الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
234 - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِتْمَامِهِ
1487 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼ عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّؤُونَ مِنَ المَطْهَرَةِ، قَالَ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ (أَحْسِنُوا الوُضُوءَ) 1 [يَرْحَمُكُمُ اللهُ (بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ) 2]، فَإِنَّ أَبَا القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ (لِلعَرَاقِيبِ) 3 مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م) دون الزيادة والروايتين، وهي صحيحةٌ.
[اللغة]:
1 -
(المطهرة): الإناء المعد للتطهر منه.
2 -
(أسبغوا): أعطوا كل عضو حَقَّهُ من الغسل أو المسح.
3 -
(الأعقاب): جمع عقب. ومعناه كما قال ابن الجوزي: "وهي مَا أَصَابَ الأَرْضَ مِنْ مُؤَخَّرِ الرِّجْلِ إِلَى مَوْضِعِ الشِّرَاكِ، يقال عقب وعقب"(غريب الحديث 2/ 111).
4 -
(العراقيب)، قال ابنُ الجوزيِّ:"جمع عرقوب، قال الزجاج: العرقوبُ هو العصبة الواصلة بين الساق والعقب من وراء القدم. والمعنى: ويل لها إذا عوقبت بالنار يوم القيامة"(كشف المشكل 3/ 490).
[الفوائد]:
1) قال الترمذيُّ عقبه: ((وَفِقْهُ هذا الحَدِيثِ أَنَّهُ لا يَجُوزُ المَسْحُ عَلَى القَدَمَينِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيهِمَا خُفَّينِ أَو جَورَبَينِ)).
وبوَّبَ ابنُ خزيمةَ على هذه الأحاديث بقوله: "باب التغليظ في ترك غسل العقبين في الوضوء. والدليل على أن الفرض غسل القدمين لا مسحهما إذا كانتا غير مغطيتين بالخُفِّ أو ما يقوم مقام الخُفِّ، لا على ما زعمتِ الروافضُ أن الفرضَ مسحُ القدمينِ لا غسلهما، إذ لو كان الماسح على القدمين مؤديًا للفرض لما جاز أن يقالَ لتارك فضيلة: ويلٌ له، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» إذا تركَ المتوضئُ غسلَ عقبيه"(صحيح ابن خزيمة).
وقال البغويُّ: ((فيه دليلٌ على وجوبِ غسل الرِّجلين في الوضوء، وهو المنقولُ من فعلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفعل الصحابة رضي الله عنهم.
وذَهَبَ الشيعةُ إلى أنه يُمسح على الرِّجلين، ويُحكى عن محمد بن جرير أنه قال: يتخيرُ بين المسح والغسل؛ لقوله سبحانه وتعالى: {فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} [المائدة: 6] فالله سبحانه وتعالى عطفَ الرِّجلَ على الرأسِ، والرأسُ ممسوحٌ، فكذلك الرِّجل.
قلنا: قد قرئ {وأرجلَكم} بنصب اللام، فيكون عطفًا على قوله:{وأيديكم} ومضن قرأ بالخفض، فهو على مجاورة اللفظ، لا على موافقة الحكم، كما قال الله سبحانه وتعالى:{عذاب يوم أليم} [هود: 26] فالأليمُ صفة العذاب، وأَخَذ إعراب "اليوم" للمجاورة، وكقولهم:"جُحْر ضَبٍّ خَرِبٍ" فالخَرِب نعت للجُحر، وأَخَذ إعراب "الضب" للمجاورة)) (شرح السنة 1/ 429 - 430).
2) وقال البغويُّ: "معنى قوله: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» أي: لأصحابِ الأعقابِ المقصرين في غسلها، كما قال الله سبحانه وتعالى:{واسأل القرية} [يوسف: 82] أي: أهل القرية.
وقيل: أرادَ أن العقب يُخص بالعذاب إذا قصر في غسلها.
والعقب: ما أصاب الأرض من مؤخر الرِّجل إلى موضع الشِّراك. (شرح السنة 1/ 429).
3) فيه دليل على الرفق في الموعظة لثقلها على النفوس، فلا يضافُ إليها ثقل أسلوب الداعية.
4) فيه: أن العالِم يستدل على ما يُفتي به ليكون أوقع في نفس سامعه. (فتح الباري لابن حجر 1/ 267).
5) هذا الحديثُ بوَّبَ عليه البخاريُّ بقوله: "باب غسل الأعقاب. وَكَانَ ابنُ سِيرِينَ: يَغْسِلُ مَوضِعَ الخَاتَمِ إِذَا تَوَضَّأَ".
قال الحافظ ابن حجر: "وقد تَقَدَّمَ شرحُ الأعقابِ، وإنما خُصت بالذكر لصورة السبب كما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو، فيلتحق بها ما في معناها من جميع الأعضاء التي قد يحصل التساهل في إسباغها. وفي الحاكم وغيره من حديث عبد الله بن الحارث: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ، وَبُطُونِ الأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ» ولهذا ذكر في الترجمة أثر ابن سيرين في غسله موضع الخاتم؛ لأنه قد لا يصل إليه الماء إذا كان ضيقًا. والله أعلم"(الفتح 1/ 267).
[التخريج]:
[خ 165 (واللفظ له) / م (242/ 29)(والرواية الثالثة له ولغيره) / ت 41/ جه 458/ حم 7122، 7816 (والرواية الأولى له ولغيره
والزيادة له ولغيره)، 9304، 9554، 10024، 10092، 9304، 10459/ مي 725/ خز 172/ حب 1083 (والرواية الثانية له ولغيره) / عه 757/ طي 2608/ عب 62/ ش 271/ حق 48، 49/ طهور 372/ جا 78، 79/ طش 1288/ مسن 569/ هق 324/ منذ 400/ معر 1187/ معقر 559/ جعد 1127/ تمهيد (24/ 251) / معكر 1082/ طبر (8/ 201) / تحقيق 150/ حداد 281/ خطل (1/ 160 - 164)].
[السند]:
قال البخاري رحمه الله: حدثنا آدم بن أبي إياس قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا محمد بن زياد قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه به.
وقال مسلم رحمه الله: حدثنا قتيبة وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالوا: حدثنا وكيع عن شعبة، به، وفيه: «وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ
…
».
فأما الزيادة والرواية الأولى فأخرجه بهما عبد الرزاق (62) -وعنه أحمد في (المسند 7816) - قال: حدثنا معمر عن محمد بن زياد قال: رأيتُ أبا هريرة رضي الله عنه
…
فذكره.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ.
وروى أحمدُ الرواية أيضًا (10024) فقال: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد، عن محمد قال: سمعتُ أبا هريرةَ، يقول: أَحْسِنُوا الوُضُوءَ،
…
فذكره.
وإسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، حماد هو ابن سلمة، من رجال مسلم. ومحمد هو ابن زياد، من رجال الشيخين.
ورواه ابنُ المنذرِ في (الأوسط 400) من طريق شعبة عن محمد بن زياد به.
وأما الرواية الثانية وهي قوله: «بَارَكَ اللهُ فِيكُمْ» فأخرجه بها ابنُ حِبَّانَ (1083) قال: أخبرنا ابن خزيمة قال: حدثنا بندار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة عن محمد بن زياد قال: كان أبو هريرة رضي الله عنه
…
فذكره.
ورواها أبو نُعَيمٍ الحدادُ في (جامعه) من طريق وكيع عن شعبة به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ.
رِوَايَةٌ مُقْتَصَرَةٌ عَلَى قَوْلِهِ: (وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ
…
)
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرًا: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ [يَوْمَ القِيَامَةِ]» .
[الحكم]:
صحيح (م)، والزيادةُ صحيحةٌ.
[التخريج]:
[م (242/ 30) (واللفظ له) / ن 116/ كن 140/ حم 7791، 9046 (والزيادة له ولغيره)، 10248/ عه 758/ عب 63/ بز 9474/ طس 709/ طوسي 36/ سرج 1921/ طح (1/ 38) / قشيخ 375/ مسن 570/ مخلدي (أمالي 15) / طرخان (1/ 45) / رفا 226/ طبر (8/ 201 - 202) / عد (5/ 385، 10/ 99) / أصبهان (2/ 25) / نجار (19/ 197) / نبلا (16/ 540) / ذهبي (1/ 271) / سبكي (صـ 79)].
[السند]:
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، به.
والزيادة: أخرجها أحمد في (المسند 9046) قال: حدثنا عفان، حدثنا وُهَيْب، حدثنا سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة به.
ورواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار، وأحكام القرآن)، والطبريُّ في (تفسيره 11503) من طريق سليمان بن بلال عن سهيل به.
وإسنادُها صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ.
رِوَايَةُ لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَيْهِ فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م (242/ 28) "واللفظ له"/ هق 325/ مسن 567].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا عبد الرحمن بن سَلَّام الجُمَحي، حدثنا الربيع -يعنى ابنَ مسلمٍ-، عن محمد -وهو ابن زياد-، عن أبي هريرة، به.
رِوَايَةُ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ رَأَى رَجُلًا مُبَقَّعَ الرِّجْلَيْنِ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ زِيَادٍ أَنَّ أَبَا هُرَيرَةَ رَأَى رَجُلًا مُبَقَّعَ الرِّجْلَيْنِ فَقَالَ: أَحْسِنُوا الوُضُوءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ (لِلعَقِبِ) مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ.
[التخريج]:
[حم 9265 (واللفظ له)، 9283 (والرواية له)].
[السند]:
قال أحمدُ -في الموضعين-: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا محمد بن زياد أن أبا هريرة رضي الله عنه
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ، غير حماد -وهو ابنُ سلمةَ- فمن رجالِ مسلمٍ.
رِوَايَةُ أَسْبِغُوا الوُضُوءَ مَرْفُوعًا
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظ: قَالَ أَبُو القَاسِمِ صلى الله عليه وسلم: «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتن، صَحَّ من حديث عبد الله بن عمرو كما سبقَ وسيأتي، فأما قولُهُ في هذا الحديث «أَسْبِغُوا الوُضُوءَ» فمدرجٌ من كلامِ أبي هريرةَ رضي الله عنه، قاله الخطيبُ وغيرُهُ.
[التخريج]:
[خطل (1/ 158 - 159)].
[التحقيق]:
قال الخطيبُ: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أنا دعلج بن أحمد، نا محمد بن يوسف الأزدي، نا الحسن بن محمد -هو الزعفرانيُّ- نا أبو قَطَن، نا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة، به.
والحسن بن أبي بكر هو أبو علي بن شاذان، ومحمد بن يوسف هو أبو عمر القاضي. وهذا إسنادٌ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ، إلا أنه اختُلفَ فيه على الحسنِ الزعفرانيِّ:
فأخرجه الخطيبُ أيضًا من طريقِ أبي بكرٍ النيسابوريِّ قال: نا الحسن بن محمد نا شبابة نا شعبة به.
وهذا رجالُهُ ثقاتٌ أيضًا، إلا أن شيخَ الزعفرانيِّ هنا هو "شبابة"، بينما شيخُهُ في رواية ابن يوسف هو "أبو قطن"، وكلٌّ من شيخي الزعفراني وتلميذيه ثقة.
ولذا اعتمدَ الخطيبُ الوجهين، وحمل على أبي قَطَن وشبابة معًا، فقال:"وَهِم أبو قَطَن عمرو بن الهيثم القطعي، وشبابة بن سَوَّار الفزاري- في روايتهما هذا الحديث عن شعبةَ على ما سُقْنَاهُ؛ وذلك أن قولَهُ: ((أَسْبِغُوا الوُضُوءَ)) كلام أبي هريرة، وقوله: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رواه أبو داود الطيالسي، ووهب بن جرير بن حازم، وآدم بن أبي إياس، وعاصم بن علي، وعلي بن الجعد، ومحمد بن جعفر غندر، وهشيم بن بشير، ويزيد زريع، والنضر بن شميل، ووكيع بن الجراح، وعيسى بن يونس، ومعاذ بن معاذ. كلهم عن شعبة، وجعلوا الكلام الأول من قول أبي هريرة، والكلام الثاني مرفوعًا"(الفصل للوصل 1/ 159 - 160).
وتابعه على ذلك العراقيُّ في (التقييد والإيضاح صـ 128)، والحافظُ في (النكت 2/ 824)، والسخاويُّ في (فتح المغيث 1/ 300)، والسيوطيُّ في (تدريب الراوي 1/ 317)، وغيرُهُم.
قلنا: والحديثُ بفقرتيه صَحَّ مرفوعًا من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، أخرجه مسلمٌ وغيرُهُ كما تَقَدَّمَ في باب (الأمر بإسباغ الوضوء)، وسيأتي قريبًا في الباب.
رِوَايَةُ خَلِّلُوا مَا بَيْنَ الأَصَابِعِ
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: خَلِّلُوا مَا بَيْنَ الأَصَابِعِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحٌ دونَ قولِهِ: «خَلِّلُوا مَا بَيْنَ الأَصَابِعِ» فمنكرٌ، وضَعَّفَهُ جدًّا الحافظُ ابنُ حَجرٍ.
[التخريج]:
[خلدف 186].
[السند]:
أخرجه أبو محمدٍ الخلديُّ في (فوائده) قال: حدثنا الحسين، حدثنا غسان، حدثنا ثابت، عن الحسن بن أبي جعفر، عن محمد بن زياد القرشي، عن أبي هريرةَ، أنه مَرَّ بشَبابٍ يَتَوَضَّئُونَ مِنْ مَطْهَرَةٍ
(1)
فقال
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه الحسنُ بنُ أبي جَعفرٍ؛ قال البخاريُّ والفلاسُ: "منكرُ الحديثِ"(ميزان الاعتدال 1/ 482). وقد خالفَ الثقات في مَتْنِهِ، حيثُ رَوى الحديثَ شعبة، والربيع بن مسلم -وكان من أَرْوَى الناسِ عن محمد بن زياد- وحماد بن سلمة، عن ابن زياد به، بلفظ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ؛ فإنَّ أبا القَاسمِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» واللفظُ للبخاريِّ.
(1)
قال صاحب (مختار الصحاح): " (المَطْهَرَةُ) بِفَتْحِ المِيمِ وَكَسْرِهَا الإِدَاوَةُ، وَالفَتْحُ أَعْلَى، وَالجَمْعُ (المَطَاهِرُ) "(ط هـ ر).
وكذا رواه أبو صالح وغيره عن أبي هريرة، وقد سَبقَ تخريجُ روايتهم قريبًا.
وضَعَّفَهُ الحَافظُ؛ فَقَالَ: ((حديث: «خَلِّلُوا بَيْنَ أَصَابِعِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَخَلَّلَهَا نَارُ جَهَنَّمَ»، الدارقطنيُّ عن أبي هريرةَ بلفظ: «خَلِّلُوا أصَابِعَكُمْ لا يَتَخَلَّلُهَا النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ»، وإسنادُهُ وَاهٍ جدًّا، وأخرجه من حديثِ عائشةَ نحوه بإسنادٍ ضعيفٍ أيضًا" (الدراية 1/ 24).
1488 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا -وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ [صَلَاةُ العَصْرِ]- وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[الفوائد]:
1 -
بوَّب عليه البخاريُّ بقولِهِ: "باب من رفع صوته بالعلم".
2 -
قوله: «أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ» قال البغويُّ: "أي: دنا وقتها. ويُروى: ((أَرْهَقْنَا الصَّلاةَ))، أي: أخرناها"(شرح السنة 1/ 429).
قال ابنُ بَطَّالٍ:
3 -
"إنما تركَ أصحابُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم الصلاةَ في الوقتِ الفاضلِ-والله أعلم- لأنهم كانوا على طَمَعٍ من أنْ يأتي الرسولُ ليصلوا معه؛ لفضل الصلاة معه، فلمَّا ضَاقَ عليهم الوقتُ وخشوا فواتَهُ توضئوا مستعجلين ولم يبالغوا في وضوئهم، فأدركهم صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك، فزجرهم وأنكرَ عليهم نقصهم للوضوءِ بقولِهِ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
ففيه من الفقه: أن للعالِم أن ينكر ما رآه من التضييع للفرائضِ والسننِ، وأن يُغلظَ القول في ذلك، ويرفع صوته بالإنكار.
4 -
وفيه: تكرار المسألة توكيدًا لها ومبالغة في وجوبها" (شرح صحيح البخاري لابن بطال 1/ 139).
5 -
هذا الحديث بوب عليه البخاري بقوله: "باب غسل الرِّجلين ولا يمسح على القدمين".
وقال الحافظ ابن حجر: "قوله: ((وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا)) انتزعَ منه البخاريُّ أن الإنكارَ عليهم كان بسببِ المسحِ لا بسببِ الاقتصارِ على غسلِ بعضِ الرجلِ؛ فلهذا قال في الترجمة: (ولا يمسح على القدمين) وهذا ظاهر الرواية المتفق عليها. وفي أفراد مسلم: ((فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ بِيضٌ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا المَاءُ)) فتمسك بهذا مَن يقولُ بإجزاء المسح. وبحمل الإنكار على ترك التعميم، لكن الرواية المتفق عليها أرجح فتُحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحتمل أن يكون معنى قوله: ((لَمْ يَمَسَّهَا المَاءُ)) أي: ماء الغسل؛ جمعًا بين الروايتين. وأصرحُ من ذلك رواية مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا لم يغسلْ عقبه فقال ذلك. وأيضًا فمَن قالَ بالمسحِ لم يوجبْ مسحَ العقبِ، والحديثُ حجةٌ عليه"(الفتح 1/ 265 - 266).
[التخريج]:
[خ 60 "واللفظ له"، 96 "والزيادة له"، 163/ م 241/ كن 6063، 6064 "والرواية له"/ حم 6976، 7103/ خز 177/ عه 691 (مختصرًا)، 752/ بز 2363/ طهور 371/ مسن 566/ هق 322/ بغ 220/ طح (1/ 38، 39) / طو 46/ بغت (3/ 23) / تمهيد (24/ 253 - 254) / كر (15/ 189) / تحقيق 149/ محلى (2/ 56) / حداد 280/ غيب 2062/ مؤيد 19/ فاس 26/ فقط (أطراف 3555) / طيل 328/ إمام (1/ 600)].
[السند]:
أخرجه البخاريُّ في (صحيحه 60) عن أبي النعمان عارم بن الفضل.
وبرقم (96) عن مُسَدد. وبرقم (163) عن موسى بن إسماعيل.
ثلاثتهم قالوا: حدثنا أبو عَوانة عن أبي بشر عن يوسف بن مَاهَك عن عبد الله بن عمرو به.
وأخرجه مسلمٌ (241) عن شيبان بن فروخ وأبي كامل الجحدري، جميعًا عن أبي عوانة به.
[تنبيه]:
الحديثُ أخرجه النسائيُّ في (الكبرى 6064) عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن المبارك قال: حدثنا أبو عوانة به، بلفظ:«وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» .
ومعاوية بن صالح بن أبي عبيد الله الأشعري صدوقٌ كما في (التقريب 6763)، وشيخُهُ ثقةٌ، ولكن عامة أصحاب أبي عوانة رووه عنه بلفظ «لِلْأَعْقَابِ» ، كما سبقَ، فهو المحفوظُ هنا، وإن صَحَّ لفظُ العراقيب في حديث أبي هريرة السابق.
ورواه الدارقطنيُّ في (الأفراد) -كما في (الأطراف 3555) - من حديث أبي جُنَادة حُصين بن مخارق عن محمد بن جُحَادة عن عطاء عن عبد الله بن عمرو بنحو رواية معاوية.
وسندُهُ ضعيفٌ جدًّا، أبو جنادة حصين بن مخارق، قال الدارقطنيُّ:"يضعُ الحديثَ"(ميزان الاعتدال 1/ 554).
رِوَايَةُ أَسْبِغُوا الوُضُوءَ
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: رَجَعنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَةَ إِلَى المَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنَدَ العَصْرِ، فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ، فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ، وَأَعْقَابُهُمْ تَلَوحُ لَم يَمَسَّهَا المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أَسْبِغُوا الوُضُوءَ» .
[الحكم]:
صحيح (م)، وأصلُ الحديثِ متفقٌ عليه دونَ الأمرِ بإسباغِ الوضوءِ.
[التخريج]:
[م 241 (واللفظ له) / د 97/ ن 116، 147/
…
].
وتقدمتِ الرواية بتخريجها وذكر سندها في باب "الأمر بإسباغ الوضوء وإحسانه".
رِوَايَةُ لَمْ يُتِّمُوا الوُضُوءَ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: وَأَبْصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ لَمْ يُتِمُّوا الوُضُوءَ فَقَالَ: «أَسْبِغُوا -يَعْنِي: الوُضُوءَ- وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ- أَو: الَأَعْقَابِ-» .
[الحكم]:
صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ. وصَحَّحَهُ أحمد شاكر. وَالشَّكُّ بين لفظِ "العَرَاقِيبِ" ولفظ "الأَعْقَابِ" من الراوي، وهو شعبةُ. والمحفوظُ في هذا الحديثِ لفظُ "الأَعْقَابِ".
[التخريج]:
[حم 6883 (واللفظ له) / مزكى 175/ طبر (8/ 206)].
[السند]:
أخرجه أحمد (6883) -ومن طريقه أبو إسحاق المزكي في (المزكيات) - قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة عن منصور عن هلال بن يَسَاف عن أبي يحيى الأعرج عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما مرفوعًا به.
ورواه الطبريُّ في (تفسيره 8/ 206) قال: حدثنا ابن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، رجالُهُ ثقاتٌ رجال الشيخين، غير هلال بن يساف وأبي يحيى الأعرج، فمن رجال مسلم.
وشعبةُ هو الشَّاكُّ في متنه كما عند الطيالسيِّ (2404)، وأبي عوانةَ (751)، وقد رواه الثوريُّ كما عند أحمد (6809) وغيره، وجرير كما عند
مسلم (241/ 26) وغيره، وزائدة كما عند الطحاويِّ (1/ 38) وجعفر بن الحارث كما عند الدارميِّ (724)، كلهم عن منصور به بلفظ "وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ" بلا شَكٍّ.
رواية دون ذكر الإسباغ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهُ رَأَى قَومًا تَوَضئُوا لَمْ يُتِّمُوا الوُضُوءَ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ (لِلعَرَاقِيبِ) مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحٌ، والمحفوظُ في هذا الحديثِ لفظ (الأعقاب)، ولفظ (العراقيب) صَحَّ في حديثِ أبي هريرةَ.
[التخريج]:
[حم 6911 (واللفظ له) / عه (1/ 210، 211) (معلقًا والرواية له) / طبر (8/ 206)].
[التحقيق]:
أخرجه أحمد (6911) قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن رَجُلٍ من أهل مكة، عن عبد الله بن عمرو، به.
ورواه ابن جرير (11522) من طريق محمد بن جعفر به.
وإسنادُهُ صحيحٌ، فرجالُ إسنادِهِ ثقات، والرجلُ المبهمُ هو يوسفُ بنُ مَاهك، كما بَيَّنَتْهُ روايةُ الشيخين فيما سبقَ، وجزم به ابن حجر في (تعجيل المنفعة 1598).
وجاءَ التصريحُ بذلك عند أبي عوانة (1/ 210) حيثُ قال: روى أحمد بن سعيد قال: ثنا النضر قال: ثنا شعبة، عن أبي بشرٍ عن رَجُلٍ من أهل مكة قال: وهو يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن عمرو به بلفظ:«وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» .
وأحمد بن سعيد هو الدارميُّ، من شيوخِ أبي عوانةَ. والنضرُ هو ابنُ شُميلٍ. ولكن المحفوظ عن أبي بشر بلفظ (الأعقاب) كما رواه غندر عن شعبة، وكذا رواه أبو عوانة كما سبق في الصحيحين وغيرهما، ومعلى بن أسد كما عند أبي عوانة (691، 752) كلاهما عن أبي بشر عن ابن ماهك به بلفظ (الأعقاب).
1489 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ رضي الله عنها
◼ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى شَدَّادٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ تُوُفِّيَ سَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ. فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي بَكْرٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا. فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، أَسْبِغِ الوُضُوءَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ (لِلعَرَاقِيبِ) مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيح (م)، والروايةُ إسنادُهَا حسنٌ، وحَسَّنَهُ البخاريُّ.
[التخريج]:
[م 240 (واللفظ له) / جه 454، 455 (والرواية له ولغيره) / طا 36/ حم 24123، 24516، 24543، 24678، 24813، 25589، 26214/ حب 1054/ عه 689، 690، 753 - 756، 760/ عل 4426/ طس 4149، 5308/ طش 1331/ عب 69/ ش 268/ طي 1656/ حمد 161/ حق 1118/ مسن 572 - 574/ هقع 658 - 659/ هق 326 - 327، 1106/ شف 52، 53/ خشف 172، 173/ طح (1/ 38) / كما (23/ 368) / خط (14/ 404 - 405) / ضح (1/ 291 - 293) / علت 22 - 24/ علقط (8/ 300) / منذ 401/ عد (4/ 138) / تمهيد (24/ 249 - 250) / طبر (8/ 202 - 204) / طهور 374 - 377/ أزدي (أوهام 1/ 92 - 101) / حيان 85/ كر (13/ 153)، (49/ 70) / حنائي 84/ شاموخ 14/ لي (رواية ابن يحيى البيع 100) / حداد 282/ غسان (3/ 1110) / إمام (1/ 603) / طكثر (ص 153)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا هارون بن سعيد الأيلي وأبو الطاهر وأحمد بن عيسى
قالوا: أخبرنا عبد الله بن وهب عن مخرمة بن بكير عن أبيه عن سالم مولى شداد به.
وقال: وحدثني حرملة بن يحيى، حدثنا ابن وهب، أخبرني حيوة، أخبرني محمد بن عبد الرحمن، أن أبا عبد الله مولى شداد بن الهاد- حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ
…
فذكر عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
وحدثني محمد بن حاتم، وأبو معن الرَّقَاشي، قالا: حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني- أو: حدثنا- أبو سلمة بن عبد الرحمن، حدثني سالم، مولى المهري، قال: خَرَجْتُ أَنَا وَعَبدُ الرَّحمَنِ بنُ أَبِي بَكرٍ فِي جَنَازَةِ سَعدِ بنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَمَرَرْنَا عَلَى بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ
…
فذكر عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
حدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن أعين، حدثنا فُليح، حدثني نُعيم بن عبد الله، عن سالم مولى شداد بن الهاد، قال: كُنْتُ أَنَا مَعَ عَائِشَةَ رضي الله عنها
…
فذكر عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
تحقيق الرواية:
أخرجها ابنُ أبي شيبةَ في (مصنفه) -وعنه ابن ماجه (455) - عن يحيى بن سعيد وأبي خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة قال: رَأَتْ عَائِشَةُ عَبْدَ الرَّحمَنِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ
…
فذكره.
ورواه ابن ماجه -أيضًا-: من طريق عبد الله بن رجاء عن ابن عجلان به.
ورواه ابن جرير في (تفسيره) من طريق ابن عيينة ويحيى بن سعيد القطان
عن ابن عجلان به.
ورواه أحمد في (المسند 24123) عن سفيان عن ابن عجلان به.
ورواه ابن حبان (2537)، وأبو يعلى (4426) من طريق سفيان به.
وهذا إسنادٌ حسنٌ من أجلِ محمد بن عجلان؛ قال الحافظُ: "صدوقٌ إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة"(التقريب 6136).
ولذا قال البخاريُّ: "حديثُ أبي سلمةَ عن عائشةَ حديثٌ حسنٌ"(العلل الكبير الترمذي صـ 35).
والحديثُ عندَ الحميديِّ (161)، وعبدِ الرزاقِ (69)، وأبي عوانةَ (686) وغيرِهِم، من روايةِ ابنِ عيينةَ بلفظ (الأعقاب)! وكذا رواه أحمدُ (25589) عن يحيى القطان بلفظ (الأعقاب)!
وكذا رواه ابنُ المنذرِ، والطحاويُّ من طريق أبي عاصم عن ابن عجلان به، فالظاهرُ أن ذكر (العراقيب) رواية بالمعنى.
ورواها الطبرانيُّ في (الأوسط) قال: حدثنا علي بن سعيد قال: نا عبد المؤمن بن علي الزعفراني قال: حدثنا عبد السلام، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
قال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا عبد السلام، تفرَّدَ به عبدُ المؤمنِ".
ورجالُهُ ثقاتٌ غير شيخ الطبراني علي بن سعيد، المعروف بعليك الرازي، قال حمزةُ السهميُّ:"وسألتُ الدارقطنيَّ عن عليك الرازي، فقال: "ليس في حديثه كذاك، فإنما سمعتُ بمصرَ أنه كان والي قرية، وكان
يطالبهم بالخراج، فما كانوا يعطونه. قال: فجمع الخنازير في المسجد"، فقلتُ له: إنما أسألُ كيفَ هو في الحديثِ؟ فقال: "قد حَدَّثَ بأحاديثَ لم يتابعْ عليها"، ثم قال: "في نفسي منه، وقد تكلم فيه أصحابنا بمصر -وأشار بيده- وقال: هو كذا وكذا. كأنه ليس هو بثقة" (سؤالات السهمي 390).
وخالف أبو حاتم الرازيُّ عليك هذا في متنه، فرواه عن عبد المؤمن بن علي بسنده، ولكن بلفظ:(الأعقاب)، رواه أبو الحسن القطان في (زوائده على سنن ابن ماجه).
وتوبع عليه أبو حاتم، فرواه أبو الشيخ عن عبد الرحمن بن محمد بن سَلْم الرازي عن عبد المؤمن به بلفظ (الأعقاب)، خرَّجه ابن مردويه في (جزء من أحاديث ابن حيان 85).
ورواها البيهقيُّ في (الكبرى 327) من طريق علي بن أحمد بن سليمان، وعلي بن الحسين بن قُدَيْد، وعاصم بن رَزَاح المصريون بمصر، قالوا: أنا أبو الطاهر، أنا ابن وهب، عن مَخْرَمة بن بُكَيْر، عن أبيه، عن سالم مولى شداد، أن عبد الرحمن بن أبي بكر دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ: يَا عَبدَ الرَّحمَنِ، أَسْبِغِ الوُضُوءَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ:«وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» . وإسنادُهُ على شرطِ مسلمٍ، ولذا قال البيهقيُّ عقيبه: رواه مسلمٌ في (الصحيح) عن أبي الطاهر إلا أنه قال: (لِلأَعْقَابِ).
ورواية مسلم التي ذكرها البيهقي- رواها مسلمٌ في (صحيحه 240) عن شيخه أبي الطاهر مقرونًا بهارون بن سعيد الأيلي وأحمد بن سعيد، فروى ثلاثتُهُم الحديثَ عن ابنِ وهبٍ بلفظ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
ورواها المحامليُّ في (أماليه رواية ابن يحيى البيع 100) من طريق
أبي نعيم قال: حدثنا شيبان، عن يحيى، عن سالم مولى دوس أنه سمع أبا هريرة، أنه سمع عائشة به.
غير أن أبا نعيم وَهِم فيه على شيبان بن عبد الرحمن، فزادَ في سندِهِ: أبا هريرة، والصحيحُ عن شيبان بدون ذكر أبي هريرة، كما رواه أحمدُ في (المسند 24516) عن شيخه هاشم بن القاسم أبي النضر عن شيبان عن يحيى، عن سَالمٍ، مولى دوس، أنه سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ: أَسْبِغِ الوُضُوءَ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يقولُ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
ورواه أبو عبيد في (الطهور 376) عن أبي النضر هاشم به، ولم يَسُقْ مَتْنَهُ.
ورواه أحمدُ أيضًا في (مسنده 24678) قال حدثنا حسن -وهو ابنُ موسى-، قال: حدثنا شيبان بنحوه.
وروايتهما -أي: هاشم، وحسن- أرجح، لا سيما وقد توبع شيبان على هذا الوجه:
فرواه مسلمٌ كما سبقَ من طريقِ عكرمةَ بنِ عَمارٍ.
ورواه أحمدُ (24543)، وأبو عَوانةَ (690)، وأبو عُبيدٍ في (الطهور 375) وغيرُهُم، من طريقِ الأوزاعيِّ.
ورواه الطبريُّ في (تفسيره 8/ 202) من طريق حسين المعلم.
ورواه أبو عوانةَ (690) وغيرُهُ، من طريق حرب بن شداد وعلي بن المبارك ومحمد بن كثير.
ورواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 38) وغيرُهُ من طريق حرب بن شداد.
ستتهم (عكرمة، وحسين، والأوزاعي، وحرب، وعلي بن المبارك، ومحمد بن كثير) رووه عن يحيى عن سالم عن عائشةَ بلفظ (الأعقاب)، ولم يذكروا أبا هريرة.
ولذا قال أبو زرعة: "الحديثُ حديثُ الأوزاعيِّ وحسين المعلم، وحديث شيبان وهم؛ وَهِم فيه أبو نعيم"(العلل لابن أبي حاتم 1/ 620).
وقال الدارقطنيُّ: "
…
ورواه أبو نعيم، عن شيبان، عن يحيى، عن سالم، عن أبي هريرة، عن عائشة. ولا يصحُّ فيه أبو هريرة" (العلل 8/ 333).
رِوَايَةُ خَلِّلُوا بَيْنَ أَصَابِعِكُمْ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ وَيُخَلَّلُ بَينَ أَصَابِعِهِ وَيُدَلَّكُ عَقِبَيْهِ، وَيَقُولُ:«خَلِّلُوا بَيْنَ أَصَابِعِكُمْ لَا يُخَلِّلُ اللهُ -تَعَالَى- بَيْنَهُمَا بِالنَّارِ، وَيلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
الحديثُ بهذا السياقِ إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، ومغلطايُ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حجرٍ، والسيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[قط 317].
[السند]:
أخرجه الدارقطنيُّ في (السنن) قال: نا عثمان بن أحمد الدقاق نا علي بن إبراهيم الواسطي، نا الحارث بن منصور، نا عمر بن قيس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عمر بن قيس المكي -المعروف بسندل- قال عنه الحافظ: "متروكٌ"(التقريب 4959).
قال الدارقطنيُّ: "ضعيفٌ؛ لضعفِ عمرَ بنِ قيسٍ"(فيض القدير 3/ 451).
وضَعَّفَهُ به: ابنُ دقيق العيد في (الإمام 1/ 522)، ومغلطايُ في (شرح سنن ابن ماجه 1/ 346)، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 2/ 230)، وابنُ حجرٍ في (التلخيص الحبير 1/ 164)، و (الدراية 1/ 24). ورمز السيوطيُّ لضَعْفِهِ في (الجامع الصغير 3940).
وقال المُناويُّ: "إسنادُهُ ضعيفٌ"(التيسير 1/ 1052).
وقال الألبانيُّ: "ضعيفٌ"(ضعيف الجامع 2845).
* * *
1490 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَزْءٍ
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بنِ جَزْءٍ الزَّبِيدِيِّ رضي الله عنه، أَنَّهُ سَمعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ وَبُطُونِ الأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ: ابنُ خُزيمةَ، والحاكمُ، وابنُ عبدِ البرِّ، والضياءُ المقدسيُّ، والذهبيُّ، وابنُ كَثيرٍ، وبدرُ الدينِ العينيُّ، والسيوطيُّ، والكتانيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[حم 17710/ خز 173 (واللفظ له) / طهور 373، 381/ ك 590/ حث 79/ مث 2484/ قط 316/ هق 328/ هقغ 107 - 108/ هقع 664 - 665/ طح (1/ 38) / ضيا 201 - 203/ معكر 1516/ تمهيد (24/ 252) / صحا 4075/ فة (2/ 496، 497) / كر (51/ 204) / إسلام (5/ 964) / مصر (1/ 332 - 333) / نبلا (10/ 615) / قز 1111/ نجيد 953/ مهندس (ق 4 أ) / وسيط (2/ 161) / متفق 413/ متشابه (2/ 799)].
[السند]:
رواه أبو عُبيدٍ في (الطهور 373) قال: ثنا ابن أبي مريم، عن الليث بن سعد، ونافع بن يزيد، عن حيوة بن شريح، عن عقبة بن مسلم التجيبي، عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي، به.
ورواه أبو عُبيدٍ في (الطهور 381) قال: ثنا ابن بكير، وعبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، به.
ورواه ابنُ خزيمةَ في (صحيحه)، والطحاويُّ في (شرح معاني الآثار (1/ 38): عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن بكير، عن الليث، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجالُهُ كلُّهم ثقاتٌ. عقبة بن مسلم، هو التجيبيُّ، المصريُ: وَثَّقَهُ يعقوب بن سفيان، والعجلي، وابن حبان، واعتمده الحافظان الذهبي وابن حجر، انظر (تهذيب التهذيب 7/ 249)، و (الكاشف 3848)، و (التقريب 4650).
ولذا قال الحاكمُ: "هذا حديثٌ صحيحٌ، ولم يخرجا ذكر بطون الأقدام".
وقال الذهبيُّ: "صحيحٌ"(المهذب في اختصار السنن الكبير للبيهقي 1/ 74)، وقال في (السير 10/ 615):"هذا حديثٌ صالحُ الإسنادِ، من العوالي".
وقال الحافظ ابن كثير: " إسنادُهُ صحيحٌ"(تفسير القرآن العظيم 3/ 54).
وَصَحَّحَهُ ابنُ خزيمةَ، وابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد 24/ 253)، وقال في (الاستذكار 2/ 47):"وحديثُ عبد الله بن عمرو، وأبي هريرة، وعبد الله بن الحارث بن جَزء- لا علةَ في شيءٍ من أسانيدها ولا مقالَ".
وقال العينيُّ: "إسنادُهُ جيدٌ حسنٌ"(عمدة القاري 2/ 237).
ورمز لصحته السيوطي (الجامع الصغير 9644)، وَصَحَّحَهُ محمد بن جعفر الكتانيُّ في (نظم المتناثر 1/ 58)، والألبانيُّ في (صحيح الترغيب 220).
[تنبيهان]:
الأول: وقعتْ روايةُ عبد الله بن وهب عند أحمد في (المسند 17706)
موقوفة، فقال أحمد رحمه الله: حدثنا هارون، حدثنا عبد الله بن وهب، قال: حدثني حيوة، عن عقبة بن مسلم التجيبي، قال: سمعتُ عبدَ اللهِ بنَ الحارثِ بنِ جزء الزبيديَّ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ، وَبُطُونِ الأَقْدَامِ مِنَ النَّارِ يَوْمَ القِيَامَةِ» قال: عبد الله: ولم يرفعه. قال عبد الله: وسمعتُهُ أنا من هارون.
ولذا لم نذكرْها في مصادر التخريج وأشرنا إليها هنا، وقد روى الحديثَ:
الليثُ بنُ سعدٍ كما عند ابن خزيمة في (صحيحه 173)، والحاكم في (المستدرك 590)، وأبي عبيد في (الطهور 381)، وغيرهم،
ونافعُ بنُ يزيدَ عند أبي عبيد في (الطهور 373)، وغيره،
وابنُ لهيعةَ عند أحمد في (المسند 17710) والحارث بن أبي أسامة في (مسنده 79)، وغيرهما،
وأبو عاصمٍ النبيلُ عند محمد بن سنان القزاز في (جزئه)،
فرووه عن حيوةَ ورفعوه، فلم نحتج إلى ذكر الخلاف، وذكرناه هنا.
الثاني: روى أبو هريرة وعبد الله بن عمرو وعائشة رضي الله عنهم، وغيرهم -كما سيأتي- الحديثَ بلفظ:«وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» كما هو مخرجٌ في (الصحيحين) وغيرهما، وليس في أحاديثهم لفظة:«وَبُطُونِ الأَقْدَامِ» وإنما انفردَ بها الصحابيُّ الجليلُ عبد الله بن جَزء الزبيديُّ؛ ولذا قال الحاكمُ في (المستدرك): "لم يخرجا ذكر بطون الأقدام".
وأشارَ أبو بكر بن أبي عاصم إلى تفرده بهذه اللفظة فقال: "لا يُعلم (بطون الأقدام) إلا في هذا الحديث وحده، وهذا يوجبُ غسل الرجلين ولا يُعلمُ
أحدٌ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سمع منه غيره" (الآحاد والمثاني عقب رقم 2484).
قلنا: ولم يتفقِ الرواةُ على إخراجها: فقد روى الحديث ابن أبي مريم عن الليث ونافع بن يزيد عن حيوة بسنده، فلم يذكرها كما عند أبي عبيد في (الطهور 373) وابن عبد الحكم في (فتوح مصر 1/ 333).
قال ابن عبد الحكم: "ولم يذكر ابن أبي مريم: (وبطون الأقدام) "(فتوح مصر 1/ 333).
وقال ابن عبد البر: "ورواه ابن أبي مريم عن نافع بن يزيد والليث، فلم يذكر فيه بطون الأقدام"(التمهيد 24/ 252).
1491 -
حَدِيثُ جَابِرٍ
◼عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ، فَلَمْ يَمَسَّ أَعْقَابَهُمُ المَاءُ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ (لِلعَرَاقِيبِ) مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وَصَحَّحَهُ الألبانيُّ.
[التخريج]:
[جه 457 (مختصرًا) / حم 14392 (واللفظ له)، 14965 (والرواية له ولغيره)، 15226/ بز (إمام 1/ 608) / عه 759/ عل 2065، 2145، 2308/ طس 2830، 5650/ طص 781/ ش 269، 272/ طي 1906/ معل 15/ معكر 1022/ غطر 6/ طهور 378 - 380/ فكه 158/ طبر (8/ 204 - 206) / تذ (3/ 16) / كما (11/ 43) / حل (9/ 25) / نبلا (14/ 411، 412) / نجار (18/ 201) / سمعانش (1/ 625) / دبيثي (4/ 481)].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له طريقان:
الطريق الأول:
أخرجه ابنُ أبي شيبةَ (269)، وأحمدُ (14392) كلاهما عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به.
ورواه البزارُ -كما في (الإمام لابن دقيق العيد) - عن عمرو بن علي، عن أبي معاوية به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، ورجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ. وأبو معاويةَ الضريرُ
أحفظُ الناسِ لحديثِ الأعمشِ كما قالَ الحافظُ في (التقريب 5841)، وقد توبع: فرواه أبو يعلى في (مسنده 2308) من طريق محاضر. والطبرانيُّ في (المعجم الصغير 781) من طريق الوليد بن القاسم. كلاهما عن الأعمش به.
الطريق الثاني:
مداره على سعيد بن أبي كَرِب، رواه عنه أبو إسحاقَ السبيعيُّ، وسليمان بن كَيْسان.
* فأما حديثُ أبي إسحاقَ فاختُلفَ عليه فيه على عدة وجوهٍ:
الوجه الأول:
أخرجه أبو عبيدٍ في (الطهور 378)، وأبو يعلى في (مسنده 2145)، والطبريُّ في (التفسير 11514)، وغيرُهُم، من طريقِ سفيانَ الثوريِّ.
وأخرجه الطيالسيُّ في (مسنده 1906)، وابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 272) -ومن طريقه أبو يعلى في (مسنده 2065)، وابن ماجه في (سننه) -، وغيرهم عن أبي الأحوص سلام بن سليم.
وأخرجه أحمدُ في (مسنده 15195)، والطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 38)، وابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد 24/ 253)، وغيرُهُم، من طرقٍ عن إسرائيل بن يونس.
وأخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط 2830)، وابن الغطريف في (جزئه 6)، وغيرهما، من طرق عن عمر بن أبي زائدة.
وأخرجه أيضًا الطبرانيُّ في (الأوسط 5650)، والخطيبُ في (تاريخ
بغداد 18/ 201)، من طريق عثمان بن زريق والحسن بن صالح.
وأخرجه ابنُ المنذرِ في (الأوسط 404)، من طريق شَريكٍ.
وأخرجه الطبريُّ في (الكبير 8/ 205)، من طريق محمد بن أبان.
كلهم عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر بن عبد الله به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُهُ ثقاتٌ، رجالُ الشيخينِ، غير سعيد بن أبي كرب وهو ثقةٌ، قال أبو زرعة:"ثقة"(الجرح والتعديل 4/ 57)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 4/ 286).
بينما قال ابنُ المدينيِّ: "لم يَرْوِ عنه غير أبي إسحاق، وهو مجهولٌ"(تهذيب التهذيب 4/ 75). وذكره مسلمٌ في (المنفردات والوحدان 338) ضمن الرواة الذين تفرَّدَ أبو إسحاق بالرواية عنهم. ولذا قال ابنُ عبدِ البرِّ: "ليسَ بالمشهورِ"(التمهيد 24/ 251).
قلنا: والقولُ بجهالتِهِ، يعارضه توثيق أبي زرعة له.
وأما الجزمُ بتفرد أبي إسحاق بالرواية عنه، فتعقب الذهبي ذلك بقوله:"قلت: بلى، روى عنه سليمان بن كيسان التميمي"(الميزان 2/ 156).
قلنا: وستأتي رواية سليمان.
ولذا قال البوصيريُّ: "إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ"(مصباح الزجاجة 1/ 66).
وقال الشوكانيُّ: "رواه ابنُ ماجه بإسنادٍ رجاله ثقات"(نيل الأوطار 1/ 211).
الوجه الثاني:
رواه أحمد في (المسند 14965)، والطبري في (التفسير 8/ 204)، من
طرق عن شعبة عن أبي إسحاق، أنه سمع سعيد بن أبي كرب -أو: شعيب بن أبي كرب- قال: سمعت جابر بن عبد الله به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ، ولكن الصواب (سعيد بن أبي كرب) بلا تردد، كما رواه الجماعة عن أبي إسحاق.
وشعبة كان يُخطئُ في أسماء الرجال، كما قال أحمد وأبو حاتم وغيرُ واحدٍ من الأئمةِ.
الوجه الثالث:
أخرجه أبو محمد الفاكهي في (حديثه 158) عن أبي جابر محمد بن عبد الملك، نا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعًا به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: أبو جابر محمد بن عبد الملك الأزدي، قال أبو حاتم:"ليس بالقوي"(الميزان 3/ 632).
ويونس بن أبي إسحاق مختلفٌ فيه، ولخص الحافظُ القولَ فيه فقال:"صدوقٌ يهمُ قليلًا"(التقريب 7899).
وعبد الله بن خليفة؛ ترجمه البخاريُّ في (التاريخ الكبير 5/ 80)، وابن أبي حاتم (الجرح والتعديل 5/ 45)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 28)، وقال عنه الذهبي:"لا يكادُ يُعرفُ"(الميزان 2/ 414) ووافقه الحافظُ في (لسان الميزان 9/ 338)، وقال عنه:"مقبولٌ" في (التقريب 3294).
الوجه الرابع:
أخرجه أحمد في (المسند 15226)، وأبو يعلى في (المعجم 15)،
وغيرهما، من طريق يزيد بن عطاء عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب وعبد الله بن مَرْثَد عن جابر بن عبد الله به.
وهذا إسنادٌ لينٌ؛ فيه: يزيد بن عطاء اليشكريُّ؛ ضَعَّفَهُ أحمد وابن معين والنسائي. وقال ابن حبان: "ساءَ حِفْظُهُ حتى كان يقلب الأسانيد، ويَروى عن الثقات ما ليس من حديث الأثبات، فلا يجوزُ الاحتجاج به"(تهذيب الكمال 32/ 210)، قال عنه الحافظُ:"لين الحديث"(التقريب 7756).
وعبد الله بن مَرْثَد؛ ترجم له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 5/ 209)، وابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 5/ 172)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 5/ 36)، وقال أبو المحاسن الدمشقيُّ:"مجهولٌ"(الإكمال 1/ 248)، وقال عنه الحافظُ:"لا يُدرى مَن هو"(التعجيل 1/ 764).
قلنا: ولكنه قرن بسعيد بن أبي كرب.
ولهذا الاختلاف على أبي إسحاق فقد أعلَّ الحافظُ ابنُ عبدِ البرِّ الحديثَ بقولِهِ: "اختُلف فيه عن أبي إسحاق: فطائفة ترويه عنه عن عبد الله بن خليفة. وطائفة عن عبد الله بن مرثد. وطائفة عن سعيد بن أبي كرب. وكلهم ليس بالمشهور"(تمهيد 24/ 251).
ولكن يؤخذ على الحافظ ابن عبد البر ثلاثة أمور:
الأول: أن هذا الاختلاف غير مؤثر؛ إذ تترجح رواية الجماعة -شعبة وسفيان وغيرهما- كما في الوجه الأول والثاني على رواية غيرهما.
الثاني: قول ابن عبد البر: (سعيد بن أبي كرب ليس بالمشهور) لا يعارض توثيق أبي زرعة وابن حبان، وكم من راوٍ ثقة، غير مشهور؛ لقلة ما روى.
الثالث: أن أبا إسحاق متابع كما تقدم، أضفْ إلى ذلك أن للحديثِ إسنادًا آخر كما تقدم.
* وأما حديث سليمان بن كيسان فأخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في (الطهور 380) عن حسان بن عبد الله، عن ابن لهيعة، عن عبد ربه بن سعيد، عن سليمان بن كيسان، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ سيئُ الحفظِ.
وفيه سليمان بن كيسان أبو عيسى الخراسانيُّ، ذكره ابن حبان في الثقات (تهذيب الكمال 34/ 167)، وقال ابن القطان:"حاله مجهولةٌ"(تهذيب التهذيب)، وقال الذهبيُّ:"ذا ثقة"(الميزان 4/ 560) وقال الحافظُ: "مقبولٌ"(التقريب 8295).
قلنا: وهو متابَعٌ من أبي إسحاقَ كما تقدَّمَ، فالحديثُ بكلا الإسنادين صحيحٌ.
ولذا صَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح ابن ماجه 372).
رِوَايَةٌ أخرى:
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي رِجْلِ رَجُلٍ مِنَّا [لُمْعَةً] مِثْلَ الدِّرْهَمِ لَمْ يَغْسِلْهُ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلْعَقِبِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ.
[التخريج]:
[حم 15195 (واللفظ له) / عل 2308/ عه 689/ طح (1/ 38) (والزيادة له) / منذ 402/ تمهيد (24/ 253)].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا أسود بن عامر، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي كرب عن جابر بن عبد الله به.
وأخرجه الطحاوي في (شرح معاني الآثار) عن فهد قال: ثنا أبو نعيم قال: ثنا إسرائيل به.
[التحقيق]:
وهذا إسنادٌ صحيحٌ رجاله ثقاتٌ كما تقدم.
وأخرجه أبو يعلى في (مسنده 2308) عن ابن نمير، حدثنا محاضر عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ أيضًا.
رِوَايَةُ: أَسْبِغُوا الوُضُوءَ
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ فِي آخِرِهِ: «
…
أَسْبِغُوا الوُضُوءَ».
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، وقوله:«أَسْبِغُوا الوُضُوءَ» . لا يَثبتُ في هذا الحديثِ، وإن صَحَّ من حديث عبد الله بن عمرو وغيره.
[التخريج]:
[طح (1/ 38) / طبر (8/ 205)].
[السند]:
أخرجه الطحاوي في (شرح معاني الآثار) قال: حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا مؤمل بن إسماعيل، قال: ثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه مؤمل بن إسماعيل، قال الحافظ:"صدوقٌ سيئُ الحفظِ"(التقريب 7029).
وقد خالفه عبد الرحمن بن مهدي كما عند أبي يعلى في (مسنده 2145) وغيره، فرواه عن سفيانَ ولم يذكرْ هذه الزيادة.
وقد رُوي من وجهٍ آخر عن أبي إسحاق، فرواه ابنُ جَريرٍ في (تفسيره) قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا الصباح بن محارب، عن محمد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كرب، عن جابر بن عبد الله قال: سمع أُذُني من النبيِّ صلى الله عليه وسلم: ((وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ! أَسْبِغُوا الوُضُوءَ)).
ولكن إسناده ضعيف جدًّا؛ محمد بن أبان هو ابن صالح الجعفيُّ، ضَعَّفَهُ
أبو داود، وابن معين، وابن حبان. وقال البخاري:"ليس بالقوي"، وقال النسائي:"ليس بثقة". وقال أحمد: "أما إنه لم يكن ممن يكذب". انظر (لسان الميزان 6/ 488).
وقد خالفه سفيان وشعبة وغيرهما فلم يذكروا هذه الزيادة.
وشيخ الطبري هو محمد بن حميد الرازي، ساقطٌ متهمٌ، كما تقدم مرارًا.
1492 -
حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ
◼عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» قَالَ: فَطَفِقْنَا نَغْسِلُهَا غَسْلًا وَنَدْلُكُهَا دَلْكًا.
[الحكم]:
مرفوعه صحيح المتن بما سبق؛ وإسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ ابنُ عبدِ البرِّ، وابنُ دَقيقِ العيدِ.
[التخريج]:
[عب 64/ دلائل (كشاف 1/ 386)].
[التحقيق]:
رواه سفيان بن عيينة، واختُلفَ عليه:
فرواه عبد الرزاق في (مصنفه) عنه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن رَجُلٍ عن أبي ذر به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإبهام شيخ مجاهد.
وخالف عبد الرزاق سعيد بن منصور، فأخرجه قاسم بن ثابت السرقسطي في (الدلائل في غريب الحديث) كما في (تخريج أحاديث الكشاف) قال: أخبرنا محمد بن علي ثنا سعيد ثنا سفيان عن عبد الكريم أبي أمية
(1)
عن مجاهد قال: قال أبو ذر: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» قَالَ: فَطَفِقْنَا نَغْسِلُهَا غُسْلاً، وَنَدْلُكُهَا دَلْكًا.
(1)
وقع في تخريج أحاديث الكشاف: "ابن النضر" والمثبت من الإمام لابن دقيق العيد (1/ 604).
سعيدٌ هو ابنُ منصورٍ، ومحمد بن علي هو الصائغ راوي سنن سعيد بن منصور.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، عبد الكريم أبو أمية هو ابن أبي المخارق، وهو:"ضعيف" كما في (التقريب 4156).
وبه ضَعَّفَهُ ابنُ دَقيقِ العيدِ فقال: "أبو أميةَ مستضعفٌ"(الإمام 1/ 604)
ومجاهدٌ لم يدركْ أبا ذر رضي الله عنه، قال ابنُ أبي حاتم:"سمعتُ أبي يقول: مجاهد عن أبي ذر مرسل"(المراسيل 758).
والحديثُ ضَعَّفَهُ ابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد 24/ 252).
1493 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ، فَتَبْقَى عَلَى أَقدَامِهِمْ (أَعْقَابِ أَحَدِهِمْ) قَدْرُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
مَتْنُهُ صحيحٌ بما سبق. وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وضَعَّفَهُ أبو زرعة، وابن عبد الهادي، والهيثميُّ. وأشارَ البيهقيُّ إلى ضَعْفِهِ.
[التخريج]:
[طب (8/ 347/ 8110، 8111)، (8/ 348/ 8112 (والرواية له)، 8114 (واللفظ له)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية
رِوَايَةُ مَوْضِعِ ظُفْرٍ
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَقَدْ تَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ مِنَ الوُضُوءِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسْبِغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ:«وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا كسابقه.
[التخريج]:
[طب (8/ 348/ 8115) (واللفظ له) / ني 1244].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ يُقَلِّبُ عُرْقُوبَيْهِ يَنْظُرُ إلَيْهِمَا.
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ فِي آخِرِهِ: «
…
فَمَا بَقيَ فِي المَسْجِدِ شَرِيفٌ وَلَا وَضِيعٌ إِلَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ يُقَلِّبُ عُرْقُوبَيْهِ يَنْظُرُ إلَيْهِمَا».
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وضَعَّفَهُ: أبو زرعةَ، وابنُ عبد الهادي، والهيثميُّ.
وأشارَ البيهقيُّ لضعفه.
[التخريج]:
[طبر (8/ 207)].
[التحقيق]:
هذا الحديث له طريقان:
الأول:
أخرجه الطبريُّ في (تفسيره 11525) عن علي بن عبد الأعلى قال: حدثنا المحاربي عن مُطَّرِح بن يزيد عن عبيد الله بن زُحْر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عللٍ:
الأولى: مطرح بن يزيد؛ قال عنه الحافظ: "ضعيفٌ"(التقريب 6704).
وبه أعلَّ أبو زرعةَ الحديثَ فقال: "مطرح ضعيفُ الحديثِ"(علل ابن أبي حاتم 1/ 623).
الثانية: عبيد الله بن زَحْر؛ قال حرب بن إسماعيل: "قلتُ لأحمد بن حنبل: عبيد الله بن زحر؟ فَضَعَّفَهُ"، وقال يحيى بن معين: "كلُّ حديثِهِ
عندي ضعيفٌ"، وقال أبو الحسن بن البراء، عن علي بن المديني: "منكرُ الحديثِ"، وقال أبو زرعةَ: "لا بأسَ به، صدوقٌ"، وقال أبو حاتم: "لين الحديث"، (تهذيب الكمال 19/ 36)، وقال عنه ابن حبان: "منكرُ الحديثِ جدًّا يَروي الموضوعات عنِ الأثباتِ، وإذا رَوى عن علي بن يزيد أَتَى بالطاماتِ، وإذا اجتمعَ في إسنادِ خبرٍ:(عبيد الله بن زَحْر، وعلي بن يزيد، والقاسم أبو عبد الرحمن) لا يكون متنُ ذلك الخبر إلَّا مما عملتْ أيديهم، فلا يحلُّ الاحتجاج بهذه الصحيفة، بل التنكب عن رواية عبيد الله بن زَحْر على الأحوال أَوْلى" (المجروحين 2/ 29).
الثالثة: علي بن يزيد الألهاني؛ قال الساجيُّ: "اتفقَ أهلُ العلمِ على ضَعْفِهِ"(تهذيب التهذيب 7/ 397).
ولذا قال الحافظ ابن عبد الهادي: "ولم يُخرجْ أحدٌ من أصحابِ السننِ هذا الحديث بهذا الإسناد، وفيه أربعةٌ متكلمٌ فيهم: مطرح، وابن زحر، وعلي بن يزيد، والقاسم. لكن بعضهم أضعف من بعض
…
"، ثم ذكرَ كلامَ ابنِ حِبَّانَ السابق (تعليقة على العلل لابن أبي حاتم صـ 213).
قلنا: أما القاسمُ فهو في نفسِهِ صدوقٌ، إنما أتتِ المناكيرُ في حديثِهِ من روايةِ الضعفاءِ عنه، كما تَقَدَّمَ بيانُ ذلك مفصلًا.
الطريق الثاني:
مداره على الليث بن أبي سليم وقدِ اضطربَ فيه على عدة أوجه:
الوجه الأول:
أخرجه الطبرانيُّ في (الكبير 8/ 289/ 8111) من طريق الحسن بن أبي جعفر.
وأخرجه -أيضًا- في (الكبير 8112) من طريق وهب.
وأيضًا في (الكبير 8114) من طريق جرير.
وأيضًا في (الكبير 8115)، والروياني في (مسنده 1244) من طريق ميمون بن زيد.
كلهم (الحسن، وهب، جرير، ميمون) رووه عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة به.
وأخرجه الطبرانيُّ في (المعجم الكبير 8/ 289/ 8110) عن علي بن عبد العزيز، حدثنا عمرو بن عون الواسطي، حدثنا ليث عن خالد عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعًا به.
هكذا جاء: "ليث عن خالد"، مقلوبًا، والصحيح خالد عن الليث، فابن عون يَروي عن خالد الواسطي، وهو عن الليث. ولم يدرك ابن عون ليثًا. وقد جاءَ على الصوابِ كما في:
الوجه الثاني:
رواه الرويانيُّ في (مسنده 1240) قال: نا إسحاق بن شاهين، نا خالد بن عبد الله الواسطي، عن ليث، عن عبد الرحمن بن سابط، عن أبي أمامة -أو: عن ابن أخي أبي أمامة- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ وَفِي عَقِبِ أَحَدِهِمْ مِثْلُ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ لَمْ يَمَسَّهُ المَاءُ، فقال:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» ، فجعلَ الرجلُ ينظرُ، فَإِذَا رَأَى فِي عَقِبِهِ شَيْءٌ لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ أَعَادَ الْوُضُوءَ.
فقرنَ مع أبي أمامة ابن أخيه، ورواه على الشَّك، وابن أخي أبي أمامة لم نعرفه.
الوجه الثالث:
أخرجه الطبرانيُّ في (الكبير 8/ 289/ 8109) -ومن طريقه ابنُ الأثيرِ في (أسد الغابة 6/ 350) - عن عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني سويد بن سعيد، حدثنا علي بن مسهر عن ليث بن أبي سليم عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة، وأخيه مرفوعًا به مختصرًا.
فقرنَ مع أبي أمامة رضي الله عنه أخاه.
وفيه سويد بن سعيد؛ قال عنه الحافظ: "صدوقٌ في نفسه، إلا أنه عَمِيَ فَصَارَ يتلقنُ ما ليس من حديثه، فأفحشَ فيه ابن معين القول"(التقريب 2690).
وخالفه من هو أوثق منه، كما في الوجه الآتي.
الوجه الرابع:
أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 272) عن علي بن مسهر، عن ليث عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة أو عن أخيه به مرفوعًا.
فرواه على الشك، وهذه أرجح من رواية سويد المتقدمة، لا سيما وقد توبع أبو بكر بن أبي شيبة؛ فقد أخرجه الطبريُّ في (تفسيره 8/ 208) من طريق زائدة.
وأخرجه الطبرانيُّ في (الكبير 8116)، والدارقطنيُّ (380)، والبيهقيُّ في (الكبرى 400)، وغيرهم، من طريق عبد الواحد بن زياد.
فروياه عنِ الليثِ هكذا على الشك بين أبي أمامة وأخيه.
وأخو أبي أمامة لا يُعرفُ، قال أبو زرعة: "أخو أبي أمامة لا أعرفُ
اسْمَهُ" (علل ابن أبي حاتم 1/ 622)، وأقرَّه ابنُ عبدِ الهادي في (تعليقه على العلل صـ 213).
الوجه الخامس: أخرجه ابنُ أبي عَاصمٍ في (الآحاد والمثاني 1251)، -ومن طريقه ابن الأثير في (أسد الغابة 6/ 350) -، وابنُ أبي خيثمةَ في (تاريخه، السفر الثاني/ 2550) من طريق جرير عن ليثٍ عن عبد الرحمن بن سابط عن أخي أبي أمامة الباهلي مرفوعًا به.
ومدارُ الطرقِ كلها كما سبقَ على ليثِ بنِ أبي سُليمٍ، وهو ضعيفٌ لسوءِ حفظه الذي اشتهرَ به كما تَقَدَّمَ مِرارًا، وقدِ اضطربَ فيه أيضًا: فمرةً يرويه عن أبي أمامة، ومرةً يقرن معه أخاه، ومرةً يرويه على الشك عن أبي أمامة أو عن أخيه، ومرةً يروية عن أخي أبي أمامة. وفي هذا دليل على سوء حفظه.
وفي الحديثِ علةٌ أُخرى: وهي الانقطاعُ بين عبد الرحمن بن سابط وأبي أمامة؛ قال عباسٌ الدوريُّ: "قيل ليحيى: سمع من أبي أمامة؟ قال: لا"(تاريخ يحيى بن معين، رواية الدوري 366)، و (المراسيل لابن أبي حاتم 459).
وأخو أبي أمامة لا يُعرفُ كما قال أبو زرعة، فإن كان أخذه عنه ابن سابط فاحتمالية عدم سماعه منه غير مدفوعة، كما لم يسمعْ من أخيه أبي أمامة.
وعلى كلٍّ فالحديثُ مضطربٌ، ولا يرتقي بكلا إسناديه إلى أن يُحْكمَ له بالصحةِ لشدةِ ضعفهما.
ولذا أشارَ البيهقيُّ إلى ضَعْفِهِ فقال عن لفظةِ: ((وكان أحدهم ينظرُ فإذا رأى بعقبه موضعًا لم يصبْهُ الماء أعادَ وضوءَه)): "وهذا إن صحَّ فشيءٌ اختاروه لأنفسهم. وقد يحتمل أن يريد به أعاد وضوء ذلك الموضع فقط"(الكبرى 400).
وضَعَّفَهُ الهيثميُّ بالليثِ فقالَ: "ومدارُ طرقه كلها على ليث بن أبي سليم، وقدِ اختلطَ"(المجمع 1237).
1494 -
حَدِيثُ أَخِي أَبِي أُمَامَةَ
◼ عَنْ أَخِي أَبِي أُمَامَةَ البَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَومًا يَتَوَضَّئُونَ، فَبَقَيَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ قَدْرُ الدِّرْهَمِ فَلَمْ يُصِبْهُ المَاءُ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» ، قَالَ: فَخَرَجَ مَنْ كَانَ بِتِلْكَ المَنزِلِ فَتَوَضَّئُوا وَرَجَعُوا.
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا لاضطرابِهِ كما سبقَ.
[التخريج]:
[مث 1251/ تخث (السفر الثاني/ 2550) / أسد (6/ 350)].
[التحقيق]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ليثُ بنُ أبي سليمٍ، ضعيفٌ لسوءِ حِفْظِهِ، وقدِ اضطربَ فيه على خمسةِ أوجهٍ، كما تَقَدَّمَ.
رِوَايَةُ أَبِي أُمَامَةَ وَأَخِيهِ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَأَخِيهِ، قَالَا: أَبْصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ. وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا لاضطرابِهِ كما سبقَ.
[التخريج]:
[طب (8/ 347/ 8109) / أسد (6/ 350)].
[التحقيق]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ليثُ بنُ أبي سُليمٍ، ضعيفٌ لسوءِ حِفْظِهِ وقدِ اضطربَ فيه على خمسةِ أوجهٍ، كما تَقَدَّمَ.
رِوَايَةُ أَبِي أُمَامَةَ أَوْ أَخِيهِ عَلَى الشَّكِّ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَو عَنْ أَخِيهِ، قَالَ: أَبْصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا تَوَضَّئُوا، فَرَأَى عَقِبَ أَحَدِهِمْ [مِثْلَ الدِّرْهَمِ أَو مَوْضِعَ الظُّفْرِ [1 خَارِجًا لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلعَرَاقِيبِ (لِلأَعْقَابِ) مِنَ النَّارِ»] مَرَّتَينِ] 2 [قَالَ: وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَنْظُرُ أَنَّهُ إِذَا رَأَى بِعَقِبِهِ مَوضِعًا لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ أَعَادَ وُضُوءَهُ [3.
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ لاضطرابِهِ كما سبقَ.
[التخريج]:
[ش 273/ طب (18/ 348/ 8116) (والزياداتان الأُولى والثانية له ولغيره)، (والرواية له ولغيره) / قط 380/ هق 400/ طبر (8/ 208) (والزيادة الثالثة له ولغيره)].
[التحقيق]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ مداره على ليث بن أبي سليم، وهو ضعيفٌ لسوءِ حفظِهِ، وقدِ اضطربَ فيه على خمسةِ أوجهٍ، كما تَقَدَّمَ.
رِوَايَةُ: عن أَبِي أُمَامَةَ، أَوْ عَنِ ابنِ أَخِي أَبِي أُمَامَةَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، أَو عنِ ابنِ أَخِي أَبِي أُمَامَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبْصَرَ قَوْمًا يُصَلُّونَ وَفِي عَقِبِ أَحَدِهِمْ مِثْلُ مَوْضِعِ الدِّرْهَمِ لَمْ يَمَسَّهُ المَاءُ، فَقَالَ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ، فَإِذَا رَأَى فِي عَقِبِهِ شَيْئًا لَمْ يُصِبْهُ المَاءُ أَعَادَ الوُضُوءَ.
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا لاضطرابِهِ كما سبقَ.
[التخريج]:
[ني 1240].
[التحقيق]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ليث بن أبي سليم، ضعيفٌ لسوءِ حفظه، وقدِ اضطربَ فيه على خمسة أوجه، كما تقدم.
1495 -
حَدِيثُ مُعَيْقِيبٍ
◼ عَنْ مُعَيْقِيبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ (العَرَاقِيبِ) مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما سبقَ. وحديثُ معيقيب هذا ضعيف الإسناد، ضَعَّفَهُ: البخاريُّ، وابنُ عبدِ البرِّ، وأبو حاتمٍ، والهيثميُّ.
[التخريج]:
[حم 15510 (واللفظ له)، 23611/ طب (20/ 350/ 822، 823) / طبر (8/ 206) (والرواية له) / تخث (السفر الثاني 2314) / قا (3/ 128) / بز (إمام 1/ 607)].
[التحقيق]:
الحديثُ مدارُهُ على يحيى بنِ أبي كثير، عن أبي سلمةَ عن مُعَيْقِيبٍ به.
ورُوي عنه من طريقين:
الأول: أيوب بن عتبة عنه به
أخرجه أحمد (15510) قال: حدثنا خلف بن الوليد، حدثنا أيوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن مُعَيْقِيبٍ بِهِ.
وأخرجه الطبرانيُّ في (الكبير 822)، والطبريُّ في (تفسيره)، وابنُ قَانعٍ في (معرفة الصحابة) من طريقِ أيوبَ بنِ عتبةَ عن يحيى بنِ أبي كَثيرٍ به.
قال البزارُ: "وهذا الحديثُ لا نعلمُ يُرْوَى عن مُعَيْقِيبٍ إلا بهذا الإسناد"(الإمام لابن دقيق العيد 1/ 607).
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أيوب بن عتبة اليمامي قاضى اليمامة، قال الحافظ:
"ضعيفٌ"(التقريب 619).
وقال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ، والطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه: أيوب بن عتبة، والأكثر على تضعيفه"(مجمع الزوائد 1235).
ومع ضَعْفِ أيوب بن عتبة، فقد أخطأَ في سَندِهِ، فرواه الثقاتُ أصحابُ يحيى فجعلوه من مسند عائشة رضي الله عنها. كما رواه شيبان بن عبد الرحمن كما عند أحمد في (المسند 24516، 24678)، وأبي عبيد في (الطهور 376) وغيرهم.
والطبريُّ في (تفسيره 8/ 202) من طريق حسين المعلم.
والأوزاعيُّ عند أحمدَ في (المسند 24543)، وأبي عوانةَ في (مستخرجه 621)، وأبي عبيد في (الطهور 375) وغيرهم.
وحرب بن شداد وعلي بن المباكِ ومحمد بن كثير عند أبي عوانة في (مستخرجه 621)، وغيرهم.
ورواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 38) وغيرُهُ من طريق حرب بن شداد.
ستتهم (شيبان، والأوزاعي، وحسين المعلم، وحرب، ومحمد بن كثير، وعلي بن المبارك) رووه عن يحيى بن أبي كثير عن سالم، مولى دوس -وهو سَالِمٌ سَبَلانُ-، أنه سمع عائشة به.
ولذا قال البخاريُّ: "حديثُ أبي سلمة عن مُعَيْقِيبٍ ليسَ بشيءٍ، كان أيوب لا يعرف صحيح حديثه من سقيمه، فلَا أُحَدِّثُ عنه"، وضَعَّفَ أيوب بن عتبة جدًّا. انظر (علل الترمذي 24).
وقال أبو حاتم -لما سأله ابنه عن هذا الحديث-: "إنما هو عن يحيى عن سالم سبلان عن عائشة"(علل ابن أبي حاتم 194).
وقال الحافظُ ابنُ عبدِ البرِّ: "وهذا خطأٌ، والله أعلم، والصوابُ في هذا الحديثِ عن يحيى بن أبي كثير ما رواه عنه الأوزاعيُّ وحرب بن شداد وحسين المعلم وشيبان، فإنهم اتفقوا فيه فرووه عن يحيى عن سالم عن عائشةَ
…
وقال: وأما رواية أيوب بن عتبة عن يحيى عن أبي سلمة عن معيقيب فخطأ لا شك فيه والله أعلم، وأيوب بن عتبة ضعيفٌ جدًّا، والصواب فيه ما رواه الأوزاعي ومن تابعه" (تمهيد 24/ 248 - 249).
الثاني: الأوزاعي، عن يحيى به:
أخرجه الطبرانيُّ في (الكبير 823) عن عبد الله بن وهيب الغَزي، ثنا محمد بن أبي السَّري، ثنا مبشر بن إسماعيل عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ أيضًا؛ فيه: محمد بن أبي السري؛ وَثَّقَهُ ابنُ مَعينٍ. وقال أبو حاتم: "لَيِّن الحديث"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"كثير الغلط"، (تهذيب الكمال 26/ 355)، وقال الذهبيُّ:"له أحاديث تُستنكرُ"(الميزان 4/ 24). وقال عنه الحافظ: "صدوقٌ عارف له أوهام كثيرة"(تقريب 6263).
والصحيحُ عنِ الأوزاعيِّ ما رواه عن يحيى عن سالم مولى دوس عن عائشةَ كما تقدم.
[تنبيه]:
وقعَ عند الطبرانيِّ (823) في المطبوع عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي كثير، عن أبي سلمة به. وهذا خطأٌ، والصوابُ ما أثبتناه. والله أعلم.
1496 -
حَدِيثُ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ
◼عَن وَاثِلَةَ بنِ الأَسْقَعِ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا تَوَضَّأَ وَعَلَى قَدَمِهِ نَحوُ الدِّرْهَمِ لَمْ يُصِبْهُ [المَاءُ] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلعَقِبِ (لِلعَرَاقِيبِ) مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما سبقَ. وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. ضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ واستنكره.
[التخريج]:
[عد (3/ 482) (واللفظ له) / نجاد (حماميق 95/ ب) (والرواية والزيادة له)].
[السند]:
قال ابن عدي: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل الغافقي، ثنا فهد بن سليمان، ثنا هانئ بن يحيى البصري، ثنا الحسن بن أبي جعفر -وهو ابن العجلان العدوي- عن ليث بن أبي سليم عن أبي بُرْدة عن أبي المَليح عن واثلة بن الأسقع به.
ورواه أبو بكر بن النجاد في (المنتقى) قال: ثنا إسحاق بن الحسن، قال:[ثنا] هانئ بن يحيى به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: الحسن بن أبي جعفر، ضَعَّفَهُ عامةُ النقاد؛ ولذا قال الحافظ:"ضعيفُ الحديثِ مع عبادته وفضله" انظر: (تهذيب الكمال 6/ 73)(تهذيب التهذيب 2/ 260).
وفيه أيضًا: الليث بن أبي سليم، وهو ضعيفٌ لسوءِ حفظه كما تَقَدَّمَ مرارًا.
ولذا قال ابنُ عَدِيٍّ -بعد أن خرجه-: "وهذا الحديثُ في هذا الباب عن واثلة غريب، وليس يروى إلا عن ابن أبي جعفر، عن ليث بهذا الإسناد، ويرويه عن الحسن بن أبي جعفر هانئ بن يحيى"(الكامل 3/ 482).
1497 -
حَدِيثُ أَنَسٍ
◼ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ بما سبقَ. وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[عد (4/ 40)].
[السند]:
قال ابن عدي: ثنا محمد بن الحسين بن الطبري قال: ثنا أبو منصور النهرواني، ثنا لُوَيْن، ثنا حسان بن سياه عن ثابت عن أنس به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: حسان بن سياه؛ ضَعَّفَهُ ابنُ عَدِيٍّ والدارقطنيُّ، وساقَ له ابن عدي ثمانية عشر حديثًا مناكير، منها هذا الحديث، وقال:"له غير ما ذكرتُ، وعامتها لا يتابَعُ عليها، والضعفُ بَيِّن على حديثِهِ"، وقال البزارُ:"روى عن حميدٍ عن أنسٍ أحاديث لم يتابَعْ عليها"، وقال أبو نعيم الأصبهاني:"ضعيفٌ، رَوى عن ثابتٍ مناكير"(اللسان 3/ 16). وقال عنه ابن حبان: "منكرُ الحديثِ جدًّا، يأتي عنِ الثقاتِ بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوزُ الاحتجاج به إذا انفرد؛ لما ظهر من خطئه في روايته على ظهور الصلاح منه"(المجروحين 1/ 330).
وفيه أيضًا: أبو منصور النهرواني سليمان بن محمد بن الفضل، ضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ (الميزان 2/ 222).
1498 -
حَدِيثُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ
◼ عَنْ خَالَدِ بنِ الوَلِيدِ، وَيَزِيدَ بنِ أَبِي سُفيَانَ، وَشُرَحْبِيلَ ابنِ حَسَنَةَ، وَعَمْرِو بنِ العَاصِ، كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَتِمُّوا الوُضُوءَ، وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الأَشْعَرِيِّ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ جَلَسَ فِي طَائِفَةٍ مِنْهُمْ، فَدَخَلَ رَجُلٌ، فَقَامَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ [لَا] يَركَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«أَتَرَوْنَ هَذَا؟ مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا مَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ (مِلَّةِ الإِسْلَامِ)، يَنْقُرُ صَلَاتَهُ كَمَا يَنْقُرُ الغُرَابُ الدَّمَ، إِنَّمَا مَثَلُ الَّذِي [يُصَلِّي وَلَا] يَركَعُ وَيَنْقُرُ فِي سُجُودِهِ كَالجَائِعِ لَا يَأكُلُ إِلَّا التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ، فَمَاذَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ؟ ! فَأَسْبِغُوا الوُضُوءَ، [وَ] وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، [وَ] أَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ» .
قَالَ أَبُو صَالِحٍ: فَقُلتُ لأَبِي عَبْدِ اللهِ الأَشْعَرِيِّ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهَذَا الحَدِيثِ؟ فَقَالَ: أُمَرَاءُ الأَجْنَادِ: عَمْرُو بنُ العَاصِ، وَخَالدُ بنُ الوَلِيدِ، وَيَزِيدُ بنُ أَبِي سُفيَانَ، وَشُرَحِبيلُ ابنُ حَسَنَةَ، كُلُّ هَؤُلَاءِ سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرًا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَصُرَ بِرَجُلٍ يُصَلِّي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَقَالَ:«لَو مَاتَ هَذَا عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ لَمَاتَ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَأَتِمُّوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؛ فَإِنَّ مَثَلَ الَّذِي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ مَثَلُ الجَائِعِ لَا يَأْكُلُ إِلَّا التَّمْرَةَ وَالتَّمْرَتَيْنِ، لَا تُغْنِيَانِ عَنْهُ شَيْئًا» .
[الحكم]:
إسنادُهُ حسنٌ.
حَسَّنَهُ: البخاريُّ، والبوصيريُّ، والذهبيُّ، والألبانيُّ.
وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزيمةَ. ورمزَ لصحته السيوطيُّ.
[الفوائد]:
قال الحافظُ ابنُ رَجبٍ: "وأما المثلُ المضروبُ في هذا الحديثِ لمن لا يُتم ركوعه ولا سجوده، ففي غاية الحسن، فإن الصلاةَ هي قوتُ قلوب المؤمنين وغذاؤها، بما اشتملتْ عليه من ذِكرِ اللهِ ومناجاته وقربه، فمَن أتمَّ صلاتَهُ فقدِ استوفى غذاء قلبه وروحه، فما دام على ذلك كملت قوته، ودامت صحته وعافيته. ومَن لم يُتم صلاته فلم يستوفِ قلبه وروحه قوتها وغذاءها، فجاعَ قلبه وَضعُفَ، وربما مرضَ أو ماتَ؛ لفقد غذائه، كما يمرضُ الجسدُ ويسقم إذا لم يُكمل تناول غذائه وقوته الملائم له"(فتح الباري 5/ 52).
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [جه 458].
تخريج السياقة الثانية: [خز 724 (واللفظ له) / تخ (4/ 247، 248) (والرواية والزيادات سوى الأخيرة له ولغيره) / مث 494/ هق 2609 (والزيادة الأخيرة له ولغيره) / آجر (أربعين 20) / غيب 1923/ كما (12/ 427) / كر (8/ 373)، (65/ 239) / كك (4/ 237، ق 294 ب)].
تخريج السياقة الثالثة: [عل 7184 (واللفظ له)، 7350/ طب 3840/ طش 1624/ صبغ 1689/ مث 635/ صحا 6588، 6589].
[التحقيق]:
قال البخاريُّ في (التاريخ الكبير): قال لي صفوان بن صالح، أبو عبد الملك: حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا شيبة بن الأحنف الأوزاعي، سمعت أبا سلام الأسود، حدثني أبو صالح الأشعري، أنه سمع أبا عبد الله الأشعري؛ به، بلفظ السياقة الثانية.
ورواه ابن خزيمة -ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه 8/ 373) -، والطبرانيُّ في (مسنده) -ومن طريقه أبو نعيم في (المعرفة) - والبيهقيُّ، والآجريُّ في (الأربعين)، والمزيُّ في (التهذيب)، من طرقٍ عن صفوانَ به، بلفظ السياقة الثانية، إلا الطبراني فبلفظ السياقة الثالثة.
وصفوان ثقة، وإن كان ممن يُسوي الإسناد، فقد صرَّحَ بالسماعِ في جميعِ طبقاتِ الإسنادِ، وقد توبع أيضًا:
فرواه ابن ماجه عن العباس بن عثمان، وعثمان بن إسماعيل الدمشقيين، قالا: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا شيبة بن الأحنف، عن أبي سلام الأسود، به، بلفظ السياقة الأولى.
ورواه أبو يعلى والبغوي عن داود بن رُشَيْد، ورواه ابن أبي عاصم (635) عن هشام بن خالد. ورواه الطبرانيُّ في (الكبير) من طريق سليمان ابن بنت شرحبيل. ورواه أبو نعيم (6589) من طريق سليمان بن أحمد الواسطي. ورواه ابن عساكر من طريق موسى بن عامر. كلهم عن الوليد بن مسلم به. طَوَّله موسى بن عامر بلفظ السياقة الثانية، واختصره الباقون بلفظ السياقة الثالثة.
وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات غير شيبة بن الأحنف الأوزاعي؛ قال الحافظ: "مقبولٌ"(التقريب 2836).
قلنا: ترجم له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 4/ 424)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 4/ 336) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في (الثقات 6/ 445)، وروى عنه جمعٌ. وذكره أبو زرعة الدمشقيُّ ضمن نفر ذوي إسناد وعلم. وقال ابن عبد الهادي:"شيبة بن الأحنف لا بأس به"(تعليقه على شرح علل ابن أبي حاتم صـ 210)
ولذا قال الذهبيُّ: "شيبة روى عنه أيضًا محمد بن شعيب، وما علمتُ به بأسًا، وهذا حديثٌ حسنُ الإسنادِ غريبٌ"(المهذب 1/ 534).
فحديثُهُ لا ينزلُ عن درجةِ الحسن كما قال الذهبيُّ. وكذا الألبانيُّ في (صفة الصلاة 2/ 643).
* وفي السند أيضًا: أبو صالح الأشعري؛ قال عنه أبو حاتم: "لا بأس به"(الجرح والتعديل 9/ 392)، ومع ذلك قال فيه الحافظ:"مقبول"! ! (التقريب). وهذا منه غير مقبول.
وقد قال البخاري -فيما نقله عنه الترمذي-: "حديث أبي عبد الله الأشعري: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» هو حديثٌ حسنٌ"(علل الترمذي الكبير 24).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وأبو يعلى، وإسنادُهُ حسنٌ"(المجمع 2728).
ورمز لصحته السيوطيُّ في (الجامع الصغير 157).
وقال البوصيريُّ: "إسنادُهُ حسنٌ؛ ما علمتُ في رجالِهِ ضعفًا"(الزوائد 1/ 66).
لكن تعقبه الألبانيُّ بقولِهِ: "وهو كما قال، لولا أن الوليد بن مسلم كان
يدلسُ تدليسَ التسوية! ولم يصرح بالتحديث عن شيخه، ومَن فوقه. نعم، الحديث صحيح لغيره
…
" (الصحيحة 872).
لكن هذا التعقب لا وجه له، فقد صرَّحَ الوليد بن مسلم بالسماع في جميع طبقات الإسناد كما سبق.
وقد وقفَ الألبانيُّ على هذا التصريح فقال -بعد أن ذكر كلام ابن التركماني "إن دحيمًا قال: لم يسمع الوليد بن مسلم من حديث شيبة بن الأحنف شيئًا"-:
"قلتُ: وهذه علةٌ لا تساوي شيئًا؛ فإن الوليدَ قد صرَّحَ بسماعه لهذا الحديث من شيبة، وهو ثقة؛ فلا يجوز تكذيبه إلا ببرهان"(صفة الصلاة 643).
ولذا قال -بعد أن ذكر أن المنذريَّ والهيثميَّ قد حَسَّنَاهُ-: "وهو كما قالا".
وكذلك حَسَّنَهُ في "تعليقه على صحيح ابن خزيمة"(665).
هذا، وقد جاءَ الحديثُ من وجهٍ آخر عن أبي سلام الأسود:
فأخرجه ابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني 494) -ومن طريقه قوام السنة في (الترغيب والترهيب) -، عن عبد الوهاب بن الضحاك، حدثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي، حدثنا أبو سلام الأسود، حدثني أبو صالح الأشعري عن أبي عبد الله الأشعري به.
كذا قال فيه: "عن الأوزاعي"، وهو وهم؛ فإن المعروفَ في هذا الحديث هو شيبة الأوزاعي.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عبد الوهاب بن الضحاك؛ قال عنه الحافظ: "متروكٌ، كَذَّبه أبو حاتم"(التقريب 4257).
1499 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُدْعَى يَوْمَ القِيَامَةِ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ: المُنْقِصُونَ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا المُنْقِصُونَ؟ قَالَ: «الَّذِينَ لَا يُتِمُّونَ وُضُوءَهُمْ وَيَلْتَفِتُونَ فِي صَلَاتِهِمْ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ معلولٌ، والصوابُ فيه الوقف على ابنِ عمرَ.
[التخريج]:
[موصل (مغلطاي 1/ 408) / كتاب فيه مواعظ وحكمة لأبي الفتح الأزدي (ق 185 ب، ق 186 أ)].
[السند]:
رواه أبو زكريا الموصلي في (تاريخ الموصل) قال: ثنا علي بن جابر، ثنا أبو العباس محمد بن عمارة القرشي، ثنا الثوري عن آدم بن علي عن ابن عمر به.
ورواه أبو الفتح الأزدي في (جزئه) من طريق علي بن جابر به.
[التحقيق]:
هذا الإسنادُ معلولٌ، مع أن رجالَهُ موثقون، فآدم بن علي هو العجليُّ البكريُّ، وَثَّقَهُ ابن معين وغيره (تهذيب التهذيب 1/ 197)، والثوري إمام مشهور. ومحمد بن عمارة القرشي، قال فيه الخليليُّ:"ثقة، سمع الثوري وأقرانه، روى عنه علي بن حرب، كان يكون بالموصل"(الإرشاد 2/ 618)، وعلي بن جابر هو الأوديُّ من أهل الموصل، ذكره ابنُ حبان في (الثقات 8/ 474)، ولا يُعْلمُ فيه تعديل سوى ذلك؛ ولذا لم يزد ابن قطلوبغا
في (الثقات 7955) على نقله لكلام ابن حبان!
وقد خولف في رفعه، فالمحفوظُ وقف هذا الحديث على ابن عمر:
فقد رواه عبد الرزاق في (المصنف 3785، 10271).
والمروزي في (تعظيم قدر الصلاة 147) من طريق وكيع.
كلاهما (عبد الرزاق ووكيع) عن الثوري عن آدم بن علي عن ابن عمر قال: «لَيُدْعَيَنَّ أُنَاسٌ يَوْمَ القِيَامَةِ المَنْقُوصِينَ، قِيلَ: يَا أَبَا عَبدِ الرَّحْمَنِ، وَمَا المَنْقُوصُونَ؟ قَالَ: يُنْقِصُ أَحَدُهُمْ صَلَاتَهُ فِي وُضُوئِهِ وَالتِفَاتِهِ» .
وكذلك رواه ابن أبي شيبة في (المصنف 30) عن أبي الأحوص.
ورواه أبو نعيم في (الحلية 1/ 311) من طريق زهير، كلاهما عن آدم بن علي به موقوفًا على ابن عمر.
فقد أخطأَ علي بن جابر، أو شيخه محمد بن عمارة على الثوري في إسناده، وإنما قلنا:"أو شيخه" لأن محمد بن عمارة هذا قد أخطأ على الثوري أيضًا في حديث آخر؛ وصله، والصحيح عن الثوري إرساله، كما ذكره الدارقطني في (العلل 552)، وهذا مما يُضعف توثيق الخليلي له! إذ ليس هو بالمكثر، بل هو قليل الرواية جدًّا!
ولكن هذا الموقوف -فيما يبدو- ليس مما يُقالُ بالرأي والاجتهاد، فله حكمُ الرفعِ، والله أعلم.
[تنبيه]:
وقع عقب ذكر هذا الحديث في (الإعلام 1/ 408) عبارة: "وسألتُ محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"! !
وذِكر هذه العبارة في هذا الموضع خطأ من الناسخ! فهي من تمام كلام الترمذي المذكور عقب حديث معاذ الذي ذكره مغلطاي بعد حديثنا هذا وانظر (سنن الترمذي 3235 ط شاكر
(1)
).
* * *
(1)
وسقط هذا الحديث من طبعة التأصيل.