المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌233 - باب أجر إسباغ الوضوء على المكاره - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٢

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب فِي إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌228 - بَابُ الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِحْسَانِهِ

- ‌229 - بَابُ إِسْبَاغِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ

- ‌230 - بَابُ إِطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثار الوُضُوءِ

- ‌231 - بَابُ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ

- ‌232 - بَابٌ: حِلْيَةُ المُؤْمِنِ إِلَى مُنْتَهَى الوضُوءِ

- ‌233 - بَابُ أَجْرِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

- ‌234 - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌235 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيةِ الإِسْبَاغِ

- ‌أبواب أَحْكَامِ الوُضُوءِ مَعَ الصَّلَاةِ

- ‌236 - بَابٌ: الوُضُوءُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ

- ‌237 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌238 - بَابٌ: الطُّهُورُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ

- ‌239 - بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ

- ‌240 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌241 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَرْضِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْلَ الأَمْرِ

- ‌242 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ: صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ

- ‌243 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوُضُوءَ ثُلُثُ الصَّلَاةِ

- ‌244 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌245 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ تَجْدِيدِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌246 - بَابُ الوُضُوءِ لِذِكْرِ اللهِ

- ‌247 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ لِلذِّكْرِ

- ‌248 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌249 - بَابُ الوُضُوءِ لِلُجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّومَ وَالأَكْلَ وَنَحْوَهُ

- ‌250 - بَابُ الوُضُوءِ لِلمُعَاوِدِ لِلجِمَاعِ

- ‌251 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌252 - بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ البَائِلِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌253 - بَابُ الوُضُوء مِنْ حَمْلِ المَيِّتِ

- ‌254 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ

الفصل: ‌233 - باب أجر إسباغ الوضوء على المكاره

‌233 - بَابُ أَجْرِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

1480 -

حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:«أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى ما يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطايا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجاتِ؟ » قَالوا: بَلَى يا رَسولَ اللَّهِ. قالَ: «إِسْباغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ، [فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ]» .

[الحكم]:

صحيح (م).

[اللغة]:

قال ابنُ الأثيرِ: " (المَكَارِهِ) هي جمع مكره، وهو ما يكرهه الإنسان ويشق عليه، والكره -بالضم والفتح-: المشقة. والمعنى أن يَتَوَضَّأَ مع البردِ الشديدِ والعلل التي يتأذى معها بمس الماء، ومع إعوازه، والحاجة إلى طلبه، والسعي في تحصيله، أو ابتياعه بالثمن الغالي، وما أشبه ذلك من الأسباب الشاقة"(النهاية 4/ 168).

[الفوائد]:

قال ابن عبد البر:

1 -

"في هذا الحديثِ طَرْحُ العالم العلم على المتعلم، وابتداؤه إيَّاهُ بالفائدةِ، وعَرْضها عليه. وهذا الحديثُ من أحسن ما يُروى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

ص: 152

في فضائلِ الأعمالِ".

2 -

"وأما قوله: «إِسْباغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكارِهِ» فالإسباغُ: الإكمالُ والإتمامُ في اللغةِ، من ذلك قول الله عز وجل:{وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} يعني: أتمها عليكم وأكملها.

وإسباغُ الوُضوءِ أن تأتيَ بالماءِ على كُلِّ عضوٍ يلزمك غسله وتعمه كله بالماء وَجَرِّ اليد، وما لم تأتِ عليه بالماءِ منه فلم تَغْسِلْهُ بل مسحته، ومَن مسح عضوًا يلزمه غسله فلا وضوءَ له ولا صلاة حتى يغسلَ ما أمر الله بغسله على حسبما وصفتُ لك".

3 -

"فأما قوله: «عَلَى المَكارِهِ» فقيل: أرادَ البردَ وشدتَهُ، وكل حال يُكره المرءُ فيها نفسَهُ، فدفع وسوسة الشيطان في تكسيله إيَّاهُ عن الطاعة والعمل الصالح، والله أعلم"(التمهيد 20/ 222 - 223).

[التخريج]:

[م 251 (واللفظ له مع الزيادة) / ت 51، 52/ ن 148/ كن 178/ طا 445/ حم 7209، 7729، 7995، 8021، 9644/ خز 5/ حب 1034/ عه 692، 693/ عل 6503/ بز 8306، 8326/ عب 2009/ هق 387 - 388، 4969/ طهور 17/ هقغ 493/ هقع 736/ شعب 2483، 2636/ جع 262/ مسن 585 - 587/ مطغ 619/ بغ 149/ طيو 634/ غخطا (1/ 284) / طبر (6/ 335) / طوسي 43، 44، 309/ بغت (2/ 157) / حا 4703/ ضح (1/ 224، 225) / غيب 2063/ حل (8/ 248) / بشن 993، 1458/ سرج 2454/ زمب 409/ عد (6/ 257) / تمهيد (20/ 223 - 224) / جوزي (مشيخة 1/ 106) / نحاس (1/ 409) / حداد 261/ قطان 11/ نحاس 2/ خسرج 109/

ص: 153

مخلق 27/ مهتد (الجزء الثاني ق 195/ ب) / مقدسي (مائة ق 106/ أ -106/ ب) / بشرويه (ق 99/ ب) / وسيط (1/ 538) / قند 709/ أربل (1/ 301) / سبكي (1/ 417)].

[السند]:

قال مسلم رحمه الله: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعًا عن إسماعيل بن جعفر -قال ابنُ أيُّوبَ: حدثنا إسماعيل- أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة به.

ثم قال: حدثني إسحاق بن موسى الأنصاري، حدثنا معن حدثنا مالك (ح) وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة، جميعًا عن العلاء بن عبد الرحمن، بهذا الإسناد.

ص: 154

رِوَايَةُ: كفَّاراتُ الخَطايا

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَفَّارَاتُ الخَطَايَا، إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

».

[الحكم]:

صحيحٌ بما سبقَ، وإسنادُهُ حسنٌ في الشواهدِ والمتابعاتِ، وحَسَّنَهُ مغلطايُ. وَصَحَّحَهُ السيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[جه 432 (واللفظ له) / بز 8129].

[السند]:

أخرجه ابن ماجه في (سننه) قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة به.

وقال البزارُ رحمه الله: حدثنا أحمد بن منصور قال: حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر قال: حدثنا كثير بن زيد، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ حسنٌ؛ كثير بن زيد الأسلمي السهمي مختلفٌ فيه: فقال أحمدُ، وابنُ مَعينٍ، وابنُ عَدِيٍّ:"ليس به بأس"، وقال ابنُ مَعينٍ أيضًا:"ليس بذاك"، وقال ابنُ عَمارٍ الموصليُّ:"ثقةٌ"، وقال يعقوبُ بنُ شيبةَ:"ليس بذاك الساقط، وإلى الضعف ما هو"، وقال أبو زرعةَ:"صدوقٌ فيه لينٌ"، وقال أبو حاتم:"صالحٌ، ليسَ بالقويِّ، يُكتبُ حديثُهُ"، وقال النسائيُّ:"ضعيفٌ"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات)، وقال أبو جعفرٍ الطبريُّ:"وكثيرُ بنُ زَيدٍ عندهم ممن لا يُحتجُّ بنقلِهِ"(تهذيب الكمال 24/ 113)، (تهذيب التهذيب 8/ 413، 414).

ص: 155

ولخَّصَ الحافظُ حالَهُ فقال: "صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 5611).

وليس هذا الحديث مما أخطأَ فيه، بل هو مما وافق فيه غيره من الثقات.

ولذا قال مغلطايُ: "هذا حديثٌ إسنادُهُ حسنٌ؛ للاختلافِ في حالِ كَثيرٍ؛ فإنه ممن صَحَّحَ له الترمذيُّ حديثًا"(شرح سنن ابن ماجه 1/ 308 - 309).

ورمز السيوطيُّ له بالصحة في (جامعه 6260).

وقال المُناويُّ: "إسنادُهُ صحيحٌ"(التيسير 2/ 409).

وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح الجامع 4489).

ص: 156

1481 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى مَا يُكَفِّرُ اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا وَيَزيدُ بِهِ فِي الحَسَناتِ؟ » قالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا إِلَى هَذِهِ المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا فَيُصَلِّي مَعَ المُسْلِمِينَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ يَجْلِسُ فِي المَجْلِسِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ الأُخْرَى، إِلَّا وَ

(1)

المَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، فَإِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاعْدِلُوا صُفُوفَكُمْ، وَأَقِيمُوهَا وَسُدُّوا الفُرَجَ، فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، فَإِذَا قَالَ: إِمَامُكُمُ: اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقُولُوا: اللَّهُ أَكْبَرُ، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإِنَّ خَيْرَ الصُّفُوفِ صُفُوفُ الرِّجَالِ المُقَدَّمُ، وَشَرَّهَا المُؤَخَّرُ، وَخَيْرَ صُفُوفِ النِّسَاءِ المُؤَخَّرُ، وَشَرَّهَا المُقَدَّمُ، يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ إِذَا سَجَدَ الرِّجَالُ فَاغْضُضْنَ أَبْصَارَكُنَّ لَا تَرَيْنَ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ مِنْ ضِيقِ الأُزُرِ».

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ بشواهدِهِ، وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ أحمدُ، وأبو حَاتمٍ، والدارقطنيُّ، ومغلطايُ.

[التخريج]:

[جه 431، 741 (مختصرًا) / حم 10994 (واللفظ له) / مي 716، 717 (مختصرًا) / ش 44/ مش (خيرة 523/ 1) / حميد 984/ بز

(1)

في المسند: "إن الملائكة"، والمثبت من منتخب ابن حميد، وصحيح ابن خزيمة وغيرهما من المراجع، وهو أليق بالسياق.

ص: 157

(كشف 531) / عل 1355/ حث 153/ خز 188، 387/ حب 402/ ك 689/ عق (2/ 290) / فضش 65/ بشن 608/ هق 2297، 2298/ غيب 65/ تذ (3/ 131) / نبلا (16/ 435)].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ مداره على سعيد بن المسيب، ورُوي عنه من طريقين:

الأول: عبد الله بن محمد بن عقيل عنه عن أبي سعيد:

رواه أحمد في (المسند 10994) قال: ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو، حدثنا زهير -يعني ابن محمد- عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري به.

وأخرجه الدارميُّ في (مسنده) عن زكريا بن عدي ثنا عبيد الله بن عمرو.

وأخرجه ابنُ شاهينَ (الترغيب 65)، والذهبيُّ في (السير 16/ 435)، من طريق عمرو بن ثابت.

كلاهما (عبيد الله بن عمرو، وعمرو بن ثابت) عن ابن عقيل به.

وأخرجه ابن ماجه، وأبو يعلى، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وغيرهم- من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل به، ومنهم من اختصره.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأُولى: عبد الله بن محمد بن عقيل؛ فالجمهور على تليينه.

ولذا قال الدارقطنيُّ بعد أن ذكر مَن أسندَهُ عن عليٍّ رضي الله عنه: "وروى هذا الحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، فأسنَدَهُ عن أبي سعيد الخدري، وكلاهما ضعيفان"(العلل 1/ 388).

ص: 158

وبه أعلَّه مغلطاي فقال: "هذا حديثٌ إسنادُهُ ضعيفٌ بعبد الله بن عقيل"(شرح ابن ماجه 1/ 404).

بينما قال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ مُطوَّلًا .. ، وفيه: عبد الله بن محمد بن عقيل، وفي الاحتجاج به خلاف، وقد وَثَّقَهُ غيرُ واحدٍ"(مجمع الزوائد 2518).

العلة الثانية: اضطرابُ ابن عقيل فيه، فرواه زهير بن محمد، وعبيد الله بن عمرو، وعمرو بن ثابت عنه كما تقدم.

وخالفهم سفيانُ الثوريُّ عند ابن ماجه (968)، وأحمد (14551)، وغيرهما.

وزائدة بن قدامة عند أحمد (14123)، وابن أبي شيبة (4685)، وغيرهما.

كلاهما (زائدة، والثوري) عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابرٍ رضي الله عنه به مقتصرًا على آخره في بيان خير الصفوف وشرها، وأمر النساء بغض أبصارهن.

قلنا: وهذا الاختلاف من قبل ابن عقيل؛ ولذا قال ابنُ أبي حَاتمٍ: "وسُئِلَ أبي عن حديثٍ رواه زائدة، عن ابن عقيل، عن ابن المسيب، عن جابرٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ المُقَدَّمُ». ورواه زهير بن محمد، وعبيد الله بن عمرو، عن ابن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلتُ لأَبي: أيهما أصح؟ قال: "هذا من تخاليط ابن عقيل؛ من سوءِ حفظه؛ مرةً يقول هكذا، ومرةً يقول هكذا، لا يضبطُ الصحيح أيما هو؟ " (العلل 278).

ص: 159

قلنا: وقد أخطأَ بعضُ الرواةِ فأبدلَ ابن عقيل بعبد الله بن أبي بكر، فظنَّها بعضُهم متابعةً لابنِ عَقيل. وهذا هو:

الطريق الثاني: عن عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب:

أخرجه ابن خزيمة (188، 387)، وابن حبان (402)، والحاكم (689)، والعقيلي (2/ 290) من طريق أبي عاصم النبيل عن سفيان الثوري عن عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري به.

وهذا إسنادٌ ظاهره الصحة؛ فإن أبا عاصم النبيل ثقةٌ ثَبْتٌ من رجالِ الصحيحِ، وكذلك سائر رواته؛ ولذا قال الحاكمُ: "حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ، ولم يخرجاه، وهو غريبٌ من حديثِ الثوريِّ؛ فإني سمعتُ أبا علي الحافظ يقول:((تفرَّدَ به أبو عاصم النبيل عنِ الثوريِّ)).

قلنا: وهو منكرٌ، فقد قال عبد الله بن أحمد: "قلتُ لأَبي: تحفظُ هذا من حديث أبي عاصم عن سفيان عن عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري

"، وذكر الحديثَ، ثم قال: فقال أبي: "هذا باطلٌ"-يعني: من حديث عبد الله بن أبي بكر-، قال أبي: "إنما هو حديث ابن عقيل"، وأنكره أشد الإنكار وقال: "ليس بشيء"، يعني: حديث عبد الله بن أبي بكر. قال: "هذا حديث ابن عقيل" (العلل 3633).

ورواه العقيليُّ عن عبد الله، وأقرَّه (الضعفاء 2/ 290).

وقال أبو حاتم: "هذا وهم، إنما هو الثوري، عن ابن عقيل، وليس لعبد الله بن أبي بكر معنى، روى هذا الحديث عن ابن عقيل: زهير، وعبيد الله بن عمرو"(علل ابن أبي حاتم 1/ 477).

وقال ابنُ خزيمةَ عقبه: "هذا الخبرُ لم يَرْوِه عن سفيانَ غير أبي عاصم، فإن

ص: 160

كان أبو عاصم قد حفظه فهذا إسنادٌ غريبٌ

والمشهورُ في هذا المتنِ عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد، لا عبد الله بن أبي بكر".

قال الألبانيُّ: "وأعلَّه ابن خزيمة بتفرد أبي عاصم ومخالفته زهير بن محمد! وهو إعلالٌ غريبٌ، فأبو عاصم ثقة ثبت كما في "التقريب"، وزهير بن محمد -وهو أبو محمد الخراسانيُّ- فيه كلام معروف"(التعليقات الحسان 403).

قلنا: لم يتفرد بهذا الإعلال ابن خزيمة، بل سبقه إلى ذلك أحمد وأبو حاتم الرازي، وأنكراه من حديث ابن أبي بكر، وكذلك لم يتفرد زهير بن محمد بالرواية عن ابن عقيل، بل تابعه عبيد الله بن عمرو الرقي وغيره، كما سبق.

ثم إن عبد الله بن أبي بكر غير مشهور بالرواية عن ابن المسيب؛ ولذا قال أبو حاتم: "وليس لعبد الله بن أبي بكر معنى".

وقد ذهبَ البزارُ وابنُ حَجرٍ إلى أن عبد الله بن أبي بكر هو نفسه عبد الله بن محمد بن عقيل، فقال ابنُ حَجرٍ:"إن كان محمد بن عقيل يكنى أبا بكر فقد دَلَّسَهُ الثوريُّ بلا شك، ثم وجدتُ أبا بكر البزار قد جزمَ بأن الثوريَّ كنى محمد بن عقيل: أبا بكر، وَدَلَّسَهُ"(إتحاف المهرة 5/ 226).

والذي وقفنا عليه من كلام البزار هو قوله: "لا نعلمُ رواه عنِ الثوريِّ إلا أبو عاصم، وأَظنُّ عبد الله بن أبي بكر هو: عبد الله بن محمد بن عقيل"(كشف الأستار 1/ 259).

وعليه، فمرد هذا الوجه إلى الوجه الأول، ولكن يخدش في هذا الرأي أنه وقعَ عند الحاكم: "حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن

ص: 161

حزم"! ولم ينسب هكذا إلَّا في هذا الموضع، فلعلَّه من تصرف الحاكم أو أحد شيوخه، والله أعلم.

وعلى كلٍّ، فمتنُ الحديثِ صحيحٌ بشواهدِهِ:

فيشهدُ لأوله حديثُ أبي هريرة المخرج في الباب آنفًا من عند مسلم (251) وغيره.

ولذا قال البوصيريُّ: "حديثُ أبي سعيد رواه ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه)، وله شاهدٌ في صحيح مسلم وغيره"(الزوائد 1/ 63).

وصَححه الألبانيُّ في (صحيح الجامع 2617).

ويشهدُ لقولِهِ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ رَجُلٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا

» إلى آخر دعاء الملائكة له، حديثُ أبي هريرة المخرج سابقًا في (باب فضل الوضوء مع الصلوات المكتوبة).

ولقولِهِ: «فَاعْدِلُوا صُفُوفَكُمْ وَأَقِيمُوهَا وَسُدُّوا الفُرَجَ» شاهدٌ من حديثِ ابنِ عمرَ عند أحمد (5724)، بسندٍ صحيحٍ، وفي إقامة الصفوف عن أنسٍ وأبي هريرةَ والنعمانِ بنِ بَشيرٍ. وكلها في (صحيح البخاري)، وهي مخرجةٌ في موسوعة الصلاة.

وقوله: «فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي» خرَّجه البخاريُّ من حديث أنس (718، 719).

ولقولِهِ: «فَإِذَا قَالَ إِمَامُكُمُ: اللَّهُ أَكْبَرُ

»، إلى قولِهِ:«رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ» شاهدٌ عند البخاريِّ (722) ومسلمٍ (414، 417) من حديثِ أبي هريرةَ.

ولقولِهِ: «وَإِنَّ خَيْرَ صُفُوفِ الرِّجَالِ المُقَدَّمُ، وَشَرَّهَا المُؤَخَّرُ، وَخَيْرَ صُفُوفِ

ص: 162

النِّسَاءِ المُؤَخَّرُ، وَشَرَّهَا المُقَدَّمُ»، شاهدٌ عند مسلمٍ (440) من حديثِ أبي هريرةَ.

ولقوله: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ

» إلخ، شاهدٌ عندَ البخاريِّ (362، 814)، ومسلمٍ (441) من حديثِ سهلِ بنِ سعدٍ، قَالَ:((لَقَدْ رَأَيْتُ الرِّجَالَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ مِثْلَ الصِّبْيَانِ مِنْ ضِيقِ الأُزُرِ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ قَائِلٌ: «يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ لَا تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ»))، وهذا القائلُ إن لم يكنِ النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صحابيٌّ أَمَرَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك، كما في (الفتح 1/ 473)، ولو لم يكنْ مَأمورًا، فقد أَقرَّ عليه، وله شاهدٌ آخرُ عند أبي داود (851) من حديثِ أسماءَ.

هذا، وقد رَوى أحمدُ، وابنُ أبي شيبةَ، وأبو يعلى، وابنُ خزيمةَ وغيرُهُم- بعضَ فقراتِ هذا الحديث في مواضع أخرى ليس فيها موضع الشاهد للباب هنا، وبعض هذه الفقرات خرَّجها أحمدُ (11907) من طريق علي بن زيد بن جُدعان، عن ابن المسيب، عن أبي سعيد. وسيأتي تخريجُ ذلك كله في موسوعة الصلاة.

كما أن هناك أحاديث أخرى في إسباغ الوضوء على المكاره، بنحو حديث أبي هريرة السابق: عن علي بن أبي طالب، وأبي أيوب، وجابر بن عبد الله، وعُبادة بن الصامت، وغيرهم، وسيأتي تخريجها في موسوعة الصلاة إن شاء الله تعالى.

ص: 163

1482 -

حَدِيثُ أَبِي مَالِكٍ الَاشْعَرِيِّ

◼ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «سِتُّ خِصَالٍ مِنَ الخَيْرِ: جِهَادُ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَالصَّوْمُ فِي يَوْمِ الصَّيْفِ، وَحُسْنُ الصَّبْرِ عِنْدَ المُصِيبَةِ، وَتَرْكُ المِرَاءِ وَأَنْتَ مُحِقٌّ، وَتَبْكِيرُ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الغَيْمِ، وَحُسْنُ الوُضُوءِ فِي أَيَّامِ الشِّتَاءِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ. وضَعَّفَهُ: البيهقيُّ، والعراقيُّ، والسيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[شعب 2500 (واللفظ له) / هر 147/ فر (ملتقطة 1/ ق 210) / غافل 481].

[السند]:

قال البيهقيُّ في (شعب 2500): أخبرنا أبو سهل محمد بن نَصْرَوَيْهِ بن أحمد المروزي: قَدِمَ علينا نيسابور، أنا أبو بكر بن خَنْب ببخارى، أنا يحيى بن أبي طالب، ثنا الحارث بن منصور الواسطي، ثنا بحر بن كنيز عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري، به.

وأخرجه الهرويُّ في (ذم الكلام 147)، وأبو الليث السمرقندي في (تنبيه الغافلين)، والديلميُّ في (مسنده) من طريق بحر، به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ ضعيفٌ؛ فيه بحر بن كنيز السقاء، وهو ضعيفٌ كما في (التقريب

ص: 164

637).

ولذا ضَعَّفَهُ البيهقيُّ، فقال بعد أن أوردَ هذا الحديثَ:"بحر بن كنيز السقاء ضعيفٌ في الرواية"(الشعب 2500)، ووافقه المُناوي في (فيض القدير 4/ 93، 94).

وضَعَّفَهُ الحافظُ العراقيُّ (تخريج أحاديث الإحياء 2857)، و (فيض القدير 4/ 94).

ورمز السيوطيُّ لضَعْفِهِ في (جامعه 4653).

وضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (الضعيفة 3692)، و (ضعيف الجامع 3243).

وقد رُوي هذا المتن من قول يحيى بن أبي كثير غير مرفوع:

أخرجه أبو نعيم في (الحلية 3/ 68) من طريق يحيى بن عبد الله البابلتي، قال: ثنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى، قال:«سِتٌّ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ: قِتَالُ أَعْدَاءِ اللهِ بِالسَّيْفِ، وَالصِّيَامُ فِي الصَّيْفِ، وَإِسْبَاغُ الوضُوءِ فِي اليَوْمِ الشَّاتِي، وَالتَّبْكِيرُ بِالصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الغَيْمِ، وَتَرْكُ الجِدَالِ وَالمِرَاءِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ، وَالصَّبْرُ عَلَى المُصِيبَةِ» .

والبابلتي ضعيفٌ، لكنه متابع:

فرواه أبو إسماعيلَ الهرويُّ في (ذم الكلام 1/ 170) من طريق الحافظ أبي سعد يحيى بن منصور الهروي الزاهد، حدثنا علي بن خشرم عن عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير به.

فلعلَّ هذا هو أصلُ الحديثِ المرفوعِ، ومعناه صحيحٌ على أيةِ حَالٍ، فهذه الخصال من أبواب الخير حقًّا.

ص: 165

1483 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «سِتٌّ مَنْ كُنَّ فِيهِ بَلَغَ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ (كَانَ مُؤْمِنًا حَقًّا): ضَرْبُ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَابْتِدَارُ الصَّلَاةِ فِي اليَوْمِ الدَّجْنِ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ عِنْدَ المَكَارِهِ، وَصِيَامٌ فِي الحَرِّ، وَصَبْرٌ عِنْدَ المَصَائِبِ، وَتَرْكُ المِرَاءِ وَأَنْتَ صَادِقٌ (وَإِنْ كُنْتَ مُحِقًّا)» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: السيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.

[اللغة]:

قولُهُ: «فِي اليَوْمِ الدَّجْنِ» قال المرتضى الزبيدي: ((في (يوم الدجن) أى الغيم والمطر الكثير)) (إتحاف السادة المتقين 7/ 468).

[التخريج]:

[فر (ملتقطة ق 210) (والروايتان له) / تعظ 443 (واللفظ له) / بشن 1060].

[التحقيق]:

للحديث طريقان:

الأول:

أخرجه محمد بن نصر المروزيُّ في (تعظيم قدر الصلاة 443): عن أبي بكر محمد بن إسحاق الصاغاني، ثنا منصور بن بشير ثنا أبو معشر المدني عن يعقوب بن أبي زينب عن عمر بن شيبة

(1)

قال: دَخَلُوا عَلَى

(1)

تحرَّف في المطبوع إلى: (شبة)، والتصويبُ من أمالي ابن بشران، ومصادر ترجمته.

ص: 166

أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ فَقَالُوا: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ فَقَالَ:

فذكره.

ورواه ابنُ بِشْرَانَ في (أماليه) من طريق حامد بن عمر، ثنا منصور، ثنا أبو معشر المدني، به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلسلٌ بالضعفاءِ والمجاهيلِ:

ففيه: أبو معشر نَجيح بن عبد الرحمن المدني؛ "ضعيفٌ، أَسَنَّ وَاخْتَلَطَ"(تقريب 7100).

وفيه: يعقوب بن أبي زينب؛ قال أبو حاتم: "مجهولٌ"(الجرح والتعديل 9/ 207، 208)، وكذا قال الذهبيُّ في (الميزان 4/ 452).

وفيه: عمر بن شيبة؛ قال أبو حاتم: "مجهولٌ"(الجرح والتعديل 6/ 115)، وكذا قال الذهبيُّ في (الميزان 3/ 205)، بينما ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 439) وقال:"يَروي المقاطيع"، وزعمَ المنذريُّ أن أبا حاتم وَثَّقَهُ كما في (اللسان 5642)، وقد رأيتُ أنه جهله!

وقال الألبانيُّ: "أظنُّهُ الذي في (الجرح والتعديل 3/ 1/ 115)

، فإن كان هو هذا فهو منقطعٌ؛ لأن بينه وبين أبي سعيد- سعيدًا المقبري" (الضعيفة 3692).

الثاني:

أخرجه الديلميُّ في (مسنده) من طريق أبي طالب المزكي، حدثنا محمد بن عمر، أخبرنا إبراهيم بن محمد، حدثنا الحسين بن القاسم، عن إسماعيل، عن إسحاق بن أبي فروة، عن سعيد المقبري، عن أبي سعيد الخدري بنحوه.

ص: 167

وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ مسلسلٌ بالعللِ:

الأولى: إسحاقُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي فَرْوَةَ؛ "متروكٌ"(التقريب 368).

الثانية: إسماعيلُ هو ابنُ أبي زيادٍ الشاميُّ، قاضي الموصل، قال فيه ابن حجر:"متروكٌ، كذَّبُوه"(التقريب 446)، وانظر (تهذيب التهذيب 1/ 298).

الثالثة: الحسين بن القاسم هو الأصبهانيُّ الزاهدُ، قال الجورقانيُّ فيه هو وآخرين:"متروكون مجروحون"(الأباطيل 1/ 207)، وذكر ابنُ نقطةَ أنه سُئِلَ عنه بأصبهانَ فلم يُعْرفْ (إكمال الإكمال 4/ 522، 523)، وقال ابنُ الجوزيِّ فيه هو والطيان:"مجهولان"(الموضوعات 2/ 10)، وقال الذهبيُّ:"فيه لين"(الميزان 1/ 546)، مع (اللسان 2596).

الرابعة: إبراهيم وهو ابن محمد بن الحسن الأصبهاني الطَّيَّان يُعْرفُ بأَبَّه وبابنِ فِيرَة، قال الجورقانيُّ:"منكرُ الحديثِ، مجهولٌ"، ثم ذكرَ أنه سُئِلَ عنه بأصبهانَ فلم يُعْرفْ (الأباطيل 1/ 551)، وقال مَرَّةً:"وإبراهيم بن محمد الطيان، والحسين بن القاسم، وإسماعيل بن أبي زياد، ثلاثتهم مجروحون"(1/ 481)، وذكر ابنُ نقطةَ أيضًا ما ذكره الجورقاني أنه سُئِلَ عنه بأصبهانَ فلم يُعْرفْ (إكمال الإكمال 4/ 522، 523) وقال ابنُ الجوزيِّ: "وذكرَ بعضُ الحفاظِ أن الطَّيَّانَ لا تجوزُ الرواية عنه"(الموضوعات 2/ 10)، وقال الذهبيُّ:"حَدَّثَ بهمذانَ، فأنكروا عليه واتَّهموه وأُخرجَ"(الميزان 1/ 62).

فالخلاصةُ: أن الحديثَ من طريقيه ضعيفٌ جدًّا.

وقد رمزَ له السيوطيُّ بالضعفِ في (جامعه 4656).

ص: 168

وقال المُناويُّ: "إسنادُهُ وَاهٍ"(التيسير 2/ 55).

وقال الألبانيُّ: "إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا"(الضعيفة 3692).

ص: 169

1484 -

حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ

◼عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه وَقِيلَ لَهُ: حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا لَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافٌ، فَقَالَ:«مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ ابْتَدَرَتْهُ خَزَنَةُ الجَنَّةِ. وَمَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ وَلَدِهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمُ الجَنَّةَ. وَسِتُّ خِصَالٍ مَنْ عَمِلَ بِهِنَّ اسْتَحَقَّ حَقِيقَةَ الإِيمَانِ: ضَرْبُ أَعْدَاءِ اللَّهِ بِالسَّيْفِ، وَالصَّوْمُ، وَمُبَادَرَةُ الصَّلَاةِ فِي يَوْمِ الدَّجْنِ، وَإِسْبَاغُ الوُضُوءِ فِي المَكْرُوهَاتِ، وَالصَّبْرُ فِي المَصَائِبِ، وَتَرْكُ المِرَاءِ وَالمَرْءُ صَادِقٌ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

[هر 148].

[السند]:

قال أبو إسماعيلَ الهرويُّ في (ذم الكلام): أخبرنا الحسين بن محمد الفَرَضي، أخبرنا عبد الله بن محمد بن علي بن زياد حدثنا محمد بن الصباح، حدثنا سهل بن عثمان العسكري، حدثنا المحاربي عن عبد الحميد بن جعفر، حدثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي ذر مرفوعًا به.

والمحاربيُّ هو عبد الرحمن بن محمد بن زياد.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عثمان بن عطاء بن أبي مسلم؛ قال ابنُ مَعينٍ: "هو ضعيف الحديث". وقال أبو حاتم: "يُكتب حديثُهُ ولا يُحتجُّ به"، وقال البخاري:"ليس بذاك"، وقال عمرو بن علي الفلاس، وعلي بن الجنيد:

ص: 170

"متروكٌ"، وقال الحاكم أبو عبد الله:"يَروي عن أبيه أحاديثَ موضوعةً"، وقال الساجي:"ضعيفٌ جدًّا"، وقال النسائيُّ، وابنُ البرقي:"ليس بثقةٍ"، وقال أبو أحمد الحاكمُ:"حديثُهُ ليسَ بالقائمِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"لا يجوزُ الاحتجاج بروايته"، وقال أبو نُعيمٍ الأصبهانيُّ:"روى عن أبيه أحاديث منكرة" انظر: (تهذيب الكمال 19/ 441)(تهذيب التهذيب 7/ 138).

ثم هو منقطعٌ بين عطاء الخراساني وأبي ذر، فأبو ذر مات سنة (32 هـ)، وعطاءٌ ماتَ سنة (135 هـ)، وقد أرسلَ عن جماعةٍ من الصحابة تأخرتْ وَفَاتُهم بعد أبي ذر بكثير، كما في (جامع التحصيل 522)، وقد قال الطبرانيُّ:"لم يسمعْ من أَحدٍ من الصحابة إلا من أنس".

والمحاربي كان يدلسُ وقد عنعن. ولكل من سهل والمحاربي غرائب، وهذا منها.

ص: 171

1485 -

حَدِيثُ عُثْمَانَ رضي الله عنه

◼ عَنْ حُمْرَانَ قَالَ: دَعَا عُثْمَانُ بِوَضُوءٍ وَهُوَ يُرِيدُ الخُرُوجَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ فَقُلْتُ: حَسْبُكَ وَاللَّيْلَةُ شَدِيدَةُ البَرْدِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يُسْبِغُ عَبْدٌ الوُضُوءَ إِلَّا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» .

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ. وقد صَحَّ المرفوع منه دون قوله: «وَمَا تَأَخَّرَ» فهي لفظةٌ منكرةٌ في الحديثِ، استنكرها ابنُ حَجرٍ والألبانيُّ.

[التخريج]:

[بز 422 (واللفظ له) / ش (معرفة الخصال المكفرة صـ 19) / مش (معرفة الخصال المكفرة لابن حجر صـ 19) /

].

وتَقَدَّمَ الحديثُ بتخريجه وتحقيقه ضمن روايات حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، في باب (فضل الوضوء والصلاة عقبه).

ص: 172

1486 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ

◼ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ أَسْبَغَ الوُضُوءَ فِي البَرْدِ الشَّدِيدِ، كَانَ لَهُ منَ الأَجْرِ كِفْلَانِ» .

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ المنذريُّ، والهيثميُّ، والسيوطيُّ، والمُناويُّ، والصنعانيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[طس 5366].

[السند]:

رواه الطبرانيُّ في (الأوسط 5366) عن محمد بن أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا إبراهيم بن موسى البصري، حدثنا أبو حفص العبدي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: أبو حفص عمر بن حفص بن ذكوان العبديُّ، وهو متروكٌ، كما قال أحمدُ والنسائيُّ وغيرهما. وضَعَّفَهُ ابنُ مَعينٍ، وابنُ المدينيِّ، والبخاريُّ، ومسلمٌ، والدارقطنيُّ. وقال أبو زرعةَ:"واهي الحديث، لَا أَعْلَمُ حَدَّثَ عنه كبيرُ أَحدٍ إلَّا مَن لا يدري الحديث". انظر (ميزان الاعتدال 3/ 189)، و (اللسان 5599).

وبه أعلَّهُ الهيثميُّ فقال: "رواه الطبرانيُّ في (الأوسط)، وفيه: عمر بن حفص العبديُّ، وهو متروكٌ"(مجمع الزوائد 1217).

ص: 173

وكذا ضَعَّفَهُ به المُناويُّ في (التيسير 2/ 394).

وقال في (الفيض): "ضَعَّفَهُ المنذريُّ. وقال الهيثميُّ: فيه عمر بن حفص العبديُّ متروكٌ. وقال العقيليُّ: "ليس لهذا المتنِ إسنادٌ صحيحٌ

(1)

" (فيض القدير 6/ 52).

الثانية: علي بن زيد بن جُدعان، وهو ضعيفٌ كما قال الحافظ في (التقريب 4734)، وقد سبقَ مرارًا.

وقد أشارَ إلى ضَعْفِهِ المنذريُّ بقولِهِ: "وروي عن علي بن أبي طالب

" فذكره، (الترغيب والترهيب 306).

وقال السيوطيُّ بعد أن عَزَاهُ للخطيب وابن النجار: "ضُعِّفَ"(جمع الجوامع 8/ 505). وكذا نقلها صاحبُ (كنز العمال 26059).

ورمز المصنفُ لضَعْفِهِ في (الجامع الصغير)، كما نقله عنه الصنعاني في (التنوير 10/ 80).

وأما في مطبوع (الجامع الصغير 8398)، فتُحرف الرمز إلى الحسن!

ومعلومٌ أن الصنعانيَّ اعتنى برموز السيوطي ونقلها من نسخةٍ بخطه، كما ذكر ذلك في مقدمة (شرحه للجامع الصغير).

قال الصنعانيُّ: "رمز المصنف لضعفه؛ لأن فيه عمرو بن حفص العبدي متروك قاله الهيثميُّ والمنذريُّ، وقال العقيليُّ: ليس لهذا الحديثِ إسنادٌ صحيحٌ"(التنوير 10/ 80).

وقال الألبانيُّ: "ضعيفٌ جدًّا"(الضعيفة 839)، و (ضعيف الجامع 5394).

* * *

(1)

ولم نقف على قول العقيلي هذا في كتابه (الضعفاء)، ولا في غيره.

ص: 174

رِوَايَةُ: مَنْ أَسْبَغَ الوُضُوءَ فِي البَرْدِ الشَّدِيدِ

• وَفِي رِوَايَةٍ: «مَنْ أَسْبَغَ الوُضُوءَ فِي البَرْدِ الشَّدِيدِ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ كِفْلَانِ، وَمَنْ أَسْبَغَ الوُضُوءَ فِي الحَرِّ الشَّدِيدِ كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ كِفْلٌ» .

[الحكم]:

موضوعٌ بهذا التمامِ، وحكمَ بوضعه الألبانيُّ.

[التخريج]:

[خط (6/ 424) "واللفظ له"/ نجار (18/ 199)].

[السند]:

رواه الخطيبُ في (تاريخ بغداد 5/ 399)، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف الواعظ، قال: حدثنا مَخْلَد بن جعفر الدقاق، قال: حدثني أبو العباس أحمد بن وهب بن عمرو بن عثمان بن محمد بن خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط بن عبد شمس الرَّقي، قال: حدثنا حكيم بن سيف الرقي أبو عمرو الأسدي، قال: حدثنا بقية بن الوليد عن محمد بن الفضل عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن علي بن أبي طالب، به.

ورواه ابن النجار في (ذيل تاريخ بغداد 3/ 306) من طريق أسد بن موسى، عن محمد بن الفضل بن عطية به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه علتان:

الأولى: عليُّ بنُ زيدٍ. وقد تَقَدَّمَ الكلامُ عليه.

الثانية: محمد بن الفضل بن عطية، قال عنه الحافظ:" كَذَّبوه" (التقريب

ص: 175

6225).

ولذا قال الألبانيُّ: "موضوعٌ"(الضعيفة 840).

ص: 176