الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
230 - بَابُ إِطَالَةِ الغُرَّةِ وَالتَّحْجِيلِ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ آثار الوُضُوءِ
1465 -
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ
◼ عَنْ نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُجْمِرِ؛ قَالَ: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ فَتَوَضَّأَ [فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغُ المَنْكِبَيْنِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إِلَى السَّاقَيْنِ]، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ (يَأْتُونَ) يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ» ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ.
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م) دون الزيادة فلمسلم دون البخاري.
[الفوائد]:
قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ:
- قوله: «أُمَّتِي» أي: أمة الإجابة، وهم المسلمون. وقد تطلقُ أمة محمد ويراد بها أمة الدعوة وليست مرادة هنا.
- «غُرًّا» بضم المعجمة وتشديد الراء، جمع أغر، أي: ذو غرة.
وأصل الغرة: لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس ثم استعملت في الجمال والشهرة وطِيب الذكر.
والمرادُ بها هنا النور الكائن في وجوه أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وغرًّا منصوب على
المفعولية لـ «يُدْعَوْنَ» أو على الحال، أي: إنهم إذا دُعوا على رؤوس الأشهاد نودوا بهذا الوصف وكانوا على هذه الصفة.
- «مُحَجَّلِينَ» بالمهملة والجيم. من التحجيل وهو بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس. وأصله من الحِجل بكسر المهملة، وهو الخلخال. والمراد به هنا أيضًا النور.
واستدل الحليميُّ بهذا الحديث على أن الوضوءَ من خصائص هذه الأمة.
وفيه نظر؛ لأنه ثبتْ عند (البخاري) في قصة سارة رضي الله عنها مع الملك الذي أعطاها هاجر- أن سارةَ لما هَمَّ الملك بالدنو منها قَامَتْ تَتَوَضَّأُ وَتُصَلِّي. وفي قصة جريج الراهب أيضًا أنه قَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ كَلَّمَ الغُلَامَ.
فالظاهرُ أنَّ الذي اختُصتْ به هذه الأمة هو الغرة والتحجيل لا أصلَ الوُضوءِ. وقد صَرَّحَ بذلك في رواية لمسلم عن أبي هريرة أيضًا مرفوعًا قال: «سِيمَا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ غَيْرِكُمْ» .
- وفيه جواز الوضوء على ظهر المسجد، لكن إذا لم يحصل منه أذى للمسجد أو لمن فيه. انظر (الفتح 1/ 236 - 237).
- ذَكَر ابنُ بَطَّالٍ أن أبا هريرةَ تأول الحديثَ في الزيادة على حَدِّ الوضوء، فكان يتوضَّأُ إِلَى نِصْفِ سَاقَيْهِ، وإِلَى مَنْكِبَيْهِ، ويَقُولُ:((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أُطِيلَ غُرَّتِي)). وربما قال: ((هَذَا مَوضِعُ الحِلْيةِ)).
قال ابنُ بَطَّالٍ: "وهذا شيءٌ لم يتابَعْ عليه أبو هريرةَ، والمسلمونَ مجمعون على أنه لا يتعدى بالوضوء ما حدَّ الله ورسوله، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أبدر الناس إلى الفضائل، وأرغبهم فيها، لم يجاوز قط موضع الوضوء فيما بلغنا"(شرح البخاري 1/ 221).
[التخريج]:
[خ 136 "واللفظ له"/ م (246/ 35) "والزيادة والرواية له"/ حم 8741/ حب 1044/ عه 672/ عل 6410/ طس 1975، 9214/ بغ 218/ بغت (3/ 26) / مسن 578/ شهب 290/ معر 234، 480/ طهور 29/ فضش 27].
[السند]:
أخرجه البخاريُّ في (صحيحه) قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ، فَتَوَضَّأَ فَقَالَ:
…
فذكره.
ورواه مسلمٌ في (صحيحه) قال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي، حدثني ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال نحوه. وفيه الزيادة.
[تنبيه]:
ذهبَ غيرُ واحدٍ من الحفاظِ إلى أن قولَهُ: «فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» مدرجٌ من كلامِ أبي هريرةَ، رضي الله عنه، وليس من كلامِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
وقد رواه أحمدُ في (مسنده 8413، 10778) من طريق فُليح بن سليمان عن نُعيمِ بن عبد الله، وزاد في آخره:"قال نُعَيمٌ: لا أدري قوله: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة".
فإن كانتْ هذه الزيادةُ قد حفظها فُليحٌ، فقد دَلَّنَا على أن هذه الجملة المذكورة في آخر الحديث قد شَكَّ نُعيمٌ في كونها من قوله صلى الله عليه وسلم. انظر
(الضعيفة 1030).
وقال المنذريُّ: "رواه البخاريُّ ومسلمٌ، وقد قيل: إن قولَهُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ
…
» إلى آخره- إنما هو مدرجٌ من كلام أبي هريرة موقوفٌ عليه، ذكره غيرُ واحدٍ منَ الحفاظِ، والله أعلم" (الترغيب والترهيب 1/ 90).
وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ: "هذا من كلام أبي هريرة، جاءَ مدرجًا في بعض الأحاديث، وإنما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ تَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ»، وكان يتوضأ حتى يشرع في العضد والساق، قال أبو هريرة: «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ»، وظَنَّ مَن ظَنَّ أن غسلَ العضد من إطالة الغرة، وهذا لا معنى له؛ فإن الغرة في الوجه لا في اليد والرجل، وإنما في اليد والرجل الحجلة، والغرة لا يمكن إطالتها فإن الوجه يُغسل كله لا يُغسل الرأس. ولا غرة في الرأس. والحجلة لا يُستحب إطالتها، وإطالتها مُثلة"(مجموع الفتاوى 1/ 279 - 280).
وقال ابنُ القيمِ: "قوله (فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) فهذه الزيادةُ مدرجةٌ في الحديث من كلام أبي هريرة لا من كلام النبيِّ صلى الله عليه وسلم بيَّنَ ذلك غيرُ واحدٍ من الحفاظ وفي (مسند الإمام أحمد) في هذا الحديث قال نُعَيمٌ: فَلَا أَدْرِي قَوْلُهُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» مِنْ كَلَامِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ شَيْءٌ قَالَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ من عنده، وكان شيخنا يقول هذه اللفظة لا يمكنُ أن تكونَ من كلام رسول الله فإن الغرةَ لا تكونُ في اليد، لا تكون إلا في الوجه وإطالته غير ممكنة إذ تدخل في الرأس فلا تسمّى ذلك غرة"(حادي الأرواح صـ 201).
وقد أشارَ الحافظ إلى كونها مدرجة، ولم يجزم بالأمر؛ فقال: "ولم أرَ هذه الجملة في رواية أحد ممن روى هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا
ممن رواه عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه، والله أعلم" (الفتح 1/ 236).
وقال الحافظُ الناجيُّ عقبه: "وللبخاريِّ في باب التصاوير عن أبي زرعة عنه: ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَيْهِ، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: «مُنْتَهَى الحِلْيَةِ». وهذه الروايةُ تدلُّ على أن آخره ليس بمرفوعٍ أيضًا"(عجالة الإملاء 1/ 290 - 291).
وقال المُناويُّ: "نقل ابن تيمية وابن القيم وابن جماعة عن جمعٍ من الحفاظِ أن قولَهُ: «فَمَنِ اسْتَطَاعَ
…
» إلى آخره زيادةٌ مدرجةٌ من كلامِ أبي هريرةَ" (فيض القدير 2/ 431).
وقال الألبانيُّ: "وهو متفقٌ عليه بين الشيخين، لكن قوله: «فَمَنِ اسْتَطَاعَ
…
» مدرجٌ من قولِ أبي هريرةَ ليس من حديثه صلى الله عليه وسلم كما شهدَ بذلك جماعةٌ من الحفاظِ كالمنذريِّ وابنِ تيميةَ وابنِ القَيمِ والعسقلانيِّ وغيرِهِم" (الصحيحة 1/ 509).
وأفردَهُ بالبحثِ في (الضعيفة 1030) وقال: "إنما يَصِحُّ مرفوعًا شطره الأول، وأما الشطرُ الآخر: «فَمَنِ اسْتَطَاعَ
…
» فهو منقول أبي هريرة أدرجه بعض الرواة في المرفوع". وانظر أيضًا (الإرواء 1/ 133)، و (تمام المنة 92).
* * *
رِوَايَةُ أَشْرَعَ فِي العَضَدِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُجْمِرِ، قال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ فَأَسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُم غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي العَضُدِ، ثُم يَدَهُ اليُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي العَضُدِ، ثُم مَسَحَ رَأْسَهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُسْرَى حَتَّى أَشْرَعَ فِي السَّاقِ ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ. وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْتُمُ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ إِسْبَاغِ الوُضُوءِ» . فَمِنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ فَلْيُطِلْ غُرَّتَهُ وَتَحْجِيلَهُ.
[الحكم]:
صحيح (م)، إلا أن زيادةَ:«هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ» شاذَّةٌ، والصوابُ أن طريقةَ الوضوءِ هذه موقوفةٌ على أبي هريرةَ، غير مرفوعة؛ ولذا قال الألبانيُّ:"أخشى أن تكون شاذة".
[التخريج]:
[م (246/ 34) (واللفظ له) / عه 664/ مسن 577/ هق 363، 364/ هقغ 101/ هقع 739/ ضح (1/ 83) / حداد 264/ غيب 2058/ فوائد (مزكي ق 273 ب) / إمام (1/ 516) / خبر (1/ 89)].
[السند]:
قال مسلم: حدَّثني أبو كُرَيْب محمد بن العلاء والقاسم بن زكريا بن دينار وعبد بن حميد قالوا: حدثنا خالد بن مَخْلَد عن سليمان بن بلال، حدثني عُمارة بن غَزِيَّة الأنصاري عن نعيم بن عبد الله المجمر قال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ
…
فذكره.
[تنبيهان]:
الأول:
قولُهُ في هذه الروايةِ: «هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ» ، بعد وضوء أبي هريرة وشروعه في العضد والساق- لا يصحُّ؛ إنما هو فعلُ أبي هريرةَ اجتهادًا منه؛ حيثُ تَأَوَّلَ حديثَ الغرة والتحجيل تأويلًا غريبًا، لم يوافقه عليه أحد من الصحابة ولا مَن بعدهم
(1)
.
وقد روى مسلمٌ (250) بسندِهِ: عن أبي حازم قال: كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، فَكَانَ يَمُدُّ يَدَهُ حَتَّى تَبْلُغَ إِبْطَهُ. فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا الوُضُوءُ؟ ! فَقَالَ: يَا بَنِي فَرُّوخَ! أَنْتُمْ هَا هُنَا؟ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَا هُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الوُضُوءَ، سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يقولُ:«تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الوَضُوءُ» .
قال القاضي عياضٌ: "وإنما أرادَ أبو هريرةَ بكلامِهِ هذا أنه لا ينبغي لمن يُقتدى به إذا ترخص في أمرٍ لضرورةٍ أو تشددٍ فيه لوسوسةٍ أو لاعتقاده في ذلك مذهبًا شَذَّ به عن الناس- أن يفعله بحضرة العامة الجهلة؛ لئلا يترخصوا برخصته لغير ضرورة أو يعتقدوا أن ما تشدد فيه هو الفرض اللازم"(شرح مسلم للنووي 3/ 140).
قلنا: فلو رَأى أبو هريرةَ ذلك من فعلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لجهرَ به، وأظهرَهُ للناسِ.
(1)
بل نُقِل الإجماع على مخالفته، فقال ابن بطال: "وهذا شيءٌ لم يتابعْ عليه أبو هريرة، والمسلمون مجمعون على أنه لا يتعدى بالوضوء ما حدَّ الله ورسوله
…
"، وانظر تتمة كلامه في (شرح البخارى 1/ 221).
وروى البخاريُّ (5953) بسنده: عن أبي زرعة [بن عمرو بن جرير]، قال: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، دَارًا بِالْمَدِينَةِ، فَرَأَى أَعْلاهَا مُصَوِّرًا يُصَوِّرُ،
…
ثُمَّ دَعَا بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ حَتَّى بَلَغَ إِبْطَهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، أَشَيْءٌ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: مُنْتَهَى الحِلْيَةِ.
قلنا: فلم يقلْ أبو هريرةَ: نعم، سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إنما ذكرَ أن هذا مُنْتَهَى الحِلْيَةِ التي أخبرَ عنها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، يعني حديث الغرة والتحجيل، على ما تأوله أبو هريرة رضي الله عنه من الحديث.
أما قوله: ((هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ)) بعد وضوءِ أبي هريرةَ وشروعه في العضد والساق. فقد رواه مسلمٌ وجماعةٌ: من طريق خالد بن مَخْلد القَطَوانيِّ عن سليمان بن بلال عن عمارة بن غزية عن نعيم المجمر، عن أبي هريرة.
كذا رواه مسلمٌ، وأبو عوانةَ، والبيهقيُّ، وغيرُهُم من طريقِ خالدٍ به.
وخالدُ بنُ مَخْلَدٍ القَطَوانيُّ: مختلفٌ فيه؛ قال عنه ابنُ مَعينٍ: "ليسَ به بأس"(رواية الدارمي 301)، وقال أبو داود:"صدوقٌ يتشيعُ"(سؤالات الآجري 19)، ووَثَّقَهُ صالح جزرة (تهذيب التهذيب 3/ 117)، والعجليُّ في (معرفة الثقات وغيرهم 394)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 8/ 224). وذكره ابنُ شَاهينَ في (الثقات 326) ونقلَ توثيقَهُ عن عثمانَ بنِ أبي شيبةَ.
بينما قالَ الإمامُ أحمدُ: "له أحاديث مناكير"(العلل رواية عبد الله 1403). وقال أبو حاتم: "يُكتبُ حديثُهُ
(1)
" (الجرح والتعديل 3/ 354)،
(1)
زاد الباجي في (التعديل والتجريح 2/ 554) في النقل عن أبي حاتم: "له مناكير"، وهذا وهم منه؛ أدخل كلام أحمد مع كلام أبي حاتم، وزاد الذهبي في (الميزان 2463):"لا يُحتج به"، وتبعه الحافظ في (هدي الساري، ص 400) في نسبة هذا القول لأبي حاتم، وأما في (تهذيب التهذيب 3/ 117) فقال:"وفي الميزان للذهبي: قال أبو أحمد: يُكتب حديثه، ولا يُحتج به". وهذا يؤكد أن الثابت عن أبي حاتم هو ذاك القدر الموجود في (الجرح والتعديل) فحسب.
ولهذا نؤكد على أنه ينبغي للباحثين وطلبة العلم أن يحرروا الأقوال المنسوبة لأهل العلم من مصادرها الأصلية، ولا يغتروا بكثرة الناقلين للخطأ، فإنما هو خطأ الأول منهم، ومنه أخذ مَن أتى بعده دون الرجوع إلى الأصول تحسينًا للظن به، وقد نص الحافظ في (مقدمة الفتح، ص 465) على هذا، فقال:"إن كثيرًا من المحدثين وغيرهم يستروحون بنقل كلام من يتقدمهم مقلدين له، ويكون الأول ما أتقن ولا حرر، بل يتبعونه تحسينًا للظن به، والإتقان بخلاف [ذلك] "اهـ.
وقال ابنُ سَعْدٍ: "وكان منكر الحديث، في التشيع مفرطًا، وكتبوا عنه ضرورة"(الطبقات الكبرى 8/ 530)، وقال الجوزجانيُّ:"خالد بن مخلد كان شتامًا معلنًا بسوء مذهبه"(أحوال الرجال 108)، وذكره العقيليُّ في (الضعفاء 1/ 581) ولم يزدْ على قول أحمد فيه. وكذا ذكره الساجيُّ في (الضعفاء) كما في (تهذيب التهذيب 3/ 117). وذكرَ له ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 307 - 312) نحوًا من عشرة أحاديث منكرة، ثم قال:"ولم أجدْ في كتبه أنكر مما ذكرته فلعلَّه توهمًا منه أو حملًا على الحفظ، وهو عندي إن شاء الله لا بأس به". وقال الأزدي: "في حديثِهِ بعضُ المناكيرِ وهو عندنا في عداد أهل الصدق"(تهذيب التهذيب 3/ 117).
وقال الذهبيُّ: "شيخُ البخاريِّ شيعيٌّ صدوقٌ، قال أحمدُ بنُ حنبلٍ: له مناكير، وساقَ ابنُ عَدِيٍّ له عشرة أحاديث منكرة"(من تكلم فيه وهو موثق 100). وقال أيضًا: "شيعيٌّ صدوقٌ يأتي بغرائبَ وبمناكيرَ"(تذكرة الحفاظ 1/ 298).
وقال ابن حجر: "صدوقٌ يتشيعُ، وله أفراد"(التقريب 1677).
قلنا: وقد انفرد في هذا الحديث بهذه الزيادة: ((هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ))، فلتُعد من مناكيره، لاسيما وأن المحفوظَ عن أبي هريرةَ الوقفُ، كما تقدَّمَ بيانُهُ.
فإن قيل: قد توبع خالد بن مخلد؛ فقد رواه أبو نعيم في (المستخرج على صحيح مسلم 577) -ومن طريقه ابن حجر في (موافقة الخبر الخبر 1/ 89) - قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمرو الأحمسي، حدثنا أبو حصين الوادعي، حدثنا يحيى بن عبد الحميد، حدثنا سليمان بن بلال وعبد العزيز، عن عمارة بن غزية، عن نعيم بن عبد الله المجمر، قال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَأَسْبَغَ وُضُوءَهُ ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى حَتَّى أَسْبَغَ -كذا في العضد- وَيَدَهُ اليُسْرَى حَتَّى أَسْبَغَ -كذا- ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى حَتَّى أَسْبَغَ فِي السَّاقِ ثُمَّ اليُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: ((هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ
…
)).
قلنا: لكن يحيى بن عبد الحميد هو الحماني، متهمٌ بسرقةِ الحديثِ، فلا يُعتدُّ بمتابعتِهِ، فلعلَّه سرقه من خالد القطواني.
وفي الإسناد إليه: جعفر بن محمد بن عمرو الأحمسي، لم نجدْ له ترجمةً، مع أن أبا نُعَيمٍ أكثر عنه في كتبه.
وعلَّقه أبو عوانةَ في (مستخرجه 733) عقب رواية خالد بن مخلد فقال: "رواه ابنُ أبي مريمَ، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن عمارة بن غزية نحوه".
وهذه الروايةُ مع كونها معلَّقة لا ندري هل فيها أيضًا زيادة: ((هَكَذَا رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ)) أم لا؟
وَهَبْ أن هذه الزيادةَ محفوظةٌ عن عمارة بن غزية، فهي شَاذَّةٌ أيضًا: لما تَقَدَّمَ بيانُهُ من روايةِ أبي زرعة وأبي حازم عن أبي هريرة.
وقد رواه فُليحُ بنُ سليمانَ وسعيدُ بنُ أبي هلالٍ، كلاهما عن نُعيمٍ المجمر، عن أبي هريرة به. دون هذه الزيادة.
ولذا قال الشيخُ الألبانيُّ: "قوله في تلك الطريق: (هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ)، أخشى أن تكون شاذَّةً؛ لأنه تفردَ بها عمارة بن غزية دون من اتبعه على أصل الحديث عن نعيم المجمر، ودون كل من تابع نعيمًا عليه عن أبي هريرة، والله أعلم"(الضعيفة 3/ 108).
الثاني:
سبقَ التنبيهُ في الروايةِ السابقةِ أن قولَهُ: ((فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ)) مدرجٌ من كلام أبي هريرة رضي الله عنه، وليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم. كما قال غير واحد من الأئمة؛ كالمنذريِّ وابنِ تيميةَ وابنِ القيمِ وابنِ حَجرٍ والألبانيِّ وغيرهم.
* * *
رِوَايَةُ فَنَزَعَ سَرَاوِيلَهُ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ مِنْ تَحْتِ قَمِيصِهِ، فَنَزَعَ سَرَاوِيلَهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَرَفَعَ فِي عَضُدَيْهِ الوُضُوءَ وَرِجْلَيْهِ فَرَفَعَ فِي سَاقَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ صحيحٌ، وسبقَ بمعناه في الصحيحِ.
[التخريج]:
[حم 9195 (واللفظ له) / هق 261/ شعب 2487/ طهور 26].
[السند]:
قال أحمد: حدثنا أبو العلاء قال: حدثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر، أنه قال: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ، وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ
…
فذكره.
ورواه أبو عبيد في (الطهور) عن عبد الله بن صالح، عن الليث به.
ومدار إسناده -عندهم- على خالد بن يزيد به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات، غير أبي العلاء شيخ أحمد وهو الحسن بن سَوَّار، صدوق كما في (التقريب 1247)، وقد توبع كما عند أبي عبيد في (الطهور) من كاتب الليث عبد الله بن صالح، وأصل الحديث في (الصحيحين)، وقد أخرجاه كما تقدم ولكن بغير هذا السياق.
رِوَايَةُ هُمُ الغُرُّ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نُعَيْمِ بنِ عَبْدِ اللهِ المُجْمِرِ، أَنَّهُ رَقِيَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ، فَرَفَعَ فِي عَضُدَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يَوْمَ القِيَامَةِ هُمُ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ» ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ، فَلْيَفْعَلْ.
فَقَالَ نُعَيْمٌ: لَا أَدْرِي قَوْلُهُ: «مَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ مِنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[الحكم]:
صحيح بما سبق، وهذا إسنادٌ فيه لِينٌ.
[التخريج]:
[حم 8413، 10778].
[السند]:
أخرجه أحمد في (المسند 8413، 10778) قال: حدثنا أبو عامر (عبد الملك بن عمرو)، حدثنا فليح بن سليمان، عن نعيم بن عبد الله المجمر، أَنَّهُ رَقِيَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ
…
فذكره.
[التحقيق]:
إسنادُهُ فيه لِينٌ؛ من أجل الكلام في فليح بن سليمان. انظر ترجمته في تهذيب التهذيب (8/ 304).
قال الألبانيُّ: "وفُليح بن سليمان وإن احتجَّ به الشيخان، ففيه ضعفٌ من قِبلِ حفظه فإن كان قد حفظه، فقد دلَّنا على أن هذه الجملة في آخر الحديث: «مَنِ اسْتَطَاعَ
…
» قد شَكَّ نعيم في كونها من قوله صلى الله عليه وسلم" (الضعيفة 3/ 106).
وقد جزمَ الشيخُ بأنها مدرجةٌ من قول أبي هريرة، كما تَقَدَّمَ نقلُه.
* * *
رِوَايَةُ: أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَ غُرَّتِي
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ مَرَّةً، وَكَانَ إِذَا غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ كَادَ أَنْ يَبْلُغَ نِصْفَ العَضُدِ وَرِجْلَيْهِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ، فَقُلْتُ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَ غُرَّتِي؛ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الوُضُوءِ، وَلَا يَأْتِي أَحَدٌ مِنَ الأُمَمِ كَذَلِكَ» .
[الحكم]:
أصلُ الحديثِ صحيحٌ بما سبقَ، وهذا السياقُ إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طح (1/ 40)].
[السند]:
أخرجه الطحاويُّ في (شرح معاني الآثار) قال: حدثنا ربيع الجيزي، قال: ثنا أبو الأسود، قال: أنا ابن لهيعة، عن عمارة بن غزية، عن ابن المجمر، قال: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لسوءِ حفظِ ابنِ لهيعةَ؛ ولذا قال الألبانيُّ: "ورجالُهُ ثقاتٌ، غير أن ابنَ لهيعةَ سيئُ الحفظِ، ولكن لا بأس به في المتابعات والشواهد"(الضعيفة 1030).
* * *
رواية: «فَبَالَ ثُمَّ أَتَى مِرْكَنًا فِيهِ فَغَسَلَ عَنْهُ أَثَرَ البَوْلِ» :
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: صَعِدْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ عَلَى ظَهْرِ دَارِ القَضَاءِ،، ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا إِلَى أَنْصَافِ العَضُدِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا فَأَسْبَغَ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
…
فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ.
[الحكم]:
أصلُ الحديثِ صحيحٌ بما سبقَ، وهذا السياقُ إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طش 764].
[السند]:
أخرجه الطبرانيُّ في (مسند الشاميين) قال: ثنا إبراهيم بن محمد بن عِرْق، ثنا عمرو بن عثمان، ثنا بقية قال: حدثني عتبة بن أبي حكيم، حدثني عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نعيم المجمر قال: صَعِدْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ
…
فذكره.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: إبراهيم بن محمد بن عرق؛ قال الذهبيُّ: "شيخٌ للطبرانيِّ غيرُ معتمدٍ"(الميزان 1/ 63)، وتبعه عليه الحافظُ في (اللسان 1/ 355) ولم يزد عليه.
وفيه أيضًا: عتبة بن أبي حكيم؛ قال عنه ابن حبان: "يُعتبر حديثه من غير رواية بقية بن الوليد عنه"(الثقات 7/ 271 - 272). وهذا الحديثُ من رواية بقية بن الوليد عنه.
رِوَايَةُ كَانَ يَبْلُغُ بِوَضُوئِهِ بَعْضَ السَّاقَيْنِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَبْلُغُ بِوَضُوئِهِ بَعْضَ السَّاقَيْنِ وَبَعْضَ العَضُدَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: تُبْعَثُ أُمَّتِي غُرٌّ مُحَجَّلُونَ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ تَطُولَ غُرَّتُهُ فَلْيَفْعَلْ.
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. والصوابُ أن الفعلَ المذكورَ مع آخر فقرة في الحديث موقوف على أبي هريرة.
[التخريج]:
[طيو 468 (واللفظ له) / فضش 26].
[السند]:
أخرجه ابنُ شاهينَ في (الترغيب في فضائل الأعمال) قال: نا نصر بن القاسم، نا سُرَيْج بن يونس، قال: وأنا محمد بن هارون الحضرمي، قال: وأنا علي بن مسلم، أنا مروان بن معاوية، عن ياسين، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، به.
وأخرجه السلفيُّ في (الطيوريات) من طريق آخر عن ياسين بن معاذ الزيات، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: ياسين بن معاذ الزيات؛ قال عنه البخاريُّ ومسلمٌ وأبو حاتم: "منكرُ الحديثِ"، وضَعَّفَهُ ابنُ مَعينٍ وأبو زرعةَ والعقيليُّ، وقال النسائيُّ، وابنُ الجُنيدِ:"متروكٌ"، وقال الخليليُّ:"ضعيفٌ جدًّا"، وقال ابن حبان:"يَروي الموضوعات"(لسان الميزان 8/ 411 - 413/ 8405).
وقد سبق عند مسلمٍ أن أبا هريرة كان يشرعُ في غسل عضديه وساقيه في الوضوء، وذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم هكذا يتوضأ.
رواية: «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ» :
• وَفِي رِوَايَةٍ: «إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَأَعْرِفُكُمْ بِذَلِكَ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ فَيَبْلُغُ بِالمَاءِ خَلْفَ المِرْفَقَيْنِ وَخَلَفَ الكَعْبَيْنِ، وَيَقُولُ: إِنِّي أُحِبُّ أَنْ تَطَولَ غُرَّتِي بِالحِلْيَةِ -يُرِيدُ أَنَّ الغُرَّةَ تَبْلُغُ حَيْثُ يَبْلُغُ الوُضُوءُ-.
[الحكم]:
مرفوعُهُ صحيحٌ، دون قوله:«فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ» فمدرجٌ من قولِ أبي هريرةَ. وهذا إسنادٌ ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[حل (7/ 206)].
[السند]:
أخرجه أبو نعيم في (حلية الأولياء) قال: حدثنا علي بن أحمد بن علي المِصيصي، ثنا أيوب بن سليمان القطان، بالمِصيصة، ثنا علي بن زياد المَتُّوثي
(1)
، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا شعبة، عن الأعمش، عن ذَكْوان أبي صالح، عن
(1)
وقع في الحلية: (المتوني) وهو تصحيفٌ، وقد جاءَ على الصوابِ في (العلل للدارقطني 4/ 134 - 135).
أبي هريرة، وعن أبي التَّيَّاح، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ بهذا السياقِ؛ فيه علتان:
الأُولى: علي بن زياد المتوثي لم أقفْ له على ترجمةٍ، والراوي عنه، أيوب بن سليمان المصيصي، ذكره الخطيب في (المتفق والمفترق 1/ 464)، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وشيخ أبي نعيم فيه: علي بن أحمد بن على المصيصي، فيه تساهل، قاله ابن أبي الفوارس (تاريخ بغداد 13/ 224).
العلة الثانية: أنه مُعَلٌّ بالوقفِ، فرواه أبو عبيد في (الطهور 25) قال: ثنا يزيد بن هارون، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، وعن أبي الساج -هكذا جاء، والصحيح أبي التياح كما في (العلل) -، عن أبي زرعة، قال: قال أحدهما: «كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ عَلَى نِصْفِ السَّاقِ» ، فقال الآخرُ:«كَانَ يَتَوَضَّأُ إِلَى العَضُدِ» ، وقال:«إِنَّ الحِلْيَةَ تَبْلُغَ إِلَى مَوَاضِعِ الوُضُوءِ» .
ورجالُ إسنادِهِ ثقاتٌ؛ ولذا قال الدارقطنيُّ لما سُئِلَ عن الروايةِ المترجم لها: "يرويه شعبة، واختُلف عنه؛ فرواه علي بن زياد المتوثي، عن يحيى بن أبي بكير، عن شعبة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، وعن أبي التياح، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة جميعًا، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
وخالفه أصحاب شعبة فرووه، عن شعبة، بهذين الإسنادين موقوفًا، وهو صحيحٌ عن شعبة".
ثم قال: "والصحيح: عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، موقوف"(العلل 4/ 134 - 135).