)، وغيرهما.
7 -
وعبد الواحد بن زياد كما عند ابن ماجه في (سننه 574)، وابن شاهين في (ناسخ الحديث 146)، وغيرهما.
8 -
وأبو الأحوص كما عند ابن حبان في (صحيحه 1205)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 128).
9 -
وهمام بن يحيى كما عند أبي نعيم في (المستخرج 702).
جميعهم: عن عاصم به، ليس في روايتهم زيادة:"وضوءه للصلاة".
ويضاف إليهم كذلك رواية جماعة عن ابن عيينة في عدم ذكرها.
فهذا قد يجعلُ الناقد يحكمُ بشذوذِ هذه الزيادة، وقد أعرضَ عنها الإمامُ مسلمٌ.
ولكن اتفاق من ذكرنا على ذكرها عن عاصم يؤكِّدُ أن لها أصلًا عن عاصمٍ، فلعلَّ عاصمًا كان يذكرها تارة ولا يذكرها تارة، والله أعلم.
وقد صَحَّحَها ابنُ خزيمة، وذلك بإيراده لها في الصحيح.
وقال ابن القطان الفاسي: "وترك من رواية سفيان بن عيينة عن عاصم زيادة صحيحة، وهي قوله: (وضوءه للصلاة) يعني الرجل يجامع ثم يعود قبل أن يغتسل. ورويت من غير هذا الطريق. وهذا هو الصحيح؛ فلذلك اقتصرت عليه"(بيان الوهم والإيهام 5/ 589).
وقال الشيخ الألباني: "وزاد أحمد في رواية أخرى: (وضوءه للصلاة). وإسناده .. على شرط مسلم"(صحيح أبي داود 1/ 400).
قلنا: وأما طريق قتادة عن أبي المتوكل:
فرواه الطبراني في (مسند الشاميين 2712) فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة، ثنا الهيثم بن مروان الدمشقي، ثنا مروان بن محمد الطَّاطَري، ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، به.
وإسناده ضعيف؛ فيه: سعيد بن بشير، وهو "ضعيف"(التقريب 2276).
وينفردُ عن قتادةَ بالمناكيرِ كما بَيَّنَّاهُ في غير ما موضع.
رواية بزيادة: «أَوَّلَ اللَّيْلِ وآخِرِهِ» :
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «مَنْ أَتَى أَهْلَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ مِنْ آخِرِهِ، فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَ ذَلِكَ وُضُوءًا» .
[الحكم]:
شاذٌّ بهذا اللفظِ، وسبقَ الحديثُ عند مسلمٍ ليس فيه تقييد ذلك بوقتٍ.
[التخريج]:
[كن 9187].
[السند]:
أخرجه النسائي في (الكبرى) قال: أخبرنا هارون بن إسحاق الهمداني الكوفي، عن حفص - وهو ابن غياث- عن عاصم، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد الخدري، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، غير أن حفص بن غياث قد شَذَّ فيه.
وقد خالفه جماعةٌ ثقاتٌ حفاظٌ، فرووه عن عاصمٍ بسندِهِ، ولفظه:«إذَا أَتَى أَحَدُكُم أَهلَهُ، ثُم أَرَادَ أَن يَعُودَ، فَليَتَوَضَّأْ» لم يذكرْ أحدٌ منهم تقييد ذلك بالليل. ومنهم:
ابن أبي زائدة، ومَرْوان الفَزاري، كما عند مسلم (308)، وغيره.
وسفيان الثوري كما عند ابن شاهين في (ناسخ الحديث 148).
وشعبة بن الحجاج كما عند أحمد في (مسنده 11227)، وابن خزيمة في (صحيحه 232)، وغيرهما.
وعبد الله بن المبارك عند النسائي في (الكبرى 9186)، وغيره.
وجرير بن عبد الحميد كما عند أبي يعلى في (مسنده 1164)، والطوسي في (مستخرجه 123)، وغيرهما.
وهمام بن يحيى كما عند أبي نعيم في (المستخرج 702).
وسفيان بن عيينة كما عند النسائي في (سننه 267)، وسيأتي عنه خلافٌ قريبٌ من هذا قريبًا.
زِيَادَةُ: أَنْشَطُ لِلعَوْدِ
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ فِي آخِرِهِ: «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلعَوْدِ» .
[الحكم]:
زيادةٌ شاذةٌ. وأشارَ إلى شذوذِها ابنُ حَجرٍ.
[التخريج]:
[خز 234/ حب 1206 (واللفظ له) / ك 550/ نعيم (طب 446) / هق 1000، 14204/ بغ 271/ طبسي (ق 39/ أ) نقلًا من (حاشية الطب النبوي لأبي نعيم 2/ 470 رقم 2)، و (الطب النبوي لابن طولون 1/ 110)].
[السند]:
قال ابن خزيمة: نا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم البزاز، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا شعبة، عن عاصم الأحول، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد، به.
ومداره عندهم عن مسلم بن إبراهيم به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ظاهرُهُ الصحة، إلا أن مسلم بن إبراهيم وإن كان "ثقةً مأمونًا" كما في (التقريب 6616)، فقد تفرَّدَ بهذه الزيادةِ عن شعبةَ.
وقد رَوى الحديثَ عن شعبةَ غندرٌ، كما عند أحمد (11161)، ولم يذكرْ هذه الزيادةَ، وغندرٌ من أثبتِ الناسِ في شعبةَ، قال عبد الله بن المبارك:"إذا اختلف الناس في حديث شعبة فكتاب غندر حَكَمٌ فيما بينهم"(الجرح والتعديل 1/ 271).
ومع ذلك فقد تابع غندرًا على عدم ذكر الزيادة كل من:
أبو داود الطيالسي كما في (مسنده 2329).
وخالد بن الحارث كما عند ابن خزيمة (232).
ويوسف بن يعقوب كما عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 128).
وقد روى الحديثَ عن عاصم الأحول جماعةٌ من الثقاتِ ولم يذكروا الزيادة، منهم:
1.
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، كما عند مسلم (308).
2.
مروان بن معاوية، كما عند مسلم (308).
3.
حفص بن غياث، كما عند ابن أبي شيبة في (المصنف 874)، وأبي داود (219)، والترمذي (142)، والنسائي في (الكبرى 9187).
4.
عبد الواحد بن زياد، كما عند ابن ماجه (574).
5.
ابن المبارك، كما عند النسائي في (الكبرى 9186).
6.
جرير بن عبد الحميد، كما عند أبي يعلى (1164).
7.
سفيان بن عيينة، كما عند الحميدي (770)، وأحمد (11036)، والنسائي (267).
8.
سفيان الثوري، كما في (حديث السراج 1480).
9.
محاضر بن المورع، كما عند أحمد (11227)، ومحاضر:"صدوق له أوهام" كما في (التقريب 6493).
10 ـ أبو الأحوص سلام بن سليم، كما عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 128)، وابن حبان (1205).
11 ـ علي بن مسهر، كما في (حديث السراج 1479).
ومع ذلك فقد صَحَّحَها بظاهرِ السندِ ابنُ خزيمةَ، وابنُ حِبَّانَ، وقال:"تفرَّدَ بهذه اللفظةِ الأخيرة مسلم بن إبراهيم".
وكذا قال الحافظ في (إتحاف المهرة 5/ 359).
بينما قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ، ولم يخرجاه بهذا اللفظِ، إنما أخرجاه إلى قوله: «فَلْيَتَوَضَّأْ» فقط، ولم يذكرا فيه: «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَودِ» وهذه لفظة تفرَّدَ بها شعبة عن عاصم، والتفردُ من مثلِهِ مقبولٌ عندهما".
قلنا: قد وهم الحاكم في موضعين:
الأول: قوله: "ولم يخرجاه بهذا اللفظ"، وإنما أخرجه مسلمٌ فقط، ولم يخرجه البخاري.
ولذا تعقبه ابن الملقن فقال: "وهم منه؛ فالحديثُ من أصله من أفرادِ مسلمٍ
كما قدَّمنَاه" (البدر المنير 2/ 571).
وكذا تعقبه الحافظ في (إتحاف المهرة 5/ 359).
الثاني: قوله: "تفرّد بها شعبةُ"، وتبعه البيهقيُّ فقال:"ورواه شعبة، عن عاصم الأحول وزاد فيه: «فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَودِ» "(السنن الكبير 14204)، (معرفة السنن والآثار 14041).
وقد تَبَيَّنَ مما سبقَ أن الذي تفرَّدَ بها إنما هو مسلم بن إبراهيم عن شعبة.
ولذا قال ابن حجر متعقبًا الحاكم: "والمتفرد به مسلم بن إبراهيم لا شيخه، فقد رواه غيره، عن شعبة بدونها"(إتحاف المهرة 5/ 359).
وصَحَّحَ الحديثَ أيضًا: البغويُّ في (شرح السنة 271)، وابنُ عبدِ الهادِي في (المحرر 120)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 217).
[تنبيه]:
قد ورد في ترك الوضوء للمعاود للجماع حديث عائشة رضي الله عنها وسيأتي برواياته في كتاب الغسل تحت باب "جواز نوم الجنب وأكله".
رِوَايَةُ يَتَوَضَّأُ إِذَا جَامَعَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يَتَوَضَّأُ إِذَا جَامَعَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ» .
[الحكم]:
إسنادٌ صحيحٌ، ولكن في متنه خلل؛ إذ ظاهره يفيدُ أنه يَتَوَضَّأُ مرَّتين: مرَّة قبل الجماع الأول، ومرَّة عند المعاودة، ولكن الذي يبدو أن سياقه بهذا اللفظ من خلل النساخ، والصواب أنه يَتَوَضَّأُ إذا جامعَ فأرادَ أن يعودَ.
[التخريج]:
[حم 11036].
[السند]:
رواه أحمد: عن سفيان بن عيينة، عن عاصم الأحول، عن أبي المتوكل الناجي، عن أبي سعيد، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات، ولكن في متنه خلل؛ إذ ظاهره يفيدُ أنه يَتَوَضَّأُ مرَّتين؛ مرَّة قبل الجماع الأول، ومرَّة عند المعاودةِ، ولكن الذي يبدو أن سياقه بهذا اللفظ من خلل النساخ.
وقد اختلفت نسخُ (المسند) فيه، كما ذكر محققو طبعتي الرسالة والمكنز (11193).
فوقع في بعضها: «يَتَوَضَّأُ إِذَا جَامَعَ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ» . وفي بعضها: «ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ» . وفي بعضها: «ثُمَّ إِنْ أَرَادَ» . وفي بعضها: «ثُمَّ أَرَادَ أَنْ» .
وفي أخرى: «يَتَوَضَّأُ -يَعْنِي- إِذَا جَامَعَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ» . وكذا أثبته محققو طبعة (عالم الكتب 11050)، وكذا في (أطراف المسند 6/ 352)
ولكن بلفظ (يعود) بدل (يرجع).
وكلُّ هذه الروايات تؤكِّدُ أن معناه هو معنى الروايات السابقة، في الوضوء عند المعاودة فقط، وليس عند الابتداء كما في ظاهر السياق المثبت في (طبعة الرسالة وغيرها).
وهذا هو المحفوظُ في هذا الحديثِ، كذا رواه جماعةٌ من الثقات الأثبات عن عاصم الأحول، وكذا رواه جماعةٌ عنِ ابنِ عيينةَ. والله أعلم.
* * *
1576 -
حَدِيثُ عُمَرَ
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ [عَنْ عُمَرَ]
(1)
رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَتَيْتَ أَهْلَكَ، فَأَرَدْتَ (ثُمَّ أَرَدْتَ) أَنْ تَعُودَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما تقدَّمَ. وإسنادُهُ منكرٌ، وأنكره ابنُ عَدِيٍّ، والبيهقيُّ. وَضَعَّفَهُ البوصيريُّ.
[التخريج]:
[عد (9/ 640 - 641) (واللفظ له) / هق 14205 (والرواية له)].
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا محمد بن تمام البهراني والحسين بن أبي معشر، قالا: حدثنا المسيب بن واضح، ثنا معتمر، قال: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر به.
ورواه البيهقيُّ: من طريق المسيب بن واضح به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
الأولى: المسيب بن واضح، قال أبو حاتم:"صدوقٌ، يخطئُ كثيرًا، فإذا قيلَ له لم يَقبلْ"، وقال ابن عدي: "كان النسائي حسن الرأي فيه ويقول: الناس يؤذوننا فيه، وساقَ ابنُ عَدِيٍّ له عِدَّةَ أحاديثَ تُستنكرُ ثم قال: أرجو أن
(1)
الزيادة عند ابن عدي، وفي المطبوع من (سنن البيهقي):(عن ابن عمر) ليس فيه (عن عمر)، وكذلك في (اختصار السنن) للذهبي (6/ 2765)، ولعلَّ ما عند ابن عدي هو الصوابُ، ويدلُّ عليه ما ذكره ابنُ عَدِيٍّ والبيهقيُّ عقبه، والله أعلم.
باقي حديثه مستقيم، وهو ممن يُكتبُ حديثه".
إلا أن النسائيَّ قال في (مشيخته 174): "هو عندي ضعيفٌ".
وقال الدارقطنيُّ: "ضعيفٌ"، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 204)، وقال:"وكان يخطئُ". وقال أبو عروبة: "كان لا يحدِّثُ إلا بشيءٍ يعرفه يقف عليه". وقال الساجي: "تكلموا فيه في أحاديث كثيرة" انظر (لسان الميزان 7753).
وقال الجورقاني: "كان كثيرَ الخطأِ والوهمِ"(الأباطيل 315).
وبه أعلَّه الذهبيُّ، فقال:"والمسيب ليس بمعتمد"(المهذب 6/ 2765).
وقد أخطأَ المسيبُ في هذا الحديثِ، وهي العلةُ الثانيةُ:
قال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا الحديثُ أخطأَ فيه المسيب
(1)
على المعتمر، فقال: عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر. عن عمر، وهذا أسهلُ عليه، فإنما يرويه معتمر، عن ليث، عن أبي المستهل، عن عمرَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم".
ولذا قال البيهقي: "كذا رواه المسيب بن واضح، وليس بمحفوظ". ثم أسنده من طريق أبي المستهل، عن عمر رضي الله عنه أن نبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، فَأَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ» ، وقال البيهقي:"وهذا أصح"، ثم أعلَّه بليثٍ، (السنن الكبير عقب حديث 14206).
وحديث أبي المستهل عن عمر يأتي الكلام عليه في موضعه.
(1)
في الأصل: (ابن المسيب) وهو خطأ، وقد جاء على الصواب في طبعة الرشد بتحقيق مازن السرساوي.
وقال البوصيري: "ورواه البيهقيُّ في (سننه) بسندٍ ضعيفٍ من حديثِ ابنِ عمرَ"(إتحاف الخيرة المهرة 4/ 63).
العلة الثالثة: أن الصحيحَ عن عمرَ من قولِهِ موقوفًا، كما عند ابن أبي شيبة في (المصنف 875) قال: حدثنا ابن علية، عن التيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان بن ربيعة قال:
قَالَ لِي عُمَرُ: يَا سَلْمَانُ إِذَا أَتَيتَ أَهْلَك، ثُمَّ أَرَدْتَ أَنْ تَعُودَ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ؟ قَالَ: تَوَضَّأْ بَينَهُمَا وُضُوءًا.
وهذا أصحُّ، فإن رجالَهُ ثقاتٌ محتجٌّ بهم في الصحيحِ.