المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌241 - باب ما روي في فرض الوضوء لكل صلاة أول الأمر - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ١٢

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أبواب فِي إِسْبَاغِ الوُضُوءِ

- ‌228 - بَابُ الأَمْرِ بِإِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِحْسَانِهِ

- ‌229 - بَابُ إِسْبَاغِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الوُضُوءَ

- ‌230 - بَابُ إِطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثار الوُضُوءِ

- ‌231 - بَابُ مَعْرِفَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ أَثَرِ الوُضُوءِ

- ‌232 - بَابٌ: حِلْيَةُ المُؤْمِنِ إِلَى مُنْتَهَى الوضُوءِ

- ‌233 - بَابُ أَجْرِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ

- ‌234 - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي تَرْكِ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ وَإِتْمَامِهِ

- ‌235 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي كَيْفِيةِ الإِسْبَاغِ

- ‌أبواب أَحْكَامِ الوُضُوءِ مَعَ الصَّلَاةِ

- ‌236 - بَابٌ: الوُضُوءُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ

- ‌237 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي عُقُوبَةِ مَنْ صَلَّى بِغَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌238 - بَابٌ: الطُّهُورُ مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ

- ‌239 - بَابُ وُجُوبِ الوُضُوءِ لِلمُحْدِثِ عِنْدَ القِيَامِ لِلصَّلَاةِ

- ‌240 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ

- ‌241 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَرْضِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْلَ الأَمْرِ

- ‌242 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ: صَوْتٍ أَوْ رِيحٍ

- ‌243 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الوُضُوءَ ثُلُثُ الصَّلَاةِ

- ‌244 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌245 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي فَضْلِ تَجْدِيدِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌246 - بَابُ الوُضُوءِ لِذِكْرِ اللهِ

- ‌247 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي تَرْكِ الوُضُوءِ لِلذِّكْرِ

- ‌248 - بَابُ الرُّخْصَةِ فِي قِرَاءَةِ القُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ

- ‌249 - بَابُ الوُضُوءِ لِلُجُنُبِ إِذَا أَرَادَ النَّومَ وَالأَكْلَ وَنَحْوَهُ

- ‌250 - بَابُ الوُضُوءِ لِلمُعَاوِدِ لِلجِمَاعِ

- ‌251 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ النَّوْمِ

- ‌252 - بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ البَائِلِ إِذَا أَرَادَ النَّوْمَ

- ‌253 - بَابُ الوُضُوء مِنْ حَمْلِ المَيِّتِ

- ‌254 - بَابُ الوُضُوءِ عِنْدَ الدُّعَاءِ

الفصل: ‌241 - باب ما روي في فرض الوضوء لكل صلاة أول الأمر

‌241 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي فَرْضِ الوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَوْلَ الأَمْرِ

1540 -

حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَةَ

◼ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى بنِ حِبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُمَرَ، قَالَ: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ تَوَضَّؤَ ابنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتَنِيهِ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنِ حَنْظَلَةَ بنَ أَبِي عَامِرٍ حَدَّثَهَا:((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُمَرَ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا وَغَيْرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ [وَوَضَعَ عَنْهُ الوُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ])). فَكَانَ ابنُ عُمَرَ يَرَى أَنَّ بِهِ قُوةً، فَكَانَ لَا يَدَعُ الوُضُوءَ لِكُلِّ صَلَاةٍ [حَتَّى مَاتَ].

[الحكم]:

مختلفٌ فيه:

فَصَحَّحَهُ: ابنُ خُزيمةَ، والحاكمُ، وابنُ كَثيرٍ، والضياءُ المقدسيُّ، والزيلعيُّ، وابنُ الملقنِ، وأحمدُ شاكر.

وَحَسَّنَهُ: الحازميُّ، وابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، والألبانيُّ.

وَضَعَّفَهُ: ابنُ عبدِ البرِّ، والعراقيُّ، والنوويُّ، والشوكانيُّ.

وأشارَ إلى إعلالِهِ: البخاريُّ، وأبو داود، وابنُ منده، وأبو موسى المدينيُّ، وابنُ عساكر، والمزيُّ، ومغلطايُ.

والراجحُ: ضَعْفُهُ.

ص: 435

[الفوائد]:

قال بدرُ الدينِ العينيُّ:

"1 - قوله: ((أَرَأَيْتَ)) بمعنى: أخبِرني عن توضؤ ابن عمر.

2 -

قوله: ((طَاهِرًا)) حال من ابن عمر.

3 -

قوله: ((عَمَّ ذَلِكَ)) أصله: عن ما ذلك؟ وهو استفهامٌ، والمعنى: لأجل أي شيء كان توضؤه لكل صلاةٍ طاهرًا كان أو محدثًا.

4 -

قوله: ((فَقَالَ: حَدَّثَتْهُ)) أي: قال عبد الله بن عبد الله. والضميرُ المنصوبُ في ((حَدَّثَتْهُ)) راجعٌ إليه، وفي بعضِ النسخِ:((حَدَّثَتْنِي أَسْمَاءُ))، والضميرُ المنصوبُ في ((حَدَّثَهَا)) راجعٌ إلى أسماءَ.

5 -

قوله: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أُمَرَ بِالوُضُوءِ)) على صيغةِ المجهولِ، يعني: أمره اللهُ به.

6 -

قوله: ((فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ)) أي: لما ثقل التوضؤ لكلِّ صلاةٍ طاهرًا وغير طاهر على رسول الله ((أُمِرَ بِالسِّوَاكِ)) أي: باستعمالِهِ؛ لأن نفسَ السِّوَاكِ لا يؤمر به، وإنما يؤمر باستعماله، و ((أُمِرَ)) هذا أيضًا مجهولٌ.

7 -

قوله: ((يَرَى أَنَّ بِهِ قُوةً)) أي: يظنُّ أن به قُوةً يتحملُ الوضوء لكلِّ صلاةٍ طاهرًا كان أو غير طاهر" (شرح سنن أبي داود 1/ 151 - 152).

[التخريج]:

[د 48 (واللفظ له) / حم 21960 (والزيادتان له ولغيره) / مي 676/ خز 15، 148/ حب (حبير 1/ 112 - 113)

(1)

/ ك 556/ هق 161/

(1)

كذا عزاه الحافظ لابن حبان في (التلخيص الحبير)، ولم يعزه له في (إتحاف المهرة 7017) وهو من شرطه، فالله أعلم.

ص: 436

طح (1/ 42/ 227) / طحق 6/ مث 2247/ عتب (1/ 53 - 54) / ضيا 228/ طبر (8/ 158 - 159) / جصاص (3/ 330) / كك (ق 21 أ) / خطيب (تابعين- التقييد والإيضاح صـ 78، نزهة السامعين صـ 69)].

[التحقيق]:

انظره عقب الروايات الآتية.

رِوَايَةُ فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرًا: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَخُفِّفَ عَنْهُ، فَأَمَرَ بِالسِّوَاكِ» .

[الحكم]:

ضعيفٌ.

[التخريج]:

[قا (2/ 90 - 91) / نعيم (سواك- (إمام 1/ 353)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

ص: 437

رِوَايَةُ فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأمُرُ بِالوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ [عَلَى طُهْرٍ وَعَلَى غَيْرِ طُهْرٍ]، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ.

[التخريج]:

]

بز 3378، 3382 (واللفظ له) / هق 161/ ضيا 227 (والزيادة له ولغيره) / كما (14/ 438) / فة (1/ 263) [.

[التحقيق]:

هذا الحديثُ مدارُ إسنادِهِ على محمد بن إسحاق، وقد اختُلفَ عليه في إسنادِهِ ومَتْنِهِ اختلافًا كبيرًا على النحوِ التالي:

فرواه عنه جماعةٌ، وهم:

الأول: أحمد بن خالد الوهبيُّ، واختُلفَ عليه،

فرواه أبو داود في (سننه 48) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبير 158) -، وابنُ أبي عاصمٍ في (الآحاد والمثاني 2247) عن محمد بن عوف، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، قال: ((قلتُ: أَرَأَيْتَ تَوَضُّؤَ ابنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا، وَغَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَاكَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِيهِ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ، حَدَّثَهَا

)) بمتن الرواية الأولى.

ص: 438

فالظاهرُ من هذه الرواية أن أسماء بنت زيد حَدَّثَتْ عبد الله بن عبد الله بن عمر به. وليس ابن عمر الصحابي، وعليه يُحمل عمل المزي حيثُ ذكر أسماءَ فيمَن روى عنه عبد الله بن عبد الله بن عمر (تهذيب الكمال 15/ 181)، وأقرَّه العراقيُّ في (التقييد والإيضاح، صـ 78).

وقد تابع محمد بن عوف على قوله هذا أبو زرعة الدمشقي وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، كما في (الأحاديث المختارة للضياء 227)،

ولكن المزي ذكره في (تهذيب الكمال 14/ 438)، وقال فيه:((حَدَّثَتْهُ)).

وقد خالفَ أبو زرعة والحوطيُّ: محمدَ بنَ عَوفٍ في متنه فقالا فيه: «فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِمْ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلاةٍ» .

والمخالفةُ في ذلك أن روايةَ محمد بن عوف قد بَيَّنَ فيها أن التخفيفَ كان لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وجاءَ فيه الأمر مبنيًّا للمجهولِ، بينما في هذه بَيَّنَ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو مَن أَمَرَ بالتخفيفِ.

قلنا: وقد روى الحديثَ الدارميُّ في (مسنده 676)، وابنُ خزيمةَ في (صحيحه 15، 138) عن محمد بن يحيى الذهليِّ.

كلاهما (الدارمي، والذهلي) عن أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قلت: أَرَأَيْتَ تَوَضُّؤَ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا، أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ ذَلِكَ؟ قَالَ: حَدَّثَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، به.

ففي هذا أن أسماءَ حَدَّثَتْ بِهِ ابن عمر الصحابي، ووافقا محمد بن عوف في متنه.

ص: 439

ورواه كذلك الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار، وأحكام القرآن) عن إبراهيم بن أبي داود، واضطربتِ النسختان: ففي الأُولى قال: ((حَدَّثَتْنِيهِ))، وفي الأحكام، قال:((حَدَّثَتْهُ)).

قلنا: قد جاءتْ رواية مبينة لمن حدثته أسماء، وأنه عبد الله بن عمر الصحابي وليس ابنه، عند ابن منده في معرفة الصحابة كما في (جمع الجوامع للسيوطي 7/ 183) -ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) - فقال: أنا عبد الرحمن بن عبد الله البجلي، نا عبد الرحمن بن عمرو بن صفوان، نا أحمد بن خالد الوهبي عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن أسماء بنت زيد بن الخطاب عن عبد الله بن حنظلة، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .

فوافق ابن صفوان الأكثرين على كون ابن عمر الصحابي هو مَن حَدَّثَتْهُ أسماء، وخالفَ الجميع في متنه فقال فيه:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .

قلنا: ومدار هذه الطرق على محمد بن إسحاق، وهو مدلسٌ، وقد عنعن في كلِّ الطرق.

ولذا قال النوويُّ: "هو حديثٌ ضعيفٌ، فيه محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى. وقد اختلفوا في توثيق ابن إسحاق مع اتفاقهم على أنه مدلسٌ، والمدلسُ إذا قال: (عن) لا يُحتجُّ به، والله أعلم"(الإيجاز في شرح سنن أبي داود، صـ 218).

وكذا قال العراقيُّ في (طرح التثريب 2/ 70)، والقسطلانيُّ في (المواهب

ص: 440

اللدنية 2/ 315)، وأقرَّه الزرقانيُّ في (شرح المواهب 7/ 117)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 265).

الثاني: يونس بن بكير، واختُلفَ عليه:

فرواه عبيد بن يعيش عنه قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، قَالَ:((قُلْتُ لِعَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ: أَرَأَيْتَ وُضُوءَ ابنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلاةٍ طَاهِرًا أَو غَيْرَ طَاهِرٍ عَنْ مَا هُوَ؟ قال: أَخْبَرَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ حَنْظَلَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أمرَ بِالوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا أَو غَيرَ طَاهِرٍ)).

أخرجه الحازميُّ في (الاعتبار، صـ 53)، وقال: هكذا رواه مختصرًا، ثم ذكر متابعة أحمد بن خالد عند أبي داود، ثم قال: "وهو حديثٌ حسنٌ على شرطِ أبي داود، أخرجه في كتابه عن محمد بن عوف الطائي الحمصي، عن أحمد بن خالد، عن محمد بن إسحاق.

مع أن رواية يونس هذه فيها مخالفة صريحة لرواية أبي داود في المتن، حيثُ ذكر فيها أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم هو الآمرُ بالوضوءِ والتخفيفِ.

وقد بَيَّنَ ذلك البخاريُّ في (التاريخ الكبير 5/ 67 معلقًا) فقال: قال عبيد بن يعيش بسنده قال: ((أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا أَو غَيرَ طَاهِرٍ)).

وفيه مخالفة أيضًا في سنده حيث ذكر عبد الله بن عبد الله بن عمر أن أسماء أخبرت به عبد الله بن عمر الصحابي رضي الله عنه.

وقد جاء ذلك مبينًا عند أبي موسى المديني في (اللطائف من دقائق المعارف 307) فرواه من طريق عبد الكريم بن الهيثم، ثنا عبيد بن يعيش،

ص: 441

ثنا يونس -يعني ابنَ بُكيرٍ-، ثنا محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبد الله بن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما، عن أسماء بنت زيد بن الخطاب، عن عبد الله بن حنظلة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» .

ثم قال: "هذا حديثٌ ثابتٌ أخرجه أبو داود السجستاني رحمه الله في (سننه)، واختُلفَ في إسنادِهِ على وجوهٍ".

قلنا: ومداره -أيضًا- على ابنِ إسحاقَ، وهو مدلسٌ، وقد عنعن كما تَقَدَّمَ.

الثالث: إبراهيم بن سعد، واختُلفَ عليه:

فرواه أحمد في (مسنده 21960) -ومن طريقه الضياء في (المختارة 228) -، والحاكم في (المستدرك 564) عن يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري، ثم المازني مازن بني النجار، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، قال: قلتُ له: أَرَأَيْتَ وُضُوءَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ، عَمَّ هُوَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْهُ أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرِ الغَسِيلِ، حَدَّثَهَا:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ أُمِرَ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَو غَيرَ طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمِرَ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَوُضِعَ عَنْهُ الوُضُوءُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ» .

وتابع أحمد عليه: محمد بن منصور، ومحمد بن شوكر، كما عند ابن خزيمة في (صحيحه 15).

وكذا تابعهم: عبد الله بن أبي زياد القَطَواني كما عند الطبري في (تفسيره

ص: 442

11328)، ولكنه ذكر فيه أن أسماء حَدَّثَتْ بِهِ عبيد الله بن عمر وليسَ أَبَاهُ.

وخالفهما: عمرو بن محمد الناقد كما عندَ البخاريِّ في (التاريخ الكبير 5/ 67 معلقًا) فقال في سنده عبد الله بن عبد الله بن عمر، واختصرَ مَتْنَهُ فقال:((أمر بالوضوء ثم ترك بعد)).

وتابعه: إبراهيم بن سعيد الجوهريُّ كما عند البزار في (مسنده 3378، 3382) ولكن سقط ذِكْرُ عبد الله بن عبد الله بن عمر من الموضع الأول، ولفظه مخالفٌ لما رواه غيرُهُ حيثُ قال فيه:«أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَتَرَكَ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِالسِّوَاكِ لِكُلِّ صَلَاةٍ» .

قال البزارُ عقبه: "وهذا الكلامُ لا نعلمُ أحدًا رواه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم إلَّا عبد الله بن حنظلة بن الراهب".

قلنا: مداره على محمد بن إسحاق، وقد صرَّحَ بالتحديثِ كما عند أحمدَ وغيرِهِ؛ ولذا صَحَّحَهُ جمعٌ منَ العلماءِ؛ كابنِ خُزيمةَ حيثُ خرَّجه في (صحيحه).

وقال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ ولم يخرجاه".

وفي كونِهِ على شرطِ مسلمٍ نظر؛ إذ إن أسماء بنت زيد بن الخطاب لم يُخرجْ لها مسلمٌ، وكذلك عبد الله بن حنظلة، وابن إسحاق إنما خرَّجَ له مسلمٌ في المتابعاتِ.

ولذا قال الحافظُ ابنُ رَجبٍ: "وليسَ كما قالَ"(فتح الباري 8/ 127).

وقال الزيلعيُّ: "وعبد الله بن عبد الله بن عمر وأخوه عبيد الله كلاهما ثقة، فأيًّا ما كان، فالسندُ صحيحٌ، وقد صرَّح ابن إسحاق فيه بالتحديث كما هو في رواية أحمد، فزالَ محذورُ التدليسِ"(تخريج الكشاف 1/ 381).

ص: 443

وَصَحَّحَهُ: الحافظُ ابنُ كَثيرٍ في (تفسيره 3/ 45)، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 7/ 436)، وأحمد شاكر في (تحقيق تفسير الطبري 11328).

وَحَسَّنَهُ: الحافظُ في (التلخيص 3/ 258)، وبدرُ الدينِ العينيُّ في (نخب الأفكار 1/ 380)، والألبانيُّ في (صحيح أبي داود 1/ 83/ 38).

قلنا: وهو كما قالوا لولا الاختلاف الشديد في سندِهِ ومتنِهِ المتقدم ذكره، وسيأتي مزيدٌ لذلك.

وقد رواه عبيد الله بن سعد عن عمِّه يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني شعبة عن عمرو بن عامر الأنصاري قال: سمعتُ أنس بن مالك يُحَدِّثُ أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَتَوَضَّأَ فقلتُ لأَنسٍ: هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ؟ قال: نعم. قُلْتُ: فَأَنْتُمْ؟ قال: كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ.

فخالفَ الجميعَ في سندِهِ ومتنِهِ كما هو مبينٌ.

الرابع: سعيد بن يحيى اللخمي.

فرواه عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال: قلت له: أَرَأَيْتَ تَوَضَّأَ ابنُ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهِرًا كَانَ أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ عَمَّ ذَاكَ؟ قال: قال: حدثنيه أَسْمَاءُ بِنْتُ زَيْدِ بنِ الخَطَّابِ: أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ حَنْظَلَةَ بنِ أَبِي عَامِرٍ حَدَّثَنَا: أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمرَ بِالوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ طَاهرًا أَو غَير طَاهِرٍ، فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لكُلِّ صَلَاةٍ.

أخرجه الفسويُّ في (المعرفة 1/ 263) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبير 158) -.

قلنا: خالف سعيدٌ اللخميُّ- أحمدَ ومن تابعه في سندِهِ حيثُ ذكرَ أن أسماءَ

ص: 444

حَدَّثَتْ بِهِ عبيد الله بن عمر، وكذا في متنه حيث قال:((فَلَمَّا شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ -أي: الصحابة- أَمَرَ بِالسِّوَاكِ لكُلِّ صَلَاةٍ)).

وكذا عنعن فيه ابن إسحاق.

الخامس: سلمة بن الفضل.

أخرجه الطبري في (تفسيره 11329)، (واللفظ له)، وابن قانع في (معجمه) عن عبد الله بن أحمد. كلاهما (الطبري وعبد الله): عن محمد بن حميد عن سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمد بن طلحة بن يزيد بن رُكَانة قال: حدثني محمد بن يحيى بن حبان الأنصاري قال: ((قُلْتُ لعُبيدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ: أَخْبِرْنِي عَنْ وُضُوءِ عبدِ اللهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

ثم ذكرَ نحوه.

فزادَ في سندِهِ محمد بن طلحة بن ركانة بين ابن إسحاق ومحمد بن يحيى.

ومحمد بن حميد متهمٌ ساقطٌ. انظر (ميزان الاعتدال 3/ 530).

وسلمة بن الفضل الأبرش: "صدوقٌ، كثيرُ الخطأِ"، كما في (التقريب).

ولكن تابع سلمةَ عليُّ بنُ مجاهدٍ:

أخرجه أبو نعيم في (السواك) -كما في (الإمام لابن دقيق 1/ 353) -: عن ابن هارون، عن جعفر الفريابي، عن محمد بن حميد، عن سلمة بن الفضل، وعلي بن مجاهد، عن محمد بن إسحاق، به.

فرجع هذا الطريق أيضًا إلى محمد بن حميد الرازي، وهو متهمٌ.

ومع هذا اعتمدَ بعضُهم على هذه الروايةِ في إثباتِ أن ابنَ إسحاقَ لم

ص: 445

يسمعْهُ من محمد بن يحيى، كما أشارَ لذلك ابن عساكر في (الأطراف) -كما في (تحفة الأشراف 4/ 315) -، ونقل في (تاريخه 27/ 421) عن ابن منده، فقال: ((قال ابن منده: رواه يونس بن بكير وغيرُهُ عن محمد بن إسحاق، كذا قال يونس بن بكير، ورواه إبراهيم بن سعد وسعيد بن يحيى سعدان اللخمي عن ابن إسحاق فقالا: عن محمد بن يحيى عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قَالَ: «قُلْتُ لَهُ: أَرَأَيْتَ تَوَضُّؤَ ابنِ عُمَرَ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَقَالَ: حَدَّثَتْهُ أسماءُ بِنتُ زَيدٍ عن عبدِ اللهِ بنِ حَنظلةَ» . ورواه سلمة بن الفضل عن ابن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن محمد بن يحيى بن حبان قال: قُلْتُ لعبدِ اللهِ بنِ عبدِ اللهِ

فذكر مثلَ ما قالا إلَّا أنه قَالَ: عبد الله. وزادَ في الإسنادِ ابن ركانة)).

وقال ابن دقيق العيد: "واعلم أن هذا الحديثَ قد قِيلَ: إن عليَّ بنَ مجاهدٍ وسلمةَ بنَ الفضلِ رويَاه عنِ ابنِ إسحاقَ، فأدخلا فيه بينه وبين محمد: محمد بن طلحة، فعلى ظاهر هذا لا يكون روايته عن محمد بن يحيى سماعًا منه"(الإمام 1/ 369).

وقال مغلطايُ: ((وهو مع ذلك منقطعٌ فيما بين محمد بن إسحاق ومحمد بن يحيى بن حبان، نَصَّ على ذلك الحافظ أبو القاسم بن عساكر رحمه الله تعالى بقوله -إثر قول أبي داود المتقدم-: "كذا رواه علي بن مجاهد وسلمة بن الفضل، وأدخلا بينه وبين محمد: محمد بن طلحة")) (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 115).

وكذا أشارَ إلى ذلك ابنُ كَثيرٍ في (جامع المسانيد 5/ 170).

قلنا: قد أجابَ الضياءُ عن ذلك فقال: "وأما روايةُ علي بن مجاهد وسلمة بن الفضل وزيادتهما محمد بن طلحة- فلا تؤثر فإن فِي رواية الإمام أحمد عن

ص: 446

يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى بن حبان، وقد رواه زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن يحيى بن حبان" (المختارة 9/ 267).

وثَمَّ جوابٌ آخرُ اغْفِلَ عنه من أشار إلى هذه العلة، وهي أنها جاءتْ من قِبَلِ محمد بن حميد الرازي، وقد تقدم القولُ فيه، وأنه متهمٌ فيما ينقلُ، والله أعلم.

خلاصة ما سبق:

بعد هذا العرض المفصل لطرق الحديث، قد تَبَيَّنَ أن مدارَها على محمد بن إسحاق، وقد اختُلِفَ عليه اختلافًا شديدًا في سنده ومتنه كما تقدم؛ ولذا قال أبو موسى المديني:"واختُلف في إسنادِهِ على وجوهٍ"(اللطائف).

وقد سبقه إلى ذلك ابن منده، كما نقله عنه ابن عساكر في (تاريخ دمشق)، وسبقهما إلى ذكر الخلاف البخاري في (التاريخ الكبير 5/ 67)، وكذا أبو داود حيثُ قال عقب إخراجه:"إبراهيم بن سعد رواه، عن محمد بن إسحاق، قال عبيد الله بن عبد الله".

وقال المزي: "وقد اختُلف فيه على محمد بن إسحاق

" (تهذيب الكمال 14/ 438).

ومع هذا الاختلاف الشديد فقد انفردَ ابنُ إسحاقَ بكونه أمر بالسواك لكل صلاة، مخالفًا بذلك ما جاء في الصحيحين أنه قال:«لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ، وابنُ إسحاقَ لا يتحملُ ذلك، كما هو معلومٌ.

إلا أن يُقالَ: إن ذلك خاصٌّ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم كما ذهبَ إليه جماعةٌ، ويجابُ عنه بما ذكره العراقي في (طرح التثريب 2/ 70)، والقسطلاني في (المواهب

ص: 447

اللدنية بالمنح المحمدية (3/ 159) فقالا: "والخصائصُ لا تَثبتُ إلا بدليلٍ صحيحٍ، والله أعلم".

قلنا: ومثل هذا الحديث من أحاديث الأحكام، والخصائصُ التي ينفردُ بها محمد بن إسحاق لا تُقبلُ؛ وذلك أن ابن معين قال:"ما أُحب أن أحتج به في الفرائض"(الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم 7/ 194).

وقال عبد الله بن أحمد: "كان أبي يتتبعُ حديثَهُ ويكتبُهُ كثيرًا بالعلوِ والنزولِ، ويخرجه في المسند، وما رأيتُهُ أنفَى حديثَه قط. قيل له: يُحتج به؟ قال: "لم يكن يُحتج به في السنن" (تاريخ بغداد 2/ 29).

وقال الذهبيُّ: "ما انفردَ به ففيه نكارة "(ميزان الاعتدال 3/ 475).

وقال عنه أيضًا: "وأما في أحاديثِ الأحكامِ، فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن، إلا فيما شَذَّ فيه، فإنه يُعَدُّ منكرًا"(سير أعلام النبلاء 7/ 41).

وقدِ انفردَ ابنُ إسحاقَ بهذا الحديثِ بل اضطربَ في إسنادِهِ ومتنِهِ كما سبقَ.

هذا وقد يعلُّ هذا الحديث بعلةٍ أُخرى، وهي: الإرسالُ؛ فقد ذكرَ البخاريُّ عبدَ اللهِ بنَ حنظلةَ فيمن بعد الصحابة كما نقله الحافظ في (الإصابة 6/ 111).

وقال إبراهيمُ الحربيُّ: "ليستْ له صحبةٌ"(تهذيب التهذيب 5/ 193).

وقال ابنُ عبدِ البرِّ في ترجمته من الاستيعاب: "أحاديثُهُ عندي مرسلةٌ"(الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3/ 893).

ص: 448

وقال الذهبيُّ: "أدركَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَحِبَهُ، ورَوى عنه، وهو من صغارِ الصحابةِ"(تاريخ الإسلام 2/ 656)، وقال أيضًا:((وقد رَأى النبيَّ صلى الله عليه وسلم يَطُوْفُ بِالبَيْتِ عَلَى نَاقَةٍ)) (سير أعلام النبلاء 3/ 321)،

وقال إبراهيم بن المنذر: ((تُوفي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وله سبع سنين" (تاريخ الإسلام 2/ 656).

وقال ابن حجر: "له رؤيةٌ"(التقريب 3285)، وقال في (الإصابة 6/ 109):"قد حفظ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ورَوى عنه".

قلنا: ومجرد رؤيته للنبيِّ صلى الله عليه وسلم تكفي لبلوغه شرف الصحبة عند الجمهور، ولكنه لم يسمعْ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فحديثُهُ مرسلٌ، كما قال ابنُ عبدِ البرِّ.

وهل يُعَدُّ مرسلُهُ حجةٌ كمراسيلِ بقية الصحابة الذين سمعوا من النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟

قال ابنُ حَجرٍ في (نكته على كتاب ابن الصلاح): "قد وُجِدَ في منقولاتٍ كثيرةٍ أنَّ الصحابةَ من النساءِ والرجالِ كانوا يُحضرونَ أولادهم إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم يتبركون بذلك، لكن هل يلزمُ من ثُبوتِ الرؤيةِ له الموجبة لبلوغه شريف الرتبة بدخوله في حَدِّ الصحبةِ، أن يكون ما يرويه عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لا يُعَدُّ مرسلًا؟

هذا محل نظر وتأمل. والحقُّ الذي جَزَمَ به أبو حاتم الرازي وغيره من الأئمة أن مرسلَهُ كمرسلِ غيره، وأن قولَهم:(مراسيل الصحابة رضي الله عنهم مقبولة بالاتفاق إلا عند بعض من شذ) إنما يعنون بذلك من أمكنه التحمل والسماع، أما من لا يمكنه ذلك فحكم حديثه حكم غيره من المخضرمين الذين لم يسمعوا من النبيِّ صلى الله عليه وسلم. والله أعلم" (النكت 2/ 541). وانظر أيضًا (فتح الباري 7/ 3 - 4)، و (الإصابة 1/ 12 - 13).

* * *

ص: 449