الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
237 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ
1520 -
حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ
◼ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«أُمِرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ (إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ) أَنْ يُضْرَبَ فِي قَبْرِهِ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْأَلُ وَيَدعُو حَتَّى صَارَتْ جَلدَةً وَاحِدَةً، فَجُلِدَ جَلْدَةً وَاحِدَةً، فَامْتَلَأَ قَبْرُهُ عَلَيْهِ نَارًا، فَلَمَّا ارْتَفَعَ (سُرِّيَ) عَنْهُ [فَأَفَاقَ] قَالَ: عَلَامَ جَلَدتُمُونِي؟ ! قَالُوا: إِنَّكَ صَلَّيْتَ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَمَرَرْتَ عَلَى مَظْلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ» .
[الحكم]:
منكرٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
وضَعَّفه جدًّا: ابنُ رَجبٍ الحنبليُّ. وهو ظاهر صنيع المنذري.
[التخريج]:
[مشكل 3185/ سمع 212 (والزيادة والروايتان له) / تبخ (الترغيب والترهيب 3/ 132) / جوزي (حدائق 3/ 113)].
[التحقيق]:
أخرجه الطحاويُّ في (المشكل) قال: حدثنا فهد بن سليمان قال: حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن عاصم، عن شقيق، عن ابن مسعود به.
وهذا إسنادٌ ظاهره الصحة، جعفر بن سليمان هو الضُّبَعيُّ، وعاصم هو ابنُ أبي النَّجود، في كل منهما كلام لا يُسقط الاحتجاج بهما؛ ولذا ذكره الطحاويُّ مُحتجًّا به على عدم كفر تارك الصلاة. وأقرَّهُ ابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد 23/ 299).
وقال الشيخُ الألبانيُّ: "هذا إسنادٌ جيدٌ؛ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ"(السلسلة الصحيحة 6/ 640/ 2774).
قلنا: وهو كما قال لولا تحريف قبيح وقع في إسناده؛ وذلك أن ذِكْرَ جعفر بن سليمان فيه خطأ، وإنما هو حفص بن سليمان المقرئ صاحب عاصم وحامل القراءة عنه. وذلك لما يلي:
أولًا: أن عبدَ الحَقِّ الإشبيليَّ ذكره في (الأحكام الكبرى 3/ 208) عن الطحاويِّ، وساقَ سَنَدَهُ، وفيه عن حفص بن سليمان، وليس جعفرًا؛ ولذا علَّقَ محققُ الأحكام بقولِهِ:"تحرفتْ -أي: حفص- في (مشكل الآثار) إلى جعفر".
ثانيًا: أن ابن سمعون الواعظ قد رواه في (أماليه) -ومن طريقه ابن الجوزي في (الحدائق 3/ 113) - قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عمرو بن عون الواسطي، حدثنا حفص بن سليمان، عن عاصم به.
ثالثًا: أن المنذريَّ قد ذكرَ الحديثَ في (الترغيب والترهيب 3/ 132) وصَدَّرَهُ بقولِهِ: "رُوِيَ"، وقد قال في مقدمته: "وإذا كان في الإسناد مَن قِيلَ فيه: كذابٌ أو وضاعٌ أو متهمٌ أو مُجمعٌ على تركه أو ضَعْفِهِ أو ذاهبُ الحديثِ أو هالكٌ أو ساقطٌ أو ليسَ بشيءٍ أو ضعيفٌ جدًّا أو ضعيفٌ أو لم أرَ
فيه توثيقًا بحيثُ لا يتطرقُ إليه احتمال التحسين، صدرته بلفظ (رُوي) ولا أذكر ذلك الراوي ولا ما قيل فيه البتة، فيكون للإسناد الضعيف دلالتان:
1 -
تصديره بلفظ رُوي،
2 -
إهمال الكلام عليه في آخره"
(مقدمة الترغيب والترهيب صـ 24، ط. بيت الأفكار).
فلو كان عنده الحديث عن جعفر بن سليمان ما صَدَّره بذلك، إلَّا إذا فاته الوقوف على سندِ الطحاويِّ، وهذا ما يبعد، والله أعلم.
رابعًا: أن الحافظَ ابنَ رجبٍ الحنبليَّ ذكرَ الحديثَ في (أهوال القبور صـ 90) فقال: "ورويناه من طريق حفص بن سليمان القارئ، وهو ضعيفٌ جدًّا، عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود
…
"، فذكره.
فلو كان عنده عن غير حفص لما ذكره من طريقه، وقد نصَّ على تضعيفِ الحديثِ به، والله أعلم.
خامسًا: أن جعفر بن سليمان لا يُعرفُ بالرواية عن عاصم بن بهدلة، وهذا بخلاف حفص الذي لازمه وأخذ القراءة عليه وصحبه، فدخول الوهم في الاسمين وارد، والله أعلم.
قلنا: فالصحيحُ الذي لا مريةَ فيه أن صاحبَ الحديثِ هو حفصُ بنُ سليمانَ المقرئُ.
وعليه فالسندُ ضعيفٌ جدًّا، كما قال الحافظ ابن رجب؛ فإن حفص بن سليمان الأسديَّ القارئ:"متروكُ الحديثِ مع إمامتِهِ في القراءةِ"(التقريب 1405).
وفيه علةٌ أُخرَى: وهي أن الصحيحَ فيه عن عاصمٍ ما رواه الإمامُ الثقةُ حمادُ بنُ سلمةَ عنه عن أبي إسحاقَ عن عمرِو بنِ شرحبيل من قولِهِ.
أخرجه الشجريُّ في (أماليه 2290) فقال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن محمد القرشي، قال: أخبرنا علي بن عمر بن أحمد الدارقطني الشاهد الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، عن عبد الله بن محمد بن زياد، قال: حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة.
رَجعَ قَالَ: وأخبرنا أبو بكر، قال: أخبرنا الدارقطني، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن أحمد الواسطي، قال: وحدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله، قالا: حدثنا أبو عمر الضرير، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن عاصم بن بهدلة، عن أبي إسحاق الهمداني -قال حماد: أحسبه عن عمرو بن شرحبيل- أَنَّ رَجُلًا أُتِي فِي قَبْرِهِ
…
الحديث.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجالُهُ ثقاتٌ، شيخ الشجري فيه: محمد بن عبد الملك بن محمد، أبو بكر القرشي، قال الخطيبُ:"سمع أبا الحسن الدارقطنيَّ، كتبنَا عنه، وكان صدوقًا"(تاريخ بغداد 3/ 605).
ومَن فوقه ثقات، أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله هو الكجيُّ صاحب السنن، وَثَّقَهُ موسى بن هارون، والدارقطني، وعبد الغني بن سعيد الحافظ، (تاريخ بغداد 7/ 39).
وشيخه أبو عمر الضرير حفص بن عمر الأكبر، "صدوقٌ عالمٌ"(التقريب 1421).
فالصحيحُ في هذا الحديث أنه من قول عمرو بن شرحبيل أبي ميسرة، وكان من أصحاب عبد الله بن مسعود الآخذين عنه، وممن حمل عنه الفقه، قال أبو وائل شقيق بن سلمة:«أنبأنا عمرو بن شرحبيل، وكان من أفضل أصحاب عبد الله بن مسعود» (حلية الأولياء 4/ 142)، وقال علي بن
المديني: "قال إبراهيم النخعي، وكان إبراهيم عندي من أعلم الناس بأصحاب عبد الله وأبطنهم به، قال: كان أصحاب عبد الله الذين يقرءون ويفتون ستة: علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وعمرو بن شرجبيل، والحارث الأعور"(العلل 18).
وقد توبع عاصم على قوله هذا، تابعه معمر بن راشد كما عند عبد الرزاق في (مصنفه 6752) -ومن طريقه أبو نعيم في (الحلية 4/ 144) -.
وعبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عند ابن أبي شيبة في (المصنف 36051).
وأبو سنان سعيد بن سنان الرازي كما عند هناد في (الزهد 362) -ومن طريقه أبو نعيم في (الحلية 4/ 144) -.
وشريكٌ النخعيُّ كما عند الدينوريِّ في (المجالسة 934).
أربعتهم: (معمر، وشريك، وأبو سنان، وعبد الرحمن) عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل به.
فوهم فيه حفص بن سليمان وجعله من مسند ابن مسعود، والله أعلم.
قلنا: وقد جاءتْ متابعةٌ لعاصمٍ على الوجهِ الأولِ، ولكنها متابعةٌ ضعيفةٌ لا يُفرحُ بها، انظرها فيما يلي.
رِوَايَةُ ثَلَاثِ جَلَدَاتٍ
• وَفِي رِوَايَةٍ: «أُتِيَ رَجُلٌ فِي قَبْرِهِ، فَقيلَ: إِنَّا جَالِدُوكَ ثَلَاثَ جَلَدَاتٍ، فَقَالَ: وَلِمَ؟ قَالَ: لَأَنَّكَ صَلَّيْتَ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَمَرَرْتَ بِمَظلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرْهُ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ تالفٌ، وأنكره ابنُ عَدِيٍّ، وتبعه ابنُ القيسراني.
[التخريج]:
[عد (10/ 650)].
[السند]:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل) قال: حدثنا محمد بن عبيد الله الخوارزمي، حدثني صالح بن عمران السَّفَرِيُّ الدَّعَّاءُ، ثنا يحيى بن هاشم عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فيه يحيى بن هاشم السمسار، قال ابنُ عَدِيٍّ:"كان ببغدادَ، يضعُ الحديثَ، ويسرقُ"، ثم ذكرَ هذا الحديث وغيره، وقال -عقبه-:"وحديثُ الأعمشِ قبل هذا عن شقيق عن عبد الله منكران جميعًا، يرويهما يحيى بن هاشم"(الكامل 10/ 651).
ولخَّصَ قولَهُ ابنُ القيسرانيِّ فقال -معقبًا على الحديثِ-: "ويحيى هذا كان ببغدادَ، يضعُ الحديثَ"(ذخيرة الحفاظ 45).
فلعلَّه سرقَهُ من حفصِ بنِ سليمانَ، ورواه عن (الأعمش) بدل (عاصم).
1521 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ
(1)
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: الهيثميُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[طب (12/ 443/ 13610)].
[السند]:
أخرجه الطبرانيُّ (المعجم الكبير) قال: حدثنا أبو شعيبٍ الحرانيُّ، ثنا يحيى بن عبد الله البَابلُتِّيُّ، ثنا أيوب بن نَهيك، قال: سمعتُ عطاء بن أبي رباح، يقول: سمعتُ ابن عمر، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: أيوب بن نهيك، ضَعَّفَهُ أبو حاتم. وقال أبو زرعةَ:"منكرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 2/ 259)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 6/ 61)، وقال:"يُخطئُ"، وقال الأزديُّ:"متروكٌ"(لسان الميزان 2/ 256). وقال
(1)
تحرفتْ في مطبوع (المعجم الكبير) إلى: "يوم"، وجاءت في (المجمع) على الصواب.
الذهبيُّ: "تركوه"(ديوان الضعفاء 535).
الثانية: يحيى بن عبد الله البَابلُتِّيُّ: "ضعيفٌ"(التقريب 7585).
وبه أعلَّه الهيثميُّ؛ فقال: "رواه الطبرانيُّ، وفيه: يحيى بن عبد الله البَابلُتِّيُّ، وهو ضعيفٌ"(المجمع 12140).
وقال الألبانيُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ أيوب بن نَهيك، ويحيى بن عبد الله البَابلُتِّيُّ كلاهما ضعيف"(السلسلة الضعيفة 2188).
1522 -
حَدِيثُ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيلَ مَقْطُوعًا مِنْ قَوْلِهِ
◼ عَنْ عَمْرِو بنِ شُرَحْبِيلَ قَالَ: "مَاتَ رَجُلٌ [يَرَوْنَ أَنْ عِنْدَهُ وَرَعًا [1، فَلَمَّا أُدْخِلَ قَبْرَهُ أَتَتْهُ المَلَائِكَةُ، فَقَالُوا: إِنَّا جَالِدُوكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ مِنْ عَذَابِ اللهِ، قَالَ: ] فِيمَ؟ عَلَامَ؟ قَدْ كُنْتُ أَتَّقِي جُهْدِي (أَتَوَقَّى وَأَتَوَرَّعُ، ) 1 [2 فَذَكَرَ صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ وَجِهَادَهُ. قَالَ: فَخَفَّفُوا عَنْهُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى عَشَرَةِ، [فِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ: فِيمَ؟ عَلَامَ؟ وَقَدْ كُنْتُ أَتَّقِي جُهْدِي [3، ثُمَّ سَأَلَهُمْ حَتَّى خَفَّفُوا عَنْهُ حَتَّى أَتَى إِلَى وَاحِدَةٍ فَقَالُوا: إِنَّا جَالِدُوكَ جَلْدَةً وَاحِدَةً لَا بُدَّ مِنْهَا. فَجَلَدُوهُ جَلْدَةً اضْطَرَمَ قَبْرُهُ نَارًا، وَغُشِيَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: فِيمَ جَلَدُتُمُونِي هَذِهِ الجَلدَةَ؟ قَالُوا: «إِنَّكَ بُلْتَ يَوْمًا ثُمَّ صَلَّيْتَ، وَلَمْ تَتَوَضَّأْ، وَسَمِعْتَ رَجُلًا يَسْتَغِيثُ مَظْلُومًا فَلَمْ تُغِثْهُ» .
[الحكم]:
ضعيفٌ؛ لإرساله.
[التخريج]:
[عب 6860 (واللفظ له) / ش 36051 (والزيادة الأولى والرواية له) / مج 934/ هناد 362 (والزيادة الثانية والثالثة له) / حلية (4/ 144) / شجر 2290].
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) -ومن طريقه أبو نعيم في (الحلية) -: عن معمر عن أبي إسحاق السَّبيعي عن عمرو بن شرحبيل به.
ورواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف)، وهناد في (الزهد) -ومن طريقه أبو نعيم في (الحلية)، والدينوري في (المجالسة)، والشجري في
(أماليه) -، جميعهم من طرقٍ عن أبي إسحاقَ به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ رجالُهُ ثقاتٌ؛ عمرو بن شرحبيل كان من أفاضل التابعين، قال ابن حجر:"ثقةٌ عابدٌ مخضرمٌ"(التقريب 5048).
وقولُهُ هذا يتعلقُ بأمرٍ من أُمورِ الغيبِ، لا مجالَ للاجتهادِ فيه، فهو في حكمِ المرسلِ، ويحتمل أنه مما أُخِذَ من الإسرائيليات، والله أعلم.
* * *