المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌249 - باب الوضوء للجنب إذا أراد النوم والأكل ونحوه - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٢

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب فِي إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌228 - بَابُ الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِحْسَانِهِ

- ‌229 - بَابُ إِسْبَاغِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ

- ‌230 - بَابُ إِطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثار الوُضُوءِ

- ‌231 - بَابُ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ

- ‌232 - بَابٌ: حِلْيَةُ المُؤْمِنِ إِلَى مُنْتَهَى الوضُوءِ

- ‌233 - بَابُ أَجْرِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

- ‌234 - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌235 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيةِ الإِسْبَاغِ

- ‌أبواب أَحْكَامِ الوُضُوءِ مَعَ الصَّلَاةِ

- ‌236 - بَابٌ: الوُضُوءُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ

- ‌237 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌238 - بَابٌ: الطُّهُورُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ

- ‌239 - بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ

- ‌240 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌241 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَرْضِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْلَ الأَمْرِ

- ‌242 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ: صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ

- ‌243 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوُضُوءَ ثُلُثُ الصَّلَاةِ

- ‌244 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌245 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ تَجْدِيدِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌246 - بَابُ الوُضُوءِ لِذِكْرِ اللهِ

- ‌247 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ لِلذِّكْرِ

- ‌248 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌249 - بَابُ الوُضُوءِ لِلُجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّومَ وَالأَكْلَ وَنَحْوَهُ

- ‌250 - بَابُ الوُضُوءِ لِلمُعَاوِدِ لِلجِمَاعِ

- ‌251 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌252 - بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ البَائِلِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌253 - بَابُ الوُضُوء مِنْ حَمْلِ المَيِّتِ

- ‌254 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ

الفصل: ‌249 - باب الوضوء للجنب إذا أراد النوم والأكل ونحوه

‌249 - بَابُ الوُضُوءِ لِلُجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّومَ وَالأَكْلَ وَنَحْوَهُ

1555 -

حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ [أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ]» .

[الحكم]:

متفقٌ عليه (خ، م)، دون الزيادة فللبخاري.

[الفوائد]:

قال ابن رجب: "وقد ذهبَ أكثرُ العلماءِ إلى هذه الأحاديثِ، وقالوا: إن الجنبَ إذا أرادَ النومَ غَسَلَ ذكرَهُ وتَوضَّأَ.

وممن أمرَ بذلك: عليٌّ، وابنُ عمرَ، وعائشةُ، وشدادُ بنُ أَوسٍ، وأبو سعيدٍ الخدريُّ، وابنُ عباسٍ.

وهو قولُ: الحسنِ، وعطاءٍ، وابنِ المباركِ، ومالكٍ، والشافعيِّ، وأحمدَ، وإسحاقَ وغيرِهِم من العلماءِ. وكرهوا تركه مع القدرةِ عليه.

ومنهم مَن قالَ: هو واجبٌ ويأثمُ بتركه. وهو روايةٌ عن مالكٍ، واختارها ابنُ حَبيبٍ من أصحابِهِ. وهو قولُ طائفةٍ من أهلِ الظاهرِ.

ونقلَ مثنى الأنباري عن أحمدَ، في الجنبِ ينامُ من غيرِ أَنْ يَتَوَضَّأَ: هل ترى عليه شيئًا؟ قال: فلم يعجبه، وقال: يَستغفرُ اللهَ. وهذا يُشعرُ بأنه ذنبٌ

ص: 499

يُسْتغفَرُ منه.

ونصَّ على أنه يَتَوَضَّأُ وضوء الصلاة كاملًا، واحتجَّ بحديثِ عائشةَ:((تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).

وحكى ابنُ عبدِ البرِّ عن طائفةٍ من العلماءِ أنَّهم حملوا الوضوءَ عند النومِ للجنبِ على غسل الأذى والفرج وغسل اليدين. وهذا ترده رواية: ((تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).

ورَخَّصَ آخرون في نومِ الجُنُبِ من غيرِ وضوءٍ، منهم سعيد بن المسيب، وربيعة، وأبو حنيفة، وسفيان الثوري، والحسن بن حي، ووكيع" (فتح الباري 1/ 357 - 361).

[التخريج]:

[خ 287 (والزيادة له)، 289 (واللفظ له) / م 306/ ن 264/ كن 317، 9208، 9209، 9213 - 9215/ جه 573/ حم 4662، 5782، 6157/ خز 224/ حب 1210/ ش 682/ عه 853، 854

(1)

، 861، 862/ طس 2181/ طش 103، 710/ ليث 25/ مسن 698/ طح (1/ 127/ 775) / ك (معرفة صـ 125) / بغ 264/ خطك (صـ 407)

(1)

وقع تصحيفٌ في المطبوعِ؛ حيثُ جاءَ فيه: "حدثنا الميموني قال: ثنا محمد بن عبيد، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر. بنحوه. قال: نعم، إذا توضأ" وهذا خطأٌ واضحٌ حيثُ جعله من مسند عمر، والصوابُ ما جاءَ في ط. (الجامعة الإسلامية 854) فقال:"حدثنا الميموني قال: نا محمد بن عبيد، عن عبيد الله بإسناده قال: نعم، إذا توضأ"، وقد علَّق عليه محقق الكتاب في الحاشية فلينظر، وسوف يسنده المصنف على الصواب ح رقم (794).

ص: 500

/ تمهيد (17/ 33) / طوسي 90/ سرج 1463، 1464/ كر (46/ 18)

(1)

/ قطغ (فتح 1/ 393 - 394) / ياني (130/ أ) / نالي (صـ 35، 36) / جهم 43/ نجاد (عمر 66) / ترقف 52/ متفق (1/ 580) / علائي (فوائد 251) / كرغي (صـ 414) / عروبة (الأنطاكي 17) / فيل 73/ دائم 15/ مخلق 301/ مخلدي (188/ أ - 288/ ب)، (ق 296/ أ - 296/ ب) / حيري (ق 71/ ب) / أنباري (جزء ق 8/ أ) / صالح 1634/ بيتو 21].

[السند]:

قال البخاري (287): حدثنا قتيبة، قال: حدثنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر به.

وقال البخاري (289): حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا جويرية، عن نافع به.

وقال مسلم: حدثني محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي، وزهير بن حرب قالا: حدثنا -يحيى وهو ابن سعيد-، عن عبيد الله، (ح) وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وابن نمير، -واللفظ لهما- قال ابن نمير: حدثنا أبي، وقال: أبو بكر، حدثنا أبو أسامة، قالا: حدثنا عبيد الله، عن نافع به.

[تنبيه]:

رواه محمد بن إسحاق السراج في (البيتوتة 21): عن قتيبة، به إلا أنه

(1)

سقط عبد الله بن عمر رضي الله عنه من المطبوع، وهو مثبتٌ في حديثِ السراجِ، ط. الفاروق الحديثة، حيثُ رواه ابن عساكر من طريقه. وكذا هو مثبتٌ في الفوائد المنتخبة للمخلدي، وقد رواه عن السراج به.

ص: 501

وقعَ في المطبوع هكذا: "عن ابن عمر أنه سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ ".

فيبدو أن (عمر) سقط من الطابع أو الناسخ، فقد رواه البخاري وغيره عن قتيبة بإثباته.

رِوَايَةُ زَادَ: تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: «

تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ». وَقَالَ سَالمٌ: فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إذَا أَرَادَ أَن يَنَامَ أَو يَطْعَمَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرجَهُ وَوَجهَهُ وَيَدَيْهِ، لَا يَزيدُ عَلَى ذَلكَ.

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ، وله شاهدٌ في (الصحيحين) من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها تحكي فعلَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

[الفوائد]:

اختلفَ العلماءُ في وضوءِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ الوارد عقب الحديث، إذ كيفَ يصحُّ عنده أمر النبي بالوضوء للصلاة -أي: وضوءًا تامًّا-، ومع ذلك كان يترك غسل قدميه في الوضوء؟

فذهبَ الطحاويُّ إلى نسخِ الأمرِ بالوضوءِ؛ فقال: "ومما يدلُّ على نسخِ ذلك أيضًا أن ابنَ عمرَ رضي الله عنه قد روى ما ذكرنا، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم في جوابِهِ لعمرَ. ثم جَاءَ عنه أنه قالَ بعدَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

«إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ، وَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَو يُشْرِبَ أَو يَنَامَ، غَسَلَ كَفَّيْهِ، وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ،

ص: 502

وَغَسَلَ فَرْجَهُ، وَلَمْ يَغْسِلْ قَدَمَيْهِ» فهذا وضوءٌ غيرُ تامٍّ. وقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في ذلك بوضوء تام، فلا يكون هذا إلا وقد ثبتَ النسخُ لذلك عنه" (شرح معاني الآثار 1/ 128).

قال العينيُّ مبينًا مراد الطحاوي: "أي: من جملة ما يدلُّ على نسخِ الوضوءِ التامِّ للجنبِ إذا أراد أن يأكل: ما رُوي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: «إِذَا أَجْنَبَ الرَّجُلُ،

إلى آخره»، فإن قولَهُ هذا بعد علمه أن النبي عليه السلام أمر بالوضوء التام للجنب وذلك في جواب النبي عليه السلام لعمرَ بنِ الخطابِ لما سأله عليه السلام: أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرْقُدْ وَهُوَ جُنُبٌ» ، وفي رواية:«وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» على ما مَرَّ عن قريب في هذا الباب- يدلُّ على ثُبوتِ النسخِ عنده؛ لأن الراوي إذا روى شيئًا عن النبيِّ عليه السلام أو عَلِمه منه، ثم فعلَ أو أَفتى بخلافه يَدُلُّ على أن ذلك قد انتسخ، إذ لو لم يثبتا ذلك لما كان له الإقدام على خلافه، ثم إسناد ما رُوي عن ابن عمر صحيح" (نخب الأفكار 2/ 565).

وقد أجابَ الزرقانيُّ عن قولِ الطحاويِّ هذا؛ فقال: "جَنَحَ الطحاويُّ إلى أن المرادَ بالوضوءِ التنظيفُ، واحتجَّ بأن ابن عمر راوي الحديث وهو صاحب القصة كان يتوضأ وهو جنب ولا يغسل رجليه كما في (الموطأ).

وأجيب بأنه ثبت تقييد الوضوء بأنه كوضوء الصلاة من روايته ومن رواية عائشة كما تقدم، فيعتمد، ويُحمل ترك ابن عمر على عذر.

وقال -أيضًا-: وقد ذكر بعضُ العلماءِ أنه -أي: ابن عمر- فُدِعَ في خيبر في رجليه فكان يضره غسلهما" (شرح الزرقاني على موطأ مالك 1/ 203).

وبنحوه قال ابنُ حَجرٍ في (فتح الباري 1/ 394)، وذكر كلامَ الحافظ

ص: 503

الشوكاني وزاد: "ويُرد أيضًا بأن مخالفة الراوي لما روى لا تقدح في المروي ولا تصلح لمعارضته"(نيل الأوطار 1/ 270).

بينما أجابَ ابنُ عبدِ البرِّ بجوابٍ آخر فقال: "ولم يعجب مالكًا فعل ابن عمر، وأظنُّه أدخله -أي: في (الموطأ) عقب رواية ابن عمر عن أبيه الوارد في الصحيحين- إعلامًا أن ذلك الوضوء ليس بلازم"(الاستذكار 3/ 97).

وقال البيهقيُّ: "فِعلُ ابن عمر وهو الراوي للخبر قد يشبه أن يكون تفسيرًا الوضوء المذكور في الخبر، إلا أن عائشةَ رضي الله عنها قد روتْ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه تَوَضَّأَ وضوءه للصلاة، ووضوء الصلاة يشتمل على غسل الرجلين مع سائر الأعضاء، والله أعلم"(السنن الكبير 2/ 118).

[التخريج]:

[حم 235، 236، 4929، 4930/ عب 1097 (واللفظ له) / طح (1/ 127/ 776) / طش 2962/ حلية (7/ 326) / معقر 23/ معط 2/ أصم 651/ متشابه 1013/ ذهل (ق 37/ ب) / سمعانش 190].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) -وعنه الذهلي في (جزئه)، ومن طريقهما السمعاني في (المنتخب من معجم شيوخه) - عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر [أن عمر]

(1)

سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَنَامُ وَأَنَا

(1)

ما بين المعقوفين سقط من المطبوع، والصحيح إثباتها؛ فقد رواه محمد بن يحيى الذهلي في (جزئه ق 37/ ب) عن عبد الرزاق بإثباتها، وكذا أوردها السمعاني في (المنتخب من معجم شيوخه، صـ 500) من طريق الذهلي به. وكذا رواه البزار في (مسنده 107) من طرق عبد الرزاق، ولكن وقع فيه:"عن عمر"، ولذا علَّق محقق المصنف قائلًا:" كذا في الأصل، وقد رُوي من حديث نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر، أن عمر أو رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فلا أدري هل الناسخ أسقطه أو هكذا في هذه الرواية"(المصنف 1/ 282 حاشية رقم 1).

ص: 504

جُنُبٌ؟ فَقَالَ: «تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ»

الحديث.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات؛ ولذا قال البزارُ:"وهذا الإسنادُ من أحسن ما يُروى عن عمر من هذا الطريق"(المسند 1/ 221)، ولكن وقع السند فيه عن عمر، ولا نَراه إلا وهمًا، وسيأتي الكلامُ عليه قريبًا.

وقد رويت هذه الزيادة من طريقين آخرين عن ابن عمر رضي الله عنهما:

أما الطريق الأول: فرواه نافع مولى ابن عمر، ورواه عنه أربعة:

الأول والثاني: عبيد الله بن عمر، وأيوب:

فرواه أحمد في (المسند 235، 4929) فقال: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا عبيد الله بن عمر

(1)

، عن نافع، عن ابن عمر أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم

به.

قال أحمد (236، 4930) -عقبه-: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

وطريق أحمد الأول ضعيف؛ فيه علتان:

الأولى: أن روايةَ عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر متكلَّمٌ فيها، فقد قال

(1)

وقع في المطبوع (عبد الله بن عمر) مكبرًا، وهو تصحيفٌ، وقد أشارَ إلى ذلك محققو الكتاب، ومع ذلك أثبتوه في متن الكتاب (عبد الله)، وأثبتوه على الصواب في الموضع الثاني (4929)(عبيد الله)، وقالوا:"في (ق) عبد الله وهو خطأ". ثم ذكروا الصحيح في ذلك، فلينظر (المسند، ط. الرسالة 8/ 524 حاشية رقم 1، 2).

ص: 505

أبو داود: "قلتُ لأحمدَ في سماع عبد الرزاق، من عبيد الله فقال: قال عبد الرزاق رأيتُهُ بمكةَ وهشام بن حسان يسأله. قال أحمد: "فلَعَمري، لقد روى عنه -يعني عبد الرزاق- أحاديث غرائب" (سؤالات أبي داود لأحمد 247).

وقال ابنُ مَعينٍ: "في حديث عبد الرزاق؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عمر قميصًا". هو حديثٌ منكرٌ، ليس يرويه أحدٌ غير عبد الرزاق. قيلَ له: إن عبد الرزاق كان يُحَدِّثُ بأحاديث عبيد الله، عن عبد الله بن عمر، ثم حَدَّثَ بها عن عبيد الله بن عمر.

فقال يحيى: لم يزلْ عبدُ الرزاقِ يُحَدِّثُ بها عن عبيد الله، ولكنها كانت منكرة" (الكامل لابن عدي 5/ 311).

وذَكرَ ابنُ رَجبٍ الحنبليُّ كلام ابن معين هذا تحت باب "أصحاب عبيد الله بن عمر العمري الذين ضُعِّفوا فيه" فقال: "ومنهم جماعة من أصحاب عبيد الله بن عمر العمري، ضُعِّفَ حديثهم عنه -خاصة- فمنهم: عبد الرزاق بن همام"(شرح علل الترمذي 2/ 809).

وقد توبع عبد الرزاق متابعة لا يُفرحُ بها، فروى الخطيبُ في (تلخيص المتشابه 2/ 612) من طريق الحسن بن حماد، نا عمرو بن هاشم الجَنْبي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع به.

وفيه عمرو بن هاشم الجنبي، قال الحافظ:"لَيِّنُ الحديثِ أفرطَ فيه ابنُ حِبَّانَ"(التقريب 5126).

العلة الثانية: أن الحديث رواه عن عبيد الله ما يقارب ثلاثة عشر نفسًا، فلم يذكروا هذه الزيادة، منهم:

ص: 506

يحيى بن سعيد، وعبد الله بن نمير، وأبو أسامة. وروايتهم عند مسلم في (الصحيح 306)، وغيره.

وعبد الله بن المبارك عند النسائي في (الكبرى 9208).

وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن ماجه في (السنن 573).

ومحمد بن عبيد عند أحمد في (المسند 5782)، وأبي عوانة في (المستخرج 861)، وغيرهما.

وقد رواه غير هؤلاء الستة: بِشر بن المُفَضَّل، وعبيدة بن حميد، وعلي بن مسهر، وعبد الله بن رجاء، وغيرهم، فلم يذكروا فيه وضوءه للصلاة، ولا شَكَّ أن روايتهم أرجحُ من رواية عبد الرزاق والجنبي. والله أعلم.

فأما الطريق الثاني عند أحمد؛ فرجاله ثقات -أيضًا- غير أن روايةَ معمرٍ عن البصريين متكلَّمٌ فيها، وأيوب بصري. وقد قال حماد بن زيد:"كان يختلفُ إلى أيوبَ جماعةٌ، فخرج واحد إلى اليمن -يعني معمرًا-، فحَدَّثَ عن أيوبَ بأحاديثَ، كأنه ليس من حديث أيوب"(العلل لابن أبي حاتم 4/ 255).

وقد خولف معمرٌ في متنِ هذا الحديث وسنده:

أما المتنُ: فقد خالفه وهيب بن خالد، فرواه عن أيوبَ بسندِهِ، لم يذكرْ فيه هذه الزيادة، وجعلَ الحديثَ من مسند عمر لا ابنه عبد الله.

وقد أخرجَ هذه الرواية: النسائيُّ في (الكبرى 9211)، والبزارُ في (مسنده 131)، وغيرهما.

وأما السندُ: فقد خالفه إسماعيل بن عُليةَ وحماد بن زيد، فرويَاه عن أيوبَ

ص: 507

عن أبي قلابة ونافع، أَنَّ عُمَرَ اسْتَفْتَى رَسُولُ اللَّهِ

الحديث فأرسلاه.

أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 677)، والطبرانيُّ في (الكبير 13/ 297/ 14077) ولكن جاءَ في روايةِ الطبرانيِّ أنَّ ابنَ عُمَرَ اسْتَفْتَى. فجعله من مسندِ ابنِ عُمَرَ، وقد ذكره الدارقطنيُّ فقال: "واختُلفَ عن أيوبَ، وابنِ عون، فقال معمرٌ، وحمادُ بنُ زيدٍ، وابنُ عُلَيَّةَ، من روايةِ القواريريِّ عنهما، عن أيوبَ، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عُمرَ، أن عُمرَ.

وأرسلَهُ أصحابُ حماد بن زيد غير القواريري، فرووه عن أيوب، عن نافع، أن عمر.

وقال لُوَيْن: عن حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، ونافع، عن ابن عمر

أن عمر كما قال القواريري" (العلل 2/ 36).

ورواية حماد وإسماعيل على الإرسالِ أرجح، فحماد وإسماعيل من أثبتِ الناسِ في أيوبَ، وقال سليمان بن حرب:"حماد بن زيد في أيوب أكبر من كلِّ من رَوى عن أيوبَ".

وقال يحيى بن معين: " ليس أحدٌ أثبت في أيوبَ من حماد بن زيد"، وقال يحيى -أيضًا-:"إذا اختلف إسماعيل بن علية، وحماد بن زيد في أيوب، كان القول قول حماد"، قيل ليحيى: فإن خالفه سفيان الثورى؟ قال: "فالقولُ قول حماد بن زيد في أيوب". قال يحيى: "ومن خالفه من الناس جميعًا في أيوبَ فالقول قوله"، وكذا قال النسائيُّ وابنُ عَدِيٍّ وغيرهما، انظر (شرح علل الترمذي 2/ 699 - 700).

قلنا: فكيف وقد اجتمعَ حماد وإسماعيل على إرساله؟ !

ص: 508

الثالث: الليث بن سعد:

رواه أبو نعيم في (الحلية 7/ 326) فقال: حدثنا أبو بكر بن خَلَّاد، حدثنا الحارث بن أبي أسامة، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، حدثنا الليث بن سعد، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّ عمرَ سَأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

قال أبو نعيم: "مشهورٌ ثابتٌ من حديثِ الليثِ".

قلنا: أما أنه ثابت من حديث الليث فنعم، ولكن بغير هذه الزيادة، فقد أخرج رواية الليث هذه البخاري في (صحيحه 287)، وغيره عن قتيبة بن سعيد عن الليثِ بسندِهِ بدونها.

وتابعَ قتيبةَ القعنبيُّ كما عند ابنِ حِبَّانَ في (صحيحه 1215)، وكذا تابعهما العلاء بن موسى أبو الجهم كما في (جزئه 43).

فرووه ثلاثتُهُم (قتيبة، والقعنبي، وأبو الجهم) عن الليثِ بسنده فلم يذكروها، وروايتهم أرجحُ، ولعلَّ الوهم فيها من الحارث أو ابن خلاد، والله أعلم.

الرابع: محمد بن إسحاق، كما رواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 127) فقال: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد:«وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

وهذا إسنادٌ حسنٌ، من أجل محمد بن إسحاق؛ ولذا قال العينيُّ:"إسنادُهُ حسنٌ جيدٌ"(نخب الأفكار 2/ 555).

غير أن ابنَ إسحاقَ قد تُكلِّم في بعضِ زياداته على المتونِ، فقال الذهبيُّ:

ص: 509

"ما انفردَ به ففيه نكارة"(ميزان الاعتدال 3/ 475). وقال عنه أيضًا: "وأما في أحاديث الأحكام، فينحط حديثه فيها عن رتبةِ الصحةِ إلى رتبةِ الحسنِ، إلا فيما شذَّ فيه، فإنه يُعَدُّ منكرًا"(سير أعلام النبلاء 7/ 41).

ولابنِ إسحاقَ فيه وهم آخر، وذلك أنَّ الحديثَ عند الإمامِ أحمدَ في (مسنده 94) من طريق إبراهيم بن سعد، وفي (306) عن يزيد بن هارون، كلاهما رواه عن ابن إسحاق بسنده، ولكن جعله من مسند عمر، وهذا يدلُّ على عدم ضبط ابن إسحاق له، والله أعلم.

وأما الطريق الثاني فيمن روى هذه الزيادة عن ابن عمر:

فرواه أبو أميةَ الطرسوسيُّ في (مسند عمر) فقال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن عطية، عن ابن عمر، قال: سَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْجُنُبِ يُرِيدُ أَنْ يَنَامَ، قَالَ:«يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» ، وكان ابنُ عمرَ إذا أرادَ أن يطعمَ يتوضأ.

ورواه إسماعيل الصفار في (السادس من حديثه)

(1)

عن علي بن سهل بن المغيرة البزاز قال: حدثنا عبيد الله بن موسى بنحوه.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ عطية هو ابن سعد العوفي: "صدوقٌ، يُخطئُ كثيرًا، وكان شيعيًّا مدلسًا"(التقريب 4616).

والراوي عنه هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: "صدوقٌ، سيءُ الحفظِ جدًّا"(التقريب 6081).

(1)

سقط من المطبوع "سَأَلَ عُمَرُ"، والصوابُ إثباته، كما في مسند عبد الله بن عمر، لأبي أميةَ الطرسوسي وبقية مصادر التخريج.

ص: 510

قلنا: وهذه الزيادةُ قد وردتْ عند البخاريِّ (288)، ومسلمٍ (305) من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» واللفظُ لمسلمٍ.

رِوَايَةُ: مَا عَدَا قَدَمَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ مَا عَدَا قَدَمَيْهِ» . قَالَ: "فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَو يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَكَفَّهُ وَوَجْهَهُ وَيَدَيْهِ".

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دونَ قولِهِ: «مَا عَدَا قَدَمَيْهِ» ، فالصحيحُ: أنها من فعلِ ابنِ عمرَ رضي الله عنه موقوفًا عليه.

[التخريج]:

[حميد 750].

[السند]:

رواه عبد بن حميد عن عبد الرزاق، عن عبيد الله العمري، عن نافع، عن ابن عمر به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وإن كان رجاله ثقات، فقد ضُعِّفَ عبد الرزاق في عبيد الله العمري خاصة، كما ذكرناه آنفًا.

وقوله: «مَا عَدَا قَدَمَيْهِ» الصحيحُ فيها أنَّها من فعل عبد الله بن عمر. وقد

ص: 511

رواه عبد الرزاق نفسه (1088): عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، أنه سَأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: هَلْ يَنَامُ أَحَدُنَا أَو يَطْعَمُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ فقال: «نَعَمْ، يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» . قال نافعٌ: فَكَانَ ابنُ عُمرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ مَا خَلَا رِجْلَيْهِ.

ثم قال: عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر نحوه.

غير أن عبد الرزاق زادَ في سؤالِ عمرَ للنبيِّ: ((أَو يَطْعَمُ)) ونراه -أيضًا وهمًا-، فقد رواه أحمد في (المسند 4929) عن عبد الرزاق بما تَقَدَّمَ ليس فيه هذه اللفظة، وسيأتي لها بحثٌ مستقلٌ إن شاء الله.

وقد رواه أبو عوانة في (المستخرج 862) -أيضًا- فقال: حدثنا السلمي، والدبَري، عن عبد الرزاق بنحوه. ليس فيه زيادة:«مَا عَدَا قَدَمَيْهِ» ولا قول عمر في السؤال: ((أَو يَطْعَمُ)).

وروى الحديثَ غيرُ عبدِ الرزاقِ أربعة عشر نفسًا عن عبيد الله، لم يذكرْ أحدٌ منهم هذه الزيادة، وهم:

- يحيى بن سعيد، وعبد الله بن نمير، وأبو أسامة عند مسلمٍ (306)، وغيره.

- عبد الله بن المبارك كما عند النسائي في (الكبرى 9208).

- محمد بن عبيد كما عند أحمد في (المسند 5782)، وأبي عوانة في (المستخرج 861).

- عبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن ماجه في (السنن 573).

- خالد بن الحارث عند النسائي في (الكبرى 9209).

ص: 512

- عبيدة بن حميد كما عند أحمد في (المسند 105)، والنسائي في (الكبرى 9206).

- بِشر بن المفضل عند أبي علي اللحياني في (حديثه ق 130/ أ).

- عبدة بن سليمان، وحماد بن مسعدة، وعبد الله بن رجاء، وعلي بن مسهر، عند المخلدي في (الفوائد المتخبة، ق 288/ أ-ب).

- عمرو بن هاشم الجنبي كما عند الخطيب في (تلخيص المتشابه 2/ 612).

فرووه جميعًا عن عبيد الله بن عمر بسنده قال عمر: ((يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» واللفظُ لمسلمٍ، وبقية ألفاظهم متقاربة.

بل رواه عبد الرزاق على الصوابِ موافقًا لهم، كما سبقَ وبَيَّنَّا.

ص: 513

رِوَايَةُ: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ذَكَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«تَوَضَّأْ، وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ» .

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[الفوائد]:

قال ابنُ عبدِ البرِّ: "في حديثِ مالكٍ هذا: «تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ»، وهذا محتملٌ للتقديمِ والتأخيرِ، كأنَّه قال: اغْسِلْ ذَكَرَكَ، وَتَوَضَّأْ، ثُمَّ نَمْ. ويحتملُ أن يكونَ لما كان الوضوءُ للجُنُبِ لا يرفعُ له الحدث عنه لم يبالِ أكان غسل ذكره قبل أو بعد لأنه ليس بوضوء ينقضه الحدث؛ لأن ما هو فيه من الجنابة أكثر من مس ذكره. وجملة القول في هذا المعنى أن الواو لا توجب رتبة ولا تعطي تعقيبًا"(التمهيد 17/ 35)

[التخريج]:

[خ 290 (واللفظ له) / م 306/ د 221/ ن 265/ كن 318، 9204، 9205/ طا 118/ حم 5314/ حب 1208، 1209/ بغ 263/ هق 979، 14208/ هقع 1516، 1518/ حل (7/ 332) / سرج 1467/ تمهيد (17/ 33) / سبكي (1/ 186، 185) / وعاة 29/ جع 19/ علائي (فوائد 146) / مطغ 463/ مخلدي (ق 296/ ب) / إمام (3/ 81، 82)].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن

ص: 514

عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، به.

وقال مسلم: وحدثني يحيى بن يحيى، قال: قرأتُ على مالكٍ، عن عبد الله بن دينار، به.

رِوَايَةُ ثُمَّ لِيَنَمْ حَتَّى يَغْتَسِلَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «

نَعَمْ، لِيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لْيَنَمْ حَتَّى يَغْتَسِلَ إِذَا شَاءَ»

[قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، صَبَّ عَلَى يَدِهِ مَاءً، ثُمَّ غَسَلَ فَرْجَهُ بِيَدِهِ الشِّمَالِ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الَّتِي غَسَلَ بِهَا فَرْجَهُ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ وَنَضَحَ فِي عَيْنَيْهِ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ نَامَ. وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ شَيْئًا وَهُوَ جُنُبٌ فَعَلَ ذَلِكَ].

[الحكم]:

صحيح (م) دون الزيادة، فلغيره، وهي صحيحةٌ.

[التخريج]:

[م 306 (واللفظ له) / عه 851، 852/ عب 1086 (والزيادة له ولغيره) / هق 9211/ مسن 699/ سرج 1461، 1462/ مخلدي (ق 296/ أ)].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني نافع، عن ابن عمر، به.

ص: 515

تخريج الزيادة الموقوفة:

رواه عبد الرزاق في (المصنف 1086) -ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 987) - عن ابن جريج قال: أخبرني نافع

قال: وكان عبد الله بن عمر، به.

وإسنادُهَا صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ.

رِوَايَةُ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَغْسِلَ

• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: ((فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ، وَيَغْسِلَ ذَكَرَهُ، ثُمَّ يَنَامَ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بما سبقَ.

[التخريج]:

[جع 19].

[السند]:

رواه إسماعيل بن جعفر في (حديثه- رواية علي بن حجر عنه) قال: حدثنا عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر، يقول: ذكر عمر

الحديث.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أن الحديثَ محفوظٌ من هذا الطريقِ دونَ قولِهِ:"وضوءه للصلاة"، فقد تفرَّد به عليُّ بن حُجْرٍ عن إسماعيل بن جعفر، وخالفه غيره.

ص: 516

فرواه ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه 1209) من طريق يحيى بن أيوب المقابري.

والسراج في (حديثه 1467) عن أبي عمر حفص بن عمر الضرير.

والعلائي في (إثارة الفوائد 146) من طريق محمد بن زنبور.

ثلاثتهم (المقابري، والضرير، ومحمد بن زنبور) عن إسماعيل بن جعفر به دون قوله: "وضوءه للصلاة".

وتابع إسماعيلَ بن جعفر جماعةٌ، فلم يذكروها، وهم:

مالك بن أنس، كما عند البخاري (290)، ومسلم (306).

صالح بن قدامة، كما عند النسائي في (الكبرى 9205).

الحسن بن صالح، كما في (الحلية 7/ 332) لأبي نعيم.

نعم، صَحَّ ذكرُها في الحديثِ من طريقٍ آخر بسياقةٍ أخرى كما سبقَ.

ص: 517

رِوَايَةُ اغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: "سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تُصِيبُنِي الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَ: «اغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ ثُمَّ ارْقُدْ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: "

فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ [وَيَرْقُد]».

[الحكم]:

صحيحٌ. وصَحَّحَهُ: ابنُ خُزيمةَ، وابنُ حِبَّانَ، والعينيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[كن 9212/ حم 359 (بلفظ الرواية الأولى)، 5190 (بلفظ الرواية الثانية)، 5442، 5497، 5056، 5967 (والزيادة له ولغيره) / مي 775/ خز 227/ حب 1207/ عه 856/ طي 17، 1990/ سرج 1469/ طح (1/ 127/ 778) / هق 14209/ حرب (طهارة 239) / عراق 13/ آجر (فوائد/ مخطوط ق 100/ أ) / ثوري 179/ مخلدي (ق 296/ ب) / تمهيد (17/ 35) / كر (43/ 502) / صلاة 49/ لا 1515/ فيري (ق 30/ أ)].

[السند]:

أخرجه بالسياقة الأُولى: أحمدُ في (المسند 359)، والطيالسيُّ في (مسنده 17، 1990)، وابنُ خُزيمةَ في (صحيحه 227)، وابنُ حِبَّانَ في (صحيحه 1207)، وغيرُهُم، من طرقٍ عن شعبةَ عن عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ، قال: سمعتُ ابنَ عمرَ، به.

ورواه بالسياقةِ الأخرى: أحمدُ في (المسند 5190)، والدارميُّ في (مسنده 775)، والطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 127)، وغيرُهُم من

ص: 518

طرقٍ عن سفيانَ -أي: الثوري-، حدثنا عبد الله بن دينار، سمعتُ ابنَ عمرَ به.

ورواه أحمدُ في (مسنده 5442) فقال: حدثنا عفان، حدثنا عبد العزيز بن مسلم، حدثنا عبد الله بن دينار، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ بالسياقتين صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ؛ ولذا صَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ، وابنُ حِبَّانَ. وقال العينيُّ:"إسنادُهُ صحيحٌ"(نخب الأفكار 2/ 555).

قلنا: وقد رُوي -أيضًا- من طريق نافع مولى ابن عمر، فرواه النسائيُّ في (الكبرى 9212)، والدولابيُّ في (الكنى والأسماء 1515)، وابنُ عساكر في (تاريخ دمشق 43/ 501)، وغيرهم، من طرق عن الأوزاعي قال: حدثني أسامة بن زيد، قال: حدثني نافع، قال: حدثني عبد الله بن عمر، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأَ.

وإسنادُهُ ضعيفٌ، فيه: أسامةُ بنُ زيدٍ الليثيُّ، متكلَّمٌ فيه، وخاصة في روايتِهِ عن نافعٍ، قال أحمدُ:"روى أسامةُ بنُ زيدٍ عن نافعٍ أحاديث مناكير". قال ابنُهُ عبدُ اللهِ: قلتُ له: إنَّ أسامةَ حسن الحديث. قال: "إن تدبرتَ حديثَهُ، فستعرفُ النُّكرةَ فيها"(العلل 1428).

ص: 519

رِوَايَةُ وَليطْعَمْ إِنْ شَاءَ

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ، وَيَطْعَمُ إِنْ شَاءَ)).

وَفِي لَفْظٍ: ((لِيتَوَضَّأْ وَلْيَنَمْ وَلْيَطْعَمْ إِنْ شَاءَ)).

[الحكم]:

شَاذٌّ بهذا السياقِ، وأشارَ إلى شُذوذه ابنُ رَجبٍ.

[التخريج]:

[حمد 672 (واللفظ له) / جا 95 (والرواية له) / عدني (نخب 2/ 556) / تمهيد (17/ 36) / سرج 1468/ معكر 704/ زاهر (سباعيات 88/ ب) / مخلدي (ق 296/ ب)].

[السند]:

قال الحميديُّ: ثنا سفيان قال: ثنا عبد الله بن دينار، أنه سمع ابن عمر يقول: «سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ

» فَذَكَرَهُ.

ورواه ابنُ الجارودِ في (المنتقى) قال: حدثنا عبد الله بن هاشم، ومحمود بن آدم، قالا: ثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، به.

ومداره عندهم على سفيان بن عيينة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقات رجال الشيخين.

ولذا قالَ ابنُ عساكر عقبه: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

وَصَحَّحَهُ مغلطايُ في (شرح ابن ماجه 2/ 374).

ولكن فاتهما أن ابنَ عيينةَ شَذَّ، وزادَ فيه:"وليطعم إن شاء"، فقد رواه عن عبد الله بن دينار جماعة غير ابن عيينة ولم يذكروها، منهم:

ص: 520

1 -

مالك في (الموطأ)، ومن طريقه البخاري (290)، ومسلم (306/ 25)، وغيرهما.

2 -

وسفيان الثوري، عند أحمد (5190، 5967)، والدارمي (775)، وغيرهما.

3 -

وشعبة بن الحجاج، عند أحمد (359، 5056، 5497)، وابن خزيمة (227)، وابن حبان في (صحيحه 1207)، وغيرهم.

4 -

وإسماعيل بن جعفر كما عند ابن حبان في (صحيحه 1209)، والسراج في (حديثه 1467)، وغيرهما.

5 -

وعبد العزيز بن مسلم، عند أحمد (5442).

6 -

وصالح بن قدامة، عند النسائي في (الكبرى 9205).

7 -

والحسن بن صالح، عند أبي نعيم في (الحلية 7/ 332).

سبعتهم: (مالك، والثوري، وشعبة، وإسماعيل بن جعفر، وعبد العزيز، وابن قدامة، والحسن بن صالح) عن عبد الله بن دينار به، دون هذه الزيادة.

ولابن عيينة في هذا الحديث ألفاظ أخر تدلُّ على أنه لم يتقنْ هذا الحديث جيدًا:

فقد رواه ابن خزيمة في (صحيحه 225) عن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن ابن عيينة بسنده، وقال فيه:«إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» لم يذكر فيه الإطعام.

ورواه أحمد (165) عن ابن عيينة بسنده، ولكن جعله من مسند عمر،

ص: 521

وفيه: «يَتَوَضَّأُ وَيَنَامُ إِنْ شَاءَ» . قال الإمام أحمد: وقال سفيان مرة: «لِيَتَوَضَّأْ وَلِيَنَمْ» .

ورواه ابن عيينة بلفظ آخر مخالف للجميع كما عند ابن خزيمة في (الصحيح 224)، وابن حبان في (الصحيح 1211) فقال فيه:«يَنَامُ وَيَتَوَضَّأُ إِنْ شَاءَ» .

وكل هذا يدلُّ على عدم إتقان ابن عيينة لهذا الحديث؛ ولذا أشارَ الحافظُ ابنُ رَجبٍ إلى شذوذه فيه، فقال:"وهذه الزياداتُ لا تُعرفُ إلا عنِ ابنِ عيينةَ"(فتح البارى 1/ 357).

ص: 522

رِوَايَةُ أَو يَطْعَمُ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((

هَل يَنَامُ أَحَدُنَا أَو يَطْعَمُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ، يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» . قَالَ نَافِعٌ: فَكَانَ ابنُ عُمَرَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، مَا خَلَا رِجْلَيْهِ)).

[الحكم]:

صحيحٌ دون قوله في السؤال: «أو يطعم» فشَاذٌّ.

[التخريج]:

[عب 1083 (واللفظ له) / منذ 593].

[السند]:

رواه عبد الرزاق -ومن طريقه ابن المنذر-: عن عبيد الله

(1)

بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن

(2)

عمر سأل

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ بالرغم من ثقةٍ رجالِهِ؛ فقد ضُعِّفَ عبد الرزاق في عُبيدِ اللهِ العُمَريِّ خاصة كما تقدم بيانُهُ قريبًا.

والحديثُ قد رواه عن عبيد الله أربعة عشر نفسًا، لم يقلْ أحدٌ منهم في سؤال

(1)

وقع في المطبوع من مصنف عبد الرزاق: عبد الله. وهو تصحيف ظاهر.

والصوابُ ما أثبتناه، وجاء على الصواب في (ط. العلمية 1/ 214)، وهو كذلك في الأصل (المجلد الأول 45/ أ)، و (الأوسط) لابن المنذر.

(2)

وقع في المطبوع من المصنف: "عن عمر"، وكذا في الأصل (المجلد الأول 45/ أ)، ولعله خطأ من الناسخ، والصواب ما أثبتناه كما في (الأوسط) لابن المنذر، وكذا رواه أحمد في (المسند 4929) عن عبد الرزاق به، وعزاه السيوطي لعبد الرزاق فقال: "أن عمر سأل

" (جمع الجوامع 21/ 75).

ص: 523

عمر: "أو يطعم" وهم:

- يحيى بن سعيد، وعبد الله بن نمير، وأبو أسامة عند مسلم (306)، وغيره.

- عبد الله بن المبارك كما عند النسائي في (الكبرى 9208).

- محمد بن عبيد كما عند أحمد في (المسند 5782)، وأبي عوانة في (المستخرج 861)، وغيرهما.

- عبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن ماجه في (السنن 573).

- خالد بن الحارث عند النسائي في (الكبرى 9209).

- عبيدة بن حميد كما عند أحمد في (المسند 105)، والنسائي في (الكبرى 9206).

- بشر بن المفضل عند أبي علي اللحياني في (حديثه ق 130/ أ).

- عبدة بن سليمان، وحماد بن مسعدة، وعبد الله بن رجاء، وعلي بن مسهر، عند المخلدي في (الفوائد المتخبة، ق 288/ أ-ب).

- عمرو بن هاشم الجنبي كما عند الخطيب في (تلخيص المتشابه 2/ 612).

فرووه جميعًا عن عبيد الله بن عمر بسنده، قال عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» واللفظُ لمسلمٍ.

ولعلَّ الوهم فيه من الدبري راوي المصنف؛ لأن أحمدَ قد رواه (4929) عن عبد الرزاق على الصواب، وكذلك عند المخلديِّ في (الفوائد المنتخبة) حيث قَرَنَ عبد الرزاق برواية الجماعة المتقدم ذكرهم عنده، وعند أبي عوانة

ص: 524

في (المستخرج 862) قال: حدثنا السلمي، والدبري، عن عبد الرزاق، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قال:«نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ» .

ومما يدلُّ على ذلك أيضًا أن الدبريَّ ساقَ بعد رواية عبيد الله هذه رواية عبد الرزاق عن معمر به ولم يسقْ مَتْنَهُ وقال: "نحوه"، وهذه الرواية بعينها قد ساقها أحمدُ أيضًا عقب رواية عبيد الله وقال:"مثله"(مسند أحمد 4930).

فالذي لا ينتبه لهذا يظنُّ أن روايةَ عُبيدِ اللهِ عند عبد الرزاق قد تابعه عليها معمر، وإنما تابعه معمر على اللفظ المحفوظ في الحديث كما خرَّجه أحمد.

ص: 525

رِوَايَةُ فيها إبهام السائل

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ. والسائلُ هو عمرُ، كما سبقَ في (الصحيحين).

[التخريج]:

[هق 980].

[السند]:

رواه البيهقيُّ في (السنن 980) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو عثمان سعيد بن محمد بن عبدان، وأبو محمد بن أبي حامد المقرئ قالوا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الحسن بن علي بن عفان، حدثنا محمد بن عبيد، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، به.

[التحقيق]:

هذا سندٌ صحيحٌ، رجاله ثقات. والسائلُ هو عمرُ رضي الله عنه، كما سبقَ في (الصحيحين).

ولذا قال البيهقيُّ عقبه: "مخرجٌ في (الصحيحين) مع تسمية عمر بن الخطاب في السؤال".

قلنا: وقد رواه أحمد في (المسند 5782)، وأبو عوانة في (المستخرج 861)، وغيرهما: عن محمد بن عبيد فسَمَّاهُ موافقًا لرواية الجماعة.

ص: 526

رِوَايَةُ ابنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجْنَبَ

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجْنَبَ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ، فَقَالَ:«يَتَوَضَّأُ وَيَرْقُدُ» .

[الحكم]:

شَاذٌّ بهذا السياقِ، والمحفوظُ أن عمرَ كَانَتْ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ، فسَأَلَ عن ذلك لنفسه.

[التخريج]:

[سرج 1465، 1466/مخلدي (296/ ب)].

رواه السراجُ في (حديثه) -ومن طريقه المخلديُّ- قال: حدثنا عمر بن شبة، ثنا عبد الملك بن الصباح، (ح) وثنا أبو الأشعث، ثنا زياد البكائي، ثنا ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، زياد البكائي وإن كان قد تُكلِّم فيه، فقد تابعه عبد الملك بن الصباح المِسمعي وكان صدوقًا (التقريب 4186).

غير أنهما قد خولفا فيه، فقد روى الحديثَ الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 127) فقال: حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا سعيد بن سفيان الجَحْدري، قال: ثنا ابن عون، عن نافع، عن ابن عمر، رضي الله عنه به ولم يَسُقْ مَتْنَهُ، وقال: مثله، يقصدُ بذلك ما رواه في أول الباب أن عمر رضي الله عنه قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قال:«نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ» .

فلم يرد في روايته هذه أن ابنَ عمرَ هو مَن وقعتْ منه الجنابةُ، بل جاءَ عند الشيخين وغيرهما من رواية ابن دينار عن ابن عمر، أن عمرَ كَانَتْ تُصِيبُهُ

ص: 527

الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَسَأَلَ عن ذلك. وقد تَقَدَّمَ تخريجُهُ قريبًا.

بل قد خولف البكائي وعبد الملك وسعيد بن سفيان في وصله من طريق ابن عون، فروى النسائيُّ الحديثَ في (الكبرى 9210) فقال: أخبرنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد -وهو ابنُ زريع- قال: حدثنا ابن عون، عن نافعٍ قال: أَصَابَ ابنَ عُمَرَ جَنَابَةٌ، فَأَتَى عُمَرَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَأَتَى عُمَرُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْمَرَهُ، فَقَالَ:«يَتَوَضَّأُ وَيَرقُدُ» .

وهذه الروايةُ المرسلةُ هي الأصحُّ على ابن عون، فالراوي عنه يزيد بن زريع، ذكره الدارقطنيُّ ضمنَ أصحاب أصحاب ابن عون الرفعاء (سؤالات ابن بكير للدارقطني 36).

بل قال فيه يحيى بن سعيد القطان: "لم يكن ها هنا أحدٌ أثبتُ من يزيد بن زُريع".

وقال أحمد بن حنبل: "إليه المنتهى في التثبتِ بالبصرةِ"، وقال:"كان ريحانة البصرة "(تهذيب الكمال 22/ 127).

وقال الدارقطنيُّ في (العلل 95): وأما حديثُ ابن عون فرواه عبد الملك بن الصباح وزياد البكائي، فذكرا فيه ابن عمر، وتابعهما معتمر.

وخالفهما يزيد بن زريع، وسليم بن أخضر، وأشهل بن حاتم، والنضر بن شُميل، فرووه عن ابن عون، عن نافع، أن عمر مرسلًا " اهـ.

فروايتُهُ مقدمةٌ بلا شَكٍّ في ابنِ عَونٍ، وقد تابعه جماعة على الارسال كما قال الدارقطني، غير أن هذا اللفظ هو من ابن عون نفسه، حيثُ اختلف فيه كما سبقَ، وقد قال الدارقطنيُّ في حديثٍ اختلف عليه:"والخلافُ فيه من قِبل ابن عون؛ لأنه كان كثير الشك"(العلل 15/ 72).

ص: 528

وقد خالف ابن عون جماعة عن نافع لم يذكروا أن الجنابة وقعت من ابن عمر، بل في روايتهم ما يُشعر بأن عمر هو نفسه الذي حَدَثَ له الفعل، من ذلك رواية عبيد الله بن عمر عند مسلم (306)، وغيره.

والليثُ بنُ سَعْدٍ عند البخاري (287)، وغيره.

وكذا -عنده- رواية جويرية بن أسماء (289)، وعند مسلم (306) -أيضًا- رواية ابن جريج.

وقد رواه غيرهم ما يقارب الثمانية، فلم يذكروا هذا اللفظ، وجاء في رواية عبد الله بن دينار من رواية مالك عند الشيخين، والثوري وشعبة عند أحمد وغيره- التصريح بأن عمر هو الذي كانت تصيبه الجنابة، فسأل عن نومه جنبًا.

ص: 529

رِوَايَةُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: قُلْتُ (قُلْنَا) يَا رَسُولَ اللهِ أَيَرقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ [وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ]» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، إلا أن المحفوظَ أن القائلَ هو عمرُ رضي الله عنه كما سبقَ في (الصحيحين)، وكذا قال العراقيُّ.

[التخريج]:

[حنائي 39 (واللفظ له) / نرسي (كوفيين 14) (والزيادة له) / طيو 1069 (والرواية له) /كر (33/ 200)].

[التحقيق]:

جاءَ الحديثُ بنسبةِ السؤالِ إلى ابنِ عمرَ من طرقٍ:

الأول:

رواه الحنائيُّ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن الوليد بن الحكم السلمي -المعروف بابن أبي الحديد- قراءة عليه وأنا أسمع قال: أبنا أبو العباس محمد بن جعفر بن محمد بن هشام بن ملاس قال: ثنا أبو جعفر محمد بن عمرو السوسي قال: ثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر، به.

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: أبو جعفر محمد بن عمرو السوسي، قال العقيليُّ:" كان بمصر، كان يذهبُ إلى الرفضِ، وحَدَّث بمناكير"(الضعفاء له 4/ 111).

وقد أخطأَ في متنه، حيثُ أسندَ السؤالَ إلى ابنِ عمرَ. وقد رواه مسلم في

ص: 530

(صحيحه) من طريق عبد الله بن نمير، وغيره عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أَنَّ عُمَرَ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» فأسندَ السؤالَ إلى عمرَ رضي الله عنه.

ومع ذلك قال النَّخْشَبِيُّ: "هذا حديثٌ صحيحٌ

وهو صحيحٌ من حديثِ أبي هشامٍ عبدِ اللهِ بنِ نُميرٍ الهمدانيِّ عن عُبيدِ اللهِ.

أخرجه مسلم بن الحجاج عن ابنه أبي عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن نمير عن أبيه".

قلنا: إنما أخرجه مسلم بالإسناد المذكور عن ابن عمر، أن عمر

فذكر الحديث كما تقدم.

قلنا: وقد توبع السوسي متابعة قاصرة لا يُفرحُ بها كثيرًا، كما في

الطريق الثاني:

رواه أبو الغنائم النَّرْسيُّ فقال: حدثنا محمد بن إسحاق بن محمد الفارسي، أخبرنا علي بن عبد الرحمن البكائي، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أبو نعيم ضِرار بن صُرَد حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر به.

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، فيه: أبو نعيم ضرار بن صرد، قال البخاريُّ وغيرُهُ:"متروك"، وكَذَّبه يحيى بن معين. (ميزان الاعتدال 2/ 327).

الطريق الثالث:

رواه الطيوريُّ من طريق أبي العباس أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى المعدل، حدثنا أبو الفوارس أحمد بن محمد بن السندي، حدثنا أبو أمية

ص: 531

محمد بن إبراهيم بن مسلم، حدثنا خالد بن مخلد القطواني، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قلنا:

الحديث.

وهذا سندٌ واهٍ، فيه: أبو الفوارس أحمد بن محمد بن السندي، ضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ كما في (لسان الميزان 812)، وقال الذهبيُّ في (تاريخ الإسلام 7/ 872)، :"لا يُحتجُّ به". وقال (الميزان 1/ 152): "صدوقٌ إن شاءَ اللهُ، إلا أَني رأيتُهُ قد تفرَّد بحديثٍ باطلٍ عن محمد بن حماد الطهراني، كأنه أُدخل عليه".

قلنا: ومما يدلُّ على وهمه -هو أو مَن دونه- في حديثنا هذا أنه قد رواه ابن عبد البر في (التمهيد 17/ 33)، عن خلف بن قاسم عن أحمد بن محمد بن الحسين عن محمد بن إبراهيم أبي أمية الطرسوسي عن خالد بن مخلد القطواني به، وفيه:"قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله".

فذكرَ أن السائلَ هو عمرُ، وهو الصحيحُ كما سبقَ في الصحيحين.

وفي السند أيضًا: خالد بن مخلد: "صدوقٌ له أفراد" كما في (التقريب 1677)، بل ذكر ابن عدي له عدة أحاديث مما يُغْرِبُ بها على مالكٍ رحمه الله

ثم قال: " وهذه الأحاديثُ التي ذكرتُها عن مالكٍ وعن غيرِهِ لعلَّه توهمًا منه"(الكامل 4/ 312).

وهذا الحديثُ مما أغربَ في سندِهِ على مالكٍ، فالمحفوظُ عن مالكٍ ما يرويه عنه أصحابُهُ الثقات؛ كعبد الله بن يوسف عند البخاريِّ (290)، وغيرِهِ، والقعنبيِّ عند أبي داود (السنن 220)، وغيرِه، ويحيى بنِ يحيى (روايته للموطأ 118)، والشافعيِّ (معرفة السنن 1516)، وعبدِ الرحمنِ بنِ مهديٍّ (مسند أحمد 5314)، وغيرِهِم، فرووه عنه عن عبد الله بن دينار،

ص: 532

عن ابن عمر، أن عمر بن الخطاب ذَكَرَ لرسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ

الحديث.

فخالفَ خالدُ بنُ مَخْلدٍ فرواه عن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ؛ ولهذا قال أبو طاهر السِّلفيُّ:"غريبٌ من حديثِ مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ؛ وإنما يرويه مالكٌ في الموطأ عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر".

وقال ابن عبد البر: "قد رواه عن مالكٍ عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ جماعةٌ، منهم الطَّبَّاع وخالد بن مَخْلد القَطَواني وعبد الرحمن بن غزوان وابن عبد الحكم، وقد رُوي أيضًا عن ابن عُفير وابن بُكير مثل ذلك. ولكن المحفوظ فيه عند العلماء حديث مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وحديث نافع عندهم كالمستغرب"(التمهيد 17/ 33).

الطريق الرابع:

رواه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) من طريق أبي بكر البيهقي، أنا أبو عبد الله الحافظ، نا أبو الطيب محمد بن عبد الله بن الشعيري، نا أحمد بن محمد بن عمار المستملي، نا عبد الله بن مسلم الدمشقي، نا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَرْقُدُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» .

وسندُهُ ضعيفٌ جدًّا، فيه عبد الله بن مسلم بن رُشَيْد الدمشقي، قال ابن حبان:"يَروي عن الليث بن سعد وابن لهيعة ومالك، ويضعُ عليهم الحديثَ، أخبرنا عنه جماعةٌ بنيسابورَ، لا يحلُّ كتابةُ حديثِهِ ولا ذِكْرِهِ"(المجروحين 2/ 44).

ولذا قال العراقيُّ: "حديثُ ابنِ عمرَ: قلتُ للنبيِّ: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟

ص: 533

قال: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» متفقٌ عليه من حديثِهِ أن عمرَ سَأَلَ، لا أن عبد الله هو السائل" (المغني عن حمل الأسفار 1/ 402).

ص: 534

1556 -

حَدِيثُ عُمَرَ

◼ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، صَحَّ من حديثِ عبد الله بن عمر كما مرَّ في الصحيحين، وهذا إسنادُهُ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ.

[التخريج]:

[ت 121 (واللفظ له) / كن 9207، 9209، 9216، 9217/ حم 230/ طيو 721/ لي (رواية ابن يحيى البيع 226) / صلاة 50/ خطك (صـ 406) / تمهيد (17/ 36) / حداد 317].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ قد رواه عن ابن عمر عن عمرَ أربعةٌ:

الأول: نافع مولاه، ورواه عنه عبيد الله العمري، وعبد الله العمري، وأيوب.

أما رواية عبيد الله العمري، فأخرجها:

- الترمذيُّ في (جامعه 121)، عن محمد بن المثنى،

- والنسائي في (الكبرى 9207) عن سهل بن صالح،

- وأبو نعيم الحداد في (جامع الصحيحين 317) من طريق عبد الرحمن بن بشر، ثلاثتهم عن يحيى بنِ سعيد عن عبيد الله بن عمر، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، عن عمر، به.

وتابع يحيى بنَ سعيد عبدُ اللهِ بنُ نميرٍ، رواه عنه أحمدُ في (المسند 230).

ص: 535

وهذا إسنادٌ ظاهرُهُ الصحة، فرجاله ثقات رجال الصحيح.

ولذا قال الترمذيُّ: "حديثُ عمرَ أحسنُ شيءٍ في هذا البابِ وأصح".

قلنا: وهو كذلك، لولا الخلاف على يحيى بن سعيد، وعبد الله بن نمير في إسناده، فقد خالف الثلاثةَ المتقدمين عن يحيى جماعةٌ، وهم:

- زهير بن حرب كما عند مسلم (306).

- وأحمد بن حنبل في (مسنده 4662).

- ومحمد بن أبي بكر المقدمي عند مسلم في (صحيحه 306).

- ومحمد بن بشار كما عند الطوسي في (مستخرجه 90).

- وعبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي عند النسائي في (الكبرى 317)،

خمستهم عن يحيى بن سعيد، عن عبيد الله، أخبرني نافع، عن ابن عمر، أن عمر سأل .. الحديث، فجعلوه من مسند ابن عمر.

وكذا خالف أحمد جماعة في عبد الله بن نمير، فجعلوه من مسند ابن عمر أيضًا، وهم:

- ابنه محمد بن عبد الله بن نمير، وأبو بكر بن أبي شيبة كما عند مسلم (306)، وغيره.

- وموسى بن إسحاق كما عند أبي عوانة في (المستخرج 861).

وتابع يحيى بن سعيد وعبد الله بن نمير على هذا الوجه ما يقارب اثني عشر راويًا، فجعلوه من مسند ابن عمر لا مسند أبيه، مما يُقوِّي القول بشذوذ هذه الرواية على عبيد الله.

ص: 536

أما رواية عبد الله العمري، فرواها أبو نعيم في (الصلاة 50) - ومن طريقه الطيوري (721).

وكذا رواها المحاملي في (أماليه) من طريق أبي نوح قراد.

كلاهما - نعني: (أبا نُعيم، وأبا نوح) - روياه عن عبد الله العمري عن نافع به.

وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: عبد الله بن عمر العمري، ضعيفٌ (التقريب 3489).

الثانية: أن المحفوظَ عن نافعٍ ما رواه البخاري (287، 289)، ومسلم (306) من طرقٍ عن نافعٍ عنِ ابنِ عمرَ أن عمرَ، به.

ولذا قال الدارقطنيُّ بعد ذكر الخلاف في ذلك: "والصحيحُ من ذلك قولُ من قالَ: عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، أن عمرَ سَأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم"(العلل 95).

وأما روايةُ أيوبَ، فأخرجها النسائي في (الكبرى 9211) فقال: أخبرنا هلال بن العلاء، قال: حدثنا معلى، قال: حدثنا وهيب، عن أيوب عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، به.

ورواه الخطيُب في (الكفاية، صـ 206) من طريق معلى به.

وكذا رواه البزار في (مسنده 107)، والطبراني في (الكبير 1/ 71/ 80) من طريق المعلى به، ولكن وقع عندهم زيادة:«وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

وهذا إسنادٌ صحيحٌ رجاله ثقات، غير أنه معلولٌ، خولف وهيب فيه، فقد خالفه إسماعيل بن علية وحماد بن زيد، فروياه عن أيوب عن أبي قلابة ونافع أَنَّ عُمَرَ اسْتَفْتَى رَسُولُ اللَّهِ

الحديث فأرسلَاه. أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 677)، والطبراني في (الكبير 14077) ولكن جاء فِي رواية

ص: 537

الطبراني أنَّ ابنَ عُمَرَ اسْتَفْتَى، فجعله من مسند ابن عمر، وذكر الدارقطنيُّ الحديثَ فَقَالَ: "واختُلفَ عن أيوب، وابن عون، فقال معمر، وحماد بن زيد، وابن علية، من رواية القواريري عنهما، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر.

وأرسله أصحاب حماد بن زيد غير القواريري، فرووه عن أيوب، عن نافع، أن عمر.

وقال لوين: عن حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، ونافع، عن ابن عمر، أن عمر، كما قال القواريري" (العلل الواردة في الأحاديث النبوية 2/ 36).

وروايةُ حمادٍ وإسماعيلَ على الإرسالِ أرجحُ، كما سبقَ وبَيَّنَّا ذلك قريبًا

الثاني: سالم بن عبد الله،

أخرجه النسائي في (الكبرى 9217) فقال: أخبرنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدثني محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، عن عمر به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: قال النسائي -عقبه-: محمد بن كثير كثير الغلط.

الثانية: أن الأوزاعي قد خولف فيه؛ خالفه معمر كما عند عبد الرزاق في (المصنف 1097)) -وعنه الذهليُّ في (جزئه)، ومن طريقهما السمعاني في (المنتخب من معجم شيوخه) - عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر [أن عمر]

(1)

به.

(1)

سقط من المطبوع، والصحيح إثباتها، فقد رواه محمد بن يحيى الذهلي في (جزئه، ق 37/ ب) عن عبد الرزاق بإثباتها، وكذا أوردها السمعاني في (المنتخب من معجم شيوخه، صـ 500) من طريق الذهلي به؛ ولذا علَّق محقق المصنف قائلًا: " كذا في الأصل، وقد رُوي من حديث نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر، أن عمرَ أو رجلًا سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم. فلا أدري هل الناسخ أسقطه أو هكذا في هذه الرواية "(المصنف 1/ 282 حاشية رقم 1).

ص: 538

وهذه أرجحُ بلا شَكٍّ، فمعمر من أصحاب الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، بخلاف الأوزاعي.

وقد أشارَ الدارقطنيُّ لذلك فقال بعد ذِكر الخلافِ على عبد الله بن دينار فيه: "والصحيحُ قولُ مَن قالَ: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن عمر.

وكذلك رواه الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أن عمر

ثم قال: "وهو المحفوظُ المضبوطُ"(العلل 110).

الثالث: أبو سلمة بن عبد الرحمن،

أخرجه النسائي في (الكبرى 9216) فقال: أخبرنا محمد بن يحيى بن محمد بن كثير الحراني، قال: حدثنا محمد بن كثير، عن الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن ابن عمر، عن عمر، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: محمد بن كثير: "كثير الغلط"، كما قال النسائي.

الثانية: أن محمد بن كثير قد خولف فيه، خالفه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، كما عند أحمد في (المسند 6157)، والنسائي في (الكبرى 9215)، فرواه عن الأوزاعي، حدثنا يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب

به.

ص: 539

وتابع الأوزاعي على هذا الوجه معاويةُ بن سلام

(1)

كما عند السراج في (حديثه 1463) -ومن طريقه المخلدي في (الفوائد المنتخبة 296/ ب) -.

قال الدارقطني: "وكذلك قال يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن ابن عمر، أن عمر: سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. وهو المحفوظُ المضبوطُ"(العلل 110).

الرابع: عبد الله بن دينار، رواه ابن عبد البر في (التمهيد) فقال: حدثنا خلف بن قاسم، حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين العسكري، حدثنا فهد بن سليمان، حدثنا القعنبي، حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: أحمد بن محمد العسكري، لم نقفْ له على ترجمةٍ.

الثانية: أن فهد بن سليمان خالفه جماعة عن القعنبي، فرووه عنه عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن عمر، به. فجعلوه من مسند ابن عمر، وهم:

- أبو داود في (السنن 220).

- والفضل بن حباب كما عند ابن حبان في (صحيحه 1208).

- وعلي بن عبد العزيز البغوي كما عند الجوهري في (مسند الموطأ 463).

(1)

صُحِّفَ عند السراج إلى (يعقوب بن سلام)، والصحيحُ المثبتُ كما رواه المخلدي من طريق السراج على الصواب.

ص: 540

وكذا هو على الصواب عند القعنبي في روايته للموطأ (70).

وتابعه على ذلك جمهور رواة الموطأ عن مالك، وخارج الموطأ رواه عبد الرحمن بن مهدي عند أحمد في (المسند 5314)، والشافعي عند (البيهقي في معرفة السنن والآثار 1516)، وغيرهما. فجعلوه من مسند عبد الله بن عمر، وهو الصواب.

رِوَايَةُ زَادَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ

• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ من مسند عبد الله بن عمر. وهذا إسنادٌ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطني.

[التخريج]:

[حم 235، 306/ بز 107 (واللفظ له)، 131، 132/ طب (1/ 71/ 80) / عد (4/ 570) / يخ (16/ 244)].

[التحقيق]:

له طريقان عن عبد الله بن عمر عن عمر:

الطريق الأول: عن سالم بن عبد الله:

رواه البزارُ في (مسنده 107) فقال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: نا عبد الرزاق قال: أنا معمر، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، عن عمر به.

ص: 541

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ؛ ولذا قال البزارُ: "وهذا الحديثُ قد رُوي عن ابنِ عمرَ، عن عمرَ من غيرِ وجهٍ، وهذا الإسنادُ من أحسنِ ما يُروى عن عمر من الطريق".

قلنا: غير أن قولَهُ في الإسنادِ: "عن عمر" وهمٌ إما من عبد الرزاق أو من الراوي عنه أو من البزار نفسه، فقد رواه عبد الرزاق نفسه في (المصنف) -وعنه الذهليُّ في (جزئه)، ومن طريقهما السمعاني في (المنتخب من معجم شيوخه) - عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر [أن عمر]

(1)

سَأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أَنَامُ وَأَنَا جُنُبٌ؟ فقال: «تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ»

الحديث.

وكذا رواه هكذا الإمام أحمد في (المسند 235)، وابن المنذر في (الأوسط 593)، وعبد بن حميد في (المسند 750)، وابن المقرئ في (المعجم 23)، وأبو عوانة في (المستخرج 862) على الصواب "أن عمر".

وقد أشارَ البزارُ إلى وجود خلافٍ في ذلك فقال: "وقد رواه بعضُ أصحاب الزهري، عن الزهري عن سالم، عن أبيه، أن عمر قال: يا رسول الله. ولم يقلْ عن عمرَ".

بينما جزمَ الدارقطنيُّ أن الصوابَ عن الزهريِّ قوله: "أن عمرَ" فقال -بعد ذِكرِ الخلافِ على عبد الله بن دينار في ذلك-: "وكذلك رواه الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، أن عمر

ثم قال: "وهو المحفوظُ المضبوطُ"(العلل 110).

فلم يلتفتْ إلى وجودِ خلافٍ في روايةِ الزهريِّ، إذ لو كان عنده لقالَ به.

(1)

سقط من المصنف، والصحيح إثباتها، كما تقدَّم مرارًا.

ص: 542

الطريق الثاني: عن نافع مولى ابن عمر:

رواه أحمد في (المسند 94، 306) -ومن طريقه ابن النجار في (ذيل تاريخ بغداد) - من طريق محمد بن إسحاق قال: حدَّثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه به.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ سوى محمد بن إسحاق، وقد سبقَ الكلامُ عليه قريبًا، وقد توبع، ولكنها متابعة ضعيفة، أخرجها ابن عدي في (الكامل) فقال: حدثنا إسحاق، حدثنا أبو كريب، حدثنا رِشدين، عن عمرو بن الحارث، عن عبد ربه بن سعيد، عن نافع به.

وإسنادُهُ ضعيفٌ، رشدين بن سعد، ضعيفٌ (التقريب 1942).

وخولف ابن إسحاق وعبد ربه، من أصحاب نافع الثقات، كعبيد الله بن عمر العمري والليث بن سعد، وابن جريج، وجويرية بن أسماء، وغيرهم فقالوا فيه:"أن عمر" وقد تقدم عند البخاري ومسلم رحمهما الله.

ولذا قال الدارقطنيُّ -بعد ذِكرِ الخلافِ على نافعٍ-: "

والصحيحُ من ذلك: قولُ مَن قالَ: عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم" (العلل 95).

وقد توبع ابن إسحاق وعبد ربه، تابعهما أيوب السختياني كما عند البزار في (مسنده 131، 132) قال: حدثنا الحسن بن يحيى، وعبد القدوس بن محمد قالا: نا معلى بن أسد قال: نا وهيب، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، به.

ورواه الطبراني في (الكبير) فقال: حدثنا علي بن عبد العزيز، ثنا معلى بن أسد العمي، ثنا وهيب عن أيوب، به.

ولكنه طريق معلول كما بَيَّنَّا في الروايةِ السابقةِ.

ص: 543

رِوَايَةٌ فِيهَا النَّهْيُ عَنِ النَّوْمِ جُنُبًا

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عُمَرَ: أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ عليه السلام عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ أَهْلَهُ، ثُمَّ يَنَامُ؟ قَالَ:«لَا يَفْعَلْ» ، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ:«إِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[حربي (مهتدي ق 241/ أ)].

[السند]:

رواه علي بن عمر الحربي أبو الحسن السكري في (حديثه) فقال: حدثنا قاسم بن زكريا المطرز، حدثنا سفيان بن وكيع، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه الحجاج بن أرطاة، "صدوقٌ، كثيرُ الخطأِ والتدليس"(التقريب 1119)، وقد عنعن.

وقد خالفه أصحابُ نافعٍ الثقات، فرووه بغيرِ هذا السياقِ، كما سبقَ وبَيَّنَّا.

وكذا فيه: سفيانُ بنُ وكيعٍ، كان صدوقًا إلا أنه ابتُلي بِوَرَّاقِهِ فأدخلَ عليه ما ليس من حديثِهِ، فنُصِحَ فلم يقبلْ، فسقطَ حديثُهُ (التقريب 2456).

ص: 544

رِوَايَةُ: وَيَنَامُ إِنْ شَاءَ

• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: «يَتَوَضَّأُ وَيَنَامُ إِنْ شَاءَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، صَحَّ من حديثِ ابنِ عمرَ دون قوله:"إِنْ شَاءَ"، وهذا إسنادٌ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ.

[التخريج]:

[حم 165].

[السند]:

قال أحمد: حدثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر، به.

قال - عقبه -: "وقال سفيان مرة: "ليتوضأ ولينم".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقات؛ ولذا قالَ ابنُ كثيرٍ: "إسنادٌ صحيحٌ"(مسند الفاروق 1/ 126)، وقال أحمد شاكر:"إسنادُهُ صحيحٌ"(حاشيته على مسند أحمد 1/ 235).

غير أن ابنَ عيينةَ لم يكن يتقنُ هذا الحديث جيدًا، وقد اخْتَلَفَ عليه أصحابُهُ في متنه وسنده:

أما السند؛ فقد قال أحمدُ -كما في روايتنا هنا-، وأحمدُ بنُ عَبدةَ -كما عند ابن خزيمة (224)، وابن حبان (1211) -:"عن عمرَ".

بينما قال الحميديُّ -كما في (مسنده 672) -، وعبدُ اللهِ بنُ هاشمٍ، ومحمودُ بنُ آدمَ -عند ابنِ الجارودِ في (المنتقى 95) -، وبشرُ بنُ مطرٍ -

ص: 545

عند ابن عساكر في (معجمه 704) -، ومحمدُ بنُ الصباحِ -عند السراج في (حديثه 1468) -، وسعيدُ بنُ عبدِ الرحمنِ المخزوميُّ -عند ابن خزيمة (225) - قال ستتهم عن ابن عيينة بسنده:"أن عمر".

وأما المتنُ فقد قال في روايتنا هذه: «يَتَوَضَّأُ وَيَنَامُ إِنْ شَاءَ» ، وقال مرة:«لِيَتَوَضَّأْ وَلْيَنَمْ» .

بينما في رواية سعيد المخزومي عنه: «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ» .

وفي رواية أحمد بن عبدة: «يَنَامُ وَيَتَوَضَّأُ إِنْ شَاءَ» .

وفي رواية الحميدي والباقين: «يَتَوَضَّأُ وَيَطْعَمُ إِنْ شَاءَ» .

ولا شَكَّ أن الخلافَ هذا هو من قِبلِ ابنِ عيينةَ نفسه، وقد خولف من أصحاب عبد الله بن دينار وهم:

- مالك رحمه الله كما عند البخاري (290)، ومسلم (306)، وغيرهما.

- وسفيان الثوري كما عند أحمد في (المسند 5190)، والدارمي (763)، وغيرهما.

- وشعبة بن الحجاج كما عند أحمد في (المسند 359، 5497، 5056)، وابن خزيمة في (صحيحه 227)، وابن حبان في (صحيحه 1207)، وغيرهم.

- وإسماعيل بن جعفر كما عند ابن حبان في (صحيحه 1209)، وغيره.

- والحسن بن صالح كما عند أبي نعيم في (الحلية 7/ 332).

- وصالح بن قدامة عند النسائي في (الكبرى 9205).

- وعبد العزيز بن مسلم عند أحمد في (المسند 5442).

ص: 546

فرووه سبعتُهُم: (مالك، والثوري، وشعبة، وإسماعيل بن جعفر، والحسن بن صالح، وابن قدامة، وعبد العزيز) عن عبد الله بن دينار بسنده: "أن عمرَ"، ولم يذكروا هذه الألفاظ.

وكلُّ هذا يدلُّ على عدم إتقان بن عيينة للحديث، والله أعلم.

رِوَايَةُ يَتَوَضَّأْ إِنْ شَاءَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «يَنَامُ وَيَتَوَضَّأُ إِنْ شَاءَ» .

[الحكم]:

شاذٌّ بهذا اللفظِ، وإسنادُهُ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ، وأشارَ لشذوذِ المتنِ: ابنُ رجبٍ الحنبليُّ، والحافظُ ابنُ حجرٍ.

[التخريج]:

[خز 224 (واللفظ له) / حب 1211].

[السند]:

رواه ابن خزيمة -وعنه ابن حبان- عن أحمد بن عبدة، عن ابن عيينة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ، ورجاله ثقات، غير أن ابنَ عيينةَ، لم يكن يتقن هذا الحديث جيدًا، كما سبقَ وبَيَّنَّا في الروايةِ السابقةِ؛ ولذا فقد شَذَّ في سندِهِ ومتنِهِ.

أما السندُ فقد بَيَّنَ الدارقطنيُّ -بعدَ ذِكرِ الخلافِ على عبد الله بن دينار-

ص: 547

هل الصواب فيه من قال: "عن عبد الله بن عمر عن عمر"؟ أم: "عبد الله بن عمر أن عمر"؟ فقال: "والصحيح قول من قال: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن عمر

وهو المحفوظ المضبوط" (العلل 110).

أما المتنُ: فقد بَيَّنَّا في الروايةِ السابقةِ من خالف ابن عيينة من الأئمة؛ كمالك والثوري وغيرهما، فليس في روايتهم هذه الألفاظ.

وقد أشارَ ابنُ رَجبٍ لإعلاله؛ فقال: "وهذه الزياداتُ لا تُعرفُ إلا عن ابن عيينة"(فتح البارى 1/ 357).

وكذا ابنُ حَجرٍ؛ حيثُ قال: "أصله في الصحيحين دون قوله: إن شاء"(التلخيص الحبير 1/ 246).

وتعقبه الشيخُ الألبانيُّ فقال: "قلتُ: بل هو في (صحيح مسلم) أيضًا بهذه الزيادة كما سبق تخريجه آنفًا (صـ 114) وهي دليلٌ صريحٌ على عدمِ وجوبِ الوضوءِ قبلَ النومِ على الجُنُبِ خِلافًا للظاهريةِ"(آداب الزفاف صـ 116).

قلنا: كذا قال رحمه الله، والذي في (صـ 114) إنما عزا لمسلم رواية:«نَعَمْ، لِيَتَوَضَّأْ ثُمَّ لِيَنَمْ، حَتَّى يَغْتَسِلَ إِذَا شَاءَ» .

وبون شاسع بين هذه الرواية، ورواية (يَتَوَضَّأُ إنْ شَاءَ) المستدل بها؛ فروايةُ مسلمٍ عَلَّقتِ الغسل على المشيئة وليس الوضوء.

ص: 548

رِوَايَةُ: تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «

تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ».

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، صَحَّ من حديثِ ابنِ عمرَ كما مَرَّ في الصحيحين، وهذا إسنادٌ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ، وأشارَ لذلك ابنُ أبي داودَ، والمزيُّ.

[التخريج]:

[مسن 700/ السنن لابن أبي داود (مغلطاي 2/ 375) / طيو 939 (واللفظ له)].

[السند]:

أخرجه أبو نعيم في (المستخرج) فقال: حدثنا محمد بن بدر، ثنا بكر بن سهل، ثنا عبد الله بن يوسف، ثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر به.

ورواه ابنُ أبي داودَ في (السنن)، كما (شرح ابن ماجه لمغلطاي) -ومن طريقه الطيوري- قال: حدثنا هارون بن محمد بن بكار، حدثنا مروان، حدثنا مالك بن أنس، به.

وقال ابنُ أبي داودَ -عقبه-: "لم يَرْوِ هذا عن مالك إلا مروان".

[التحقيق]:

إسنادُهُ شَاذٌّ، فالمحفوظُ عن مالكٍ، ما رواه البخاري (290) عن عبد الله بن يوسف. ومسلم (306) عن يحيى بن يحيى النيسابوري. كلاهما عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر قال: ذَكَرَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ

الحديث.

ص: 549

فالصحيحُ عن مالكٍ أن الحديثَ من مسندِ ابنِ عمرَ رضي الله عنهما، وقد تابع عبد الله بن يوسف ويحيى جمهور رواه الموطأ وغيرهم.

ولذا قال الدارقطنيُّ: "وقال مروان بن محمد، وقراد، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر.

وخالفهما أصحاب مالك، فقالوا فيه: أن عمر.

وكذلك الباقون عن عبد الله بن دينار.

والصحيح قول من قال: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن عمر

وهو المحفوظ المضبوط" (العلل 110).

وأشارَ لذلك المزيُّ فقال: "رواه غيرُ واحدٍ عن مالكٍ فجعلوه من مسند ابن عمر"(تحفة الأشراف 8/ 63).

قلنا: أخرجه ابن أبي داود في (السنن) -كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي) - عن عمرو بن علي، ثنا عبد الرحمن بن عثمان أبو بحر (البكراوي) فقال: ثنا شعبة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر عن عمر بنحوه.

وهذا إسنادٌ شاذٌّ -أيضًا-؛ فقد خالف أبا بحر هذا أصحابُ شعبةَ، فرووه عنه بسنده عن ابن عمر أن عمر، وهم:

- محمد بن جعفر كما عند أحمد في (المسند 359)، وابن خزيمة (227)، وغيرهما.

- وأبو داود الطيالسي في (17، 1990)، وأبو عوانة (856)، وغيرهما.

- ويزيد بن هارون كما عند أحمد (5056).

ص: 550

- ووهب بن جرير كما في (شرح معاني الآثار 1/ 127).

- وأبو الوليد والحوضي كما عند ابن حبان في (الصحيح 1207).

- وأبو عامر العقدي كما عند السراج في (حديثه 1469).

فاجتمعوا جميعًا على جعله من مسند عبد الله بن عمر.

ولذا قال الدارقطنيُّ: "وكذلك قال أبو بحر البكراوي، عن شعبة.

وخالفه أصحاب شعبة، فقالوا فيه أن عمر

وهو المحفوظُ المضبوطُ" (العلل 110).

وأشارَ لذلك ابنُ أبي داودَ؛ فقال -عقبه-: "لم يقلْ في هذا الحديث عن عمر إلا أبو بحر".

ص: 551

رِوَايَةُ اغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ تَوَضَّأْ

• وَفِي رِوَايَةٍ أَنهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «اغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ تَوَضَّأْ وَنَمْ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ من حديثِ ابنِ عمرَ كما مَرَّ في الصحيحين، وهذا إسنادٌ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ، وأشارَ لإعلاله: ابنُ عبدِ البرِّ والمزيُّ.

[التخريج]:

[كن 9203].

[السند]:

قال النسائي: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا قراد -وهو عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح- قال: أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أبي نوح قراد، واسمه عبد الرحمن بن غزوان، قال الدارقطني:"ثقة. وله أفراد"(سؤالات الحاكم 390).

قلنا: وقد أغربَ على مالكٍ في هذه الرواية في أمرين:

الأول: في إسناده، وذلك أن المحفوظَ عن مالكٍ ما رواه عنه الجماعةُ - وهو في البخاري (290)، ومسلم (306) -: عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن عمر ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم

الحديث.

فجعلوه من مسندِ ابنِ عمرَ وليس من مسندِ عمرَ؛ ولذا ذكره النسائيُّ تحت باب "ذكر اختلاف الناقلين لخبر عبد الله بن عمر"، ثم أردفه برواية

ص: 552

قتيبة بن سعيد عن مالكٍ بمثل رواية الشيخين، ثم ذَكرَ لمالكٍ متابعةً، فقال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا صالح بن قدامة، قال: حدثني ابن دينار، بنحوه. وهذا إشارةٌ منه إلى إعلالِ روايةِ قراد.

وقال الدارقطنيُّ: "وقال مروان بن محمد، وقراد: عن مالكٍ، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر، وخالفهما أصحابُ مالكٍ، فقالوا فيه: أن عمر، وكذلك الباقون عن عبد الله بن دينار.

والصحيحُ قولُ مَن قالَ: عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، أن عمر

وهو المحفوظ المضبوط" (العلل 110).

وأشارَ لذلك المزيُّ فقال: "رواه غيرُ واحدٍ عن مالكٍ، فجعلوه من مسندِ ابنِ عمرَ"(تحفة الأشراف 8/ 63).

وقال ابنُ كَثيرٍ: "هكذا رواه من حديث مالك، وقد رواه جماعةٌ عن مالكٍ، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فجعلوه من مسنده

ثم قال: "وقد تكلَّم الإمامُ عليُّ بنُ المدينيِّ في (علله) في كونه من مسند عبد الله بن عمر أو أبيه بكلامٍ طويلٍ، والأمرُ في ذلك سهلٌ.

ولعلَّ عبد الله بن عمر سمع أباه سَأَلَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فتارة يرويه عن أبيه، وتارة لا يذكر أباه" (مسند الفاروق 1/ 139).

والأمر الثاني: في المتن، وذلك أن المحفوظَ عن مالكٍ فيه بلفظ:«تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ نَمْ» هكذا أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ وغيرُهُما، فقلب قراد هذا متنه فقال:«اغْسِلْ ذَكَرَكَ، ثُمَّ تَوَضَّأْ وَنَمْ» .

ولذا قالَ ابنُ عبدِ البرِّ: "وقد رواه عن مالكٍ جماعةٌ كذلك في غير الموطإ، ولم يختلفْ رواة الموطإ أنه كما رواه يحيى:«تَوَضَّأْ وَاغْسِلْ ذَكَرَكَ ثُمَّ نَمْ»

ص: 553

(الاستذكار 3/ 97).

وكأنه لم يلتفت لرواية أبي قراد هذه.

رِوَايَةُ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّهُ تُصِيبُنِي الجَنَابَةُ؛ فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ من حديث عبد الله بن عمر. وهذا إسنادٌ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ.

[التخريج]:

[حم 263/ غطر 9/ علقط (1/ 122) / بز 147].

[التحقيق]:

رُوي من طريقين عنِ ابنِ عمرَ:

الأول:

رواه أحمدُ في (المسند) قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر، به.

ورواه ابنُ الغِطريفِ في (جزئه)، والدارقطنيُّ في (العلل) من طريق أبي أحمد الزبيري بنحوه.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ غير أبي أحمد الزبيري، قال الحافظُ: " ثقةٌ ثبتٌ إلا

ص: 554

أنه قد يُخطئُ في حديثِ الثوريِّ" (التقريب 6017).

وقد أخطأَ على الثوريِّ في هذا الحديثِ في سندِهِ، ومتنِهِ.

أما السندُ: فقد رواه أصحابُ الثوريِّ عنه، فجعلوه من مسند عبد الله بن عمر، وهم:

- يحيى بن سعيد القطان، والفضل بن دُكين. كما عند أحمد في (المسند 5190، 5967).

- عبيد الله بن موسى العيشي عند الدارمي في (مسنده 775).

- الفريابي كما عند الطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 127).

وقد رواه غيرُهُم عن الثوريِّ فجعلوه عن ابن عمر قال: سَأَلَ عُمَرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: تُصِيبُنِي الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ: «فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأَ وَيَرْقُدَ» .

قلنا: وقد ذكرَ الدارقطنيُّ لأبي أحمدَ الزبيريِّ متابعات فقال: "وقال أبو أحمد الزبيري، وأبو داود الحفري، ويحيى بن آدم، وحسين بن حفص عنه، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، عن عمر"(العلل 110).

ومع ذلك رجَّحَ قولَ مَن قالَ عن عبد الله بن عمر أن عمر، وقال:"وهو المحفوظُ المضبوطُ".

أما خطأُ الزبيريِّ في متنِهِ، فالمحفوظُ عن الثوريِّ من رواية الجماعة المذكورين، «فَأَمَرَهُ أَنْ يَغْسِلَ ذَكَرَهُ، وَيَتَوَضَّأَ» ، ليس فيه زيادة:«وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ» .

وقد تابع الثوري على ذلك: شعبة، وعبد العزيز بن مسلم بنحو روايته،

ص: 555

ليس فيها هذه الزيادة، وإنما صَحَّتْ هذه الزيادة من رواية معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر. ورواها كذلك ابن إسحاق، حدثني نافع، عن عبد الله بن عمر، عن أبيه، به، إلا أنه وهم في قوله:"عن أبيه" كما تقدَّم بيانُهُ.

أما الطريق الثاني عن ابن عمر:

فأخرجه البزارُ في (مسنده) فقال: حدثنا محمد بن المثنى قال: نا يحيى بن سعيد، عن عبيد الله قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، عن عمر أنه سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«تُصيبُني الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»

تقدم الكلامُ علي هذه الروايةِ لما أوردناه في أول الكلام على حديث عمر عند الترمذي، وليس فيها زيادة:«وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ» ، وَبَيَّنَّا هناك أن محمد بن المثنى قد خالفه جماعة على يحيى، وهم:

- زهير بن حرب كما عند مسلم (306).

- وأحمد بن حنبل في (مسنده 4662)، وغيره.

- ومحمد بن أبي بكر المقدمي عند مسلم في (صحيحه 306).

- ومحمد بن بشار كما عند الطوسي في (مستخرجه 90).

- وعبيد الله بن سعيد أبو قدامة السرخسي عند النسائي في (الكبرى 317)، والمخلدي في (الفوائد المنتخبة، ق 288/ ب).

وتابع يحيى بن سعيد على هذا الوجه ما يقارب ثلاثة عشر راويًا، فجعلوه من مسند ابن عمر لا مسندَ أبيه، مما يُقوِّي القول بشذوذ هذه الرواية على عبيد الله، وكذا الزيادة الواردة فيه، ولعلَّها من زياداتِ البزارِ، والله أعلم،

ص: 556

فالحديثُ هو هو عند الترمذي عن ابن المثنى ليستْ فيه الزيادة.

رِوَايَةٌ عَنْ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ سُئِلَ

• وَفِي رِوَايَةٍ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَرقُدُ الرَّجُلُ إِذَا أَجْنَبَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ من حديثِ عبد الله بن عمر، والمحفوظُ أن عمرَ نفسه هو السائلُ كما في الصحيحين، وهذا إسنادٌ غيرُ محفوظٍ، كما قال الدارقطنيُّ.

[التخريج]:

[كن 9206/ حم 105 (واللفظ له)].

[السند]:

قال النسائي: أخبرنا علي بن حُجْر قال: أخبرنا عبيدة وغيره عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر به.

ورواه أحمد عن عبيدة بن حميد، عن عبيد الله به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير عَبِيدَة بن حُمَيْدٍ، قال فيه الحافظُ:"صدوقٌ، ربما أخطأَ"(التقريب 4408)، وقد أخطأ في سنده، ومتنه:

أما السند: فقد رواه عن عبيد الله ما يقارب ثلاثة عشر نفسًا، فجعلوه من مسند عبد الله بن عمر، منهم:

ص: 557

- يحيى بن سعيد، وعبد الله بن نمير، وأبو أسامة، وروايتهم عند مسلم في (الصحيح 306)، وغيره.

- وعبد الله بن المبارك عند النسائي في (الكبرى 9208).

- وعبد الأعلى بن عبد الأعلى عند ابن ماجه في (السنن 573).

- ومحمد بن عبيد عند أحمد في (المسند 5782)، وأبي عَوانةَ في (المستخرج 861)، وغيرهما.

وقد رواه غير هؤلاء الستة:

عبد الرزاق، وبشر بن المفضل، وعلي بن مسهر، وعبد الله بن رجاء، وغيرهم، فجعلوه عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن عمر. ولا شَكَّ أن روايتَهم أرجحُ من رواية عبيد هذا.

قال الدارقطنيُّ: "فممن أسنده عن ابن عمر عن عمر: عبيد الله بن عمر، عن نافع، من رواية عبيدة بن حميد عنه

إلى أن قال: "وخالفهم جماعة من أصحاب عبيد الله، فقالوا فيه: إِنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

وقال أصحابُ عُبيدِ اللهِ غير من قدمنا ذكره عنه عن نافع، عن ابن عمر، أن عمر

والصحيحُ مِن ذلك قول مَن قال: عن نافع، عن ابن عمر، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم" (العلل 95).

أما المتنُ: فالذي يظهرُ لنا أن قولَهُ في الحديثِ: (سُئِلَ) بصيغة المجهول -من أخطائه أيضًا- والمحفوظُ أن عمرَ نفسه هو السائلُ كما في الصحيحين.

ص: 558

مُرْسَلُ نَافِعٍ وَأَبِي قِلَابَةَ

• عَنْ نَافِعٍ وَأَبِي قِلَابَةَ قَالَا: اسْتَفْتَى عُمَرُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ فَقَالَ: «يَتَوَضَّأُ، وَيَنَامُ (لِيَتَوَضَّأْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ)» .

قَالَ أَيُّوبُ: "أَظُنُّ فِي حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ: غَسْلُ الفَرْجِ".

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ من حديثِ ابنِ عمرَ. وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ.

[التخريج]:

[ش 677 "واللفظ له"/ طب (13/ 297/ 14077) "والرواية له"/ مخلص 1714].

[السند]:

رواه ابن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب عن نافع وأبي قلابة به.

ورواه المخلص فقال: حدثنا ابن منيع قال: حدثنا داود قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، بنحوه.

ورواه الطبراني: عن علي بن عبد العزيز، ثنا عارم أبو النعمان، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة ونافع، أَنَّ ابنَ عُمَرَ اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أنه مرسلٌ، وقد تقدَّم موصولًا عن نافعٍ وغيرِهِ عن ابنِ عمرَ. كما في الصحيحين.

ص: 559

رِوَايَةُ نَافِعٍ: أَصَابَ ابْنَ عُمَرَ جَنَابَةٌ

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: أَصَابَ ابنَ عُمَرَ جَنَابَةٌ، فَأَتَى عُمَرَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَأَتَى عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأمَرَهُ فَقَالَ:«يَتَوَضَّأُ وَيَرْقُدُ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دونَ قولِهِ: ((أَصَابَ ابنَ عُمَرَ جَنَابَةٌ))، فمنكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ.

[التخريج]:

[كن 9210].

[السند]:

قال النسائي: عن حميد بن مسعدة، عن يزيد بن زريع، عن ابن عون، عن نافع به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أنه مرسلٌ. والمحفوظُ أنَّ عمرَ هو الذي كَانَتْ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ مِنَ اللَّيلِ، فسَأَلَ لنفسِهِ، كما تقدَّم في الصحيحين.

ص: 560

مُرْسَلُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ

• عَنْ عُبَيدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «يَتَوَضَّأُ وَيَنَامُ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ بل لإعضالِهِ.

[التخريج]:

[عروبة (الأنطاكي 17)].

[السند]:

قال أبو عَروبة: حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا بقية، عن عبيد الله بن عمر أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلَّا أنَّ بقيةَ مدلسٌ وقد عنعن، ثم إنه مرسلٌ، بل عند التحقيق معضلٌ؛ فعبيد الله بن عمر من صغار التابعين.

والمحفوظُ: عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. كما تقدم في أول الباب.

ص: 561

1557 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ

◼ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ [غَسَلَ فَرْجَهُ وَ] تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» .

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م)، دون الزيادة فللبخاريِّ وغيرِهِ.

[التخريج]:

[خ 288 (والزيادة له ولغيره) / م (305/ 21) (واللفظ له) / د 221/ ن 263/ كن 316، 9189 - 9192/ جه 572/ حم 24083، 24717، 25584، 25646، 24882، 26236/ خز 226/ حب 1212/ عه 850، 855/ عل 4522/ طس 4971، 8728/ عب 1081/ ش 662/ مسن 696/ طح (1/ 126/ 766) / حق 1040، 1485/ خط (10/ 505) / بغ 265/ مع (خيرة 679/ 2) / جعفر 520/ ك (تاريخ - مغلطاي 2/ 373) / كجي (مغلطاي 2/ 373) / حرب (طهارة 240) / هق 981 - 983/ هقع 1520/ حرملة (هقع 1521) / مدونة (1/ 135 - 136) / حنف (حارثي 789) / برق (جمعص 4/ 175) / ناسخ 132/ شاهين (الفوائد 7) / تمييز 42، 43/ جوزى (ناسخ 92) / خط (6/ 346، 10/ 505) / تمهيد (17/ 37) / لا 2063/ سفر 995/ سمع 30/ صلاة 57/ حداد 319/ خلع 914/ علائي (الأربعين 850 - 852) / نجاد (حمامي ق 94/ ب) / لحياني (ق 126/ ب) / مخلدي (ق 288/ أ، 288/ ب) / بحير (ق 43/ ب)].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن عبيد الله بن

ص: 562

أبي جعفر، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة، به.

وقال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ومحمد بن رُمْح، قالا: أخبرنا الليث (ح)

وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة، به.

ص: 563

رِوَايَةُ أَو تَيَمَّمَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «

تَوَضَّأَ أَو تَيَمَّمَ».

[الحكم]:

شَاذٌّ بذكرِ التَّيَمُّمِ.

[التخريج]:

[هق 983].

[السند]:

قال البيهقي رحمه الله: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس بن يعقوب، حدثنا أبو أسامة الكلبي، حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا عَثَّام، -يعني ابنَ عليٍّ- عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، قَالَتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَجْنَبَ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ تَوَضَّأَ أَو تَيَمَّمَ» .

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، أبو أسامة الكلبي هو عبد الله بن أسامة بن زيد الكوفي، قال ابن أبي حاتم:"كتبتُ عنه مع أبي، وهو ثقةٌ صدوقٌ"(الجرح والتعديل 5/ 10).

وشيخُهُ الحسن بن الربيع: "ثقةٌ"(التقريب 1241).

وعَثَّامُ بنُ عَلِيٍّ، قال الحافظ:"صدوقٌ"(التقريب 4448).

ولذا حَسَّنَهُ الحافظ فقال: "وقد روى البيهقيُّ بإسنادٍ حسنٍ

فذكره" (فتح الباري 1/ 394)، وأقرَّه الزرقانيُّ (شرح الموطأ 1/ 203).

وكذا قال العينيُّ في (عمدة القاري 3/ 245).

ص: 564

قلنا: وهو كما قالوا، لولا الخلاف في سندِهِ، ومتنِهِ:

أما السندُ: فقد رواه الحسن بن الربيع عن عَثَّام بسندِهِ، فرفعه كما في روايتنا هذه.

وخالفه أبو بكر بن أبي شيبة كما في (المصنف 681).

والحسن بن عمرو بن محمد العنقزي كما عند السراج في (حديثه 1472) -ومن طريقه المخلدي في (الفوائد المنتخبة ق 296/ ب) -.

كلاهما (ابن أبي شيبة، والعنقزي) روياه عن عثام عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة موقوفًا.

وهذا الوجه هو الأصحُّ عن عَثَّام، فقد تابعه جماعة عن هشامٍ فأوقفوه مثله، وهم:

1 -

مالك بن أنس كما في (موطئه 119) -ومن طريقه: الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 126)، والبيهقيُّ في (معرفة السنن والآثار 1517، 1518) -.

2 -

وكيع بن الجراح كما في (مصنفه - فتح الباري لابن رجب 1/ 361)، وعنه -ابن أبي شيبة في (المصنف 666) -.

3 -

يحيى بن سعيد القطان كما عند مسدد في (مسنده - إتحاف الخيرة المهرة 679/ 1)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 126).

4، 5، 6 - عبدة بن سليمان، وعبد الله بن المبارك، وزائدة بن قدامة كما عند السراج في (حديثه 1470، 1471، 1473) -ومن طريقه المخلدي في (الفوائد المنتخبة 296/ ب) -، وغيره.

ص: 565

ستتهم عن هشام عن أبيه عن عائشة موقوفًا دون ذكر التَّيَمُّمِ.

وأما المتنُ: فقد خالف عَثَّام الجماعة المتقدم ذكرهم، وليس في حديثهم زيادة:«أَو تَيَمَّمَ» ، بل روى الحديثَ البخاريُّ في (صحيحه 288) من طريق محمد بن عبد الرحمن عن عروة عن عائشة مرفوعًا، وليس فيه هذه الزيادة، كما تقدَّم، وكذا رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة مرفوعًا كما عند البخاري (286)، ومسلم (305/ 21)، ولم يذكرها.

وكلُّ هذا دليلٌ على شذوذِ هذه الزيادةِ، والله أعلم.

ص: 566

رِوَايَةٌ زِيدَ فيه: غَسَلَ يَدَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ 1 بِلَفْظِ: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ [لَمْ يَنَمْ حَتَّى يَـ] 1 ـتَوَضَّأَ [وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ] 2، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ [وَأَكَلَ] 3» .

• وَفِي رِوَايَةٍ 2 بِلَفْظِ: «

وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَو يَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَأْكُلُ أَو يَشْرَبُ [إِنْ شَاءَ]».

• وَفِي رِوَايَةٍ 3 بِلَفْظِ: «

غَسَلَ كَفَّيْهِ وَمَضْمَضَ فَاهُ

».

• وَفِي رِوَايَةٍ 4 مُقْتَصِرًا عَلَى الأَكْلِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ طَعِمَ» .

[الحكم]:

صحيحٌ دونَ ذكرِ الأكلِ والشربِ؛ فَشَاذُّ.

وجعله بعضُهم من قولِ عائشةَ موقوفًا، وبذلك أعلَّه أبو داود والبيهقيُّ، وأقرَّهما ابنُ رَجبٍ، وقال البوصيريُّ:"هو في الصحيح غير قصة الأكل".

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [د 222/ ن 261 (واللفظ له) / كن 314، 6907/ حم 24874 (والزيادة الثانية له ولغيره) / حب 1213 (والزيادة الأولى والثالثة له ولغيره) / عل 4595، 4782، 4891/ ش 663/ قط 453، 454/ ميمي 108/ ناسخ 133/ طيو 12/ ضياء (مرو ق 137/ ب) / تمهيد (17/ 37) / صواف (أبي نعيم ق 167/ ب)].

تخريج السياقة الثانية: [ن 262 (واللفظ له) / كن 315، 7054، 9193/ حم 24714 (والزيادة له ولغيره)، 24872، 24873، 26383/ هق

ص: 567

996/ بغ 266/ نبغ 492/ تمهيد (17/ 37) / محلى (2/ 221)].

تخريج السياقة الثالثة: [عب 1094/ قط 455 (واللفظ له) [.

تخريج السياقة الرابعة: [كن 9194/ جه 577/ حم 25598/ خز 231/ حق 822/ عدني (خيرة 3573، مط 2406) / طح (1/ 128/ 786) / هق 994، 995/ ضياء (مرو ق 38/ أ)].

[التحقيق]:

وَرَدَ هذا اللفظ من عِدَّةِ طرقٍ عن الزهريِّ:

الطريق الأول: رواه يونس بن يزيد الأيلي، واختُلفَ عليه على وجوهٍ:

الوجه الأول: رواه عنه عبد الله بن المبارك، يزيد بعضُ الرواةِ عنه في اللفظِ، وينقصُ بعضُهم.

فرواه أبو بكر بن أبي شيبة كما في (مصنفه 663) -وعنه ابن ماجه في (السنن 577) -.

ومحمد بن عبيد كما عند النسائي في (الصغرى 256، والكبرى 314، 6907) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 17/ 37) -.

وعباد بن موسى، وعبد الرحمن بن صالح كما عند أبي يعلى في (مسنده 4782).

ومحمد بن الصباح كما عند أبي داود في (سننه 222) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 17/ 37) -، وأبي يعلى في (مسنده 4595) -وعنه ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه 1213) -، وغيرهما.

خمستهم رووه عن عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن

ص: 568

أبي سلمة عن عائشة؛ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ تَوَضَّأَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيهِ» ، تَعْنِي وَهُوَ جُنُبٌ.

ورواه علي بن إسحاق كما عند أحمد في (المسند 24872).

وسويد بن نصر كما عند النسائي في (الصغرى 257)، و (الكبرى 315، 7054، 9193) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 17/ 38) -.

وعبدان كما عند البغوي في (شرح السنة 226)، و (الشمائل).

ثلاثتهم رووه عن ابن المبارك عن يونس بسنده، وزاد فيه:«وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أَو يَشْرَبَ - قَالَتْ: - غَسَلَ يَدَيهِ، ثُمَّ يَأْكُلُ، ويَشْرَبُ» .

بينما رواه عبد الرزاق كما في (المصنف 1094) -ومن طريقه الدارقطني في (445) - عن ابن المبارك مقتصرًا على الأكل ولم يذكر الشراب، وزاد فيه:«ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَأَكَلَ» .

واتفقوا جميعهم على ابن المبارك في سنده فجعلوا شيخَ الزهريِّ: أبا سلمة.

وتابع ابن المبارك على هذا الوجه عامرُ بنُ صالحٍ كما عند أحمد في (المسند 26383).

وحسان بن إبراهيم كما في (التمهيد 17/ 37 - 38).

وكذا تابعهم يحيى بن أبي كثير؛ كما في (الطيوريات 12)، والضياء في (المنتقى من مسموعات مرو)، من طريق محمود بن محمد الأنصاري، حدثنا أيوب بن النجار، عن يحيى بن أبي كثير، به.

ولكنها متابعةٌ لا تثبتُ؛ فيه علتان:

الأولى: محمود بن محمد الأنصاري، قال الدارقطني: "ليس بالقوي، فيه

ص: 569

نظر" (لسان الميزان 7607).

والثانية: أيوب بن النجار: "ثقةٌ مدلسٌ" كما في (التقريب 627)، وصَحَّ عنه أنه كان يقول:"لم أسمعْ من يحيى بن أبي كثير إلا حديثًا واحدًا: ((التقى آدمُ وموسَى)) "(تهذيب الكمال 3/ 500)، و (طبقات المدلسين، صـ 19).

ولذا قال الدارقطنيُّ: "وروى هذا الحديثَ يحيى بنُ أبي كثير، واختُلف عنه؛ فرواه الأوزاعيُّ، ومعاوية بن سلام، وأبو إسماعيل القَنَّادُ، عن يحيى، عن أبي سلمةَ، عن عائشةَ.

وخالفهم أيوبُ النجارُ؛ فرواه عن يحيى بنِ أبي كثير، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة.

تفرَّد به محمود بن محمد الظَّفَريُّ، ولم يكن بالقوي عن أيوب بن النجار، وقول الأوزاعيِّ ومَن تابعه أصح" (العلل 3636).

الوجه الثاني: رواه عيسى بن يونس، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة:((أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ طَعِمَ)).

أخرجه ابن خزيمة (231)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 128). فجعلَ شيخَ الزهريِّ فيه: عروة.

الوجه الثالث: رواه أبو ضمرة أنس بن عياض فجمعَ بين القولين، كما عند الدارقطنيِّ في (السنن 454) قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، نا محمد بن إسماعيل الصائغ، نا إبراهيم بن المنذر، حدثنا أبو ضمرة، عن يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، وأبي سلمة، عن عائشة، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ غَسَلَ

ص: 570

يَدَيْهِ ثُمَّ أَكَلَ».

الوجه الرابع: رواه طلحة بن يحيى كما عند الدارقطني في (السنن 453)، وابن أخي ميمي كما في (فوائده 108) عن يونس بن يزيد، وقال في سنده:"عن عروة أو أبي سلمة"، هكذا على الشك.

الوجه الخامس: رواه محمد بن بكر البُرساني عن يونس عن الزهري عمن حَدَّثَهُ عن عائشة قالت: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ غَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ أَكَلَ)). فأبهم فيه شيخَ الزهريِّ.

الوجه السابع: رواه الأوزاعي عن يونس عن الزهري مرسلًا. ولم نقفْ على هذه الرواية، ولكن ذكرها أبو داود عقب رواية ابن المبارك من السنن (رقم 222) فقال:"ورواه الأوزاعي، عن يونس، عن الزهري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. كما قال ابن المبارك".

قال المزي في (تحفة الأشراف 12/ 366) مبينًا مراد أبي داود: "ورواه الأوزاعي، عن يونس، عن الزهري - مرسلًا".

الوجه الثامن: رواه ابن وهب عن يونس، ولكن جعلَ قصةَ الأكلِ موقوفةً على عائشةَ، كذا ذكر هذا الوجه أبو داود تعليقًا (عقب رقم 222) فقال:"ورواه ابن وهب، عن يونس، فجعلَ قصةَ الأكلِ قولَ عائشةَ مقصورًا ".

والذي وقفنا عليه من رواية عبد الله بن وهب، أخرجه النسائي في (الكبرى 9192)، وأبو عوانة في (المستخرج 855)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 126)، وسحنون في (المدونة 1/ 135)، وغيرهم، من طرق عن عبد الله بن وهب عن الليث، ويونس، عن ابن شهاب، عن

ص: 571

أبي سلمة، عن عائشة قالت:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ)).

فاقتصر ابن وهب في روايته على وضوءِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وكَانَ جُنُبًا، ولم يذكرْ فيه:"قصة الأكل ولا الشرب".

قلنا: فمدار تلك الطرق على: يونس بن يزيد الأيلي، واضطرابه فيه يُشعر بعدم ضبطه له، وهو وإن كان من أصحاب الزهري الثقات، غير أن روايتَهُ عنه فيها بعض الأوهام، بل قال الإمام أحمد:"يونس كثير الخطأ عن الزهري"، وقال أيضًا:"في حديث يونس بن يزيد منكرات عن الزهري"، وقال أبو الحسن الميموني: سُئِلَ أحمد بن حنبل: مَن أثبت في الزهري؟ قال: معمر، قيل له: فيونس؟ قال: "روى أحاديث منكرة"(تهذيب الكمال 32/ 555).

ولخَّصَ ابنُ حَجرٍ ذلك فقال: "ثقةٌ إلَّا أن في روايته عن الزهري وهمًا قليلًا"(التقريب 7919).

ومن أوهامه في هذا الحديث قوله: ((وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ، أَو يَشْرَبَ غَسَلَ يَدَيْهِ))؛ فقد رواه جماعة من أصحاب الزهري الأثبات فلم يذكروا هذا الكلام، وهم:

- سفيان بن عيينة، رواه عنه أبو بكر بن أبي شيبة في (المصنف 662)، والشافعي كما في (معرفة السنن والآثار 1521)، وأحمد بن حنبل في (مسنده 24083)، وغيرهم.

- والليث بن سعد كما عند مسلم في (صحيحه 305)، وغيره.

- وابن جريج كما عند أحمد في (مسنده 25646).

ص: 572

- وابن أخي الزهري كما عند أبي عوانة في (المستخرج 855).

فرواه أربعتُهُم، وغيرُهُم عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ)) واللفظ لمسلم.

وتابع الزهري على هذا الوجه:

- يحيى بن أبي كثير، كما عند البخاري في (صحيحه 286).

- ومحمد بن عمرو كما عند أحمد في (المسند 26003)، وغيره.

- وعمر بن أبي سلمة كما عند ابن عدي في (الكامل في الضعفاء 7/ 441/ رقم 11316 - ط. الرشد).

فرووه ثلاثتهم عن أبي سلمة قال: ((سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ وَيَتَوَضَّأُ))، واللفظُ للبخاريِّ.

قلنا: بل قد جاءتْ روايةٌ ليونس بن يزيد موافقة للجماعة ليس فيه: "الأكل"، كما عند النسائي في (الكبرى 9192)، وأبي عوانة في (المستخرج 855)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 1/ 126)، وسحنون في (المدونة 1/ 135)، وغيرهم، وقد تقدمت قريبًا.

والأقربُ: أن ذِكرَ الأكلِ والشربِ في حديثِ الزهريِّ -إن كان حَفِظه يونس ولم يكن من منكراته- فهو من فُتيا عائشةَ رضي الله عنها موقوفًا عليها، كما رواه عبد الله بن وهب وهو إمامٌ من أئمة هذا الشأن، وقد فَصَّلَ في روايته عن يونسَ فجعله متابعًا لليثِ على الوضوء للنوم، كما سبق، بينما جعل الأكل من قول عائشة كما قال أبو داود، وقد تقدم قوله، وأقرَّه البيهقيُّ فقال: "قال أبو داود: ورواه ابن وهب عن يونس، فجعلَ قصةَ الأكلِ قولَ عائشةَ

ص: 573

مقصورًا. قال الشيخُ: وكذلك رواه الليث بن سعد، عن الزهري".

وسنذكرُ روايةَ الليثِ هذه قريبًا.

وكذا أقرَّهما ابنُ رَجبٍ الحنبليُّ فقال: "ورواه ابن وهب، عن يونس، فجعل ذكر الأكل من قول عائشة، ولم يرفعه، وأعلَّه أبو داود وغيرُهُ بذلك"(فتح الباري 2/ 57).

وقال البوصيريُّ: "هو في الصحيح غير قصة الأكل"(موارد الظمآن 1/ 370)

الطريق الثاني: رواه الليث بن سعد:

أخرجه البيهقيُّ في (الكبرى 996) فقال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو علي الحافظ، أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة، حدثنا يزيد بن مَوْهَب الرملي، حدثنا الليث بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة، ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَو يَشْرَبَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ إِنْ شَاءَ)).

وهذا الإسنادُ رجالُهُ ثقات، وقد ذكرَ البيهقيُّ أن روايةَ الليثِ هذه موقوفة في قصة الأكل والشرب مثل رواية ابن وهب، ويدلُّ عليه قوله:"قَالَتْ عَائِشَةُ" بين الفقرتين، وقولها رضي الله عنها في آخره:"إن شاء"، ومع ذلك فالأمرُ محتمل، وعلى أيةِ حالٍ، فذِكرُ الأكلِ والشربِ فيه شاذٌّ، فقد رواه عن الليث جماعةٌ من أصحابه الثقات ولم يذكروا فيه ذلك، ومنهم قتيبة بن سعيد، وابن رمح، ويحيى بن يحيى، ثلاثتهم عند مسلم (305)، وابن وهب عند النسائي

ص: 574

وغيره، ومعلى، وهاشم بن القاسم عند أبي عوانة (855)، كلهم رووه عن الليث دون ذكر الأكل والشرب.

بل رواه ابنُ حِبانَ (1212) عن محمد بن الحسن بن قتيبة بسنده، ولم يذكرْ فيه قصة الأكل والشرب، ويحتمل أنهم لم يذكروها لأنها عندهم موقوفة من فُتيا عائشةَ رضي الله عنها، كما ذهبَ إليه البيهقيُّ، فاقتصروا على تخريج المرفوع منه دون الموقوف، وهذا يقوِّي ما ذهبنا إليه بشأن رواية يونس آنفًا.

الطريق الثالث: رواه صالح بن أبي الأخضر، واختُلف عليه على وجوه:

الوجه الأول: رواه أحمد في (المسند 25598)، وابن راهويه في (المسند 822) -ومن طريقه النسائي في (الكبرى 9194) - قالا: ثنا وكيع، قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة وأبي سلمة عن عائشة:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَيْهِ» .

ورواه النسائي (في الكبرى 9046) من طريق وكيع به.

ورواه أحمد في (المسند 24873) عن علي بن إسحاق عن عبد الله بن المبارك عن صالح بنحوه، وزاد فيه ذكر الشرب.

الوجه الثاني: رواه أحمد في (المسند 24714) قال: ثنا سكن بن نافع، قال: ثنا صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن: «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ

» فذكره، وزاد فيه ذكر الشراب أيضًا، وقال في آخره:"إِنْ شَاءَ".

ورواه أبو علي الصواف في (فوائده، انتقاء أبي نعيم، ق 167/ ب) قال: حدثنا محمد بن عثمان، ثنا عقبة بن مكرم، ثنا المسيب بن شريك، عن

ص: 575

صالح بن أبي الأخضر بنحوه، لم يذكر الشرب.

الوجه الثالث: رواه الضياءُ في (المنتقى من مسموعات مرو، ق 38/ أ) من طريق أبي العباس الأصم، ثنا أبو الدرداء هاشم بن محمد بن يعلى الأنصاري، ثنا عتبة بن السكن، عن عيسى، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالتْ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ يَدَيْهِ» .

وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عتبة بن السكن، قال الدارقطني:"متروكُ الحديثِ"(السنن 3/ 153).

وذكر الدارقطنيُّ متابعات أُخر لعيسى بن يونس فقال: "

ومسلم بن إبراهيم، وحفص بن عمر النجار، عن صالح عن الزهري، عن عروة، عن عائشة " (العلل 3636).

الوجه الرابع: ذكره أبو داود تعليقًا فقال: "ورواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، كما قال ابن المبارك، إلا أنه قال: عن عروة -أو: أبي سلمة-"، هكذا على الشك (السنن 1/ 57، مع تحفة الأشراف 12/ 366).

ولم نقفْ على هذا الوجه مسندًا، ولكن عزاه ابن رجب للإمام أحمد فقال:"ورواه صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أبي سلمة أو غيره -بالشك- عن عائشة، خرَّجه الإمام أحمد"(فتح الباري 1/ 350).

قلنا: ومدار هذه الطرق على: صالح بن أبي الأخضر، قال ابن معين:"ليس بشيء في الزهري"(التاريخ برواية الدارمي 11)، وقال ابن حجر:"ضعيفٌ يُعتبرُ به"(التقريب 2844).

ولذا ضَعَّفَ حديثَهُ هذا الإمام أحمد (فتح الباري لابن رجب 1/ 350).

ص: 576

وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ صالحِ بنِ أبي الأخضرِ"(إتحاف الخيرة 4/ 282)

ومع ضَعْفِهِ، فقد خالفه أصحابُ الزهريِّ الأثبات فرووا الحديثَ بدون ذكر الأكل كما سبق، إلا أن يكون اختلط عليه المرفوع بالموقوف كما مرَّ معنا في حديثِ يُونسَ، والله أعلم.

رِوَايَةُ غَسَلَ فَرجَهُ وَمَضمَضَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ غَسَلَ فَرْجَهُ وَمَضْمَضَ ثُمَّ طَعِمَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، دون قوله:«وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ غَسَلَ فَرْجَهُ وَمَضْمَضَ ثُمَّ طَعِمَ» . فشاذ.

[التخريج]:

[عب 1081 (واللفظ له) / منذ 609 (مقتصرًا على آخره)].

[السند]:

رواه عبد الرزاق -ومن طريقه ابن المنذر- عن ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن عائشة أخبرته، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، غير أن ابنَ جُريجٍ متكلَّمٌ في روايتِهِ في الزهريِّ، فقال ابن معين:"ابن جُريجٍ ليسَ بشيءٍ في الزهريِّ" (تاريخ ابن معين،

ص: 577

رواية الدارمي، 13).

وقال ابن محرز: سمعتُ يحيى، وقال له عبد الله بن رومي أبو محمد اليمامي: أي شيء بلغني عن يحيى بن سعيد -يعني القطان-، أنه كان يتكلَّمُ في حديثِ ابنِ جُريجٍ، وابنِ أبي ذئبٍ، عن الزهريِّ؟ فقال يحيى بن معين، وأنا أسمع:"نعم، كان لا يوثقهما في الزهري"، فقال له عبد الله بن رومي اليمامي: ممَّ ذاك؟ قال: "كانوا يقولون: إن حديثهما إنما هو مناولة"(تاريخ ابن معين، رواية ابن محرز، 624).

وقال النسائي في (الكنى): أخبرنا معاوية، سمعت يحيى بن معين يقول:"كان يحيى بن سعيد لا يرضى حديث ابن أبي ذئب وابن جريج عن الزهري ولا يقبله"(تهذيب التهذيب 9/ 306).

قلنا: وقد خالفه أصحاب الزهري الأثبات؛ كابن عيينة، والليث بن سعد، وغيرهما، عن الزهري بدون هذه الزيادةكما سبق.

بل جاء عن ابن جريج بموافقة الجماعة:

رواه أحمد (25646) قال: حدثنا محمد بن بكر، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن عائشة، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

وهذه الرواية أولى لموافقتها الثقات في متنها، ونخشى أن تكون الأولى من أوهام الدبري راوي المصنف، فعنه أخذه ابن المنذر أيضًا، والله أعلم.

ص: 578

رِوَايَةُ سَأَلْتُ عَائِشَةَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: «سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْقُدُ (يَنَامُ) وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، [وَلَكِنَّهُ كَانَ لَا يَنَامُ حَتَّى يَغْسِلَ فَرْجَهُ،] وَيَتَوَضَّأَ [وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ]» .

[الحكم]:

صحيح (خ)، والزيادتان صحيحتان، وقد سبقتا عند البخاري في سياقة أخرى.

[التخريج]:

[خ 286 (واللفظ له) / حم 24083، 24969، 25667، 26003 (والرواية والزيادتان له ولغيره)، 25814/ ش 678/ طي 1588/ طش 2829/ جع 217/ معر 113/ مخلدي (288/ ب) / بقي (رجب 1/ 365) / عد (7/ 379) / كر (51/ 221) / بشن 636/ معقر 78/ حق 1041/ صلاة 51، 52/ أصم 388/ مخلص 846/ مخلق 224/ ضياء (مرو ق 96/ أ)].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا هشام وشيبان، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة

الحديث.

وأخرجه أحمد في (المسند 25667) قال: حدثنا يحيى.

ورواه أيضًا (24969) عن عبد الوهاب الخفاف.

كلاهما (يحيى القطان، والخفاف) عن هشام الدَّسْتُوائي، قال: حدثنا يحيى، عن أبي سلمة، قال سألت عائشة، به مع الزيادة الثانية.

ص: 579

وإسناده صحيح على شرط الشيخين.

ورواه أحمد (26003) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد، عن أبي سلمة، قال: سألت عائشة

الحديث بالرواية والزيادتين.

ورواه أيضًا (25814) عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو به.

وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ فيه: محمد بن عمرو بن علقمة، قال ابن حجر:"صدوقٌ له أوهامٌ"(التقريب 6188).

وقد تابعه: يحيى بن أبي كثير على أصل الحديث دون زيادة: "يَغْسِل فَرْجَهُ"، وقد سبقتْ في (صحيح البخاري 288) من طريق محمد بن عبد الرحمن يتيم عروة عن عروة عن عائشة قالت:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ» .

ص: 580

رِوَايَةُ زَادَ: فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأكُلَ أَو يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيح (م)، وذِكرُ الأكلِ فيه شاذٌّ، رَجَعَ عنه شعبة، وبهذا أعلَّه الإمامُ أحمدُ، وأقرَّه ابنُ رَجبٍ الحنبليُّ.

[التخريج]:

[م (305/ 22) (واللفظ له) / د 224/ ن 260/ كن 313، 6908، 9195/ جه 576/ حم 24949، 25597/ مي 2105/ خز 228/ عه 858/ طي 1481/ بز (18/ 267) / طس 5207، 6240/ ش 675/ مسن 697/ هق 991، 993، 14210/ هقغ 156/ طح (1/ 125/ 764) / حق 1484/ منذ 594/ ك (معرفة صـ 125) / تمييز 41/ تمهيد (17/ 38 - 39) / نبغ 493/ شعبة 32/ غر 129/ خلال (إمام 3/ 92) / حداد 318/ علائي (الأربعين 849) / ضيا (مرو ق 96/ أ)].

[السند]:

قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابنُ عليةَ ووكيعٌ وغندرٌ، عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، به.

وهذا إسنادٌ صحيحٌ، ورجاله ثقات؛ ولذا أخرجه الإمام مسلم في (صحيحه) وغيره، غير أن الإمام أحمد رواه في (مسنده 25584) فقال: حدثنا يحيى، عن شعبة، قال: حدثنا الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا، فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ تَوَضَّأَ» قال وكيع، ومحمد بن جعفر في هذا الحديث: «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، أَو يَأْكُلَ

ص: 581

تَوَضَّأَ» قال يحيى: ترك شعبة حديث الحكم في الجنب إذا أراد أن يأكل توضأ.

قال ابن دقيق العيد:

((وذكر الخلال في كتابه عن أحمد: "قال يحيى بن سعيد: رجع شعبة عن هذا الحديث، عن قوله: "أو يأكل". رواه عن محمد بن الحسين، أن الفضل حدَّثَهُم، قال: ثنا أحمد، ثنا عبدة ووكيع وغندر، عن شعبة

فذكره، وفيه:«إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَوْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ» .

وفي كتابه أيضًا عن أحمد بن القاسم قال: سمعت أبا عبد الله يقول: "إذا أراد أن ينام فليتوضأ وضوءه للصلاة، على الحديث، ثم ينام. فأما إذا أراد أن يطعم، فليغسل يديه ويمضمض ويطعم؛ لأن الأحاديثَ في الوضوء لمن أراد النوم". قال: "وبلغني أن شعبة ترك حديث الحكم بآخره، فلم يحدثْ به في من أراد أن يطعم، وذلك لأنه ليس يقوله غيره، إنما هو في النوم"(الإمام 3/ 92).

وأقرَّ أحمدَ ابنُ التركماني في (الجوهر النقي 1/ 203).

وقال ابنُ رجبٍ: "وقد تُكلِّم في لفظة: الأكل؛ قال الإمام أحمد: قال يحيى بن سعيد: رجع شعبة عن قوله: «يأكل»، قال أحمد: وذلك لأنه ليس أحد يقوله غيره، إنما هو في النوم". (فتح الباري لابن رجب 2/ 56).

وقال ابنُ حَجرٍ: "وروى ابن أبي خيثمة، عن القطان قال: تركَ شعبةُ حديثَ الحكمِ في الجنب إذا أراد أن يأكل. قلتُ: قد أخرجه مسلم من طريقه، فلعلَّه تركه بعد أن كان يُحَدِّثُ به لتفرده بذكرِ الأكلِ كما حكاه الخلال عن أحمد"(التلخيص الحبير 1/ 244).

ص: 582

قلنا: قد توبع الحكم، ولكنها متابعة شديدة الضعف، فقد رواه الطبراني في (الأوسط 6240) فقال: حدثنا محمد بن الفضل بن جابر السقطي قال: نا إبراهيم بن زياد، سبلان قال: نا إسماعيل بن علية، عن ميمون أبي حمزة، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَو يَطْعَمَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

قال الطبراني -عقبه-: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن أبي حمزة إلا ابن علية، تفرَّد به إبراهيم بن زياد سبلان".

وهذا الإسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ميمون أبو حمزة، "ضعيف"(التقريب 7057).

قال ابن رجب: "وقد رواه -أيضًا- ميمون أبو حمزة، عن إبراهيم، بهذا الإسناد، وزاد: ((وضوءه للصلاة))، خرَّجه الطبراني. أبو حمزة هذا ضعيفٌ جدًّا"(فتح الباري 1/ 350).

ومع ضَعْفِهِ فقد خالفه حماد بن أبي سليمان، كما رواه عنه أبو حنيفة في (مسنده رواية الحارثي 789).

فلم يذكرْ لفظةَ الأكلِ فيه، غير أن أبا حنيفةَ كان ضعيفًا في الحديثِ.

قلنا: قد روى الحديثَ عبدُ الرحمنِ بنُ الأسودِ عن أبيه، كما عند أحمدَ في (المسند 26342)، والدارمي في (المسند 776)، وإسحاق بن راهويه في (مسنده 1485) من طرقٍ عن ابنِ إسحاقَ قال: حدَّثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي، عن أبيه، عن عائشة، زوجِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: سَأَلْتُهَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَصْنَعُ إِذَا هُوَ جُنُبٌ، وَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ:«كَانَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَنَامُ» .

ص: 583

وهذا إسنادٌ حسنٌ من أجلِ ابنِ إسحاقَ.

وقد توبع الأسود على هذا اللفظ، تابعه أبو سلمة وعروة:

فأما رواية عروة؛ فأخرجها البخاري في (صحيحه 288) ولفظه: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ» .

وأما حديث أبي سلمة؛ فرواه البخاري في (صحيحه 286) ولفظه: ((سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، وَيَتَوَضَّأُ)).

وهو عند مسلم (305) بلفظ مقارب من لفظ البخاري.

فاجتمع عبد الرحمن بن الأسود في روايته عن أبيه، وأبو سلمة، وعروة في روايتهم لهذا الحديث عن عائشة في ذكر الوضوء للنوم، لم يذكروا في روايتهم لفظة:"الأكل".

وانفرد الحكم عن إبراهيم عن الأسود بذكر: "الأكل"، ولذا رجع شعبة عن هذه اللفظ لانفراد الحكم بها.

وقد روي الوضوء للأكل من طريق آخر كما في الرواية التالية:

ص: 584

رِوَايَةٌ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وَضُوءَ الصَّلَاةِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَأكُلَ تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

منكرٌ بذكرِ الأكلِ.

[التخريج]:

[طس 6240].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا محمد بن علي الصائغ قال: نا إبراهيم بن محمد الشافعي قال: نا ابن المبارك، عن معمر، عن قتادة، عن أبي سلمة، عن عائشة، به.

ثم قال: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن معمر عن قتادة إلا ابن المبارك " ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري".

[التحقيق]:

إسناده رجاله ثقات إن كان إبراهيم الشافعي هو ابن عم الإمام، وإلا فلا نعرفه، وهو إسنادٌ منكرٌ جدًّا، لا يُعرفُ عن قتادةَ ولا عن معمرٍ ولا عن ابنِ المباركِ إلا من هذا الوجه.

ومعمر، روايته عن قتادةَ ليست بالقوية، وهو القائل:"جلست إلى قتادةَ وأنا صغيرٌ، فلم أحفظْ أسانيده"(تاريخ ابن أبي خيثمة/ السفر الثالث 1203)، ولذا قال الدارقطني:"معمر سيئ الحفظ لحديث قتادة"(العلل 6/ 221).

ص: 585

والمحفوظ من رواية جماعة من الحفاظ الثقات عن ابن المبارك روايته عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة في غسل اليد للأكل، وهي معلولةٌ أيضًا كما تقدم.

والحديثُ محفوظٌ عن أبي سلمة من رواية الزهري ويحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو في الوضوء عند النوم دون ذكر الأكل، فلا يحفظ من رواية الثقات عن أصحاب أبي سلمة.

رِوَايَةُ أَو يَشْرَبَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ أَو يَأْكُلَ أَو يَشْرَبَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).

[الحكم]:

شاذٌّ بهذا اللفظِ.

[التخريج]:

[وكيع (رجب 1/ 350) / محلى (2/ 220)].

[السند]:

أخرجه وكيع -ومن طريقه ابن حزم في (المحلى) -: عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، غير أن مُصَنَّفَ وكيعٍ هذا قد رُوي من طريق محمد بن وضاح عن موسى بن معاوية عن وكيعٍ به؛ ولذا رواه ابن حزم في

ص: 586

(المحلى) من طريق ابن وضاح هذا.

وابن وضاح هو: محمد بن وضاح بن بزيع، قال ابن الفرضي:"له خطأٌ كثيرٌ يُحفظُ عنه، وأشياء كان يغلط فيها"(لسان الميزان 7533).

والذي يظهرُ لنا أن زيادةَ "يأكل أو يشرب" هي من أخطائه، وقد رَوى الحديثَ ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 675) -ومن طريقه مسلم في (صحيحه 305)، وابن ماجه (سننه 576) -.

وأحمد في (المسند 25597)، وابن راهويه في (مسنده 1484).

وابن خزيمة في (الصحيح 228) عن سَلْم بن جُنَادة.

أربعتهم عن وكيع عن شعبة بسنده، ليس في روايتهم:((أو يشرب)).

وقد تقدم في الرواية السابقة رجوع شعبة عن لفظة: "الأكل" لما رأى تَفَرُّدَ الحَكمِ بها.

ص: 587

رِوَايَةُ: أَسْبَغَ الوُضُوءَ ثُمَّ نَامَ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، أَسْبَغَ الوُضُوءَ ثُمَّ نَامَ» .

[الحكم]:

شاذٌّ بلفظِ: «أَسْبَغَ الوُضُوءَ» .

[التخريج]:

[عل 4772].

[السند]:

قال أبو يعلى: حدثنا عقبة، حدثنا يونس، حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ لأجلِ عنعنةِ ابنِ إسحاقَ، وانفراد يونس، وهو ابن بكير- بلفظ:((أَسْبَغَ الوُضُوءَ))، فيونسُ مختلفٌ فيه، وقد تكلَّمَ أبو داود في روايته عن ابن إسحاق خاصة فقال:"ليس هو عندي حجة؛ يأخذُ كلامَ ابنِ إسحاقَ فيوصله بالأحاديث"(سؤالات الآجري لأبي داود 115). ولخَّص حالَهُ الحافظُ فقال: "صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 7900).

وقد رَوى الحديثَ عنِ ابنِ إسحاقَ، جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ، كما عند (إسحاق 1485).

وأحمد بن خالد كما عند (الدارمي 784)، وغيره.

وإبراهيم بن سعد كما عند (أحمد 26342)، وغيرهم، فلم يذكروا فيه إسباغ الوضوء.

ص: 588

رِوَايَةٌ بِالأَمْرِ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا وَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، وَكَانَ يَقُولُ:«مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دونَ قولِهِ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» ، فحديثُ عائشةَ محفوظٌ من فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، فأما من قوله فقد سبق من حديث ابن عمر في جوابه صلى الله عليه وسلم على عمر.

[التخريج]:

[حم 24608/ مديني (لطائف 364) مقتصرًا على الأمر].

[التحقيق]:

رُوي من طريقين:

الأول:

أخرجه أحمد (24608): عن قتيبة، قال: ثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ ابنِ لهيعةَ، وبقية رجاله ثقات.

والشطر الأول من الحديث -وهو فعله صلى الله عليه وسلم صحيح كما سبق في «الصحيحين» .

وأما الشطر الثاني -وهو قوله صلى الله عليه وسلم؛ فصحَّ من حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم قاله لعمرَ عندما سأله عمرُ رضي الله عنه، وقد سبقَ ذِكْرُهُ أيضًا.

ص: 589

الطريق الثاني:

أخرجه أبو موسى المدينيُّ في (اللطائف من دقائق المعارف) فقال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الله بن عبد الواحد بن مَنْدَوَيْه المعدل، أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد العطار، نا الحارث بن أبي أسامة، ثنا يحيى بن إسحاق، ثنا سفيان وليث، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ)).

قال الحافظُ أبو موسى عقبه: "هذا حديثٌ صحيحٌ، أخرجه مسلم في كتابه عن يحيى بن يحيى، وغيره عن الليث، عن الزهري، غير أن لفظه: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ)) ".

قلنا: الحديثُ محفوظٌ عن الليثِ بنِ سعدٍ كما في مسلم (305)، وغيره، وكذا من حديث ابن عيينة كما عند أحمد وغيره، حكاية فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وليس قوله.

وقد رواه عن الليث جماعة، وهم:

- قتيبة بن سعيد، ومحمد بن رمح، ويحيى بن يحيى التميمي كما عند مسلم (305).

- وعبد الله بن وهب كما عند النسائي في (الكبرى 9192)، وغيره.

- ويزيد بن خالد بن موهب كما عند ابن حبان في (صحيحه 1212).

- وهاشم بن القاسم ومعلى بن أسد كما عند أبي عوانة في (المستخرج 855).

ص: 590

- وأحمد بن يونس كما عند حرب الكرماني في (مسائله، كتاب الطهارة 240).

ثمانيتُهُم عن الليث عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة:«أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» واللفظ لمسلم.

ورواه -أيضًا- عن ابن عيينة جماعة، وهم:

- أبو بكر بن أبي شيبة كما في (المصنف 662).

- والشافعي كما في (معرفة السنن والآثار 1521).

- وأحمد بن حنبل كما في (مسنده 24083).

- وإسحاق بن إبراهيم كما في (مسنده 1040)، وعنه النسائي في (الكبرى 9191)، وغيرهما.

- وقتيبة بن سعيد، ومسدد كما عند أبي داود في (سننه 221)، وغيره.

- وأبو نعيم الفضل بن دكين كما في (الصلاة له 57).

- وعبد الجبار بن العلاء كما عند ابن خزيمة في (صحيحه 226).

- وعلي بن عمرو الأنصاري كما عند أبي عوانة في (المستخرج 850).

تسعتهم وغيرهم عن سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ))، وألفاظهم متقاربة.

فليس في رواية الليث ولا ابن عيينة قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن نقل فعله صلى الله عليه وسلم.

ص: 591

رِوَايَةُ وَلَا يَمَسُّ مَاءً

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُجْنِبُ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يُصْبِحَ، وَلَا يَمَسُّ مَاءً» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[حم 25879].

[السند]:

قال أحمد: ثنا ابن نمير قال: ثنا حجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، عدا حجاج، وهو ابن أرطاة؛ قال الحافظ:"صدوق، كثير الخطأ والتدليس"(التقريب 1119).

قال أحمد: "في حديثه زيادة على حديث الناس، ليس يكاد له حديث إلا فيه زيادة"(الجرح والتعديل 3/ 156).

وقد زادَ في هذا الحديثِ زيادة في آخره، وهي قوله:«وَلَا يَمَسُّ مَاءً» .

ص: 592

رِوَايَةُ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ إِحْدَانَا وَهِيَ حَائِضٌ، أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ مُفرقًا، وإسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[حم 25104، 25980].

[السند]:

قال أحمد في الموضعين: حدثنا يزيد، أخبرنا الحجاج، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة، به.

يزيد هو: ابن هارون.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه الحجاج، وهو ابن أرطأة، وفيه كلام، وهو يدلس أيضًا، وقد عنعن، قال الحافظ:"صدوق، كثير الخطأ والتدليس"(التقريب 1119).

قال أحمد: "في حديثه زيادة على حديث الناس، ليس يكاد له حديث إلا فيه زيادة"(الجرح والتعديل 3/ 156).

وقد وهم حجاج فجَمَعَ بين متن حديث (مباشرة الحائض)، ومتن حديثنا، فجعلهما متنًا واحدًا.

وقد أخرج البخاري (302)، ومسلم (293) من طريق عبد الرحمن بن الأسود، عن أبيه، عن عائشة قالت: ((كَانَتْ إِحْدَانَا إِذَا كَانَتْ حَائِضًا أَمَرَهَا

ص: 593

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَأْتَزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِها، ثُمَّ يُبَاشِرُهَا)).

رِوَايَةُ الأَسْوَدِ:

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ يَزِيدَ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَأَلتُهَا كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ يَصْنَعُ إِذَا هُوَ جُنُبٌ، وَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ:«كَانَ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يَنَامُ» .

[الحكم]:

صحيحٌ بما سبقَ، وإسنادُهُ حسنٌ.

[التخريج]:

[حم 26342 (واللفظ له) / مي 776/ هق 992/ علائي (الأربعين 850)].

[السند]:

قال أحمد: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي به.

وأخرجه الدارمي -ومن طريقه العلائي- عن أحمد بن خالد، عن ابن إسحاق به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ حسنٌ من أجل ابن إسحاق، وقد سبقَ بنحوه في الصحيح من طرق أخرى.

ص: 594

1558 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَيْسٍ

◼عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

فَذَكَرَ الحَدِيثَ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الجَنَابَةِ؟ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ؟ أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: ((كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ))، قُلْتُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الأَمْرِ سَعَةً! !

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

[م (307/ 26) (واللفظ له) / د 1430/ ت 3146/ ن 409/ حم 24453، 25160/ خز 275/ ك 551/ عه 857/ طش 1917/ مسن 701/ هق 984، 985، 4899/ حق 1676/ سرج 1457، 1458/ حداد 321/ مَخْلَدي (ق 296/ أ) / برق (جمعص 4/ 176)].

[السند]:

قال مسلم: حدثني قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن معاوية بن صالح، عن عبد الله بن أبي قيس، قال: سَأَلْتُ عَائشَةَ

الحديث.

ص: 595

1559 -

حَدِيثُ يَحْيَى بنِ يَعْمُرَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ

◼ عَنْ يَحْيَى بنِ يَعْمُرَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ: سَأَلَهَا رَجُلٌ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ صَوْتَهُ مِنَ اللَّيلِ إِذَا قَرَأَ؟ قَالَتْ: «رُبَّمَا رَفَعَ، وَرُبَّمَا خَفَضَ» قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الدِّينِ سَعَةً! ! قَالَ: فَهَلْ كَانَ يُوتِرُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيلِ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ، رُبَّمَا أَوْتَرَ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَرُبَّمَا أَوْتَرَ مِنْ آخِرِهِ» قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الدِّينِ سَعَةً! ! قَالَ: فَهَلْ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَتْ: «رُبَّمَا اغْتَسَلَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ، وَرُبَّمَا نَامَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَكِنَّهُ يَتَوَضَّأُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ» قَالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الدِّينِ سَعَةً.

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بما سبقَ، وإسنادُهُ صحيحٌ إن كان ابن يعمر سمعَ عائشةَ، وإلا فمنقطعٌ.

[التخريج]:

[حم 25203 (مختصرًا)، 25331 (واللفظ له)، 25344 (ليس فيه موضع الشاهد) / عب 1085، 4253 (مطولًا) / حق 1350، 1351/ عدني (إتحاف 5977 مختصرًا ليس فيه الشاهد) / مخلدي (ق 288/ ب-289/ أ)].

[السند]:

رواه عبد الرزاق -وعنه أحمد- عن معمر عن عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر به.

ورواه إسحاق بن راهويه، وابن أبي عمر العدني عن عبد الرزاق بنحوه.

ص: 596

ومداره عند الجميع على معمر به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رواتُهُ ثقاتٌ، غير أن يحيى بن يعمر متكلَّمٌ في سماعه من عائشةَ رضي الله عنها، فأثبته البخاريُّ حيثُ روى ليحيى عن عائشة في الصحيح، بينما نَفَاهُ آخرون.

قال يحيى بن معين: "يحيى بن يعمر لم يسمعْ من عائشةَ"(تاريخ ابن معين- رواية الدوري 4026).

وقال أبو عبيد الآجري: "قلتُ لأبي داود: يحيى بن يعمر سمع من عائشة؟ قال: لا"(سؤالات الآجري 370).

قلنا: قد وقع في (المصنف 1076)، وعنه أحمد في (المسند 25331)، وإسحاق في (المسند 1350)، وابن أبي عمر العدني كما في (الإتحاف 5977) ما يوهم سماع يحيى بن يعمر هذا الحديث من عائشة، حيثُ جاءَ فيه السندُ هكذا: عن معمر، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر قال: سألتُ عائشةَ:

الحديث.

فقوله فيه: (سَأَلْتُ) يوهم أن يحيى هو الذي شافه عائشة بالسؤال، وكذا في رواية ابن أبي عمر العدني قال فيه:((سَأَلْنَا عَائِشَةَ)).

ولكن هذه المصادر وقعَ فيها تصحيفٌ.

فأما مصنفُ عبدِ الرزاقِ فقد عزا السيوطيُّ الحديثَ له، وجاء فيه:((سُئِلَتْ عَائِشَةُ)) (جمع الجوامع 23/ 271)، (الكنز 27434).

وأما مسندُ أحمدَ، فقدِ اختلفتِ النسخُ المطبوعةُ والمخطوطةُ في ذلك: فجاء في معظم الطبعات -عدا طبعة المكنز-، وفي النسخ:(ص) و (ق)

ص: 597

و (ح) و (ك): ((سَأَلْتُ))، بينما جاء في (ط. المكنز 25968)، وفي نسخ:(ظ 7) و (ظ 8) و (ف) و (ش): ((سُئِلَتْ))، وقد أشارَ محققو الرسالة لذلك فقالوا: في (ظ 7) و (ظ 8): ((سُئِلَتْ)).

وأما مسند إسحاق، فقد رَوى الحديثَ أبو العباسِ السراجُ كما في (الفوائد المنتخبة للمخلدي 288/ ب) عن إسحاق بن راهويه عن عبد الرزاق بسنده فقال:((سُئِلَتْ عَائِشَةُ)).

وأما مسند ابن أبي عمر العدني، فقد عزا الصالحي في (سبل الهدى والرشاد) الحديث له فجاء فيه:((سَأَلْتُ عَائِشَةَ)) مما يبين وجود تفاوت في كلا المصدرين: ففي الأول: ((سَأَلْنَا))، وفي الثاني:((سَأَلْتُ))، وكلاهما تصحيف، والصواب:((سُئِلَتْ)).

وعلى كُلٍّ فهذه الرواية يشهدُ لها الرواية السابقة عند مسلم، والله أعلم.

والحديثُ رواه الإمامُ أحمدُ في (المسند 25203) فقال: حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابنُ مبارك، عن معمر، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عائشة، قال: قلتُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ صَوتَهُ بِالقِرَاءَةِ؟ قَالَتْ: «رُبَّمَا رَفَعَ، وَرُبَّمَا خَفَضَ» .

ص: 598

1560 -

حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ

◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وَعَائِشَةَ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْقُدُ وَهُوَ جُنُبٌ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا معلٌّ.

[التخريج]:

[عطار (منتقى ق 79/ ب)].

[السند]:

رواه ابنُ مَخْلَد العطَّارُ في (الثاني من منتقى حديثه) فقال: حدثنا محمد، قال: ثنا حاتم، قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا بحر، عن الزهري، عن أبي سلمة، وسعيد، عن أم سلمة، وعائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فيه علتان:

الأولى: بحر، هو ابن كنيز السقاء، قال الذهبي:"متفقٌ على تركِهِ"(ديوان الضعفاء 546).

الثانية: أن المحفوظَ عن الزهريِّ ما رواه عنه الليث بن سعد كما في مسلم (305) فقال: عن أبي سلمة عن عائشةَ رضي الله عنها بها.

قال الدارقطني: "فرواه ابن عيينة والليث بن سعد، وابن جريج، وعقيل، وابن أخي الزهري، وزمعة بن صالح عن الزهري، عن أبي سلمة، عن عائشة

إلى أن قال: "وقال بحر السقاء: عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أم سلمة، وعائشة.

ص: 599

قال ذلك: إبراهيم بن سليمان الزيات، عنه، وقال الحارث بن مسلم: عن بحر، عن الزهري، عن سعيد، وأبي سلمة، عن عائشة" (العلل 3636).

ولا شك أن رواية الجماعة الثقات أَوْلى من رواية هذا المتروك، فكيف وقدِ اضطربَ فيه كما ترى؟

ص: 600

1561 -

حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ وُحْدِهَا

◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَجْنَبَ، لَمْ يَطْعَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طس 3368/ طص 325/ تكما (1/ 269)].

[السند]:

رواه الطبراني في (الأوسط، والصغير) -ومن طريقه ابن نقطة في (التكملة) - قال: حدثنا جعفر بن محمد بن بُرَيْق البغدادي، قال: نا سعيد بن محمد الجُرْمي، قال: نا أبو تُمَيْلة يحيى بن واضح، قال: نا أبو حمزة السكري، عن جابر الجُعْفي، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أم سلمة به.

قال الطبراني: "لم يَرْوِه عن عبد الرحمن بن سابط إلا جابر، تفرَّدَ به أبو حمزة السكري".

[التحقيق]:

هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: جابرٌ الجعفيُّ؛ متهمٌ بالكذبِ، وتقدَّم مِرارًا.

قال ابن معين: "لم يدع جابرًا الجعفي ممن رآه إلا زائدة، وكان جابر كذابًا"(تاريخ ابن معين - رواية الدوري 1397).

وقال النسائى: "متروكٌ"(الضعفاء والمتروكين 98).

ص: 601

ومع ذلك تساهلَ الهيثميُّ فقال: "فيه: جابرٌ الجعفيُّ، وقدِ اختُلفَ في الاحتجاجِ به". (مجمع الزوائد 1490).

مع أنه قال في مواضع أخرى من كتابه: "ضعيفٌ اتُّهم بالكذبِ"(مجمع الزوائد 807).

العلة الثانية: ابن سابط؛ كثير الإرسال، كما في (التقريب 3867).

ولم يذكروا سماعه من أمِّ سلمةَ، ويَروي عنها بواسطة كما في (مسند أحمد 26601).

فالظاهرُ أنه منقطعٌ، ويدلُّ عليه أن ابنَ معينٍ نفى سماعه من جابر وأبي أمامة الباهلي، وماتتْ أمُّ سلمةَ قبل الأول بعشر سنين وقبل الثاني بما يزيد عن عشرين.

ص: 602

رِوَايَةُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طب (23/ 313/ 707)].

[السند]:

رواه الطبراني عن محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أبو كُرَيْب، ثنا معاوية، عن سفيان وشيبان، عن جابر الجُعْفي، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أم سلمة، به.

[التحقيق]:

هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان تقدَّمَ ذكرهما في الرواية الماضية.

ص: 603

رِوَايَةُ غَسَلَ يَدَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ؛ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ؛ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأكُلُ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، دون قوله:«وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ؛ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأكُلُ» فشاذٌّ. وهذا إسنادٌ معلٌّ، وصوابُهُ أنه من حديث عائشة.

[التخريج]:

[طب (23/ 408/ 980)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا الخلال، ثنا يعقوب بن حميد، ثنا أنس بن عياض، عن يونس، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أم سلمة به.

[التحقيق]:

هذا سند رجاله ثقات، غير يعقوب بن حميد بن كاسب؛ اختُلفَ فيه: فضَعَّفَهُ: أبو حاتم، والنسائي، وابن معين في أصحِّ الروايتين عنه، ولم يَرْضَه أبو زرعة. وأثنى عليه البخاريُّ وغيرُهُ. وقال ابنُ حِبَّانَ:"ربما أخطأَ في الشيءِ بعدَ الشيءِ" انظر: (تهذيب التهذيب 11/ 336).

وقد خُولِفَ ابن كاسب في سندِهِ؛ خالفه إبراهيم بن المنذر:

فرواه الدارقطنيُّ (1/ 126) من طريق إبراهيم بن المنذر، حدثنا أبو ضمرة عن يونس عن ابن شهاب عن عروة وأبي سلمة عن عائشة به.

أبو ضمرة هو أنس بن عياض.

وإبراهيم أوثقُ وأثبتُ من ابن كاسب بكثيرٍ، فروايتُهُ هي الصوابُ.

ص: 604

وكذلك رواه ابنُ المباركِ، وغيرُهُ عن يونسَ، عن الزهريِّ، عن أبي سلمةَ، عن عائشةَ، به.

وقد سبقَ تخريجُهُ، وبَيَّنَّا هناك أن يونسَ انفردَ دون أصحاب الزهري بزيادة:«وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَطْعَمَ؛ غَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ يَأكُلُ» وشَذَّ في ذلك.

ص: 605

1562 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ بِاللَّيلِ فَيُرِيدُ أَنْ يَنَامَ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَوَضَّأَ ثُمَّ يَنَامَ» .

[الحكم]:

صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: مغلطايُ، والبوصيريُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[جه (586 دار إحياء الكتب العربية)

(1)

(واللفظ له) / عل 1365/ بز (مغلطاي 2/ 375) / سمويه 34/ فقط (أطراف 4758)].

[التحقيق]:

لهذا الحديث طريقان:

الطريق الأول:

رواه ابن ماجه، فقال: حدثنا أبو مروان العثماني محمد بن عثمان، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن يزيد بن عبد الله بن الهاد، عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري به.

ورواه أبو يعلى في (مسنده) فقال: حدثنا زهير، حدثنا محمد بن الحسن بن أبي الحسن المدني، حدثنا عبد العزيز بن محمد، به.

ورواه سمويه في (فوائده) قال: حدثني عبد الجبار بن النضر المصري -

(1)

وسقط الحديثُ من طبعة التأصيل -كالعادة-، وهو مثبتٌ في غيرها من الطبعات، كطبعة الرسالة، ودار الصِّديق، ودار الجيل، وغيرها كثير، وكذا أثبته المزيُّ في (التحفة 4101)، ومغلطايُ في (شرحه)، والبوصيريُّ في (مصباح الزجاجة)، كما سيأتي في التحقيق.

ص: 606

كذا قال، وصوابه: النضر بن عبد الجبار المصري-: أخبرنا نافع بن يزيد، أن ابن الهاد

به.

وقال البزارُ: "وهذا الحديثُ لا نعلمه يُروى عن أبي سعيدٍ إلا بهذا الإسناد"(شرح مغلطاي على ابن ماجه 2/ 375).

وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات، عدا عبد العزيز بن محمد، هو الدراوردي، حسن الحديث سبق مرارًا، وقد تابعه نافع بن يزيد الثقة كما عند سمويه.

ولذا قال مغلطايُ: "إسنادُهُ صحيحٌ"(شرحه على ابن ماجه 2/ 375).

وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقاتٌ، وله شاهدٌ في (الصحيحين) من حديث نافع عن ابن عمر، رواه أبو بكر بن أبي شيبة في (مصنفه) من حديث شداد بن أوس، ومن حديث عمار بن ياسر، ومن حديث علي بن أبي طالب"(مصباح الزجاجة 235).

الطريق الثاني:

رواه الدارقطني في (الأفراد): من طريق القاسم بن عبد الرحمن العمري عن عمه عبيد الله بن عمر، عن عبد الله بن خباب عن الخدري، به.

قال- عقبه -: "تفرَّدَ به: القاسم بن عبد الرحمن العمري عن عَمِّه عبيد الله بن عمر".

قلنا: ما أُبرزَ لنا من سنده فيه: القاسم بن عبد الرحمن العمري، ولم نتبين مَن هو، والذي يتراءى لنا أنه مُصَحَّفٌ من: القاسم بن عبد الله العمري فهو المشهورُ بالرواية عن عَمِّه عبيد الله، فإذا كان هو فالسندُ ضعيفٌ جدًّا؛ فالقاسمُ هذا قال الحافظ:"متروكٌ، رماه أحمد بالكذب"(التقريب 5468).

ص: 607

رِوَايَةُ أَصَبْتُ أَهْلِي

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ بِلَفْظٍ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَبْتُ أَهْلِي وَأُرِيدُ النَّوْمَ؟ قَالَ:«تَوَضَّأْ وَارْقُدْ» .

[الحكم]:

صحيحٌ، وصَحَّحَهُ العينيُّ.

[التخريج]:

[طح (1/ 127/ 784)].

[السند]:

قال الطحاوي: "حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: أنا ابن لهيعة ويحيى بن أيوب ونافع بن يزيد عن ابن الهاد .. "، بإسناده كسابقه.

[التحقيق]:

هذا سندٌ صحيحٌ؛ رجاله ثقات، غير ابن لهيعة والغافقي، وقد تابعهما نافع بن يزيد كما هو ظاهر، ونافع بن يزيد ثقة من رجال الصحيح.

وصَحَّحَ إسنادَ الحديثِ العينيُّ في (نخب الأفكار 2/ 558)، وانظر الرواية السابقة.

ص: 608

رِوَايَةُ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[مكرم 151].

[السند]:

قال مكرم البزاز في (الثاني من فوائده): حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي، حدثنا محمد بن عمر الواقدي حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ غير محمد بن عمر الواقدي، فإنه متروكٌ كما سبقَ مرارًا.

والحديثُ له طرقٌ أخرى أصح من هذه، وانظر الروايتين السابقتين.

ص: 609

1563 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ مُرْسَلًا

◼عَن عَبْدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ، أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ ذَكَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ، فَيُرِيدُ أَنْ يَنَامَ «فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ، ثُمَّ يَنَامُ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادٌ مرسلٌ.

[التخريج]:

[حم 11523].

[السند]:

قال أحمد: حدثنا هارون بن معروف، حدثنا ابن وهب، قال حيوة: حدثني ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ، لولا أنه مرسلٌ، حيوة هو ابنُ شريحٍ الثقةُ الثبتُ، وقد سبقَ موصولًا من طرقٍ أُخرى عنِ ابنِ الهادِ.

ص: 610

رِوَايَةُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ خَبَّابٍ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بما سبقَ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[جعفر 456].

[السند]:

قال أبو جعفر بن البَخْتَري: حدثنا أحمد، حدثنا الواقدي، حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب

(1)

قال:

فذكره.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: الواقدي: محمد بن عمر؛ فإنه متروكٌ كما سبقَ مِرارًا.

وباقي رجاله ثقات، وأحمد شيخ ابن البختري هو ابن الخليل بن ثابت البغدادي البرجلانى، وَثَّقَهُ الخطيبُ.

(1)

كذا وقع في المطبوع: عن عبد الله بن خباب: قلنا: يارسول الله. وهي كذا في الأصل (الظاهرية رقم 31 ق 89/أ).

فإما أن تكون خطأ من الواقدي، أو سَقَطَ من الناسخ ذِكرُ أبي سعيد، فقد وردَ الحديثُ عن الواقدي بإثبات أبي سعيد كما في فوائد مكرم البزاز (ح رقم 151 ط. البشائر)، والله أعلم.

ص: 611

الثانية: الإرسالُ؛ فعبدُ اللهِ بنُ خباب ثقةٌ، من الوسطى، من التابعين، وعليه فلا يستقيم مع ذلك قوله في الحديث:(قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ)، فالذي يظهرُ أن ثَمَّ سقطًا وقعَ من النَّاسخِ لأمالي أبي جعفر البختري، فقد روى الحديث مكرم البزاز في (فوائده) قال: حدثنا الحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي، حدثنا محمد بن عمر الواقدي، حدثنا عبد الله بن جعفر الزهري، عن ابن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري قال:

قُلْنا يَا رَسولَ اللهِ أَيَنامُ أَحَدُنا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذا تَوَضَّأَ» .

وهذا الوجهُ عنِ الواقديِّ قد تابعه عليه غيرُ واحدٍ منَ الثقاتِ، كما سبقَ.

ص: 612

1564 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

◼ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَرْقُدَنَّ جُنُبًا حَتَّى تَتَوَضَّأَ» .

وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «مَنْ كَانَتْ بِهِ جَنَابَةٌ، فَلَا يَنَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ الهيثميُّ.

[التخريج]:

[حم 9093 (واللفظ له) / حمد 1026 (والرواية له)].

[السند]:

قال أحمد: حدثنا حسين، حدثنا سفيان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عمَّن سَمِعَ أبا هريرةَ، بلفظِ السياقةِ الأُولى.

ورواه الحميديُّ عن سفيان بن عيينة به بلفظِ السياقةِ الثانيةِ.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإبهامِ الرواي عن أبي هريرة رضي الله عنه.

قال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ، وفيه رجلٌ لم يُسَمَّ"(مجمع الزوائد 1487).

* * *

ص: 613

رِوَايَةُ أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ جُنُبًا وَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَو يَنَامَ، تَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ دونَ قولِهِ: ((أَنْ يَأْكُلَ)) فشَاذٌّ، وهذا إسنادٌ معلٌّ، والصوابُ أنَّهُ من حديثِ عائشةَ كما سبقَ عند مسلمٍ.

[التخريج]:

[طس 8403 (واللفظ له) / تذ (2/ 233) / شعبة 30].

[السند]:

رواه الطبراني عن موسى بن سهل، نا إسحاق بن إبراهيم القرقساني، نا حجاج بن محمد، نا شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بَشير بن نَهيك، عن أبي هريرة به.

ورواه ابنُ المظفرِ في (حديث شعبة) -ومن طريقه الذهبيُّ- من طريق إسحاق بن إبراهيم به.

قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن قتادة إلا شعبة، ولا عن شعبة إلا حجاج، تفرَّدَ به: إسحاقُ بنُ إبراهيمَ القرقسانيُّ".

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: إسحاقُ بنُ إبراهيمَ القرقسانيُّ؛ سكتَ عنه ابنُ أبي حَاتمٍ (الجرح والتعديل 2/ 209)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 121)، فالظاهرُ أنه مجهولٌ.

ص: 614

الثانية: أن المحفوظَ عن شعبةَ ما رواه عنه أصحابُهُ الثقات: (ابن مهدي، والقطان، وابن زُرَيْع، وغندر، ووكيع، وابن علية) عنه، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به، وقد تقدمت روايتهم قريبًا، وذكرنا شذوذ زيادة الأكل ورجوع شعبة عن ذكرها في الحديث.

وبهذا أعلَّه ابنُ المظفرِ؛ فقال -بعد أن رواه من طريق القرقساني-: "وهذا إنما يُروى عن شعبةَ، عن الحكم، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة"(حديث شعبة 30).

ولذا استغربَ الذهبيُّ طريقَ القرقسانيِّ هذا فقال: "غريبٌ من هذا الوجهِ".

قلنا: ووجه غرابته ما ذكرناه لك.

ومع ذلك حَسَّنَ إسنادَهُ الهيثميُّ فقال: "وفيه: إسحاقُ بنُ إبراهيمَ القرقسانيُّ، وإسنادُهُ حسنٌ"(مجمع الزوائد 1488).

ص: 615

رِوَايَةُ وَيَغْسِلُ فَرْجَهُ

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلُ حَدِيثِ عَائِشَةَ: «إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» ، وَزَادَ:«وَيَغْسِلُ فَرْجَهُ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ معلٌّ.

والصوابُ أنه من حديثِ عائشةَ، كما سبقَ عند الشيخين.

[التخريج]:

[طح (1/ 126/ 766، 770)].

[السند]:

قال الطحاويُّ: حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، عدا محمد بن عمرو، وعلي بن شيبة:

أما محمدٌ فـ"صدوقٌ له أوهامٌ" كما في (التقريب (6188).

وأما علي بن شيبة فقال عنه مسلمة بن قاسم: "صدوقٌ"(الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة 8027)، وقال الخطيبُ:"روى عنه المصريون أحاديث مستقيمة"(تاريخ بغداد 6332).

غير أن عليَّ بنَ شيبةَ قد خُولِفَ في شيخِهِ يزيد بن هارون.

خالفه أحمد بن حنبل كما في (مسنده 26003).

ص: 616

ومحمد بن عبيد الله بن المنادى -وكان صدوقًا- كما عند ابن الأعرابي في (معجمه 113).

ومحمد بن رافع كما عند المخلدي في (الفوائد المنتخبة (288/ ب).

ثلاثتهم (أحمد والمنادى وابن رافع) عن يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة، به.

ورواية الجماعة أولى بالصواب من الواحد، كيف وفيهم الإمام أحمد بن حنبل؟ !

وقد توبع يزيد بن هارون من هذا الوجه متابعة تامة وقاصرة:

فأما المتابعة التامة؛ فتابعه إسماعيل بن جعفر كما عند أحمد في (المسند 25814)، وغيره، فرواه عن محمد بن عمرو به.

وأما المتابعة القاصرة؛ فقد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة بنحوه، كما عند البخاري في (صحيحه 286)، وغيره.

وكذا رواه الزهريُّ عن أبي سلمة كما عند مسلم في (صحيحه 305).

فالظاهرُ أن عليًّا هذا أخطأ في سنده بذكر أبي هريرة، والله أعلم.

ص: 617

1565 -

حَدِيثُ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ

◼ عَنْ عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الجُنُبِ يَنَامُ، قَالَ:«يَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وهذا إسنادُهُ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[طب (17/ 105/ 253)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا فُضيل بن محمد الملطي، ثنا أبو نعيم (ح) وحدثنا محمد بن العباس الأخرم الأصبهاني، ثنا أحمد بن كثير الواسطي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا قيس بن الربيع عن أبي هاشم عن أبي عمران عن عدي بن حاتم، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: قيس بن الربيع، الجمهورُ على تضعيفه: أحمد، وأبو زرعة، وابن معين، وابن المديني، والدارقطني. وكان شعبة يُثني عليه، وإنما أُتي من ابنٍ له أدخلَ عليه ما ليس من حديثه، فحَدَّثَ به، كما قال أبو داود وابنُ المديني. انظر (ميزان الاعتدال 5/ 477).

قال الحافظُ: "صدوقٌ، تغيَّر لما كبرَ، وأَدخَلَ عليه ابنُهُ ما ليسَ من حديثِهِ فحَدَّثَ به"(التقريب 5573).

الثانية: أبو عمران هذا لم نعرفْهُ، ولم نجدْ منَ الرُّواةِ مَن يَروي عن عديِّ

ص: 618

ابنِ حَاتمٍ، أو يَروي عنه أبو هاشم الرمانيُّ، من كنيته أبو عمران، في غير هذا الحديث- إلا أن الطبراني، قال على الظنِّ والتخمينِ:"أبو عمران أحسبه الجوني عن عدي"(المعجم الكبير 17/ 105).

وأبو عمران الجوني، ثقةٌ كما في (التقريب 4172)، إلا أننا لم نجدْ له رواية عن عدي بن حاتم، ولا رواية لأبي هاشم الرماني عنه.

فالذي يظهرُ لنا أن أبا عمران هذا مجهولٌ.

وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه: قيسُ بنُ الربيعِ؛ وَثَّقَهُ شعبةُ وسفيانُ، وضَعَّفَهُ آخرون ولم يُنسب إليه كذبٌ". (مجمع الزوائد 1495).

وللحديثِ شواهد في الصحيحِ مرَّ ذِكرُها.

ص: 619

1566 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ معلٌّ.

والصوابُ وقفه على عبد الله بن عمرو. كذا صوَّبه عفان بن مسلم، وأقرَّه أحمدُ، والبخاريُّ.

[التخريج]:

[طب (13/ 610/ 14528، 14529)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن زهير التُّسْتَري، ثنا أحمد بن يحيى السوسي، ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، غير أنه مُعَلٌّ، قد اختُلفَ فيه على قتادةَ:

فرواه سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ، واختُلفَ عليه:

فرواه عبد الوهاب بن عطاء عنه عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو به مرفوعًا، كما في روايتنا هذه.

وخالف عبدَ الوهابِ يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ، فرواه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو موقوفًا.

ص: 620

وهذه الروايةُ هي الأصحُّ، فقد كان يحيى مع تثبته وحفظه عالمًا بحديث سعيد بن أبي عروبة كما قال عبد الرحمن بن مهدي وأحمد رحمهما الله (العلل لأحمد رواية ابنه عبد الله 2494، 2571)

ولعلَّ الطبرانيَّ أشارَ للروايةِ الموقوفةِ هذه عن سعيدٍ، فقد أسندَ بعدَ روايتِهِ المرفوعة المخرج لها الحديث ثانية بسنده المتقدم فقال: حدثنا أحمد بن زهير، ثنا أحمد بن يحيى السوسي، ثنا عبد الوهاب، ثنا سعيد، عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو، مثله، وإلا فما الداعي لتكرار السند مرَّة ثانية؟ !

قلنا: ومع أن الصحيحَ عن سعيدٍ هو الوقفُ، فقد أخطأَ أيضًا في سندِهِ، حيثُ خالفه همام بن يحيى، فروى الحديثَ فقال: عن قتادةَ، عن شريك بن خليفة قال: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرٍو: آكلُ وَأَنَا جُنُبٌ؟ قال: تَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ. فجعلَ شيخَ قتادةَ شريكَ بنَ خليفةَ.

أخرجَ هذه الرواية حرب الكرماني في (مسائله، كتاب النكاح 2058) قال: حدثنا أحمد، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن همام، به.

وكذا رواه عبد الله بن أحمد في (العلل 392) عن أبيه عن بهز، وعفان.

وابن المنذر في (الأوسط 606) عن يحيى بن محمد عن أبي عمر الحوضي.

وعلَّقه البخاري في (التاريخ الكبير 4/ 239) عن سَلْم بن قتيبة.

أربعتهم رووه عن همام كما رواه ابن مهدي عن قتادة به موقوفًا.

قلنا: صوَّب عفان بن مسلم روايةَ همامٍ هذه، وخَطَّأَ روايةَ سعيدٍ، وأقرَّه أحمدُ والبخاريُّ، فقال حرب الكرماني: "قال أحمد: أصحابُ قتادةَ: شعبة،

ص: 621

وسعيد، وهشام، إلا أن شعبة لم يبلغ علم هؤلاء، كان سعيد يكتبُ كلَّ شيءٍ. قال أحمد: وذكر عفان حدثنا، فقال: أصاب همام، وأخطأ هشام وسعيد. والحديث هو: همام، عن قتادة، عن شريك بن خليفة، عن عبد الله بن عمرو. قال سعيد: عن قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد الله بن عمرو. قال هشام: عن قتادة عن شريك بن خليفة، عن ابن عمر. قال: فوافقه سعيد بن عبيد الله بن عمرو. ووافقه هشام في شريك بن خليفة. قال: وأصاب همام وأخطأ كلاهما" (مسائل حرب كتاب النكاح 3/ 1241 - 1243)، مع (العلل لأحمد -رواية ابنه- 392).

وقال البخاري: "شريك بن خليفة السدوسي وكان من الأزارقة، سأل عبد الله بن عمرو، روى عنه قتادة - قاله همام، وقال هشام: ابن عمر، وقال ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو، ويقال: عن سَلْم عن همام عن قتادة عن شريك بن خليفة التميمي، قال عفان: قلت ليحيى بن سعيد: إن همامًا قال: عن قتادة عن شريك بن خليفة سألتُ عبد الله بن عمرو فقال: الجنب إذا أراد أن يشرب أو يأكل يتوضأ. وقال هشام عن قتادة عن شريك عن عبد الله بن عمر - تابعه هشام في شريك، وقال سعيد عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو فتابع سعيد همامًا في عبد الله بن عمرو، فهمام أصوب منهما جميعًا"(التاريخ الكبير 4/ 138 - 139).

ص: 622

1567 -

حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعيِّ

◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَجْنَبَ فَأَرَادَ أَنْ يَنَامَ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ.

[الحكم]:

صحيح المتن، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[كن 9197].

[السند]:

رواه النسائي في (الكبرى) فقال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا عبد الله، عن سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لجهالة مَن حَدَّثَ إبراهيم النخعي به.

وقد قال ابن العراقي: "وهو في مسلم وأبي داود والنسائي وابن ماجه، من روايته عن الأسود، عن عائشة"(المستفاد من مبهمات المتن والإسناد 1/ 221).

ص: 623

1568 -

حَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ مُرْسَلًا

◼ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ. وقد سبقَ في (الصحيحين) من حديث عائشة.

[التخريج]:

[كن 9196/ ثوري 87].

[السند]:

رواه النسائي فقال: أخبرنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا

ثم ذكر على إثره سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

ورواه السَّري بن يحيى في (حديث الثوري) فقال: حدثنا قبيصة عن سفيان بنحوه.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، رجال الشيخين، غير أنه مرسلٌ؛ إبراهيم النخعي تابعي، فضلًا عن كونه ليس له سماع من أحد من الصحابة (جامع التحصيل صـ 141).

إلا أن المتنَ يصحُّ مرفوعًا من وجوهٍ أخرى سبقَ بيانُها.

ص: 624

1569 -

حَدِيثُ جَابِرٍ

◼ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الجُنُبِ: هَلْ يَنَامُ أَو يَأكُلُ أَو يَشْرَبُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» .

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ.

[التخريج]:

[جه 592 (دار إحياء الكتب العربية)

(1)

(واللفظ له) / خز 230/ صحا 1492/ منذ 603/ عد (6/ 129) / أنباري (منتقى 166/ أ)].

[التحقيق]:

له طريقان عن جابر:

الطريق الأول:

رواه ابن ماجه قال: حدثنا محمد بن عمر بن هَيَّاج، حدثنا إسماعيلُ بنُ صَبِيحٍ، حدثنا أبو أويس، عن شرحبيل بن سعد، عن جابر، به.

ورواه الباقون -خلا ابن عدي- من طريق أبي أويس المدني به.

وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه شرحبيل بن سعد، الجمهورُ على تضعيفه، وقال ابن عدي:"له أحاديث وليست بالكثيرة، وفي عامة ما يرويه نكارة"، وانظر (تهذيب التهذيب 4/ 320)

(1)

سقط هذا الحديث من طبعة التاصيل، وهو مثبتٌ في غيرها؛ كطبعة الصديق (592)، والرسالة (592)، ودار الجبل (592) وغيرها، وذكره المزيُّ في (التحفة 2280)

ص: 625

وبه ضَعَّفَهُ ابنُ رجبٍ فقال: "وروى شرحبيل بن سعد، عن جابر، قال سُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الجنب:

وشرحبيل، ضَعَّفَهُ يحيى وغيرُهُ" (فتح الباري 1/ 352).

وفيه -أيضًا-: أبو أويس، واسمه عبد الله بن عبد الله بن أويس؛ مختلفٌ فيه، قال عنه أحمد:"صالح"، والجمهورُ على تليينه، منهم: ابن المديني، وابن معين، والنسائي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والفلاس، ويعقوب بن شيبة، وابن عدي، وغيرهم. انظر:(تهذيب التهذيب 5/ 281). وقال الحافظ: "صدوقٌ يهمُ"(التقريب 3412).

ومع هذا تساهلَ فيه ابنُ خزيمةَ فأخرجه في (صحيحه).

الطريق الثاني:

رواه ابن عدي فقال: ثنا محمد بن يوسف بن عاصم، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا عبد الرحمن بن شريك بن عبد الله، ثنا أبي عن ابن عقيل عن جابر بنحوه.

وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عللٍ:

الأولى: عبد الرحمن بن شريك؛ قال فيه أبو حاتم: "واهي الحديث"(الجرح والتعديل 5/ 244)، وذكره ابن حبان في (الثقات 3/ 375)، وقال:"ربما أخطأ"، وقال الحافظ:"صدوق يخطئ"(التقريب 3893).

ولذا قال ابن عدي -عقبه-: "سمعتُ ابنَ سعيدٍ يقول: إسحاق بن الأزرق يغربُ على شريك بأحاديثَ، وهكذا عبد الرحمن بن شريك يغربُ على أبيه".

الثانية: شريك النخعي؛ سيئ الحفظ، وفي (التقريب 2787): "صدوقٌ،

ص: 626

يُخطئُ كثيرًا".

الثالثة: عبد الله بن محمد بن عقيل؛ الجمهور على تليينه، وفي (التقريب 3592):"صدوقٌ، في حديثه لين". قال ابن طاهر المقدسي: "إن البخاريَّ رواه عنه خارج الصحيح، وأما في الصحيح فلا؛ لأن عبد الله بن محمد بن عقيل ليس من شرط الصحيح"(ذخيرة الحفاظ 3/ 1631).

ص: 627

1570 -

حَدِيثُ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ

◼ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ يَأْكُلُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ:«لَا يَأْكُلُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» . قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ يَرْقُدُ الجُنُبُ؟ قَالَ:«مَا أُحِبُّ أَنْ يَرْقُدَ وَهُوَ جُنُبٌ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ؛ فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يُتَوَفَّى فَلَا يَحْضُرُهُ جُبْرِيلُ عليه السلام» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[طب (25/ 36/ 65)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا أحمد بن النضر العسكري، ثنا إسحاق بن زريق [الرسعني]

(1)

، ثنا عثمان بن عبد الرحمن، عن عبد الحميد بن يزيد عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز عن ميمونة بنت سعد، به.

[التحقيق]:

" هذا حديثٌ من نسخةٍ رواها إسحاق بن زريق الرسعني عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن عبد الحميد بن يزيد الخُشَني عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز عن ميمونة بنت سعد"، (تاريخ دمشق 59/ 42)، وأكثر منها الطبراني.

(1)

في المطبوع، والأصل:(الراسبي) وليس بصواب، والصواب ما أثبتناه. انظر (الثقات لابن حبان 8/ 121)، و (المؤتلف والمختلف للدارقطني 2/ 1020)، و (الأنساب للسمعاني 6/ 119).

ص: 628

وسندُ هذه النسخةِ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عللٌ:

العلة الأولى: إسحاق بن زريق، أو رزيق، مجهولٌ، انْفَرَدَ بتوثيقه ابنُ حِبَّانَ (الثقات 8/ 121).

العلة الثانية: عثمان بن عبد الرحمن، هو الطرائفيُّ؛ ضعيفٌ، قال الحافظ في (التقريب 4494):"صدوقٌ، أكثر الرواية عن الضعفاء والمجاهيل، فضُعِّفَ بسبب ذلك حتى نَسَبَهُ ابنُ نُمَيرٍ إلى الكذبِ، وقد وَثَّقَهُ ابنُ مَعينٍ".

قال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه: عثمان بن عبد الرحمن عن عبد الحميد بن يزيد. وعثمان بن عبد الرحمن هو الحراني [الطرائفي]

(1)

، وَثَّقَهُ يحيى بن معين، وقال أبو حاتم: صدوقٌ. وقال أبو عروبة الحراني وابن عدي: لا بأس به- يروي عن مجهولين. وقال البخاري وأبو أحمد الحاكم: يروي عن قوم ضعاف، وقال أبو حاتم: يُشْبِهُ بقيةَ في روايته عن الضعفاء" (مجمع الزوائد 1498).

العلة الثالثة: شيخ الطرائفي عبد الحميد بن يزيد، أحدُ المجاهيلِ الذين أكثر عنهم الطرائفي، قال الشوكاني:" مجهولٌ كما قال العراقيُّ"(نيل الأوطار 3/ 138).

وقد صوَّبَ الألبانيُّ في (الصحيحة 6/ 1160) أنه عبد الحميد بن سلمة بن يزيد، ويقال له:(عبد الحميد بن يزيد)، وهو مجهولٌ كما في (التقريب 3763).

قلنا: ولا يُسَلَّم للشيخِ الألبانيِّ بذلك، فهو ليس الأنصاري، بل الخشني

(1)

في المطبوع: "الطرائقي" وهو خطأ، والصواب ما أثبتناه.

ص: 629

كما ذكر ذلك ابن عساكر في ترجمة (آمنة بنت عمر بن عبد العزيز). (تاريخ دمشق 69/ 41).

العلة الرابعة: آمنة بنت عمر بن عبد العزيز، لها ترجمة في تاريخ دمشق لابن عساكر فقال: "آمنة- ويقال: أمينة- بنت عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص. حَدَّثَتْ عن ميمونة بنت سعد، روى عنها عبد الحميد بن يزيد الخشني

ثم أسند لها حديثنا هذا وقال: " هذا حديثٌ من نسخةٍ رواها إسحاق بن زريق الرسعني عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي عن عبد الحميد بن يزيد الخشني عن آمنة بنت عمر بن عبد العزيز عن ميمونة بنت سعد، وروى عمرو بن هشام الحراني عن عثمان شيئًا منها ونسبها"(تاريخ دمشق 69/ 41/ 42).

قلنا: ليس لها رواية إلا من طريق عبد الحميد بن يزيد المجهول، وروى عنها نسخة كما قال ابن عساكر، وكلُّ ذلك غير كافٍ في معرفة حالها، وعليه فهي مجهولة عندنا.

العلة الخامسة: الانقطاعُ، فآمنة بنت عمر يُستبعد سماعها أو لقاؤها لأحدٍ من الصحابةِ؛ فإن أباها عمر لم يذكروا له رواية عنهم إلا عمَّن تأخرتْ وفاته منهم كأنسٍ رضي الله عنه. (الصحيحة (6/ 1160).

ومع ذلك قال السيوطيُّ في (تنوير الحوالك 1/ 68 ط. العلمية): "إسنادُهُ لا بأسَ به".

وتبعه على ذلك الزرقانيُّ في (شرح الموطأ 1/ 144).

ص: 630

1571 -

حَدِيثُ مَالِكٍ أَبِي مُوسَى الغَافِقِيِّ

◼ عَنْ مَالِكٍ (سَمَّاهُ بَعْضُهُم: ابنَ عُبَادَةَ، وَسَمَّاهُ بَعْضُهُم: ابنَ عَبْدِ اللهِ) الغَافِقِيِّ قَالَ: أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَومًا طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ:«اسْتُرْ عَلَيَّ حَتَّى أَغْتَسِلَ» . فَقُلتُ: أَكُنْتَ جُنُبًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه، فَجَاءَ (فَجَرَّنِي) إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ:[يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ] 1 هَذَا يَزعُمُ أَنَّكَ أَكَلْتَ وَأَنْتَ جُنُبٌ. فَقَالَ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأْتُ أَكَلْتُ وَشَرِبْتُ، وَ [لَكِنِّي [2 لَا أُصَلِّي وَلَا أَقرَأُ حَتَّى أَغْتَسِلَ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأْتُ أَكَلْتُ، وَلَكِنْ لَا أَقْرَأُ [القُرْآنَ] إِلَّا وَأَنَا طَاهِرٌ» .

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا.

وَضَعَّفَهُ: النوويُّ، والغسانيُّ، والهيثميُّ، والألبانيُّ. وهو ظاهرُ صنيعِ البزارِ.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [طب (19/ 295/ 656) (واللفظ له) / طح (1/ 88/ 570) (والزيادتان والرواية له) / مصر (صـ 338) / عبد (صـ 196) مختصرًا].

تخريج السياقة الثانية: [صبغ 2993 (واللفظ له) / قا (3/ 54) (والزيادة له)].

ص: 631

[التحقيق]:

روى هذا الحديثَ عبدُ اللهِ بنُ لهيعةَ، واضطربَ فيه على وجوهٍ:

الوجه الأول:

رواه الطبرانيُّ في (الكبير) فقال: حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا ابن لهيعة، عن ثعلبة بن أبي الكَنُود، عن مالك بن عبد الله الغافقي بلفظ الرواية الأولى.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فيه أربعُ عللٍ:

الأولى: بكر بن سهل، هو الدمياطيُّ، متكلَّمٌ فيه كما تقدَّمَ مِرارًا، وقد أسقطَ مِن سنده راويًا كما سيأتي، هذا إن لم يكن السقط من اضطراب ابن لهيعة أو من النساخ.

الثانية: سوء حفظ ابن لهيعة، ويدلُّ عليه هنا اضطرابُهُ فيه كما سيأتي.

الثالثة: ثعلبة بن أبي الكنود، ترجم له البخاري في (الكبير 2/ 175)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 463)، ولم يذكرا فيه شيئًا، بينما ذكره ابن حبان في (الثقات 4/ 99)، وهذا على قاعدته في توثيق المجاهيل.

الرابعة: الانقطاع، فبين عبد الله بن لهيعة وثعلبة في هذا الحديث رجل، وهو عبد الله بن سليمان كما في

الوجه الثاني: فرواه البغويُّ في (معجمه 2993) -ومن طريقه ابن قانع في (3/ 54) - عن هارون بن عبد الله قال: نا هشام بن سعيد الطالقاني قال: أنا ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة بن الكنود (! ! ) عن مالك بن عبد الله الغافقي به.

ص: 632

كذا وقع فيه: (ابن الكنود).

ورواه ابن عبد الحكم في (فتوح مصر صـ 338) عن سعيد بن عُفير وأسد بن موسى وعثمان بن صالح، ثلاثتهم عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة أبي الكنود (! ! ) عن مالك بن عبد الله الغافقي به.

كذا وقع فيه: (أبي الكنود)، وحَمَل ابن عبد الحكم رواية سعيد وأسد على رواية عثمان، فإنهما قد سميا صحابيه:(عبد الله بن مالك) كما عند ابن عبد الحكم نفسه في موضع آخر (صـ 148)، وكذا عند غيرِهِ كما سيأتي في الوجه الرابع.

الوجه الثالث:

رواه الطحاويُّ في (المعاني 1/ 88/ 570) من طريق عمرو بن خالد الحراني ويحيى بن بُكير القرشي، كلاهما عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة بن أبي الكنود عن مالك بن عبادة الغافقي به.

فسمَّى صحابيه: (مالك بن عبادة)، وهو المشهورُ في اسم أبي موسى الغافقي، وسمَّاه ابنُ قانعٍ:"مالك بن عبد الله بن عبادة"، فلو صحَّ هذا فيُجمع به بينَ هذا الوجه وسابقه بأن يقال: نُسِبَ هنا إلى جده.

ورواه أبو عبيد في (فضائل القرآن) من طريق ابن أبي مريم، عن ابن لهيعة به، إلا أنه وقع فيه:"عن ثعلبة أبي الكنود أو ابن أبي الكنود"، وسمَّى صحابيه:"مالك بن جنادة الغافقي"، ولعلَّ "جنادة" محرفة عن "عبادة".

الوجه الرابع: رواه الطبراني في (الكبير) كما في (الإمام لابن دقيق العيد 3/ 75) -وعنه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 4513) - من طريق أسد بن موسى.

ص: 633

ورواه البغويُّ في (معجمه 2388) -وعنه ابن قانع في (معجمه 2/ 87) -، وابن أبي خيثمة في (تاريخه، السفر الثاني 1/ 341)، والبيهقي في (الكبير 419) من طريق ابن وهب.

ورواه ابن عبد الحكم في (فتوح مصر، صـ 148) عن أسد بن موسى، وسعيد بن عفير.

ورواه القاسم بن سلام في (فضائل القرآن، صـ 196) عن سعيد بن عفير.

ورواه الدارقطني في (السنن 427، 428) من طريق أبي الأسود، وسعيد بن عفير.

أربعتهم (ابن وهب، وأبو الأسود، وابن عفير، وأسد بن موسى) عن ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبد الله بن مالك الغافقي، بنحوه، وسيأتي لفظه.

فسَمَّوْا صحابي الحديث: عبد الله بن مالك! !

وإسنادُهُ من هذه الوجوهِ السابقةِ ضعيفٌ جدًّا، فيه أربعُ عللٍ:

الأولى والثانية: سوء حفظ ابن لهيعة واضطرابه فيه.

الثالثة: الجهل بحال ثعلبة، وقد تقدم.

الرابعة: عبد الله بن سليمان، ترجم له ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 75) فقال:"البكري، روى عن ثعلبة بن أبي الكنود عن أبي موسى الغافقي، روى عنه ابن لهيعة وروى عمرو بن سواد السرحي المصري عن عبد الله بن كليب المرادي عنه"، ولم يزد على ذلك؛ فالظاهر أنه مجهولٌ.

ولكن ذهبَ العينيُّ في (مغاني الأخيار 3/ 525)، والشيخُ أبو ترابٍ

ص: 634

السنديُّ في (كشف الأستار عن رجال معاني الآثار)، والشيخُ الألبانيُّ في (الضعيفة 2501) إلى أن عبد الله بن سليمان هذا هو "عبد الله بن سليمان بن زرعة الحميري، أبو حمزة البصري الطويل"، وهو من رجال التهذيب، قال فيه ابن حجر:"صدوقٌ، يُخطئُ"(التقريب 3370).

قلنا: وهذا الرأي له نصيب من النظر، ولكن فَرَّق ابن أبي حاتم بين عبد الله بن سليمان الطويل، وعبد الله بن سليمان البكري، فالله أعلم.

هذا، وقد تابع الواقدي ابن لهيعة على الوجه الرابع كما عند البيهقي في (الخلافيات 316)، وسمَّى تلميذ ثعلبة:"عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة"، وهو الأسلمي المدني "صدوق يخطئ"، ولكن الواقدي كذابٌ، فلا يُفرحُ بمتابعته.

هذا، وقد قال البزارُ -عقب حديثٍ آخر لأبي موسى الغافقي-:"ولأبي موسى الغافقي حديث آخر لم يصح عندي، فأمسكتُ عنه"(كشف الأستار 216).

والظاهرُ أنه يعني به هذا الحديث؛ إذ إن كلامه يتضمن أن ليس لأبي موسى سوى حديثين، هذا، والذي أخرجه، وبهذا جزم ابن عبد الحكم في فتوح مصر (صـ 338، 339).

وعليه، فهذا الحديثُ لم يصحَّ عند البزار، وهو كذلك عندنا.

وقال عنه النوويُّ: "إسنادُهُ ضعيفٌ"(المجموع 2/ 159).

وقال عبدُ اللهِ الغسانيُّ: "لا يثبتُ، وابنُ لهيعةَ لا يُحتجُّ به"(تخريج الأحاديث الضعاف 84).

وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه ابن لهيعة، وفيه ضَعْفٌ،

ص: 635

وفيه مَن لا يُعرفُ" (مجمع الزوائد 1492).

وضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (الضعيفة 2501).

ص: 636

1572 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ الغَافِقِيِّ

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَالِكٍ الغَافِقِيِّ، قَالَ: أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا طَعَامًا ثُمَّ قَالَ: «اسْتُرْ عَلَيَّ حَتَّى أَغْتَسِلَ» ، فَقُلتُ لَهُ: أَنْتَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ فَخَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ أَكَلْتَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، فَقَالَ:«نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأْتُ [وَأَنَا جُنُبٌ] أَكَلْتُ وَشَرِبْتُ وَلَا [أُصَلِّي، وَلَا [أَقرَأُ حَتَّى أَغْتَسِلَ» .

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ وَأَنْتَ جُنُبٌ، أَكَلْتَ وَشَرِبْتَ، وَلَا تُصَلِّي» .

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا كما سبقَ.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [طب (إمام 3/ 75) / قط 427 (واللفظ له)، 428 (مقتصرًا على آخره والزيادتان له) / هق 419/ هقخ 316/ عبد، صـ 196/ تخث (الثاني 1/ 341) / صبغ 2388/ مصر، صـ 148/ صحا 4513/ صمند (إصا 6/ 358)].

تخريج السياقة الثانية: [قا (2/ 87)].

[التحقيق]:

الحديثُ له طريقان:

الأول: رواه الطبرانيُّ في (الكبير) كما في (الإمام لابن دقيق العيد 3/ 75) -وعنه أبو نعيم في (معرفة الصحابة 4513) - قال: ثنا المقدام بن داود، ثنا أسد بن موسى، ثنا ابن لهيعة، ثنا عبد الله بن سليمان، عن

ص: 637

ثعلبة بن أبي الكنود، عن عبد الله بن مالك الغافقي، بنحوه.

ورواه الدارقطني في (السنن 427، 428) من طريقين عن أبي الأسود، وسعيد بن عفير عن ابن لهيعة، به.

ومداره عند الجميع -عدا البيهقي في (الخلافيات) - على ابن لهيعة به.

وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، فيه أربعُ عللٍ، تقدم ذِكرُهَا تحتَ الحديثِ السابقِ.

الثاني: رواه البيهقيُّ في (الخلافيات) من طريق الواقدي عن عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة عن ثعلبة، به.

وإسنادُهُ ساقطٌ؛ الواقديُّ متروكٌ، وثعلبةُ مجهولٌ كما تقدم.

ص: 638

1573 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ

◼ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلجُنُبِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَو يَنَامَ أَنْ يَتَوَضَّأَ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ الهيثميُّ.

[التخريج]:

[طب (11/ 286/ 12016/ 2 ط. دار إحياء التراث)].

[السند]:

قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا يوسف بن خالد السمتي، عن عيسى بن هلال السدوسي، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.

[التحقيق]:

هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته يوسفُ السمتيُّ؛ قال الحافظُ: "تركوه، وكذَّبه ابنُ مَعينٍ". (التقريب 7862).

وقال الهيثمي: "وفيه: يوسف بن خالد السمتي؛ قال فيه ابن معين: كذابٌ خبيثٌ، عدو الله"(مجمع الزوائد 1496).

* وعيسى بن هلال السدوسي هذا لم نجدْ له ترجمةً.

ص: 639

1574 -

حَدِيثُ عَمَّارٍ

◼ عَنْ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما: قَدِمْتُ عَلَى أَهْلِي لَيْلًا [مِنْ سَفَرٍ] 1، وَقَدْ تَشَققَتْ يَدَايَ، فَخَلَقُونِي (فَضَمَخُونِي) 1 بِزَعْفَرَانٍ (بِشَيْءٍ مِنْ صُفْرَةٍ) 2، فَغَدَوْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، وَلَمْ يُرَحِّبْ بِي [وَلَمْ يَبَشَّ بِي] 2 فَقَالَ:«اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ» . فَذَهَبْتُ فَغَسَلْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ، وَقَدْ بَقيَ عَلَيَّ مِنْهُ رَدْعٌ، فَسَلَّمْتُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ وَلَمْ يُرَحِّبْ بِي [وَلَمْ يَبَشَّ بِي] 3، وَقَالَ:«اذْهَبْ فَاغْسِلْ هَذَا عَنْكَ» . فَذَهَبْتُ فَغَسَلْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي وَقَالَ: «إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ (تَكْرَهُ أَنْ تَقْرَبَ) 3 جَنَازَةَ الكَافِرِ بِخَيْرٍ، وَلَا المُتَضَمِّخَ بِالزَّعْفَرَانِ وَلَا الجُنُبَ» . قَالَ: ((وَرَخَّصَ لِلجُنُبِ إِذَا نَامَ أَو أَكَلَ أَو شَرِبَ أَنْ يَتَوَضَّأَ [وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ [4)).

[الحكم]:

منكرٌ.

وَضَعَّفَهُ: أبو داود، والدارقطنيُّ، وابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ العربيِّ، وابنُ بَطَّالٍ، وعبدُ الحقِّ الإشبيليُّ، ومغلطايُ، وابنُ رَجبٍ، وابنُ الوزيرِ.

[اللغة]:

(المتضمخ): التضمخ بالطيب: الاستكثار منه (جامع الأصول 4/ 749).

[التخريج]:

[د 224 (مقتصرًا على آخره)، 4127 (واللفظ له)، 4544 (مختصرًا) / ت 615 (مقتصرًا على آخره والزيادة الرابعة له ولغيره) / حم 18886 (والرواية الأولى له ولغيره) / طي 681 (والزيادات له ولغيره) / ش 683 (مقتصرًا على آخره)، 17977 (والرواية الثانية له

ص: 640

ولغيره) / مش 441 (والرواية الثالثة له) / عل 1635/ بز 1402/ طب (إمام 3/ 85) / طش 2452/ طوسي 570 (مقتصرًا على آخره) / طح (1/ 127/ 782)(مقتصرًا على آخره) / كجي (مغلطاي 2/ 376) / أصبغ (الأحكام الوسطى 1/ 193) / هق 997، 998، 9045/ بغ 267/ غحر (1/ 23) / مخلدي (ق 269/ ب) / تمهيد (17/ 39)].

[السند]:

رواه أبو داود في (سننه) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبرى 998)، وابن عبد البر في (التمهيد 17/ 39) -: حدثنا موسى -يعني ابنَ إسماعيلَ-، حدثنا حماد -يعني ابنَ سلمةَ- أخبرنا عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر، به.

ورواه الترمذي -ومن طريقه البغوي-: عن هناد، عن قبيصة، عن حماد، بنحوه.

ورواه الطبراني في (مسند الشاميين): حدثنا إسحاق الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر (ح) وحدثنا علي بن عبد العزيز، وأبو مسلم الكَشِّي قالا: ثنا حجاج بن المنهال، ثنا حماد بن سلمة، كلاهما عن عطاء الخراساني به.

ومداره عند الجميع على عطاء الخراساني، به.

[التحقيق]:

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، إلا أنه منقطعٌ؛ فإن يحيى بن يعمر لم يَلْقَ عمارًا.

فقد سُئِلَ يحيى بن معين عن حديث يحيى بن يعمر عن عمار بن ياسر، روى عنه عطاء الخراساني؟ قال:"مرسل" (أسماء شيوخ مالك،

ص: 641

لابن خلفون، صـ 339).

وقال أبو داود: "بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل"(سنن أبي داود 225).

وقال أبو بكر بن أبي عاصم: "يحيى بن يعمر لم يسمعْ من عمار بن ياسر رضي الله عنه"(جامع التحصيل 882).

وقال البرقانيُّ في (سؤالاته للدارقطني 656): "وسألتُهُ عن حديث عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر عن عمار، حديث التخلق؟ فقال: لا يصح؛ لأنه لم يلقَ يحيى بن يعمر عمارًا، إلا أن يحيى بن يعمر صحيح الحديث عمن لقيه".

ولذا قال مغطايُ -متعقبًا الترمذي في تصحيحه-: "وفيما قاله نظر؛ وذلك أن الصحة ملازمة للاتصال، وهذا الحديث عدمها، ذكر ذلك أبو داود إثر تخريجه له فقال: بين يحيى وعمار في هذا الحديث رجل. وتبعه على ذلك الإشبيلي"(شرح ابن ماجه 2/ 377).

وقال ابن بطال: "حديثٌ معلولٌ"(شرح البخاري لابن بطال 9/ 118).

وأعلَّه بالانقطاعِ ابنُ عبدِ البرِّ (التمهيد 2/ 183)، وابنُ العربيِّ (العارضة 1/ 184)، والإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 195) وابنُ الوزيرِ في (العواصم 3/ 257).

وقال ابنُ رجبٍ: "وإسنادُهُ منقطعٌ؛ فإن يحيى بن يعمر لم يسمع من عمار بن ياسر. قاله ابن معين، وأبو داود، والدارقطني وغيرهم"(فتح الباري لابن رجب 1/ 352).

وَضَعَّفَهُ بهذه العلةِ الألبانيُّ في (ضعيف أبي داود 29).

ص: 642

ومع هذا قال الترمذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

وحَسَّنَهُ البغويُّ، ورَمَز له السيوطيُّ بالحسن في (الجامع الصغير 2128).

وكأنهم نظروا إلى ظاهرِ إسنادِهِ، دون أن يقفوا على هذه العلةِ.

ومما يدلُّ على أن هذا الطريقَ منقطعٌ:

ما رواه عبد الرزاق (6145) -وعنه أحمد (18890) -: عن ابن جريج قال: أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخُوَار، أنه سمع يحيى بن يعمر يخبرُ عن رجلٍ، أخبره عن عمار به مختصرًا، ليس فيه ذكر الجنابة.

ورواه أحمد في (المسند 18890)، وأبو داود في (سننه 4177) -ومن طريقه البيهقي في (الكبرى 9046) - من طريق ابن جريج به.

فأَبَانَ هذا السندُ عن علةِ الطريقِ المتقدمِ، حيثُ أدخل واسطة بين يحيى وعمار، وهذه الواسطة مبهمة لا تُعرفُ؛ ولذا قال أبو داود:"بين يحيى بن يعمر وعمار بن ياسر في هذا الحديث رجل". ثم أسند هذا الطريق.

والحديثُ ضَعَّفَهُ ابنُ العربيِّ فقال: "ضعيفٌ مضطربٌ"(عارضة الأحوذي 1/ 181).

قلنا: قد رواه معمرٌ بلفظٍ آخر عن عطاء عن يحيى بن يعمر قال: قَدِمَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ فَضَمَّخَهُ أَهْلُهُ بِالصُّفْرَةِ. قال: ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فسَلَّمْتُ عَلَيهِ فَقَالَ: «وَعَلَيكَ السَّلَامُ، اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ» قال: فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، وَبِي أَثَرُ الصُّفْرَةِ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ. فقال: «وَعَلَيكَ السَّلَامُ، اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ» قَالَ: فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ، وَبِي أَثَرُهُ، حَتَّى فَعَلْتُ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ ذَهَبْتُ الثَّالِثَةَ، فَأَخَذْتُ نَشَفًا فَدَلَّكْتُ بِهَا جِلْدِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ أَنْقَيتُ جِلْدِي، ثُمَّ أَتَيتُ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ. فقال: «وَعَلَيْكَ السَّلَامُ،

ص: 643

اجْلِسْ»، ثم قال:«إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ جَنَازَةَ كَافِرٍ بَخَيْرٍ، وَلَا جُنُبًا حَتَّى يَغْتَسِلَ أَو يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَلَا مُضَمِّخًا بِصُفْرَةٍ» .

فخالف معمر حمادًا في المتن، ففي رواية حماد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد على عمار السلام، بينما في رواية معمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليه السلام. وحماد ومعمر كلاهما ثقة، ولا نرى هذا الاختلاف إلا من عطاء نفسه، فقد تكلَّم فيه البخاريُّ وابنُ حِبَّانَ، بينما وَثَّقَهُ الجمهورُ.

رِوَايَةُ النَّائِمُ الجُنُبُ

• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: «

وَلَا النَّائِمَ الجُنُبَ

».

[الحكم]:

منكرٌ.

[التخريج]:

[تمام 776].

[السند]:

رواه تمام فقال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين بن محمد بن السفر الجرشي، ثنا بكار بن قتيبة، ثنا مؤمل بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، ثنا عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، عن عمار بن ياسر، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، تقدَّمَ الكلامُ عليه آنفًا.

ص: 644

رِوَايَةُ حَتَّى يَغْتَسِلَ أَو يَتَوَضَّأَ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: قَدِمَ عَمَّارُ بنُ يَاسِرٍ مِنْ سَفْرَةٍ، فَضَمَّخَهُ أَهْلُهُ بِصُفْرَةٍ. قَالَ: ثُمَّ جِئْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: «عَلَيكَ السَّلَامُ، اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ» . قَالَ: فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ وَبِي أَثَرُهُ، فَقُلتُ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ. فَقَالَ: «وَعَلَيكُمُ السَّلَامُ، اذْهَبْ فَاغْتَسِلْ» . قَالَ: فَذَهَبْتُ فَأَخَذْتُ شَقْفَةً فَدَلَكْتُ بِهَا جِلْدِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنِّي قَدْ أَنْقَيتُ، ثُمَّ أَتَيتُهُ، فَقُلْتُ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ. فَقَالَ: «وَعَلَيكُمُ السَّلَامُ، اجْلِسْ» ، ثُمَّ قَالَ:«إِنَّ المَلَائِكَةَ لَا تَحْضُرُ جَنَازَةَ كَافِرٍ بِخَيْرٍ، وَلَا جُنُبًا حَتَّى يَغْتَسِلَ أَو يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، وَلَا مُتَضَمِّخًا بِصُفْرَةٍ» .

[الحكم]:

منكرٌ.

[اللغة]:

قوله: "فَأَخَذْتُ شَقْفَةً"، الشقف: الخزف المكسر. (لسان العرب، مادة: شقف).

[التخريج]:

[عب 1096، 8079/ طب (إمام 3/ 85 - 86)].

[السند]:

رواه عبد الرزاق -ومن طريقه الطبراني-: عن معمر، عن عطاء الخراساني، عن يحيى بن يعمر، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ، تقدَّمَ الكلامُ عليه آنفًا.

ص: 645

رِوَايَةُ وَالجُنُبُ إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ

• وَفِي رِوَايَةٍ مختَصَرَةٍ بِلَفْظِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ المَلَائكَةُ [بِخَيْرٍ]: جِيفَةُ الكَافِرِ، وَالمُتَضَمِّخُ بِالخَلُوقٍ، وَالجُنُبُ إِلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ» .

وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «ثَلَاثَةٌ لَا تَقْرَبُهُمُ المَلَائِكَةُ بِخَيْرٍ:

وَالجُنُبُ أَنْ يَبْدُوَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَو يَنَامَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ».

[الحكم]:

منكرٌ.

وَضَعَّفَهُ: ابنُ عبدِ البرِّ، والمنذريُّ، وابنُ رَجبٍ، والمُناويُّ، والملا علي القاري، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[د 4131 (بالسياقة الأولى) / طب (جامع 7778) / هق 9047 (بالسياقة الثانية) / بقي (رجب 1/ 361)].

[التحقيق]:

رواه سليمان بن بلال، واختُلف عليه:

فرواه أبو داود في (سننه) عن هارون بن عبد الله، ثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ثنا سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عمار، بالسياقة الأولى.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أنه منقطعٌ، فالحسنُ لم يسمعْ من عمارٍ. قاله المزيُّ في (التهذيب 6/ 98).

وبهذا أعلَّه ابنُ عبدِ البرِّ فقال: "ورواه الحسن بن أبي الحسن عن عمارٍ، ولم يسمعْ منه"(التمهيد 2/ 183).

ص: 646

وقال المنذريُّ: "رواه أبو داود عن الحسن بن أبي الحسن عن عمارٍ، ولم يسمعْ منه"(الترغيب والترهيب 1/ 89).

وكذا أعلَّه ابنُ رَجبٍ في (فتح الباري 1/ 361))، والمُناويُّ في (تخريج أحاديث المصابيح 1/ 231)، والملا علي القاري (مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح 2/ 441)، والألبانيُّ (تحقيق المشكاة 1/ 144).

قلنا: ورواه البيهقيُّ من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن أبيه، عن سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن عبد الرحمن السراج، عن الحسن بن أبي الحسن، عن عمار، به بالسياقة الثانية.

فزاد في سنده بين ثور والحسن (عبد الرحمن السراج)، ولعلَّ هذا من أوهام ابن أبي أويس أو أبيه، فإن في كليهما ضَعْفًا، والله أعلم.

والحسنُ البصريُّ لم يسمعْ عمارًا كما تقدَّمَ.

ص: 647