الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
240 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ
1534 -
حَدِيثُ بُرَيْدَةَ
◼ عَن بُرَيدَةَ رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ صَنَعْتَ اليَومَ شَيئًا لَمْ تَكُنْ تَصْنَعُهُ؟ ! قَالَ: «عَمْدًا صَنَعْتُهُ يَا عُمَرُ» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[الفوائد]:
1 -
قوله صلى الله عليه وسلم: «عَمْدًا صَنَعْتُهُ» أي: لبيان الجواز. (الفتح 1/ 232).
2 -
قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم أنه يصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم يُحْدِثْ، وكان بعضُهم يتوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ استحبابًا وإرادة الفضل"(الجامع عقب رقم 62).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "قد ثبتَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه صلَّى الصلوات كلها بوضوءٍ واحدٍ وأجمعتِ الأمةُ على أن ذلك جائز وفي ذلك كفاية عن كلِّ قولٍ"(التمهيد 18/ 238).
3 -
قال أبو محمدٍ الدارميُّ: "فدلَّ فعلُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن معنى قول الله تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية: لِكُلِّ مُحْدِثٍ، ليسَ للطاهرِ، ومنه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ» "(المسند، عقب 677).
[التخريج]:
[م 277 (واللفظ له) / حم 22973/ عب 158/ مدونة (1/ 139) / عه 716/ طبر (8/ 160) / حب 1704/ هق 577، 774، 1296/ بغ 231/ بغت (3/ 20)
(1)
].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا سفيان عن علقمة بن مَرْثَد (ح) وحدثني محمد بن حاتم -واللفظ له- حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال: حدثني علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.
* * *
(1)
وقع فيه من رواية عبدان عن سفيان، وسقط من بينهما "عبد الله بن المبارك" ولذا أثبته محقق (ط. إحياء التراث) بين معقوفين وقال:"سقط من الأصل واستُدرك من «شرح السنة» وكتب التراجم".
رواية: «خَمْسَ صَلَوَاتٍ» :
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: العينيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[د 171 (واللفظ له) / جعد 2081 (مختصرًا) / طح (1/ 41/ 222) / طحق 17/ حنف (حارثي 1075، 1095) / مسن 636/ هق 1296/ هقع 893 - 894/ جصاص (3/ 329 - 330) / ناسخ 89/ تمهيد (18/ 239) / لف 226].
[السند]:
أخرجه أبو داود في (سننه) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد) - قال: حدثنا مسدد، أخبرنا يحيى، عن سفيان، حدثني علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه به.
ورواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار) من طريق أبي عاصم وأبي حذيفة قالا: ثنا سفيان، به.
ومداره عند الجميعِ على علقمة بن مرثد به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقاتٌ.
ولذا قال العينيُّ: "هذا أيضًا إسنادٌ صحيحٌ"(نخب الأفكار 1/ 370).
وكذا قال الألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 306).
رواية: «صَلَّى الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا» :
• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ عَامُ الفَتْحِ [تَوَضَّأَ، وَ] صَلَّى الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ.
وَصَحَّحَهُ: الترمذيُّ، وابنُ خُزيمةَ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ مَنْدَه، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ت 62 (واللفظ له) / ن 133/ كن 170/ جه 514/ حم 23029 (والزيادة له ولغيره) / مي 677/ خز 12، 14/ حب 1702: 1704/ عه 715/ ش 300/ بز 4364/ منذ 4/ طس 4032/ طهور 40/ جا 1/ طوسي 50/ سرج 2488/ طح (1/ 41/ 222) / ناسخ 88/ حداد 288/ طبر (8/ 159 - 160) / سخ (1/ 372) / عتب (1/ 54) / جوزي (ناسخ 25) / تمهيد (18/ 240)].
[السند]:
أخرجه الترمذيُّ قال: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان، عن علقمة بن مَرْثَد، عن سليمان بن بُريدة، عن أبيه به.
ورواه ابن حبان في (صحيحه 1704) من طريق محمد بن يوسف وقَبيصة بن عقبة قالا: حدثنا سفيان، به.
ورواه -أيضًا- في (صحيحه 1702) من طريق يحيى بن آدم عن سفيان به.
ورواه النسائيُّ في (سننه 133)، وأحمد في (مسنده 23029، 22973)،
والدارميُّ في (مسنده 677)، وابنُ خُزيمةَ في (صحيحه 12)، وغيرُهُم، من طرقٍ عن سفيانَ، به.
ومداره عند الجميع -عدا الطبراني في (الأوسط) - على سفيانَ الثوريِّ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ، غير سليمان بن بريدة، فمن رجال مسلم وحده.
ولذا قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ وابنُ حِبَّانَ حيثُ أورداه في الصحيح.
وقال ابن منده: "هذا إسنادٌ صحيحٌ على رسمِ الجماعةِ إلَّا البخاري لسليمان بن بريدة"(الإمام 2/ 115).
وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح الترمذي 61).
قلنا: وقد توبع سفيان كما عند الطبرانيِّ في (الأوسط 4032) فقال: حدثنا علي بن سعيد قال: نا إسماعيل بن بهرام بالريِّ قال: وجدتُ في كتابِ أبي، عن عمرو بن قيس، عن علقمة بن مرثد، بنحوه.
وإسنادُهُ ضعيفٌ؛ فيه: علي بن سعيد المعروف بعليك الرازي، قال حمزة السهمي: "وسألتُ الدارقطنيَّ عن عليك الرازي؟ فقال: ليس في حديثه بذاك، فإنما سمعتُ بمصرَ أنه كان والي قرية، وكان يطالبهم بالخراج، فما كانوا يعطونه، قال: فجمع الخنازير في المسجد. فقلتُ له: إنما أسألُ كيف هو في الحديث؟ فقال: قد حَدَّثَ بأحاديثَ لم يتابَعْ عليها. ثم قال: في نفسي منه، وقد تكلَّم فيه أصحابُنَا بمصرَ. وأشارَ بيده، وقال: هو كذا
وكذا. كأنه ليس هو بثقةٍ" (سؤالت السهمي 390، ط. الفاروق).
ولا يُدرى ما حال بهرام والد إسماعيل.
قلنا: ولسفيانَ فيه إسناد آخر كما عند ابن أبي شيبة في (مصنفه 300) -ومن طريقه ابن ماجه في (سننه 510)، وغيره- قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه، أنه قال: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ
…
». الحديث.
وإسنادُهُ صحيحٌ رجاله ثقات، غير أنه معلولٌ بالارسالِ.
فقد خالف وكيعًا جماعةٌ، فرووا الحديثَ وأرسلوه، منهم:
- يحيى بن سعيد كما عند أحمد في (العلل رواية ابنه عبد الله 4188)،
- وعبد الرحمن بن مهدي كما عند أبي عبيد في (الطهور 41)، والطبري في (تفسيره 11332).
- وكذا عبد الرزاق في (المصنف 157)
(1)
،
وذكر ابن أبي حاتم لهما متابعًا آخر، وهو:
- أبو نعيم الفضل بن دكين كما في (العلل لابن أبي حاتم 152).
ولا شَكَّ أن روايةَ الجماعةِ أرجحُ؛ وذلك لكثرة عددهم وفيهم المقدمون في سفيانَ؛ كابنِ مَهْديٍّ، ويحيى بنِ سعيد. وقد نصَّ هو كما في (العلل لأحمد رواية ابنه عبد الله 4188) على أنه مرسلٌ.
(1)
وقد أساءَ محقق المصنف حيثُ وضعَ بين معقوفين: (عن أبيه)، مع أنه بَيَّنَ أنها في الأصولِ مرسلة، ولقد رجعنا إلى الأصول الخطية فوجدناها مرسلة، كما سيآتي عند تخريج الرواية المرسلة قريبًا.
ولذا قال الترمذيُّ: "ورواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا. وهذا أصحُّ من حديث وكيع"(الجامع 1/ 89).
ولكن تعقبه الشيخ أحمد شاكر فقال: "وخلاصة البحث فيما تعرَّضَ له الترمذيُّ من أسانيد هذا الحديث- أن سفيان الثوري رواه عن شيخين: أحدهما علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعًا موصولًا، وهذا لم يختلف فيه الرواة عن الثوري أنه موصول، والشيخ الثاني للثوري: محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة، ولكن الرواة عن الثوري اختلفوا فيه؛ فبعضُهم يقول: "عن سليمان بن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم"، وهذا مرسلٌ؛ لأن سليمانَ ليسَ صحابيًّا، وبعضُهم يقول: "عن سليمان بن بريدة عن أبيه مرفوعًا"، وهذا متصلٌ، والذي رواه عن الثوري هكذا هو وكيعٌ، وروايتُهُ عند ابن ماجه كما قلنا آنفًا، وهذه الرواية جعلها الترمذيُّ مرجوحةً، ورأى أن روايةَ من رواه عن الثوري عن محارب عن سليمان مرسلًا أصح. ولسنا نوافقه على ذلك؛ لأن الحديث معروف عن سليمان عن أبيه، ووكيعٌ ثقةٌ حافظٌ، فالظاهرُ أن الثوريَّ كان تارة يَروي الحديثَ عن محارب موصولًا، كما رواه عنه وكيعٌ، وتارة مرسلًا، كما رواه عنه غيره"(تحقيق سنن الترمذي).
قلنا: كلام الشيخ أبي الأشبال له وجهة، ولكن الترمذي لم ينفرد في إعلاله لرواية محارب بالإرسال، فقد سبقه إلى ذلك جماعة، وفي مقدمتهم أوثق الناس في سفيان يحيى بن سعيد القطان، وقد بَيَّنَ هو نفسُهُ أن الحديثَ مرسلٌ كما تقدم في نقل أحمد في العلل.
وقال أبو زرعة -بعد ذكر مخالفة أبي نعيم لوكيع-: "حديثُ أبي نُعيمٍ أصحُّ"
(العلل لابن أبي حاتم 1/ 623).
وقال ابن خزيمة: "لم يُسنِدْ هذا الخبر عن الثوري أحدٌ نعلمه غير المعتمر ووكيع، ورواه أصحابُ الثوريِّ غيرُهُما، عن سفيان، عن محارب، عن سليمان بن بريدة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. فإن كان المعتمرُ ووكيعٌ مع جلالتهما حَفِظَا هذا الإسنادَ واتصالَهُ فهو خبرٌ غريبٌ غريبٌ"(الصحيح 1/ 10).
قلنا: رواية المعتمر بن سليمان هذه أخرجها ابن خزيمة في (صحيحه 14)، حيث قال: "حدثنا علي بن الحسين الدرهمي، بخبرٍ غريبٍ غريبٍ، قال: حدثنا معتمر
…
".
حيثُ ذكرَ المعتمرُ فيه ألفاظًا تخالفُ ما رواه الجماعةُ عن سفيانَ، وسيأتي الكلامُ على روايته في تخريجٍ مستقلٍ.
قلنا: وتابعهما -نعنى: المعتمرَ ووكيعًا- على الوصلِ: معاوية بن هشام كما عند الطبريِّ في (تفسيره 11334)، ولكن بلفظ مغاير لما عليه الجماعة، ولذا فصلناه بتخريج مستقل، وسيأتي قريبًا.
ومعاوية بن هشام هذا له غرائب وأوهام كما سيأتي.
ولهم متابع آخر وهو عصام بن يوسف البلخي كما عند أبي الحسن السقا في (مجلس له 2). وعصام بن يوسف قال عنه ابن عدي: "روى عصام هذا عن الثوري وعن غيره أحاديث لا يتابَعُ عليها"(الكامل 8/ 527).
وذكر الدارقطني لهم متابعة أخرى فقال: "قال ذلك: معتمر، ووكيع، وأبو الأحوص، عن الثوري"(العلل 2861).
ولم نقفْ على متابعةِ أبي الأحوص هذه فيما وقفنا عليه من مصادر.
ومع ذلك رجَّحَ الدارقطنيُّ المرسلَ فقال: "وغيرهم يرويه عن الثوري، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة مرسلًا، وهو الصوابُ".
قلنا: وهذا الترجيحُ في رواية محارب خاصة، وإلَّا فقد وصله علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه، وهو ثقةٌ احتجَّ به الجماعةُ.
ولذا قال ابن عبد الهادي عقب كلام أبي زرعة السابق: "وكأن أبا زرعة يشيرُ إلى أن روايةَ سفيان لهذا الحديث، عن محارب مرسلًا أصح من روايته عنه متصلًا، لا أن إرسالَهُ أصح مطلقًا، والله أعلم"(تعليقه على العلل 1/ 216).
رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ:
• وفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ».
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ بهذا السياقِ، وَضَعَّفَهُ: الألبانيُّ.
[التخريج]:
[طي 842 (واللفظ له)].
[السند]:
قال الطيالسيُّ: حدثنا قيس عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه قيس بن الربيع؛ قال عنه الحافظ: "صدوقٌ تغيَّر لما كبر، وأدخل عليه ابنُهُ ما ليسَ من حديثِهِ فحَدَّثَ به"(التقريب 5573).
ولذا قال الألبانيُّ: "وقيس بن الربيع ثقة؛ لكنه سيئ الحفظ، وقد اختصرَ الحديثَ اختصارًا مخلًّا، كما ترى"(صحيح أبي داود 164).
رِوَايَةُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً:
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً
…
)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذه الجملة: ((تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً)) في هذا الحديث، وأنكرها ابنُ عَدِيٍّ.
وإن صَحَّتْ مفردة في أحاديثَ أُخر.
[التخريج]:
[هق 1295].
[السند]:
قال البيهقيُّ: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، ثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني، ثنا أحمد بن مِهران الأصبهاني، ثنا علي بن قادم، ثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة- وهو سليمان بن بريدة، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: علي بن قادم الكوفي، مختَلفٌ فيه، قال أبو حاتم:"محله الصدق"(الجرح والتعديل 6/ 201)، وقال الحاكم:"ثقةٌ مأمونٌ"(سؤالات السجزي للحاكم 172، 329)، وَوَثَّقَهُ العجليُّ (معرفة الثقات وغيرهم 1308)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 459)، وقال ابنُ قَانعٍ:" كوفيٌّ صالحٌ"(إكمال تهذيب الكمال 9/ 371).
بينما ضَعَّفَهُ ابنُ مَعينٍ (الضعفاء للعقيلي 3/ 252)، وكذا العقيليُّ حيثُ
ذكره في (الضعفاء له)، وقال السَّاجيُّ:"صدوقٌ، وفيه ضعفٌ"(إكمال تهذيب الكمال 9/ 371)، وشدد فيه ابن سعد فقال:"وكان ممتنعًا منكر الحديث، شديد التشيع"(الطبقات الكبرى 8/ 528).
وقال ابنُ القطانِ: "وعلي بن قادم وإن كان صدوقًا فإنه يُستضعفُ"(بيان الوهم والإيهام 3/ 203).
وذكره ابن عدي في (الكامل 5/ 201) وقال: "ونُقِم على علي بن قادم أحاديث رواها عن الثوري غير محفوظة، وهو ممن يُكتبُ حديثُهُ".
وذكره الذهبيُّ في (المغني في الضعفاء 4316)، وكذا في (ديوان الضعفاء 2954)، وصرَّحَ بضعفه في (المهذب في اختصار السنن الكبير للبيهقي 4/ 1805).
ولخص حالَهُ ابن حجر في (التقريب 4785) فقال: "صدوقٌ يتشيعُ".
قلنا: حاله لا يرتقي إلى الاحتجاج والقَبول، بابه الاعتبار والشواهد، فلا يُقبلُ ما ينفردُ به مطلقًا.
وقد أخطأَ على الثوريِّ فزادَ عليه هذه اللفظة، وهذه هي:
العلة الثانية: فقد رواه أصحابُ الثوريِّ الأثبات؛ كابن مهدي، ويحيى بن سعيد، وعبد الرزاق، وغيرهم الكثير، فلم يذكروا فيه الوضوء مرة مرة. أخرجه مسلم وغيره.
وأشارَ الترمذيُّ إلى تفرد ابن قادم بهذه الزيادة فقال: "وروى هذا الحديث عليُّ بنُ قَادمٍ عن سفيان الثوري، وزاد فيه: ((تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً)) "، وذلك بعد أن روى الحديث من طريق ابن مهدي عن سفيان، ليس عنده هذه الزيادة.
وروى ابن عدي الحديثَ من طريق الفريابي مقتصرًا على هذه الزيادة فقط، ثم قال:"وهذا يُعرفُ بعلي بن قادم عن الثوري بهذا الإسناد، وقد رواه الفريابي. والفريابي له عن الثوري إفرادات"(الكامل 6/ 231).
وانظر باب: (مشروعية الوضوء مرة مرة).
رِوَايَةُ: صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِوُضُوءِ وَاحِدٍ:
• فِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا فَتَحَ مَكْةَ، صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِوُضُوءِ وَاحِدٍ)).
[الحكم]:
معناه صحيح بما سبقَ. وإسنادُهُ معلولٌ بالإرسالِ.
[التخريج]:
[طبر (8/ 161)].
[السند]:
أخرجه الطبريُّ في (تفسيره): عن أبي كريب قال: حدثنا معاوية، عن سفيان، عن محارب بن دثار، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ غير معاوية بن هشام، "صدوقٌ له أوهامٌ" كما في (التقريب 6771). وقد وَهِمَ في سندِهِ ومتنِهِ:
أما السند: فرواه متصلًا، وخالفه أصحابُ الثوريِّ الأثبات؛ كابن مهدي، ويحيى بن سعيد، وغيرهما، فرووه عن سفيانَ مرسلًا، وقد تقدم بيانُ ذلك
قريبًا.
وأما المتن: فالمحفوظ فيه ما رواه مسلم (277) وغيره، من حديثِ ابن نمير، ويحيى بن سعيد عن سفيان بسنده، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَومَ الفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ
…
الحديث. ليس في حديثهم هذا التفصيل الذي في رواية معاوية عن سفيان، وإن كان معناه صحيحًا.
رِوَايَةُ فَإِنَّهُ شُغِلَ فَجَمَعَ
• وفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، إِلَّا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ؛ فَإِنَّهُ شُغِلَ فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» .
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ، واستغربه ابنُ خُزيمةَ وأعلَّه بالإرسالِ، وكذلك الترمذيُّ وأبو زرعةَ والدارقطنيُّ.
وقولُهُ السابقُ في الصحيح: «عَمْدًا صَنَعْتُهُ» يَرُدُّ هذا التعليل المذكور في هذه الروايةِ بأنه فعلَ ذلك بسبب انشغاله.
[التخريج]:
[خز 13 (واللفظ له) / ني 68 (والرواية له) / بز 4365 (لم يسق متنه) / سقا 2].
[السند]:
قال ابن خزيمة: ثنا علي بن الحسين الدرهمي -بخبرٍ غريبٍ غريبٍ- قال: حدثنا معتمر عن سفيان الثوري عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن
أبيه به.
ورواه البزار عن علي بن الحسين به، وأحالَ متنه على ما قبله، وهو بلفظ الرواية الأولى!
ورواه (الروياني) عن عمرو بن علي عن المعتمر به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غيرَ أنَّ المعتمرَ بنَ سليمانَ قد أخطأَ في سندِهِ ومَتْنِهِ:
أما السند: فقد أُعلَّ بالإرسالِ؛ فقد رواه عبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد، وعبد الرزاق، وغيرهم عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، كما سبق قريبًا.
ولذا قال ابن خزيمة -عقبه-: "لم يُسنِدْ هذا الخبر عن الثوري أحدٌ نعلمه غير المعتمر ووكيع، ورواه أصحابُ الثوريِّ غيرهما عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان المعتمرُ ووكيعٌ مع جلالتهما حَفِظَا هذا الإسنادَ واتصالَهُ فهو خبرٌ غريبٌ غريبٌ"(الصحيح 13).
وقال الترمذيُّ: "ورواه وكيعٌ عن سفيان عن محارب عن سليمان بن بريدة عن أبيه.
قال: ورواه عبد الرحمن بن مهدي وغيره، عن سفيان عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وهذا أصحّ" (الجامع 61).
وكذلك رجَّحَ أبو زرعة الروايةَ المرسلةَ كما في (علل ابن أبي حاتم 152).
وقال الدارقطنيُّ: "
…
وغيرهم يرويه عن الثوري، عن محارب بن دثار،
عن ابن بريدة مرسلًا. وهو الصوابُ" (العلل 2861).
وأما خطأه في المتن: فإن رواية علقمة بن مرثد الموصولة عند مسلم (277)، بل ورواية وكيع عن سفيان عن محارب الموصولة أيضًا عند ابن ماجه (510)، وغيره- ليس فيها ما جاء فِي رواية المعتمر هذه من قوله:«شُغِلَ فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ» ، وإنما حديث علقمة ووكيع لفظه:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَومَ الفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» ، فلم يقتصرْ على ذكر الظهر والعصر، ولم ينصَّ على الجمع بينهما، ولم يعلل هذا الجمع المذكور والاقتصار على الوضوء الواحد بانشغاله صلى الله عليه وسلم، فكل هذه المعاني تحتاج لشواهد كي تثبت بها، بل قوله صلى الله عليه وسلم في متن الحديث عند مسلم وغيره:«عَمْدًا صَنَعْتُهُ» ، يَرُدُّ هذا التعليل المذكور، والله أعلم.
1535 -
حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ مُرْسَلًا
◼ عَنْ سُلَيْمَانَ بنِ بُرَيدَةَ قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ الفَتْحِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)).
[الحكم]:
مرسلٌ صحيحُ الإسنادِ. والمحفوظُ أنه صلَّى العِشَاءَ أيضًا بهذا الوضوءِ الواحدِ، فالظاهرُ أن هذه الراوية مختصرة، والله أعلم.
[التخريج]:
[عب 157 (واللفظ له) / طهور 41/ علحم 4188/ طبر (8/ 160)].
[السند]:
أخرجه عبد الرزاق: عن الثوري عن محارب بن دثار عن سليمان بن بريدة مرسلًا.
ورواه أبو عبيد في (الطهور)، والطبري في (التفسير)، كلاهما عن ابن مهدي عن سفيان به.
ورواه أحمد في (العلل رواية ابنه عبد الله) عن يحيى بن سعيد عن سفيان به.
ومداره عندهم على سفيان الثوري به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ لكنه مرسلٌ، وقد سبقَ الحديثُ موصولًا من حديثِ علقمةَ بنِ مَرْثَدٍ عن سليمان عن أبيه، أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم صَلَّى يَومَ الفَتْحِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهِا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، عند مسلمٍ وغيرِهِ.
[تنبيه]:
هكذا وقعَ الحديثُ مرسلًا في طبعة التأصيل من (مصنف عبد الرزاق) تبعًا لأصله، ولكن أثبته محقق طبعة المجلس العلمي، هكذا: "عن سليمان بن بريدة، [عن أبيه] قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحديث"، فوضع المحقق لفظة (أبيه) بين معقوفين وقال: "ليستْ في الأصولِ".
ولقد رجعنا إلى النسخة الخطية (ق 1/ 8/ أ- ب) فوجدناه كما قال، وعليه تكون رواية عبد الرزاق مرسلة، وهذا هو الموافق لكلام العلماء في كون وكيع والمعتمر هما مَن وصلاه، خلافًا لأصحابِ سفيانَ، والله أعلم.
1536 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
◼ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ وَالمَغْرِبَ وَالعِشَاءَ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وأعلَّهُ: الدارقطنيُّ، وابنُ عَدِيٍّ، ومحمدُ بنُ طَاهرٍ المقدسيُّ.
[التخريج]:
[طبر (8/ 161) (واللفظ له) / عد (3/ 243) / إيضاح (مغلطاي 2/ 115)].
[السند]:
قال الطبريُّ رحمه الله: حدثنا محمد بن عبيد المحاربي قال: حدثنا الحَكَمُ بنُ ظُهَيرٍ عن مِسعرٍ عن محارب بن دِثَارٍ عن ابن عمر به.
ورواه ابنُ عَدِيٍّ في (كامله) من طريق محمد بن عبيد به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته الحَكَمُ بنُ ظُهَيرٍ؛ قال عنه الحافظُ: "متروكٌ، رُمِيَ بالرفضِ، واتَّهمه ابنُ مَعينٍ"(التقريب 1445).
والحديثُ ذكره ابنُ عَدِيٍّ في ترجمته، وقال عقبه:"هذا أيضًا لم يُحَدِّثْ به غير الحكم عن مِسعرٍ"، ثم ذكرَ له جملةً أخرى من حديثِهِ، وختمَ ترجمتَهُ بقوله:"وللحكمِ غير ما ذكرنا من الحديث، وعامة أحاديثه غير محفوظة"(الكامل 3/ 245).
وتبعه محمد بن طاهر المقدسيُّ فقال: "وهذا لم يَرْوِه عن مِسعرٍ غير الحكم،
وهذا كذابٌ" (ذخيرة الحفاظ 1425).
قلنا: وقد أخطأَ الحَكَمُ هذا في سندِهِ ومَتْنِهِ:
أما السند: فالصوابُ فيه ما رواه الثوريُّ عن محارب بن دثار عن ابنِ بريدةَ مرسلًا، كما سبقَ قريبًا.
قال الدارقطنيُّ لما سُئِلَ عنه: "يرويه مسعرٌ، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر. قاله الحكم بن ظهير عنه.
وخالفه الثوريُّ، فرواه عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة، عن أبيه. قال ذلك معتمرٌ، ووكيعٌ، وأبو الأحوصِ، عن الثوريِّ.
وغيرهم يرويه، عن الثوريِّ، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة مرسلًا. وهو الصوابُ" (العلل 2861).
وأما خطأه في المتنِ:
فقد رواه ابنُ مهديٍّ وغيرُهُ، عن الثوريِّ، عن محارب بن دثار، عن ابن بريدة مرسلًا، ولفظه:«كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَومُ الفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» كما عند أبي عبيد في (الطهور 41).
وهذا اللفظُ هو الموافقُ لما رواه مسلمٌ وغيرُهُ من حديثِ الثوريِّ عن علقمةَ بنِ مَرْثَدٍ عن سليمان بن بريدة عن أبيه به. وقد سبقتْ روايةُ مسلمٍ في أولِ البابِ.
قلنا: ولقد وقفنا للحَكمِ بنِ ظُهَيرٍ على خلافٍ آخر يدلُّ على وهنه في الحديث، فرواه عبد الغني بن سعيد الأزدي في (إيضاح الإشكال) كما في (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 115) من طريق وهب بن بقية عن الحكم بن
ظُهَيرٍ عن مِسعرٍ عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ
…
الحديث.
1537 -
حَدِيثُ سُوَيْدِ بنِ النُّعْمَانِ
◼ عَنْ بُشَيْرِ بنِ يَسَارٍ، مَولَى بَنِي حَارِثَةَ أَنَّ سُوَيْدَ بنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ، وَهِيَ أَدْنَى خَيْبَرَ، «فَصَلَّى العَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ، فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى المَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» .
[الحكم]:
صحيح (خ).
[اللغة]:
1 -
قوله: (بِالأَزْوَادِ) جمع زاد، وهو طعامٌ يُتخذُ للسفرِ. (عمدة القاري 3/ 106).
2 -
السَّوِيقُ؛ قال الداوديُّ: "هو دقيقُ الشَّعيرِ أو السلتِ المقلي"، وقال غيره:"ويكون من القمح"، وقد وصفه أعرابيٌّ فقال:"عُدَّةُ المسافرِ، وطعامُ العجلانِ، وبُلغةُ المريضِ"(فتح الباري للحافظ ابن حجر 1/ 312).
3 -
قوله: (ثُرِّيَ) أي: بُلَّ فيه، يقال: ثريت السويقُ أي: بللته. والثَّرَى: الترابُ الندي الذي تحت التراب الظاهر. (شرح السنة 171).
[الفوائد]:
قال الحافظُ: "استدلَّ به البخاريُّ على جوازِ صلاتين فأكثر بوُضُوءٍ واحدٍ"(فتح الباري 1/ 312).
قال ابنُ عبدِ البرِّ:
"1 - وفي هذا الحديث دليلٌ على أن الصالحين والفضلاء لا يستغنون عن
الزادِ في سفرهم، وهو يُبطلُ مذهب الصوفية الذين لا يدَّخِرونَ لغدٍ.
2 -
وفيه دليلٌ على أن جمعَ الأزوادِ واجتماع الأيدي عليها أعظم بركة؛ ولذلك قال بعضُ العلماء: جَمْعُ الأزوادِ في السَّفَرِ سُنَّةٌ.
3 -
وقد استدلَّ بعضُ الفقهاءِ بهذا الحديثِ لما فيه من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج أزوادهم للمساواة فيها- على أنه جائزٌ للإمامِ عند قلةِ الطعامِ وارتفاعِ السعرِ وغلاءِ الأقواتِ أن يأمرَ مَن عنده طعام فوق قوته بإخراجه للبيع ويُجبره على ذلك لما فيه من تَرْمِيقِ مُهَجِ الناسِ وإحيائِهِم والإبقاءِ عليهم" (التمهيد 23/ 177).
4 -
قال الحافظ: "وفائدة المضمضة من السَّويقِ وإن كان لا دَسَمَ له أنه تحتبس بقاياه بين الأسنان ونواحي الفم، فيشغله تتبعه عن أحوال الصلاة"(فتح الباري 1/ 312).
[التخريج]:
[خ 209 (واللفظ له)، 4195/ ن 186/ كن 239، 240/ طا (الطهارة 20) / حب 1155/ طب (7/ 87/ 6456)، (7/ 88/ 6459) / هق 759/ هقل (4/ 200) / شعب 5436/ هقع (1/ 445) / قديم (هقع 1/ 445) / بغ 171/ صمند (صـ 780) / صبغ 1572، 1573/ نبغ 977/ مستطرف (2/ 174) / مث 1995/ طح (1/ 66/ 391) / عتب (صـ 51) / كر (4/ 243) / أسد (2/ 601) / أثرم 162/ مالك 103/ مطغ 821/ صحا 3516/ ميمي 486/ ضيا (رواة ق 122/ أ) / حداد 303/ قصار (ق 104/ ب) / شافعي (13/ ق 94/ ب)].
[السند]:
قال البخاري (209): حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك،
عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، مولى بني حارثة، عن سويد بن النعمان
…
به.
وقال في (4195): حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك به.
عبد الله بن مسلمة هو القعنبي، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري.
رواية: «فَلُكْنَاهُ» :
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى خَيْبَرَ (عَامَ خَيْبَرَ) 1، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ [صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم العَصْرَ، فَلَمَّا صَلَّى [1 دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِطَعَامٍ (بِالأَطْعِمَةِ) 2، فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ، [فَلَاكَ مِنْهُ [2 فَلُكْنَاهُ [مَعَهُ [3، فَأَكَلْنَا مِنْهُ [وَشَرِبْنَا، ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَغْرِبِ، [4 ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، فَصَلَّى بِنَا المَغْرِبَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
[الحكم]:
صحيح (خ) والزيادات والروايات له.
[اللغة]:
قال الحافظ: " (فَلُكْنَا) بضم اللام. وقوله: (فلاكها ولاكوه) اللوك -بالفتح-: مضغ الشيء الصلب وإدارته في الفم"(فتح الباري 1/ 184).
[التخريج]:
[خ 215 (والزيادة الأُولى له ولغيره، والرابعة له ولغيره، والرواية الأولى له ولغيره، والثانية له ولغيره)، 2981، 5384 (واللفظ له)، 5390 (والزيادة الثانية والثالثة له)، 5454، 5455/ جه 495/ حم
15990/ ش 531/ حمد 441/ جريه 65/ قطان 3/ خلف 52/ شافعي (13/ ق 94/ ب) / تخث (السفر الثاني 977) / كما (12/ 274)].
[السند]:
أخرجه البخاري (215) قال: حدثنا خالد بن مَخْلد، قال: حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني يحيى بن سعيد بسنده، وعنده الزيادة الأُولى والرابعة والروايتان.
ورواه برقم (5384 واللفظ له) قال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، قال يحيى بن سعيد: سمعت بشير بن يسار، يقول: حدثنا سويد بن النعمان، قال: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى خَيْبَرَ، فَلَمَّا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ -قال يحيى: وهي من خيبر على روحة-
…
الحديث.
وقال في (5390): حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد، عن يحيى به. وعنده الزيادة الثانية والثالثة.
وقال في (5454): حدثنا علي، حدثنا سفيان، سمعت يحيى بن سعيد به.
وسفيان هو ابن عيينة، ويحيى بن سعيد هو الأنصاري.
رِوَايَةُ فَلَاكُوهُ مُخْتَصَرًا
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظٍ مُخْتَصَرٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم [فِي سَفَرٍ، فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ طَعَامٌ، [وَأَصْحَابُهُ أُتُوا بِسَوِيقٍ فَلَاكُوهُ،] وَشَرِبُوا مِنْهُ، ثُمَّ أَتَوا بِمَاءٍ فَمَضْمَضُوا، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى]» .
[الحكم]:
صحيح (خ)، دون الزيادتين، وهما صحيحتان على شرط البخاري.
[التخريج]:
[خ 4175/ حم 15799 (والزيادتان له)].
[السند]:
قال البخاري: حدثني محمد بن بشار، حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سويد بن النعمان- وكان من أصحاب الشجرة، به.
وأخرجه أحمد (15799) قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت بشير بن يسار، قال: سمعت سويد بن النعمان- رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب الشجرة، به. بالزيادتين.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ.
رِوَايَةُ: وَمَا مَسَّ مَاءً
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: ((
…
وَمَا مَسَّ مَاءً))، بَدَلَ:((وَمَا تَوَضَّأَ)).
[الحكم]:
صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ.
[التخريج]:
[حم 15800/ ش 532].
[السند]:
أخرجه ابن أبي شيبة في (مصنفه)، وأحمد في (مسنده) -والسياق له- قالا: حدثنا ابن نمير، حدثنا يحيى (بن سعيد)، عن بشير بن يسار، عن سويد بن النعمان، قال:«خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ، وَصَلَّى العَصْرَ دَعَا بِالأَطْعِمَةِ، فَمَا أُتِيَ إِلَّا بِسَوِيقٍ فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا مِنْهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى المَغْرِبِ فَمَضْمَضَ، وَمَضْمَضْنَا مَعَهُ، وَمَا مَسَّ مَاءً» .
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ، ومس الماء هو الوضوء، يدلُّ عليه سياقُ الحديثِ حيثُ ذكرَ قبله:(فَمَضْمَضَ)، فلو كان مسُّ الماءِ على عمومِهِ لما قال ذلك، والمضمضمةُ من مَسِّ الماءِ.
رِوَايَةٌ بِالشَّكِّ: وَصَلَّى الظُّهْرَ أَوِ العَصْرَ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِالشَّكِّ: ((
…
وَصَلَّى الظُّهْرَ أَوِ العَصْرَ)).
[الحكم]:
صحيحٌ بذكرِ العصرِ دونَ شَكٍّ.
[التخريج]:
[عب 699].
[السند]:
رواه عبدُ الرزاقِ في (مصنفه 699) عن ابن عيينة، وابن أبي سبرة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سويد بن النعمان به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير ابن أبي سبرة، وهو أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبى سبرة، قال الحافظ فيه:"رَمَوه بالوضعِ"(التقريب 7973).
وهذا اللفظُ غيرُ محفوظٍ من حديثِ ابنِ عيينةَ، فالصحيحُ عنه ما رواه البخاريُّ وغيرُهُ، وفيه:«صَلَّى العَصْرَ» بلا شَكٍّ، فحَمَلَ عبد الرزاق روايتَهُ على رواية ابن أبي سبرة هذا، واللفظ له، وقد رواه الطبرانيُّ من طريق عبد الرزاق بسنده وقال فيه:«الظُّهْرَ وَالعَصْرَ» . فعطفَ الظُّهْرَ على العَصْرِ، فلا ندري أي الكتابين صُحِّفتْ فيه أداة العطف، وكلتا الروايتين خطأ؛ فالمحفوظُ بذكر العصر فقط وبلا شَكٍّ.
رِوَايَةُ: ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((
…
ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ وَالعَصْرَ)).
[الحكم]:
صحيحٌ دون ذكر ((الظُّهْر)) فشَاذٌّ، والمحفوظُ ما في (صحيح البخاري) أنه صَلَّى العَصْرَ، ثم أُتي بالسَّويقِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى المَغْرِبِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
[التخريج]:
[طب (7/ 87/ 6455) / تد (3/ 20)].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) -ومن طريقه الرافعي في (تاريخ قزوين) - قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، وابن أبي سبرة، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سويد بن النعمان، به.
[التحقيق]:
انظر الرواية السابقة.
[تنبيه]:
لحديث سويد بن النعمان شواهد كثيرة سيأتي تخريجها وتحقيقها تحت باب "ترك الوضوء مما مست النار".
1538 -
حَدِيثُ أَنَسٍ
◼ عَنْ عَمْرِو بنِ عَامِرٍ، عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» . قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُوَن؟ قَالَ: يُجْزِئُ أَحَدَنَا (كَانَ أَحَدُنَا يَكْفِيهِ) الوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ.
[الحكم]:
صحيح (خ)، دون الرواية. وإسنادُها صحيحٌ.
[الفوائد]:
قال ابنُ الجوزيِّ: "إنما كان يفعلُ ذلك لموضعِ الفضيلةِ. وصَلَّى يومَ الفتحِ صلواتٍ بوضوءٍ واحدٍ، وقال: ((عَمْدًا فَعَلْتُهُ)) ليُعلم أن الوضوءَ إنما يجبُ لأجلِ الحدثِ، وأن الوضوءَ من غيرِ حَدثٍ فضيلةٌ"(كشف المشكل لابن الجوزي 3/ 294).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "قد ثبتَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه صلَّى الصلوات كلها بوضوءٍ واحدٍ، وأجمعتِ الأمةُ على أن ذلك جائز. وفي ذلك كفاية عن كلِّ قول"(التمهيد 18/ 238).
وقال الشوكانيُّ: "فتقرر بما ذُكر أن الوضوءَ لا يجبُ إلا على المُحْدِثِ. وبه قال جمهور أهل العلم، وهو الحَقُّ"(فتح القدير 2/ 21).
وقال النوويُّ: "واحتجَّ الأصحابُ لأصل استحباب التجديد
…
واحتجَّ البيهقيُّ بحديثِ أنسٍ قال: ((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَ أَحَدُنَا يَكْفِيهِ الوُضُوءُ مَا لَمْ يُحْدِثْ)) رواه البخاري، ولكن لا دلالة فيه للتجديد لاحتمال أنه كان يتوضأ عن حدثٍ، وهذا الاحتمال مقاوم لاحتمال التجديد، فلا يرجَّح التجديد إلا بمرجح آخر" (المجموع 1/ 531 -
532).
[التخريج]:
[خ 214 (واللفظ له) / مي 738 (والرواية له ولغيره) / عل 3692، 3708/ عب 162 (مقتصرًا على آخره) / علت 29/ ناسخ 85، 87/ هق 761/ بغ 230/ طهور 42/ تخ (6/ 356) / تمهيد (18/ 238 - 239) / طوسي 49/ جوزي (ناسخ 24) / كرغي (1/ 359 - 360) / حداد 285].
[السند]:
قال البخاري: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا سفيان، عن عمرو بن عامر، قال: سمعت أنسًا (ح). قال: وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، قال: حدثني عمرو بن عامر عن أنس به.
سفيان هو ابنُ سعيدٍ الثوريُّ، الإمام الثقة الحجة.
يحيى هو ابنُ سعيدِ بنِ فروخٍ القطانُ، إمام أهل زمانه.
تحقيق الرواية:
رواها الدارمي في (مسنده) عن شيخ البخاري محمد بن يوسف بسنده.
ورواها الطوسي في (المستخرج)، والبيهقي في (الكبير) من طريق محمد بن يوسف به.
ورواها عبد الرزاق في (مصنفه)، عن الثوري، بنحوه.
وهذه أسانيد صحاح على شرط البخاري، كما ترى.
[تنبيهان]:
الأول: اختُلفَ في عمرو بن عامر الراوي عن أنس، أهو (البجلي) والد أسد بن عمرو كما ستأتي الرواية بذلك عند أبي داود، أم هو (الأنصاري) كما وقع عند الترمذي، أم هما واحد؟
فمالَ أبو داود إلا أنه والد أسد بن عمرو. فقد سأله الآجري فقال: "قلت لأبي داود: عمرو بن عامر روى عن أنس؟ قال: هذا أبو أسد بن عمرو
…
ثم أورد سند الحديث" (سؤالات الآجري لأبي داود 463).
"وكذلك قال أبو القاسم في (الأطراف) في مسند أنس: عمرو بن عامر الأنصارى والد أسد بن عمرو عنه. تبع أبا داود في ذلك"(تهذيب الكمال 22/ 94).
فتعقبهما المزيُّ فقال: "وقد وهما جميعًا، فإن والد أسد بجلي، وليس بأنصاري، وهو متأخر عن طبقة الأنصاري، ومَن نظرَ من أهل المعرفة في رجال هذا ورجال هذا تَبَيَّنَ له صحة ما ذكرنا، والله أعلم"(تهذيب الكمال 22/ 94).
ولكن الحافظ تعقب المزي فقال: "مثل أبي داود لا يُرد قوله بلا دليلٍ"(تهذيب التهذيب 8/ 60).
قلنا: ذكر البخاريُّ الحديثَ في ترجمة عمرو بن عامر الأنصاري من (التاريخ الكبير 6/ 356) وقال: سمع أنسًا، وذكر -عقبه- ترجمةَ والد أسد بن عمرو، مما يرجح ما قاله المزيُّ رحمه الله، وكذا فعلَ ابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 6/ 249 - 250).
ومع ذلك مالَ الشيخُ الألبانيُّ إلى أنهما واحد فقال: "ويؤيدُ ما ذهبَ إليه
المصنفُ رحمه الله -يعني أبا داود- أن شريكًا -في رواية أحمد عنه- قال: عمرو بن عامر الأنصاري. وفي رواية المصنف: عمرو بن عامر البجلي. فدلَّ على أنهما واحد، ويبعد جدًّا أن يكونا اثنين يَروي شريك عن كلِّ منهما هذا الحديث الواحد! والله أعلم" (صحيح أبي داود 1/ 306).
قلنا: كلا الطريقين وَرَدَ من طريق شريك النخعي، وقد قال الشيخ الألباني في روايته هذه المخرج لها:"غير أن شريكًا -وهو ابنُ عبد الله القاضي- كان سيئَ الحفظِ"(صحيح أبي داود 1/ 304)، فكيف يُقبل قوله واختلافه في اسم التابعي، وإنما أتى ذلك من سوء حفظه، والله أعلم.
الثاني: وقع عند السراج في (حديثه): عمرو بن علي بدل (عمرو بن عامر)؛ ولذا قال محققه: "كذا في الأصل. والصواب: عمرو بن عامر. والحديث معروف به"(حديث السراج 2/ 86 حاشية رقم 1).
رواية: «الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا» :
• وَفِي رِوَايَةٍ؛ قَالَ أَنَسٌ: «كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: الترمذيُّ، والعينيُّ، والسيوطيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ت 60 (واللفظ له) / حم 12346، 12364/ طح (1/ 45/ 240) / طحق 5].
[السند]:
قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي قالا: حدثنا سفيان، عن عمرو بن عامر الأنصاري، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» »، قُلْتُ: فَأَنْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ:
…
الحديث.
ورواه أحمد في (مسنده) قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي.
والطحاوي في (شرح معاني الآثار، وأحكام القرآن) من طريق شعبة.
كلاهما (ابن مهدي، وشعبة) عن سفيان به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ البخاريِّ.
ولذا قال الترمذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"(الجامع 1/ 314).
وصَحَّحَ إسنادَهُ العينيُّ في (نخب الأفكار 1/ 408)، وكذا السيوطيُّ في
(الجامع الصغير 6979)، والشيخُ الألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 304).
رِوَايَةٌ مُطَوَّلًا:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَمْرِو بنِ عَامِرٍ الأَنْصَارِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ يَقُولُ: «أُتِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَدَحٍ (قَعْبٍ) 1 (إِنَاءٍ صَغِيرٍ) 2 مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ» ، قَالَ [عَمْرٌو]: فَقُلتُ لَأَنَسٍ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» ، قَالَ: قُلْتُ: فَأَنْتُمْ؟ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ» ، قَالَ: ثُمَّ سَأَلْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ:«مَا لَمْ نُحْدِثْ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ.
وَصَحَّحَهُ: ابنُ خُزيمةَ.
وَحَسَّنَهُ: الحازميُّ، وأحمد شاكر، والألبانيُّ.
[اللغة]:
قال النوويُّ: القَعب: قدحٌ من خشب معروف (شرح مسلم 18/ 149)
[التخريج]:
[ن 136 (والرواية الثانية له) / كن 168/ حم 13017 (واللفظ له)، 13734 (والزيادة له) / خز 126 (والرواية الأُولى له ولغيره) / طي 2231 (مختصرًا جدًّا، ليس فيه موضع الشاهد) / طح (1/ 42/ 226) / طبر (8/ 162) / عتب (صـ 53) / قشيخ 306/ مديني (لطائف 359)].
[السند]:
أخرجه الطيالسيُّ في (مسنده) -ومن طريقه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 45) - عن شعبة عن عمرو بن عامر قال: سألت أنسًا رضي الله عنه
…
فذكره بنحوه.
ورواه النسائيُّ في (الصغرى 131، والكبرى 168)، وأحمدُ في (المسند 13017)، وابنُ خُزيمةَ في (صحيحه)، وغيرُهُم من طرقٍ عن شعبةَ به.
ومدارُ إسنادِهِ عند الجميعِ على شعبةَ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ.
ولذا صَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ، وقال الحازميُّ:"هذا حديثٌ حسنٌ على شرطِ أبي داود، وأبي عيسى، وأبي عبد الرحمن، أخرجوه في كتبهم"(الاعتبار في الناسخ والمنسوخ، صـ 53).
قلنا: بل على شرطِ البخاريِّ، وقد أخرجه البخاريُّ في (صحيحه) كما سبقَ؛ ولذا قال مغلطاي:"وأما تحسين الحازمي حديث عمرو بن عامر، وعَزْوه إيَّاه إلى أصحاب السنن- فذهولٌ شديدٌ عن ذكره من كتابِ البخاريِّ"(شرح ابن ماجه 2/ 112).
والحديثُ صَحَّحَهُ العلامةُ أحمد شاكر في (تحقيق تفسير الطبري 11336)، والألبانيُّ في (صحيح النسائي 131)، و (صحيح أبي داود- الأم 1/ 305).
[تنبيه]:
وقع تصحيفان في المطبوع من ذكر الأقران لأبي الشيخ:
الأول: في شيخه، حيث جاء فيه:"سليمان بن عصام"، والصواب:
"سلم بن عصام" كما في الأصل الخطي (ق 37/ ب).
والثاني: في شيخ عبيد الله بن سعد، حيث جاء فيه:"عن عمر"، والصواب:"عن عمي" كما في المخطوط -أيضًا-.
رِوَايَةُ: «كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: «
…
كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ
…
».
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دون قوله: «طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ» فمنكرٌ.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، وأعلَّهُ: البخاريُّ، والترمذيُّ.
وَضَعَّفَهُ: ابنُ الملقنِ، والمباركفوريُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[ت 59 (واللفظ له) / عتب (صـ 53)].
[السند]:
أخرجه الترمذي -ومن طريقه الحازميُّ في (الاعتبار) -: عن محمد بن حميد الرازي، حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن حميد عن أنس به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عللٍ:
الأولى: محمد بن حميد الرازي، متهمٌ. انظر (ميزان الاعتدال 3/ 530).
الثانية: سلمة بن الفضل؛ قال عنه الحافظ: "صدوقٌ، كثيرُ الخطأ"(التقريب 2505).
وقد أخطأَ في سندِهِ ومتنِهِ:
أما السند: فقد خالفه إبراهيم بن سعد، فرواه عن ابن إسحاق قال: حدثني شعبة عن عمرو بن عامر عن أنس به.
رواه أبو الشيخ في (ذكر الأقران 306)، وأبو موسى المديني في (اللطائف 359) من طرق عن عبيد الله بن سعد عن عمه عن أبيه إبراهيم بن سعد به.
وأما المتن: فقد زاد فيه زيادة: «طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ» ، لم يأتِ بها غيرُهُ، فهذه الزيادةُ من مناكيره.
ولذا قال الترمذيُّ عقبه في (السنن): "حديثُ حُميدٍ عن أنسٍ حديثٌ حسنٌ غريبٌ من هذا الوجهِ، والمشهورُ عند أهلِ الحديثِ حديث عمرو بن عامر الأنصاري عن أنسٍ".
وقال في (العلل): سألتُ محمدًا عن هذا الحديث، فقال:"لا أدري ما سلمة هذا، كان إسحاق يتكلَّم فيه، ما أروي عنه. ولم يَعرفْ محمدٌ هذا من حديثِ حُميدٍ"(العلل الكبير للترمذي 29).
قال ابن الملقن: "ولم يعرفه البخاريُّ من هذا الوجه وجَهَّل راويه! "(التوضيح لشرح الجامع الصحيح 4/ 387).
قلنا: كذا قال، والبخاريُّ لم يرد تجهيل سلمة فهو مشهورٌ معروفٌ، ولكن البخاري يتعجبُ من نكارةِ حديثِهِ، كيف وقد نقلَ عن إسحاقَ أنه يتكلَّم فيه، وترجمَ له في (التاريخ الكبير 4/ 84) وقال:"عنده مناكير. وهنه عليٌّ".
بينما أعلَّه المباركفوريُّ بعنعنةِ ابنِ إسحاقَ، فقال: تفرَّدَ به محمد بن إسحاق، وهو مدلسٌ، ورواه عن حميدٍ معنعنًا"! (تحفة الأحوذي 1/ 158)
وقال الألبانيُّ: "وسندُهُ ضعيفٌ؛ لعنعنةِ ابنِ إسحاقَ، ولأن شيخَ الترمذيِّ فيه محمد بن حميد الرازي ضعيفٌ"(صحيح أبي داود 1/ 305).
رِوَايَةُ مُخْتَصَرًا
• وَفِي رِوَايَةٍ: سَأَلْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ، عَنِ الوُضُوءِ، فَقَالَ:«كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَكُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ [كُلَّهَا] (خَمْسَ صَلَوَاتٍ) بِوُضُوءٍ (بِطُهُورٍ) وَاحِدٍ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما سبقَ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ.
وَصَحَّحَهُ لغيرِهِ: الألبانيُّ.
[التخريج]:
[د 171 (واللفظ له) / جه 513 (والزيادة له) / حم 12565 (والروايتان له) / ص (كبير 19/ 200) / سرج 346/ مخلص 518/ ناسخ 86/ تمهيد (18/ 239)].
[التحقيق]:
له طريقان عن أنسٍ:
الأول:
رواه سعيد بن منصور في (سننه) كما في (جمع الجوامع للسيوطي 19/
200) قال: حدثنا شريك بن عبد الله عن عمرو بن عامر عن أنس به.
ورواه أحمد، وأبو داود في (سننه)، وابن ماجه، وغيرهم، من طرقٍ عن شَريكٍ به.
وهذا إسنادٌ رجاله ثقات غير شريك بن عبد الله النخعي، قال الحافظ:"صدوقٌ، يُخطئُ كثيرًا، تغيَّرَ حفظه منذ ولى القضاء بالكوفة"(التقريب 2787).
قال الألبانيُّ: "وهذا إسنادٌ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ، غير أن شريكًا -وهو ابنُ عبد الله القاضي-كان سيئَ الحفظِ؛ لكنه لم يتفردْ به كما يأتي، فدلَّ ذلك على أنه قد حَفِظَ؛ فالحديثُ صحيحٌ"(صحيح أبي داود 1/ 304).
الطريق الثاني:
رواه ابنُ شاهينَ في (ناسخ الحديث 87)، "والسياق له"، وأبو طاهر المخلص في (المخلصيات 518): عن عبد الله بن محمد، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن حميد الطويل، عن أنسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
قُلْتُ لأَنَسٍ: كَيْفَ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ؟ قال: نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بالوُضُوءِ الوَاحِدِ مَالم نُحْدِثْ.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عللٌ، وقد تَقَدَّمَ الكلامُ عليه في الروايةِ السابقةِ.
رِوَايَةُ: إِنَّا لَنَحْفَظُ وُضُوءًا وَاحِدًا
• وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. قَالَ: إِنَّا لَنَحْفَظُ وُضُوءًا وَاحِدًا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[ثوري 317].
[السند]:
قال محمد بن إسماعيل الفارسيُّ -راوي نسخة الثوري-: حدثني عبد الله بن الحسين المصيصي، حدثنا محمد بن كثير، حدثنا سفيان عن عمرو بن عامر عن أنسٍ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته: عبد الله بن الحسين المصيصي، قال ابن حبان:"يقلبُ الأخبارَ ويسرقُهَا، لا يجوزُ الاحتجاج به إذا انفردَ"، وذكر له بعضَ مناكيره، وقال:"هذا كتبناها عنه في نسخةٍ أكثرها مقلوبة"(المجروحين 2/ 10 - 11). وانظر (إرشاد القاصي والداني 570).
1539 -
حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللِهِ
◼ عَنِ الفَضْلِ بنِ مُبَشِّرٍ قَالَ: رَأَيْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ، [فَإِذَا بَالَ أَوْ أَحْدَثَ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِفَضْلِ طَهُورِهِ الخُفَّيْنِ]، فَقُلْتُ:[أَبَا عَبْدِ اللَّهِ] مَا هَذَا [أَشَيْءٌ تَصْنَعُهُ بِرَأْيِكَ]؟ فَقَالَ: (([بَلْ] رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُ هَذَا، فَأَنَا أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).
• وَفِي رِوَايَةٍ: رَأَيْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى خُفَّيْهِ عَلَى ظُهُورِهِمَا مَسْحَةً وَاحِدَةً إِلَى فَوْقُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا، وقَالَ:((وَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ، فَأَنَا أَصْنَعُ كَمَا رَأَيْتُه)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وَضَعَّفَهُ: البوصيريُّ.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [جه 515 (واللفظ له) / طبر (8/ 156) (والزيادات له)].
تخريج السياق الثاني: [منذ 474 (واللفظ له) / حرب (طهارة 276)].
[السند]:
قال ابن ماجه: حدثنا إسماعيل بن توبة، قال: حدثنا زياد بن عبد الله، قال: حدثنا الفضل بن مبشر، به.
ورواه الطبري في (تفسيره) قال: حدثنا محمد بن عباد بن موسى، قال، أخبرنا زياد بن عبد الله البكائي، به.
ورواه ابن المنذر: عن علي بن عبد العزيز، ثنا زكريا بن زحمويه، ثنا
زياد بن عبد الله البكائي، ثنا الفضل بن مبشر، قال: رَأَيْتُ جَابِرَ بنَ عَبْدِ اللهِ يَتَوَضَّأُ
…
الحديث.
ورواه حرب الكرماني في (مسائله) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الجزري، قال: ثنا زياد بن عبد الله، بسنده نحوه.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: الفضل بن مبشر؛ ضَعَّفَهُ جمهورُ النقادِ، انظر (تهذيب التهذيب 8/ 285). ولذا قال ابن حجر:"فيه لين"(التقريب 5416).
وبه ضَعَّفَ الحديثَ البوصيريُّ؛ فقال: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ الفضل بن مبشر ضَعَّفَهُ الجمهورُ"(مصباح الزجاجة 210).
الثانية: زياد بن عبد الله البكائي؛ ضعيفٌ إلَّا في روايته المغازي عن ابنِ إسحاقَ، كما ذهب إليه ابن معين وغيره، وفي (التقريب 2085):"صدوقٌ ثبتٌ في المغازي، وفي حديثِهِ عن غير ابنِ إسحاقَ لين". وهذا الحديثُ من غير روايته عن ابنِ إسحاقَ.
* * *