الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
239 - بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ
وقد قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6].
1529 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
◼ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ذَهَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الغَائِطِ، فَلَمَّا جَاءَ، قُدِّمَ لَهُ طَعَامٌ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا تَوَضَّأُ؟ (أَنَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ ) 1 قَالَ: «لِمَ؟ (مِنْ أَيْ شَيْءٍ أَتَوَضَّأُ؟ ) 2 أَلِلصَّلَاةِ؟ (أَأُصَلِّي فَأَتَوَضَّأَ؟ ) 3» .
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 374 (واللفظ له مع الرواية الثالثة) / حم 1932، 2558 (والرواية الأولى له ولغيره والثانية له)، 3382/ مي 786، 2102 - 2104/ عه 836 - 837/ طي 2888/ ش 24949/ حمد 484/ حق (مسند ابن عباس 830، 831) / حل (6/ 254)، (8/ 330 - 331) / هق 189/ هقع (1/ 268) / شعب 5423/ هقد 487/ شما 187/ بغ 272/ نبغ 501/ مسن 821، 823/ كما (26/ 416) / معكر 706، 1409/
مشب 940، 941/ جعفر 97، 200/ خط (9/ 92) / تمهيد (13/ 160)، (17/ 42 - 43) / بغت (3/ 21) / صلاة 164/ بشن 611/ سبكي (1/ 598) / سعدان 14/ حرملة (هقع 10/ 271) / علائي (الفوائد 336، 338) / إمام (2/ 429 - 430) / ثقفي (سابع ق 2/ ب)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث مولى آل السائب، أنه سمع عبد الله بن عباس، به.
ورواه مسلم بلفظ الرواية الثالثة فقال: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن سعيد بن الحويرث، سمعت ابن عباس، به.
وأخرجه أحمد في (مسنده 2558) قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس، به، بلفظ الرواية الأولى والثانية.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، سفيانُ هو الثوريُّ.
وتابعه على الرواية الأُولى جماعةٌ، منهم:
- أيوب السختياني، كما عند أحمد في (مسنده 3382).
- وحماد بن سلمة وحماد بن زيد، كما عند الطيالسيِّ في (مسنده 2888)، ومن طريقه أبو عوانةَ في (المستخرج 837).
- وزَمعَة بن صالح، كما عند أبي نعيم في (الحلية 8/ 330).
رِوَايَةُ «أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأَ؟ » .
◼وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ:
…
فَقَالَ: «أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأَ؟ » .
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م 374 (واللفظ له) / حب 5241/ طي 2889/ عه 841/ سرج 25/ جعد 1637، 1638/ طح (1/ 90/ 585) / محد (4/ 193) / مسن 820/ مشب 942 - 944/ كما (10/ 398) / إمام (2/ 93، 429 - 430)].
[السند]:
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو الربيع الزهراني- قال يحيى: أخبرنا حماد بن زيد. وقال أبو الربيع: حدثنا حماد
عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس، به.
رِوَايَةُ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: "إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الخَلَاءِ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَأَكَلَ وَلَم يَمَسَّ مَاءً (وَلَم يَتَوَضَّأْ)[قِيلَ لَهُ: إِنَّكَ لَمْ تَوَضَّأْ؟ قَالَ: «مَا أَرَدْتُ صَلَاةً فَأَتَوَضَّأَ»].
[الحكم]:
صحيح (م).
[التخريج]:
[م (374/ 121) (واللفظ له مع الزيادة) / كن 6906/ حم 2016، 2570 (والرواية له ولغيره)، 3245، 3260/ عه 838 - 840/ مسن 822/ شعب 4525/ تمهيد (17/ 42) / هقد 393/ محلى (4/ 168)].
[السند]:
رواه مسلم فقال: حدثني محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة، حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، قال: حدثنا سعيد بن الحويرث، أنه سمع ابن عباس يقول:«إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى حَاجَتَهُ مِنَ الخَلَاءِ، فَقُرِّبَ إِلَيهِ طَعَامٌ فَأَكَلَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً» .
قال: وزادني عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: إِنَّكَ لَمْ تَوَضَّأْ؟ قال: «مَا أَرَدْتُ صَلَاةً فَأَتَوَضَّأَ» ، وزعم عمرو أنه سمع من سعيد بن الحويرث.
وأخرجه أحمد في (مسنده 2570) عن محمد بن جعفر.
وأبو عوانة في (المستخرج 840) من طريق ابن وهب.
وأيضًا (838) من طريق عثمان بن عمر.
ثلاثتهم (ابن جعفر، وابن وهب، وعثمان بن عمر) عن ابن جريج قال: حدثني سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس به، بلفظ الرواية، وسندُهُ صحيحٌ على شرط مسلمٍ.
وقد جمعَ أبو نعيم في (مستخرجه 822) بين اللفظين فقال: «وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» ، رواه من طرقٍ عن عبد الرزاق ويحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن ابن جريج، أنبأ سعيد بن الحويرث، سمع ابن عباس به. وسندُهُ صحيحٌ.
هذا، وقول ابن جريج:"وزادني عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، أن النبَّي صلى الله عليه وسلم" قد يوهم أن الحديثَ مرسلٌ من هذا الوجه، وذلك أن سعيد بن الحويرث لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، فروايته عنه مرسلة.
ولكن يزول هذا الإيهام بما رواه الدارمي (2104) قال: وسمعتُ أبا عاصم يُحَدِّثُ، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس، بإسناده.
وقد رواه أبو نعيم في (مستخرجه 822) من طرقٍ عن عبد الرزاق وابن أبي عدي ويحيى بن سعيد عن ابن جريج بسنده. وفي آخره: "قال ابن جريج: وزاد عمر وعليّ في هذا الحديث عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس
…
الحديث.
فثبتَ أن الحديثَ عند سعيد عن ابن عباس مرفوعًا، فاختصر ابن جريج ذلك للعلم به.
وقد تقدم من رواية حماد بن زيد وابن عيينة وغيرهما عن عمرو بن دينار
عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس به مرفوعًا، كما عند مسلم وغيره.
وقوله: "وزعم عمرو أنه سمع من سعيد بن الحويرث". قد يوهم أن ابن جريج يشكك في كون عمرو بن دينار قد سمع هذا الحديث من سعيد بن الحويرث، خاصة أن شعبة رحمه الله قد رواه عن عمرو بن دينار قال: أخبرنا من سمع ابن عباس، به. كما عند أبي داود الطيالسي في (مسنده 2889)، والبغوي في (مسند ابن الجعد 1638).
ولكن قد صرَّحَ عمرو بالسماع من سعيد بن الحويرث كما عند الحميديِّ في (مسنده 484)، والبيهقي في (الكبير)، وغيرهما.
وعمرو بن دينار لم يرمه أحدٌ بالتدليس، وقد روى مسلمٌ حديثَهُ هذا من رواية حماد بن زيد وابن عيينة ومحمد بن مسلم عنه. وهذا عند جماهيرِ أهلِ العلمِ محمولٌ على الاتصالِ وإن عنعن الراوي، والله أعلم.
رِوَايَةُ اسْتَطِيبُ بِشِمَالِي
• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ فِي آخِرِهِ: «إِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي، وَأَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي» .
[الحكم]:
شاذٌّ بهذه الزيادة.
[التخريج]:
[عه 766/ حداد 302 (واللفظ له) / منده (أمالي ق 46/ ب) / ميمي 326/ طبري (إمام 2/ 431)].
[التحقيق]:
لهذه الزيادة طريقان عن ابن عباس:
الطريق الأول:
أخرجه أبو عوانة في (المستخرج 836) قال: حدثنا علي بن حرب، ويونس بن عبد الأعلى قالا: ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس قال: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَى الخَلَاءَ، ثُمَّ خَرَجَ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ قال:«أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأُ؟» زاد يونس: «آكُلُ بِيَمِينِي، وَإِنَّمَا أَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي» .
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أن الزيادةَ في آخره شَاذَّةٌ، وَهِمَ فيها يونس بن عبد الأعلى على سفيان، بَيَّنَ ذلك الحميديُّ، فرواه (484) عن سفيانَ قال: ثنا عمرو قال: سمعتُ سعيد بن الحويرث يقول: سمعتُ ابنَ عباسٍ يقول: «كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ مِنَ الغَائِطِ، فَأُتِيَ بِطَعَامٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «لَمْ أُصَلِّ فَأَتَوَضَّأ» .
ثم قال الحميديُّ عقبه (485): حدثنا سفيان قال: ثنا هشام بن عروة، عن
أبيه، أَنَّ عُمَرَ أَتَى الغَائِطَ ثُمَّ خَرَجَ فَأُتِيَ بِطَعَامٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي، وَإِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي»
فتبينَ أن هذه الجملة عند سفيان بإسنادٍ آخر عن عمرَ رضي الله عنه موقوفًا.
وكذا رواه ابنُ أبي شيبةَ (1627، 24950) عن حفص بن غياث، عن هشام، عن أبيه، قال: خَرَجَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مِنَ الخَلَاءِ، وَأُتِيَ بِطَعَامٍ، فَقَالُوا: نَدْعُو بِوَضُوءٍ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي، وَأَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي» ، فَأَكَلَ وَلَمْ يَمَسَّ مَاءً.
ورواه الفضلُ بنُ دُكَيْن في (الصلاة 165) عن الثوريِّ، عن هشام بن عروة، به نحوه.
فأدخل يونس حديث عمر في حديث ابن عباس!
ولذا قال الدارقطنيُّ: "تَفَرَّدَ به بهذه الألفاظ يونس بن عبد الأعلى عن ابن عيينة
…
وإنما روى سفيان هذا اللفظ عن هشام بن عروة عن أبيه، أن عمر قال ذلك" (أطراف الغرائب والأفراد 1/ 443/ 2414).
قلنا: ولكن ذكر ابن دقيق العيد في (الإمام 2/ 431) أن أبا جعفر الطبريَّ أخرجه عن أبي كُرَيْب، وأحمد بن محمد الدولابي، وغيرهما، عن ابن عيينة، به مع الزيادة بلفظ:"فقيل له: ألا تتوضأ؟ فقال: "إنما استطبت بشمالي، وإنما آكل بيميني".
ولم نقفْ على هذا الحديثِ في كتب الطبري المطبوعة. ويحتمل أن يكون المبهم في قوله: "وغيرهما" هو يونس بن عبد الأعلى، فهو من شيوخِ الطبريِّ، وحينئذٍ يحتمل أن الطبريَّ جمع بينهم في الرواية واللفظ ليونس، وقد بَيَّنَ الدارقطنيُّ أنه المنفرد به.
وثَمَّ متابعة ثالثة فيها نظر أيضًا:
أخرجها أبو عبد الله ابن منده في (مجالس من أماليه، ق 46/ ب) -ومن طريقه أبو نعيم الحداد في (الجمع بين الصحيحين 302) - قال: ثنا محمد بن القاسم الكَرَّاني، قال: ثنا محمد بن عاصم، قال: ثنا سفيان بن عيينة به، مع الزيادة.
قال الحداد: "قوله: «إِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي»، زيادة غير مخرجة". يعني: في الصحيح.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فمحمد بن القاسم الكراني لم نجدْ مَن رَوى عنه سوى ابن منده، ولا وجدنا مَن ترجمَ له سوى الذهبي في (تاريخ الإسلام 7/ 617) وقال:"من كبار شيوخ ابن منده"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول.
ومحمد بن عاصم الأصبهاني وإن كان صدوقًا كما في (التقريب 5986) فإن الحافظ قد ذكر أنه سمع من ابن عيينة بعد التغير، ومع ذلك فمتابعته لم تثبتْ لما سبقَ.
ومما يُقوِّي القول بشذوذ هذه الزيادة وعدم ثبوتها- أن عامةَ أصحاب ابن عيينة رووه عنه ولم يذكروها، ومنهم:
علي بن حرب، كما تقدم عند أبي عوانة في نفس السند.
وأبو بكر بن أبي شيبة، كما عند مسلم في (صحيحه 374).
والحميدي، كما في (مسنده 484).
والشافعي، كما في سنن حرملة (معرفة السنن والآثار 1/ 268).
وأحمد بن حنبل في (المسند 1932).
وإسحاق بن راهويه في (مسنده 830).
وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي عند الترمذي في (الشمائل 187).
وأبو نعيم الفضل بن دكين كما في (الصلاة له 164) -ومن طريقه الدارمي في (مسنده 786، 2103) -.
وسعدان بن نصر كما في (جزئه 14) -ومن طريقه: البيهقي في (الكبير 189)، والشعب 5806)، وغيرهما-.
ومسدد كما عند أبي نعيم في (المستخرج 821).
وسُرَيْج بن يونس، ومحمد بن عباد كما عند ابن البخاري في (مشيخته 943).
وصدقة بن الفضل عند البغوي في (تفسيره 3/ 21).
رووه جميعًا عن ابنِ عيينة ولم يقولوا فيه: «إِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي، وَإِنَّمَا أَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي» .
وقد تابع سفيان على عدم ذكرها جماعة أثبات، منهم: الثوري والحمادان وأيوب وغيرهم.
الطريق الثاني:
رواه ابن أخي ميمي الدقاق في (فوائده 326) من طريق الحسن بن جعفر بن مدرار قال: حدثنا عمي طاهر قال: حدثنا ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس قال: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الخَلَاءَ فَخَرجَ، فقُدِّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعامٌ فأَكَلَ، فَقَالُوا: يَا نبيَّ اللهِ، لَو تَوضَّأْتَ. قالَ: «سُبْحَانَ
اللهِ، الصَّلَاةَ أُرِيدُ؟ ! الصَّلَاةَ أُرِيدُ؟ ! إِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي، وَأَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي».
وهذا إسنادٌ واهٍ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلل:
الأولى: الحسن بن جعفر بن مدرار لم نقفْ له على ترجمةٍ إِلَّا عندَ الخطيبِ في (غنية الملتمس 1/ 156) ولم يذكرْ فيه جرحًا ولا تعديلًا.
الثانية: عمه طاهر بن مدرار؛ لم نجدْ له ترجمة.
الثالثة: أن الحديثَ غير محفوظ عن عمرو عن طاوس. والصواب ما رواه السفيانان والحمادان وأيوب السختياني وغيرهم عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس به، دون قوله:«إِنَّمَا آكُلُ بِيَمِينِي، وَأَسْتَطِيبُ بِشِمَالِي» .
رِوَايَةُ إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ. وصَحَّحَهُ: الترمذيُّ، وابنُ خزيمةَ، والعينيُّ، وأحمد شاكر، والألبانيُّ. وَحَسَّنَهُ البغويُّ.
بينما توقفَ فيه أبو عوانة فقال: "إن كان صحيحًا عند أهل التمييز".
[الفوائد]:
قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "واختلف العلماء أيضًا في موجب الوضوء: فقيل: يجب بالحدث وجوبًا موسعًا. وقيل: به وبالقيام إلى الصلاة معًا. ورَجَّحَهُ جماعةٌ من الشافعيةِ. وقيل: بالقيام إلى الصلاةِ حَسْبُ. ويدلُّ له ما رواه أصحابُ السننِ من حديثِ ابنِ عبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» "(الفتح 1/ 232).
وبوَّب عليه ابن خزيمة بباب ذكر الدليل على أن المُحْدِثَ لا يجب عليه الوضوء قبل وقت الصلاة.
[التخريج]:
[د 3760 "واللفظ له"/ ت 1955/ ن 137/ كن 169/ حم 2549، 3381/ خز 36/ حميد 690/ شما 186/ طب (11/ 122/ 11241) / جصاص (3/ 330) / عيل (أيوب- إمام 2/ 428) / هق 192، 1657/ بغ 2835].
[السند]:
رواه أبو داود في (سننه) قال: حدثنا مسدد، ثنا إسماعيل، ثنا أيوب عن
عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عباس به.
وأخرجه الترمذيُّ والنسائيُّ من طريقِ ابنِ عُلَيَّةَ عن أيوبَ به.
وأخرجه أحمدُ في (المسند 3381) عن ابنِ عُلَيَّةَ عن أيوبَ به.
ومدار إسناده عند الجميع على أيوبَ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُهُ ثقات رجال الشيخين.
ولذا قال الترمذيُّ -عقبه-: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ"(الجامع 4/ 282)، وفي نُسَخٍ أُخرى قال:"حديثٌ حسنٌ" ولم يذكرْ "صحيح".
وأورده ابن خزيمة في الصحيح.
وقال البغويُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ"(شرح السنة 11/ 283).
وَصَحَّحَهُ أيضًا: العينيُّ في (عمدة القاري 3/ 213)، وأحمد شاكر في (تحقيقه المسند 2549)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 3760) و (مختصر الشمائل، صـ 104).
بينما توقف فيه أبو عوانة؛ فقال -عقب ذكره لعدد من الأحاديث في وضوء الجنب إذا أراد أن ينام والوضوء للمعاود للجماع وغيرها-: "يعارض هذه الأخبار في إيجاب الوضوء حديث أيّوب، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ، فَأُتِيَ بِطَعَامٍ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَوَضَّأ؟ قَالَ: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ». إن كان صحيحًا عند أهل التمييز"(المستخرج 3/ 66).
[تنبيهان]:
الأول: سَقَطَ من المطبوعِ من (المعجم الكبير) للطبراني "أيوب" والصوابُ إثباته كما جاء في المخطوط (المجلد الثالث، ق 115/ ب)، وكذا في باقي المصادر، والله أعلم.
الثاني: وَقَعَ الحديثُ في (مسند عبد بن حميد 690) ورواه: عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، وعن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس، بلفظ:«إِنَّمَا أُمِرْتمْ بِالُوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ» ، كذا بإسناد الفعل إلى الصحابة، بينما في بقية المصادر بإسناد الفعل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهذا إن لم يكن تصحيفًا، فقد يكون وهمًا من معمر؛ فإن روايته عن البصريين فيها كلام، كما قال الحافظ في (التقريب 6809)، وهذه منها فشيخُ معمرٍ فيها هو أيوب السختياني وهو بصريٌّ، وقد قال ابن معين:"إذا حَدَّثَكَ معمرٌ عن العراقيين فخفه؛ إلا عن الزهري، وابن طاووس؛ فإن حديثَهُ عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا"(تاريخ ابن أبي خيثمة- السفر الثالث 1194).
وقد خالفه غيره كإسماعيل بن علية ووهيب بن خالد وغيرهما فرووه عن أيوب بلفظ: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ
…
»، والله أعلم.
ثم إننا لم نجدِ الحديثَ عند عبد الرزاق في (مصنفه)، ولا في (جامع معمر)، بل لم نقفْ على من رواه عنه سوى عبد بن حميد.
رِوَايَةُ: إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ
• وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ وَقُرِّبَ إِلَيْهِ الطَّعَامُ وَعَرَضُوا عَلَيْهِ الوَضُوءَ، فَقَالَ:«إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ» .
[الحكم]:
منكرٌ بهذا اللفظِ.
[التخريج]:
[ضيا (كبير 20/ 742)].
[السند والتحقيق]:
عزاه السيوطي في (الجامع الكبير = جمع الجوامع) -وتبعه صاحب (كنز العمال 41680)، والمُناوي في (البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف 1/ 263) -: للضياء المقدسي في (المختارة) عن ابن عباس بهذا اللفظ.
ولم نقفْ على سندِهِ، ولكنه على كُلِّ حالٍ غير محفوظ بهذا اللفظ، بل منكرٌ؛ فقد تَقَدَّمَ من طرقٍ عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس، به. بلفظ:«إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» . هذا هو المحفوظُ، فقوله:«أُقِيمَتْ» إما مصحفة من «قُمْتُ» أو وهمٌ من راويه. والله أعلم.
زِيَادَةُ: فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا
• وَفِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا» .
[الحكم]:
منكرٌ بزيادة «فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا» .
[التخريج]:
[طب (12/ 82/ 12547)].
[السند]:
أخرجه الطبراني في (الكبير) قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التُّسْتَري، ثنا هُوَيْر بن معاذ، ثنا بقية، عن ورقاء، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِلل:
الأولى: هوير بن معاذ، لم نجدْ مَن ترجمَ له سوى ابن حبان، ذكره في (الثقات 9/ 247)، وابن حبان متساهلٌ في هذا البابِ. وهوير هذا ليسَ بمشهورٍ.
الثانية: بقية وهو ابن الوليد، مشهورٌ بالتدليسِ، وقد عنعن.
الثالثة: أن المحفوظَ عن عمرو بن دينار ما رواه ابن عيينة والثوري والحمادان، وغيرهم عنه عن سعيد بن الحويرث، به دون قوله: «
…
فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا».وقد تقدم.
1530 -
حَدِيثُ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ مُرْسَلًا
◼ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ))، يُرِيدُ قَوْلَ اللهِ عز وجل:{إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ. وإسنادُهُ مرسلٌ.
[التخريج]:
[حق 1264].
[السند]:
أخرجه إسحاق في (مسنده) قال: أخبرنا الثقفي، نا أيوب، عن ابن أبي مليكة مرسلًا.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير أنه مرسلٌ؛ فابنُ أبي مليكةَ من الثالثة من الوسطى من التابعين،
وقد وصله ابن علية وغيره عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس به، كما سبق.
1531 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ خَرَجَ مِنَ الغَائِطِ، فَأُتيَ بِطَعَامٍ. فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ أَلَا آتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ قَالَ: «أُرِيدُ الصَّلَاةَ؟ » .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ من حديثِ ابنِ عباسٍ، وأما من حديث أبي هريرة فإسنادُهُ معلولٌ، وأعلَّهُ: أبو حاتم، والبزارُ، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، والخليليُّ، والبوصيريُّ.
[التخريج]:
[جه 3283 (واللفظ له) / عد (5/ 69) / بز 8743/ شخل (1/ 332) / ضح (2/ 301)].
[السند]:
أخرجه ابن ماجه في (سننه) قال: حدثنا جعفر بن مسافر، ثنا صاعد بن عبيد الجزري، ثنا زهير بن معاوية، ثنا محمد بن جُحَادة، ثنا عمرو بن دينار المكي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة به.
وأخرجه أبو يعلى في (مسنده)، والخطيبُ في (موضح أوهام الجمع) من طريق زهير بن معاوية به.
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل) من طريق زياد البكائي عن محمد بن جُحَادة به.
ومداره عند الجميع على محمد بن جُحَادة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، لكنه معلولٌ؛ قد أخطأَ فيه ابن جُحَادة فجعله من
مسندِ أبي هريرةَ، والصوابُ في سندِهِ ما رواه حماد بن زيد وسفيان بن عيينة ومحمد بن مسلم الطائفي، كما عند مسلمٍ في (صحيحه 374).
ورواه سفيان الثوري عند أحمد في (مسنده 2558)، والدارمي في (مسنده 2102).
وأيوب السختياني كما عند أحمد في (مسنده 3382)، والخطيب في (تاريخ بغداد 9/ 92).
ورَوْح بن القاسم عند ابن حبان في (صحيحه 5241) وغيره.
وحماد بن سلمة كما عند الطيالسي في (مسنده 2888)، وإسحاق بن راهويه في (مسنده 831)، وأبي عوانة في (مسنده 837)، وغيرهم.
وزمعة بن صالح كما عند أبي نعيم في (الحلية 8/ 330).
كلهم (الحمادان، والسفيانان، ورَوْح، وأيوب، ومحمد بن مسلم، وزمعة) عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس به كما سبق.
ولا شَكَّ أن روايتهم أرجح من رواية ابن جُحَادة، خاصة وفيهم ابن عيينة، وكان من أثبت الناس في عمرو بن دينار، وتابعه جماعة من الثقات الأثبات كالثوري وحماد، وغيرهما.
وقد توبع عمرو بن دينار على هذا الوجه، تابعه ابن جريج كما عند مسلم (374).
ولذا أعلَّ حديثَ أبي هريرة هذا غيرُ واحدٍ من الأئمةِ:
فقال أبو حاتم -وسئل عنه-: "هذا خطأٌ؛ إنما هو: عمرو بن دينار، عن
سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم"، قال ابنُ أبي حاتم: "قلتُ لأَبي: الوهم من زهير؟ قال: "لا، هو من ابن جُحَادة"(علل الحديث 33).
وقال البزارُ -عقب إخراجه-: "هذا الحديثُ أحسب أن محمد بن جُحَادة أخطأَ في إسنادِهِ؛ إذ رواه عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة.
والصوابُ: ما رواه عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس. هكذا رواه أيوب، وابن عيينة وجماعة عن عمرو بن دينار.
وقد روى حسين المعلم، ومحمد بن مسلم الطائفي، وزياد بن سعد، وحماد بن سلمة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إِلَّا المَكْتُوبَةُ»
(1)
" (المسند 15/ 267).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "هكذا حَدَّثَ به زياد عن ابن جُحَادة عن عمرو عن عطاء عن أبي هريرة، وتابعه على ذلك زهير بن معاوية. وعندي أنهما أخطأا على ابن جُحَادة، أو الخطأ من ابن جُحَادة عن عمرو بن دينار؛ فإن هذا الحديث لا يرويه عن ابن جُحَادة غيرهما. وقد روى هذا الحديث أصحاب عمرو بن دينار الأثبات؛ مثل حماد بن زيد وابن عيينة وغيرهما عن عمرو بن دينار عن سعيد بن الحويرث عن ابن عباس، وهو الصواب"(الكامل 5/ 70).
وقال الدارقطنيُّ: "رواه محمد بن جُحَادة، عن عمرو بن دينار، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة، قال ذلك زهير بن معاوية، وزياد البكائي، عنه،
(1)
كأنه يشير إلى أن ابن جحادة دخل له حديث في حديث.
والصواب عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس" (العلل 1583).
وقال أبو يعلى الخليليُّ: "تفرَّدَ به زهيرٌ، وهو ثِقَةٌ مُخَرَّجٌ، لكن هذا من الشَّواذِّ"(الإرشاد في معرفة علماء الحديث 1/ 332).
قلنا: لم يتفردْ به، بل تابعه عليه زياد البكائي كما تَقَدَّمَ، والخطأُ فيه من ابنِ جُحَادة، وليس من زهيرٍ، كما تَقَدَّمَ عن أبي حاتمٍ وغيرِهِ.
1532 -
حَدِيثُ أَنَسٍ
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ منَ الخَلَاءِ فَأَكَلَ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَا تَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ: «أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ فَأَتَوَضَّأَ؟ » .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ من حديثِ ابن عباس. وإسنادُهُ ساقطٌ. وهو ظاهرُ كلامِ البوصيريِّ.
[التخريج]:
[حث 530].
[السند]:
أخرجه (الحارث): عن داود بن المُحَبَّر، ثنا حماد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ آفته داود بن المحبر؛ قال الحافظُ: "متروكٌ، وأكثر كتاب العقل الذي صَنَّفَهُ موضوعات"(التقريب 1811).
وبه أعلَّه البوصيريُّ فقال: "داودُ بنُ المحبرِ كذابٌ"(إتحاف الخيرة 4/ 282).
قلنا: والمحفوظُ عن حماد بن سلمة ما رواه أبو داود الطيالسيُّ في (مسنده 2888) -ومن طريقه أبو عوانة في (مستخرجه 837) -.
ورواه إسحاق بن راهويه في (مسنده 831): عن النضر بن شميل.
ورواه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 91/ 588) من طريق خالد بن عبد الرحمن.
ورواه أبو نعيم في (الحلية 6/ 254) من طريق موسى بن إسماعيل.
كلهم: عن حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس، قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الخَلَاءِ، فقالوا: نأتيك بوضوء؟ فقال: «أُصَلِّي فَأَتَوَضَّأُ؟ ! »
وتابع حماد بن سلمة على هذا الوجه حماد بن زيد والسفيانان وأيوب وغيرهم، كما سبق.
1533 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الكَنِيفَ، فَلَمَّا خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَدْ جَعَلَ لَهُمْ غَدَاءً، فَلَمَّا رَآهُمْ قَعَدُوا لَمْ يَتَوَضَّأْ، قَالَ:«إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ، وابنُ القيسرانيِّ.
[التخريج]:
[عد (2/ 492)].
[السند]:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (كامله) فقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، حدثنا كثير بن عبيد، حدثنا بقية، عن بحر السقاء، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه بحر بن كنيز السقاء، وهو متفقٌ على ضَعْفِهِ، قال الذهبيُّ:"وهوه، قال الدارقطني: متروكٌ"(الكاشف 537). وانظر: (الميزان 2/ 5)، و (تهذيب التهذيب 1/ 419).
وبه ضَعَّفَهُ ابنُ عَدِيٍّ حيثُ ذكره في ترجمتِهِ وقال في آخرها: "ولبحر السقاء غير ما ذكرتُ من الحديثِ، وكلُّ رواياتِهِ مضطربةٌ، ويخالفُ الناسَ في أسانيدِها ومتونِها، والضعفُ على حديثه بَيِّنٌ "(الكامل 2/ 495).
وقال ابنُ القيسرانيِّ: "وبحرٌ متروكُ الحديثِ"(ذخيرة الحفاظ 2/ 730).
وقد خالفَ في سندِ هذا الحديث ومتنه؛ فإن المحفوظَ عن أيوبَ ما:
رواه أبو داود في (سننه 3713)، والترمذيُّ في (جامعه 1955)، والنسائيُّ في (سننه 137)، وغيرهم من طرقٍ عن ابنِ عُليةَ.
ورواه أحمد في (مسنده 2549)، وغيره من طريق وهيب.
ورواه عبد بن حميد في (مسنده 690) من طريق معمر.
ثلاثتهم عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس به، نحوه دون قوله:«وَقَدْ جَعَلَ لَهُمْ غَدَاءً، فَلَمَّا رَآهُمْ قَعَدُوا لَمْ يَتَوَضَّأْ» .
فجعلوه من مسندِ ابنِ عباسٍ، وأخطأَ بحرٌ، فجعله من حديثِ عائشةَ، كما أوهم أن عدم وضوء النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إنما بسبب قعود أصحابه وكأنه استحيا منهم! وهذا المعنى لم يرد إلا في حديث بحر، وقد علمتَ حالَهُ.