الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
499 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي دُخُولِ الحَمَّامِ
2979 -
حَدِيثُ أَبِي المَلِيحِ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ أَبِي المَلِيحِ الهُذَلِيِّ، أَنَّ نِسَاءً مِنْ أَهْلِ حِمْصَ -أَوْ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ- دَخَلْنَ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: أَنْتُنَّ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ نِسَاؤُكُنَّ الحَمَّامَاتِ؟ [قُلْنَ: نَعَمْ. قَالَتْ: أَمَا إِنِّي] سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ (تَخْلَعُ) ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا (بَيْتِهَا) إِلَّا هَتَكَتِ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا)).
[الحكم]:
حسنٌ لغيره، وَحَسَّنَهُ: الترمذيُّ -وتبعه النوويُّ-، والبغويُّ، وجوَّدَ إسنادَهُ: ابنُ مفلحٍ، وصَحَّحَهُ: الحاكمُ، والذهبيُّ، والسيوطيُّ، والمُناويُّ، والألبانيُّ.
[اللغة]:
((الحَمَّام)): "المسْتَحَمُ: الموضعُ الذي يُغْتَسلُ فيه بالحَميمِ وقيل له: حمام لأن الغالب أن يكون الماء فيه حارًّا"(النهاية لابن الأثير 1/ 1052).
وهو بيتٌ كبيرٌ جدًّا، فيه ساحةٌ كبيرةٌ لخلعِ الملابسِ وارتداءِ الأُزُرِ التي يُغتسلُ بها، ثم يوجدُ ممرٌ من هذه الساحةِ إلى ساحاتٍ، وحولَ كل ساحةٍ غرفٌ مفتوحةٌ على هذه الساحات، وتحتَ أرضه غرفٌ يُوقدُ فيها نارٌ كبيرةٌ لتدفئةِ الحمامِ وتسخينِ مَائِهِ، وتكون بعض ساحاته وغرفه دافئة، ويكون
بعضها حارًا، وقد وُضعت أنابيب في الُجدُر تأتي بالماءِ الحارِ والباردِ لكلِّ غرفة وساحة، وقد رُكبت في نهاياتها صنابير، وتحتها أوعية منحوتة منَ الحجرِ يُصب فيها الماء، تَسَع خمسة آصُعٍ تقريبًا يغترف منها الناس، يدخلها الناس للاستحمام والاغتسال والتنظف، وأشهر البلاد بها بلاد الشام، وما تزال حتى يومنا هذا.
[تنبيه]:
يطلقُ في بعض البلاد العربية اسم الحمام على المرحاضِ، وهو خطأٌ شائعٌ.
[الفوائد]:
قوله صلى الله عليه وسلم: ((تَخْلَعُ ثِيَابَهَا)): كل ثيابها، ((فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا))، وفي رواية:((فِي غَيْرِ بَيْتِهَا))؛ أي: في بيتٍ غير مأمون فيه أجانب أو ليس فيه محرم لها.
والمقصود: أنه لا يجوز للمرأة أن تخلع ثيابها لتصبح متعرية في غير بيت مأمون، خلافًا لبيت زوجها أو أهلها وما شابه ذلك من بيوت المرأة المأمونة؛ وذلك خشية الفتنة.
ولا يجوزُ لها ذلك إلا حين الاضطرار وحين أمن الفتنة وإلا فلا، وأما نزع بعض ثيابها مما يُكشف فيه بعض عورتها كالشعر والنحر والذِّراع، فإن كان ذلك بين النساء وفي مكان مأمون جاز ذلك بلا خلاف. والله أعلم.
[التخريج]:
[د 3963 (والزيادة والروايتان له) / ت 3007 (واللفظ له) / جه 3776/ حم 25627 (مختصرًا)، 25407، 25408/ مي 2681/ ك 7989، 7990/ طي 1621/ عب 1142/ هق 14919/ شعب 7381
/ هقد 707/ بغ 3210/ معر 728/ منذ 656/ خط (4/ 96 - مختصرًا) / حسيني (حمام 5)].
[التحقيق]:
انظره فيما يأتي:
رِوَايَةُ سَالِمٍ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ سَالِمِ بنِ أَبِي الجَعْدِ، قَالَ: دَخَلَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ عَلَى عَائِشَةَ، [يَسْتَفْتِينَهَا] فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ. فَقَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ الكُورَةِ الَّتِي يَدْخُلُ نِسَاؤُهَا الحَمَّامَاتِ؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ. فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ مَنْزِلِهَا (بَيْتِ زَوْجِهَا) إِلَّا هَتَكَتْ [سِتْرَ] مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل).
[الحكم]:
حسنٌ لغيرِهِ.
[التخريج]:
[د 3963/ حم 24140 (مختصرًا والزيادة الثانية والرواية له) / مي 2681 (والزيادة الأولى له) / حق 1605 (واللفظ له) / مسخ 843 (مختصرًا) / حسيني (حمام 6)].
[التحقيق]:
انظره فيما يأتي:
رِوَايَةُ مُجَاهِدٍ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها نِسَاءٌ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ، فَقَالَتْ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ الكُورَةِ الَّتِي يَدْخُلُ نِسَاؤُهُمُ الحَمَّامَاتِ؟ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا هَتَكَتْ السِّتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عز وجل).
[الحكم]:
حسنٌ لغيره.
[التخريج]:
[رفا 107].
[التحقيق]:
انظره فيما يأتي:
رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَطَاءِ بنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: أَتَيْنَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ عَائِشَةَ فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: لَعَلَّكُنَّ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ الحَمَّامَاتِ؟ فَقُلْنَ لَهَا: إِنَّا لَنَفْعَلَنْ. فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ (نَزَعَتْ) ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا، هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ)).
[الحكم]:
حسنٌ لغيرِهِ.
[التخريج]:
[حم 26304 (واللفظ له) / طس 4743/ حل (3/ 325) (والرواية له) / علج 561/ نعيم (دكين 22)].
[التحقيق]:
انظره فيما يأتي:
رِوَايَةُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ بَعْلِهَا، فَقَدْ هَتَكَتْ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ)).
[الحكم]:
حسنٌ لغيرِهِ.
[التخريج]:
[عل 4680/ مجر (2/ 336)].
[التحقيق]:
يُروى هذا الحديثُ من عِدَّةِ طرقٍ عن عائشةَ، كما هو ظاهرٌ من عرضِ الرواياتِ:
الطريق الأول: عن أبي المليح عن عائشة:
رواه أحمد (25407)، وأبو داود (3963): عن ابن المثنى. كلاهما: عن غندر، عن شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي المليح، عن عائشة، به.
وكذا رواه الطيالسيُّ في (مسنده 1621) -ومن طريقه الترمذيُّ (3007)، والبيهقيُّ في (السنن 14919)، وفي (الآدب 707) -: عن شعبةَ به.
وتابع شعبةَ: الثوريُّ، وإسرائيلُ، وورقاءُ:
فأما طريقُ سفيانَ؛ فرواه عبدُ الرزاقِ (1142) -ومن طريقه أحمدُ (25408، 25627)، والحاكمُ (7989)، وغيرُهُما-.
ورواه ابنُ ماجهْ (3776) من طريقِ وكيعٍ. كلاهما: عن سفيانَ الثوريِّ.
وأما طريقُ إسرائيلَ؛ فرواه الدارميُّ (2694): عن عُبيدِ اللهِ، عن إسرائيلَ.
وأما طريقُ ورقاءَ؛ فرواه الخطيبُ في (تاريخ بغداد 4/ 96): من طريقِ عبدِ الصمدِ بنِ النعمانِ عن ورقاءَ.
كلهم: عن منصورٍ، عن سالمِ بنِ أبي الجعدِ، عن أبي المليحِ، عن عائشةَ، به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الشيخينِ، إلا أن فيه إشكالين يمنعان من تصحيحه -كما سيأتي-.
وخالفَ الجماعةَ جريرٌ، فرواه عن منصورٍ، عن سالمِ بنِ أبي الجعدِ، قال: دَخَلَ نسوةٌ من أهلِ الشامِ على عائشةَ
…
فذكره، ولم يذكرْ أبا المليحِ. رواه إسحاقُ بنُ راهويه في (مسنده 1605)، وأبو داود (3963): عن محمد بنِ قدامة، كلاهما: عن جريرٍ، به.
ولا ريبَ أن روايةَ الجماعةِ عن منصورٍ أصحُّ، لاسيما وفيهم شعبة وسفيان، وهما مَن هما في الضبطِ والإتقانِ.
ولذا قال الدارقطنيُّ: "وقول شعبة، والثوري، عن منصور، أشبه بالصواب"(العلل 3745).
ولكن رواه كذلك عن سالم بن أبي الجعد جماعة:
فرواه أحمدُ (24140): عن حفصِ بنِ غياثٍ.
ورواه الخرائطيُّ في (مساوئ الأخلاق 845) من طريقِ حِبانَ بنِ عليٍّ العنزيِّ.
وعلَّقه الدارقطنيُّ في (العلل 3745) عن عيسى بن يونس.
ثلاثتهم: عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن عائشة به.
وخالفهما يعلى بن عبيد: فرواه عن الأعمش، عن عمرو بن مُرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن عائشة، به. رواه الدارمي (2693) عن يعلى به.
وتابع الأعمش على الوجه الأول:
أبو حمزةَ الثُّمَاليُّ، كما في (مساوئ الأخلاق للخرائطي 841).
وعبيدةُ بنُ متعبٍ، كما ذكرَ ذلك الدارقطنيُّ في (العلل 3745).
فروياه عن: سالم بن أبي الجعد عن عائشة به، دون ذكر أبي المليح.
ولكن طريق منصور بذكر أبي المليح أشبه بالصواب، كما قال الدارقطنيُّ.
فإن أبا حمزةَ الثماليَّ وعبيدةَ بنَ متعبٍ "ضعيفان"، كما في (التقريب 818، 4416).
وأما الأعمشُ فقد حصل عليه خِلاف، وهو وحده لا يقاوم منصورًا، خاصة وأن سالِمًالم يَلْقَ عائشةَ، كما قال ابنُ المديني، انظر (جامع التحصيل 218).
فزيادةُ (أبي المليح) زيادةٌ من ثقةٍ حافظٍ يجبُ قَبولها.
* ولكن يبقى الإشكال في طريق أبي المليح عن أبي عائشة؛ وهو أن أبا المليحِ لا يُعرفُ له سماعٌ من عائشةَ، بل لا يُعرفُ له رواية عنها سوى في هذا الحديث، وآخَر أخرجه الطبريُّ في (التفسير 3/ 554).
وقد ذكر ابنُ القطانِ في (أحكام النظر صـ 100)، وابنُ الملقنِ في (البدر المنير 9/ 204) أن أبا داودَ قال: "هذا يرويه أبو المليح عن عائشة، ولم
يسمعه منها".
ونقلَ عنه ابنُ الملقنِ في (خلاصة البدر المنير 2609)، أنه قال:"منقطعٌ".
وكلا النصين عن أبي داود لم نجدْهما في النسخ المطبوعة من (السنن).
وقال البزارُ: "أحسبه عن أبي المليح عن مسروقٍ عنها"(أحكام النظر لابن القطان صـ 100)، و (البدر المنير 9/ 204). ولم نقفْ عليه -كذلك- في الأجزاء المطبوعة من (مسند البزار).
وقال عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ: "وأبو المليح لم يسمعْه من عائشةَ"(الأحكام الكبرى 1/ 406).
فهذا الطريقُ معلٌّ بالانقطاعِ.
* وقد رواه أحمدُ (25407) قال: حدثنا محمد بن جعفر وحجاج، قالا: حدثنا شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي المليح، قال حجاج: عن رجلٍ، قال: دَخَلَ نسوةٌ من أهلِ الشامِ على عائشةَ
…
الحديث.
فقد يُفهم منه أن الحجاجَ قال فيه: (عن أبي المليح عن رجلٍ)، كما جزمَ به الحافظُ في (إتحاف المهرة 22996). فتكون ثَم واسطة مبهمة بين أبي المليح وعائشة. وهذا يؤكدُ القولَ بالانقطاعِ.
ويحتمل أن يكون المرادُ أن الحجاجَ أبهم أبا المليح، فقال (عن رجل) بدل (عن أبي المليح)، فالله أعلم.
* ومع ما ذكرناه من علةِ الانقطاعِ، فقد ذهبَ بعضُ أهل العلم إلى تحسين الحديث أو تصحيحه.
قال الترمذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ". وبمثله قال البغويُّ في (شرح السنة
12/ 124).
وقال الحاكمُ: "صحيحٌ على شرطهما"(الترغيب والترهيب 273). ولم نقفْ على كلامِ الحاكمِ في نُسخِ (المستدرك) المطبوعةِ.
وقال الذهبيُّ في (التلخيص): "قلتُ: على شرط البخاري ومسلم"(تلخيص المستدرك 4/ 288).
وهذا يفيدُ أن هذا حكم خاص للذهبي؛ ولهذا ذكر كلامه ابن الملقن في (مختصره 984). ثم إن الشيخين لم يخرجا لأبي المليح عن عائشة شيئًا، ولم يخرجا لسالم عن أبي المليح شيئًا.
وذكره النوويُّ في فصل الصحيح من (خلاصة الأحكام 1/ 210)، ونقل تحسين الترمذي وأقرَّه.
وقال ابنُ مفلحٍ: "إسنادُهُ جيدٌ"(الآداب الشرعية 3/ 325).
ورمزَ السيوطيُّ له بالصحةِ في (الجامع الصغير 2940).
وصَحَّحَ إسنادَهُ المُناويُّ في (التيسير 1/ 408).
وقال الشوكانيُّ: "وهو من حديثِ شعبةَ عن منصورٍ عن سالمِ بنِ أبي الجعدِ عن أبي المليحِ عنها، وكلهم رجال الصحيح، ورُوي عن جريرٍ عن سالمٍ عنها، وكان سالمٌ يدلسُ ويرسلُ"(نيل الأوطار 1/ 318).
وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في (صحيح الترغيب 170)، وقال في (تمام المنة صـ 131):"إسنادُهُ صحيحٌ على شرطِ الشيخين"، وفيه نظرٌ، كما تقدَّم بيانُهُ.
وأخرجه الحسينيُّ في (آداب دخول الحمام 6): من طريق سالم بن أبي الجعد عن عائشة، ثم قال:"وهذا إسنادٌ صحيحٌ"، وقد تقدَّم أن سالِمًا
لم يَلْقَ عائشةَ، كما قال ابنُ المديني.
قلنا: لكن للحديثِ طرقٌ أُخرى كثيرة عن عائشة، وهي وإن كانت لا تخلو من مقال، لكن بمجموعها يرتقي الحديث إلى درجة الحسن لغيرِهِ، والله أعلم.
وإليك بيان هذه الطرق:
الطريق الثاني: عن عطاء عن عائشة:
رواه أحمدُ (26304): عن عبيدة بن حميد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عطاء، عن عائشة، بنحوه.
ورواه الطبرانيُّ في (الأوسط 4743)، وأبو نعيمٍ في (الحلية 3/ 325)، وفي (تسمية الرواة عن الفضل بن دكين 22)، وابنُ الجوزي في (العلل 561): من طريقِ يزيدَ، به.
وقال الطبرانيُّ -عقبه-: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن عطاء إلا يزيد".
وقال أبو نعيم: "هذا حديثٌ غريبٌ من حديثِ عطاءٍ عن عائشةَ، لا أعلمُ عنه راويًا غير يزيد بن أبي زياد".
قلنا: ويزيد بن أبي زياد: "ضعيف"، كما في (التقريب 7717
وبه ضَعَّفَ الإسنادَ ابنُ الجوزي في (العلل المتناهية 561).
قلنا: ولكنه صالحٌ للاعتبارِ به في المتابعاتِ والشواهِدِ، كما هاهنا.
الطريق الثالث: عن مجاهدٍ عن عائشةَ:
رواه أبو عليٍّ الرَّفاءُ في (جزء له 107) عن إبراهيم بن إسحاق الحربي، عن عبد الله بن عمر (الجعفي)، عن عمران بن عيينة، عن حصين (بن
عبد الرحمن السُّلَمي)، عن مجاهد، عن عائشة، به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، عدا عمران بن عيينة، فمختلفٌ فيه،
قال أبو زرعة: "ضعيفُ الحديثِ"(سؤالات البرذعي لأبي زرعة 303)، وقال أبو حاتم:"لا يُحتجُّ بحديثه، فإنه يأتي بالمناكير"(الجرح والتعديل 6/ 302)، وقال أحمدُ:"رأيتُ عمران بن عيينة ولم أَكتبْ عنه شيئًا"(العلل رواية عبد الله 4561).
وذكره العقيليُّ في (الضعفاء 1313) وقال: "في حديثه وَهْمٌ وخطأ".
واختَلَفَ قول ابن معين فيه؛ فقال (رواية الدوري 2191): "صالح الحديث"، وتبعه ابنُ شاهين فذكره في (الثقات 1113). ولكن ضَعَّفه في (رواية ابن محرز 185)، بل قال في موضع آخر:"ليس بشيء، ضعيف"(رواية ابن محرز 148).
وقال أبو داود: "صالح"، وقال البزارُ:"ليس به بأس"، انظر:(تهذيب التهذيب 8/ 136). وقال العجليُّ: "صدوق"(معرفة الثقات وغيرهم 1428)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 240). وقال الذهبيُّ:"صالحُ الحديثِ"(ميزان الاعتدال 3301)، وقال في (الكاشف 4272):"ضَعَّفه أبو زرعة ومشَّاه غيرُ واحدٍ". بينما ذكره في (ديوان الضعفاء 3147)، و (المغني 4610) ولم يزدْ على قولِ أبي حاتم، وقال ابنُ حجرٍ:"صدوقٌ له أوهامٌ"(التقريب 5164).
قلنا: الذي يبدو لنا أنه إلى الضعفِ أقرب، ولكن مثله لا بأس به في المتابعاتِ والشواهدِ، كما ها هنا.
الطريق الرابع: عن أُمِّ عبدِ الملكِ بنِ راشدٍ عن عائشةَ:
رواه أبو طاهر المخلص في (المخلصيات 1696) قال: حدثنا ابنُ مَنيعٍ، قال: حدثنا داود، قال: حدثنا محمد بن حرب، عن عبد الملك بن راشد التَّغْلِبِيِّ، عن أُمِّه، أنَّها دخلتْ على عائشةَ في نسوةٍ من أهلِ حمصٍ فقالتْ:
…
الحديث.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقات عدا ابن رَاشدٍ وأُمّه، فأما ابنُ راشدٍ فقال عنه أبو حاتم:"ما بحديثه بأس"(الجرح والتعديل 5/ 349)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 102).
وأما أُمُّه، فلم نجدْ مَن ترجمَ لها.
وفي هذه الطريقِ زيادةٌ سيأتي الكلامُ عليه قريبًا.
الطريق الخامس: عن عروةَ عن عائشةَ:
رواه أبو يعلى في (مسنده 4679)، وابنُ حِبَّانَ في (المجروحين 2/ 336): من طريقِ إسحاقَ بنِ سليمانَ الرازيِّ، حدثنا معاويةُ، عن الزهريِّ، عن عروةَ، عن عائشةَ به، مقتصرًا على المرفوع.
وهذا سندٌ ضعيفٌ أيضًا؛ معاوية هو ابن يحيى الصدفي: "ضعيف"، كما في (التقريب).
وبه ضَعَّفه ابنُ حِبَّانَ في (المجروحين)، وتبعه ابنُ القيسراني فِي (معرفة التذكرة 54)، و (تذكرة الحفاظ 56).
وله طرقٌ أُخرى عن عروةَ، وكذا عن عائشة، انظرها في الروايات الآتية.
[تنبيه]:
قال الألبانيُّ: "أورد الرافعيُّ الحديثَ في (شرح الوجيز)(كتاب الجزية) بلفظ: ((فَهِيَ مَلْعُونَةٌ)). فقال الحافظُ في تخريجه في (التلخيص): (الدارمي وأبو داود
…
من حديث عائشة)، وهذا وَهْمٌ عجيبٌ من الحافظِ الكبيرِ؛ فإن اللفظَ المذكورَ ليس له أصل عند المذكورين، ولا عند غيرهم منَ المحدثين
…
لا من حديثِ عائشةَ، ولا من حديثِ غيرها -فيما علمتُ- فاقتضى التنبيه! " (الضعيفة 13/ 471).
* * *
رِوَايَةُ خِمَارِهَا:
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ خِمَارَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل).
[الحكم]:
منكرٌ بلفظِ: (خِمَارِهَا).
[التخريج]:
[مسخ 841، 845].
[السند]:
قال الخرائطيُّ في (مساوئ الأخلاق 841): حدثنا نصر بن داود، ثنا أبو نعيم، ثنا أبو حمزة الثُّمَالِيُّ، ثنا سالم بن أبي الجعد، عن عائشة به.
وقال في (845): حدثنا القُلُوسي، ثنا بكر بن يحيى بن زَبَّان، ثنا حِبَّانُ، عن الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، قال: دخل نسوة من أهل حمص
على عائشة،
…
فذكر الحديث.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فسالم بنُ أبي الجعد لم يَلْقَ عائشةَ، كما سبقَ ذكره.
والطريق الأول فيه أبو حمزة الثمالي، وهو "ضعيفٌ رافضيٌّ"، كما في (التقريب 818).
والطريق الثاني فيه حِبَّانُ وهو ابنُ عليٍّ العَنَزِيُّ، وهو "ضعيفٌ" كما في (التقريب 1076).
وفيه أيضًا بكر بن يحيى بن زبّان، قال عنه أبو حاتم:"شيخٌ"(الجرح والتعديل 2/ 394)، وذكره ابنُ حِبَّانَ فى (الثقات) كما في (تهذيب التهذيب 1/ 488)، وقال ابنُ حَجَرٍ:"مقبول"(التقريب 753).
والثابتُ في الحديثِ عن سالمٍ، بلفظ:((ثِيَابَهَا))، كما سبقَ.
وقد وردتْ لفظة: (الخمار) من طرقٍ أُخرَى عن عائشةَ، ولكنها منكرةٌ أيضًا، كما ستراه في الرواياتِ التاليةِ.
* * *
رِوَايَةُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: [أَدِّبُوا الخَيْلَ، وَانْتَضِلُوا وَانْتَعِلُوا، وَتَسَوَّكُوا، وَإِيَّايَ وَأَخْلَاقَ الأَعَاجِمِ، وَأَنْ تَجْلِسُوا عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الخَمْرُ، وَ] 1 لَا يَحِلُّ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَدْخُلَ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ (بِمِنْدِيلٍ) 1، وَلَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ (لِمُؤْمِنَةٍ) 2 أَنْ تَدْخُلَ الحَمَّامَ إِلَّا مِنْ سَقَمٍ؛ فَإِنَّ عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ حَدَّثَتْنِي عَلَى مَفْرَشِهَا، قَالَتْ: حَدَّثَنِي خَلِيلِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَفْرَشِي هَذَا قَالَ: ((إِنَّ المَرْأَةَ إِذَا (أَيُّمَا مُؤْمِنَةٍ) 3 وَضَعَتْ خِمَارَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا (بَيْتِهَا) 4، هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ عز وجل [مِنْ سِتْرٍ] 2 فَلَمْ يَتَنَاهَا (يَثْنَاهَا) 5 دُونَ العَرْشِ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ، وضَعَّفَهُ: ابنُ عَدِيٍّ، والبيهقيُّ، وابنُ الجوزي، والذهبيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[عيال 410 (واللفظ له) / مسخ 842 (والزيادة الثانية له)، 844 (والرواية الثانية والثالثة والرابعة له) / عد (10/ 75) (والرواية الخامسة له) / صحا 7386 (والزيادة الأولى له) / صمند (صـ 945) / شعب 7386 (والرواية الأولى له)].
[التحقيق]:
رُوي هذا الخبر عن عمرَ من وجهين:
الوجه الأول:
أخرجه ابنُ أبي الدنيا في (النفقة على العيال 410) قال: حدثنا محمد بن حسان السَّمْتي، حدثنا الفُضَيلُ بنُ عياضٍ، عن مُطَّرِح بنِ يزيد، عن عبيد الله
ابنِ زحر، عن علي بنِ يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال عمرُ بنُ الخطابِ
…
فذكره.
ورواه الخرائطيُّ في (مساوئ الأخلاق 842)، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 10/ 75): من طريق محمد بن حسان السمتي، به.
ورواه الخرائطيُّ في (مساوئ الأخلاق 844)، وأبو نعيمٍ في (الصحابة 7386): من طريق يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن زَحْر، به.
وهذا إسنادٌ وَاهٍ؛ فيه علتان:
الأولى: علي بن يزيد الألهاني، وهو ضعيفٌ كما في (التقريب 4817). لا سيما روايته عن القاسم؛ قال يحيى بن معين:"علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة هي ضعاف كلها"(تهذيب الكمال 21/ 179).
الثانية: عُبيد اللَّه بن زَحْر؛ قال عنه الحافظ: "صدوق يخطئ"(التقريب 4290)، لا سيما روايته عن علي بنُ يزيد؛ قال ابنُ حِبَّانَ:"منكرُ الحديثِ جدًّا، يروي الموضوعات عن الأثبات، وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات"(المجروحين 2/ 29).
وأعلَّه ابنُ عَدِيٍّ بمطرح، فذكره في ترجمته، ثم قال:"ومطرح له غير ما ذكرت، وعامة رواياته عن عُبيد الله بن زَحر، والضعفُ على حديثه بَيِّن".
وكذا أعلَّه به الذهبيُّ في (تلخيص العلل صـ 117) فقال: "فيه مطرح بن يزيد متروك".
قلنا: ولكنه مُتابع من محمد بن حسان السمتي، وهو "صدوقٌ لينُ الحديثِ"، كما في (التقريب).
وأما ابنُ الجوزيِّ فأعلَّه بمطرح وعلي والقاسم؛ فقال: "هذا حديثٌ لا يصحُّ ومطرح وعلي والقاسم ليس بشيء"(العلل المتناهية 1/ 344).
وتعقبه الألبانيُّ فقال: "كذا قال، والقاسم وهو أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة، والمتقرر فيه أنه وسط حسن الحديث، فلو أنه ذكر مكانه عبيد الله بن زحر لأصاب"(الضعيفة 13/ 470). وهو كما قال.
الوجه الثاني:
أخرجه البيهقيُّ في (الشعب 7386) قال: أخبرنا أبو زكريا بن أبي إسحاق، نا أبو العباس الأصم، نا بحر بن نصر، نا ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، أن عمر بن الخطاب، قال:
…
فذكره.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع، فعبيدُ اللهِ بنُ أبي جعفرٍ لم يدركْ عمرَ.
ولذا قال البيهقيُّ: "منقطعٌ".
وعَلَّقَ الألبانيُّ على قولِ البيهقيِّ قائلًا: "يعني: بين عمر وعبيد الله بن أبي جعفر؛ فإن هذا وُلد بعد وفاة عمر بسنين -مات عمر سنة (23)، ومات عبيد الله سنة (132) وقيل بعد ذلك"(الضعيفة 13/ 469).
الثانية: ابن لهيعة، وهو ضعيفٌ، كم قرَّرناه في غير ما موضعٍ.
وقدِ اضطربَ فيه؛ فرواه هنا: عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عمر عن عائشة.
ورواه مرة عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة.
ومرة: عن أبي الأسود، عن عروة، مرسلًا.
ورواه أيضًا: عن دَرَّاج عن السائب عن أم سلمة. كما سيأتي قريبًا.
وقد تقدَّم الحديثُ من طرقٍ عن عائشةَ يُقَوِّي بعضها بعضًا، بلفظ:(ثِيَابَهَا) بدل: (خِمَارَهَا)، وأما لفظ:(الخِمار) فلم يأتِ إلا من طرقٍ واهيةٍ كما تَرَى.
ولأجل ذلك ذكره الألبانيُّ في (الضعيفة) وقال: "منكرٌ"، ثم قال:"وقد صَحَّ الحديث من طريق أبي المليح عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا نحوه بلفظ: (ثيابها) مكان: (خمارها) "(الضعيفة 6216).
* * *
رِوَايَةُ عَبْدِ المَلِكِ بنِ رَاشِدٍ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ رَاشِدٍ التَّغْلِبِيِّ، عَنْ أُمِّهِ، أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ فِي نِسْوَةٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: مِنْ أَهْلِ حِمْصَ. قَالَتْ: فَلَعَلَّكُنَّ مِنَ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ الحَمَّامَ؟ قُلْنَ: نَعَمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ المَرْأَةَ إِذَا خَلَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ عز وجل مِنْ سِتْرٍ حَتَّى تَلْبَسَ ثِيَابَهَا)). فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِهَا سَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا جَارِيَةُ، انْضَحِي آثَارَهُنَّ بِالمَاءِ.
[الحكم]:
حسنٌ لغيرِهِ كما تقدَّم، لكن دون قوله:(حَتَّى تَلْبَسَ ثِيَابَهَا)، فمنكرةٌ، وكذا الفقرة الأخيرة.
[التخريج]:
[مخلص 1695].
[السند]:
قال أبو طاهر المخلص: حدثنا ابنُ مَنيعٍ قال: حدثنا داودُ قال: حدثنا محمدُ بنُ حربٍ، عن عبدِ الملكِ بنِ راشدٍ التغلبيِّ، عن أُمِّهِ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لجهالةِ أُمِّ عبدِ الملكِ بنِ راشدٍ التغلبيِّ، كما تقدَّم بيانُه.
وقد تفردتْ بزيادتين منكرتين في هذا الحديث؛ الأولى: قولها في المرفوع: ((حَتَّى تَلْبَسَ ثِيَابَهَا))، وقولها في آخر القصة:((فَلَمَّا قُمْنَا مِنْ عِنْدِهَا سَمِعْتُهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا جَارِيَةُ، انْضَحِي آثَارَهُنَّ بِالمَاءِ)).
* * *
رِوَايَةُ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيِّ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلَانِيَّ حَجَّ، فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَجَعَلَتْ تَسْأَلُهُ عَنِ الشَّامِ وَعَنْ بَرْدِهَا، فَجَعَلَ يُخْبِرُهَا، فَقَالَتْ: كَيْفَ يَصْبِرُونَ عَلَى بَرْدِهَا؟! فَقَالَ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إِنَّهُمْ يَشْرَبُونَ شَرَابًا يُقَالُ لَهُ: الطِّلَاءُ فَقَالَتْ: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ حِبِّي، سَمِعْتُ حِبِّي يَقُولُ:((إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَشْرَبُونَ الخَمْرَ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا))، قَالَتْ: وَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ؟ قَالَ: يَدْخُلْنَ الحَمَّامَاتِ. قَالَتْ: صَدَقَ اللَّهُ وَبَلَّغَ حِبِّي، سَمِعْتُ حِبِّي يَقُولُ:((مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثَوْبَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إِلَّا لَمْ يَحْبُهَا مِنَ اللَّهِ سِتْرٌ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ، وضَعَّفَهُ: الذهبيُّ.
[اللغة]:
قوله: ((لَمْ يَحْبُهَا)) يقال: حَبَاه كذا، وبكذا: إذا أعْطَاه. والحِبَاءُ: العطية، ومنه ما وَرَدَ في حديث صلاة التسابيح:((ألا أحْبُوك؟)) (النهاية 1/ 880).
[التخريج]:
[طاو 45 (مقتصِرًا على أوله) / موهب (التوضيح لشرح الجامع الصحيح 27/ 129) / عل 4390 (واللفظ له) / ك 7442 (مقتصِرًا على أوله) / هق 17458].
[السند]:
رواه عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ في (الموطأ)، قال: حدثني إبراهيمُ بنُ نَشِيطٍ الوَعْلانيُّ، وعمرُو بنُ الحارثِ، عن سعيدِ بنِ أبي هلالٍ، عن محمدِ بنِ عبدِ اللهِ، أن أبا مسلمٍ الخولانيَّ حَجَّ، فَدَخَلَ على عائشةَ
…
فذكره.
ورواه أبو يعلى عن هارون بن معروف. ورواه الحاكمُ من طريقِ بحرِ بنِ نصرٍ. والبيهقيُّ في (السنن 17458): من طريقِ محمدِ بنِ عبدِ الله بنِ عبدِ الحكمِ.
ثلاثتهم: عن ابنِ وهبٍ، به.
وعزاه ابنُ الملقنِ في (التوضيح 27/ 129) لابنِ وهبٍ في (مسنده) عن عمرو بن الحارث -وحده- به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ محمدُ بنُ عبدِ اللهِ، وفي رواية بحرِ بنِ نصرٍ:(محمد بن عبد الله بن مسلم)، في تعيينه وجهان:
الأول: أنه ابنُ أخي الزهري، ولكن لا يُعرف لسعيد بن أبي هلال رواية عنه وهو أكبر منه، كما لا يُعرفُ له رواية عن أبي مسلمٍ، بل ولم يدركْه؛ فإن أبا مسلم الخولاني من كبار التابعين، تُوفي زمن يزيد بن معاوية، وابن أخي الزهري من السابعة (توفي سنة 152)، وقيل بعدها.
فإن كان هو فالسندُ منقطعٌ.
الثاني: أنه رجلٌ آخرُ مجهولٌ لا يُعرفُ، فالسندُ ضعيفٌ لجهالتِهِ.
ومع هذا قال الحاكمُ: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخينِ ولم يخرجاه".
فتعقبه الذهبيُّ فقال: "محمدٌ هذا مجهولٌ، وإن كان ابن أخي الزهري فالسندُ منقطعٌ"(تلخيص المستدرك 4/ 147).
ومَالَ الحافظُ إلى أنه المجهولُ، فاستدركه في (اللسان) فقال: "محمد بن
عبد الله بن مسلم عن أبي مسلم الخولاني وعنه سعيد بن أبي هلال. قال الذهبيُّ في (تلخيص المستدرك): مجهول" (لسان الميزان 6970).
* * *
رِوَايَةُ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نِسْوَةً جِئْنَ عَائِشَةَ زَمَنَ الحَجَّاجِ، مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَهْلِ العِرَاقِ، فَأَذِنَتْ لِلْعِرَاقِيَّاتِ قَبْلَ الشَّامِيَّاتِ، وَقَالَتْ لِلشَّامِيَّاتِ: أَلَسْتُنَّ تَدْخُلُنَّ الحَمَّامَ؟ قُلْنَ: بَلَى، أَرْضُنَا أَرْضٌ بَارِدَةٌ. فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ تَعَرَّتْ فِي غَيْرِ بَيْتِهَا، هَتَكَ اللَّهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ مِنْ سِتْرٍ)).
[الحكم]:
إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، والمرفوعُ حسنٌ لغيرِهِ، كما تقدَّم.
[التخريج]:
[مسخ 846].
[السند]:
قال الخرائطيُّ: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبيد الله بن المنادي، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا الحكم بن الصلت، حدثني يزيد، عن أبي هدبة الفارسي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه أبو هدبة الفارسيُّ، وهو كذَّابٌ، انظر:(لسان الميزان 338).
رِوَايَةُ أُخْرَى عَنْ عُرْوَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الحَمَّامِ، فَقَالَ:((إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي حَمَّامَاتٌ، وَلَا خَيْرَ فِي الحَمَّامَاتِ لِلنِّسَاءِ)). فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنَّهَا تَدْخُلُهُ بِإِزَارٍ؟ فَقَالَ:((لَا، وَإِنْ دَخَلَتْهُ بِإِزَارٍ وَدِرْعٍ وَخِمَارٍ، وَمَا مِنِ امْرَأَةٍ تَنْزِعُ خِمَارَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا (بَيْتِهَا أَوْ بَيْتِ أَحَدِ أُمَّهَاتِهَا) إِلَّا كَشَفَتِ السِّتْرَ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا)).
[الحكم]:
منكرٌ، عدا قوله: ((وَمَا مِنَ امْرَأَةٍ تَنْزِعُ
…
)) فحسنٌ لغيرِهِ، كما تقدَّم، ولكن بلفظ:(ثِيَابَهَا)، أما لفظة (خِمَارَهَا): فمنكرةٌ أيضًا، كما قال الألبانيُّ، وضَعَّفه الهيثميُّ.
[التخريج]:
[طس 3286 (واللفظ له)].
[السند]:
أخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط) قال: حدثنا بكر بن سهل، قال: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة به.
وقال: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن عروة إلا أبو الأسود، تفرَّد به ابنُ لهيعةَ".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ من أجلِ ابنِ لهيعةَ، فهو ضعيفٌ، وقدِ اضطربَ فيه، كما تقدَّمَ بيانُهُ قريبًا، وهذا أحدُ أوجهِ اضطرابه.
وبهذا ضعَّف الحديثَ الهيثميُّ في (مجمع الزوائد 1522)، والألبانيُّ في (الضعيفة 6216)، وحَكَمَ على الحديثِ بالنكارةِ.
رِوَايَةُ رَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ كِنْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَبَيْنِي وَبَيْنَهَا حِجَابٌ، قَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنْ كِنْدَةَ. فَقَالَتْ: مِنْ أَيِّ الأَجْنَادِ أَنْتَ؟ قُلْتُ: مِنْ أَهْلِ حِمْصَ قَالَتْ: مِنْ أَهْلِ حِمْصَ الَّذِينَ يُدْخِلُونَ نِسَاءَهُمُ الحَمَّامَاتِ؟ فَقُلْتُ: إِي وَاللَّهِ، إِنَّهُنَّ لَيَفْعَلْنَ ذَلِكَ. فَقَالَتْ:((إِنَّ المَرْأَةَ المُسْلِمَةَ إِذَا وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرًا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا، فَإِنْ كُنَّ قَدِ اجْتَرَيْنَ عَلَى ذَلِكَ، فَلْتَعْمِدْ إِحْدَاهُنَّ إِلَى ثَوْبٍ عَرِيضٍ وَاسِعٍ يُوَارِي جَسَدَهَا كُلَّهُ؛ لَا تَنْطَلِقُ أُخْرَى فَتَصِفَهَا لِحَبِيبٍ أَوْ بَغِيضٍ))،
…
وذكر الحديث مطولًا في الشفاعة.
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[عب 1141 (واللفظ له) / معر 1451].
[السند]:
قال عبدُ الرزاقِ -ومن طريقه ابنُ الأعرابي-: عن معمرٍ، عن يحيى بنِ أبي كثيرٍ، عن رجلٍ من كِنْدةَ قال: دخلتُ على عائشةَ، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإبهامِ الرجلِ الكنديِّ.
* * *
رِوَايَةُ أُمِّ السَّائِبِ عَنْ عَائِشَةَ:
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أمِّ السَّائِبِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ أمِّ المُؤْمِنِينَ وَمَعَهَا عُودٌ تَتْبَعُ الوَزَغَ فَتَقْتُلُهُ، فَقَالَتْ: يَا أمَّ المُؤْمِنِينَ، مَا شَأْنُ هَذَا الوَزَغِ؟ فَقَالَتْ: لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ كَانَ كُلُّ شَيْءٍ يَرُدُّ غَيْرَ هَذَا، فَأُمِرْنَا بِقَتْلِهِ. قُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، المَرْأَةُ تَدْخُلُ الحَمَّامَ؟ فَقَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا؛ فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ
…
)). إلخ. حسنٌ لغيرِهِ، كما سبقَ، أما قولها:((أُمِرْنَا بِقَتْلِ الوَزَغِ)) فمنكرٌ من حديثِهِا؛ لأنه ثَبَتَ عنها في (الصحيحين) أنها لم تسمعِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأمرُ بقتله
(1)
،
والأمرُ بقتله ثابتٌ من حديثِ غيرِها، كما في (الصحيح) من حديثِ أُمِّ شريك، وسعد بن
(1)
روياه من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة:((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لِلْوَزَغِ: الفُوَيْسِقُ، ولم أسمعه أمرَ بقتله)). كذا رواه البخاري (1831) من طريق مالك. والبخاري (3306)، ومسلم (2239) من طريق يونس. وأحمد (24568) من طريق شعيب بن أبي حمزة. وأحمد (25215) من طريق عقيل. وأحمد (26332) من طريق أبي أويس. كلهم عن الزهري به. وخالفهم معمر: فرواه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:((كَانَتِ الضُّفْدَعُ تُطْفِئُ النَّارَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ الوَزَغُ يَنْفُخُ فِيهِ، فَنُهِيَ عَنْ قَتْلِ هَذَا، وَأُمِرَ بِقَتْلِ هَذَا)). أخرجه عبدُ الرزاقِ في (المصنف 8550) عن معمرٍ، به.
وهذا سياقٌ شاذٌّ؛ لمخالفة معمر لرواية الجماعة عن الزهري. وقد وَرَدَ كذلك الأمرُ بقتلِ الوزغِ من طرقٍ أُخرى عن عائشة، ولكنها لا تصحُّ أيضًا، وسيأتي بيان ذلك مفصلًا في (موسوعة الأطعمة) -إن شاء الله-.
أبي وقاص.
[التخريج]:
[طس 6973].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا محمد بن علي المروزي، ثنا مُطَهِّر بن الحَكَم المروزي، ثنا علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، حدثني مطر الوراق، عن أم السائب، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: أم السائب، ولم نعرفْها.
ومطر الوراق: "صدوق، كثير الخطأ" كما في (التقريب 338).
وأما مطهر فهو: أبو عبد الله مطهر بن الحكم البيع الأَنْقُلْقَانِيُّ، كان من أهل القرآن والعلم راويًا لتفسير مقاتل ولكتب علي بن الحسين بن واقد، روى عنه جماعة من الثقات، منهم أبو داود وابنه، وكَتَبَ عنه مسلم بن الحجاج وغيره (الأنساب 1/ 222)، (الإكمال 7/ 262).
أما قوله صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ
…
)). إلخ، فحسنٌ لغيرِهِ، كما تقدَّم.
2980 -
حَدِيثُ سُبَيْعَةَ عَنْ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ سُبَيْعَةَ الأَسْلَمِيَّةِ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: مِمَّنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: مِنْ أَهْلِ حِمْصَ. فَقَالَتْ: صَوَاحِبُ الحَمَّامَاتِ؟ فَقُلْنَ: نَعَمْ. قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((الحَمَّامُ حَرَامٌ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي)). فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: فَلِي بَنَاتٌ أُمَشِّطُهُنَّ بِهَذَا الشَّرَابِ. قَالَتْ: بِأَيِّ الشَّرَابِ؟ فَقَالَتِ: الخَمْرِ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَفَكُنْتِ طَيِّبَةَ النَّفْسِ أَنْ تَمْتَشِطِي بِدَمِ خِنْزِيرٍ؟ ! قَالَتْ: لَا، قَالَتْ: فَإِنَّهُ مِثْلُهُ.
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[ك 7994 (واللفظ له) / الكنى للنسائي (إكمال تهذيب الكمال 9/ 92) (مقتصِرًا على المرفوع)].
[السند]:
قال الحاكمُ: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل بن محمد الشعراني، ثنا جدي، ثنا سعيد بن أبي مريم، ثنا نافع بن يزيد، حدثني يحيى بن أبي أُسَيْد، عن عبيد بن أبي سَوِيَّة أنه سمع سُبيعةَ الأسلميةَ تقول:
…
فذكره.
ورواه النسائيُّ في (الكنى): عن يحيى بن أيوب، عن ابن أبي مريم، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه: يحيى بن أبي أسيد، روى عنه جماعةٌ، وترجمَ له
البخاريُّ في (التاريخ الكبير 8/ 261)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 129)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا. وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 9/ 251)، على عادته.
فهو مجهولُ الحالِ.
ثم إن المتنَ منكرٌ؛ لمخالفته رواية الجماعة عن عائشة، كما تقدَّم.
ومع ذلك قال الحاكم: "هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ ولم يخرجاه"!
وتبعه السيوطيُّ فرَمزَ لصحته في (الجامع الصغير 3850)!
وقال الألبانيُّ: "هذا إسنادٌ جيدٌ متصلٌ إن شاء الله تعالى"! (الصحيحة 7/ 1293)، وحسَّنه في (الصحيحة 3439)، وفي (صحيح الجامع 3192).
وهذا كله تساهلٌ ظاهرٌ.
* * *
2981 -
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ:
◼ عَنِ السَّائِبِ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ نِسْوَةً دَخَلْنَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ فَسَأَلَتْهُنَّ مِمَّنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: مِنْ أَهْلِ حِمْصَ. [قَالَتْ: مِنْ أَصْحَابِ الحَمَّامَاتِ؟ قُلْنَ: وَبِهَا بَأْسٌ؟ ] فَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا خَرَقَ (نَزَعَ) 1 اللهُ عَنْهَا سِتْرًا (سِتْرَهُ) 2 (سِتْرَهَا) 3)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، والمرفوعُ منه حسنٌ لغيرِهِ، كما تقدَّمَ من حديثِ عائشةَ.
[التخريج]:
[حم 26569 (واللفظ له) / ك 7991 (والزيادة والرواية الثانية له) / عل 7031 (والرواية الأُولى له) / طب (23/ 402/ 962)، (23/ 314/ 710) (والرواية الثالثة له) / شعب 7384].
[السند]:
رواه أحمدُ: عن الحسن بن موسى الأشيب، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا درَّاج عن السائب مولى أم سلمة به.
ورواه أبو يعلى والطبرانيُّ (962): من طريق ابن لهيعة به.
وتوبع عليه ابن لهيعة؛ فرواه الطبرانيُّ (710)، والحاكمُ، والبيهقيُّ: من طريق عمرو بن الحارث عن درَّاج به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لجهالة السائب مولى أم سلمة، ترجَمَ له البخاريُّ في
(التاريخ الكبير 4/ 153)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح 4/ 243)، وسكتا عنه، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 4/ 326)، ولم يذكروا له راويًا غير درَّاج، ولا يُعرفُ إلا بروايته عنه فهو مجهولُ العينِ؛ ولذا قال ابنُ خُزيمةَ:"لا أعرفُ السائبَ مولى أم سلمة بعدالة ولا جرح"(صحيح ابن خزيمة 2/ 373).
ودراج -هو ابنُ سمعان- مختلفٌ فيه، فوَثَّقَهُ ابنُ مَعين، وضَعَّفه غيرُهُ، وفي (التقريب 1824):"صدوقٌ، في حديثه عن أبي الهيثم ضَعْفٌ".
قال الهيثميُّ: "فيه ابنُ لهيعةَ وهو ضعيفٌ"(المجمع 1518).
وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ، لضعفِ عبدِ اللَّهِ بنِ لهيعةَ"(إتحاف الخيرة 516).
قلنا: قد تُوبع عليه ابن لهيعة كما سبقَ، فتبقى العلة هي جهالة السائب.
وللمرفوع من الحديث شواهد سبقتْ يصحُّ بها؛ ولذا قال الألبانيُّ: "صحيحٌ لغيرِهِ"(صحيح الترغيب 171).
* * *
2982 -
حَدِيثُ عُرْوَةَ مُرْسَلًا:
◼ عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الحَمَّامِ، فَقَالَ:((سَتَكُونُ حَمَّامَاتٌ، فَلَا خَيْرَ فِيهَا لِلنِّسَاءِ)) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا تَدْخُلُ بِإِزَارٍ؟ قَالَ:((وَإِنْ دَخَلَتْ بِإِزَارٍ وَدِرْعٍ وَخِمَارٍ، مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ خِمَارَهَا فِي غَيْرِ بِيْتِهَا أَوْ بَيْتِ أَحَدِ أُمَّهَاتِهَا، إِلَّا هَتَكَتِ السِّتْرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا عز وجل).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[رفا 104].
[السند]:
رواه أبو علي الرفاء في (فوائد 104) قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، حدثنا محمد بن أبي الخصيب الأنطاكي، حدثنا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه -مع إرساله-: ابنُ لهيعةَ، وهو ضعيفٌ.
وقد تقدَّم الحديثُ قريبًا من طريقه عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة، من مسندها.
وهنا رواه مرسلًا، ولم يسندْهُ عن عائشةَ، وهذا دليلٌ على قلةِ ضبطه.
* * *
2983 -
حَدِيثُ أُمِّ الدَّرْدَاءِ:
◼ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْتُ مِنَ الحَمَّامِ فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ((مِنْ أَيْنَ [جَئْتِ] 1 (أَقْبَلْتِ) 1 يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ؟ )). قَالَتْ: مِنَ الحَمَّامِ [يَا رَسُولَ اللهِ]2. فَقَالَ [لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم] 3: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ (تَنْزِعُ) 2 ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا (فِي غَيْرِ بَيْتِهَا) 3 (غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا) 4 إِلَّا وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ)).
[الحكم]:
منكرٌ إلا الفقرة الأخيرة فتحسن لشواهدِها.
[التخريج]:
[حم 27038 (واللفظ له)، 27039، 27041 (والزيادة الأولى والرواية الثانية له) / عل (خيرة 511/ 3) / طب (24/ 252، 253، 255/ 645، 646، 652) (والزيادة الثانية والثالثة والرواية الأولى والثالثة له)، (25/ 73/ 179) (مختصرًا، والرواية الرابعة له) / علج 557 - 559/ كر (37/ 313) / ضح (1/ 359 - 362) / صحا 7623، 7923/ لا 1891/ أسد (7/ 100) / مع (خيرة 511/ 1) / طبري (مذيل صـ 115، 116) / حيويه (صـ 55) / حسيني (حمام 2)].
[التحقيق]:
لهذا الحديث ثلاثة طرق:
الطريق الأول:
رواه أحمدُ (27041): عن هارون -هو ابنُ معروفٍ- قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: وقال حيوة: أخبرني أبو صخر، أن يُحَنَّس أبا موسى حدثه
أن أم الدرداء حدثته،
…
به.
ورواه الطبرانيُّ وغيره من طريق ابن وهب به.
وهذا سندٌ رجالُهُ ثقاتٌ، رجال مسلم، إلا أن أبا صخر وهو حميد بن زياد مختلفٌ فيه؛ قال أحمد:"ليس به بأس"(العلل ومعرفة الرجال 4126)، وقال مرة:"ضعيف"(الضعفاء للعقيلي 1/ 270)، إلا أن الذهبيَّ قال:"وأظنُّ أن حميدَ بنَ صخرٍ المدنيَّ آخرُ، روى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري. وهو الذي قال فيه أحمد بن حنبل: ضعيف"(تاريخ الإسلام 3/ 852).
وقال ابنُ معينٍ: " ثقةٌ، ليس به بأس"، وقال مرة:"ضعيف"(الجرح والتعديل 3/ 222).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "له أحاديث صالحة"، ثم قال:"وهو عندِي صالحُ الحديثِ، وإِنما أنكرتُ عليه هذين الحديثين: المُؤْمِنُ مَأْلَفٌ، وفي القدرية، اللذين ذكرتهما، وسائر حديثه أرجو أن يكون مستقيمًا"(الكامل 3/ 389).
وقال البغويُّ: "صالحُ الحديثِ"(تهذيب التهذيب 3/ 42).
وقال الدارقطنيُّ: "ثقة"(سؤالات البرقاني 93)، وقال أيضًا:"غيره أثبت منه"(التتبع صـ 202)، وقال العجليُّ:"ثقة"(الثقات 362)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 6/ 188).
وقال النسائيُّ: "ضعيفٌ"(تهذيب الكمال 7/ 368).
وقال ابنُ شاهين: "ضعيف"(تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين 134).
قال المنذريُّ: "رواه أحمدُ والطبرانيُّ في (الكبير) بأسانيدَ رجالها رجال الصحيح"(الترغيب والترهيب 274).
وبنحوه قال الهيثميُّ في (مجمع الزوائد 1517).
وقال الألبانيُّ: "أخرجه أحمدُ والدولابيُّ بإسنادين عنها أحدهما صحيح"(آداب الزفاف ط. المكتب الإسلامي صـ 68).
وقال أيضًا: "وهذا إسنادٌ جيدٌ، رجاله ثقات، رجال مسلم، وفي بعضِهم كلامٌ لا يضرُّ. ورَدَّ على ابنِ الجوزيِّ تضعيفه للحديث به بأنه تعنتٌ ظاهر منه"(الصحيحة 7/ 1308).
قلنا: الذي يظهرُ لنا من حالِ أبي صخرٍ حميدِ بنِ زيادٍ أنه لا يتحملُ التفرُّدَ بمثلِ هذا الحديث، وفيه نكارةٌ ظاهرةٌ؛ حيثُ إنه لم يكن في المدينة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم حَمَّام، كما قال الخطيبُ وابنُ الجوزي وغيرُ واحدٍ، كما سيأتي.
الطريق الثاني:
رواه أحمدُ (27038): عن الحسن الأشيب، قال: حدثنا ابن لهيعة قال: حدثنا زبَّان عن سهل عن أبيه أنه سمع أُمَّ الدرداء تقول:
…
فذكره.
وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه أربعُ عللٍ:
العلة الأولى: سهل، وهو ابنُ معاذٍ، قال فيه الحافظ:"لا بأس به إلا في رواية زبَّان عنه"(التقريب 2667).
العلة الثانية: زبَّان، وهو ابنُ فائدٍ المصريُّ، ضعيفُ الحديثِ مع صلاحه وعبادته، كما في (التقريب 1985).
وبهاتين العلتين ضَعَّفَ الحديثَ الحسينيُّ فقال: "في سندِهِ ابنُ لهيعةَ وهو ضعيفٌ، وابنُ فائدٍ هالكٌ"(الإلمام بآداب دخول الحمام صـ 34).
العلة الثالثة: ضَعْفُ ابن لهيعة، وقدِ اضطربَ فيه كعادتِهِ، وهذه هي:
العلة الرابعة: فقد رواه الطبرانيُّ في (المعجم الكبير 24/ 252/ 645): عن حَبوش بن رزق الله المصري، ثنا أبو الأسود النضر بن عبد الجبار، ثنا ابنُ لهيعةَ، ثنا زبَّان بنُ فائدٍ، عن أبي مرحوم، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أم الدرداء، به.
فأسقطَ منه والد سهل، وزاد فيه أبا مرحوم، وأبو مرحوم هذا ضَعَّفه ابنُ معينٍ وغيرُه، ومشَّاه النسائيُّ، وقال الذهبيُّ:"فيه لين"(الكاشف 3359)، أما الحافظ فقال:"صدوق"(التقريب 4059).
وقد ضَعَّف هذا الإسنادَ جدًّا ابنُ حجرٍ في (الإصابة 1/ 264).
وقد تُوبع عليه ابن لهيعة:
فرواه أحمدُ (27039)، وغيرُهُ، من طريقِ رشدين بن سعد عن زبَّان عن سهلٍ عن أبيه به.
ورشدين ضعيفٌ أيضًا، كما في (التقريب 1942).
وقد توبع عليه زبَّان بن فائدٍ أيضًا:
فرواه الخطيبُ، وابنُ الأثيرِ: من طريقِ محمدِ بنِ حِمْيرٍ عن أسامةَ بنِ سهلٍ عن سهلٍ عن أبيه به.
ولكنْ أسامةُ هذا مجهولٌ، كما قال الخطيبُ البغداديُّ.
هذا عن إسنادِ الحديثِ، وأما عن المتنِ؛ فقد أعلَّه الخطيبُ بقوله: "مع أنَّ
الحديثَ تبعدُ صحته؛ لأن المدينةَ لم يكن بها حمَّامٌ على عهدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، والحمَّاماتُ إنما كانت في ذلك الوقت ببلاد الشام وبلاد فارس" (موضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 360).
واحتجَّ على ذلك بحديث: ((سَتُفْتَحُ لَكُمْ أَرْضُ الأَعَاجِمِ
…
))، وهو ضعيفٌ كما سيأتي.
وقال ابنُ الجوزيِّ: "وهذا الحديثُ باطلٌ، لم يكن عندهم حمَّام في زمنِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم "(العلل).
وتعقبه الحافظُ ابنُ حجرٍ فقال: "وحكمه عليه بالبطلان بما نقله من نفي دخول الحمَّامِ في زمانهم -لا يقتضي بطلان الحديث، فقد تكون أطلقت لفظ الحمَّام على مطلق ما يقع الاستحمام فيه، لا على أنه الحمَّام المعروف الآن، وقد وَرَدَ ذِكرُ الحمَّامِ في عدةِ أحاديث غير هذه، وفي الجملةِ فلا ينقضي تعجبي من كونه يَحكمُ عليه بأنه باطلٌ ولا يورده في (الموضوعات) مع أنه أورد في (الموضوعات) أشياء أقوى من هذا، والله المستعان"(القول المسدد صـ 43).
قلنا: تَعَقُّب ابن حجر فيه تكلُّف ظاهر، والحقُّ مع الخطيبِ وابنِ الجوزيِّ.
قال الحسينيُّ عن الحمَّاماتِ: "وأما العربُ فلم تكنْ تُعرفُ في بلادِهم إلا بعد وفاةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم زمن الصحابة. ورُوي أن بعضَهم دَخَلَهُ، وجاءَ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى أُمَّ الدرداءِ فقال: ((مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ؟ قَالَتْ: مِنَ الحَمَّامِ
…
)) الحديث، وهو ضعيفٌ" (كتاب الإلمام بآداب دخول الحمام صـ 32).
وقال القبيباتي: "ومقتضى الحديث المذكور أنه كان في زمنه عليه الصلاة
والسلام بالمدينة حمَّام، والواردُ خلافه، وأنه أخبرَ بفتحِ بلادِ الشَّامِ من ذواتِ الحمَّام بعده، ودخولهم إليها، وقد دخلها جماعاتٌ من الصحابةِ حينئذٍ، وهكذا قالتْ عائشةُ وأُمُّ سلمةَ لأولئكِ النسوة (اللاتي)
(1)
دخلن عليها بعد موته ممن يدخلها، وهذا كله ظاهر غير خافٍ" (عجالة الإملاء 1/ 279).
[تنبيه]:
ذَكَرَ البوصيريُّ في (إتحاف الخيرة 511/ 2) -عقب طريق ابن لهيعة-: أن ابنَ مَنيعٍ رَوَى الحديثَ في (مسنده) عن إسحاقَ بنِ يوسفَ، أنبا عبدُ الملكِ، عن أبي الزبيرِ، عن صفوانَ بنِ عبدِ اللهِ، عن أُمِّ الدرداءِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بنحوه -أي بنحو حديث ابن لهيعة-، قال: وزاد فيه: "فلقيتُ أبا الدرداء في السُّوقِ، فقال لي مثلما قالتْ أم الدرداء عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم".
وهذا إسنادٌ جيدٌ، على شرطِ مسلمٍ، إلا أن ذِكرَ هذا الطريقِ لمتن حديثنا محض وهم؛ فالمحفوظُ بهذا الإسنادِ حديثٌ آخر غير حديثنا.
فقد أخرجه الخرائطيُّ في (مكارم الأخلاق/ ط. المدني 850) -ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخ دمشق 24/ 143) -: عن سعدان بن يزيد البزاز
(2)
-وهو ثقة، انظر (تاريخ الإسلام 6/ 335) -.
وأخرجه البيهقيُّ في (الدعوات الكبير 651) -واللفظ له-: من طريق سعدان بن نصر -وهو ثقة، انظر (تاريخ الإسلام 6/ 335) -.
(1)
ليست في المصدر، ولكنا زدناها للزومها في الكلام.
(2)
تحرف في المطبوع من (تاريخ دمشق) إلى: "سعدان بن قديد البزار".
كلاهما (سعدان بن يزيد، وسعدان بن نصر)، عن إسحاقَ بنِ يوسفَ الأزرقِ، عن عبدِ الملكِ بنِ أبي سليمانَ، عن أبي الزبيرِ، عن صفوانَ بن عبد الله بن صفوان، أن الدرداء بنتَ أبي الدرداءِ كانتْ تحته، فَقَدِمَ عليهم الشَّامَ فوجدَ أُمَّ الدرداء ولم يجدْ أبا الدرداءِ فقالتْ له أُمُّ الدرداءِ: أي بني تريدُ الحجَّ العام؟ قال: نعم. قالت: ادع الله لنا بخير؛ فإن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقول: ((إِنَّ دَعْوَةَ المَرْءِ المُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَلٌ بِهِ إِذَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ المَلَكُ: آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلِهِ)). قال: فخرجتُ فَلقيتُ أبا الدرداء في السوق فقال لي: مثل ما قالت أم الدرداء، يأثره عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم.
ورَوَى الحديثَ كذلك عن عبد الملك بن أبي سليمان بمثل رواية البيهقيِّ- جماعةٌ من الثقات الأثبات، وهم:
1.
يزيد بن هارون، كما عند أحمد (27559)، وابن أبي شيبة في (المصنف 29768)، وابن ماجه (2907).
2.
يعلى بن عبيد، كما عند أحمد (21708)، وعبد بن حميد (201).
3.
يحيى بن أبي غنية، كما عند البخاري في (الأدب المفرد 625)، .
وقد أخرجَ الحديثَ مسلمٌ في (صحيحه 2733)، عن إسحاق بن راهويه، عن عيسى بن يونس، عن عبد الملك بن أبي سليمان به، وليس فيه لقاء عبد الله بن صفوان لأبي الدرداء في السوق.
فَظَهَرَ بلا مجالٍ فيه للشك أن روايةَ ابن منيع هذا المتن بهذا الإسناد خطأ لا ريب فيه، وهذا الخطأ إما أن يتحمله ابن منيع نفسه، أو يتحمله البوصيري، وهو الأقربُ، فلعلَّ حَدَثَ له سبق نظر عند نقله هذا الحديث
من مسند ابن منيع، لاسيما ولم ينقله غيره، وإغفال العلماء لمثل هذا الإسناد الجيد مع علوه، والحديث مشهور عندهم من طرقٍ واهيةٍ، يؤكدُ ما ذكرنا، والله أعلم.
وفي الباب أحاديث أُخر، انظر الباب التالي:
* * *