المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌238 - باب: الطهور مفتاح الصلاة - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٢

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب فِي إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌228 - بَابُ الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِحْسَانِهِ

- ‌229 - بَابُ إِسْبَاغِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ

- ‌230 - بَابُ إِطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثار الوُضُوءِ

- ‌231 - بَابُ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ

- ‌232 - بَابٌ: حِلْيَةُ المُؤْمِنِ إِلَى مُنْتَهَى الوضُوءِ

- ‌233 - بَابُ أَجْرِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

- ‌234 - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌235 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيةِ الإِسْبَاغِ

- ‌أبواب أَحْكَامِ الوُضُوءِ مَعَ الصَّلَاةِ

- ‌236 - بَابٌ: الوُضُوءُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ

- ‌237 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌238 - بَابٌ: الطُّهُورُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ

- ‌239 - بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ

- ‌240 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌241 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَرْضِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْلَ الأَمْرِ

- ‌242 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ: صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ

- ‌243 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوُضُوءَ ثُلُثُ الصَّلَاةِ

- ‌244 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌245 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ تَجْدِيدِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌246 - بَابُ الوُضُوءِ لِذِكْرِ اللهِ

- ‌247 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ لِلذِّكْرِ

- ‌248 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌249 - بَابُ الوُضُوءِ لِلُجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّومَ وَالأَكْلَ وَنَحْوَهُ

- ‌250 - بَابُ الوُضُوءِ لِلمُعَاوِدِ لِلجِمَاعِ

- ‌251 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌252 - بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ البَائِلِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌253 - بَابُ الوُضُوء مِنْ حَمْلِ المَيِّتِ

- ‌254 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ

الفصل: ‌238 - باب: الطهور مفتاح الصلاة

‌238 - بَابٌ: الطُّهُورُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ

1523 -

حَدِيثُ عَلِيٍّ

◼ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ (الوُضُوءُ) وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» .

[الحكم]:

حسنٌ لشواهدِهِ، وإسنادُهُ مختلفٌ فيه؛

حَسَّنَهُ: الترمذيُّ، والبغويُّ، وابنُ القطانِ، وابنُ سيدِ النَّاسِ، والسيوطيُّ، والقسطلانيُّ، والمباركفوريُّ.

وقال الرافعيُّ: "حديثٌ ثابتٌ".

وَصَحَّحَهُ: ابنُ السَّكنِ، وابنُ العربيِّ، والنوويُّ، والقرطبيُّ، والضياءُ المقدسيُّ، وابنُ حَجرٍ، والمُناويُّ، وأحمدُ شاكر، والألبانيُّ. ونقلَ ابنُ عبدِ البرِّ تصحيحه عنِ ابنِ مهديٍّ وأقرَّهُ.

بينما ضَعَّفَهُ: العُقيليُّ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ عَدِيٍّ، والطحاويُّ، وابنُ أبي بكرٍ الغسانيُّ، وابنُ التركمانيِّ.

والراجحُ: أن إسنادَهُ لينٌ، ولكن لمتنه شواهدُ يُحسَّنُ بها.

[الفوائد]:

1 -

قال المباركفوريُّ: "وسمَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الطهورَ مفتاحًا مجازًا؛ لأن

ص: 322

الحَدَثَ مانعٌ من الصلاةِ فالحَدَثُ كالقفلِ موضوع على المُحْدِثِ حتَّى إذا تَوضَّأ انْحَلَّ الغَلْقُ. وهذه استعارة بديعة لا يقدرُ عليها إلا النبوة. وكذلك مفتاح الجنة الصلاة لأنَّ أبوابَ الجنةِ مغلقةٌ يفتحها الطاعات، وركن الطاعات الصلاة. قاله ابنُ العربي" (تحفة الأحوذي 1/ 33).

2 -

السلامُ من الصلاة واجبٌ. وهو قولُ الجمهورِ خلافًا لأبي حنيفةَ؛ قال البيهقيُّ: "وأوجبنا السلام من الصلاة -وهو قوله: السلام عليكم- بما روينا عن علي بن أبي طالب وأبي سعيد الخدري أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:

فذكره" (معرفة السنن والآثار 359).

[التخريج]:

[د 61 (واللفظ له)، 618/ ت 3/ جه 276/ حم 1006، 1072 (والرواية له ولغيره) / مي 705/ عب 2559/ ش 2393/ عل 616/ بز 633/ شف 206/ كش 45/ طهور 37/ قط 1359، 1421/ هق 2293، 3004، 3419، 4027/ هقغ 484/ هقع 2920، 3864، 4159/ طح (1/ 273/ 1634) / حل (7/ 124)، (8/ 372) / تحقيق 416/ خط (11/ 450) / عد (6/ 409)، (9/ 687) / أم 196، 3275، 3571/ مدونة (1/ 161) / تطبر (مسند عبد الرحمن بن عوف 438) / ضيا 718، 719/ بغ 558/ طوسي 3/ تمهيد (9/ 185) / كر (57/ 173) / منذ 1256/ معر 380/ أصبهان (1/ 322) / ثوري 20/ مزن (زيادات 32 - 35) / فكر (2/ 230) / صلاة 1/ فيل 5/ رفا 147/ ذهبي (1/ 110) / حنابلذ (3/ 181) / سكن (بدر 3/ 449) / حربي (المهتدي ق 243/ أ) / شذا (قانع ق 162 ب) / سلفي (ق 50/ أ)].

ص: 323

[السند]:

أخرجه أبو داود قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن سفيان عن ابن عقيل عن محمد ابن الحنفية عن علي به.

ورواه الترمذيُّ قال: حدثنا قتيبة، وهناد، ومحمود بن غيلان، قالوا: حدثنا وكيع، عن سفيان، (ح) وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان، به.

ومدار إسناده عند الجميع -عدا أبي نعيم في (الحلية 7/ 124) - على عبد الله بن محمد بن عقيل به.

قال البزارُ: "وهذا الحديثُ لا نعلمه يُروى عن عليٍّ إلَّا من هذا الوجه بهذا الإسناد"(المسند 2/ 236).

وقال أبو نعيم: "مشهورٌ لا يُعرفُ إلَّا من حديث عبد الله بن عقيل بهذا اللفظ من حديث عليٍّ"(حلية الأولياء 8/ 372).

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، عدا عبد الله بن محمد بن عقيل؛ فمختلفٌ فيه؛

أولًا: أقوالُ الموثِّقينَ لَهُ، ومَن رَوَى عنه ممّن احتملَ حديثَهُ:

قال عمرو بن علي الفَلَّاسُ: ((سمعتُ يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي يُحَدِّثان عن عبد الله بن محمد بن عقيل)) (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/ 154).

وكذا عندَ العقيليِّ في (الضعفاء الكبير 2/ 299، وتاريخ دمشق لابن عساكر

ص: 324

32/ 261) وزاد: ((وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُونَ فِيهِ)).

بينما ذكرها ابنُ عَدِيٍّ ولكن بلفظ: ((وَالنَّاسُ يَخْتَلِفُونَ عَلَيهِ)) (الكامل 4/ 128، وتاريخ دمشق 32/ 261).

بينما وقعَ ذلك لابنِ حِبَّانَ في (المجروحين) فقال: "أخبرنَا الهَمْدَانِيُّ قَالَ: حدثنا عَمرُو بنُ عَلِيٍّ: ((كان يحيى وعبدُ الرَّحمنِ لا يُحَدِّثَانِ عن عبد اللَّه بن محمد بنِ عقيل)) (المجروحين لابن حبان 2/ 3).

فأُقحمتْ أَداةُ النفي (لا) في النصِّ، ولعلَّها خطأٌ، ولكن سيأتي عن علي بن المديني، وبشر بن عمر أن يحيي بن سعيد كان لا يُحدِّثُ عنه، والله أعلم.

وقال البخاريُّ فيه: ((مقاربُ الحديثِ)) (العلل الكبير للترمذي صـ 22، والجامع للترمذي 1/ 9).

وقال الترمذيُّ: ((وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوقٌ، وقد تكلَّمَ فيه بعضُ أهلِ العلمِ من قِبَلِ حفظه. وسمعتُ محمد بن إسماعيل، يقول: كان أحمد بن حنبل، وإسحاق بن إبراهيم، والحميدي، يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل)) (سنن الترمذي/ ت: شاكر 1/ 9)، و (تهذيب الكمال 16/ 84).

وقال البزارُ: ((وعبد الله بن محمد قد رَوَى عنه أهلُ العلمِ واحتملُوا حديثَهُ)). (المسند 1/ 190).

وقال الحاكمُ: ((نُسِبَ إِلى سُوءِ الحِفْظِ، وهو عند المُتَقَدِّمِينَ مِن أَئِمَّتِنَا: ثِقَةٌ مَأْمُونٌ)) (المستدرك 1/ 72)، وقال في موضعٍ آخرَ:((مستقيمُ الحديثِ مقدمٌ في الشرفِ)) (المستدرك 1/ 152)، وقال -أيضًا-: ((وهو مِن أَشْرَافِ

ص: 325

قُريشٍ وأكثَرِهِم رِوَايَةً)) (المستدرك 1/ 173).

وقال العجليُّ: ((تابعيٌّ جائزُ الحديثِ)) (تاريخ دمشق 32/ 265، تهذيب الكمال 16/ 83)، وفي (معرفة الثقات 2/ 57) زاد:((ثقة)).

ولما ذكره ابن خلفون في كتاب (الثقات) قال: ((كان رجلًا صالحًا موصوفًا بالعِبادةِ والفضلِ والصدقِ)) (إكمال تهذيب الكمال 8/ 181).

وقال أبو عمرَ ابنُ عبدِ البرِّ: ((شرِيفٌ عالمٌ لا يَطعنُ عليه إِلَّا مُتَحَامِل، وهو أَقْوَى مِن كلِّ مَن ضَعَّفَهُ وَأفضل)) (البدر المنير 2/ 170).

وذكر ابن حجر مقولته هذه فقال: ((وهذا إفراطٌ)) (تهذيب التهذيب (6/ 15).

وحَسَّنَ حديثَهُ ابنُ القطانِ فَقَالَ: ((مُخْتَلفٌ فِيهِ، ضَعَّفَهُ قومٌ بِسوءِ الحِفْظِ، فالحَدِيثُ من أَجلِهِ حسنٌ)) (بيان الوهم والإيهام 4/ 97).

وكذا حَسَّنَ حديثَهُ ابنُ عبدِ الهادي فقال: ((فابنُ عقيلٍ حَسَنُ الحديثِ)) (تعليقة على العلل صـ 124).

أقوال المضعفين: وهم على أقْسَامٍ: فمنهم من تكلَّم في حفظه، ومنهم من نَسَبَهُ إلى التغير، ومنهم مَن تكلَّم في حديثِهِ وردَّ الاحتجاجَ به، ومنهم من ضَعَّفَهُ مطلقًا.

أولًا: من تكلَّم في حفظه:

قال سفيانُ بنُ عيينةَ: ((كان ابنُ عقيلٍ في حفظه شيءٌ فكرهتُ أن أُلَقِّنَهُ)) (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 1/ 40، سؤالات الآجري رقم 121 ط. الفاروق، الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 299، تاريخ دمشق 32/ 260).

وذكره أبو داودَ وأقرَّه عليه لما سُئِلَ عنه فقال: ((قال ابنُ عيينةَ: كان سيِّئَ

ص: 326

الحِفظِ)) (السؤالات 53).

وقال أبو معمرٍ القطيعيُّ: ((كان ابنُ عيينةَ لا يحمد حفظ ابن عقيل)) (الجرح والتعديل لابن أبي حاتم 5/ 154).

وقال أبو حاتم الرازيُّ -لمَّا سُئِلَ عن حديثٍ اختُلِفَ فيه على ابنِ عقيل-: ((هذا مِن تخاليطِ ابنِ عَقيل؛ مِن سُوءِ حِفظِه؛ مَرَّةً يقول هكذا، ومرَّةً يقول هكذا، لا يُضْبَطُ الصحيحُ أيُّما هو)) (علل الحديث لابن أبي حاتم 2/ 153)، وقال في موضعٍ آخر:((ابنُ عَقِيل لا يضبطُ حديثَهُ)) (العلل 4/ 499).

وقال ابنُ خزيمةَ: ((لا أحتج بعبد الله بن محمد بن عقيل لسوء حفظه)) (تاريخ دمشق لابن عساكر 32/ 266)، (تهذيب الكمال 16/ 84).

وقال أبو عبد اللَّه عبد الرحمن بن الحكم بن بَشِيرِ بنِ سَلْمَانَ: ((خَيِّرٌ وفاضِلٌ، ووصَفَهُ بالعِبادةِ وقال: إِن كانُوا يقولُونَ فيه شيئًا ففِي حِفْظِهِ)) (الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 299).

وقال ابنُ حِبَّانَ: ((كان عبد الله من سَادَاتِ المُسلمينَ مِن فُقَهَاءِ أهل البَيتِ وقرائهم إِلَّا أَنه كان رَدِيءَ الحِفْظِ كان يُحدِّثُ عن التَّوَهُّمِ فَيَجِيء بالخبر على غيرِ سننه فَلَمَّا كثر ذلك في أخبارِهِ وجب مجانبتها والاحتجاج بضدها)) (المجروحين 2/ 3).

وقال الساجيُّ: ((كان من أهلِ الصدقِ ولم يكن بمتقنٍ في الحديثِ لم يُحَدِّثْ عنه مالكٌ ولا يحيى بن سعيد)) (إكمال تهذيب الكمال 8/ 178).

وقال البيهقيُّ: ((لم يكن بالحافظِ، وأهلُ العِلمِ بالحَدِيثِ مُختَلِفُونَ فِي جوازِ الاحتجاجِ بِرِوَايَاتِهِ)) (السنن الكبرى 1/ 237).

وقال ابنُ عبدِ البرِّ -في رواية أخرى عنه-: ((ليس بالحافظِ عندَهُم))

ص: 327

(التمهيد 20/ 125).

وقال الخطيبُ -بعدما ذكر حديثًا رواه ابن عقيل-: ((الاضطرابُ فيه مِن ابنِ عَقيلٍ فإنه كان سيءَ الحفظِ)) (تاريخ دمشق لابن عساكر 32/ 266).

ثانيًا: مَن نَسَبَهُ إلى التَّغيرِ:

قال علي بن المديني: ((قال سفيان بن عيينة: رأيتُهُ -يعني ابنَ عقيل- يُحَدِّثُ نفسَهُ فحملته على أنه قد تَغَيَّرَ. قال عليٌّ: ولم يرو عنه مالك بن أنس، ولا يحيى بن سعيد القطان.

قال جدي: وهذا -يعني مالكًا وابنَ سعيدٍ- ممن ينتقي الرجال)) (تاريخ دمشق 32/ 261)، و (تهذيب الكمال 16/ 81).

وقال الحاكمُ -في روايةٍ أُخرَى عنه-: ((عبد الله بن محمد بن عقيل -طَالِبي

(1)

الأب والأم- عُمِّرَ فسَاءَ حفظُهُ فحَدَّثَ على التَّخمينِ)) (سؤالات السجزي للحاكم صـ 103، ط. الغرب)

ثالثًا: مَن رَدَّ الاحتجاجَ بحديثِهِ:

قال المعيطيُّ -وهو محمد بن عمر-: ((سمعتُ سفيانَ بنَ عيينةَ، يقول: أربعةٌ مِن قُرَيشٍ لا يُعْتَمدُ على حدِيثهم: عبد اللَّه بن محمد بن عقيل، وعاصم بن عبد اللَّه، وجعفر بن محمد، وعلي بن زيد)) (تعليقات الدارقطني على المجروحين صـ 141).

(1)

نسبة إلى أبي طالب؛ قال السمعاني في كتابه (الأنساب 8/ 174): ((بفتح الطاء المهملة وفي آخرها الباء الموحدة، هذه النسبة إلى اسم بعض أجداد المنتسب إليه، وجماعة من أولاد علي وجعفر وعقيل يقال لهم: «الطالبي»؛ لانتسابهم إلى أبي طالب)).

ص: 328

وقال سعيد بن نصير: ((قلتُ ليحيى بن معين: إنَّ ابنَ عيينةَ كان يقول: أربعةٌ من قريشٍ يُمسكُ عن حديثِهِم قال: مَن هم؟ قلتُ: فلان، وعلي بن زيد، ويزيد بن أبي زياد، وعبد الله بن محمد بن عقيل وهو الرابع. فقال يحيى: نعم. قلتُ: فأيُّهم أعجبُ إليك؟ قال: فلان ثم علي بن زيد ثم يزيد بن أبي زياد ثم ابن عقيل)) (الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 298)، و (تاريخ دمشق 32/ 261)، و (تهذيب الكمال 16/ 81).

وقال بشر بن عمر الزهرانيُّ: ((كان مالكٌ لا يروِي عن عبد الله بن محمد بن عقيل، وكان يحيى بن سعيد لا يروي عنه)) (الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 299)، و (تاريخ دمشق لابن عساكر 32/ 262)

وقال يعقوبُ بنُ شيبةَ: ((سمعتُ عليَّ بنَ عبدِ اللهِ -أي المدينيَّ- يقول: لم يُدخلْ مالكٌ في كُتُبِهِ ابنَ عقيل ولا ابنَ أبي فروة)) (الكامل لابن عدي 4/ 128).

وقال عباسٌ الدُّورِيُّ: ((سمعتُ يحيى بن معين يقول: ابنُ عَقِيلٍ لا يُحتجُّ بحديثِهِ)) (السنن الكبرى للبيهقي 1/ 237)، و (تاريخ دمشق 32/ 264).

وقال الدُّورِيُّ: ((سُئِلَ يحيى عن حديثِ سهيلٍ، والعلاءِ، وابنِ عَقِيلٍ، وعاصمِ بنِ عبيدِ اللهِ؟ فقال: عاصم، وابنُ عَقِيلٍ أضعفُ الأربعةِ. والعلاءُ، وسُهيلٌ حديثُهُم قريبٌ من السَّوَاءِ، وليس حديثهم بالحُجَجِ، أو قريبًا من هذا تكلَّمَ به يحيى)).

قال يحيى: ((ومحمد بن عمرو، أكبر من هؤلاء الأربعة)) (تاريخ ابن معين- رواية الدوري 1/ 202 ط. الفاروق).

وكذا نقله عن يحيي، عبد الله بن أحمد بن حنبل (الضعفاء الكبير للعقيلي

ص: 329

3/ 341).

وقال الدرويُّ -أيضًا-: ((وفليح بن سليمان، وابن عَقِيلٍ، وعاصم بن عبيد الله، لا يحتجُّ بحديثهم)) (تاريخ ابن معين- رواية الدوري 1/ 220 ط. الفاروق)، و (الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 340)، و (الكامل لابن عدي 6/ 30).

وقال أبو عُبيدٍ الآجُرّي: ((قلتُ لأبي داودَ: قال يحيى بن معين: عاصم بن عُبيد الله، وابن عَقيل، يعني عبد الله بن محمد بن عَقيل، وفُلَيح، لا يحتج بحديثهم، قال: صَدَقَ)) (تهذيب الكمال 23/ 321).

وقال الجوزجانيُّ السعديُّ: ((تُوقِّفَ عنه، عامةُ ما يَروِي غريبٌ)) (أحوال الرجال ط. الرسالة صـ 138)، و (الكامل لابن عدي 4/ 128)، و (تاريخ دمشق 32/ 266)، و (تهذيب الكمال 16/ 83).

وقال البيهقي: ((لم يحتجّ به صاحبا الصحيح. فإذا روى شيئًا في حُكمٍ، وروى أهلُ الثقةِ فيه خِلَافَهُ، فروايةُ غيرِهِ توقع شكًّا فيما تفرَّدَ به)) (معرفة السنن والآثار 2/ 49).

قلنا: بل نقل ابن منده الإجماعَ على تركِ حديثِهِ فقال: ((وحديث حمنة: «تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ سِتًّا أَوْ سَبْعًا» لا يصحُّ عندهم من وجهٍ من الوجوهِ، لأنه من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل. وقد أجمعوا على تركِ حديثِهِ)) (الإمام لابن دقيق العيد 3/ 310)، (إكمال تهذيب الكمال 8/ 179).

فَتَعَقَّبَهُ ابنُ دَقيقِ العيدِ فَقَالَ: ((ليسَ الأمرُ كما قال ابن منده -وإن كان بحرًا من بحورِ هذه الصنعة-، فقد ذكرَ الترمذيُّ أن الحميديَّ وأحمدَ وإسحاقَ كانوا يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل. قال محمد:

ص: 330

"وهو مقاربُ الحديثِ"، قال: وما قاله ابن منده عجيب! )) (الإمام 3/ 310).

وكذا تَعَقَّبَهُ ابنُ القيمِ فقال: ((ودعوى ابن منده الإجماع على تركِ حديثِهِ غلطٌ ظاهرٌ منه)) (حاشية ابن القيم على سنن أبي داود ط. السلفية 1/ 477).

وبنحو كلام الإمام ابن دقيق العيد وابن القيم، قال ابن التركماني ومغلطاي، انظر (الجوهر النقي لابن التركماني 1/ 339)، و (إكمال تهذيب الكمال 8/ 179).

رابعًا: مَن ضَعَّفَهُ مطلقًا:

قال أبو مَعْمَرٍ القطيعيُّ: ((كان ابنُ عُيَينَةَ يُضَعِّفُ ابنَ عَقِيلٍ، وعاصمَ بنَ عُبيدِ اللَّهِ، وعليَّ بنَ زيدِ بنِ جُدْعَانَ)) (الضعفاء الكبير للعقيلي 3/ 230)

وقال ابن أبي خيثمة: ((رأيتُ في كتاب علي بن المَديني: ذكرنا عند يحيى بن سعيد عاصمَ بنَ عُبيدِ اللهِ، فقال: هو عندي نحو ابن عقيل)) (تاريخ ابن أبي خيثمة- السفر الثالث 2/ 303، والسفر الثاني 2/ 893).

وقال صالح بن أحمد بن حنبل، عن علي بن المديني:((ذكرنا عند يحيى بن سعيد ضعف عاصم بن عُبَيد الله، فقال يحيى: هو عندي نحو ابن عقيل)) (الجرح والتعديل 6/ 347)، و (الكامل في ضعفاء الرجال 5/ 226)، و (تهذيب الكمال للمزي 16/ 82).

وقال ابن سعد: ((كانَ مُنكَرَ الحَديثِ، لا يَحتجونُ بِحديثِهِ، وكانَ كَثيرَ العِلمِ)) (الطبقات الكبرى 7/ 481).

وقال أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل، قال أبو عبد الله -أي أحمد بن

ص: 331

حنبل-: ((عبد الله بن محمد بن عقيل منكر الحديث)) (تاريخ دمشق 32/ 265)، و (تنقيح التحقيق لابن عبد الهادي 1/ 37)، و (تهذيب الكمال 16/ 82).

وقال أبو داود، ((سمعتُ أحمدَ قال: علي بن زيد، وجعفر بن محمد، وعاصم بن عبيد الله، وعبد الله بن محمد بن عقيل مَا أقربهم من السوَاء)) (سؤالات أبي داود للإمام أحمد رقم 152 صـ 206).

وقال: ((سمعتُ أحمدَ، وقيلَ لَهُ: حسين بن عبيد الله صاحب عكرمة مُنكر الحدِيث، فقال بِرَأْسِهِ أَي نعم، فقيل: هو أحب إليك أو عاصم بن عبيد الله؟ قال: مَا أقربهما، وعبد الله بن محمد بن عقيل)) (السؤالات 566).

وضَعَّفَهُ عليُّ بنُ المدينيِّ (سؤالات ابن أبي شيبة لابن المديني صـ 41، ط. الفاروق).

وقال يعقوبُ بنُ شيبةَ: ((وابنُ عَقيلٍ صدوقٌ، وفي حديثِهِ ضعفٌ شديدٌ جدًّا)) (تاريخ دمشق 32/ 261)، و (تهذيب الكمال 16/ 81).

وقال ابنُ أبي خيثمةَ: ((سُئِلَ يحيى بن معين، عن عبد الله بن محمد بن عقيل؟ قال: ليس بذاك)) (تاريخ ابن أبي خيثمة- السفر الثاني 2/ 933، والسفر الثالث 2/ 124)، و (الجرح والتعديل 5/ 154).

وضَعَّفَهُ يحيى في:

- رواية معاوية بن صالح، كما في:(الضعفاء الكبير للعقيلي 2/ 299، والكامل لابن عدي 4/ 128، وتهذيب الكمال 16/ 82)،

- ورواية أحمد بن سعد بن أبي مريم، كما في: (الكامل لابن عدي 4/

ص: 332

127، وتاريخ دمشق 32/ 265)،

- ورواية الدورقي، كما في:(الكامل لابن عدي 4/ 127)،

- ورواية المفضل بن غسان الغلابي، كما في:(تاريخ دمشق 32/ 263، وتهذيب الكمال 16/ 83)،

- وكذا في رواية ابن محرز (رقم 182 ط. الفاروق).

وقال ابن محرز - أيضًا -: ((وسمعتُ يحيى، وسُئِلَ عن خالد بن ذكوان؟ فقال: يُكْنَى أبا الحسين، مدينيٌّ. قيل له: يُحدِّثُ بحديثِ الربيعِ، الذي يُحدِّثُ به عبد الله بن محمد بن عقيل؟ قال: نعم.

قيل له: أيما أحب إليك، هو أو عبد الله بن محمد بن عقيل؟ فقال: عبد الله، هالكٌ، دَامِرٌ، لو كان هذا مثله كان قد هَلَكَ، ولكن لا بأس به، وعبد الله بن محمد بن عقيل من بَابَةِ أصحاب الحديث الرقاقة)) (تاريخ ابن معين رواية ابن محرز رقم 544).

وضعَّفَ أمره كله في رواية الدوري (الجرح والتعديل 5/ 154)، وقال الدوري في موضع آخر:((سُئِلَ يحيى عن حديثِ: سُهَيلٍ والعَلاءِ وابنِ عَقيلٍ وعاصمِ بنِ عبدِ اللهِ؟ فقال: عاصمٌ وابنُ عَقيلٍ أضعفُ الأربعةِ)) (تاريخ ابن معين- رواية الدوري، رقم 1077 ط. الفاروق)، و (الضعفاء الكبير للعقيلي 3/ 333).

وقال أبو حاتم: ((لين الحديث، ليس بالقوي ولا ممن يحتج بحديثه، يكتب حديثه، وهو أحب إليَّ من تمام بن نجيح)) (الجرح والتعديل 5/ 154).

وقال أبو زرعة: ((ابن عقيل يختلفُ عليه في الأسانيد)) (الجرح والتعديل

ص: 333

6/ 348).

وقال الآجريُّ: ((قلتُ لأبي داود: أيما أحب إليك؟ علي بن زيد أو ابن عقيل؟ فقال: علي بن زيد)) (سؤالات الآجري لأبي داود- رقم 1195، ط. الفاروق).

وقال النسائيُّ: ((ضعيفٌ)) (تهذيب الكمال 16/ 84).

وقال أبو أحمد الحاكم: ((ليس بذلك المتين المعتمد)) (تاريخ دمشق 32/ 258)، و (تهذيب الكمال 16/ 84).

وقال ابن عدي -في ترجمة خالد بن ذكوان-: ((وهو خير من عبد الله وأرجو أن خالد لا بأس به وبرواياته)) (الكامل 3/ 7)، بينما قال في ترجمة ابن عقيل:((ولعبد الله بن محمد بن عقيل غير ما أمليتُ أحاديث وروايات وقد روى عنه جماعة من المعروفين الثقات وهو خير من ابن سمعان ويكتب حديثه)) (الكامل 4/ 129).

وقال عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد - أي ابن خراش -: ((تكلَّم الناسُ فيه)) (تاريخ دمشق لابن عساكر 32/ 266).

وقال الدارقطنيُّ: ((ابن عقيل ليس بالقوي)) (العلل 1/ 174)، وضعَّفه في (العلل 3/ 222).

وقال الخطابيُّ: ((ليس بذاك)) (معالم السنن 1/ 89)، و (تعليقة على العلل لابن عبد الهادي صـ 123)

وضعَّفه جدًّا ابن القيسراني في (تذكرة الحفاظ صـ 111، صـ 254).

قلنا: فالراجحُ فيه الضعف؛ لسوءِ حفظه كما قال ابن عيينة، وأبو حاتم،

ص: 334

وابن خزيمة رحمهم الله، وغيرهم، مع ما نُسِبَ إليه من التغير.

ولذا قال الذهبيُّ في (سير أعلام النبلاء 6/ 205): ((لا يَرتَقِي خَبَرُه إلى درجةِ الصِّحَّةِ والاحتجاجِ)).

ولخص الحافظ ابن حجر حاله فقال: ((صدوقٌ في حديثه لين، ويقال تغيَّر بِأَخَرَةٍ)) (التقريب 3592).

قلنا: ومع ذلك حَسَّنَ حديثَهُ هذا جمعٌ من أهلِ العلمِ كأنَّهم اعتمدوا في ذلك ما وَرَدَ من احتجاج بعض أهل العلم بحديثه، أو رأوه من صحيح حديثه؛ بما له من شواهد.

فقال الترمذي -عقب الحديث-: ((هذا الحديثُ أصحُّ شيءٍ في هذا الباب وأحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل هو صدوقٌ وقد تَكلَّم فيه بعضُ أهلِ العلمِ من قِبَلِ حفظه، وسمعتُ محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل، قال محمدٌ: وهو مقاربُ الحديثِ)).

وذكره ابن السكن في (سننه الصحاح المأثورة)، كما في (البدر المنير 3/ 448 - 449)، و (التلخيص الحبير 1/ 389).

وقال ابن عبد البر: ((وقال عبد الرحمن بن مهدي: لو افتتح الرجل الصلاة بسبعين اسمًا من أسماء الله، ولم يكبر تكبيرة الإحرام- لم يجزه. وإن أحدثَ قبل أن يُسَلِّمَ لم يجزه. وهذا تصحيح من عبد الرحمن بن مهدي لحديثِ: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ»، وتدينٌ منه به، وهو إمامٌ في علمِ الحديثِ ومعرفة صحيحه من سقيمه، وحسبك به)) (الاستذكار 4/ 126)، و (التمهيد 9/ 186).

ص: 335

وصَحَّحَ إسنادَهُ ابنُ العربيِّ، فقال:((وهذا حديثٌ لم يُخرَّجْ في الصحيح، وقد رواه أبو داود بسندٍ صحيحٍ)) (عارضة الأحوذي 1/ 15).

وقال ابنُ القطانِ الفاسيُّ: ((وهو حديثٌ إنما يرويه عن جابرٍ- عبد الله بن محمد بن عقيل، وهو مختلفٌ فيه، ضَعَّفَهُ قومٌ بسوءِ الحفظِ، فالحديثُ من أجلِهِ حسنٌ)) (بيان الوهم والإيهام 4/ 97 - 99).

وقال الرافعيُّ: "هذا حديثٌ ثابتٌ"(شرح مسند الشافعي 1/ 305)، وقال في موضع آخر:"هذا حديثٌ صحيحٌ معمولٌ به"(شرح المسند 1/ 506).

وقد حَسَّنَهُ البغويُّ في (شرح السنة 558)، والنوويُّ في (الخلاصة 1051)، و (الإيجاز في شرح سنن أبي داود صـ 254)، والقسطلانيُّ في (إرشاد الساري 2/ 134).

وقال ابنُ سيدِ الناسِ: "ولم يصحح أبو عيسى حديث ابن عقيل هذا، وصححه في غير هذا الموضع، وينبغي أن يكون حديثه حسنًا، وقد أثنى عليه قوم، وتكلَّم فيه آخرون"(النفح الشذي في شرح الترمذي 1/ 66).

وصححه القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن 1/ 175)، والضياء المقدسي حيث أورده في (المختارة).

وقال الحافظ: "أخرجه أصحابُ السنن بسندٍ صحيحٍ"! (الفتح 2/ 322)، وقال في (نتائج الأفكار 2/ 231):"هذا حديثٌ حسنٌ".

ورمز السيوطي لحسنه في (الجامع الصغير 8193).

وقال المباركفوريُّ: "فالراجحُ المعولُ عليه هو أن حديثَ عليٍّ المذكور حسنٌ يصلحُ للاحتجاج، وفي الباب أحاديث أخرى كلها يَشهد له"(تحفة الأحوذي 1/ 35)

ص: 336

وقال المناويُّ: "إسنادُهُ صحيحٌ"(التيسير بشرح الجامع الصغير 2/ 377).

وقال أحمد شاكر: "إسنادُهُ صحيحٌ"! (تحقيق المسند صـ 39، ط. دار الحديث).

وقال الألبانيُّ: "ولكن الحديث له شواهد يرقى بها إلى درجة الصحيح"(صحيح أبي داود 1/ 104/ 55)، وحَسَّنَهُ في (أصل صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 184)، و (الإرواء 2/ 9).

قلنا: لا يرقى حال ابن عقيل للاحتجاج كما سبق، وبعض من نقل عنه الاحتجاج بحديثه كأحمد نقل عنه خلافه، بل قال فيه كما في رواية حنبل بن إسحاق عنه:"منكر الحديث"(تاريخ دمشق 32/ 265).

ولهذا أخرجَ الحديثَ العُقيليُّ في (الضعفاء 2/ 155) من طريقِ سليمانَ بنِ قَرْمٍ الضبيِّ، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهدٍ، عن جابرٍ نحوه، ثم قال:"وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن الحنفية، عن عليٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ: «مِفْتَاحَ الصَّلَاةِ الطُّهُورِ». ورواه أبو سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، والإسنادان جميعًا لينان، وهما أصلح من حديث سليمان بن قَرْم".

وأخرجَ حديثَ أبي سعيد هذا في موضعٍ آخر، وقال:"وفي هذا الباب حديث ابن عقيل، عن ابن الحنفية، عن عليٍّ في ((مفتاح الصلاة وتحليلها وتحريمها))، إسناده أصلح من هذا، على أن فيه لينًا"(الضعفاء الكبير 2/ 300).

وقال ابن حبان في كتاب الصلاة المفرد له: "لا يصح من جهة النقل"(البدر المنير 3/ 453)، و (التلخيص الحبير 1/ 390)، وقال في (المجروحين 1/ 381):"وابن عقيل قد تبرأنا من عهدته".

ص: 337

وأورده ابن عدي في ترجمة ابن عقيل مع جملة من حديثه، ثم ختمها بقوله:((ولعبد الله بن محمد بن عقيل غير ما أمليتُ أحاديث وروايات، وقد روى عنه جماعة من المعروفين الثقات، وهو خير من ابن سمعان، ويُكتبُ حديثُهُ)) (الكامل 6/ 369). وهذا دون الاحتجاج.

وقال الطحاوي عقبه: ((عبد الله بن محمد بن عقيل هذا ضعيفٌ لا يُحتجُّ به" (مختصر اختلاف العلماء 1/ 222).

وقال ابن التركماني: ((حديثُ عليٍّ في سندِهِ ابن عقيل، متكلَّمٌ فيه" (الجوهر النقي 2/ 173)

وقال الغساني: "ابنُ عَقيلٍ ضعيفٌ"(تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني صـ 114)

(1)

.

قلنا: وقد رُوي الحديثُ من وجه آخر عن عليٍّ، ولا يصح.

أخرجه أبو نعيم في (الحلية 7/ 124) فقال: ثنا سليمان بن أحمد، ثنا الحسن بن العباس، وعبد الرحمن بن سَلْم، قالا: ثنا الحسين بن عيسى بن ميسرة، ثنا سلمة بن الفضل، ثنا سفيان، عن ثوير بن أبي فاختة، عن أبيه، عن عليٍّ به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: ثوير بن أبي فاختة، ضعيفٌ (التقريب 862).

الثانية: سلمة بن الفضل الأبرش، قال الحافظ:"صدوقٌ كثيرُ الخطأِ"

(1)

ولعل هذا قول الدارقطني، كما هي عادة كتاب الغساني، إلا أننا لم نقف على قول الدارقطني هذا في المطبوع من (السنن)، ولا نقله عنه أحد. فالله أعلم.

ص: 338

(التقريب 2505).

قلنا: وقد أخطأَ سلمةُ في سندِهِ؛ وذلك أن المحفوظَ عن سفيانَ ما رواه عنه وكيعُ بنُ الجراحِ، وعبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ، وأبو نُعيمٍ الفضلُ وغيرُهُم، عن سفيان عن ابن عقيل عن محمد ابن الحنفية عن عليٍّ به.

وقال الألباني: "وله طريقٌ أخرى عن عليٍّ مرفوعًا به؛ أخرجه أبو نعيم، وسندُهُ ضعيفٌ"(إرواء الغليل 2/ 9).

[تنبيه]:

قال الزيلعي: ((قال في الإمام: ورواه الطبراني، ثم البيهقي من جهة أبي نعيم عن سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن الحنفية يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورِ»، الحديث. قال: وهذا على هذا الوجه مرسل" (نصب الراية 1/ 307).

وبنحوه قال ابن الملقن في (البدر المنير 3/ 449).

قلنا: ولم نقف على كلام ابن دقيق العيد هذا في (الإمام)، ولم نجده عند الطبراني. والذي في (السنن الكبير 2293) للبيهقي قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن عبدان، أنبأ سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، ثنا عليّ بن عبد العزيز، ثنا أبو نعيم عن الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن الحنفية عن عليٍّ رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال:«مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورِ، وَإِحْرَامُهَا التَّكْبِيرُ، وَإِحْلَالُهَا التَّسْلِيمُ» اهـ.

فرواه البيهقيُّ من طريقِ الطبرانيِّ ووصله ولم يرسله، فكأنَّ ذكر (علي) سقط من نسخة ابن دقيق العيد، والحديثُ محفوظٌ من طريقِ أبي نُعيمٍ وغيرِهِ عن الثوريِّ به موصولًا. والله أعلم.

ص: 339

1524 -

حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ

◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ (الوُضُوءُ) وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» .

[الحكم]:

حسنُ المتنِ بشواهدِهِ، وله طرقٌ ضعيفةٌ.

وضَعَّفَهُ: العقيليُّ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ عَدِيٍّ، وابنُ القيسرانيِّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ أبي بكرٍ الغسانيُّ، والذهبيُّ، وابنُ كَثيرٍ، وابنُ التركمانيِّ، وابنُ حَجرٍ.

[التخريج]:

[ت 238/ جه 277/ ك 462 (والرواية له ولغيره) / ش 2395 (واللفظ له) / مش (نصب 1/ 307، مغلطاي 1/ 81) / حق (نصب 1/ 307) / بز (نصب 1/ 307) / عل 1077، 1125/ حرب (طهارة 754) / طس 1632 (مقتصرًا على مفتاح الصلاة)، 2390/ طش 1360/ قط 1356، 1377/ فقط (أطراف 4871) / هق 2553، 3971، 3972، 3973/ هقر 36/ طوسي 222/ عد (4/ 48، 50) / بشن 1473/ عق (2/ 300) / مجر (1/ 487) / سط (صـ 232) / ضح (2/ 177 - 178) / تطبر (تتمة مسند عبد الرحمن بن عوف 439 - 441) / آثار 1/ شيباني 4/ حنف (نعيم صـ 130 - 131) / حنف (حارثي 667 - 700) / حنف (خسرو 539، 545 - 547، 549 - 550، 556) / حنف (طلحة - خوارزم 1/ 315) / حنف (مظفر - خوارزم 1/ 316) / حنف (باقي- خوارزم 1/ 317) / حنيفة (لؤلؤي - خوارزم 1/ 317) / أصبهان (1/ 82) / محد (3/ 51) / بشرويه (ق 101 ب) / حلب (10/ 4379) / فكر

ص: 340

(2/ 231)].

[التحقيق]:

للحديثِ ثلاثة طرق:

الأول: أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف 2395) قال: حدثنا ابن فضيل عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري به.

وأخرجه الترمذي وابن ماجه والبيهقي وغيرهم، من طريق أبي سفيان طَريف بن شهاب السعدي به.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ من أجل أبي سفيان السعدي؛ قال ابنُ عبدِ البرِّ: "أجمعوا على أنه ضعيف الحديث"(الاستغناء 1096 ط. جامعة أم القرى)، وبنحوه قال ابنُ حَجرٍ في (نتائج الأفكار 2/ 232).

وبه ضَعَّفَ الحديثَ ابنُ حِبَّانَ في (كتاب الصلاة) المفرد له (البدر المنير 3/ 453)، و (التلخيص الحبير 1/ 390).

وكذا العقيليُّ حيثُ أورده في ترجمتِهِ ثم قال: "وفي هذا الباب حديث ابن عقيل، عن ابن الحنفية، عن عليٍّ في ((مِفْتَاحُ الصَّلاةِ، وَتَحْلِيلُهَا وَتَحْرِيمُهَا))، إسنادُهُ أصلحُ مِن هذا، على أن فيه لينًا"(الضعفاء الكبير 2/ 300).

وأخرجه في موضع آخر، من طريق سليمان بن قَرْم الضبي، عن أبي يحيى القتات، عن مجاهدٍ، عن جابرٍ نحوه، ثم قال:"وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن الحنفية، عن عليٍّ، عن النبيٍّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ مِفْتَاحَ الصَّلَاةِ الطُّهُورِ». ورواه أبو سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، والإسنادان جميعًا لينان، وهما أصلح من حديث سليمان بن قَرْم"(الضعفاء 2/ 155).

ص: 341

وذكر ابنُ عديٍّ أيضًا في ترجمة أبي سفيان مشيرًا بذلك إلى ضَعْفِهِ (الكامل 4/ 117).

وبه ضَعَّفَهُ عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الوسطى 1/ 377)، وابنُ القيسرانيِّ في (المعرفة صـ 265)، وابنُ أبي بكرٍ الغسانيُّ في (تخريج الأحاديث الضعاف من السنن/ صـ 114، 116)، والذهبيُّ في (المهذب 1/ 530)، وابنُ التركمانيِّ في (الجوهر 2/ 173، 2/ 380)، وابنُ كَثيرٍ في (إرشاد الفقيه 1/ 118)، وابنُ حَجرٍ في (النتائج 2/ 232).

الطريق الثاني:

أخرجه الحاكمُ في (المستدرك)، والطبرانيُّ في (الأوسط)، والبيهقيُّ في (الكبير 3971) وغيرُهُم، من طريق حسان بن إبراهيم عن سعيد بن مسروق الثوري عن أبي نضرة عن أبي سعيد به.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، ظاهرُهُ الصحةَ؛ ولذا قال الحاكمُ -عقبه-:"هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ على شرطِ مسلمٍ ولم يخرجاه، وشواهدُهُ عن أبي سفيانَ عن أبي نضرةَ كثيرةٌ".

قلنا: ولكن في السندِ علة بَيَّنَها ابنُ حِبَّانَ وغيرُهُ.

قال ابنُ حِبَّانَ: "قد وهم حسان بن إبراهيم الكرمانيُّ في هذا الخبرِ، فروى عن سعيد بن مسروق عن أبي نضرة عن أبي سعيد

وهذا وهمٌ فاحشٌ! ما روى هذا الخبر عن أبي نضرة إلا أبو سفيان السعدي، فتوهم حسَّان لما رأى أبا سفيان أنه والد الثوري، فحَدَّثَ عن سعيد بن مسروق ولم يضبطْه، وليس لهذا الخبر إلا طريقان: أبو سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد، وابن عقيل عن ابن الحنفية عن عليٍّ" (المجروحين 1/ 381).

ص: 342

وقال في كتاب (الصلاة) له: "وقد وهم حسان بن إبراهيم؛ فرواه عن سعيد بن مسروق، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، وذلك يوهم أن أبا سفيان هو والد سفيان الثوري، ولم يعلم أن أبا سفيان هو طريف السعدي كان واهيًا في الحديث؛ فإن أبا سفيان الثوري هو سعيد بن مسروق، كان ثقةً، فحَمَلَ هذا على ذلك، ولم يميز؛ إذ الحديث لم يكن من صناعته"(البدر المنير 3/ 453)، و (إتحاف المهرة 5/ 412).

قلنا: وحَمَل ابن صاعد على أبي عمر الحوضي -أحد رواته عن حسان-، ظنًّا منه أنه المتفرد به، والواهم فيه، فرواه من طريقه، ثم قال:"وهذا الإسنادُ وهمٌ؛ إنما حدَّثه حسان عن أبي سفيان وهو طريف السعدي، فتوهم أنه أبو سفيان الثوري فقال برأيه: عن سعيد بن مسروق الثوري".

قال ابن عدي: "وهذا الذي قاله صاعد وَهِم فيه؛ لأنَّ ابنَ صاعدٍ ظَنَّ أن هذا الذي قيل في هذا الإسناد: "عن سعيد بن مسروق" أنه من أبي عمر الحوضي؛ حيثُ قال: "إنما حَدَّثَهُ حسان"، وهذا الوهم من حسان بن إبراهيم، فكأنَّ حسَّان حَدَّثَ مرَّتين: مرَّة على الصوابِ فقال: "عن أبي سفيان" ومرَّة قال: "ثنا سعيد بن مسروق" كما رواه الحوضيُّ، وقد رواه حبان بن هلال أيضًا فقال: "عن سعيد بن مسروق"، حدَّثناه

"، فسَاقه من طريق حبان بن هلال، ثنا حسان بن إبراهيم الكرماني، ثنا سعيد بن مسروق به".

ثم قال: "فقد اتفقَ حبان والحوضي فرويا عن حسان عن سعيد بن مسروق على الخطأ، وابن صاعد لم يقعْ عنه إلَّا من رواية الحوضي عن حسان، فَظَنَّ أن الخطأَ من الحوضيِّ، وإنما الخطأ من حسان، وقد حَدَّثَ به مرتين مرة خطأ ومرة صوابًا، فالخطأ ما ذكرته عن حبان والحوضي عنه،

ص: 343

والصواب حدثناه

" فساقه من طريق عبيد الله العيشي، ثنا حسان بن إبراهيم عن أبي سفيان به.

ثم قال: "ولحسان شيء من الأصناف، وله حديثٌ كثيرٌ، وقد حَدَّثَ بإفرادات كثيرة

فلم أجدْ له أنكر مما ذكرته من هذه الأحاديث، وحسان عندي من أهل الصدق إلَّا أنه يغلط في الشيء، وليس ممن يُظن به أنه يتعمد في باب الرواية إسنادًا أو متنًا، وإنما هو وهم منه، وهو عندي لا بأس به" (الكامل لابن عدي 2/ 375).

وقد تابع الحوضي وحبان على الوجه الخطأ: الأزرق بن علي عند ابن حبان في (المجروحين 1/ 381).

ومالَ الدارقطنيُّ إلى أن الوهمَ ممن رواه عن حسان، فقال:"وسعيد بن مسروق لا يحدث عن أبي نضرة، ولعلَّ حسان حدَّثَهم، عن أبي سفيان، فتوهم مَن سمعه منه أنه أبو سفيان الثوري سعيد بن مسروق. وقد حَدَّثَ به عبيد الله العيشي، عن حسان، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة. وهذا هو الصحيح"(العلل 2312).

وتابع العيشي على الوجه الصواب: إسحاق بن إبراهيم كما عند أبي يعلي في (مسنده 1125).

ومالَ البيهقيُّ إلى صنيع ابن عدي، فأسنده من طريق أبي عمر، ثم قال: "تفرَّدَ به أبو عمر الضرير

(1)

هكذا فيما زعم ابن صاعد، وكثير من الحفاظ

(1)

كذا قال: "أبو عمر الضرير"، وهو خطأ، ووقع في هذا الخطأ -أيضًا- الحاكم، والطبراني. والصواب أبو عمر الحوضي كما قال ابن عدي، وأسند الحديث من طريقه كما سيأتي.

وكل من أبي عمر الضرير والحوضي يسمى حفص بن عمر، غير أن الحوضي ثقة ثبت، والضرير دونه بمراحل، والله أعلم.

ص: 344

وقد تابعه عليه حبان بن هلال عن حسان، فحسان هو الذى تفرَّد به"، ثم أسنده من طريق العيشى على الصواب، وقال: "هذا هو المحفوظ عن أبي سفيان طريف السعدي، وحديث أبي سعيد يدور عليه" (السنن الكبير 2/ 380).

وأقرَّه الذهبيُّ في (المهذب في اختصار السنن الكبير 2/ 380).

وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "وهو معلولٌ"(التلخيص الحبير 1/ 390).

وقال أيضًا: "وأخرج الحاكم من طريق حسان بن إبراهيم عن سعيد بن مسروق عن أبي نضرة مثل هذا الحديث وصححه، وغلط في ذلك، فإن الحديث عند حسان عن أبي سفيان المذكور، فظن بعض الرواة أنه والد سفيان الثوري فسمَّاه فوهم في ذلك. نبَّه على ذلك ابن حبان في كتاب الصلاة وابن عدي في (الكامل) والدارقطني في (العلل)، والله أعلم"(نتائج الأفكار 2/ 232).

قلنا: "وتعقب مغلطاي الحاكم في قوله: "على شرط مسلم" فقال: "وفيما قاله نظر؛ وذلك لأن أبا طريف لم يخرج مسلم له شيئًا" (شرح ابن ماجه 1/ 81).

وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "وفي إسناد أبي سعيد أبو سفيان، وهو طريف بن شهاب السعدي، ضعيفٌ ولم يُخرِّجْ له مسلمٌ"(الدراية 139).

الطريق الثالث:

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة بن

ص: 345

صهيب؛ قال عنه يحيى بن معين: "ضعيفٌ، لم يُحَدِّثْ عنه إلا إسماعيل بن عياش"، وقال أبو زرعة:"مضطربُ الحديثِ، واهي الحديث"، وقال أبو حاتم:"يَروي عن أهل الكوفة وأهل المدينة، ولم يَرْوِ عنه أحد غير إسماعيل بن عياش، وهو عندي عجيبٌ، ضعيفٌ، منكرُ الحديثِ، يُكتبُ حديثه، يَروي أحاديث مناكير، ويَروي أحاديث حسانًا"، وقال الجوزجانيُّ:"غير محمود في الحديث"، وقال أبو داود:"ليس بشيءٍ"، وقال النسائيُّ:"ليس بثقة، ولا يُكتبُ حديثُهُ"، وقال الدارقطني:"متروك". انظر (تهذيب التهذيب 6/ 348 - 349).

ولذا قال الذهبيُّ: "واهٍ"(ميزان الاعتدال 2/ 632)، (الكاشف 3402). وقال ابن حجر:"ضعيفٌ، ولم يَرْوِ عنه غير إسماعيل بن عياش"(التقريب 4111).

[تنبيه]:

زاد الشيخ أحمد شاكر في نسخته على الجامع -عقب الحديث- جملة، وهي:"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن".

فعلَّقَ الشيخُ بشار قائلًا: "وهذا لا أصلَ له في النسخ الخطية التي بين أيدينا، ولا نقلها عنه أحد، ومنهم المزي في التحفة (الجامع، ت: بشار، ط. الغرب 1/ 278 حاشية رقم: 1).

وكذا قال محققو طبعة الرسالة وزادوا: "ولا في شرحَي ابن سيد الناس ولا المباركفوري"(الجامع، ط. الرسالة، 1/ 294 حاشية).

قلنا: قد ذكرها محقق الجامع، طبعة دار الصديق وقال:"زيادة من نسخة (س، م) "(الجامع، صـ 105، حاشية رقم: 2).

ص: 346

1525 -

حَدِيثُ جَابِرٍ

◼ عَنْ جَابِرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الجَنَّةِ الصَّلَاةُ، وَمِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الوُضُوءُ (الطَّهُورُ)» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

وَضَعَّفَهُ: العقيليُّ، وابنُ عَدِيٍّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، وابنُ القطانِ، والمنذريُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والألبانيُّ. وشطره الثاني حسن بما سبق من شواهد.

[التخريج]:

[ت 4 (واللفظ له) / حم 14662 (والرواية له ولغيره) / طي 1899/ طس 4364/ طص 596/ شعب 2455، 2456/ محد (2/ 280) / عق (2/ 155) / عد (5/ 213) / تعظ 175 (مقتصرًا على أوله ليس فيه موضع الشاهد) / فاخرج 7، 8، 9/ شذا (الثاني 197) / أصبهان (1/ 216) / غيب 1983/ ضح (1/ 352) / مقد ص 9 (مقتصرًا على أوله)].

[التحقيق]:

رواه أحمد في (المسند) قال: حدثنا حسن بن محمد، حدثنا سليمان بن قَرْم، عن أبي يحيى القَتَّات عن مجاهد عن جابر بن عبد الله به.

قال عبد الله بن أحمد: "هكذا وقع في الأصل: حسن. والصواب: حسين".

ورواه الترمذيُّ، والعقيليُّ، والطبرانيُّ في (الأوسط) و (الصغير)، والبيهقيُّ

ص: 347

في (الشعب)، من طرقٍ عن حسين بن محمد المَرَّوذيِّ، حدثنا سليمان بن قَرْم، به.

قال الطبراني: "لم يَرْوِه عن أبي يحيى القتات -واسمه زاذان- إلا سليمان بن قَرْم تفرَّد به الحسين"!

قلنا: كلا؛ فقد توبع الحسين:

فرواه المروزيُّ في (تعظيم قدر الصلاة 175) من طريق يحيى بن حسان.

ورواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 213) من طريق عبد الصمد بن النعمان.

كلاهما عن سليمان بن قَرْم عن أبي يحيى القتات به.

قال ابنُ عَدِيٍّ -عقبه-: "ولا أعلمُ يرويه عن أبي يحيى غير سليمان بن قَرْم".

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاث علل:

الأولى: سليمان بن قَرْم بن معاذ، وَثَّقَهُ أحمدُ وحده.

وضَعَّفَهُ جمهورُ النقادِ، ومنهم ابن معين، وأبو زرعة، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان. وذكره العقيليُّ، وابن عدي، وأبو العرب، والساجي في جملة الضعفاء.

وذكره الحاكمُ فيمن عِيب على مسلم إخراج حديثه، وقال:"غمزوه بالغلو في التشيع وسوء الحفظ جميعًا"(الإكمال 6/ 81، 82).

قلنا: ذكر الذهبيُّ أن حديثَهُ عند مسلمٍ متابعة (الكاشف 2122)، وقال فيه الحافظ:"سيئ الحفظ يتشيع"(التقريب 2600).

وقَدَّمَ العقيليُّ على حديثه هذا حديث طريف السعدي مع ضَعْفِهِ أيضًا، فقال:

ص: 348

"وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن الحنفية، عن عليٍّ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ مِفْتَاحَ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ». ورواه أبو سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، والإسنادان جميعًا لينان، وهما أصلح من حديث سليمان بن قَرْم"(الضعفاء 2/ 155).

وقال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "وسليمان بن قَرْم متروك أو شبهه، وقد خَرَّجَ له مسلمٌ، وهو من جملة من عِيب عليه"(الأحكام الكبرى 1/ 418).

وقد نَسَبَ أبو داود الطيالسيُّ ابن قَرْم إلى جده، فجعله بعضهم رجلًا آخر، فصار ابن قَرْم متابعًا على قولهم، وليس بمتابع في حقيقة الأمر.

فرواه أبو داود الطيالسي (1899) -ومن طريقه أبو الشيخ في (الطبقات)، وأبو نعيم في (تاريخ أصبهان)، والخطيب في (الموضح)، والبيهقي في (الشعب)، وقوام السنة في (الترغيب) - عن سليمان بن معاذ الضبي، عن أبي يحيى القتات، به بلفظ:«مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الوُضُوءَ، وَمِفْتَاحُ الجَنَّةِ الصَّلَاةُ» .

واختُلفَ فيه على الطيالسيِّ:

فرواه البزارُ -كما في (بيان الوهم 5/ 523) - عن زيد بن (أخزم)، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا سليمان بن معاذ -وهو ابن قَرْم- عن أبي يحيى القتات، عن مجاهد، عن جابر موقوفًا:«مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ» .

قال ابن القطان: "ففسر سليمان بن معاذ بأنه ابن قَرْم، من رواية أبي داود الطيالسي عنه، وليس صاحب أبي داود الطيالسي بابن قَرْم

وهذا الذي يرَوي عنه الطيالسي رجل آخر، يقال له:"سليمان بن معاذ الضبي البصري" اعتقد فيه البزار أنه ابن قَرْم، وليس به"اهـ.

ص: 349

قلنا: بل سليمان بن معاذ هذا هو ابن قَرْم كما قال البزار، وإنما نُسِبَ إلى جده، قاله ابن معين وأبو زرعة كما في (الموضح للخطيب 1/ 348، 349)، وأبو حاتم الرازي في (الجرح 4/ 136)، والطبراني -نقله ابن حجر في (التهذيب 4/ 214) -، وعبد الغني بن سعيد في (أوهام الحاكم صـ 105)، و (الإيضاح) -كما في (تهذيب ابن حجر 4/ 214) -، والدارقطني في (ذكر أسماء التابعين 2/ 97) و (التعليقات على المجروحين صـ 112) -وتبعه ابن الجوزي في (الضعفاء 1548) -، واللالكائي كما في (الإكمال 6/ 81).

وذهب أبو حاتم إلى أن أبا داود كان يدلسه، فقال:"نسبه أبو داود إلى جده كي لا يُفطن له"، بينما ذهب الدارقطني إلى أنه "أخطأ في نسبه".

وَفَرَّق بينهما البخاري في (التاريخ 4/ 33، 39)، والعقيلي في (الضعفاء 624، 625)، وابن عدي في (الكامل 735، 745)، وابن حبان في (المجروحين 1/ 332، 333)، والحاكم في (تسمية من أخرج لهما الشيخان 591، 596)، وروى الخطيب بسند صحيح عن الدارقطني أنه قال في سليمان بن معاذ الضبي:"يزعم قوم أنه ابن قَرْم، ولا يصح ذاك عندي"(الموضح 1/ 351)، فكأنه رجع عن القول الأول، وهذا الرأي هو الذي نصره الخطيب في (الموضح)، والمعتمد هو القول الأول، اعتمده المزي في (التهذيب) و (التحفة)، والذهبي في (الميزان) و (التاريخ) وغيرهما، وابن عبد الهادي في (التنقيح 3/ 316)، وابن حجر في (التهذيب)، والألباني في (الضعيفة 14/ 173) و (ضعيف أبي داود 2/ 132).

ويؤيده أن الطبراني وابن عدي -وهو ممن فرَّق بين الرجلين-، جَزَمَا بأن هذا الحديث لم يَرْوِه سوى ابن قَرْم، فقال الطبراني: "لم يَرْوِه عن

ص: 350

أبي يحيى القتات -واسمه زاذان- إلا سليمان بن قَرْم".

وقال ابن عدي: "ولا أعلم يرويه، عن أبي يحيى غير سليمان بن قَرْم"(الكامل 3/ 257).

وأقرَّه ابن القيسراني ثم قال: "وهو لا شيء في الحديث -أي: ابن قَرْم-"(الذخيرة 4/ 2153).

ومن ذلك أيضًا أن أبا داود (1671)، وابن أبي عاصم وغيرهما -رووا عن أبي العباس القلوري، حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي، عن سليمان بن معاذ التميمي- وقيل: التيمي-، حدثنا ابن المنكدر، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللهِ إِلَّا الجَنَّةُ» .

وهذا مما استدل به الخطيب على أن ابن معاذ غير ابن قَرْم، وردَّ به قول أبي حاتم:"إن أبا دود نسبه إلى جده لئلا يُفطن له"، قال:"لأن يعقوب بن إسحاق الحضرمي قد حَدَّثَ عن سليمان بن معاذ، أفترى يعقوب أيضًا قصد ألا يفطن له أنه سليمان بن قَرْم؟ ! هذا بعيد في نفسي".

قلنا: قد رواه ابن عدي في (الكامل 735) عن أبي عروبة الحسين بن أبي معشر الحافظ، عن أبي العباس القلوري، حدثنا يعقوب بن إسحاق عن سليمان بن قَرْم عن ابن المنكدر به.

قال ابن عدي: "هذا الحديثُ لا أعرفه عن محمد بن المنكدر إلا من رواية سليمان بن قَرْم".

ولذا قال ابن القطان -الذي جَزَمَ بأن شيخ الطيالسي غير ابن قَرْم-: "سليمان بن قَرْم بن معاذ يقول فيه يعقوب بن إسحاق تارة: سليمان بن قَرْم. وتارة سليمان بن معاذ. وهو ضعيف"(بيان الوهم والإيهام 5/ 524).

ص: 351

فتناقض ابن القطان، حيث جَزَمَ بأن شيخ يعقوب هو ابن قَرْم، خلافًا لقوله في شيخ الطيالسي! وهما واحد عند من فرَّق بين ابن معاذ وابن قَرْم! !

كما تناقضَ ابن حبان، حيث ذكر ابن معاذ في (الثقات 6/ 392)، ثم ذكره في (المجروحين 1/ 333)، وقال فيه: "شيخ من أهل البصرة

يخالف الثقات في الأخبار"، ثم روى عن ابن معين أنه قال فيه: "ليس بشيء".

والخلاصة أن ابن معاذ هو ابن قَرْم على الراجح، وهو ضعيفٌ كما سبق. وعلى القول الآخر، فلن يغني شيئًا؛ لوهائه أيضًا.

العلة الثانية: أبو يحيى القتات؛ قال عنه الحافظ: "لينُ الحديثِ"(التقريب 8444).

وبه أعلَّه المنذريُّ، حيثُ أورده في (الترغيب 1/ 149) مقتصرًا على شطره الأول، وقال:"في إسناده: أبو يحيى القتات".

قلنا: وبهذا تعقب ابن الملقن على ابن العربي في قوله: "إن أصحَّ شيءٍ في هذا الباب وأحسن: حديث جابر هذا"(البدر المنير 3/ 450).

فقال ابن الملقن -بعد أن ذكر أقوال أهل العلم في ابن قَرْم وأبي يحيى القتات-:

"وليس بجيدٍ منه؛ لِمَا علمتَ، ولما أخرجه العقيليُّ في (ضعفائه) قال: إن حديث علي وأبي سعيد الآتي أصلح منه مع لينهما".

وكذا تعقبه مغلطاي فقال: "وفيه نظر"(شرح ابن ماجه 1/ 87).

وقال الحافظُ: "وأبو يحيى القتات ضعيفٌ. وقال ابنُ عديٍّ: أحاديثه

ص: 352

عندي حسان، وقال ابن العربي: حديثُ جابرٍ أصح شيء في هذا الباب. كذا قال. وقد عكسَ ذلك العقيليُّ، وهو أقعد منه بهذا الفن" (التلخيص الحبير 1/ 390).

قلنا: كلام ابن العربي كما جاء في (العارضة) ليس صريحًا فيما نقلوه عنه، وذلك أنه ذكر حديث علي المتقدم عند الترمذي ثم قال: "أصح شيء في هذا الباب وأحسن: مجاهد عن جابر: مفتاح الجنة

الحديث" (العارضة 1/ 15).

فالأقربُ أن هذه العبارة من فقرتين، تمت الأولى عند قوله:"وأحسن"، وهي تابعة لما قبلها، فكما هو واضحٌ من طريقة عمل ابن العربي في شرحه للترمذي أنه يذكر الراوي الأعلى ثم المتن ثم يذكر كلام الترمذي اختصارًا، والترمذي قال -عقب حديث علي-:"هذا الحديثُ أصحُّ شيءٍ في هذا الباب وأحسن"، ثم قال: وفي الباب عن جابر وأبي سعيد. فاختصر ابن العربي ذلك على عادته، فحَدَثَ تداخلٌ بين الفقرتين لدى الناقل، ولذا فتعقبهم على ابن العربي غير متجه، وهل يُظَنُّ بابنِ العربيِّ الذي صَحَّحَ حديثَ ابن عقيل ورَدَّ ما طعن عليه به- أن يجعل حديث جابر الذي فيه اثنان ضعاف أصح وأحسن من حديث علي؟ ! فحاشاه أن يقول ذلك، وقد اتضح مرادُ ابن العربي حيثُ ذكر الحديث في (المسالك شرح موطأ مالك 2/ 342) فذكر ما قاله في العارضة بتمامه، فذكر الحديث معقبًا إيَّاه بكلام الترمذي ثم قال: ورُوي مجاهد عن جابر

الحديث، وهذا يدلُّ على ما قلناه، والله أعلم.

قلنا: وكذا يتعقب على السيوطيِّ إذ رمز له بالحسن من (جامعه 8192)، وكذا المُناوي في (التيسير 2/ 277)، وأقرَّ السيوطيَّ عليه في (فيض القدير

ص: 353

5/ 527).

والحديثُ ضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (ضعيف الترغيب 1/ 118)، و (المشكاة 294) وقال: "والشطر الثاني منه له شاهد بسندٍ حسنٍ عن عليٍّ رضي الله عنه.

العلة الثالثة: عنعنة مجاهد بناء على الطعن في سماعه من جابر رضي الله عنه، فقد ذكر ابن حجر في (التهذيب 10/ 44) عن القطب الحلبي أنه قال: مجاهد معلوم التدليس، فعنعنته لا تفيد الوصل.

قال ابن حجر: "ولم أرَ من نسبه إلى التدليس، نعم، إذا ثبت قول ابن معين أن قول مجاهد: «خَرَجَ عَلَينَا عَلِيٌّ» ليس على ظاهره؛ فهو عينُ التدليسِ إذ هو معناه اللغوي وهو الإبهام والتغطية، وقد قال ابن خراش: أحاديث مجاهد عن عليٍّ مراسيل، لم يسمع منها شيئًا"(التهذيب 10/ 44).

قال المعلمي اليماني: "قد صرَّحوا بأن مجاهدًا روى عن جماعةٍ من الصحابة الذين عاصرهم وأنه لم يسمعْ منهم، وهذا تدليسٌ عند جماعةٍ من أهلِ العلمِ. وعلى القول بأنه لا يُسَمَّى تدليسًا فهو في معناه، خصوصًا على ما ذهبَ إليه الجمهورُ من حمل الرواية عن المعاصر على السماع وإن لم يعلم اللقاء، على أني لم أجدْ ما يصرح بسماع مجاهد من جابر، وقد راجعتُ مسند جابر في مسند أحمد فلم أرَ لمجاهدٍ عنه إلَّا أحرفًا لم يصرحْ في شيءٍ منها بالسماع"(مجموع رسائل الفقه، ضمن آثار المعلمي اليماني، 16/ 36 - 37).

قلنا: أخرجَ البخاريُّ ومسلمٌ حديثًا لمجاهدٍ عن جابرٍ، وقد صرَّحَ فيه بالسماعِ عند البخاريِّ، بيدَ أن بعضَ أهل العلم تكلَّموا في سماعه من جابرٍ، فقال يحيى القطانُ:"كانوا يرون أن مجاهدًا يُحَدِّثُ عن صحيفةِ جابرٍ"،

ص: 354

وقال البرديجيُّ: "أحاديثُ مجاهدٍ عن جابرٍ ليس لها ضوء، إنما هي من حديث ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهدٍ، ومن حديث ليث بن أبي سليم عنه"(جامع التحصيل للعلائي 1/ 274).

وقال ابن سعد رحمه الله: "أخبرنا أبو بكر بن عياش، قال: قلتُ للأعمش: ما لهم يتقون تفسير مجاهد؟ قال: كانوا يرون أنه يسأل أهل الكتاب. قال: وقال غير أبي بكر: كانوا يرون أن مجاهدًا يُحدِّثُ عن صحيفة جابر"(الطبقات الكبرى 8/ 28).

قلنا: فإذا صَحَّ ما قاله الحلبيُّ من أمرِ التدليسِ، لم يُقبلْ حديثُهُ إذا عنعنَ، كما في روايتنا هذه، والله أعلم.

[تنبيه]:

عزا المنذريُّ الحديثَ للدارميِّ، فعلَّقَ عليه الألبانيُّ قائلًا:"لم أَرَه في (سننه)، وإنما رواه أحمد وغيره"(ضعيف الترغيب 1/ 119 حاشية 1).

ص: 355

1526 -

حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ

◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» .

[الحكم]:

حسنُ المتنِ بما سبقَ من شواهد، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

وَضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، وابنُ القيسرانيِّ، والهيثميُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[طب 11369 (واللفظ له) / طس 9267/ عد (10/ 212) / كت (مغلطاي 1/ 82)].

[التحقيق]:

لهذا الحديث طريقان:

الأول:

أخرجه الطبرانيُّ في (الكبير) قال: حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن، ثنا سعدان بن يحيى، ثنا نافع مولى يوسف السلمي عن عطاء عن ابن عباس به.

وأخرجه في (الأوسط)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل) عن الوليد بن حماد الرملي الزيات، ثنا سليمان به، إلا أن لفظَ ابنِ عَدِيٍّ: سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ، قَالَ:«مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ» .

قال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن عطاء إلا نافع، ولا عن نافع إلا سعدان بن يحيى، تفرَّد به سليمان بن عبد الرحمن، ولا يُروى عن ابن عباس

ص: 356

إلا بهذا الإسناد"! !

وهذا فيه نظر كما سيأتي، وإسنادُهُ وَاهٍ جدًّا؛ نافع مولى يوسف السلمي، قال فيه البخاريُّ:"منكرُ الحديثِ"(اللسان 8/ 251)، وقال أبو حاتم:"متروكُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 8/ 459).

وبه أعلَّه الدارقطنيُّ، فذكرَ الحديثَ، ثم قَالَ:"ونافعٌ هذا ضعيفٌ"(تعليقات الدارقطني على المجروحين، صـ 140).

وأوردَهُ ابنُ عَدِيٍّ في ترجمة نافع أبي هرمز السلميِّ، وقد روى عن ابن معين أنه كذَّبَهُ، ثم قال:"وهذه الأحاديث عن عطاء غير محفوظة"(الكامل 10/ 212).

وقال ابنُ القيسرانيِّ: "ونافعٌ هذا متروكُ الحديثِ"(ذخيرة الحفاظ 4/ 2155).

وفرَّق العقيليُّ وابنُ أبي حاتمٍ بينَ نافعٍ مولى يوسف السلمي، وبين نافع أبي هرمز، وقد قال أبو حاتم في أبي هرمز أيضًا:"متروكُ الحديثِ"(الجرح 8/ 455).

فهو وَاهٍ على أيةِ حال.

وقال ابن الملقن: "وفي إسنادِهِ نافع مولى يوسف السلمي، قال أبو حاتم: متروك الحديث"(البدر المنير 3/ 452).

وقال الهيثميُّ: "رواه الطبراني في (الكبير) و (الأوسط)، وفيه: نافع مولى يوسف السلمي، وهو أبو هرمز، ضعيفٌ ذاهبُ الحديثِ"(مجمع الزوائد 2602).

ص: 357

وقال الحافظ: "إسنادُهُ وَاهٍ"(الدراية 1/ 127). وقال أيضًا: "وفي سندِهِ: نافع أبو هرمز، وهو متروك"(التلخيص الحبير 1/ 391). وأقرَّه الشوكانيُّ في (النيل 2/ 184).

وضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (صفة الصلاة/ صـ 186).

الطريق الثاني:

أخرجه الحاكمُ في تاريخه كما في (الإعلام لمغلطاي 1/ 82) قال: نا أبو بكر الجيزي، نا إبراهيم بن محمد بن يزيد السكري، نا عبد العزيز بن منيب المروزي، نا إسحاق بن عبد الله بن كيسان، عن أبيه، عن عكرمة عن ابن عباس

فذكره، أحاله مغلطاي على لفظ الطبراني، ولم يَسُقْ متنه.

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ إسحاق بن عبد الله بن كيسان، قال البخاريُّ في ترجمة أبيه:"له ابنٌ يُسمَّى إسحاق، منكر ليس من أهل الحديث"(التاريخ الكبير 5/ 178)، وكذا قال أبو أحمد الحاكم في (الأسامي والكنى 2/ 302). وقال الذهبي:"واهٍ"(المقتنى في سرد الكنى 692).

وكذا أبوه عبد الله بن إسحاق المروزي، قال أبو حاتم:"ضعيف الحديث"، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وزاد:"يُتقى حديثه من رواية ابنه عنه"، وقال في موضع آخر:"يُخطئُ، وليس هو الذي روى عن عبد الله بن شداد"، وقال ابن عدي:"له أحاديث عن عكرمة غير محفوظة، وعن ثابت كذلك، ولم يُحَدِّثْ عنه ابن المبارك"، وقال العقيلي:"في حديثه وهم كثير"، وقال النسائي:"ليس بالقوي"، وقال الحاكم:"هو من ثقات المراوزة، ممن يُجْمَعُ حديثه، وقد ذكرتُ في ترجمة ابنه حديثًا موضوعًا، رواه عن أبيه عن عكرمة وعنه عبد العزيز"(لسان الميزان 5/ 371).

ص: 358

وهو هذا الحديث فيما يظهر، ومراده: موضوع بهذا الإسناد، والله أعلم.

وفيه -أيضًا- إبراهيم بن محمد بن يزيد السكري، لم نقفْ له على ترجمة.

[تنبيه]:

ذكر مغلطاي للحديث طريقًا ثالثًا، حيث تعقب قول الطبراني عقب الطريق الأول:"ولا يُروى عنِ ابنِ عباس إلا بهذا الإسناد".

فقال مغلطاي: "وفيه نظر، لما ذكره ابنُ أبي شيبةَ في (مصنفه) عن أبي خالد الأحمر عن ابن كُرَيْب عن أبيه عن ابن عباس مرفوعًا" ولم يَسُقْ متنه، (شرح ابن ماجه 1/ 81)

قلنا: والذي في (المصنف 2396) قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن كريب، عن أبيه، عن ابن عباس، قال:«مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» .

فأوقفه ولم يرفعه!

وعلي كلٍّ، فسندُهُ ضعيفٌ؛ إذ فيه ابنُ كُريبٍ، وهو ضعيفٌ، سواء كان محمدًا أو رشدين، والأول هو المذكور في شيوخ الأحمر.

ص: 359

رِوَايَةٌ: الدُّعَاءُ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: «الدُّعَاءُ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ، وَالوُضُوءُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ، وَالصَّلَاةُ مِفْتَاحُ الجَنَّةِ» .

[الحكم]:

إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وضَعَّفَهُ: السيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.

[التخريج]:

[فر (ملتقطة 2/ ق 146)].

[السند]:

رواه الديلميُّ في (مسند الفردوس) -كما في (الغرائب الملتقطة 2/ ق 146) - قال: أخبرنا والدي، أخبرنا أبو الفضل بن يوغة، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن تركان، حدثنا علي بن إبراهيم بن عبد الله، حدثنا محمد بن علي بن الحسين الهمذاني، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا عبد الله بن عبيد الله المقرئ، حدثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس به.

[التحقيق]:

إسنادُهُ مظلمٌ، علي بن إبراهيم بن عبد الله، ومحمد بن عبيد، وعبد الله بن عبيد الله المقرئ- ثلاثتهم جميعًا غير معروفين.

ولذا رمز له السيوطيُّ بالضعفِ في (الجامع الصغير 4257)، وتبعه المُناويُّ، فقال:"إسنادُهُ ضعيفٌ"(الفيض 3/ 540)، (التيسير 2/ 11).

وقال الألبانيُّ: "إسنادٌ ضعيفٌ؛ مَن دون ابن جريج لم أعرفهم غير الهمذاني؛ أورده الذهبيُّ في (الميزان)، وقال: قال الإدريسي: كان يجازف في الرواية في آخر أيامه"(الضعيفة 3609).

ص: 360

قلنا: ليس هذا هو الهمذاني المذكور في السند، فإنه- أي: الذي قال فيه الإدريسي ذلك- قد مات سنة (395)، وقيل: بل سنة (393)، وسنه ثلاث وثمانون سنة، فمولده في حدود سنة (312 هـ)، فلا يُمكنُ أن يصلَ إلى ابنِ جُريجٍ المتوفى سنة (150 هـ) باثنين فقط. فالأقربُ أن صاحبنَا هو أبو بكر الصيدلانيُّ المتوفى ما بين سنة (311 هـ) إلى سنة (320 هـ)، وهو صالحٌ صدوقٌ كما في (تاريخ الإسلام 23/ 645)، والله أعلم.

ص: 361

1527 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ

◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» .

[الحكم]:

حسنُ المتنِ بما سبقَ من شواهدَ، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.

وَضَعَّفَهُ: ابنُ حِبَّانَ، والدارقطنيُّ، والبوصيريُّ، والهيثميُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، والشوكانيُّ.

[التخريج]:

[طس 7175 (واللفظ له) / حث 169/ ني 1011/ قط 1360/ مجر (2/ 289) / جعفر 423].

[التحقيق]:

الحديثُ مدارُ إسنادِهِ على عباد بن تميم، ورُوي عنه من طريقين:

الأول:

أخرجه الحارثُ في (مسنده) قال: حدثنا محمد بن عمر، ثنا يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عباد بن تميم عن عَمِّهِ عبد الله بن زيد به.

وأخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط)، والرويانيُّ في (مسنده)، والدارقطنيُّ في (السنن)، كلُّهم من طريق محمد بن عمر الواقدي عن يعقوب بن محمد به.

قال الطبرانيُّ: "لا يُروى هذا الحديث عن عبد الله بن زيد إلا بهذا الإسناد، تفرَّدَ به: الواقديُّ"! !

ص: 362

وهذا فيه نظر كما سيأتي، والإسنادُ ساقطٌ؛ فالواقديُّ متروكٌ متهمٌ، كما تقدَّمَ مِرارًا.

وبه أعلَّه الدارقطنيُّ، فذكره ثم قال:"والواقديُّ لا يُتابعُ على أحاديثِهِ"(تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان، صـ 139 - 140).

وتبعه عبد الله بن يحيى بن أبي بكر الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني، صـ 115).

وقال الهيثميُّ: "فيه: الواقديُّ، وهو ضعيفٌ"(المجمع 2603).

بينما قال ابنُ الملقنِ: "في إسنادِهِ: الواقديُّ، وهو مشهورُ الحَالِ"(البدر المنير 3/ 451).

ولذا اقتصرَ الحافظُ على قولِهِ: "وفي سندِهِ: الواقديُّ"(التلخيص الحبير 1/ 391).

وبه ضَعَّفَهُ أيضًا: البوصيريُّ في (الإتحاف 2/ 152، 219)، والشوكانيُّ في (النيل 2/ 184).

قلنا: وفيه -أيضًا- يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة، لم نقفْ له على ترجمةٍ.

وشيخُهُ أيوبُ، قال المروذيُّ:"أيوبُ بنُ عبد الرحمن بن صعصعة، وقيل: أيوب بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة. عرضه المروذي في آخرين. فقال المروذيُّ: كأنه (يعني أبا عبد الله) لم يَعرف هؤلاء"(سؤالات المروذي 301)، وترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 1/ 420)، وابنُ أبي حَاتمٍ في (الجرح والتعديل 2/ 251 - 252)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 6/ 57)، وقال الحافظُ:

ص: 363

"صدوقٌ"(التقريب 618)، وانظر:(بيان خطأ البخاري 1/ 13 - 14).

[تنبيه]:

سقط اسم أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة من (مسند الروياني)، فجعله المحقق بين معقوفين في الأصل وقال:"ما بين المعقوفين ساقط من المخطوط، وهو مثبتٌ من رواية الطبراني في (الأوسط) عن شيخ المصنف"(مسند الروياني 2/ 182 حاشية رقم 1).

الطريق الثاني: أخرجه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين) عن عبد الجبار بن أحمد، قال: حدثنا النضر بن سلمة قال: حدثنا أبو غزية عن فليح عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم به.

وهذا إسنادٌ هالكٌ؛ فيه: أبو غزية محمد بن موسى بن مسكين؛ قال عنه ابنُ حِبَّانَ: " كان ممن يسرقُ الحديثَ ويُحَدِّثُ به، ويَروي عن الثقاتِ أشياءَ موضوعات، حتى إذا سمعها المبتدئ في الصناعة سبقَ إلى قلبه أنه كان المتعمد" ثم أسند له هذا الحديث (المجروحين 2/ 289). وأقرَّه ابنُ القيسرانيِّ في (تذكرة الحفاظ 1/ 288)، والزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 308)، وابنُ حَجرٍ في (الدراية 139).

بينما أعلَّه الدارقطنيُّ بالراوي عنه فقال: "الحمل فيه على النضر بن سلمة، لا على أبي غزية؛ لأن النضر هذا مشهور بتركيب الحديث على الثقات"(تعليقات الدارقطني على المجروحين لابن حبان، صـ 249).

ص: 364

1528 -

حَدِيثُ قَتَادَةَ مُرْسَلًا

◼ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الوُضُوءُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» .

[الحكم]:

حسنُ المتنِ بما سبقَ. وإسنادُهُ ضعيفٌ لإرسالِهِ.

[التخريج]:

[ضحة (ق 2/ أ)].

[السند]:

قال عبد الملك بن حبيب: وحدثني أسد عن همام عن قتادة به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ، فقتادةُ هو ابنُ دِعامةَ السَّدوسيُّ، من الرابعة، من التابعين، وهذه الطبقة جُلُّ روايتها عن كبار التابعين، فالغالبُ في مراسيله أن بينه وبين النبيِّ صلى الله عليه وسلم اثنان، وكان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئًا، ويقول:"هو بمنزلة الريح. ويقول: هؤلاء قوم حفاظ، كانوا إذا سمعوا الشيء علقوه"(الجرح والتعديل 1/ 246)، وقال الذهبيُّ:"ومِن أوهى المراسيل عندهم: مراسيل الحسن. وأوهى من ذلك: مراسيل الزهري، وقتادة، وحميد الطويل، من صغار التابعين. وغالب المحققين يَعُدون مراسيل هؤلاء معضلات ومنقطعات، فإن غالب روايات هؤلاء عن تابعي كبير، عن صحابي. فالظن بمرسله أنه أسقط من إسناده اثنين"(الموقظة، صـ 40).

وعبد الملك بن حبيب اتُّهم في سماعه من أسد بن موسى، وقد طَوَّل

ص: 365

ابن حجر ترجمته في (اللسان 2/ 255)، وقال في (التقريب 4174):"صدوقٌ، ضعيفُ الحفظِ، كثيرُ الغلطِ".

[تنبيه]:

في الباب عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطُّهُورُ، وَبَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ تَسْلِيمَةٌ» . ذكره ابنُ قدامةَ في (المغني 2/ 537) وقال: "رواه الأثرمُ" اهـ.

ولم نقفْ عليه في الجزء المطبوع من (سنن الأثرم).

* * *

ص: 366