الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
281 - بَابُ مَا جَاءَ فِي أَنَّ الأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ
1769 -
حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ:
◼ عَنْ أَبِي أُمَامَة رضي الله عنه: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَـ[غَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَ] 1 مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ [ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ (وَذِرَاعَيْهِ) 1 ثَلَاثًا ثَلَاثًا] 2، وَكَانَ يَمْسَحُ المَأْقَيْنِ
(1)
[بِالمَاءِ]3. قَالَ: وَكَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ رَأْسَهُ [وَأُذُنَيْهِ] 4 مَرَّةً وَاحِدَةً، وَكَانَ يَقُولُ: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ».
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دون مسْحِ المأقين، وقولِه:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، وإسنادُهُ ضعيفٌ. وَضَعَّفَهُ: التِّرْمِذيُّ والحافظ موسى بنُ هارونَ الحَمَّالُ، والدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والإشبيليُّ، والعِراقيُّ، والأَبْناسيُّ، والبِقَاعيُّ.
وقولُه: ((الأُذُنَانِ مِنْ الرَّأْسِ)) اختلَف الرُّواة في وقْفِه ورفْعِه، والراجح وقْفُه كما جزم به راويه سُلَيمانُ بن حرب، وصوَّبه: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، والبِقَاعيُّ. وقال ابنُ حَجَرٍ: إنه مدرَج.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ،
(1)
وقع في الطبعة الميمنية للمسند: "وَكَانَ يَمْسَحُ الْمَاقَيْنِ مِنَ الْعَيْنِ" قال محقِّقو طبعة الرسالة: "قوله: "مِنَ الْعَيْنِ" كذا في (م)، ولم تَرِدْ في سائر النسخ الخطية". قلنا: ولم تَرِدْ كذلك في (إتحاف المَهَرة 6404)، ولا (أطراف المسند 7618).
والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[اللغة]:
" المأقين" وفي رواية "المؤقين" وأخرى: "الماقتين"، يُهمز ويُسهَّل، والماقيان: تثنية ماق، وهو طرَف العين الذي يلي الأنفَ، وهو مخرج الدمع (غريب الحديث للخطابي 1/ 146).
قال الأزهري: أجمع أهل اللغة أن الموق والماق مُؤَخَّرُ العين الذي يلي الأنف (نيل الأوطار 1/ 191).
[الفوائد]:
قال التِّرْمِذيُّ عَقِبَ الحديث: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومَن بعدهم: أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيانُ الثَّوْريُّ، وابنُ المبارَك، وأحمدُ، وإسحاقُ.
وقال بعض أهل العلم: ما أَقْبَلَ من الأذنين فمِنَ الوجه، وما أَدْبَرَ فمِنَ الرأس.
وقال إسحاق: وأختار أن يمسح مُقَدَّمَهما مع وجهه، ومُؤَخَّرَهما مع رأسه" (السنن 37).
وقال الخَطَّابيّ: "وقُوله ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) فيه بيانٌ أنهما ليستا من الوجه كما ذهب إليه الزُّهْريُّ، وأنه ليس باطنهما من الوجه وظاهرهما من الرأس كما ذهب إليه الشَّعبي.
وممن ذهب إلى أنهما من الرأس: ابنُ المُسَيِّب، وعطاء، والحسن، وابنُ سِيرين، وسعيد بن جُبَير، والنَّخَعيُّ. وهو قول الثَّوْريِّ، وأصحابِ الرأي، ومالكٍ، وأحمدَ بنِ حَنبَل.
وقال الشافعي: هما سُنَّةٌ على حِيالِهما، ليستا من الوجه ولا من الرأس.
وتأوَّل أصحابُه الحديث على وجهين: أحدهما: أنهما يُمسحان مع الرأس تبعًا له؛ والآخر: أنهما يُمسحان كما يمسح الرأس ولا يُغسلان كالوجه، وإضافتهما إلى الرأس إضافةُ تشبيه وتقريب، لا إضافةُ تحقيق، وإنما هو في معنًى دون معنى، كقول: مَوْلَى القَوْمِ مِنْهُمْ، أي: في حُكْم النصرة والموالاة، دون حُكْمِ النَّسَب واستحقاقِ الإرث
…
وفائدة الكلام ومعناه عندهم: إبانة الأذن عن الوجه في حُكم الغَسل، وقطع الشبهة فيها، لِما بينهما من الشَّبه في الصورة، وذلك أنهما وُجِدتا في أصل الخِلْقة بلا شعَرٍ، وجُعِلتا محلًا لحاسَّةٍ من الحواس، ومعظم الحواس محلُّه الوجه، فقيل: الأذنان من الرأس؛ ليُعلم أنهما ليستا من الوجه" (معالم السنن 1/ 52).
وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: "معنى هذا المتن أن الأذنين حُكْمُهما حُكْمُ الرأس في المسح، لا أنهما جزء من الرأس؛ بدليل أنه لا يجزئ المسحُ على ما عليهما من شعر عند من يجتزئ بمسح بعض الرأس بالاتفاق. وكذلك لا يُجزئ المُحْرِمَ أنْ يُقَصِّرَ مما عليهما مِن شعَرٍ بالإجماع، والله الموفِّق"(النكت على ابنِ الصَّلاحِ 1/ 415).
[التخريج]:
[د 133 مختصرًا/ ت 37 مختصرًا/ جه 448 مختصرًا/ حم
22223، 22282 "والزيادة الثانية له"، 22310 "واللفظُ له"/ طب (8/ 121/ 7554)"والزيادة الأولى والرابعة والرواية له"/ طهور 88، 359/ كجي (إمام 1/ 504) / ني 1247/ لا 992/ منذ 361/ طح (1/ 33/ 143) / جَصَّاص (3/ 360) / قط 357، 361، 364، 365 "والزيادة الثالثة له ولغيرِهِ"/ مقط (3/ 1206) / غخطا (1/ 145 - 146) مقتصرًا على مسح الماقين/ مخلص 2269 مختصرًا/ هق 314 - 316 مختصرًا/ هقخ 219، 228 مختصرًا، 229 مختصرًا/ المُنْذِري (إمام 1/ 500) / إمام (1/ 500) / كما (12/ 148 - 149) مختصرًا]
* انظر الكلام عليه عَقِبَ الروايةِ الآتيةِ.
رِوَايَةٌ مُخْتَصَرَةٌ: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ مُقْتَصِرَةٍ على قولِهِ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طبر (8/ 171)، (8/ 172)، (8/ 172) / عد (1/ 439)، (6/ 28)، (10/ 623) / قط 358، 359، 360/ تمام 1571/ هقخ 230، 231، 235/ كر (54/ 150) / تحقيق 138]
(1)
[التحقيق]:
الحديث له ثلاثة طرق عن أبي أُمامةَ:
الأول - وهو أشهرها -:
أخرجه أحمدُ (22310) قال: حدثنا يحيى بن إسحاقَ، أخبرنا حماد بن زيد، عن سِنَان بن ربيعة، عن شهر - يعني: ابنَ حَوْشَب، عن أبي أُمامةَ، به.
وكذا رواه جماعة عن حماد بن زيد، به. كما سيأتي.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ رجاله ثقات عدا سِنَانٍ وشَهْرٍ:
* أما شَهْر بن حَوْشَبٍ؛ ففيه خلاف معروف، وقد تقدم تحرير الكلام عليه أول كتاب الوضوء، وهو أقرب إلى الضعف.
(1)
وعزا العِراقيّ في (التقييد والإيضاح ص 51) حديثَ أبي أُمامةَ إلى صحيح ابن حِبَّانَ، وتَعَقَّبَه الحافظ فقال:"فيه نظرٌ، بل ليس هو في صحيح ابن حِبَّانَ الْبَتَّةَ"(النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 414).
* وأما سِنان بن ربيعة؛ فقال فيه ابن مَعِينٍ والنَّسائيُّ والدَّارَقُطنيُّ: "ليس بالقوي"، (تاريخ ابن مَعِينٍ - رواية الدُّوري 3736) و (الضُّعفاء للنسائي 263) و (سؤالات الحاكمُ للدَّارَقُطْني 346)، وقال أبو حاتم:"شيخ مضطربُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 4/ 251).
وذكره ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل)، ونَقَل تضعيفَ ابن مَعِينٍ، ولم يذكر من مناكيره سوى هذا الحديثُ، ثُمَّ قال:"ولسِنانٍ أحاديثُ قليلةٌ، وأرجو أنه لا بأس به"(الكامل 6/ 28)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 4/ 337).
ولخَّص حالَه الحافظُ، فقال:"صدوقٌ فيه لِينٌ، أخرجَ لَهُ البُخاريُّ مقرونًا"(التقريب 2639).
* وقدِ اضطربَ فيه سندًا ومتنًا؛ فقد رواه حماد بن سلمة عنه عن أنس: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ غَسَلَ مَاقَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ))، وَلَمْ يَذْكُرِ الأُذُنَيْنِ. قاله الدَّارَقُطنيُّ في (السنن عَقِبَ 361).
* وقد اختُلِف في رفع قوله: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
فقد رواه جماعة عن حماد مرفوعًا هكذا، وهُمْ:
الأول: مُسَدَّد، أخرج روايتَه: أبو داودَ (133)، والبَيْهَقيُّ في (الكبرى 314، 316)، وفي (الخلافيات 228).
الثاني: محمد بن زياد، أخرج روايتَه: ابنُ ماجَهْ (448)، والرُّوياني (1247)، والدَّارَقُطنيُّ (357)، وغيرُهُم.
الثالث: عَفَّان بن مسلم، أخرج روايتَه: أحمدُ (22223)، وأبو عُبَيد في (الطهور 88، 359)، وغيرُهُما.
الرابع: يحيى بنُ إسحاقَ، أخرجه روايتَه: أحمدُ (22310).
الخامس: أبو
(1)
عُمرَ الضرير، أخرج روايتَه: أبو مسلم الكَجِّي في (السنن) - كما في (الإمام 1/ 504) -، ومن طريقِه الطَّبَرانيُّ في (الكبير 7554)، والجَصَّاصُ في (أحكام القرآن 3/ 360)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 360).
السادس: محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي، أخرج روايتَه: أبو مسلم الكَجِّيُّ في (السنن) - كما في (الإمام 1/ 504) -، ومن طريقِه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 360).
السابع والثامن: عارِم أبو النُّعمان السَّدُوسيُّ، وخالد بن خِدَاش، أخرج روايتَهما: الطَّبَرانيُّ في (الكبير 7554).
التاسع: محمد بن عبد الله بن بَزِيع، أخرج روايتَه: الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 171).
إلا أنه رواه على الشك عن أبي أُمامةَ أو أبي هريرةَ.
العاشر: أبو أسامة حمَّاد بن أسامة، أخرج روايتَه: الطُّوسيُّ في (مختصر الأحكام 33)، والطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 172)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 219).
الحادى عشر: عبد الله بن الجَرَّاح، أخرج روايتَه: ابنُ المُنْذِرِ في (الأوسط 361).
الثاني عشر: يحيي بن حسَّان، أخرج روايتَه: الطَّحاويُّ في (المعاني 1/ 33)، ولفظه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ، فَمَسَحَ أُذُنَيْهِ مَعَ الرَّأْسِ، وَقَالَ:
(1)
تحرَّفَ في (الإمام) إلى: "ابن عمر"، والصواب ما أثبتناه كما في باقي المصادر.
«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
الثالثَ عشرَ: أحمد بن عَبْدةَ، أخرج روايتَه: ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 6/ 28).
الرابعَ عشرَ: الهيثم بن جميل، أخرج روايتَه: الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 358).
الخامس عشر: أبو الربيع سُلَيمان بن داودَ، أخرج روايتَه: البَيْهَقيُّ في (السنن 312).
* ورواه على الشك في رفْعِه ووقْفِه ثلاثةٌ، وهُم:
الأول: قُتَيْبة بن سعيد، أخرج روايتَه: أبو داودَ (133)، والتِّرْمِذيُّ (37)، والبَيْهَقيُّ في (السنن 314) و (الخلافيات 228).
الثاني: يونس بن محمد، أخرج روايتَه: أحمدُ (22282).
الثالث: مُعَلَّى بن منصور، أخرج روايتَه: الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 171 - 172)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 359).
ثلاثتُهم (قُتَيْبة، ويونس، ومُعلّى) قالوا - والسياق لقُتَيْبةَ -: "قال حماد: لا أدري هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أُمامةَ".
* ورواه على الوقف: سُلَيمان بن حرب، أخرج روايتَه: أبو داودَ (133)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 361)، والبَيْهَقيُّ في (السنن 315، 316)، و (الخلافيات 228، 229).
قال سُلَيمان بن حرب: "يقولها أبو أُمامة"(سنن أبي داودَ 133).
وقال أيضًا: "الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ، إنما هو قول أبي أُمامةَ، فمَن قال غيرَ هذا فقد بدَّل"، أو كلمة قالها سُلَيمان، أي: أخطأ. (سنن الدَّارَقُطني 361).
ورواية الوقف أَصَحُّ؛ لوجوه:
الوجه الأول: أن سُلَيمان بن حرب كان ثقة إمامًا حافظًا، وكان من أكثر الناس ملازمةً لحماد بن زيد؛ فقد قال:"واختَلَفت إلى شُعبةَ، فلما مات شُعبةُ جالستُ حماد بن زيد ولزِمْتُه حتى مات، جالسته تسعَ عشرةَ سنةً، جالسته سنة ستين ومات سنة تسع وسبعين ومئة"(تهذيب الكمال 11/ 388).
وقد جزم بأن مَن رفَعَه فقد أخطأ، وهذا يدل على أن عنده زيادةَ علم وضبط، ويؤيده:
الوجه الثاني: أن قُتَيْبة وغيرَه ذكروا أن حمادًا كان يَشُك فيه.
الوجه الثالث: أن بعض مَن رفع الحديث لم يصرح بإسناد الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكروا وُضوءَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قالوا:«وَقَالَ: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» . فروايتهم ليست صريحةً في الرفع، بل تحتمل الرفع والوقف.
ولأجْلِ هذه العللِ السابقة، أَعَلَّ الحديثَ غيرُ وَاحدٍ من أهلِ العلمِ:
فقال حرب بن إسماعيل الكرماني: قلت لأحمدَ: الأذنان من الرأس؟ قال: «نعم» . قلت: [صح] فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: «لا أعلم» . قلت: يُروَى عن أبي أُمامة؟ قال: "نعم، رواه حماد بن زيد"(مسائل حرب - كتاب طهارة ص 129)، وما بين المعقوفين سقط من المطبوع، واستدركناه من (تنقيح التحقيق لابن عبدِ الهادِي 1/ 205). فأحمد مع عِلْمِه بحديث أبي أُمامةَ، لا يعلم في الباب حديثًا صحيحًا.
وقال التِّرْمِذيُّ عَقِبَه: "هذا حديث ليس إسنادُه بذاك القائم"
(1)
.
(1)
- وقع في طبعة شاكر (1/ 53)، وطبعة المكنز (1/ 14):"حَدِيثٌ حَسَنٌ، لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ الْقَائِمِ"، وما أثبتناه هو الصواب كما في طبعة التأصيل المعتمدة، وطبعة بشار (1/ 87)، وطبعة شُعَيب (1/ 54)، وطبعة الألباني (1/ 41)، وطبعة بيت الأفكار (1/ 24)، وغيرها. وكذا نقله عن التِّرْمِذيِّ غيرُ واحد، انظر (الإمام لابن دقيق 1/ 449)، و (تحفة الأشراف 4/ 171)، و (نَصْب الراية 1/ 18)، و (جامع المسانيد 8/ 548)، و (الدراية 1/ 21).
وقال دَعْلَجُ بن أحمدَ، قال: سألت موسى بنَ هارونَ عن هذا الحديثِ؟ قال: "ليس بشيءٍ؛ فيه شَهْرُ بن حَوْشَبٍ، وشهرٌ ضعيف، والحديثُ في رفْعِه شَكٌّ"(سنن الدَّارَقُطنيّ 362).
وقال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "شَهْرُ بن حَوْشَبٍ ليس بالقوي، وقد وقفه سُلَيمانُ بن حرب عن حماد، وهو ثقةٌ ثبْتٌ"(السنن عَقِبَ 357)، وذكر الرواياتِ المرفوعةَ، ثُمَّ قال:"أسنده هؤلاء عن حماد، وخالفهم سُلَيمانُ بن حرب وهو ثقةٌ حافظٌ"(السنن 360)، ثُمَّ أسند رواية سُلَيمانَ بنِ حرب، وكلامَه عَقِبَه، ثُمَّ قال:"خالفه حماد بن سلمة، رواه عن سِنان بن ربيعة، عن أنس: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا تَوَضَّأَ غَسَلَ مَاقَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ))، ولم يذكر الأُذُنين". يشير إلى اضطراب سِنان بن ربيعة فيه، ولذا قال - بعد نقْل كلامِ موسى بن هارون -:"وقال ابنُ أبي حاتم: قال أبي: سِنان بن ربيعةَ أبو ربيعةَ مضطربُ الحديثِ"(سنن الدَّارَقُطني 362).
وقال أيضًا مرجِّحًا الوقفَ: "قال سُلَيمان بن حرب في هذا الحديثِ، عن حماد بن زيد: إن قوله: "وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ"، هو من قول أبي أُمامةَ غيرُ مرفوع، وهو الصوابُ"(العلل 2695).
وقال البَيْهَقيُّ: "هذا الحديثُ يقال فيه من وجهين: أحدهما ضعْف بعض الرواة، والآخر: دخول الشكِّ في رفْعِه"، ثُمَّ ذكر
الكلام في سِنانٍ وشهرٍ، وكلامَ سُلَيمان بن حرب في الجزم بوقفه (السنن الكبير 1/ 202 - 204). وأَقَرَّ إعلالَ موسى بن هارون له، وكذا في (الخلافيات 1/ 420 - 424).
وقال الحافظُ العِراقيُّ: "شَهْرٌ ضعَّفَه الجمهور، ومع هذا فهو مِن قول أبي أُمامةَ موقوفًا عليه"(التقييد والإيضاح ص 51). وكذا قال الأبْناسيُّ في (الشذا الفياح 1/ 114).
وذهب ابن حَجَر إلى أنها جملةٌ مدرَجةٌ في متنِ الحديثِ، فقال:"حديث أبي أُمامةَ رواه أبو داودَ والتِّرْمِذيُّ وابنُ ماجَهْ، وقد بيَّنْتُ أنه مدرَج في كتابي في ذلك"(التلخيص الحبير 1/ 160).
* وذهب إلى تحسينه ابن دقيقِ العيدِ؛ حيث قال: "شَهْرٌ: وثَّقه أحمدُ، ويحيى، والعِجْليُّ، ويعقوب بن شَيْبة.
وسِنَان بنُ ربيعةَ أبو ربيعةَ الباهِليُّ: أخرجَ لَهُ البُخاريُّ، وقال ابنُ عَدِيٍّ: له أحاديثُ قليلة، وأرجو أنه لا بأس به. فالحديثُ حسَن، وإن كأنَّ ابنَ مَعِينٍ قال في سِنان: ليس بالقوي، وأبو حاتم قال فيه: شيخ مضطربُ الحديثِ" (الإمام 1/ 504).
وعَنْوَن له في (شرح الإلمام) فقال: "الوجه الثاني: في تصحيحه"، ثُمَّ قال: "قد تقدم التعريف بحال رواته، وأنه ليس فيهم إلا مَن وُثِّق؛ فحصل شرطُنا.
وبعض الناس يقول: إنه لا يصح في هذا الباب شيء! " (شرح الإلمام 4/ 240).
وقال ابنُ التُّرْكُمانيُّ: "قد اختُلِف فيه على حماد؛ فوقفه ابن حرب عنه ورفعه أبو الرَّبيع، واختُلِف أيضًا على مُسَدَّد عن حماد؛ فرُوي عنه الرفعُ ورُوي عنه
الوقف، وإذا رفَع أحدٌ حديثًا ووقفه آخَرُ، أو فَعَلَهما شخصٌ واحد في وقتين يرجع في وقتين - يُرَجَّح الرافعُ؛ لأنه أتى بزيادة، ويجوز أن يسمع الإنسان حديثًا فيوقفه في وقت ويرفعه في وقت آخر، وهذا أَوْلى من تغليط الرافع" (الجوهر النقي 1/ 66).
الطريق الثاني: عن القاسم، عن أبي أمامة:
وله عن القاسم طريقان:
الأول: عن جعفر بن الزُّبير، عن القاسم:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 10/ 623)، قال: حدثنا محمدُ بن موسى الحلواني، حدثنا عُمر بن يحيى الأُبُلِّي، حدثنا يحيى بن كثير، عن جعفر - يعني: ابنَ الزُّبير -، عن القاسم، عن أبي أمامة، به.
وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 365)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 230، 231) من طرقٍ عن جعفر بن الزُّبير، عن القاسم، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفتُه جعفر بن الزُّبير؛ فإنه "متروكُ الحديثِ" كما قال ابنُ حَجَرٍ في (التقريب 939).
وبهذا أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ، فقال:"جعفر بن الزُّبير متروك"(السنن 365).
الثاني: عن أبي معاذ الأَلْهانيِّ، عن القاسم:
أخرجه تمَّام في (فوائده 1571)، قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن صالح بن سِنان، حدثنا أبو عليٍّ الحسن بن جَرير الصُّوري، حدثنا سُلَيمان بن عبد الرحمن، حدثنا عثمان بن فائِد، حدثنا أبو معاذ الأَلْهاني، عن القاسم، عن أبي أُمامةَ، به.
وأخرجه ابنُ عساكرَ في (تاريخه 54/ 150): من طريقِ إسماعيل بن محمد بن قيراط، عن سُلَيمان بن عبد الرحمن، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: عثمان بن فائِد؛ قال عنه البُخاريُّ: "في حديثِه نظر"(الضُّعفاء الكبير للعُقَيليّ 3/ 76)، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يأتي عن الثِّقات بالأشياء المعضلات حتى يسبق إلى القلب أنه كان يعمَلها تعمُّدًا، لا يجوز الاحتجاجُ به"(المجروحين 2/ 75)، وقال الحافظُ:"ضعيف"(التقريب 4509).
العلة الثانية: أبو معاذ الأَلْهاني، لم أجد له ترجمة بهذه الكُنية.
قال الألبانيُّ: "والأَلْهانيُّ هذا لم أجد مَن ذكره، وعثمان بن فائِدٍ ضعيف"(الصحيحة 1/ 82/36).
قلنا: ويحتمل أن يكون أبو معاذ الألهاني هو عليَّ بنَ يَزيدَ الأَلْهانيَّ؛ فإنه رَوَى عن القاسم عن أبي أُمامةَ نسخةً كبيرة وهو ضعيفٌ، وقد اختلف في كنيته، لكن لم يُذْكَر فيها أبو معاذ، فلعل كنيتُه دُلِّسَت.
الطريق الثالث: عن راشد بن سعد، عن أبي أُمامة:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 1/ 439): حدثنا موسى بن العبَّاسِ، حدثنا أحمدُ بنُ عيسى الخَشَّاب، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ يوسف، حدثنا عيسى بن يونس، حدثنا أبو بكر بن أبي مريم، قال: سمعت راشد بن سعد، عن أبي أمامة، به.
ورواه الدَّارَقُطنيُّ (364)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 235) من طريقِ أحمدَ بن عيسى الخَشَّاب، به.
وهذا إسنادٌ واهٍ بمِرَّة؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: أبو بكر بن أبي مريمَ؛ وهو "ضعيف" كما قال النَّسائيُّ في (الضُّعفاء 668)، وقال الحافظُ:"ضعيف، وكان قد سُرِق بيتُه فاختلط"(التقريب 7974).
وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ؛ فقال - عَقِبَ ذِكْرِه المرسلَ -: "ورُوِيَ عنه متصلًا عن أبي أُمامةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا يصح، وأبو بكر بنُ أبي مريمَ ضعيفٌ"(السنن 358).
الثانية: أحمد بن عيسى الخشاب التِّنِّيسيُّ؛ قال عنه ابن يونسَ: "مضطربُ الحديثِ جدًّا"، وقال الدَّارَقُطنيُّ:"ليس بالقوي"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"كان يَروي المناكيرَ عن المشاهير، والمقلوباتِ عن الثِّقات، لا يجوز الاحتجاجُ بما انفرد به"، وقال ابنُ طاهر:"كذَّابٌ يضعُ الحديثَ"، وقال مَسْلَمة:"كذَّاب، حَدَّث بأحاديثَ موضوعةٍ"، (لسان الميزان 694)، وانظر (تهذيب التهذيب 1/ 66).
والحديثُ ذكره ابنُ عَدِيٍّ في ترجمته، مع عِدَّة أحاديثَ حَكَم عليها بالبطلان، وقال عَقِبَ حديثنا:"وهذا الحديثُ بهذا الإسنادِ لا يرويه إلا أحمدُ بن عيسى، وإِنما يَروي هذا حمادُ بن زيد، عن سِنان بن ربيعة، عن شَهْر بن حَوْشَبٍ، عن أبي أُمامة".
وقال ابنُ طاهرٍ المقدسيُّ - ملخِّصًا كلامَ ابنِ عَدِيٍّ -: "وهذا يُعْرَفُ من حديث حماد بن زيد، عن سِنان بن ربيعة، عن شَهْرِ بن سوشب حَوْشَب، عن أبي أُمامةَ. وحدَّث به أحمد هكذا، والحمْلُ فيه عليه؛ لأنه غير معتمَد"(ذخيرة الحفاظ 2/ 1076).
قلنا: وقد خُولِف، فقد رواه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 363) - بسند صحيح -: عن أبي بكر بن أبي مريمَ، عن راشد بن سعد مرسلًا.
فمع ضعف ابن أبي مريم، هذا هو المحفوظُ عنه، مرسَل.
وخلاصة ما سبق:
أن حديث أبي أُمامةَ كلُّ طرقه منكَرةٌ لا يصح منها شيء، والصواب في قوله:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) الوقفُ على أبي أمامة، مع ضعف السند أيضًا.
ولكن للحديث شواهد كثيرة لا تخلو من مقال، فاختَلَف أهل العلماء في الحكم العام على الحديث، فمِنهم مَن رأى ضعْفَ الحديث مُطْلقًا وأن طرقه - وإن تعدَّدَتْ - لا تتقوى بمجموعها ولا تنجبر، ومِنهم مَن رأى تقويتَها بمجموعها وأنها لا تنزل عن رتبة الحسن.
فأما مَن ضعَّفَها مُطْلقًا، ولم يَرَ تقويتَها، فمنهم:
1) الإمام أحمد بن حَنبَل؛ قال حرب بن إسماعيل الكرماني: قلت لأحمدَ: الأذنان من الرأس؟ قال: «نعم» . قلت: [صح] فيه شيء عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم"(مسائل حرب- كتاب طهارة ص 129)، وما بين المعقوفين سقط من المطبوع، واستدركناها من (تنقيح التحقيق لابن عبدِ الهادِي 1/ 204، 205).
2) العُقَيليُّ؛ حيث قال عَقِبَ حديث أبي موسى الآتي: "والأسانيد في هذا الباب ليِّنة" (الضُّعفاء 1/ 164/ حاشية 3
(1)
).
(1)
أثبت هذا النص محقِّقو طبعة التأصيل في الحاشية؛ لأنه من نسخة الظاهرية، وهي رواية أخرى عن العُقَيلي.
3) الدَّارَقُطنيُّ، حيث ذكر طرقه في (السنن) وَضَعَّفَهُا جميعًا، وسيأتي نقلُ كلامه على كل حديث.
4) الحاكمُ؛ حيث مَثَّلَ به على المشهور غير الصحيح، فقال: "ذكر النوع الثالث والعشرين مِن علم الحديث، هذا النوع من هذا العلم معرفةُ المشهور من الأحاديث المروية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمشهور من الحديث غير الصحيح، فرُبَّ حديثٍ مشهورٍ لم يُخَرَّج في الصحيح، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:«طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»
…
ومنه: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» ، ومنه:«صَلَاةُ القَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ القَائِمِ» ، فكل هذه الأحاديث مشهورةٌ بأسانيدها وطرِقها، وأبوابٍ يَجْمَعُها أصحابُ الحديث، وكل حديث منها تُجمَع طرقُه في جزء أو جزئين، ولم يُخَرَّج في الصحيح منها حرفٌ" (معرفة علوم الحديث ص 92).
5) البَيْهَقيُّ؛ حيث قال: "رُوِي عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) بأسانيدَ كثيرةٍ، ما منها إسنادٌ إلا وله علةٌ، رُوِيَ ذلك عنِ ابنِ عُمرَ، وابنُ عبَّاسٍ، وجابر بن عبد الله، وأبي موسى، وأبي هريرةَ، وأنس، وأبي أُمامةَ، وعبدِ اللهِ بنِ زيد، وسمُرةَ بنِ جُندب، وعائشةَ بنتِ أبي بكر رضي الله عنهم"(الخلافيات 1/ 347).
6) ابن حزم؛ حيث قال: "وأما مسح الأذنين فليسا فرضًا، ولا هُما من الرأس؛ لأن الآثار في ذلك واهية كلُّها"(المحلى 2/ 55).
7) عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ؛ حيث قال: "وقد رُوِيَ عن أبي أُمامةَ، وابنُ عبَّاسٍ، وأبي موسى، وأبي هريرةَ، وابنُ عُمرَ، كلُّهم عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)). ولا يصحُّ منها كلِّها شيءٌ"(الأحكام الوسطى 1/ 171).
8) ابن الصَّلاحِ؛ حيث مَثَّل به للضعيف الذي تعدَّدَتْ طرقُه ولكنها لا تنجبر؛ فقال: "لعل الباحث الفَهِمَ يقول: إنا نجد أحاديثَ محكومًا بضعفِها مع كونِها قد رُوِيَتْ بأسانيدَ كثيرةٍ من وجوه عديدة، مثل حديث:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) ونحوِه، فهلَّا جعلتُم ذلك وأمثالَه من نوع الحسن؛ لأن بعض ذلك عَضَدَ بعضًا، كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفًا؟
وجواب ذلك: أنه ليس كلُّ ضعف في الحديثِ يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت: فمنه ضعْفٌ يُزيله ذلك بأن يكون ضعْفُه ناشئًا مِن ضعف حفظ راويه، مع كونه من أهل الصدق والديانة. فإذا رأينا ما رواه قد جاءَ من وجهٍ آخَرَ عرفنا أنه مما قد حَفِظَه، ولم يختلَّ فيه ضبطُه له. وكذلك إذا كان ضعْفُه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعْفٌ قليل، يزول بروايته من وجه آخر.
ومن ذلك ضعْفٌ لا يزول بنحو ذلك؛ لقوة الضعف وتقاعُدِ هذا الجابرِ عن جبره ومقاومته. وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متَّهما بالكذب، أو كونِ الحديث شاذًّا.
وهذه جملةٌ تفاصيلُها تُدرَكُ بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك، فإنه من النفائس العزيزة. والله أعلم" (معرفة أنواع علوم الحديث ص 33).
9) المُنْذِري؛ حيث قال: "قد وقع لنا هذا الحديثُ من رواية عبد الله بن عبَّاسٍ، وعبد الله بن عُمر بن الخطاب، وعبد الله بن قيس أبي موسى الأشعري، وأبي هريرةَ، وأنس بن مالك، وعائشة، وليس شيء منها يثبُت مرفوعًا. ووقع لنا أيضًا عن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه من قوله، ولا يثبُت أيضًا. وأشهرها حديثُ أبي أمامة؛ كما قال البَيْهَقيُّ"(شرح الإلمام لابن دقيقِ العيدِ 4/ 246)، و (النكت على مقدمة ابن الصَّلاحِ للزَّرْكَشي 1/ 326).
10) النَّوَويُّ؛ حيث ذكر في (خلاصة الأحكام 1/ 111) حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، في ضعيف باب مسح الأذنين، ولم يقيِّدْه بصاحبي بصَحابيٍّ معيَّنٍ؛ لِيَدُلَّ على أن الحديث ضعيفٌ من جميع طرقه، ولا تتقوى بمجموعها.
11) ابن كَثِير؛ حيث أَقَرَّ ابنَ الصَّلاحِ في التمثيل به على أن من الضعيف ما لا ينجبر بتعدُّد الطرق (اختصار علوم الحديث ص 40).
12) الحافظ العِراقيُّ، حيث أَقَرَّ ابنَ الصَّلاحِ على تضعيفه، وأيَّد كلامَه (التقييد والإيضاح ص 51).
13) الأبْنَاسيُّ؛ حيث ذكر أن هذا الحديثَ أَوْلَى أن يُمَثَّل به في نوع المشهور الذي ليس بصحيح (الشذا الفياح 2/ 448).
14) ابن المُلَقِّنِ؛ حيث قال: "إذا رُوِيَ الحديث من وجوه ضعيفة، مِثْل: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) ونحوِه، فلا يلزم أن يتحصل من مجموعها وصْفُه بالحسن"(المقنع في علوم الحديث 1/ 100).
15) المُناويُّ؛ حيث مثَّل به في (اليواقيت والدرر شرح نخبة الفكر 1/ 278) على المشهور الضعيف.
وفي المقابل:
1) ذهب ابن دقيقِ العيدِ إلى تقوية حديث أبي أُمامةَ، كما تقدم.
وقال مُعَقِّبًا على قولِ المُنْذِريِّ الأخير: "قد عُلِم أن تضافر الرواة على شيء، ومتابعةَ بعضِهم لبعض في حديثِ؛ مما يشده ويقويه، وربما أُلحق بالحسن، وما يحتج به"(شرح الإلمام 4/ 247).
وقال مُعقِّبًا على قولِ ابن الصَّلاحِ المتقدِّم: "فإنْ توقَّف تصحيحُه عند أحد
على ذِكر طريق لا علة فيها، ولا كلامَ في أحدٍ مَن رواتها، فقد يتوقَّف في ذلك، لكن اعتبار ذلك صعب ينتقض عليهم في كثير مما استحسنوه وصحَّحوه من هذا الوجه، فإن السلامة من الكلام في الناس قليل" (شرح الإلمام 4/ 248 - 249).
قلنا: وكلامه فيه نظرٌ ظاهر؛ لأنه يحاكم ابنَ الصَّلاحِ على اعتبار أنه يُضَعِّف طرقَ الحديث لمجرد أن في بعض رواتها مَغمزً، وإنما هذه الطرق منكرة، لكون الصواب فيها إما الوقف أو الإعضال، كما سيأتي بيانُه مفصلًا. وهذا ما أشار إليه ابن الصَّلاحِ في نهاية كلامه؛ حيث ذكر أن من موانع تقويته: "
…
كون الحديث شاذًّا".
وتَعَقَّبَ البِقَاعيُّ كلامَ ابن دقيق هذا؛ فقال: "وهو مُسَلَّمٌ لولا أن سُلَيمانَ بن حربٍ وقَفَه عن حماد، كما هو عند أبي داودَ. وسُلَيمان ثقة ثبْتٌ إمام حافظ، ونقل جزْمَه بذلك الإمامُ أبو الحسن الدَّارَقُطنيُّ وهو جبل الحفظ والإتقان، فلولا ذلك لأفادته الطُّرُقُ المذكورةُ قوةً في المتابعات والشواهد، لكنَّ ضعْفَها لا ينهض لمدافعة هذين الجبلين، ولا واحدٍ منهما، لا سيما عند مَن قالوا: إن الواقف مُقَدَّمٌ على الرافع
…
فاستمر حديثُ أبي أُمامةَ على ضعفِه، ولم يوجد من حديث غيرِه ما يستقل بإفادة الحكم"، ثُمَّ ذكر حديث عبد الله بن زيد وأَعَلَّه (النكت الوفية 1/ 246).
2) وقال الحافظُ صلاح الدين العَلَائيّ: "في التمثيل بذلك نظر؛ لأن الحديث المشار إليه ربما ينتهي ببعض طرقه إلى درجة الحسن"(النكت على ابنِ الصَّلاحِ لابن حَجَر 1/ 409).
3) وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: "وإذا نظر المُنْصِف إلى مجموع هذه الطرق عَلِمَ أن للحديث أصلًا، وأنه ليس مما يطرح، وقد حسَّنوا أحاديثَ كثيرةً باعتبار
طرق لها دون هذه، والله أعلم" (النكت على ابنِ الصَّلاحِ 1/ 415).
4) وقال الحافظُ أبو محمود القدسي
(1)
: ((إن ادعاء ابن الصَّلاحِ أنه مما لا ينجبر ضعْفُه بالعاضد منازَعٌ فيه؛ لأن ضعْفَه ليس من جهةِ فِسْقٍ في واحد من رواته بكذب، ولا غيره، وكذا ما يعضده، وأورد طرقًا لا يخلو واحد منها عن علة" (النكت الوفية للبقاعي 1/ 246).
5) ورمز لصحته السُّيوطيُّ، في (الجامع الصغير 3046)، وخرَّجه عن عدد منَ الصحابةِ، كأنه يشير إلى أنه صحيح بمجموع طرقه.
كذا صَحَّحَهُ هنا، مع أنه في (تدريب الراوي 2/ 622) مثَّل به على المشهور الضعيف، فقال:"ومثاله وهو ضعيفٌ: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ»، مَثَّلَ به الحاكمُ". ولم يَتعَقَّبْهُ بشيءٍ.
6) وقال الصَّنعانيُّ: "وحديث: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» وإن كان في أسانيده مقالٌ إلا أن كثرة طرقه يَشُدُّ بعضُها بعضًا"(سبل السلام 1/ 69).
7) وقال الشَّوْكانيُّ: "ومن ذلك حديث: "الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ"، وهو مَرْويٌّ
(1)
لعله أحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال أبو محمود المقدسي، صاحب (شرح أبي داودَ)، وكتاب (مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام)، وكان من تلاميذ الذَّهَبي، ومع هذا ترجم له الذَّهَبيُّ في (المعجم المختص بالمحدثين ص 33) وقال:"الإمام العالم المحدِّث شِهاب الدين أبو محمود المقدسي. طالب مفيد، سريع القراءة، وُلد سنة أربعَ عشرةَ وسبعِ مئة، وسمع الكثير، وقرأ كتبًا بالقدس، ومصر، والثغر، قرأ عليَّ كتابَ ابنِ ماجَهْ"، وترجم له أيضًا ابن حَجَر في (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة 1/ 286) وقال:"عُني بالحديث، فسَمِع من أصحاب ابن عبد الدائم والنجيب وابن علاق فأكثر وبرع وجمع، وشرع في شرح سنن أبي داودَ، ودرس بالتنكزية بعد العَلَائي". وانظر للمزيد عن كتبه (معجم المؤلفين 2/ 62).
من طريقِ ثمانية منَ الصحابةِ، وفي بعض أسانيدها مقال، وهي يُقَوِّي بعضُها بعضًا؛ فتصلُح للاحتجاج بها" (السيل الجرار ص: 55).
8) الشيخ أحمد شاكر؛ ذكر الخلاف في حديثِ أبي أُمامةَ، ثُمَّ قال:"والراجح عندي أن الحديث صحيح؛ فقد رُوِي من غير وجه بأسانيدَ بعضُها جِياد، ويؤيِّدُ بعضُها بعضًا"(تحقيقه سنن التِّرْمِذي 1/ 54).
9) الشيخ الألبانيُّ؛ حيث صَحَّحَهُ بمجموع طرقه في (الصحيحة 1/ 81/36).
قلنا: والذي نراه أن الحديث ضعيفٌ لا يتقوى بمجموع هذه الطرق؛ لأنها منكَرةٌ معلولة كلها، فهذا حديث أبي أُمامةَ مع ضعف أسانيده ووهائِها، الصحيح فيه الوقف، إذن رواية الرفع منكَرة، والمنكر أبدًا منكر.
وهو أمثل طرق الحديث، وسيأتي من حديث عبد الله بن زيد وابنُ عبَّاسٍ وجماعة، وكلُّها منكرة معلولة؛ إما لشدة ضعفِها، أو كونِ المحفوظِ فيها الإعضالَ أو الوقفَ، كما ستراه مفصَّلًا فيما يأتي، وقد تقدم بيانُ بعض ذلك في أبواب المضمضة والاستنشاق.
فتصحيح الحديث بمجموع الطرق دون الالتفات إلى كونها مناكيرَ وأخطاء مِن رواتها تساهُلٌ، وليس بإنصاف.
ففرْقٌ بين أن يكون الحديثُ ضعْفُه لسوء حفظ راويه، دون جزم بخطئه فيه أو إعلاله بالوقف أو الإرسال أو غير ذلك، فهذا هو الذي ينجبر بتعدُّد طرقه، أما الشاذُّ والمنكَرُ فلا؛
فالمنكَر أبدًا منكَر، كما قال الإمام أحمد
(1)
. والله أعلم.
* * *
(1)
فقد ذُكِرَ للإمام أحمدَ الفوائدُ، فقال:"الحديث عن الضُّعفاء قد يحتاج إليه في وقت، والمنكر أبدًا منكر"(العلل - رواية المروذي 281). وفي (مسائل ابن هانئ 1925، 1926) قيل له: فهذه الفوائد التي فيها المناكير، ترى أن يكتب الحديث المنكر؟ قال:"المنكر أبدًا منكر"، قيل له: فالضُّعفاء؟ قال: "قد يحتاج إليهم في وقت، كأنه لم ير بالكتاب عنهم بأسًا".
1770 -
حَدِيثُ عبدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ:
◼ عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
منكَر، وَضَعَّفَهُ: البُخاريّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَجَرٍ، والبِقَاعي، والمُناويُّ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[جه 443/ هقخ 238]
[السند]:
قال (ابن ماجَهْ): حدثنا سُوَيد بن سعيد، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن شُعبة عن حبيب بن زيد، عن عباد بن تميم، عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله جميعًا ثقات عدا سُوَيدَ بن سعيد؛ فمختلَف فيه، وَثَّقَهُ أحمد، والعِجْليُّ، ومَسلمة بن قاسم، وأخرجَ لَهُ مسلم، ثُمَّ تغيَّر بعد
ذلك، وتَكَلَّم فيه جمهور النُّقَّاد: ابن المَدِينيِّ، وابنُ مَعِينٍ، والبُخاريُّ، والنَّسائيّ، وابنُ عَدِيٍّ، وابنُ حِبَّانَ، وغيرُهُم.
وقال الحافظُ: "صدوقٌ في نفسه، إلا أنه عَمِيَ فصار يُتلقن ما ليس من حديثه، فأفحش فيه ابنُ مَعِينٍ القولَ"(التقريب 2690).
وقد أَعَلَّه به البُخاريّ والبَيْهَقيُّ، فذكر التِّرْمِذيّ في (العلل الكبير)، أنه سأل البُخاريّ عن هذا الحديثِ، فضعَّف سُوَيدًا، نقله ابن حَجَر في (النكت 1/ 411)، ولم نجدْه في العلل المطبوع.
وقد نَقَل لنا البَيْهَقيُّ نَصَّ هذا السؤال والجواب، فقال عَقِبَ رواية سُوَيد لهذا المتن موقوفًا كما سنذكره قريبًا:"سُوَيد بن سعيدٍ الحَدَثانيُّ الأَنْباريُّ، اختلط بعد أن كتب عنه مسلم بن الحَجَّاج، ولعله لو عرَف تغيُّرَه لَما روى عنه في (الصحيح) ".
ثُمَّ قال البَيْهَقيُّ: "قال أبو عيسى التِّرْمِذيّ: قلت للبُخاريّ: فإنهم يذكرون عن سُوَيد بن سعيد عنِ ابنِ أبي زائدة عن شُعبة عن حبيب بن زيد؟ ، فقال: "هو حبيب بن زيد، ودع سُوَيد
(1)
"، وَضَعَّفَهُ جدًّا، وقال: "كلما لُقِّن شيئًا تلقنه"، وضعَّف أمْرَه"(الخلافيات 1/ 431، 432).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "فيه سُوَيد بن سعيد، وقد اختلط"(الدراية 1/ 21).
(1)
- هكذا العبارة، وهي غير واضحة، ولعله لذلك اختصرها ابن دقيق في (الإمام 1/ 579)، ولعل الصواب في هذه العبارة، أن سُوَيدًا أخطأ في اسم حبيب، فبيَّن البُخاريُّ الصواب في اسمه، وقال:"وهِم سُوَيد"، ثم ضعَّفَه جدًّا. ويبدو أن هذا النص تكملة لما نقله الإشبيليُّ عن التِّرْمِذيِّ في (الأحكام الكبرى ص 468)، والله أعلم.
وأقَرَّه المُناويُّ في (فيض القدير 3/ 173).
وقال في (التيسير 1/ 422): "إسناد ضعيف؛ لاختلاط سُوَيد بن سعيد".
بينما قال البُوصيري: "هذا إسنادٌ حسنٌ إن كان سُوَيد بن سعيد حفظه"(مصباح الزجاجة 1/ 65).
قلنا: لم يحفظه، والظاهر أنه حدث بهذا المتن بعد اختلاطه، فإنه قد حدث به مرة أخرى على الاستقامة؛
فقد رواه البَغَويُّ في (المعجم 2217)، والضِّياءُ في (المختارة 333) من طريقِ أبي لبيد السامي، كلاهما (البَغَويُّ والسامي): عن سُوَيد، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن شُعبة، به بلفظ:"تَوَضَّأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ".
وكذا رواه المحاربي وفروة بن أبي المَغراء وعبدالله بن عامر عنِ ابنِ أبي زائدة كما تقدم تحتَ حديثِ عبد الله بن زيد في باب مسح الأذنين.
ورواه أبو يَعْلَى كما في (إتحاف الخِيَرة 584/ 4)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 238) من طريقِ عِمران بن موسى، كلاهما (أبو يَعْلَى وعِمران) عن سُوَيد، عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، به بلفظ:"رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، وَجَعَلَ يَدْلُكُ [ذِرَاعَيْهِ] "، زاد فيه عند البَيْهَقيّ:"وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ".
وهذه الزيادة قد تفرد بها سُوَيد؛
فقد رواه أبو كُرَيب وإبراهيم بن موسى الرَّازيُّ، عنِ ابنِ أبي زائِدةَ، عن شُعبةَ به نحوه دون الزيادة.
وكذلك رواه القَطَّانُ ومعاذٌ العَنْبَريُّ والطَّيالِسيُّ وأبو خالد الأحمر عن شُعبة نحوه دون الزيادة الموقوفة، وقد تقدم تخريج هذه الطرق في الباب المشار إليه آنفًا.
فتبيَّن بهذا أن متن حديث ابن ماجَهْ منكَر، معلول، أخطأ فيه سُوَيد، وغفَل عن ذلك جماعة من النقاد، فظنوا أن هذا الحديثَ أَمْثَلُ أحاديث الباب، وليس كذلك:
قال المُنْذِري: "وهذا إسناد متصل، ورواته يحتج بهم، وإن البُخاريّ ومسلمًا قد اتفقا على الاحتجاج بابن أبي زائدة، وشُعبة، وعباد، وحبيب بن زيد: هو الأنصاري، وهو ثقةٌ، وسُوَيد بن سعيد، وإن نُسِب إلى ضعف وتدليس، فقد احتج به مسلم في "صحيحه"، وقد قال في هذا الحديثِ: ثنا يحيى بن زكريا، فهذا أمثل إسناد في هذا الباب، والله عز وجل أعلم"(شرح الإلمام ابن دقيقِ العيدِ 4/ 244). وكذا قال ابنُ دقيق في (الإمام 1/ 504).
وقال المُنْذِري أيضًا - مُعَقِّبًا على تحسين التِّرْمِذيّ لحديث الرُّبَيِّع بنتِ مُعَوِّذ -: "وحديث عبد الله بن زيد أصحُّ من هذا وأجودُ إسنادًا"(مختصر سنن أبي داودَ 1/ 99).
وقال ابنُ دقيق - مُعَقِّبًا على قولِ ابن الصَّلاحِ المتقدم -: "هذا الذي ذكره، وجعله هذا الحديثُ من النوع الذي لا يقويه مجيئه من طرق، أو وجوه، قد لا يوافَق على ذلك، فقد ذكرنا في الأصل روايةَ ابن ماجَهْ، وعرفنا أنه ليس من رواتها إلا مَن وُثِّق، وذكرنا كلام الشيخ في رواية سُوَيد بن سعيد، وأن رواته محتَجٌّ بهم، وذكرنا رواية الدَّارَقُطنيِّ، وحُكْمَ أبي الحسن بن القَطَّان بأن إسنادها صحيح، وتعليله بما علل به"(شرح الإلمام 4/ 248).
وقال ابنُ سيِّدِ الناسِ: "ورجالهُ كُلُّهم موثقون، مُخرَّج لهم في الصَّحيح، إلَّا حبيب بن زيد، فقد وثَّقه أبو حاتم ابن حِبَّانَ، وتقلَّد تصحيح حديثه
هذا
(1)
. وقال فيه أبو حاتم الرَّازيُّ: صالح" (النفح الشذي 1/ 359).
وقال الزَّيْلَعيُّ: "وهذا أمثل إسناد في الباب؛ لاتصاله، وثِقَةِ رواته، فابن أبي زائدة، وشُعبة، وعَبَّاد احتج بهما الشيخان، وحبيب ذكره ابنُ حِبَّانَ في الثِّقات في أتباع التابعين، وسُوَيد بن سعيد احتج به مسلم، والله أعلم"(نصب الراية 1/ 19).
وبنحوهم قال مُغْلَطاي في (شرح ابن ماجَهْ 1/ 446 - 447).
وقال العَيْنيُّ: "وإسناده أمثل إسناد؛ لاتصاله وثقة رواته، وقوَّاه المُنْذِري، وابنُ دقيقِ العيدِ"(البناية 1/ 215).
وقال الحافظُ: "حديث عبد الله بن زيد قواه المُنْذِري وابنُ دقيقِ العيدِ، وقد بينت أيضًا أنه مدرج"(التلخيص الحبير 1/ 160).
ووافقه البِقَاعيُّ، وقال:"ومن استظهر لعدم الإدراج بأنه روي تارة مفتتحًا بما للأذنين منه، وتارة مقتصرًا عليه، مجابٌ بأن ذلك من ثُمَّرات القول بالرواية بالمعنى، فقدَّم الراوي وأَخَّر، وأسقط واقتصر، وخَفِي عليه أمْرُ الإدراج؛ فإن من شأن العلل الخفاءَ، إلا على الجهابذة النقاد"(النكت الوفية 1/ 247).
قلنا: قال ابنُ دقيق في موضعٍ آخَرَ عن هذا الحديثِ: "سُوَيد بن سعيد أخرجَ لَهُ مسلم في "صحيحه"، وتَكَلَّم فيه ابن مَعِينٍ والنَّسائيُّ، وقال البَيْهَقيُّ
…
"، فذكر كلامه في الخلافيات، مع نقل كلام التِّرْمِذيِّ والبُخاري (الإمام 1/ 578، 579).
(1)
لكن ابن حِبَّانَ أخرج أصل الحديث وليس فيه زيادة: ((وَالْأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، وهذا دليل على نكارة هذه الزيادة التي تفرد بها سُوَيد.
وقد تَعَقَّبَ الحافظُ كلامَ المُنْذِريِّ، فقال:"هذا الإسناد رجاله رجال مسلم إلا أن له علةً؛ فإنه من رواية سُوَيد بن سعيد كما ترى وقد وهِمَ فيه، وذكر التِّرْمِذيّ في العلل الكبير أنه سأل البُخاريّ عن هذا الحديثِ فضعَّف سُوَيدًا. قلت (الحافظ): وهو وإن أخرجَ لَهُ مسلم في صحيحه فقد ضعَّفَه الأئمة، واعتذر مسلم عن تخريج حديثه بأنه ما أخرجَ لَهُ إلا ما له أصل من رواية غيره، وقد كان مسلم لَقِيَه وسمِع منه قبل أن يعمَى ويُتلقَّنَ ما ليس من حديثه، وإنما كثُرت المناكير في روايتِهِ بعد عماه، وقد حدَّث بهذا الحديثِ في حال صحته فأتى به على الصوابِ - أي: موقوفًا -، فرواه البَيْهَقيُّ من رواية عِمرانَ بنِ موسى السَّخْتِيانيِّ، عن سُوَيد بسنده، إلى عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ، وَجَعَلَ يَدْلُكُ، قال: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ. انتهى. وقوله: "قال: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ " هو من قول عبد الله بن زيد رضي الله تعالى عنه، والمرفوع منه ذكر الوضوء بثلثي مُدٍّ والدلك، وكذا أخرجه ابنُ خُزَيْمةَ وابنُ حِبَّانَ في صحيحهما والحاكمُ من حديث أبي كُرَيب عنِ ابنِ أبي زائدة دون الموقوف"(النكت على ابنِ الصَّلاحِ 1/ 411).
قلنا: والموقوف في هذا الحديثِ منكَر أيضًا؛ لتفرُّد سُوَيدٍ به من بين أصحاب ابن أبي زائدة، واتِّفاقِ أصحاب شُعبة على عدم ذكره، ومَن يكون سُوَيدٌ حتى يتفرد من بين هؤلاء؟ ! .
ومع هذا رمز لصحته السُّيوطيّ في (الجامع الصغير 3046)، وخرَّجه عن عدد منَ الصحابةِ منهم عبد الله بن زيد، كأنه يشير إلى أنه صحيح بمجموع طرقه.
وكذا صَحَّحَهُ الألبانيُّ في (الصحيحة 36) فقال: "حديث صحيح له طرق كثيرة عن جماعة منَ الصحابةِ، منهم: أبو أُمامة، وأبو هريرةَ، وابنُ عمرو، وابنُ عبَّاسٍ، وعائشة، وأبو موسى، وأنس، وسمُرةُ بن جُندُب، وعبد الله بن زيد".
وقال مُعَقِّبًا على كلام البُوصيريِّ المذكورِ آنفًا: "ولكن ذلك لا يمنع أن يكون حسنًا لغيرِهِ، ما دام أن الرجال كلهم ثقات ليس فيهم متَّهَمٌ، وإذا ضُم إليه طريقِ ابنِ عبَّاسٍ الصحيح، وطريقُه الآخَرُ الذي صَحَّحَهُ ابنُ القَطَّانِ وابنُ الجَوزيِّ والزَّيْلَعيُّ وغيرُهُم؛ فلا شك حينئذ في ثبوت الحديث وصحته، وإذا ضُمَّ إلى ذلك الطرق الأخرى عن الصحابة الآخرين، ازداد قوةً، بل إنه ليرتقي إلى درجة المتواتر عند بعض العلماء"(الصحيحة 1/ 90).
وكذا صَحَّحَهُ في (الإرواء 84)، وحَسَّنَهُ في (صحيح سنن ابن ماجَهْ 362).
قلنا: وفي تصحيحه بمجموع الطرق نظر؛ فإن حديث عبد الله بن زيد منكَر؛ غير محفوظ عنه بهذا اللفظِ، كما بيَّنَّاه آنفًا، فليست العلة فقط في الكلام في حفظ سُوَيدٍ حتى ينجبر بغيره كما هو مقرَّر، ولكنه خطأ محْضٌ منه، فلا يصلح حينئذ للاعتبار، وكذا الحال في بقية شواهد هذا الباب، إما الصواب فيها الوقف أو الإرسال، أو شدةُ الضعف، فإن كان الحال كذلك، فلا يصح تقويتها بمجموعها
(1)
، والله أعلم.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ،
(1)
ينظر لتأصيل هذه المسألة كتاب (الإرشادات في تقوية الأحاديث بالشواهد والمتابعات ص 78) باب: "المنكر .. أبدًا منكر".
والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
وقد تَقَدَّمَ نقْلُ أقوالهم في حديثِ أبي أُمامةَ.
* * *
1771 -
حَدِيثُ ابْنِ عبَّاسٍ:
◼ عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
طرقه كلُّها معلولة. وَضَعَّفَهُ: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حزم، والإشبيلي، والنَّوَويُّ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[بز (النكت لابن حَجَر 1/ 412)، (لسان 7/ 475) / مَعْمَري (يوم- النكت لابن حَجَر 1/ 412) / قط 331، 332 "واللفظُ له"/ عد (4/ 516)، (6/ 537) / مينج 31/ شاهين (جزء/ رواية المجلي 10) / هقخ 167، 168، 169، 170/ شخل (3/ 844) / تحقيق 140/ تد (1/ 154)].
[التحقيق]:
له طرق عنِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما:
الأول: عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن عطاء، عنِ ابنِ عبَّاسٍ:
أخرجه البَزَّارُ في (مسنده) - كما في (النكت على ابنِ الصَّلاحِ لابن حَجَر 1/ 412)، و (لسان الميزان 7/ 475) - ومن طريقِه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 331)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 170)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 140) -.
وأخرجه الحسن بن علي المَعْمَريُّ في "اليوم والليلة" - كما في (النكت على ابنِ الصَّلاحِ لابن حَجَر 1/ 412) -، ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 167).
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 516، 6/ 537). وابنُ شاهين في (جزء من حديثه رواية المجلى عنِ ابنِ المهتدي 10). وأبو بكر المَيَّانِجيُّ في (الغرائب 31). والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 332)، عن أبيه عُمر بن أحمدَ بن مهدي. والخليلي في (الإرشاد 3/ 844) من طريقِ أبي عليٍّ النَّيسابوريِّ. والرافعي في (تاريخ قزوين 1/ 154) من طريقِ محمد ابن زَنْجُويَهْ.
ستتهم: عن محمدِ بنِ مُحَمد البَاغَنْدي.
ثلاثتهم (البَزَّارُ، والمَعْمَري، والباغندي): عن أبي كامل الفضيل بن الحسين الجَحْدَري، حَدثنا غُنْدَر، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن عطاء، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.
قال أَبو كامل عَقِبَه: "لم أكتب عن غُنْدَر إلا هذا الحديثُ الواحد، أفادنيه عنه عبد الله بن سلمة الأفطس"(الكامل 6/ 537)، ونحوه في (الكامل 4/ 516)، وفي (جزء ابن شاهين).
وهذا إسناد ظاهره الصحة، فرجاله كلهم ثقات، ولهذا قال البَزَّارُ:"إسناد حديث ابن عبَّاسٍ جيد"، نقله العَيْنيُّ - وحدَه - في (البناية 1/ 216).
إلا أنه معلول؛ فإن المحفوظ عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمان بن موسى، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. معضلًا.
كذا رواه سفيانُ الثَّوْريُّ في «الجامع» - كما في (الخلافيات للبيهقي عَقِبَ 171) -.
وعبد الرَّزَّاقِ في (المصنَّف 23).
وابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 156): عن وكيع.
وأبو عُبَيد في (الطهور 360): عن حَجَّاج بن محمد.
والطَّبَريّ في (التفسير 8/ 172) من طريقِ الوليد بن مسلم.
والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 280) من طريقِ الحُمَيديِّ، عنِ ابنِ عُيَيْنةَ.
والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 338) من طريقِ عبد الوهاب بن عطاء الخَفَّاف.
سبعتُهم: عنِ ابنِ جُرَيجٍ، قال: حدثني سُلَيمان بن موسى، به مرسلًا.
ولهذا أَعَلَّ هذا الطريقَ غيرُ وَاحدٍ من الأئمة:
فقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا عنِ ابنِ جُرَيجٍ لا يرويه غير الربيع بن بدر
(1)
وغُنْدُرٌ صاحب شُعبة، ومن حديث غُنْدَر ليس بالمحفوظ" (الكامل 4/ 516).
وقال في موضعٍ آخَرَ: "وهذا الحديثُ لا أعلم يرويه عن غُنْدَر بهذا الإسنادِ غير أبي كامل، وحدَّث عن أبي كامل بهذا الحديثِ المَعْمَريُّ والباغنديُّ، وقد رُوِي هذا الحديثُ عن الربيع بن بدر عنِ ابنِ جُرَيجٍ"(الكامل 6/ 537).
وقال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "تفرَّد به أبو كاملٍ عن غُنْدر، ووهِمَ عليه فيه، تابعه الربيع بن بدر وهو متروك، عنِ ابنِ جُرَيجٍ. والصواب عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمان بن موسى، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا"(السنن 332).
وقال في (سؤالات البَرْقانيّ 676): "هذا ما رواه إلا أبو كامل عن غُنْدر عنه، وهو وهَمٌ منه على غُنْدر، لم يحدِّث به عن غُنْدَر غيرُه".
وقال الحافظُ ابنُ حَجَر: "وهذا رجاله رجال مسلم - أيضًا -، إلا أن له
(1)
والربيع بن بدر متروك، وقد تقدم الكلام على روايته في باب:"الْأَمْرِ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ".
علةً؛ فإن أبا كامل تفرد به عن غُنْدَر، وتفرد به غُنْدَرٌ عنِ ابنِ جُرَيجٍ. وخالَفَه مَن هو أحفظ منه وأكثرُ عددًا، فرَوَوْهُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمان بن موسى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم معضلًا. والعلة فيه من جهتين:
إحداهما: أن سماع غُنْدَرٍ من ابن جُرَيجٍ كان بالبصرة، وابنُ جُرَيجٍ لَمَّا حدث بالبصرة حدَّث بأحاديثَ وهِمَ فيها، وسماع مَن سمِع منه بمكةَ أَصَحُّ.
ثانيهما: أن أبا كامل قال - فيما رواه ابنُ عَدِيٍّ عنه -: "لم أكتب عن غُنْدَر إلا هذا الحديثُ، أفادَنيه عنه عبدُ اللهِ بنُ سلمة الأفطس" انتهى.
والأفطس ضعيف جدًّا، فلعله أدخله على أبي كامل" (النكت على كتاب ابن الصَّلاحِ 1/ 412).
وقيل: الخطأ ممن دون أبي كامل، فقال الحاكمُ أبو عبد الله:"هذا حديث يُعرَف بالمَعْمَري، وهو آخر ما ذكره موسى بن هارون في الإنكار عليه، وقد سرقه منه الباغَنديُّ وغيرُه"(الخلافيات للبيهقي 167).
قلنا: وفيه نظرٌ؛ فقد رواه عن أبي كامل كذلك البَزَّارُ، وهو إمام ثقةٌ حافظٌ، حاشاه أن يسرق الحديث.
وأما أبو عليٍّ النيسابوري الحافظ، فسأله الحاكمُ عنه، فقال: هذا حديث حدثنا به ابن الباغَندي، ونحن نتهمه به، فإنه لم يحدِّث به في الإسلام أحدٌ غيرُه عن أبي كامل عن غُنْدَر. قال الحاكمُ: فذاكرني أبو الحسين بن المظفر البغدادي فقال لي: الباغندي ثقة، إمام، لا ينكر منه إلا التدليس، والأئمة قد دلَّسوا، فقلت: لا تقل بهذا، أليس قد روى عن أبي كامل هذا ولم يُتابَعْ عليه؟ فقال: قد ذكر
لي عن [أحمد بن عَمرو بن]
(1)
عبد الخالق البَزَّارُ، عن أبي كامل كما عند الباغندي" (الإرشاد للخليلي 3/ 844).
قلنا: ولعل ما قاله الحافظ ابن حَجَر أخيرًا هو الأقربُ للصواب، لأن أبا كامل يقول: أفادَنيه عنه - أي: عن غُنْدَر - الأفطسُ. والأفطس هذا متَّهَمٌ ساقط، فهو أَوْلَى أن يتحمل نكارة هذا الحديثُ. والله أعلم.
وذهب إلى تصحيحه ابنُ الجَوزيِّ، وابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ؛
فقال ابنُ الجَوزيِّ مُعَقِّبًا على إعلال الدَّارَقُطنيِّ له: "أبو كامل لا نعلم أحدًا طعن فيه، والرفع زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، كيف وقد وافَقه غيره؟ فإن لم يُعتد برواية الموافق اعتبر بها، ومن عادة المحدِّثين أنهم إذا رأوا من وقف الحديث ومن رفعه وقفو مع الواقف احتياطًا، وليس هذا مذهب الفقهاء.
ومن الممكن أن يكون ابن جُرَيجٍ سمِعه من عطاء مرفوعًا، وقد رواه له سُلَيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرَ مسند" (التحقيق 1/ 153).
وتَعقَّبَه ابن عبدِ الهادِي فقال: "وهذه الطَريقة التي سلكها المؤلف ومَن تابعه (في أنَّ الأخذ بالمرفوع في كل موضع) طريقةٌ ضعيفةٌ، لم يسلكها أحد من المحقِّقين وأئمة العِلَلِ في الحديثِ"(تنقيح التحقيق 1/ 207).
وقال ابنُ القَطَّانِ: "هذا الإسناد صحيح بثقة راويه واتصاله، وإنما أَعَلَّه
(1)
ما بين المعقوفين سقط من مطبوع (الإرشاد)، والصواب إثباتها، فالمراد هو البَزَّار صاحب المسند، كما نقله الحافظ في (لسان الميزان 7/ 477) وعَقَّبَ عليه بقوله:"والحديث موجود في مسند البَزَّار بهذا الإسناد". وذكره بسنده كاملًا من مسند البَزَّار في (النكت على ابن الصلاح)، وقد رواه من طريق البَزَّار: الدَّارَقُطنيُّ وغيرُه.
الدَّارَقُطنيُّ بالاضطراب في إسنادِهِ، فتَبِعَه أبو محمد على ذلك، وهو ليس بعيب فيه.
والذي قال فيه الدَّارَقُطنيُّ، هو أن أبا كامل تفرَّد به عن غُنْدَر، ووَهِم فيه عليه.
هذا ما قال، ولم يؤيده بشيءٍ ولا عضده بحجة، غير أنه ذكر أنَّ ابنَ جريح الذي دار الحديث عليه، يروى عنه عن سُلَيمان بن موسى عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
وما أدري ما الذي يمنع أن يكون عنده في ذلك حديثان: مسنَد ومرسل؟ ! والله أعلم" (بيان الوهم والإيهام 5/ 264).
وقال في موضعٍ آخَرَ: "وحديث ابن عبَّاسٍ منها لا عيب له إلا الاختلاف بالإرسال والإسناد، وذلك لا يضره"(بيان الوهم والإيهام 5/ 663).
وتَعَقَّبَ ابنُ القَطَّانِ غيرُ وَاحدٍ:
فقال ابنُ سيِّدِ الناسِ: "ما قاله ابنُ القَطَّانِ له وجه من النَّظر، لكن ليس هو الاصطلاح عندهم، وإنَّما لا يكون الاضطراب عِلَّةً عند تساوي الطرفين، أو تقارُبِهِما.
وأمَّا حيثُ يكونُ أصحابُ غُنْدُرٍ كُلُّهم روَوْهُ عنه من طريقِ سُلَيمان بن موسى، وانفرد أبو كامل وحدَه بطريق أخرى، لم يتابِعه عليها غيرُه، فشُبهة تضعيفِه راجحةٌ على تصحيحه اصطلاحًا.
وقال ابنُ عَدِيٍّ: ليس هو من حديث غُنْدَر بمحفوظ، وضعَّف الحديث" (النفح الشذي 1/ 362 - 363).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي بعد نقل كلام ابنُ القَطَّانِ: "انتهى كلامه، وفيه نظرٌ كثير"(تنقيح التحقيق 1/ 207).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "وقد مال أبو الحسن ابنُ القَطَّانِ إلى الحكم بصحته؛ لثقة رجاله واتصاله، وقال ابنُ دقيقِ العيدِ: لعله أَمْثَلُ إسناد في هذا الباب. قلت: وليس بجيد؛ لأن فيه العلةَ التي وصفناها، والشذوذَ؛ فلا يحكم له بالصحةِ كما تقرر، والله أعلم"(النكت 1/ 413).
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[تنبيه]:
غمز غير واحد من أهلِ العلمِ في الإمام البَيْهَقيِّ لعدم ذكره لحديث ابن عبَّاسٍ هذا وحديث عبد الله بن زيد المتقدم في (السنن الكبير)، لأنهما - من وجهة نظرهم - أَمْثَلُ أحاديثِ الباب؛
فقال ابنُ التُّرْكُمانيّ: "فأعرض البَيْهَقيُّ عن حديث ابن ماجَهْ - يعني: حديثَ عبد الله بن زيد-، وحديثِ الدَّارَقُطنيِّ - يعني: حديثَ ابن عبَّاسٍ هذا - مع شدة تتبُّعِه لكتابه، واشتغل بحديث أبي أُمامةَ مع ما فيه، وذكر الإسناد الذى زعم أنه أشهر إسناد لهذا الحديثِ، وبهذا يظهر تحاملُه"(الجوهر النقي 1/ 68).
وقال الزَّيْلَعيُّ: "فانظر كيف أعرض البَيْهَقيُّ عن حديث عبد الله بن زيد، وحديثِ ابن عبَّاسٍ هذين، واشتغل بحديث أبي أُمامة، وزعم أن إسناده
أشهر إسناد لهذا الحديثِ، وترك هذين الحديثين، وهُمَا أَمْثَلُ منه؟ ! ومن هنا يظهر تحاملُه، والله أعلم" (نصب الراية 1/ 19)، وتَبِعَه العَيْنيُّ في (البناية 1/ 216).
ولهذا قال العَجْلونيّ: "وقد تُوُهِّم في البَيْهَقيِّ التحاملُ بسبب اقتصاره على حديث أبي أُمامةَ والاشتغال بالتكلُّم فيه، مع أن في الباب حديثَ عبد الله بن زيد أخرجه ابنُ ماجَهْ، وحديثَ ابن عبَّاسٍ أخرجه الدَّارَقُطني"(كشف الخفاء 1/ 92).
قلنا: وما قالوه جميعا فيه نظرٌ، بل وتحامُل؛ فإن كل أحاديث الباب ضعيفة، ليس فيه شيء ثابت، وإن كان بعضها من وجهة نظرهم صحيحًا، فلا يُلزَم المجتهِدُ باجتهاد غيره.
وقد قال البَيْهَقيُّ: "وأما ما رُوي عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، فرُوِيَ ذلك بأسانيدَ ضِعافٍ ذكرناها في الخلاف. وأشهر إسناد فيه ما
…
" فذكر حديث أبي أُمامة (السنن الكبير 1/ 202).
فها هو قد نَصَّ على أن كل أسانيده ضعيفة، وأحال على الموضع الذي ذكر فيه ذلك مفصلًا، وهو كتاب (الخلافيات)، وقد أخرج هناك حديثَ عبد الله بن زيد، وحديثَ ابنِ عبَّاسٍ، وبيَّن عِلَلَهما.
وأمَّا مِن حيث الشهرةُ فلا ريب ولا شك أنَّ حديث أبي أُمامةَ أشهرُ من حديثَيْ عبد الله بن زيد وابنُ عبَّاسٍ؛ فحديث أبي أُمامةَ: مُخَرَّجٌ في أمهات كتب السُّنَّة، كسنن أبي داودَ والتِّرْمِذيُّ وابنُ ماجَهْ ومسندِ أحمدَ، وغيرِها كثير من دواوين السُّنَّة
(1)
.
(1)
وقد تَقدَّمَ تخريجُه أول الباب.
أما حديث عبد الله بن زيد، فلم يُخَرِّجه سوى ابن ماجَهْ، والبَيْهَقيُّ - نفْسِه - في (الخلافيات).
وحديث ابن عبَّاسٍ المشار إليه من طريقِ غُنْدَرٍ لا ذكرَ له في الكتب الستة ولا مسند أحمد ولا معاجم الطَّبَرانيِّ، بل لم يذكروا هُمْ سوى الدَّارَقُطنيِّ، وقد أخرجه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات) أيضًا.
وقد قال المُنْذِري: "قد وقع لنا هذا الحديثُ من روايةِ ابن عبَّاسٍ وابنُ عمر وأبي موسى الأشعري وأبي هريرةَ وأنس وعائشة، وليس شيء منها يثبت مرفوعًا، وعن عُثْمَانَ من قوله، وأشهرها حديث أبي أُمامةَ كما قال البَيْهَقيُّ"(النكت على مقدمة ابن الصَّلاحِ للزركشي 1/ 326).
وذكر الشيخ أحمد شاكر أن الحافظ ابن حَجَر كتب بخطه على نسخة (نَصْب الراية) المحفوظة بدار الكتب المصرية ما نصُّه: "البَيْهَقيُّ إنما قال إن حديث أبي أمامة أشهرها، ولا يلزم مِن الشهرة الصحةُ ولا غيرُها، وأما كونُ حديثِ ابن عبَّاسٍ وابنُ زيد أَمْثَلَ منه فلا يلزم منه الشهرةُ الموجودة في حديثِ أبي أُمامةَ، فتأمله" انتهى. (تحقيق سنن التِّرْمِذي 1/ 55).
* * *
رِوَايَة: أَنَّهُ سُئِلَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الأُذُنَيْنِ: أَمِنَ الرَّأْسِ هُمَا أَوْ مِنَ الوَجْهِ؟ فَقَالَ: «هُمَا مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسناده ساقط. وأنكره العُقَيليُّ: وابنُ عَدِيٍّ، والدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ طاهر.
[التخريج]:
[عق (3/ 469 - 470) / عد (9/ 84) / قط 348 - 350 من غير سؤال/ هقخ 189 من غير سؤال]
[السند]:
أخرجه العُقَيليُّ في (الضُّعفاء 3/ 469) قال: حدثناه عبد الله بن أحمدَ بن أبي مَسَرَّةَ، قال: حدثنا خلَّاد بن يحيى، قال: حدثنا محمدُ بن زياد اليَشْكُريُّ، قال: حدثنا ميمون بن مِهران، عنِ ابنِ عبَّاسٍ، به.
وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 9/ 84)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 348 - 350)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 189) من طريقِ محمد بن زياد، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ محمد بن زياد: هو اليَشْكُريُّ الطَّحَّان، قال فيه أحمد:((كذاب خبيث أعورُ يضعُ الحديثَ))، وكذلك قال ابنُ مَعِينٍ وأبو زُرْعةَ والنَّسائيّ وغيرهم. (تهذيب التهذيب 9/ 172). ولذا قال الحافظُ:((كذَّبوه)) (التقريب 5890).
وبه أَعَلَّه غيرُ وَاحدٍ منَ العلماءِ:
فذكره الحديث العُقَيليُّ في مناكيره، بعدما نقل تكذيبه واتهامه بالوضع عن
غيرِ واحدٍ من الأئمة.
وكذا ذكره في مناكيره ابنُ عَدِيٍّ، وختم ترجمته بقوله:"ولمحمد بن زياد هذا غيرُ ما ذكرتُ من الحديث، وهو بيِّنُ الأمر في الضُّعفاء، يروي عن ميمون بن مِهرانَ أحاديثض مناكيرَ لا يرويها غيره، ولا يتابِعه أحدٌ منَ الثِّقاتِ عليها"(الكامل 9/ 86).
وقال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "محمد بن زياد متروكُ الحديثِ"(السنن 350). وتَبِعَه الغَسَّاني في (تخريج الأحاديث الضِّعاف من سنن الدَّارَقُطني ص 25).
وقال البَيْهَقيُّ عَقِبَه: "محمد بن زياد هذا هو الطحان: كذاب خبيث"(الخلافيات 1/ 383).
وقال ابنُ طاهر: "ومحمد كذاب، يضعُ الحديثَ"(ذخيرة الحفاظ 2/ 1075).
وذكر له الدَّارَقُطنيّ علةً أخرى، فقال:"ورواه يوسف بن مِهران عنِ ابنِ عبَّاسٍ موقوفًا". ثُمَّ ساقه من طريقِ عليِّ بن زيد، عنه.
قلنا: ولكن عليّ بن زيد هو ابن جدان جُدْعانَ؛ ضعيف لا يحتج به.
وللحديث طرقٌ أخرى عنِ ابنِ عبَّاسٍ، واهيةٌ تالفة، وقد تَقَدَّمَ تخريجُها والكلامُ عليها في أبواب المضمضة والاستنشاق.
* * *
1772 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ:
◼ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
طرقه كلُّها ضعيفة معلولة. وأَعَلَّها: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والإشبيليُّ، والعَيْنيُّ. والصواب وقْفُه على ابنِ عُمرَ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[عد (2/ 98)، (5/ 89) / معقر 34/ قط 321 واللفظُ له، 322، 323، 330/ علقط (6/ 346) / مخلص 1233/ تمام 620/ بحير (ق 11/ ب) / هقخ 140، 141، 145، 146، 152، 153، 155، 156/ خط (8/ 420)، (16/ 240) / ضح (1/ 196) / تحقيق 139/ نجار (20/ 59)]
[التحقيق]:
الحديث له طرق عنِ ابنِ عمر:
الطريق الأول: عن أسامة بن زيد، عن نافع، عنِ ابنِ عمر:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 321)، و (العلل 6/ 346) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 140)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 139) -، والمخلِّص في (المخلصيات 1233)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 141)،
والخطيب في (الموضح 1/ 196)، و (تاريخ بغداد 16/ 240)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 139): من طريقِ يحيى بن العريان الهَروي، عن حاتم بن إسماعيل، عن أسامة بن زيد، عن نافع، عنِ ابنِ عمر، به.
وهذا إسناد منكر؛ أخطأ فيه يحيى بن العريان - ولم نجدْ مَن وَثَّقَهُ
(1)
-، أو حاتم بن إسماعيل وهو "صدوقٌ يَهِم"(التقريب 994).
وقد رواه ابنُ أبي شَيْبةَ (163) - ومن طريقِه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 327)، ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 143) -: عن أبي أسامة حماد بن أسامة.
ورواه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 327) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 142)، والخطيب في (الموضح 1/ 196) -: من طريقِ وَكِيع بن الجَرَّاح.
كلاهما: (أبو أسامة، ووكيع): عن أسامة بن زيد، عن هلال بن أسامة الفِهْريِّ، عنِ ابنِ عُمرَ، به موقوفًا.
ولذا قال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "كذا قال، وهو وهَمٌ؛ والصواب عن أسامة بن زيد، عن هلال بن أسامة الفِهريِّ، عنِ ابنِ عُمرَ موقوفًا"(السنن 321) ونحوه (عَقِبَ 326).
وقال في (العلل): "يحيى بن العُريان، وهو عمُّ
(2)
أحمدَ ومُعاذٍ ابنَيْ
(1)
وإنما ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد 16/ 240)، ولم يَزِد في تعريفه على ما في هذا الحديث، ونقل عن ابن ياسين أنه كان ببغدادَ محدِّثًا.
(2)
كذا قال، وهو الصواب، فأحمد ومعاذ ابنا نجدة بن العريان، فيحيى عمهما، وأما ما وقع في (تاريخ بغداد 16/ 240) عن أحمدَ بن محمد بن ياسين، قال:"يحيى بن العريان الهروي ابن عم بني نجدة، كان ببغداد محدِّثًا". فهو وهَمٌ؛ وإنما قال ذلك ابن ياسين في (زيد بن يحيى بن العريان)، كما نقله الخطيب - نفْسُه - بالإسناد نفْسِه في ترجمة (زيد)(تاريخ بغداد 9/ 453). فلعل الخطيبَ ذهل عن ذلك في ترجمة (يحيى). والله أعلم.
نَجدَة، وهو وهَمٌ، والصواب عن أُسامةَ بن زَيدٍ اللَّيْثيِّ، عن هلال بن أُسامةَ الفِهريِّ، عنِ ابنِ عُمرَ، قولَه غير مرفوع" (العلل 2773) ونحوه في (العلل 2784).
وقال الخطيبُ: "والخطأ فيه من وجهين: أحدهما قوله: (عن نافع)، والثاني: روايته مرفوعًا، وحديث وكيع الصواب. والله أعلم"(الموضح 1/ 196).
ومال ابن الجَوزيِّ إلى تصحيحه، فذكر عن مخالفيه إعلالَه بأسامةَ بن زيد، وأجاب عن ذلك بقوله:"قلنا: قد قال يحيى بن مَعِينٍ: هو ثقة صالح". ثُمَّ نقل عنهم أنهم قالوا: فقد قال الدَّارَقُطنيُّ: رفْعُه وهَمٌ، والصواب أنه موقوف على ابنِ عُمرَ. وأجاب عن ذلك بقوله:"قلنا: الذي يرفعه يذكر زيادةً، والزيادة من الثقة مقبولةٌ، والصحابي قد يروي الشيء مرفوعًا، وقد يقوله على سبيل الفتوى"(التحقيق 1/ 152).
وهذا الكلام فيه نظرٌ ظاهر؛ من وجهين:
الأول: أن هذه القاعدة (والزيادة من الثقة مقبولةٌ) ليس على إطلاقها عند أئمة الحديث، بل لكل زيادة نقدٌ خاصٌّ عندهم.
الثاني: أن الطريق المرفوع لم يثبت من طريقِ ثقة أصلًا؛ ففيه يحيى بن العُريان، وهو مجهول الحال.
الطريق الثاني: عن عُبيد الله، عن نافع، عنِ ابنِ عمر:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ (323)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 153): من طريقِ
عبد الله بن محمد بن وُهَيب الغَزِّي، حدثنا محمدُ بن أبي السَّرِي، حدثنا عبد الرَّزَّاقِ، عن عُبيد الله، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، مرفوعًا به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن المعروف بابن أبي السَّرِي؛ "صدوقٌ عارف، له أوهام كثيرة"(التقريب 6263).
واختُلِف فيه على عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ وُهَيبٍ الغَزِّيِّ أيضًا:
فرواه تمام في (الفوائد 620) قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أيوبَ العدلُ، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ وُهَيب الغَزِّي، حدثنا ابن أبي السَّري، حدثنا عبد الرَّزَّاقِ، عن سفيانَ، عن عُبيد الله، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، مرفوعًا.
قال: وحدثنا محمدُ بن هارون، حدثنا عبدُ اللهِ بنُ وُهَيب.
وتابَعه على ذكر سفيانَ الثَّوْريِّ: إسحاقُ بنُ إبراهيم قاضي غزة، عنِ ابنِ أبي السَّري، عن عبد الرَّزَّاقِ، عن الثَّوْريِّ، عن عُبيد الله، عن نافع، عنِ ابنِ عمر، مرفوعًا.
أخرجه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 152)، وابنُ النجار في (ذيل تاريخ بغداد 20/ 59).
قال الدَّارَقُطنيُّ: "ورفْعُه أيضًا وهَمٌ، ووَهِم في ذكر الثَّوْريِّ، وإنما رواه عبدُ الرَّزَّاقِ، عن عبدِ اللهِ بن عُمرَ أخي عُبيد الله، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، عنه موقوفًا"(السنن 323).
ثُمَّ رواه من طريقِ عبد الرَّزَّاقِ، أنا عبد الله بن عُمرَ، عن نافع، عنِ ابنِ عمر به موقوفًا، وهو في (المصنَّف 24).
ولذا قال في (العلل): "والصحيح عن عبد الرَّزَّاقِ موقوفًا"(العلل 6/ 346).
وقال أيضا: "وكذلك رواه محمد بن إسحاقَ، عن نافع، وعبد الله بن نافع، عن أبيه، عنِ ابنِ عُمرَ موقوفًا"(السنن 323).
وطريقِ ابنِ إسحاقَ عندَ ابنِ أبي شَيْبةَ (164)، والطَّحاويِّ (1/ 34)، وغيرِهما.
الطريق الثالث: عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عنِ ابنِ عمر:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 5/ 89)، وابنُ المقرئ في (المعجم 34)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 145): من طريقِ ضَمْرةَ بنِ ربيعةَ.
وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 322)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 146): من طريقِ القاسم بن يحيى البزاز.
كلاهما: إسماعيل بن عَيَّاش، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، مرفوعًا به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه إسماعيلُ بن عَيَّاشٍ؛ مخلِّطٌ في روايتِهِ عن غير أهل بلده، لا سيما روايته عن المدنيين، فإنه يأتي عنهم بالمناكير كما قال البُخاريُّ وغيرُه، وهذا منها، فشيخه في هذا الحديثِ يحيى بنُ سعيدٍ الأنصاريُّ المدني.
وقد خُولِف؛ قال الدَّارَقُطنيُّ: "ورواه عباد بن العَوَّام، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ: أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ مَعَ وَجْهِهِ، وهو الصحيح"(العلل 6/ 346/ 2773).
وقال في (السنن) عَقِبَه: "رفْعُه وهَمٌ، والصواب عنِ ابنِ عُمرَ من قوله، والقاسم بن يحيى هذا ضعيف"(السنن 322).
وتَبِعَه البَيْهَقيُّ، فقال:"والقاسم بن يحيى ضعيف، وضَمْرةُ بن ربيعةَ أيضًا ليس بالقوي، فإنْ سَلِم منهما فالحملُ فيه على إسماعيلَ بنِ عيَّاشٍ، رفَعَه، والصواب موقوف"(الخلافيات 1/ 353).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "رواية إسماعيل بن عَيَّاشٍ عن الحجازيين فيها مقالٌ، وهذا منها، والمحفوظُ من حديث نافع عنِ ابنِ عُمرَ رضي الله عنهما من قوله. وكذا رواه عبدُ الرَّزَّاقِ وأبو بكر بن أبي شَيْبةَ من طرقٍ عنه"(النكت 1/ 414).
الطريق الرابع: عن سُلَيمان بن موسى، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ:
أخرجه الخطيبُ في (تاريخه 8/ 420)، من طريقِ الحسن بن كُلَيب، حدثنا مصعب بن المِقْدام، حدثنا سفيان، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بنِ موسى، عن نافع عنِ ابنِ عُمرَ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَتَمَضْمَضْ وَلْيَسْتَنْثِرْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ، ورفْعُه منكَرٌ؛ والمحفوظُ عنِ ابنِ جُرَيجٍ عن سُلَيمان بن موسى مرسلًا، كما قال الدَّارَقُطنيُّ.
وقد سبقَ الكلامُ على هذا الطريق في باب: "الْأَمْرِ بِالمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالِاسْتِنْثَارِ فِي الوُضُوءِ".
الطريق الخامس: عبد الله بن نافع، عن أبيه، عنِ ابنِ عُمرَ:
أخرجه أبو عثمان البحيري في (الثالث من فوائده ق 11/ ب)، عن زاهر بن أحمدَ، أنبا إبراهيم بن مُغِيرة، حدثنا محمدُ بن إسماعيل الحسَّاني، حدثنا وكيع، عن عبدِ اللهِ بن نافع، عن أبيه، عنِ ابنِ عُمرَ، مرفوعًا به.
ثُمَّ قال أبو عثمان: "هكذا وجدت في أصل كتابي". وكأنه استنكره، وهو كذلك؛
فقد رواه الدَّارَقُطنيُّ (326) من طريقِ عبَّاسٍ البَحراني عن وكيع به موقوفًا.
وعلى كلٍّ، فهذا الإسناد ضعيف مرفوعًا وموقوفًا؛ فيه عبدُ اللهِ بنُ نافع؛ وهو "ضعيف"(التقريب 3661).
الطريق السادس: عن زيد العَمِّيِّ، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 98) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 156) -: من طريقِ عيسى الغُنْجار، حدثنا محمدُ بن الفضل، عن زيد العَمِّيِّ، عن نافع، عنِ ابنِ عُمرَ، به مرفوعًا.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه محمد بن الفضل، وهو ابن عطية؛ "كذَّبوه"(التقريب 6225).
وقدِ اضطربَ في إسناد الحديث، فرواه مرة هكذا، وتارةً أخرى رواه عن زيد العَمِّيِّ، عن مجاهد عنِ ابنِ عمر، كما سيأتي في الطريق التالي.
وبه أَعَلَّه البَيْهَقيُّ؛ حيث نَقَل عَقِبَه كلامَ الدَّارَقُطنيِّ الآتي على طريق مجاهد، قال:"محمد بن الفضل هو ابن عطية؛ متروكُ الحديثِ". ونقل تضعيفَه كذلك عن عدد منَ العلماءِ. انظر (الخلافيات 157 - 160).
وقال ابنُ طاهر: "رواه عن زيد: محمدُ بن الفضل بن عطية. ولعل البلاء منه؛ فإنه أضعف من زيد"(ذخيرة الحفاظ 2288).
وزيد بن الحَواريِّ أبو الحَواريِّ العَمِّيُّ؛ "ضعيف"(التقريب 2131).
وبهما ضعَّفَه ابن سيِّدِ الناسِ؛ فقال: "وأمَّا حديثُ ابنِ عُمرَ: فمن طريقِ محمد بن الفضل بن عطية، والكلام فيه شديد، عن زيد العَمِّيِّ، وضُعِّف"(النفح الشذي 1/ 363).
الطريق السابع: عن مجاهد، عنِ ابنِ عُمرَ:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 330) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 155) -: عن القاسم بن إسماعيل، عن إدريس بن الحَكَم العَنزي، عن محمدِ بنِ الفضل، عن زيد العَمِّيِّ، عن مجاهد، عنِ ابنِ عمر، به.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:
الأولى: محمد بن الفضل، هو ابن عطية؛ "كذَّبُوه"(التقريب 6225).
وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيّ، فقال:"محمد بن الفضل هو ابن عطية؛ متروكُ الحديثِ".
وتَبِعَه الغَسَّاني فذكره في (تخريج الأحاديث الضِّعاف من سنن الدَّارَقُطني ص 24) وقال: "محمد بن الفضل هو ابن عطية؛ ضعيف. والصحيح أنه موقوف عنِ ابنِ عُمرَ".
الثانية: زيد بن الحَواريِّ أبو الحَواريِّ العَمِّيُّ؛ "ضعيف"(التقريب 2131).
الثالثة: إدريس بن الحَكَم العَنزيُّ، ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد 7/ 463)، والذَّهَبيُّ في (تاريخ الإسلام 6/ 45)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
قلنا: وإنما يصح هذا الحديثُ موقوفًا عنِ ابنِ عُمرَ من وجوه أخرى - كما سيأتي في آخر الباب -، وأما مرفوعًا عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم فلا يثبُت من أي وجه، والله أعلم.
وقد قال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "وقد رُوي عن أبي أمامة، وابنُ عبَّاسٍ، وأبي موسى، وأبي هريرةَ وابنُ عُمرَ، كلّهم عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)). ولا يصحُّ منها كلها شيء"(الأحكام الوسطى 1/ 171).
وقال العَيْنيُّ: "وحديث ابنِ عُمرَ عند الدَّارَقُطنيِّ من طرق، وأَعَلَّ جميعَها"(البناية شرح الهداية 1/ 216).
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
وقد تَقَدَّمَ نقلُ أقوالهم في حديثِ أبي أُمامةَ.
* * *
1773 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، وابنُ عبَّاسٍ:
◼ عنِ ابنِ عُمَرَ وابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهم، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ البَيْهَقيُّ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[هقخ 197]
[السند]:
قال البَيْهَقيُّ في (الخلافيات): حدثناه أبو عبد الرحمن السُّلَميُّ إملاءً، أنا محمد بن عبد الواحد الرَّازيُّ، ثنا محمد بن أحمدَ بن عليٍّ البَرْذَعيُّ، ثنا الحسنُ بنُ مأمون البَرْذَعيُّ، ثنا بِشْر بن عَمرو بن سام، ثنا عبد الوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عنِ ابنِ عُمرَ وابنُ عبَّاسٍ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلسَلٌ بالعِلَلِ:
الأولى: عبد الوهاب بن مجاهد؛ "متروك، وقد كذَّبه الثَّوْريُّ"، كما قال الحافظُ في (التقريب 4263).
الثانية: عبد الوهاب؛ متكلَّمٌ في سماعه من أبيه، قال وكيع: ((كانوا يقولون:
أن عبدَ الوهاب بن مجاهدٍ لم يسمع من أبيه))، انظر:(تهذيب التهذيب 6/ 453).
الثالثة والرابعة والخامسة: محمدُ بن أحمدَ بنِ عليٍّ البَرْذَعيُّ، ثنا الحسنُ بنُ مأمون البَرْذَعيُّ، ثنا بِشْر بن عَمرو بن سام؛ ثلاثتُهم لم نقف لهم على ترجمة.
ولذا قال البَيْهَقيُّ عَقِبَه: "هذا إسنادٌ واهٍ، لا تقوم به الحُجَّة، وأكثر رواته مجهولون، فإنْ سَلِم منهم، فعبد الوهاب بن مجاهد عِلَّةُ الطريق، وهو ليس بالقوي، ولم يسمع من أبيه".
ثُمَّ أَسنَد عنِ ابنِ مَعِينٍ أنه قال: "عبد الوهاب بن مجاهدٍ ضعيفٌ"(الخلافيات 199).
وأَسنَد عن وَكِيع، أنه قال:"كانوا يقولون: إنه لم يسمع من أبيه شيئًا"(الخلافيات 200).
ونَقَل عن الحاكمُ أنه قال: "يروي عن أبيه أحاديثَ موضوعةً"(الخلافيات 201).
* * *
1774 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيُمَضْمِضْ وَلْيَسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
ضعيف معلول، والصحيح إرساله، وأَعَلَّه: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ الجَوزيِّ، والنَّوَويُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْني.
والأمر بالاستنشاق عند الوُضوء ثابتٌ صحيح من وجوه أخرى.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[عق (3/ 436) / قط 281، 340 واللفظُ له/ هقخ 243/
…
]
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "الأمر بالمضمضة والاستنشاق في الوُضوء".
* * *
1775 -
حَدِيثُ أَبِي هريرةَ:
◼ عَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
طرقه كلها ضعيفة، وَضَعَّفَهُا الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والإشبيلي.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[جه 449 واللفظُ له/ عل 6370/ طس 538، 8318/ طبر (8/ 171) / مجر (2/ 86) / عد (2/ 500) / قط 339، 354، 347، 352/ هقخ 181، 182، 207، 208، 211، 212/ كر (51/ 88) / حطاب 84/ تحقيق 141]
[التحقيق]:
روي من طرقٍ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه:
الطريق الأول:
أخرجه ابنُ ماجَهْ (449)، قال: حدثنا محمدُ بن يحيى، قال: حدثنا عَمرو بن الحُصَين، قال: حدثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بن عُلَاثةَ، عن عبد الكريم الجَزَري، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن أبي هريرةَ، به.
وأخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط 8318)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 352)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 207، 208): من طريقِ عَمرو بن الحُصَين به.
وزادوا في أوَّله: الأمر بالمضمضة والاستنشاق.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفتُه عَمرو بن الحُصين؛ وهو متروك.
وقد سبقَ تفصيلُ الكلام على هذا الطريق في باب: "الأمر بالمضمضة والاستنشاق في الوُضوء".
الطريق الثاني:
أخرجه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 211) من طريقِ عبد الوهاب بن الضَّحَّاك، حدثنا إسماعيل بن عيَّاش، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ، عن أبي هريرةَ، به.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: عبد الوهاب بن الضحاك؛ "متروك، كذَّبه أبو حاتم"(التقريب 4257).
وقال أبو داودَ: "يضعُ الحديثَ"(الكاشف 3516).
الثانية: إسماعيل بن عَيَّاش؛ قال فيه الحافظ: "صدوقٌ في روايتِهِ عن أهل بلده، مخلِّطٌ في غيرهم"(التقريب 473)، وهذ ليس من روايته عن أهل بلده؛ فيحيى بنُ سعيدٍ مَدَنيٌّ.
ونقل البَيْهَقيُّ عَقِبَه عن الحاكمُ قولَه: "تفرَّد به إسماعيلُ بن عيَّاش، عن يحيى بن سعيد، وإسماعيلُ بن عيَّاشٍ على جلالة محلِّه إذا انفرد بحديث لم يُقْبَل منه؛ لسوء حفظه".
وهذا محمول على روايته عن غير الشاميين، كما نَصَّ غيرُ وَاحدٍ من الأئمة.
الطريق الثالث:
أخرجه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 339) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 172)، وابنُ الجَوزيِّ في (التحقيق 141) -، قال: حدثنا ابن مُبَشِّر، حدثنا محمدُ بن حرب، حدثنا عليُّ بن عاصم، عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمانَ بن موسى، عن أبي هريرةَ، به.
وهذا إسناد منكَرٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:
الأولى: الانقطاع؛ بين سُلَيمان بن موسى وأبي هريرةَ؛ فقد قال الإمام البُخاريّ: "سُلَيمان لم يدرِك أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم"(العلل الكبير للترمذي ص 102).
الثانية: عليُّ بن عاصم، قال فيه الذَّهَبيُّ:"ضَعَّفُوه"(الكاشف 3935)، وقال الحافظُ:"صدوقٌ يخطئ ويُصِرُّ"(التقريب 4758).
الثالثة: المخالفة؛ فقد رواه جماعة منَ الثِّقاتِ الأثبات عنِ ابنِ جُرَيجٍ، عن سُلَيمان بن موسى مرسلًا. وقد تقدم ذلك مِرارًا.
ولذا قال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "وهِمَ عليُّ بن عاصم في قوله عن أبي هريرةَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، والذي قَبْلَه أَصَحُّ عنِ ابنِ جُرَيجٍ"(السنن 339). أي: المرسل.
وقال ابنُ عبدِ الهادِي بعد ذِكْرِه أقوالَ العلماء في تضعيف عليِّ بن عاصم: "وسُلَيمان بن موسى لم يسمع من أبي هريرةَ. والصواب ما قاله الدَّارَقُطنيُّ أنه مرسل"(تنقيح التحقيق 1/ 208).
الطريق الرابع: عن عطاء، عن أبي هريرةَ:
أخرجه أبو يَعْلَى، والطَّبَرانيُّ في (الأوسط 538)، والطَّبَريُّ، وابنُ حِبَّانَ
في (المجروحين)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 347)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 181، 182). من طريقِ عليِّ بن هاشم، عن إسماعيلَ بنِ مسلم، عن عطاء، عن أبي هريرةَ به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ علته: إسماعيل بن مسلم، وقد سبقَ تفصيل الكلام على روايته في باب:"الأمر بالمضمضة والاستنشاق في الوُضوء".
الطريق الخامس: البَخْتَري بن عُبَيد، عن أبيه، عن أبي هريرةَ:
أخرحه ابن عَدِيٍّ، والدَّارَقُطنيُّ (354)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 212)، وابنُ عساكرَ في تاريخ دمشق)، وأبو طاهر السِّلَفيُّ في (مشيخة ابن الحطاب): من طريقِ البَخْتَري بن عُبَيد، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: عُبَيد بن سلمان الكَلبيُّ والدُ البَخْتَريِّ؛ "مجهول" كما في (التقريب 4375).
الثانية: البَخْتَري بنُ عُبَيد؛ ضعيف جدًّا؛ قال فيه أبو حاتم: "ضعيفُ الحديثِ، ذاهب"(الجرح والتعديل 2/ 427)، وقال الحافظُ:"ضعيفٌ متروك"(التقريب 642).
وبهما أَعَلَّه الدَّارَقُطنيّ؛ فقال: "البَخْتَري بن عُبَيدٍ ضعيفٌ، وأبوه مجهول"(السنن 354).
وذكره البَيْهَقيُّ، ثُمَّ أَعقَبَه بقول الحاكمُ:"بَخْتَريُّ بنُ عُبَيدٍ الطَّائيُّ، رَوَى عن أبيه عن أبي هريرةَ أحاديثَ موضوعة"(الخلافيات 213).
وقد قال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "وقد رُوِي عن أبي أُمامةَ، وابنُ عبَّاسٍ، وأبي موسى، وأبي هريرةَ، وابنُ عُمرَ، كلهم عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، ولا يصحُّ منها كلِّها شيءٌ"(الأحكام الوسطى 1/ 171).
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[تنبيه]:
روى الطَّبَريُّ (13/ 105) عن محمدِ بنِ عبد الله بن بَزِيع، قال: ثنا حمادُ بنُ زيدٍ، عن سِنان بن ربيعة، عن شَهْر بن حَوْشَبٍ، عن أبي أُمامةَ، أو عن أبي هريرةَ، شكَّ ابنُ بَزِيع، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
قلنا: الصواب من هذا الطريق أنه عن أبي أُمامة، لا عن أبي هريرةَ.
انظر حديث أبي أُمامةَ في أول الباب.
رِوَايَة: بِاطِنُ الأُذُنَيْنِ مِنَ الوَجْهِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: «بَاطِنُ الأُذُنَيْنِ مِنَ الوَجْهِ، وَظَاهِرُهُمَا مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
سنده ساقط، ولعله موضوع.
[التخريج]:
[فر (ملتقطة 2/ق 15، 16)]
[السند]:
رواه الدَّيْلَميّ في (مسند الفردوس) - كما في (الغرائب الملتقطة) -، قال: أخبرنا أَبي، أخبرنا أبو جعفر النهاوَنْديُّ، حدثنا المُظَفَّر بن منصور المقرئ، حدثنا إبراهيم بن أحمدَ الهجائيُّ، حدثنا الحسنُ بنُ محمد بن سهل القَزَّاز، حدثنا محمدُ بن إسحاقَ بن عيسى، حدثنا الوليد بن محمد، حدثنا محمدُ بن المتوكل، [عن]
(1)
البَخْتَري (بن)
(2)
عُبَيد بن سلمان، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، مرفوعًا به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه: البَخْتَري بنُ عُبَيدِ بن سلمان؛ ساقط؛ كذَّبه الأَزْديُّ، وقال الحاكمُ وأبو نُعَيمٍ وغيرُهُما:"روَى عن أبيه عن أبي هريرةَ أحاديثَ موضوعةً"(تهذيب التهذيب 1/ 423)، وقال ابنُ حَجَرٍ:"ضعيف متروك"(التقريب 642).
(1)
- سقطت من المخطوط، والصواب إثباتها، انظر (تهذيب الكمال 4/ 24، 26/ 356).
(2)
- في المخطوط: "عن"، والصواب المثبت، انظر (تهذيب الكمال 4/ 24، 19/ 211).
وأبوه عُبَيد بن سلمان؛ "مجهول" كما في (التقريب 4375).
ومحمد بن المتوكل هو ابن أبي السَّرِي؛ متكلَّمٌ فيه، وقال الحافظُ:"صدوقٌ عارف، له أوهام كثيرة"(التقريب 6263).
وفي الإسناد آخرون لم نَهتَدِ إليهم.
ومتن هذا الحديثُ إنما يُعْرَف من قول الشَّعبيِّ، رواه الطَّبَريُّ في (التفسير 8/ 180) عن حُمَيد بن مَسْعَدةَ، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيْعٍ قال: حدثني شُعبة، عن الحَكَم وحماد، عن الشعبي في الأذنين:"بَاطِنُهُمَا مِنَ الوَجْهِ، وَظَاهِرُهُمَا مِنَ الرَّأْسِ".
ورواه أيضًا (8/ 180) من طريقِ غُنْدَر، عن شُعبة، عن الحَكَم، عن الشَّعبيِّ، قال:"مُقَدَّمُ الأُذُنَيْنِ مِنَ الوَجْهِ، وَمُؤَخَّرُهُمَا مِنَ الرَّأْسِ"، وأيضًا (8/ 180) من طريقِ حفص بن غِيَاث، عن أَشْعَثَ، عن الشَّعْبيِّ، قال:"مَا أَقْبَلَ مِنَ الأُذُنَيْنِ فَمِنَ الوَجْهِ، وَمَا أَدْبَرَ فَمِنَ الرَّأْسِ".
وبنحو هذا اللفظ رواه البَغَويُّ في (مسند ابن الجَعْد 268) عنه عن شُعبةَ، قال: سألت الحَكَمَ وحَمَّادًا عن الأذنين، فقالا: كان الشَّعبيُّ يقول: " مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا فَمِنَ الوَجْهِ، وَمَا أَدْبَرَ فَمِنَ الرَّأْسِ".
* * *
1776 -
حَدِيثُ أَبِي مُوسَى:
◼ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ معلول. وأَعَلَّه: العُقَيليُّ، وابنُ عَدِيٍّ، والدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، والإشبيليُّ، وابنُ سيِّدِ الناسِ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْني. وهو ظاهرُ كلامِ أبي زُرْعةَ وأبي حاتم الرَّازِيَيْنِ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[عق (1/ 164) / علحا (1/ 600) / طس 4084/ عد (2/ 249) / قط 355/ هقخ 204]
[التحقيق]:
مَدارُه عندَهم على الأَشْعَث، عن الحسن، عن أبي موسى، به.
وله عن أَشْعَثَ طريقان:
الأول: يرويه عبد الرَّحيم بن سُلَيمان، عن أَشْعَثَ به.
أخرجه العُقَيليُّ في (الضُّعفاء 1/ 164) عنِ ابنِ الضُّرَيس.
وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 249)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 355) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 204) - من طريقِ أبي حاتم الرَّازيّ.
وابنُ عَدِيٍّ أيضًا: عن عليِّ بن سعيد بن بشير.
ثلاثتُهم: عن عليِّ بن جعفر بن زياد الأحمر، عن عبد الرَّحيم بن سُلَيمان، عن الأَشْعَث، عن الحسن، عن أبي موسى، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِلَلٍ:
الأولى: أَشْعَث بن سوَّار؛ وهو: "ضعيف"، كما قال الحافظُ في (التقريب 524).
وبه أَعَلَّه العُقَيليُّ، فذكره في ترجمة أَشْعَثَ، ثُمَّ قال:"لا يُتابَع عليه، [والأسانيد في هذا الباب ليِّنة] "(الضُّعفاء 1/ 164) وما بين المعقوفين أثبته محقِّقو طبعة التأصيل في الحاشية من نسخة الظاهرية.
وقال ابنُ سيِّدِ الناسِ: "وأمَّا حديثُ أبي موسى: فمردودٌ بأَشْعَثَ بنِ سوَّار
…
، ومُعلَّلٌ بغيره أيضًا" (النفح الشذي 1/ 363). يشير إلى العلل التالية.
الثانية: الانقطاع بين الحسن البصري وأبي موسى؛ قال علي بن المَدِينيِّ: "الحسن لم يسمع من أبي موسي"(الخلافيات للبيهقي 206).
وبهذا أَعَلَّه الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 355).
والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَجَرٍ. والعَيْنيُّ في (البناية شرح الهداية 1/ 216).
الثالثة: الاختلاف في رفْعِه ووقفه؛ فقد رواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (المصنَّف 159) - ومن طريقِه الأَثْرَمُ في (السنن 10)، وابنُ المُنْذِرِ في (الأوسط 394)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 249)، والدَّارَقُطنيُّ في (السنن 355)، والبَيْهَقيُّ في (الخلافيات 205) -.
وإبراهيم بن موسى كما في (علل ابن أبي حاتم 1/ 600).
كلاهما (ابن أبي شَيْبةَ، وإبراهيم) رَوَيَاه عن عبد الرَّحيم بن سُلَيمان، عن أَشْعَثَ، به موقوفًا. وهو الصوابُ عن أَشْعَثَ.
وقد رجَّحَ الوقفَ عن أَشْعَثَ غيرُ وَاحدٍ منَ العلماءِ:
فقال ابنُ أبي حاتم: سمِعتُ أبي وذُكِر حديثُ عليِّ بن جعفر الأحمر، عن عبد الرَّحيم بن سُلَيمان، عن أَشْعَثَ، عن الحسن، عن أبي موسى الأشعري، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
فقال أبي: ذاكرت أبا زُرْعةَ بهذا الحديثِ، فقال: حدثنا إبراهيم بن موسى، عن عبد الرحيم، فقال: عن أبي موسى الأشعري، موقوف" (العلل 133).
قال ابنُ عَدِيٍّ: ولا أعلم رفَعَ هذا الحديثُ عن عبد الرحيم غيرُ عليِّ بن جعفر، ورواه غيرُهُ موقوفًا عن عبد الرحيم" (تعليقة على عِلَل ابن أبي حاتم ص 154).
وقال الدَّارَقُطنيُّ: "رفَعَه عليُّ بن جعفر، عن عبد الرحيم، والصواب موقوف"(السنن 355)، ونحوه في (العلل 1329). وتَبِعَه الغَسَّاني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدَّارَقُطني ص 26)، والعَيْنيُّ في (البناية 1/ 216).
وقال ابنُ عبدِ الهادِي: "هذا الحديثُ غير مُخَرَّج في شيء من السنن الأربعة، والصواب وقْفُه على أبي موسى"(تعليقة على علل ابن أبي حاتم ص 154).
وقال الحافظُ: "اختُلِف في وقْفِه ورفْعِه، وصُوِّب الوقفُ، وهو منقطع أيضًا"(التلخيص الحبير 1/ 161).
قلنا: الموقوف والمرفوع مدارهما على أَشْعَثَ وهو ضعيفٌ؛ وقد خُولِف:
فقد رواه ابنُ أبي شَيْبةَ في (مصنَّفه 157): عن عَبْدةَ بنِ سُلَيمان. وبرقْم (161) عن عبد الرحيم بن سُلَيمان. كلاهما: عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، عن قتادةَ، عن سعيدِ بنِ المُسَيِّبِ والحسن، قالا:"الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ".
فهذا هو الصحيح عن الحسن من قوله، وليس عن أبي موسى لا مرفوعًا ولا موقوفًا.
قال البَيْهَقيُّ: "ورواه يونس بن عُبَيد، عن الحسن أنه قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ))، وهو الصوابُ"(الخلافيات 1/ 396).
الطريق الثاني: عن عليِّ بن مُسْهِر، عن أَشْعَثَ، به:
أخرجه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط)، قال: حدثنا عليُّ (يعني: ابنَ سعيد الرَّازيَّ)، قال: نا عليُّ بن جعفر بن زياد الأحمر، قال: نا عليُّ بن مُسْهِر، عن أَشْعَثَ، به.
وقال عَقِبَه: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن الأَشْعَث إلا عليٌّ، تفرَّد به عليُّ بن زياد، ولا يُروَى عن أبي موسى إلا بهذا الإسنادِ".
وهذا الإسناد ذُكِر فيه (عليُّ بن مُسْهِر) بدلًا من (عبد الرحيم بن سُلَيمان) وهذا خطأ؛ فقد رواه جماعة عن عليِّ بن جعفر، عن عبد الرحيم بن سُلَيمان، وليس عن عليِّ بن مُسْهِر.
بل كذا أخرجه ابنُ عَدِيٍّ عن عليِّ بن سعيدٍ شيخِ الطَّبَرانيِّ موافقًا للآخرين.
وقد قال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "وقد رُوِي عن أبي أُمامةَ، وابنُ عبَّاسٍ، وأبي موسى، وأبي هريرةَ، وابنُ عُمرَ، كلُّهم عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ
الرَّأْسِ)). ولا يصحُّ منها كلِّها شيْءٌ" (الأحكام الوسطى 1/ 171).
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
* * *
1777 -
حَدِيثُ سَمُرَةَ
◼ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، ضعَّفَه البَيْهَقيّ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[مقل 3 واللفظُ له، 4/ هقخ 240/ كر (51/ 234)]
[التحقيق]:
مدار الحديث عندهم على هُدْبَةَ بنِ خالد، وقد رُوِيَ عنه من طريقِين:
الأول:
رواه تمامٌ الرَّازيُّ في (مسند المُقِلِّين 3) - ومن طريقِه ابنُ عساكرَ في (تاريخه) -، قال: حدثني أبو عليٍّ محمد بن هارون بن شُعَيب، حدثنا محمدُ بن عُثْمَانَ بن أبي سُوَيد البصري بالبصرة، حدثنا هُدْبَةُ بن خالد، حدثنا هَمَّام، عن سعيد بن أبي عَرُوبةَ، قال: كنتُ عند مِنْبَرِ الحَجَّاجِ بن يوسفَ، فسمِعتُه يقول: حدثني سمُرةُ بنُ جُندُب، به.
ورواه البَيْهَقيُّ من طريقٍ آخَرَ: عن محمدِ بنِ عُثْمَانَ بن أبي سُوَيد الذَّارِع، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: الحَجَّاج بن يوسف الثَّقَفي؛ قال النَّسائيُّ: "ليس بثقة ولا مأمون"،
وقال الحاكمُ أبو أحمدَ: "ليس بأهل أن يُروَى عنه"(تهذيب التهذيب 2/ 212).
وبه أَعَلَّه البَيْهَقيُّ، فقال عَقِبَ الحديث:"والحَجَّاج بن يوسفَ لا يُحتَج بحديثه وإن كان محفوظًا عنه، والطريق إليه سليم، ولا يخفى حاله على أحد"(الخلافيات 240).
قلنا: كلا، فالطريق إليه ليس بسليم؛ إذ فيه:
العلة الثانية: محمد بن عُثْمَانَ بن أبي سُوَيد البصريُّ الذَّارع، قال ابنُ عَدِيٍّ: "حدث عن الثِّقات ما لم يتابع عليه، وكان يُقرأ عليه من نسخةٍ له ما ليس من حديثه عن قومٍ رآهم أو لم يَرَهم، ويقلب وتُقْلَب الأسانيدُ عليه فيُقِرُّ به
…
، وكان أصيب بكُتُبه، فكان يشبه عليه، وأرجو أنه لا يتعمد الكذب" (الكامل 1799)، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطني (الميزان 3/ 642).
فإن قيل: ولكن الذراع الذَّارع قد تُوبِع عليه كما في الطريق التالي.
قلنا: هذه المتابعة لا يُعتَدُّ بها كما ستراه فيما يلي:
الطريق الثاني:
رواه تمام الرَّازيُّ في (مسند المقلين 4) - ومن طريقِه ابنُ عساكرَ في (تاريخه) -، قال: أخبرني محمد بن إبراهيم بن محمد البزاز، حدثني أبو محمد عبد الله بن السَّرِي بن المتيمي الحافظ بحِمْص، ثنا أبو يَعْلَى حمزة بن داودَ بن سُلَيمان بن الحكم بن سُلَيمان بن الحَكَم بن الحَجَّاج بن يوسف، ثنا الحسين بن محمد أبو العبَّاسِ الأنصاري، ثنا أحمدُ بنُ سعيد الطَّبَريّ، ثنا هُدْبَةُ بن خالد، ثنا هَمَّام، عن سعيد بن أبي عَرُوبة، قال: كنت إلى جانب منبر الحَجَّاج
…
" الحديث.
وهذا إسنادٌ ساقطٌ مظلم؛ فابنُ السَّري والحسين أبو العبَّاسِ وأحمد بن سعيد الطَّبَريُّ ثلاثتُهم لا يُعرَفُون، إلا أن يكون ابنُ السَّريِّ هو المَدائنيَّ، وهو صاحب منكَرات، قال فيه الذَّهَبيُّ:"واهٍ"(الديوان 2180).
وحمزة بن داودَ قال فيه الدَّارَقُطنيُّ: "هذا لا شيء"(سؤلات السَّهْمي 278).
فلا عبرة بهذه المتابعة، ولا يستبعد أنها أن تكون مسروقة من قِبَل أحد هؤلاء المجاهيل الثلاثة.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم". كما تقدم نَقْلُه في حديثِ أبي أُمامةَ.
* * *
1778 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ، [مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا وَمَا أَدْبَرَ])).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا. وأنكره ابن عَدِيٍّ. وَضَعَّفَهُ: الدَّارَقُطنيُّ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ طاهر المَقدِسيُّ، والغَسَّانيُّ، وابنُ سيِّدِ الناسِ، والزَّيْلَعيُّ، وابنُ حَجَرٍ، والعَيْني.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[عد (2/ 416)، (4/ 356) / جَصَّاص (3/ 360) "والزيادة له"/ قط 366 واللفظُ له/ حما 116/ هقخ 218]
[التحقيق]:
روي من طريقِين عن أنس رضي الله عنه:
الطريق الأول:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ (2/ 416) قال: حدثنا عبدُ اللهِ بنُ أبي سفيان، حدثنا الحسين بن مرزوق، حدثنا بشر بن محمد الواسطي، حدثنا عبد الحكم، عن أنس، به.
وأخرجه الجَصَّاص في (أحكام القرآن 3/ 360) من طريقِ زياد بن عِلاقةَ،
عن عبد الحكم، به. وذكر الزيادة.
وأخرجه الدَّارَقُطنيُّ والحماميُّ من طرقٍ عن عبد الحَكم، عن أنس به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ عبد الحكم هو القَسْمَليُّ البصري، قال فيه البُخاريُّ وأبو حاتم والسَّاجيُّ:"منكَرُ الحديثِ"، وقال ابنُ حِبَّانَ:"لا يحل كتابةُ حديثه إلا على سبيل التعجب"، وقال أبو نُعَيمٍ الأَصبَهانيّ:"روى عن أنس نسخة منكَرة، لا شيء"(تهذيب التهذيب 6/ 107)، وقال الحاكمُ:"روى عن أنس أحاديثَ موضوعة"(المدخل إلى الصحيح 134).
وبه أَعَلَّه الدَّارَقُطنيّ فقال عَقِبَه: "عبد الحكم لا يُحتج به"(السنن 366).
وأقَرَّه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 1/ 403)، ثُمَّ دعمه بنقل كلام الأئمة في تضعيفه، وكذا أَقَرَّه الغَسَّانيُّ في (تخريج الأحاديث الضِّعاف ص 28) والزَّيْلَعيُّ في (نصب الراية 1/ 20)، والعَيْنيُّ في (البناية 1/ 216)، والألبانيُّ في (الصحيحة 1/ 89)، غير أنه صَحَّحَ متنَه بشواهده، وقد سبقَ الجواب عن ذلك.
والحديثُ من هذا الطريق ذكره ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل)، تحت ترجمة بِشْر بن محمد الواسطي، من روايته عن عبد الحكم، وذكر أن هذا الحديثَ وما معه مِن أَنْكَرِ ما رُوِيَ عن بِشْر، ولكنه أشار إلى أن البلاء فيه من غيره، ومع ذلك قال ابنُ طاهر:"وبِشْرٌ أُنكِر عليه هذا الحديثُ"! (الذخيرة 2288).
وأَطْلَق الحافظُ القولَ بضعف إسناده في (الدراية 1/ 21).
الطريق الثاني:
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 356) - ومن طريقِه البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 218) -، قال: حدثنا محمدُ بن حَلْبَس البُخاريُّ، حَدثنا عليُّ
ابن الحسن بن عَبْدةَ البُخاريُّ، قال: حَدثنا حفص بن داودَ الرَّبَعي، حَدثنا عيسى الغُنْجار، عن خارجة، عن الهيثم بن جَمَّاز، عن يَزيدَ الرَّقَاشيِّ، عن أنس.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، بل ساقط؛ مسلسَلٌ بالعلل:
الأولى: يزيد بن أَبانَ الرَّقَاشيّ؛ قال الحافظُ: "ضعيف زاهد"، وقد سبقَ مِرارًا.
الثانية: الهيثم بن جمَّاز؛ قال أبو حاتم: "ضعيفُ الحديثِ، منكَرُ الحديثِ"(الجرح والتعديل 9/ 81)، وقال أحمد:"تُرِك حديثُه"، وقال النَّسائيُّ:"متروكُ الحديثِ"(لسان الميزان 8/ 353).
الثالثة: خارجة بن مصعب؛ قال الحافظُ: "متروك، وكان يدلس عن الكذابين، ويقال: أنَّ ابنَ مَعِينٍ كذَّبَه"(التقريب 1612).
وبه ضعَّفَه ابنُ طاهر المَقدِسيُّ وابنُ سيِّدِ الناسِ، فقالا عَقِبَه:"وخارجة متروكُ الحديثِ"(ذخيرة الحفاظ 2/ 1075)، (النفح الشذي 1/ 361).
الرابعة: عيسى الغُنْجار؛ "صدوقٌ ربما أخطأ، وربما دلَّس، مُكثِرٌ من التحديث عن المتروكين". وقد عنعن.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم". كما تَقَدَّمَ نَقْلُه في حديثِ أبي أُمامةَ.
* * *
1779 -
حَدِيثُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى:
◼ عن عبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه، قَالَ:«رَأَيتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وقال: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وأنكره ابن عَدِيٍّ، وقال:"باطل بهذا الإسنادِ".
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[عد (9/ 405)]
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا أحمدُ بنُ محمد بن عَنْبَسة، حدثنا محمدُ بن يَزيدَ المُسْتَملي، حدثنا يَزيدُ بنُ هارونَ، حدثنا فائِد بن عبد الرحمن أبو وَرْقاء، قال: قال عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوْفَى، به.
[التحقيق]:
هذ إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: فائِد بن عبد الرحمن أبو ورقاء؛ قال الحافظُ: "متروك، اتَّهَموه"(التقريب 5373).
الثانية: محمد بن يَزيدَ المستملي؛ قال ابنُ عَدِيٍّ: "يسرق الحديث، ويزيد فيه، ويضع"، ثُمَّ رَوَى له هذا الحديثُ، وقال عَقِبَه: "وهذا حديث
باطل بهذا الإسنادِ".
والفقرة الأولى من الحديث عندَ ابنِ ماجَهْ وغيرِه، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليها في:"باب مسح الرأس وصفته".
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم". كما تَقَدَّمَ نقْلُه في حديثِ أبي أُمامةَ.
* * *
1780 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمَضْمِضْ وَلْيَسْتَنْشِقْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ البَيْهَقيُّ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[ك (تاريخ- هقخ 203) / هقخ 202 "واللفظُ له"، 203]
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "الأمر بالمضمضة والاستنشاق في الوُضوء".
* * *
1781 -
حَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ:
◼ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ فَانْثُرْ، وَإِذَا اسْتَجْمَرْتَ فَأَوْتِرْ، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
صحيح، إلا أن قوله:«وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» مُدْرَجٌ في المتنِ خطأً، كما قال الخطيبُ - وأقَرَّه مُغْلَطايُ -، وابنُ عساكر.
[التخريج]:
[خطل (2/ 782) "واللفظُ له"/ كر (41/ 349 - 350)]
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "الأمر بالمضمضة والاستنشاق".
1782 -
حَدِيثُ أَسْمَاءَ بْنِتِ يَزِيدَ:
◼ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ معلول، وأَعَلَّه الدَّارَقُطنيّ.
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم".
[التخريج]:
[علقط 4053]
[السند]:
علَّقه الدَّارَقُطنيُّ في (العلل)، فقال: حَدَّث به محمد بن عبد الرَّحيم الشَّمَاخيُّ - كان بالشام، ولم يكن مَرْضِيًّا -، عن سُلَيمانَ بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أَبانَ بن تَغْلِب، عن شهر، عن أسماءَ بنتِ يزيدَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه محمد بن عبد الرَّحيم، قال فيه الدَّارَقُطنيُّ:"ولم يكن مَرْضِيًّا"، وقال في موضعٍ آخَرَ:"ليس بشيءٍ"(الميزان 7/ 300).
وقد خالَفَه في هذا الحديثِ أصحابُ حماد بن زيد:
فروَوْهُ عن حماد، عن سِنانِ بن ربيعة، عن شَهْر بن حَوْشَبٍ، عن أبي أُمامةَ، به.
وقد سبقَ ذِكْرُه في أول الباب.
وبهذا أَعَلَّه الدَّارَقُطنيّ، فقال:"والمحفوظُ عن حماد بن زيد، عن سِنان بن ربيعة، عن شَهر، عن أبي أُمامة"(العلل 4053).
وضعَّفَ حديثَ: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)) مُطْلقًا: العُقَيليُّ، والدَّارَقُطنيُّ، والحاكمُ، والبَيْهَقيُّ، وابنُ حَزْمٍ، والإشبيليُّ، والنَّوَويُّ، وابنُ الصَّلاحِ؛ وتَبِعَه: ابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، وابنُ المُلَقِّنِ، والبِقَاعيُّ، والأبْناسِيُّ، والمُناويُّ. وقيل للإمامِ أحمدَ: صَحَّ فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: "لا أعلم". كما تَقَدَّمَ نقْلُه في حديثِ أبي أُمامةَ.
* * *
1783 -
حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى مُرْسَلًا:
◼ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيُمَضْمِضْ وَلْيَسْتَنْشِق، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)).
[الحكم]:
ضعيف؛ لإرساله.
[التخريج]:
[عب 23 مقتصرًا على آخره/ ش 156 واللفظُ له/ ثور (هقخ عَقِبَ 171) / طهور 360/ .... ].
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "الأمر بالمضمضة والاستنشاق في الوُضوء".
* * *
1784 -
حَدِيثُ عَطَاءٍ مُرْسَلًا:
◼ عن عَطاءٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ المَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ مِنْ وَظِيفَةِ الوُضُوءِ، لَا يَتِمُّ الوُضُوءُ إِلَّا بِهِمَا، وَالأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
مرسَلٌ إسنادُه ساقطٌ.
[التخريج]:
[قط 344 "واللفظُ له"/ هقخ 179]
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "الأمر بالمضمضة والاستنشاق في الوُضوء".
* * *
1785 -
حَدِيثُ رَاشِدِ بنِ سعدٍ مُرْسَلًا
◼ عَنْ رَاشِدِ بنِ سعدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
[الحكم]:
مرسل ضعيف، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيّ.
[التخريج]:
[قط 363]
[السند]:
قال الدَّارَقُطنيُّ في (السنن 363): حدثنا عبد الغافر بن سلامة، نا أبو حُميد الحِمْصي أحمدُ بن محمد بن المُغِيرة، نا أبو حَيْوَةَ، نا أبو بكر بنُ أبي مريمَ، عن راشد بن سعد، به مرسَلًا.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: الإرسال؛ فراشد بن سعد من الوُسْطَى من التابعين، وهو "ثقة، كثير الإرسال"(التقريب 1854).
الثانية: أبو بكر بنُ أبي مريمَ؛ قال فيه الحافظ: "ضعيف، وكان قد سُرِق بيتُه فاختلط"(التقريب 7974).
وقال الدَّارَقُطنيُّ عَقِبَه: "هذا مرسل، ورُوِيَ عنه متَّصِلًا عن أبي أُمامةَ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولا يَصِحُّ، وأبو بكر بن أبي مريمَ ضعيفٌ".
1786 -
حَدِيثُ الصُّنَابِحِيِّ:
◼ عن عبدِ اللهِ (وَقِيلَ: عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ) الصُّنَابِحِيِّ، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ العَبْدُ المُؤْمِنُ فَتَمَضْمَضَ، خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى المَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ» .
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ دون قوله: ((حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ))، فالصحيح ما في مسلم من حديث عَمرو بن عَبَسَةَ:((إِلَّا خَرَّتْ خَطَايَا رَأْسِهِ مِنْ أَطْرَافِ شَعْرِهِ مَعَ المَاءِ)).
وهذا إسناد مختلَف فيه: فرجحَّ إرسالَه: البُخاريُّ، والتِّرْمِذيُّ، وابنُ عبد البر، والقابِسيُّ، وأبو عَمرٍو الدَّاني، وابنُ العربيِّ، وعبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ، والزَّيْلَعيُّ، والقاضي أبو طالب، والقُرْطُبيُّ، والذَّهَبيُّ.
وَصَحَّحَهُ: الحاكمُ، والمُنْذِريُّ، وابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ، والبُلْقِينيُّ. ومال إليه العِراقيُّ، وابنُ حَجَرٍ. وَصَحَّحَهُ لغيرِهِ الألبانيُّ.
[الفوائد]:
قال ابنُ عبد البر: "وقد استَدَلَّ بعض أهل العلم على أن الأذنين من الرأس وأنهما يُمسحان بماء واحد مع الرأس بحديث الصُّنابِحيِّ هذا؛ لقوله فيه: «فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أُذُنَيْهِ» "(التمهيد 4/ 32).
[التخريج]:
[ن 107 (واللفظُ له) / كن 131/ جه 283/ طا 66/ ...... ]
سَبَق تخريجه وتحقيقُه في باب: "ذَهَابِ الذُّنُوبِ بِمَاءِ الوُضُوءِ".
* * *
1787 -
حَدِيثُ عُثْمَانَ:
[الحكم]:
صفة الوضوءِ المرفوعةُ صحيحةٌ من غير هذا الوجه، وإسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وَضَعَّفَهُ الدَّارَقُطنيّ والبَيْهَقيُّ والغساني والهيثميُّ والبُوصيريُ، وقوله:((وَاعْلَمُوا أَنَّ الأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ)) موقوفٌ على عُثْمَانَ.
[التخريج]:
[حم 429 "واللفظُ له"/ ش 80، 169/ عدن (خيرة 583) / قط 367]
[السند]:
أخرجه ابنُ أبي شَيْبةَ - ومن طريقِه الدَّارَقُطنيُّ -. وأحمدُ. والدَّارَقُطنيُّ: من طريقِ أحمد بن منصور. ثلاثتُهم: عن يَزيد بن هارونَ، عن الجُرَيريِّ، عن عُرْوةَ بن قَبِيصةَ، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، أن عثمان قال: أَلَا أُرِيكُمْ
…
فذكره.
فمَدارُه عندَهم على يَزيد بن هارونَ، عن الجُرَيري، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلسل بالعِلَلِ:
الأولى والثانية: في سندِهِ رجلان مجهولان، الرجل من الأنصار وأبوه؛
قال الدَّارَقُطنيُّ - عن متن "الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ" -: "ورُوِيَ عن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ من قوله، وفي إسنادِهِ رجل مجهول رواه عن أبيه عن عُثْمَانَ"، ثُمَّ أَسنَده مقتصرًا على هذه الفقرة الموقوفة. (السنن 1/ 185). وتَبِعَه الغَسَّاني فذكره في (تخريج الأحاديث الضِّعاف من سنن الدَّارَقُطني ص 28).
وقال البَيْهَقيُّ: "ورُوِيَ عن عُرْوةَ بنِ قَبِيصةَ عن رجل من الأنصار عن أبيه عن عُثْمَانَ أنه قال: ((الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ)). وليس من شرطنا قَبولُ خبرِ رجلٍ لا يُعرَفُ باسمه، فكيف بعدالته وصِدْقِه؟ "(الخلافيات 255).
وقال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ وفيه رجلان مجهولان"(المجمع 1195).
وقال البُوصيري في (مختصر الإتحاف 1/ 228/ رقم 618)
(1)
: "رواه ابنُ أبي عُمرَ وأحمدُ بإسناد ضعيف؛ لجهالةِ بعضِ رواته".
الثالثة: جهالة حالِ عُرْوة بن قَبِيصةَ؛ فقد روى عنه ثقتان، وترجم له البُخاريُّ في (التاريخ الكبير 7/ 34)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 6/ 397)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 7/ 287) على عادته في توثيق المجاهيل.
وترجم له الحسيني في (الإكمال 597)، وتَبِعَه ابنُ حَجَرٍ في (تعجيل المنفعة 736)، ولم يَزِيدا على ما ذكرناه من توثيق ابن حِبَّانَ.
(1)
نقلًا من (حاشية الإتحاف على حديثنا 583).
الرابعة: الجُرَيري؛ فإنه كان قد اختلط، وسماعُ يزيدَ منه بعد الاختلاط.
قلنا:
وأخرجه ابنُ أبي عُمرَ في (مسنده) - كما في (الإتحاف 583) -: عن يَزيدَ، عن الجُرَيري، عن فلان بن وَهْب بن قَبِيصةَ، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، به.
كذا قال (فلان بن وَهْب بن قَبِيصةَ) بدل (عَمرو بن قَبِيصةَ)، والصواب (عَمرو) كما رواه الأئمة الأثباتُ - أحمدُ، وابنُ أبي شَيْبةَ، وغيرُهُما - عن يَزيدَ، وكذا ترجم له البُخاريُّ وابنُ أبي حاتم وغيرُهُما.
وقد اختُلِف فيه على الجُرَيريِّ كما سبقَ بيانُه ضمن تحقيقنا لروايات حديث عُثْمَانَ في "باب جامع في صفة الوُضوء".
[تنبيه]:
الحديث عزاه السُّيوطيُّ في (جمع الجوامع 16/ 702) للخطيب البَغداديِّ، ولم نقف عليه.
* * *
1788 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبانَ بْنِ مُفَضَّلٍ المَدَنِيِّ، قَالَ: أَرَانِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله عنه الوُضُوءَ، أَخَذَ رِكْوَةً فَوَضَعَهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَصَبَّ عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى فَغَسَلَهُمَا ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدَارَ الرِّكْوَةَ عَلَى يَدِهِ اليُمْنَى فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا، وَأَخَذَ مَاءً جَدِيدًا لِسِمَاخِهِ فَمَسَحَ سِمَاخَهُ، فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ مَسَحْتَ أُذُنَكَ، فَقَالَ: يَا غُلَامُ، إِنَّهُنَّ مِنَ الرَّأْسِ، لَيْسَ هُنَّ مِنَ الوَجْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا غُلَامُ، هَلْ رَأَيْتَ وَفَهِمْتَ، أَمْ أُعِيدُ عَلَيْكَ؟ فَقُلْتُ: قَدْ كَفَانِيَ، وَقَدْ فَهِمْتُ. قَالَ: فَهَكَذَا رَأَيتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ.
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ مظلم، وفي متنِهِ نكارةٌ. وَضَعَّفَهُ: العَلَائيُّ، والذَّهَبيُّ، وابنُ كَثيرٍ، والعِراقيُّ، والسُّبْكيُّ، وابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[طس 3362 "واللفظُ له"/ طص 322/ كر (المختصر 6/ 58) / ضياء (أسانيد ق 181/ب) / ميز (1/ 405) / جزري 23/ علائي (الفوائد 171) / طبش (9/ 280) / عشا 40/ رية 4/ عشاريات 2/ آشي (ص 301) / غصن (2/ 563)]
[السند]:
قال الطَّبَرانيُّ: حدثنا جعفر بن حُميد بن عبد الكريم بن فَرُّوخَ بنِ دَيْزَج بن بلال بن سعد الأنصاريُّ الدمشقيُّ، قال: حدثني جدي لأمي عُمرُ بنُ أَبانَ بنِ مُفَضَّلٍ المَدَنيُّ، به.
ومداره عندَ الجميعِ على الطَّبَرانيِّ، عن جعفر بن حُميد بن عبد الكريم، به.
قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ عُمرُ بنُ أَبانَ عن أنس غيرَ هذا الحديثُ"(الأوسط)، ونحوه في (الصغير).
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ مظلم؛ فيه عِلَّتان:
الأولى: عُمرُ بن أَبانَ، قال الذَّهَبيُّ:"لا يُعرَفُ"(الميزان 3/ 181). وقال أيضًا في ترجمة جعفر: "عُمرُ بنُ أَبانَ لا يُدرى مَن هو، والحديثُ (إنما دلنا)
(1)
على ضعْفِه" (الميزان 1/ 405)، وانظر (اللسان 2/ 452) و (التحفة اللطيفة 3211).
والثانية: جعفر بن حُمَيد (شيخ الطَّبَرانيِّ)، ليس له إلا هذا الحديثُ، ولم يَرْوِ عنه سوى الطَّبَرانيِّ - فيما وقفنا عليه -؛ قال الذَّهَبيُّ:"شيخ للطَّبَرانيِّ، مجهول"(ذيل ديوان الضُّعفاء 92).
وقال في ترجمة عُمرَ: "عنه شيخُ الطَّبَرانيِّ جعفر بن حميد، فمَن جعفر؟ ! "(الميزان 3/ 181).
وقال العَلَائيُّ: "هذا حديث غريب، وقع لي تساعيًا، وجعفر بن حُميد هذا انفرد عنه الطَّبَرانيُّ بالرواية، وشيخُه مجهول لا يُعرَفُ، ولم أجد أحدًا من المتقدمين تَكَلَّم فيهما، والله أعلم"(إثارة الفوائد 1/ 424).
(1)
كذا أثبته في المتن محقق طبعة دار المعرفة، وذكر في الحاشية أنه وقع في نسخة أخري:"والحديث ثماني لنا على ضعفه"، وهو ما أثبته محقِّقو طبعة الرسالة في متن الكتاب، ولعله أرجح؛ فقد نقل السَّخاويّ في (التحفة اللطيفة 2/ 328) عن الذَّهَبي أنه قال:"والحديث من ثمانياتي على ضعفه". والمعنى محتمل وسائغ على الوجهين. والله أعلم.
وقال تاج الدين السُّبْكيُّ: "في إسنادِهِ شيخُ الطَّبَرانيِّ وشيخُه عُمرُ بن أَبانَ، وهما مجهولان"(طبقات الشافعية الكبرى 9/ 280).
وقال ابنُ كَثيرٍ: "رواه الطَّبَرانيُّ في حديثِ طويل ثلاثي له، ولا يثبُت إسنادُه"(إرشاد الفقيه 1/ 39).
وقال أبو الفضل العِراقيُّ: "هذا حديث غريب"(الأربعين العشارية ص 227).
وقال ابنُ حَجَرٍ: "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وعُمرُ بن أَبانَ ذكره ابنُ حِبَّانَ في الثِّقات"(الأحاديث العشرة العشارية الاختيارية ص 32).
قلنا: وكذا ذَكَر الهيثميُّ في (المجمع 1197) مُتَعقِّبًا الذَّهَبيُّ، وكذا السَّخاويُّ في (التحفة 3211) أنَّ ابنَ حِبَّانَ ذكره في (الثِّقات).
والذي في (الثِّقات 5/ 153، 7/ 171) إنما هو عُمر بن أَبانَ بن عُثْمَانَ، يروي عن عُثْمَانَ - أو عَمرو بن عُثْمَانَ -، وابنُ عُمر. روَى عنه ابنُه إبراهيم، وفرَّق بينهما، ولم يَذْكُر عُمرَ بنَ أَبانَ بنِ مُفَضَّلٍ صاحبَنا هذا، وكذا لم يذكر ابن قُطْلُوبُغا في (الثِّقات 7/ 265) سوى مَن ذكره ابنُ حِبَّانَ. والله أعلم.
قلنا: وأنَّى لشيخ الطَّبَرانيِّ أن يرويَ عن أنس بواسطة واحدة؟ ! هذا يحتاج إلى عمر مديد، ولو كان كذلك لاشتهر واشتهر حديثُه، وهذا ما لم يَحْدُث. والله أعلم.
ومع هذا ذكره شمس الدين ابن الجَزَريُّ في (الأربعين الصحاح 23)، وتَعَقَّبَ الذَّهَبيُّ في تجهيله لعُمرَ، فقال:"رحِم الله الذَّهَبيُّ، ما أَسْرَعَه إلى التضعيف والجرح! "، وذلك لأن الطَّبَرانيَّ قال فيه: أخبرنا جعفر بن حُميد. قال: "فلا يضره تفرُّد الطَّبَرانيِّ عنه، بل رفع عنه الجهالةِ، ولا نعلم أحدًا تَكَلَّم فيه، وأما عُمرُ بن أَبانَ فقد ذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات)، فحُكْمُه على
الحديث بالضعف غيرُ مُسَلَّم، وإن كان الحديث وقع له ثمانيًّا فقد وقع لنا تساعيًّا" اهـ.
قلنا: وهذا الذي ذكره خلاف ما عليه أئمة الحديث، فإن مجرد رواية العالم عن راوٍ لا تُوثِّقه، نعم ربما ترفع عنه جهالةَ العين، ولكن لا تُرفع عنه جهالةُ الحال إلا بتوثيقٍ معتبَر، ولا يوجد هنا.
وأما عُمر بن أبان؛ فلا يصح أنَّ ابنَ حِبَّانَ وَثَّقَهُ، وإنْ صَحَّ فلا يُعتمَد؛ لِما عُرِفَ عنه من توثيق المجاهيل، وهذا ما عليه المحقِّقون من أهلِ العلمِ، كما تقدم بيانُه في غير ما موضع.
وقولُه في الإمام الذَّهَبيُّ رحمه الله قولٌ غير سديد، ولم يتابِعْه عليه أحد، بل الذَّهَبيُّ أحد أئمة هذا الشأن، معتدِلٌ مُنصِف، لا يُعرَفُ عنه تسرُّعٌ في التجريح.
وأقوال العلماء في الثناء على الذَّهَبيُّ كثيرة، وفي بيان إمامته في هذا العلم غزيرة، أكتفي منها بما بقول تاج الدِّين السُّبْكيُّ؛ قال:"أستاذنا أبو عبد الله الذَّهَبيُّ فنضير لا نظير له، وكبير هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حِفْظًا، وذهب العصر معنًى ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جُمعت له الأُمَّةُ في صعيد واحد فنظرها ثُمَّ أخذ يخبر عنها إخبارَ مَن حضرها، وكان محطَّ رحالٍ تعنَّت، ومنتهى رغبات مَن تعنَّت، تُعمل المَطِيُّ إلى جواره، وتُضرَب البُزْلُ المهاري أكبادَها فلا تَبْرَح أو تقيل نحو داره"(معجم الشيوخ للسبكي ص: 354).
وقال السُّيوطيُّ: "إن المحدِّثين عِيالٌ الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المِزِّيّ، والذَّهَبيُّ، والعِراقيُّ، وابنُ حَجَرٍ" (طبقات
الحفاظ ص: 522).
- وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الأُذُنَيْنِ مِنَ الرَّأْسِ عَنْ جَمَاعَةٍ منَ الصحابةِ مَوْقُوفًا عَلَيْهِمْ، وَإِلَيْكَ تَخْرِيجَهَا:
* * *
1789 -
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا:
◼ عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، أَنَّهُ قَالَ:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ [فَامْسَحُوهُمَا]» .
[الحكم]:
موقوف صحيح، وَصَحَّحَهُ الإشبيلي.
[التخريج]:
[عب 24، 25 واللفظُ له/ ش 163، 164/ طهور 362/ يوسف 32/ علحم 1860/ طبر (8/ 169، 170، 171) / لا 1902، 2037/ منذ 393/ طح (1/ 34/ 153 "والزيادة له"، 154) / جعفر 661، 662/ معقر 534/ قط 324، 326، 327/ ضح (1/ 196) / خطل (2/ 787) / كر (41/ 350)]
[السند]:
أخرجه عبدُ الرزاقِ (25): عن الثَّوْريِّ، عن سالم أبي النَّضْر، عن سعيد ابن مَرْجانَةَ، عنِ ابنِ عُمرَ، به.
وأخرجه الطَّبَريُّ في (تفسيره 8/ 170): من طريقِ أيوبَ بن سُوَيد، وعبدِ الرحمن بن مَهْديٍّ، جميعًا: عن سفيانَ الثَّوْريِّ، به.
وهو كذلك في (جامع سفيان)، كما ذكر البَيْهَقيُّ في (الخلافيات 144)
(1)
.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ صحيحٌ؛ رجاله ثقات رجال الشيخينِ.
فسالم أبو النَّضْر: ثقة من رجال الشيخينِ (التقريب 2169).
(1)
إلا أنه وقع في مطبوع (الخلافيات) للبيهقي: "سالم بن أبي النَّضْر"، وهذا خطأ، الصواب:"سالم أبي النَّضْر". وراجع مصادر ترجمته.
وسعيد ابن مَرْجَانة: ثقة فاضل من رجال الشيخينِ (التقريب 2388).
وله طرقٌ أخرى عنِ ابنِ عُمرَ، منها:
ما أخرجه الطَّبَريُّ في (تفسيره 8/ 170) قال: حدثني يعقوب، قال: حدثنا هُشَيم، قال: أخبرني غَيلان بن عبد الله مولى قريش، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ سَأَلَهُ سَائِلٌ، قَالَ: إِنَّهُ تَوَضَّأَ وَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ أُذُنَيْهِ؟ فَقال ابنُ عُمَرَ: «الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ. وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ بَأْسًا» .
أخرجه الطَّبَريُّ أيضًا: عنِ ابنِ المُثَنَّى، قال: حدثني وَهْبُ بن جَرير، قال: حدثنا شُعبة، عن رجل، عنِ ابنِ عُمرَ، قال:«الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ» .
ورواه عبدُ الله بن أحمدَ في (العلل 1860): عن أبيه، عن غُنْدَر، قال: حدثنا شُعبة، قال: سمِعتُ مولًى لقُرَيش، قال: سمِعْتُ ابنَ عُمرَ سُئِلَ عن الأُذُنين، فقال:((هُمَا مِنَ الرَّأْسِ)).
وهذا إسنادٌ جيِّدٌ؛ غَيلان بن عبد الله مولى قريش، روَى عنه شُعبةُ، وهُشَيم، وَوَثَّقَهُ الدَّارَقُطنيُّ كما في (سؤالات البَرْقانيّ له 415)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثِّقات 5/ 291).
والزيادة:
أخرجها الطَّحاويُّ في (شرح معاني الآثار 1/ 34/ 153)، والدُّولابيُّ في (الكُنى 2037) قالا: حدثنا عليُّ بن مَعْبَد، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا أبي، عنِ ابنِ إسحاقَ، عن نافع (كذا في رواية الطَّحاويِّ. وعند الدُّولابيِّ: حدثني نافع)، عنِ ابنِ عُمرَ، به.
وهذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقاتٌ غيرَ ابن إسحاقَ، فصدوقٌ يدلِّس، وقد صرح بالتحديث.
ولذا قال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ: "وقد رواه أبو الحسن - يعني: الدَّارَقُطنيَّ - من طرق صحيحةٍ موقوفًا على ابنِ عُمرَ"(الأحكام الكبرى 1/ 468).
وله طرقٌ أخرى عنِ ابنِ عُمرَ لكنْ لا تخلو من مقال، وفي الصحيح غُنْيَةٌ وكفاية.
* * *