الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
515 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ المَاءِ
3035 -
حَدِيثُ عِمران بن حُصين
◼ عَنْ عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ الخُزَاعِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رجلًا مُعْتَزِلًا، لَمْ يُصَلِّ فِي القَوْمِ، فَقَالَ:((يَا فُلانُ، مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي القَوْمِ؟ )). فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلا مَاءَ! قَالَ:((عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ)).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[التخريج]:
[خ 344 (مطولًا)، 348 (واللفظ له) / م (682/ 312) / ن 325/ كن 380/ حم 19898/ مي 761/ خز 121، 288، 1045، 1057/ حب 1296، 1297/ عه 942، 2143/ ش 1672/ بز 3584/ طب (18/ 132 - 133/ 276، 277) / جا 122/ ني 87، 88/ سراج 1375/ سرج 1779/ منذ 175، 506/ قا (2/ 254) / قط 773/ نبص 320/ مسن 1535/ ثعب 1160/ هق 861، 1048، 1059/ هقل (4/ 277) / هقع (2/ 30/ 1633) / هقخ 781، 814/ محلى (2/ 123، 144 - 145) / متشابه (1/ 468) / تمهيد (19/ 274) / نبق 10/ طيل 319/ تحقيق 281/ حداد 335، 2992].
[السند]:
قال البخاريُّ (348): حدثنا عبدان، قال: أخبرنا عبد الله، قال: أخبرنا عوف، عن أبي رجاء، قال: حدثنا عمران بن حصين به.
عبد الله هو ابن المبارك، وتابعه غير واحد:
فرواه البخاريُّ (344) قال: حدثنا مسدد، قال: حدثني يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عوف، قال: حدثنا أبو رجاء، عن عمران به مطولًا.
وقال مسلمٌ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا النَّضْر بن شُمَيْل، حدثنا عوف بن أبي جميلة الأعرابي بسنده، ولم يَسُقْ متنه.
رِوَايَةُ: زاد: ثُمَّ صَلَّى
• وَفِي رِوَايَةٍ: "قَالَ: ((يَا فُلَانُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا)) قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ، ثُمَّ صَلَّى،
…
)).
[الحكم]:
متفق عليه (خ، م).
[التخريج]:
[خ 3571/ م (682/ 312) / عه 943 (ولم يَسُقْ متنه)، 2142، 2142/ طب (18/ 137/ 289) / قط 771/ هق 1060/ هقل (6/ 130 - 131) / مبعث (1/ 146) / كما (11/ 223 - 224)].
[السند]:
قال البخاريُّ: حدثنا أبو الوليد، حدثنا سَلْم بن زَرِير، سمعت أبا رجاء، قال: حدثنا عمران بن حصين، أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مَسير،
…
فذكره.
ورواه مسلمٌ فقال: حدثني أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي، حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد، حدثنا سلم بن زَرِير العُطاردي به.
رِوَايَةُ: فَإِذَا أَتَيْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رجلًا كَانَ جُنُبًا أَنْ يَتَيَمَّمَ، ثُمَّ يُصَلِّيَ، فَإِذَا وَجَدَ المَاءَ اغْتَسَلَ)).
وَفِي رِوَايَةٍ ثَانِيَةٍ: ((
…
تَيَمَّمْ بِالصَّعِيدِ ثُمَّ صَلَّ، فَإِذَا أَتَيْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ)).
وَفِي رِوَايَةٍ ثَالِثَةٍ: ((
…
فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى المَاءِ فَاغْتَسِلْ)).
وَفِي رِوَايَةٍ رَابِعَةٍ: ((
…
فَإِذَا أَدْرَكْتَ المَاءَ فَاغْتَسِلْ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ.
[التخريج]:
[طص 730 (بالسياقة الثانية) / شف 92 (بالسياقة الأولى) / أم 100/ طحق 123/ مض 26 (مطولًا) / عد (7/ 270) / قط 772 (بالسياقة الثالثة) / عصم 25/ هق 1061 (بالسياقة الرابعة) / هقل (4/ 279 - 281) / هقع (2/ 28/ 1627) / بغ 309/ بغت (2/ 228)].
[التحقيق]:
رُوي الحديثُ بهذا اللفظِ على أبي رجاءٍ العُطَارديِّ عن عمران بن حصين، من عدة طرق:
الطريق الأول:
أخرجه الطبرانيُّ في (المعجم الصغير 730)، قال: حدثنا عمرو بن إسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زِبْريق الحِمْصي، حدثني جدي إبراهيم بن العلاء، حدثنا بقية بن الوليد، حدثنا شعبة، عن عوف وحميد، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين، بلفظ السياقة الثانية.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، عدا بقية بن الوليد، فمَن دونه:
فأما بقية بن الوليد، فهو صدوقٌ يدلسُ ويسوي، كما هو مشهورٌ عنه، ولم يصرحْ بالسماعِ بين شيخه وشيخ شيخه -كما هو معروفٌ من شرطِ قَبول رواية مدلس تدليس التسوية-، وإن صرَّحَ بينه وبين شيخه.
وأما إبراهيم بن العلاء؛ فقال فيه الحافظُ: "مستقيمُ الحديثِ إلا في حديثٍ واحدٍ، يقالُ: إن ابنَه محمدًا أدخله عليه"(التقريب 226).
قلنا: يريدُ حديثَ ((اسْتَعْتِبُوا الخَيْلَ فَإِنَّهَا تُعْتِبُ))، وانظر (تهذيب التهذيب 1/ 149).
وأما حفيده عمرو بن إسحاق؛ فلم نقفْ له على ترجمةٍ، وكذا قال الألبانيُّ في (الصحيحة 4/ 576)، و (الضعيفة 9/ 358).
الطريق الثاني:
أخرجه الشافعيُّ في (الأم 100)، وفي (المسند 92) -ومن طريقه البيهقيُّ في (المعرفة 1627)، والبغوي في (شرح السنة 309)، وفي (التفسير 2/ 228) - عن إبراهيم بن محمد، عن عباد بن منصور الجوني، عن أبي رجاء، عن عمران بن الحصين، بلفظ السياقة الأولى.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، فيه علتان:
الأولى: عَبَّاد بن منصور الناجي، ضَعَّفَهُ يحيى بنُ معين، وابن سعد، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، والنسائيُّ، وابنُ عَدِيٍّ، والدارقطنيُّ، وذكر عليُّ بنُ المدينيِّ أن يحيى بنَ سعيدٍ القطانَ لم يكن يرضاه، وفي روايةٍ أُخْرَى عن يحيى أنه وَثَّقَهُ، وقال العجليُّ:"لا بأس به، يُكتبُ حديثُه"، وقال مرة:"جائزُ الحديثِ"، وقال مهنأ، عن أحمد: "كانتْ أحاديثُه منكرة، وكان
قدريًّا، وكان يدلسُ". وقال ابنُ أبي شيبةَ:"روى أحاديثَ مناكيرَ"، انظر (تهذيب التهذيب 5/ 103 - 105).
وقال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "صدوقٌ رُمِيَ بالقدرِ، وكان يدلسُ وتغيَّر بأَخَرَةٍ"(التقريب 3142).
وبه ضَعَّفَ الذهبيُّ الحديثَ، فقال:"عباد واهٍ"(المهذب 1/ 230).
إلا أنه قد توبع كما سيأتي.
الثانية: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى سمعان الأسلمي، وهو "متروك" كما في (التقريب 241). بل كَذَّبه غيرُ واحدٍ منَ الأئمةِ. انظر (تهذيب التهذيب 1/ 158 - 161).
وقد توبع من يونس بن بكير، كما أخرجه البيهقيُّ في (السنن الكبرى 1061) من طرقٍ عن أبي العباسِ الأصمِّ، أنا أبو عمر أحمد بن عبد الجبار العطارديُّ
(1)
، ثنا يونس -وهو ابنُ بُكيرٍ-، عن عباد بن منصور الناجي، قال: حدثني أبو رجاء العطاردي، بسنَدِهِ، ولكن بلفظ السياقة الرابعة.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه -بالإضافة إلى ما تقدَّمَ من ضَعْفِ عبادِ بنِ منصورٍ- أحمد بن عبد الجبار العطاردي، قال فيه الحافظ:"ضعيفٌ، وسماعُهُ للسيرةِ صحيحٌ"(التقريب 64).
(1)
تحرَّفَ في ط. الكتب العلمية إلى: "أبي عمر، وأحمد بن عبد الجبار العطاردي"، وفي ط. الهندية:"أبي عمرو أحمد بن عبد الجبار"، وكذا في ط. هجر، وذكر محققها أنه وجدها هكذا في النسخ، وكذا كنَّاه ابنُ حِبَّان، فيما حكاه عنه مغلطاي في (الإكمال 1/ 72).
والذي جاء في مصادر ترجمته "أبو عُمر" بضم العين.
قلنا: وقد تُوبعَ -أيضًا- متابعةً قاصرةً من مسكين بن بكير، كما أخرجه أبو العباس العصمي في (جزء له 25) من طريق أبي جعفر النُّفَيْلي عن مسكين بن بكير عن شعبة عن عباد بن منصور، به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، عدا عباد بن منصور، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه.
ومسكين بن بكير الحراني، روى له الشيخان، وقال فيه الحافظ:"صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 6615).
قلنا: وقد توبع أيضًا، كما أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 7/ 270) من طريق الحسن بن شبيب عن أبي يوسف عن عباد بن منصور، به.
وهذ إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عللٍ:
الأولى: عباد بن منصور، وقد سبقَ الكلامُ عليه.
قال ابنُ القيسراني: "رواه عباد بن منصور الباجي، عن أبي رجاء العطاردي، عن عمران. وعبَّادٌ ضعيفٌ"(ذخيرة الحفاظ 2/ 648).
الثانية: أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم، صاحب أبي حنيفة؛ فيه ضَعْفٌ، قال الفلاسُ:"صدوقٌ كثيرُ الغلطِ"، وقال البخاريُّ:"تركوه".
وقال أبو حاتم: "يُكتبُ حديثُه"، وقال يحيى بنُ معين:"ليس في أصحاب الرأي أكثر حديثًا، ولا أثبت من أبي يوسف"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"إذا روى عنه ثقة وروى هو عن ثقة، فلا بأس به"، ووَثَّقَهُ النسائيُّ. وانظر (لسان الميزان 8/ 518).
الثالثة: الحسن بن شبيب المُكْتب، قال ابنُ عَدِيٍّ: "حَدَّثَ بالبواطيل عن
الثقات"، وقال الدارقطنيُّ: "أخباري، ليس بالقويِّ يُعتبرُ به" (لسان الميزان 3/ 56).
قلنا: فمدارُ هذه الطرق على عباد بن منصور، وقد تقدَّمَ أنه ضعيفٌ.
الطريق الثالث:
أخرجه الطحاويُّ في (أحكام القرآن 123) عن أبي بكرةَ بكار بن قتيبة.
وأخرجه أبو القاسم الحامض في (جزء له 26) عن محمد بن عمرو بن أبي مذعور، ومحمد بن شعبة بن جَوَّان.
ثلاثتهم عن أبي داود الطيالسي عن عباد بن ميسرة المنقري قال: سمعتُ أبا رجاء العطارديَّ، قال: حدثنا عمران بن حصين، به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، رجال الصحيح، عدا عباد بن ميسرة، قال فيه الحافظ:"ليِّنُ الحديثِ، عابدٌ"(التقريب 3149).
قلنا: وقد رواه أبو داود الطيالسيُّ -تارةً أُخرى- عن عباد بن راشد عن أبي رجاء عن عمران، كما في:
الطريق الرابع:
أخرجه الدارقطنيُّ في (السنن 772)، قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا علي بن مسلم، حدثنا أبو داود، حدثنا عباد بن راشد، سمعتُ أبا رجاء العطارديَّ، قال: سمعتُ عمران بنَ حصين، بلفظ السياقة الثالثة.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، عدا عباد بن راشد، قال فيه الحافظ:"صدوقٌ له أوهام"(التقريب 3126).
وقد خُولِفَ علي بن مسلم الطوسي -وهو ثقةٌ من رجال الصحيح- من
ابنِ أبي مذعور، ومحمد بن شعبة، وأبي بكرة؛ فرووه عن الطيالسيِّ عن عباد بن ميسرة -بدلًا من عباد بن راشد- كما في الطريقِ السابقِ.
فلعلَّ ذِكر عباد بن راشد وهم من علي بن مسلم، أو غلط من أبي داود الطيالسي- فهو وإن كان ثقةً إلا أنه غلط في أحاديثَ كما في (التقريب 2550).
قلنا: فالطرقُ الأربعةُ -كما سبقَ- لا تخلو من ضَعْفٍ، فهل تتقوَّى بالمجموع؟
الذي نَراه أنها لا تتقوَّى، وذلك أن ثقتين قد رويا الحديث عن أبي رجاء فلم يذكرا فيه زيادة:((فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى المَاءِ فَاغْتَسِلْ))، وهما:
عوف بن أبي جميلة، كما عند البخاري (344)، ومسلم (682)، وغيرهما.
وسلم بن زرير عند البخاري (3571)، ومسلم (682)، وغيرهما.
روياه: عن أبي رجاء عن عمران بن حصين قال: كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَقَعْنَا وَقْعَةً، وَلَا وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ المُسَافِرِ مِنْهَا، فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فُلَانٌ
…
وَفِيهِ: فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلَاتِهِ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ القَوْمِ، قَالَ:((مَا مَنَعَكَ يَا فُلَانُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ؟ ! )) قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَا مَاءَ. قَالَ: ((عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ؛ فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ))
…
وَفِي آخِرِهِ: وَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِإِنَاءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ المَزَادَتَيْنِ -أَوْ سَطِيحَتَيْنِ
(1)
- وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا وَأَطْلَقَ العَزَالِيَ،
(1)
كذا في الطبعة السلطانية، وأشاروا في الحاشية أنه في نسخة: السَّطِيحَتَيْنِ، بالألف واللام.
وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: اسْقُوا وَاسْتَقُوا. فَسَقَى مَنْ شَاءَ. وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ. وَكَانَ آخِرُ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ:((اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ)).
اللفظُ لعوفٍ، ولفظُ سلم بن زرير عند مسلم:((وَغَسَّلْنَا صَاحِبَنَا)).
ففي هذا أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَأَمُرْ من أصابته الجنابة إذا قدر على الماء أن يغتسل، بل في رواية مسلم أن الصحابةَ أعطوه ما يغتسل به، فليس فيه أمر النبي صلى الله عليه، وسلم.
رِوَايَةُ لم يُعِدِ الصَّلاةَ
• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَ:((كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَأَجْنَبَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ، فَلَمْ يَجِدْ مَاءً، [فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم] فَتَيَمَّمَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى المَاءَ فِي وَقْتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، فَاغْتَسَلَ الرَّجُلُ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعِيدَهَا)).
وَفِي رِوَايَةٍ 2: ((
…
فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ، فَلَمَّا وَجَدَ المَاءَ أَمْرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا اللفظِ، وأصلُ القصة في (الصحيحين)، بدون تحديد وقت وجود الماء، أو ذكر الأمر بالإعادة.
[التخريج]:
[طب (18/ 135/ 282)(واللفظ له) / محلى (2/ 123 - 124)
(والزيادة له) / ثعلب 1161 (والرواية الثانية له)].
[السند]:
قال الطبرانيُّ: حدثنا عبد الرحمن بن سلم الرازي، ثنا سهل بن عثمان، ثنا عبد الرحيم بن سليمان، وأبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن أبي رجاء، عن عمران بن الحصين، به.
ورواه ابنُ حزمٍ من طريق: محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبي عن إسماعيل بن مسلم، به.
ورواه الثعلبيُّ من طريق: داود بن رُشَيْد عن علي بن هاشم عن إسماعيل به.
ومداره عندهم على إسماعيل بن مسلم.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: إسماعيل بن مسلم المكيُّ، وهو ضعيفُ الحديثِ، كما في (التقريب 484).
وبه أعلَّه الهيثميُّ في (المجمع 1429).
الثانية: المخالفة، وذلك أن عوف بن أبي جميلة وسلم بن زرير قد رويا الحديث كما سبق في (الصحيحين)، وليس في روايتهما الأمر بإعادة الصلاة.
رِوَايَةُ فتيمموا الصعيد
• وَفِي رِوَايَةٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلَ فَنَامَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ:((أَيْقِظْنَا لِصَلَاتِنَا))، فَمَا اسْتَيْقَظُوا إِلَّا بِحَرِّ الشَّمْسِ فِي أَعْجَازِهِمْ أَوْ مُتُونِهِمْ، فَقَالَ:((ارْتَحِلُوا مِنْ هَذَا المَكَانِ))، فَارْتَحَلُوا ثُمَّ نَزَلُوا، فَقَالَ لِبِلَالٍ:((مَا مَنَعَكَ أَنْ تُوقِظَنَا؟))، قَالَ: أَنَامَنِي الَّذِي أَنَامَكُمْ. قَالَ: فَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ، وَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَصَلَّوُا الرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّوُا الصُّبْحَ.
[الحكم]:
منكرٌ بهذا السياقِ، والصحيحُ أنهم تَوَضَّئُوا، وإنما كان التيمم للرجلِ الذي أصابته الجنابة كما سبق.
[التخريج]:
[طي 897].
[السند]:
قال الطيالسيُّ: حدثنا عقبة بن خالد أو خالد بن عقبة -الشك من أبي داود-، قال: حدثنا أبو رجاء العطاردي، عن عمران بن حصين، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
الأولى: شيخ أبي داود عقبة بن خالد أو خالد بن عقبة، لم نستطعْ تعيينة، وخاصة مع شَكِّ الطيالسي فيه.
فإن كان الأول؛ فهناك اثنان ممن يُسمَّى بعقبة بن خالد، كما ذَكَرَ الخطيبُ في (المتفق والمفترق 3/ 1721)؛ فقال: "عقبة بن خالد اثنان:
أحدهما: الشني من أهل البصرة، حَدَّثَ عن أبي عمرو بشر بن حرب
الندبي، وعن أُمِّ شبيب امرأة حدَّثتْ عن أُمِّ سلمةَ.
روى عنه: مسلم بن إبراهيم".
قلنا: ترجمَ له البخاريُّ في (التاريخ الكبير 6/ 444)، وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 6/ 310)، برواية مسلم بن إبراهيم وحده عنه، ولم يذكروا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 247)، وذكرَ له حديثًا عن الحسنِ البصريِّ عن عمرانَ رضي الله عنه.
ووَثَّقَهُ الحاكمُ في (المستدرك 376).
قال الخطيبُ: "والآخرُ: عقبة بن خالد بن عقبة أبو مسعود السَّكوني الكوفي، حَدَّثَ عن: إسماعيل بن أبي خالد، وعبيد الله العمري، وهشام بن عروة، والأعمش، ومِسْعر، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى. روى عنه: أحمد بن حنبل، ونعيم بن حماد، وأبو سعيد الأشج".
قلنا: وعقبة بن خالد السكوني صدوقٌ روى له الشيخان (التقريب 4636)، إلا أنه لم يسمعْ من أبي رجاء العطارديِّ، فقد تُوفي أبو رجاء في السنة الخامسة بعد المائة من الهجرة كما في (التقريب 5171)، وأما عقبة فتُوفي سنة ثمان وثمانين ومائة؛ فبين وفاتيهما أكثر من ثمانين عامًا، وهذا ظاهر في الانقطاع.
قلنا: فالظاهرُ أن أبا داود يقصدُ عقبةَ الشني؛ وذلك لاتِّفاق بلديتهما حيثُ إن كليهما بصري، وتقدمه في الوفاة والطبقة عن السكوني، وقد صرَّحَ بالسماعِ في الحديث من أبي رجاء، فيبعد أن يكون السكوني لتأخر وفاته كما تقدَّم.
وإن كان الراوي الثاني الذي شَكَّ فيه الطيالسيُّ، وهو خالد بن عقبة؛ فلم
نقفْ إلا على ثلاثة ممن يسمون بذلك، اثنان منهم ذكرهما الحافظُ ابنُ حَجرٍ في (الصحابة 3/ 161 - 162)، والثالث هو خالد بن عقبة بن خالد السكوني، وهو صدوقٌ إلا أنه متأخر جدًّا، من الطبقة الحادية عشرة الآخذين عن تبع الأتباع، كما في (التقريب 1658)، وهذا بعيدُ الإدراكِ جدًّا لأبي رجاءٍ العطارديِّ.
العلة الثانية: أن يونس بن حبيب قد خُولِفَ في أبي داود، خالفها ابنُ أبي مذعور، ومحمد بن شعبة، وأبو بكرة؛ فرووه عن الطيالسيِّ عن عباد بن ميسرة -بدلًا من عقبة هذا- كما سبقتْ روايتهم قريبًا.
والظاهر أن هذا الخطأ من أبي داود نفسه، وذلك أن العلماءَ قد ذكروا في ترجمته أن له أغلاطًا، قال الحافظُ في (التقريب 2550):"ثقةٌ حافظٌ غَلِطَ في أحاديثَ"، وانظر (تهذيب التهذيب 4/ 185).
العلة الثالثة: المخالفة في المتن، وذلك أن المحفوظَ فيه كما في (الصحيحين) أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بوَضُوءٍ وتَوَضَّأَ وصلَّى بمَنْ مَعَهُ، ليس فيه أنَّهم تَيَمَّمُوا، بل قد جاءَ الحديثُ عن غيرِ واحدٍ من الصحابةِ رضي الله عنهم، ذكروا فيه أنهم تَوَضَّؤُوا كما سيأتي قريبًا، وقد تبيَّنَ في روايةِ عوفِ بنِ أبي جميلةَ، وسلم بن زرير، كما في (الصحيحين) أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ مُنْعَزِلٍ لم يُصَلِّ ((عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ))، وقد تقدَّم.
3036 -
حَدِيثُ أبي موسى وابن مسعود رضي الله عنهما
◼ عَنْ شَقِيقِ بنِ سَلَمَةَ قَالَ: كُنْتُ جالسًا مَعَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: لَوْ أَنَّ رجلًا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدِ المَاءَ شَهْرًا، أَمَا كَانَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، فَكَيْفَ تَصْنَعُونَ بِهَذِهِ الآيَةِ فِي سُورَةِ المَائِدَةِ:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: 43] فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ رُخِّصَ لَهُمْ فِي هَذَا لَأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمُ المَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا الصَّعِيدَ. قُلْتُ: وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِذَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ أَبُو مُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، فَأَجْنَبْتُ فَلَمْ أَجِدِ المَاءَ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا))، فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ (ثُمَّ مَسَحَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِصَاحِبَتِهَا، ) ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ؟
[الحكم]:
صحيح (خ).
[التخريج]:
[خ 347 (واللفظ له) / د 321/ حم 18328 (والرواية له)، 19542/
…
].
[السند]:
قال البخاريُّ: حدثنا محمد بن سَلَام، قال: أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق به.
وسيأتي تخريجه وتحقيقه بمروياته تحت باب: (التَّيَمُّمُ ضربةٌ للوجهِ والكفَّينِ).
3037 -
حَدِيثُ عمار
◼ عَنْ عَمَّارٍ قَالَ: أَجْنَبْتُ وَأَنَا فِي الإِبِلِ، فَلَمْ أَجِدْ مَاءً، فَتَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ تَمَعُّكَ الدَّابَّةِ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ:((إِنَّمَا كَانَ يَجْزِيكَ (يَكْفِيكَ) مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، فقد صَحَّ حديث عمَّارٍ من وجوهٍ أُخرَ كما في (الصحيحين)، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ.
[اللغة]:
((فَتَمَعَّكْتُ)): تَمَعَّكَ؛ أي: تَقَلَّبَ عليه وتمرَّغ. (الفائق في غريب الحديث والأثر 3/ 375).
[التخريج]:
[ن 318 (واللفظ له) / كن 379/ طي 675 (والرواية له ولغيرِهِ) / عل 1640/ عب 914/ ش 1671/ مش 432/ صلاة 144/ مشب 75/ طحق 92/ معكر 647/ كما (29/ 258)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ أن عمارًا قال لعمر
◼ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ نَاجِيَةَ بنِ كَعْبٍ، أَنَّ عَمَّارًا قَالَ لِعُمَرَ: تَذْكُرُ حَيْثُ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي الإِبِلِ، فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَتَمَعَّكْتُ تَمَعُّكَ الدَّابَّةِ. فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:((إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ))؟
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، فقد صَحَّ حديث عمار من وجوهٍ أُخر كما في (الصحيحين)، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[عل 1605/ حمد 144/ هقع (2/ 28/ 1625) / حرملة (هقع 2/ 28/ 1626) / الكنى للنسائي (مغلطاي 2/ 311) / عساكر (مساواة صـ 46) / مشب 76].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ رواه أبو إسحاقَ السَّبيعيُّ، واختُلِفَ عليه في تعيين اسم شيخه، على خمسة أوجه:
الوجه الأول: عن أبي إسحاق عن ناجية بن خفاف عن عمار:
رواه النسائيُّ في (الصغرى 318)، و (الكبرى 379) عن محمد بن عبيد بن محمد عن أبي الأحوص سَلَّام بن سليم عن أبي إسحاق به.
وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ غير ناجية، وسيأتي الكلامُ عليه في نهايةِ التحقيقِ.
وأبو الأحوص من متقدمي أصحاب أبي إسحاقَ الذين رووا عنه قبل الاختلاط، غير أنه قد اختُلِفَ عليه كما سيأتي في الوجوهِ الآتيةِ.
الوجه الثاني: عن أبي إسحاق عن ناجية أبي خفاف عن عمار:
رواه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 1671)، و (المسند 432) عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق به.
وهذا أحد أوجه الخلاف على أبي الأحوصِ.
وقد توبع أبو إسحاق على هذا الوجه من ابنه يونس: غير أنه أخطأ في متنه، فقال: تَمَارَى عمَّارُ بنُ ياسرٍ وعبدُ اللهِ بنُ مَسْعُودٍ في التَّيَمُّمِ، فقال عمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ كُنَّا نَتَنَاوَبُ رَعِيَّةَ الإِبِلِ فَأَجْنَبْتُ، فَتَمَعَّكْتُ كَمَا يَتَمَعَّكُ البَعِيرُ وَالدَّابَّةُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وقال:((إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ)).
أخرجه أبو نعيمٍ في (الصلاة 141) -ومن طريقه ابنُ قانعٍ في (معجمه 2/ 250)، وابنُ البخاريِّ في (مشيخته 77) -، عن يونسَ به.
ورواه ابنُ أبي خيثمةَ في (تاريخه- السفر الثالث 4735) عن أبي نعيمٍ به مختصرًا.
ورواه أحمدُ في (العلل 2366)، و (الأسامي والكنى 298) عن إسماعيلَ بنِ عمرَ عن يونسَ به مختصرًا.
قال يونسُ عند ابنِ أبي خيثمةَ: "ناجية العنزي أبي خفاف"، وكذا عند أحمد في (العلل)، و (الأسامي والكنى).
ويونسُ بنُ أبي إسحاقَ متكلَّمٌ فيه، وقد أخطأَ في متنه حيثُ قال فيه:"إن عمَّارَ تَمَارَى مع ابنِ مَسْعُودٍ"، وهو مخالفٌ لما في (الصحيحين) من أن أبا موسى الأشعريَّ هو الذي تَمَارَى مع ابنِ مَسْعُودٍ، وليس عمارًا، كما في الحديثِ السابقِ.
وقد تابع يونس على متنه هذا أبو بكر بن عياش كما في الوجه الآتي.
قال ابن عساكر: "هكذا جاء في هذه الرواية، والمحفوظ: أن ذلك جرى بين عمَّارٍ وعمرَ رضي الله عنهما"(الأربعون حديثًا من المساواة صـ 45).
وقال جمال الدين الظاهريُّ: "هكذا جاء في هذه الرواية، والمحفوظُ أن ذلك جرى بين عمَّارٍ وعمرَ رضي الله عنهما كما تقدَّمَ في الروايةِ التي قبل هذه، فأما قصة عبد اللَّه فإنما كانت مع أبي موسى، وفيها ذكرُ حديث عمَّار كما نذكره"(تخريج مشيخة ابن البخاري صـ 307).
الوجه الثالث: عن أبي إسحاق عن ناجية العنزي عن عمار:
رواه أحمدُ في (المسند 18315) -ومن طريقه ابنُ البخاريِّ في (مشيخته 74) - عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق به. ولفظه بنحو حديث يونس بن أبي إسحاق المتقدم.
ورواه -أيضًا- أبو يعلى في (مسنده 1619) -ومن طريقه ابن عساكر في (الأربعون حديثًا في المساواة 1) -، وغيرهما.
وإسنادُ هذا فيه: أبو بكر بن عياش، قال أحمد:"ثقةٌ ربما غَلِطَ"(العلل رواية عبد الله 3155)، وقد غَلِطَ في قوله:"تدارأ ابن مسعود وعمار"، كما بينا آنفًا.
الوجه الرابع: عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن عمار:
رواه أبو نعيم الفضل بن دكين في (الصلاة 144)
(1)
.
(1)
سقط من المطبوع بقية السند فيمن فوق أبي الأحوص، ولكن اعتمدنا هذه الرواية لنقل الخطيب، حيث قال:"وكذا قال أبو نعيم، وخلف بن هشام، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب"(الإصابة 11/ 172)
قلنا: أبو نعيم وخلف يرويانه عن أبي الأحوص.
ورواه ابنُ البخاريِّ في (مشيخته 75)، وابنُ عساكرَ في (معجم شيوخه 647)، وغيرهما من طريق خلف بن هشام.
كلاهما (أبو نعيم، وخلف بن هشام) عن أبي الأحوص، عن أبي إسحاق به.
قال خلف في حديثه عند ابن عساكر: "عن ناجية بن كعب أبي خفاف".
وتابع أبا الأحوص على هذا الوجه جماعة، وهم:
سفيان بن عيينة كما عند الحميدي في (مسنده 144) -ومن طريقه البيهقيُّ في (معرفة السنن 1625) -، والشافعيُّ في (سنن حرملة كما في معرفة السنن 1626)، وأبو يعلى في (مسنده 1605) - ومن طريقه ابنُ عساكر في (الأربعون حديثًا في المساواة صـ 46)، وغيرهم.
قال الحميديُّ في حديثه: أبي خفاف ناجية بن كعب.
ومعمرٌ كما عند عبد الرزاق في (المصنف 923)، وقرَنَه بابن عيينة -ورواه من طريقه البيهقيُّ في (السنن الكبير 1050) - عن معمرٍ وحده.
وإسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق كما عند ابن المنذر في (الأوسط 505)، والطحاوي في (أحكام القرآن 92)، والبيهقي في (السنن الكبير 1062).
ورَقَبة بن مَصْقَلة عند الطبراني في (المعجم الكبير) كما عند (شرح ابن ماجه لمغلطاي 2/ 311).
المعلَّى بن هلال عند يحيى بن سلام في تفسيره (تفسير بن أبي زمنين 1/ 375).
فرواه خمستهم: (ابن عيينة، ومعمر، وإسرائيل، ورقبة، والمعلى) عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن عمار -وفي بعضها: "عن ناجية أن عمارًا"- به.
ويضاف إليهم أبو الأحوص من رواية أبي نعيم، وخلف بن هشام عنه.
الوجه الخامس: عن أبي إسحاق عن ناجية غير منسوب عن عمار:
رواه أبو داود الطيالسيُّ في (مسنده 675) عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق به.
وتابع أبا الأحوص على هذا الوجه زائدة بن قدامة، ذكره يعقوب بن شيبة كما في (تهذيب الكمال 29/ 255)، ولم نقفْ عليه فيما بين أيدينا من مصادر مسندًا.
قلنا: يتلخص مما سبقَ أربعةُ أسماء:
الأول: ناجية بن كعب، كنَّاه الحميديُّ عن ابن عيينة، وخلف بن هشام عن أبي الأحوص:(أبا خفاف).
الثاني: ناجية بن خفاف.
الثالث: ناجية العنزي، كنَّاه ابنُ أبي شيبة عن أبي الأحوص، ويونس بن أبي إسحاق:(أبا خفاف).
الرابع: ناجية غير منسوب.
قلنا: وثَمَّ رَاوٍ آخر يروي عنه أبو إسحاقَ يُسمَّى ناجية بن كعب الأسدي، يروي عن علي بن أبي طالب، أخرج حديثَه أبو داود في (سننه 3214)، والنسائيُّ في (الصغرى 195، 2024)، و (الكبرى 244، 245)، وغيرهما
من طريق سفيان وشعبة عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب، عن عليٍّ عليه السلام، قال: قلتُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: إنَّ عَمَّكَ الشيخَ الضَّالَ قَدْ مَاتَ. قال: ((اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ، ثم لا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا، حتَّى تَأتِيَنِي)) فذهبتُ فواريتُه وجئتُه فأمرني فاغتسلتُ ودَعَا لي. واللفظ لأبي داود.
وقد سبقَ حديثُ عليٍّ هذا بتوسعٍ في كتابِ الغُسلِ.
فاختلفَ أهلُ العلمِ، هل ناجية بن كعب الأسدي هو ناجية العنزي أم هما اثنان؟
فَذَهبَ أحمدُ رحمه الله إلى التفرقةِ بينهما، فقال:"ناجية بن كعب الأسدي الذي روى عن عليٍّ، ناجية العنزي روى حديثَ عمَّارٍ في التيممِ روى عن هذين أبو إسحاق"(الأسامي والكنى 298، 299).
وكذا فَرَّقَ بينهما البخاريُّ في (التاريخ الكبير 8/ 107).
وزاد عليهما ابنُ حَجرٍ: مسلمًا، وابن أبي حاتم (الإصابة 11/ 171).
قلنا: والذي في (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم عن أبيه أنه جمعهما في ترجمة واحدة فقال: "ناجية بن كعب العنزي أخو سلْمَى بنت كعب أبو خفاف، روى عن عليٍّ، وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، روى عنه أبو إسحاق، وأبو حسان الأعرج، ويونس بن أبي إسحاق، سمعتُ أبي يقول ذلك".
ثم عَقَّبَ بترجمةٍ أُخرى فقال: "ناجية بن خفاف روى عن
…
روى عنه وائل بن داود" (الجرح والتعديل 8/ 487).
وكذا ترجمَ لهما المزيُّ ترجمةً واحدةً فقال: "ناجية بن كعب الأسدي، ويقال: ناجية بن خفاف العنزي، أبو خفاف الكوفي. ويقال: إنهما
اثنان
…
ثم أورد حديثَ عليٍّ وعمَّارٍ في ترجمتهما" (تهذيب الكمال 29/ 255)، وكذا صنعَ في (تحفة الأشراف 7/ 449، 483).
وقد خَطَّأ عليُّ بنُ المدينيِّ مَن جَمَع بينهما؛ فقال يعقوبُ بنُ شيبةَ: "ذكر عليُّ بنُ المدينيِّ هذا الحديثَ عنِ ابنِ عيينةَ، غلط في قول سفيان: ناجية بن كعب. إنما هو ناجية بن خفاف العنزي. قال عليٌّ: وناجية بن كعب أسدي. قال عليٌّ: وقد روى غير سفيان من حديث أبي إسحاق، عن ناجية بن خفاف أبي خفاف. ورواه يونس بن أَبي إسحاق عن ناجية بن خفاف، عن عمار.
قال عليٌّ: وناجية بن خفاف أبو خفاف العنزي لم يسمعْه عندي من عمَّارٍ؛ لأن ناجيةَ هذا لقيه يونس بن أبي إسحاق، وليس هذا بالقديم. وقال الحافظُ أبو بكرٍ الخطيبُ في هذا الحديث: وقال إسرائيل بن يونس، وسفيان بن عيينة، والمعلَّى بن هلال: عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب، وهو وهم. قال: وأحسب أبا إسحاق رواه لهم عن ناجية غير منسوب، فظنوه ناجية بن كعب" (تهذيب الكمال 29/ 256).
وتابع يعقوب شيخه عليًّا في ذلك فقال في هذا الحديث: "حديثٌ كوفيٌّ، رواه أبو إسحاقَ عن ناجية عن عمَّارٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو حديثٌ صالحُ الإسنادِ، ولا أحسبه متصلًا؛ لأن بعضَهم ذَكَرَ أن ناجيةَ ليس بالقديم، رواه جماعةٌ عن أبي إسحاقَ ثقات، منهم: زائدة بن قدامة، وأبو الأحوص سلام بن سليم، وأبو بكر بن عياش، وسفيان بن عيينة، وإسرائيل بن يونس، فقال زائدة: ناجية لم يَنْسِبْه. وقال أبو الأحوص: عن ناجية أبي خفاف. وقال أبو بكر بن عياش: ناجية العنزي، وقال ابنُ عيينةَ، وإسرائيل: ناجية بن كعب"(تهذيب الكمال 29/ 255).
وقال الحافظُ أبو بكر الخطيبُ في هذا الحديث: "وقال إسرائيل بن يونس،
وسفيان بن عيينة، والمعلَّى بن هلال: عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب. وهو وهم. قال: وأحسب أبا إسحاق رواه لهم عن ناجية غير منسوب، فظَنُّوه ناجية بن كعب" (تهذيب الكمال 29/ 256).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "وقد يَروي عن الرجلِ الواحدِ اثنان متشاركان في الاسمِ فيقع الاشتباه في اسمهما، على نحو وقوعه في القسم الأول وهذه نبذة فيها أحاديث، منها على هذا القسم ومنها على القسم الأول
…
الحديث الثاني: روى أبو إسحاق السبيعي عن ناجية عن عمار قال: كنتُ في الإبلِ، فاحتلمتُ فَتَمَرَّغْتُ كتَمَرُّغِ الدَّابةِ ثم صَلَّيْتُ، فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:((إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ التَّيَمُّمُ)) وناجية هذا هو ابن خفاف العنزي، ويكنى أبا خفاف، وقد روى أبو إسحاق عن ناجية بن كعب فيشتبه الإسنادان" (تلقيح فهوم أهل الأثر صـ 418).
قال الحافظُ ابنُ حَجرٍ: "فيلخص من أقوال هؤلاء الأئمة: أن الراوي عن عمَّارٍ حديثَ التَّيَمُّمِ هو ناجية بن خفاف أبو خفاف العنزي، وهو الذي روى عنِ ابنِ مسعودٍ، وعنه أبو إسحاق، وابنُه يونس بن أبي إسحاق، وغيرهما. وأما ناجية بن كعب الأسدي فهو الراوي عن علي بن أبي طالب"(تهذيب التهذيب 10/ 400).
وقال في (التقريب 7064): "ناجية بن خُفاف -بضم المعجمة وبفاءين- العَنَزِي -بفتح المهملة والنون ثم زاي- الكوفي، عن عمَّارٍ، مقبولٌ، من الثالثة، وقعَ في الروايةِ غير منسوب، وصَحَّحَ ابنُ المدينيِّ وغيرُهُ أنه ابن خُفاف، ووَهَّمَ من زعم أنه ابن كعب".
قلنا: فيتلخص من أقوالهم ضعف الحديث لجهالة ابن خفاف، والانقطاع بينه وبَيْنَ عمَّارٍ كما بَيَّنَ ابنُ المدينيِّ، وتابعه يعقوب بن شيبة".
ولكن الحديث صَحَّ عن عمَّارٍ رضي الله عنه في (الصحيحين)، كما سبق، وسيأتي من حديث ابنِ أبْزَى برواياته تحت (باب جامع في صفة التيمم).
رِوَايَةُ: زاد: أَجْنَبْتُ فِي الرَّمْلِ
• وَفِي رِوَايَةٍ: زَادَ: ((أَجْنَبْتُ فِي الرَّمْلِ فَتَمَعَّكْتُ تَمَعُّكَ الدَّابَّةِ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: كَانَ يَكْفِيكَ مِنْ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، دون قوله:((فِي الرَّمْلِ)) فَشَاذٌّ.
[التخريج]:
[هق 1050].
[السند]:
قال البيهقيُّ: أخبرنا أبو علي الحسين بن محمد بن محمد بن علي الروذباري، أخبرنا أبو طاهر المحمدآباذي، أخبرنا أحمد بن يوسف السُّلَمي، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن عمار، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين ناجية وعمار، كما سبق في الرواية السابقة.
الثانية: روايةُ معمرٍ عن الكوفيين فيها مقال، وأبو إسحاقَ السَّبيعيُّ كوفيٌّ.
قال يحيى بنُ معين: "إذا حدَّثكَ معمرٌ عن العراقيين فخفه؛ إلا عن الزهري، وابن طاوس؛ فإن حديثَه عنهما مستقيم، فأما أهل الكوفة والبصرة فلا"(التاريخ الكبير - السفر الثالث 1/ 325 و 2/ 256).
قلنا: وقد خالفَ معمرًا جماعةٌ، فرووا الحديثَ عن أبي إسحاق بدون زيادة:((فِي الرَّمْلِ))، وهم: إسرائيل، وزائدة، وأبو الأحوص، وابن عيينة، وأبو بكر بن عياش، ورقبة بن مصقلة، وغيرهم. وقد تقدَّمتْ روايتهم آنفًا.
رِوَايَةُ: تمارى عمار وابن مسعود
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ نَاجِيَةَ العَنَزِيِّ قَالَ: ((تَدَارَأَ (تَمَارَى) عَمَّارٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ فِي التَّيَمُّمِ (فِي الرَّجُلِ تُصِيبُهُ الجَنَابَةُ، وَلَا يَجِدُ المَاءَ)، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَوْ مَكَثْتُ شَهْرًا لَا أَجِدُ فِيهِ المَاءَ لَمَا صَلَّيْتُ. فَقَالَ لَهُ عَمَّارٌ: أَمَا تَذْكُرُ إِذْ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ فِي الإِبِلِ، فَأَجْنَبْتُ فَتَمَعَّكْتُ تَمَعُّكَ الدَّابَّةِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي صَنَعْتُ، فَقَالَ:((إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ التَّيَمُّمُ [بِالصَّعِيدِ، فَإِذَا قَدَرْتَ عَلَى المَاءِ اغْتَسَلْتَ])).
[الحكم]:
ضعيفٌ بهذا السياقِ، فذِكْرُ ابن مسعود في هذا المتن هكذا خطأ، والصوابُ أن هذه الحادثةَ كانت بين عمَّارٍ وعمرَ رضي الله عنهما، قاله ابنُ عساكر، وجمالُ الدينِ الظاهريُّ.
[التخريج]:
[حم 18315 (واللفظ له) / عل 1619/ منذ 505 (والروايات
والزيادة له ولغيرِهِ) / طحق 93/ قا (2/ 250) / قانع (حديث 63) / هق 1062/ صلاة 141/ عساكر (مساواة 1) / علحم 2366 (مختصرًا) / كحم 298 (مختصرًا) / مشب 74، 77/ باطرقاني (ق 266/ أ) / كما (29/ 259)].
[السند]:
قال الإمامُ أحمدُ -ومن طريقه ابنُ البخاري في (مشيخته 74) -: حدثنا أبو بكر بن عياش، حدثنا أبو إسحاق، عن ناجية العنزي به.
ورواه أبو نعيم في (الصلاة) -ومن طريقه ابن قانع في (معجمه)، وابن البخاري في (مشيخته 77)، وابن عساكر في (الأربعون حديثًا في المساواة)، وغيرهما- قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: حَدَّثَ ناجية أبا إسحاق، وأنا معه، قال: تمارى عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود في التيمم
…
فذكره.
[التحقيق]:
للكلام على سندِهِ انظر الرواية السابقة.
وأما كون ابن مسعود هو الذي كان مع عمَّارٍ في هذه القصة، فهذا خطأٌ محض، والصوابُ أن القصةَ دارتْ بين عمار وعمر، أما ابن مسعود فإنما حاوره أبو موسى الأشعري وذَكَر له قصة عمر وعمار، كما سبق في (الصحيحين).
قال ابنُ عساكر: "هكذا جاء في هذه الرواية، والمحفوظُ: أن ذلك جرى بين عمَّارٍ وعمرَ رضي الله عنهما"(الأربعون حديثًا من المساواة صـ 45).
وقال جمالُ الدينِ الظاهريُّ: "هكذا جاء في هذه الرواية، والمحفوظُ أن
ذلك جرَى بين عمَّارٍ وعمرَ رضي الله عنهما كما تقدَّم في الرواية التي قبل هذه، فأما قصة عبد الله فإنما كانتْ مع أبي موسى وفيها ذكر حديث عمار كما نذكره" (تخريج مشيخة ابن البخاري صـ 307).
رِوَايَةُ: فَأَمَرَنِي أَنْ أَتَيَمَّمَ
• وَفِي لَفْظٍ عَنْ عَمَّارٍ: ((عَزَبْتُ فِي الإِبِلِ، فَأَجْنَبْتُ، فَأَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَيَمَّمَ، وَكُنْتُ تَمَعَّكْتُ فِي التُّرَابِ حِينَ أَجْنَبْتُ)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، صَحَّ حديثُ عمَّارٍ من وجوهٍ أُخر كما في (الصحيحين)، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طب (مغلطاي 2/ 311)].
[السند]:
رواه الطبرانيُّ: عن أحمد بن الخضر المروزي، ثنا محمد بن عبدة المروزي، ثنا أبو معاذ النحوي الفضل بن خالد، ثنا أبو حمزة السُّكرى، عن رقبة، عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ، غير ناجية بن كعب، خَطَّأ علي بن المديني من سمَّاه هكذا كما سبق وبَيَّنَّا ذلك، ورجَّحَ في اسمه ناجية بن خفاف، وقال: "وناجية بن خفاف أبو خفاف العنزي لم يسمعْه عندي من عمَّارٍ لأن ناجيةَ
هذا لقيه يونس بن أبي إسحاق، وليس هذا بالقديم"، وأقرَّه يعقوبُ بنُ شيبةَ وجماعةٌ كما سبقَ وبَيَّنَّا في أولِ التحقيقِ.
رِوَايَةُ: وَقَدْ دَخَلَ الرَّمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: ((أَجْنَبْتُ وَأَنَا فِي الإِبِلِ فَتَمَعَّكْتُ فِي الرَّمْلِ كَمَا تَتَمَعَّكُ الدَّابَّةُ، ثمَّ أَتَيْتُ النَّبِي عليه السلام وَقَدْ دَخَلَ الرَّمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ التَّيَمُّمُ. ثُمَّ ضَرَبَ النَّبِيُّ عليه السلام بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا التُّرَابَ، ثُمَّ نَفَضَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ مَرَّةً وَاحِدَةً. ثُمَّ قَالَ: كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا)).
[الحكم]:
صحيحُ المتنِ، دون قوله: ((وَقَدْ دَخَلَ الرَّمْلُ فِي رَأْسِي وَلِحْيَتِي
…
إلى آخره)) فمنكرٌ، وهذا إسنادٌ تالفٌ.
[التخريج]:
[يحيى (زمنين- تفسير 1/ 375)].
[السند]:
رواه يحيى بن سلام، عن المعلَّى، عن أبي إسحاق الهمداني، عن ناجية بن كعب، عن عمار بن ياسر به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ تالفٌ؛ فيه المعلَّى بن هلال "اتَّفقَ النقادُ على تكذيبه" كما في (التقريب 6807)، وقد انفردَ المعلَّى بن هلال بقوله: ((وَقَدْ دَخَلَ الرَّمْلُ فِي
رَأْسِي وَلِحْيَتِي))، وصفة التَّيَمُّمِ من حديثِ ناجيةَ.
فقد رواه جماعةٌ غيره عن أبي إسحاقَ ولم يذكروا شيئًا من ذلك، منهم:
أبو الأحوص كما عند النسائي (سننه 318)، و (الكبرى 379)، وابن أبي شيبة في (مصنفه 1671)، وغيرهما.
إسرائيل بن يونس كما عند ابن المنذر في (الأوسط 505)، والبيهقي في (السنن الكبير 1062)، وغيرهما.
ابن عيينة، ومعمر، كما عند عبد الرزاق في (المصنف 923)، وغيره.
ورواه غيرُهُم؛ أبو بكرِ بنُ عياشٍ، ورقبة بن مصقلة، وزائدة، وليس في حديثهم هذه الزيادة.
وكذا تابع أبا إسحاقَ يونس ابنه كما عند أبي نعيمٍ الفضل بن دكين في (الصلاة 141)، وغيره، فلم يذكرْها.
وعليه فهي روايةٌ منكرةٌ بل تكادُ تكون من وَضْعِ المعلَّى هذا، وقد رُمِيَ بالكذبِ كما قال ابنُ حَجرٍ في (التقريب).
3038 -
حَدِيثُ أبي هريرة
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ البَادِيَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَكُونُ فِي هَذَا الرَّمْلِ الأَشْهُرَ الثَّلَاثَةَ وَالأَرْبَعَةَ، وَفِينَا النُّفَسَاءُ وَالحَائِضُ وَالجُنُبُ، وَلَسْنَا نَجِدُ المَاءَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((عَلَيْكُمْ بِالأَرْضِ)).
وَفِي رِوَايَةٍ 2: أَنَّ أَقْوَامًا سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: إِنَّا نَعْزُبُ عَنِ المَاءِ الثَّلاثَةَ الأَشْهُرِ وَالخَمْسَةَ، فَلا نَجِدُ المَاءَ، وَفِينَا الحَائِضُ وَالجُنُبُ وَالنُّفَسَاءُ؟ قَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالأَرْضِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ؛ وضَعَّفَهُ: الدارقطنيُّ، والبيهقيُّ، والجويني، وابنُ الجوزيِّ -وأقرَّه ابنُ عبدِ الهادِي-، وابنُ قدامةَ، والنوويُّ، وابنُ دَقيق العيدِ، وابنُ تيميةَ، والذهبيُّ، والزيلعيُّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، وابنُ الهمام، وابنُ أمير حاج.
[التخريج]:
[حق 331 (واللفظ له) / طس 2011 (والرواية الثانية له) / عد (2/ 262، 263) / حرب (طهارة- 382) / هق 1053/ خلع 587].
[التحقيق]:
انظر الكلام عليه فيما يأتي.
رِوَايَةُ: فتصيبنا الجنابة
• وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رِجَالًا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّا أُنَاسٌ نَكُونُ بِالرِّمْلِ فَتُصِيبُنَا الجَنَابَةُ -وَفِينَا الحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ- وَلَا نَجِدُ المَاءَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكُمْ بِالأَرْضِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ.
[التخريج]:
[عل 5870/ خلع 409].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ: عليكم بالصعيد
• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ أَعْرَابِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَكُونُ فِي الرِّمَالِ [أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ]، وَيَكُونُ فِينَا الحَيْضُ وَالجَنَابَةُ وَالنِّفَاسِ؟ قَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالصَّعِيدِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طس 6336 (واللفظ له) / هق 1501 (والزيادة له)].
[التحقيق]:
انظره عقب الرواية الآتية.
رِوَايَةُ: عليك بالتراب
• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَكُونُ فِي الرَّمْلِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةُ أَشْهُرٍ، فَيَكُونُ فِينَا النُّفَسَاءُ وَالحَائِضُ وَالجُنُبُ، فَمَا تَرَى؟ قَالَ:((عَلَيْكَ بِالتُّرَابِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: جَاءَ الأَعْرَابُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: إِنَّا نَكُونُ بِالرَّمْلِ، وَإِنَّا نَعْزُبُ عَنِ المَاءِ الشَّهْرَينِ وَالثَّلَاثَةَ، فِينَا الجُنُبُ وَالحَائِضُ؟ فَقَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالتُّرَابِ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 3: أَنَّ رجلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نَكُونُ بِالبَادِيَةِ، وَتَكُونُ المَرْأَةُ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ، أَوْ تُصِيبُنَا الجَنَابَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((كَفَى بِالتُّرَابِ طهورًا))، أَوْ قَالَ:((عَلَيْكُمْ بِالتَّيَمُّمِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ.
[التخريج]:
[حم 7747 (واللفظ له)، 8626/ عب 920/ عد (6/ 538) (بالرواية الثانية) / علقط 1424/ فقط (أطراف 5162) / محد (3/ 625 - 626) (بالرواية الثالثة) / تحقيق 270/ مخلصيات 799/ هق 1052، 1054/ تد (4/ 157)].
[التحقيق]:
رُوي هذا الحديثُ من طريقين عن أبي هريرة:
الطريق الأول: رواه ابنُ المسيبِ عن أبي هريرةَ به.
وقد رُوي من عدةِ أوجهٍ عنِ ابنِ المسيبِ:
الوجه الأول: رواه عمرو بن شعيب عن ابن المسيب، به.
أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) -وعنه أحمد (7747) -.
وأخرجه أحمد أيضًا (8626) من طريق سفيان الثوري.
وأخرجه ابنُ راهويه (331) من طريق عيسى بن يونس.
وأخرجه الدارقطني في (العلل 4/ 71) -معلقًا- عن عبد الله بن المبارك ومحمد بن سلمة.
جميعهم -عبد الرزاق، وسفيان، وعيسى بن يونس، وابن المبارك، ومحمد بن سلمة- عن المثنى بن الصَبَّاح عن عمرو بن شعيب، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه المثنى بن الصباح اليماني المكي، وهو ضعيفٌ، اختلطَ بأَخَرَةٍ، كما في (التقريب 6471).
وبه ضَعَّفَ الحديثَ جماعةٌ من أهلِ العلمِ:
فقال البيهقيُّ: "هذا حديثٌ يُعرفُ بالمثنى بن الصباح، عن عمرو، والمثنى غير قوي"(السنن الكبرى 1052).
وقال أبو المعالي الجوينيُّ: "رواه المثنى بنُ الصباح، وهو ضعيفٌ صاحبُ مناكيرَ"(نهاية المطلب في دراية المذهب (المقدمة/ 329).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "هذا الحديثُ لا يصحُّ، قال أحمدُ والرازيُّ: المثنى بن الصباح لا يساوي شيئًا، وقال يحيى: ليس بشيء. وقال النسائي: متروك الحديث"، وأقرَّه ابنُ عبد الهادي. وانظر (التحقيق 1/ 232)، و (تنقيحه 1/ 368 - 369)، وقال الذهبيُّ:"المثنى واهٍ"(تنقيح التحقيق 1/ 78).
وقال ابنُ قُدَامَةَ: "خبرُ أبي هريرةَ يرويه المثنى بن الصباح، وهو ضعيفٌ"
(المغني لابن قدامة 1/ 325).
وكذا ضَعَّفَهُ به ابنُ دقيق العيد؛ فنقل فيه تضعيف أحمد، والرازي، والنسائي، في (الإمام 3/ 126 - 127)، وابنُ سيدِ النَّاسِ في (النفح الشذى 3/ 71).
وقال ابنُ تيميةَ: "حديثُ الرملِ ضعيفٌ؛ لأن فيه المثنى بن الصباح"(شرح عمدة الفقه صـ 448).
وقال الزيلعيُّ (عقب الحديث): "والمثنى بن الصباح ضعيف"(نصب الراية 1/ 154، 156).
وقال الهيثميُّ: "فيه المثنى بن الصباح، والأكثر على تضعيفه"(المجمع 1407).
وقال ابنُ حَجرٍ: "وفي إسنادِهِ المثنى بن الصباح، وهو ضعيفٌ جدًّا"(الدراية 1/ 69).
وقال العينيُّ: "وفي سندِهِ المثنى بن الصباح؛ قال الإمامُ أحمدُ، والدارميُّ: لا يساوي شيئًا، وقال النسائيُّ: متروكُ الحديثِ"(البناية شرح الهداية 1/ 530 - 531).
وقال ابنُ الهُمَامِ: "هو حديثٌ يُعْرَفُ بالمثنى بن الصباح، وقد ضَعَّفه أحمدُ، وابنُ مَعينٍ، في آخرين"(فتح القدير 1/ 127).
وقال ابنُ أمير حاج: "في إسنادِهِ: المثنى بن صباح ضعيفٌ"(التقرير والتحبير على تحرير الكمال بن الهمام 2/ 303).
وكذا ضَعَّفه الدميري (النجم الوهاج في شرح المنهاج 1/ 459)، والروياني (بحر المذهب 1/ 182).
قلنا: وقدِ اختُلِفَ على المثنى في إسنادِهِ؛ فرواه عنه الجماعةُ على الوجهِ المتقدمِ.
وخالفهم حفصُ بنُ غِياثٍ، واختُلِفَ عليه:
فروى الطبرانيُّ في (الأوسط 6336) من طريقِ إبراهيم بن محمد الشافعي عن حفصٍ عن المثنى عن الزهريِّ عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
فأبدل عَمْرًا بالزهريِّ.
وهذا الوجهُ ضعيفٌ، لمخالفةِ الجماعةِ (سفيان وغيره) لحفصٍ كما تقدَّمَ، ولعلَّ الخطأَ فيه من المثنى لضَعْفِهِ.
قال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن الزهري إلا المثنى بن الصباح، ولا رواه عن المثنى إلا حفص، تفرَّدَ به: إبراهيمُ الشافعيُّ، ورواه الثوريُّ، وعبدُ الرزاقِ وغيرُهما، عن المثنى، عن عمرو بن شعيب، عن سعيد بن المسيب".
وقال الدارقطنيُّ: "رواه حفص بن غياث عن المثنى بن الصباح عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة، قاله إبراهيمُ بنُ محمدٍ الشافعيُّ عن حفصٍ، ووهم في قوله، عن الزهري"(العلل 4/ 71).
قلنا: ورواه أبو السائِبِ سَلْمُ بنُ جُنَادةَ، عن حفصٍ عن المثنى فقال: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن أبي هريرة به. ذكره الدارقطنيُّ في (العلل 4/ 71).
وهذا أيضًا خطأ؛ وذلك لمخالفة الثوري وغيره لحفص بن غياث، حيث جعلوه عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة.
قال الدارقطنيُّ: "فرواه أبو السائبِ، عن حفصٍ، عن المثنى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن أبي هريرة، ووهم في قوله عن أَبيه"(العلل 4/ 71).
قلنا: وثَمَّ وجهٌ آخرُ رواه ابنُ عيينةَ عن المثنى فقال: عن عمرو بن شعيب عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، به فأرْسلَه. ذكره الدارقطنيُّ في (العلل 4/ 71).
وهذا أيضًا خطأ، إنما يرجع الوهم فيه للمثنى، كما تقدَّمَ.
قلنا: وقد توبع المثنى على رواية الجماعة من عبد الله بن لهيعة، وعمرو بن دينار:
فأما متابعة عبد الله بن لهيعة؛ فأخرجها أبو يعلى (5870) عن كامل بن طلحة الجحدري.
وأخرجها الخلعيُّ في (الخلعيات 587) عن عمرِو بنِ خالدٍ الحرانيِّ.
كلاهما -كامل وعمرو- عن ابنِ لهيعةَ عن عمرٍو به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضَعْفِ ابنِ لهيعةَ، كما تقدَّمَ مِرارًا، والانقطاع بينه وبين عمرو بن شعيب؛ فإنه لم يسمعْ منه، قال ابنُ أبي حاتمٍ:"سمعتُ أبي يقولُ: لم يسمعِ ابن لهيعة من عمرو بن شعيب شيئًا"(المراسيل 417).
قلنا: ومَرَّد روايته هذه إلى الطريق الأول؛ لأن أحاديثَه عن عمرِو بنِ شُعيبٍ إنما أخذها من المثنى بن الصباح.
قال الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ -وذكرَ ابنَ لهيعةَ- فقال: "كان كَتَبَ عن المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، وكان بعد يُحَدِّثُ بها عن عمرِو بنِ شُعيبٍ نَفْسِهِ"(الضعفاء للعقيلي 2/ 397).
فهذه المتابعةُ إنما هي في الظاهرِ فقط، ومردها إلى رواية المثنى.
قلنا: وقد ضَعَّفَ أهلُ العلمِ هذا الطريق بابنِ لهيعةَ.
فقال الزيلعيُّ: "رواه أبو يعلى الموصليُّ في (مسنده) من حديثِ ابنِ لهيعةَ عن عمرِو بنِ شُعيبٍ به. وابنُ لهيعةَ -أيضًا- ضعيفٌ"(نصب الراية 1/ 156).
وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضَعْفِ ابنِ لهيعةَ"(إتحاف الخيرة 1/ 401).
وقال ابنُ حَجرٍ -بعد ذكر حديث أبي يعلى-: "فيه ضعف"(المطالب العالية 2/ 431).
وقال ابنُ الهمام: "هو حديثٌ يُعرفُ بالمثنى بن الصباح، وقد ضَعَّفَهُ أحمدُ، وابنُ معينٍ في آخرين، ورواه أبو يعلى من حديثِ ابنِ لهيعةَ، وهو أيضًا مُضَعَّفٌ"(فتح القدير 1/ 127).
وقال العينيُّ: "وفي سندِهِ المثنى بن الصباح؛ قال الإمامُ أحمدُ والدارميُّ: لا يُسَاوِي شيئًا، وقال النسائيُّ: متروكُ الحديثِ، وفي إسنادِ أبي يعلى: ابنُ لهيعةَ، وهو ضعيفٌ"(البناية شرح الهداية 1/ 530 - 531).
وأما متابعةٌ عمرِو بنِ دينارٍ: فأخرجها أبو الشيخ في (طبقات المحدثين 3/ 652)، والدارقطنيُّ -معلقًا- في (العلل 4/ 71) من طريق أبي داودَ الطيالسيِّ عن أشعث بن سعيد عن عمرو
(1)
بن دينار عن عمرو بن شعيب،
(1)
تحرَّف عند الدارقطنيِّ إلى "حجاج بن دينار"، وقد اطلعنا على "مخطوطة العلل" فوجدناه كما أثبته محققه -يعني: حجاج- فيُحتمل أنه خطأٌ منَ النُّسَّاخِ.
والصحيحُ ما أثبتناه، وذلك لأمور:
الأول: لم يذكرِ المزيُّ في شيوخ أبي الربيع السَّمان أو في الرواة عن عمرو بن شعيب- مَن اسمه حجاج بن دينار، وذكر عمرو بن دينار، وانظر (تهذيب الكمال 3/ 261 و 22/ 64).
الثاني: لم نقفْ على راوٍ يُسمَّى حجاج بن دينار غير الأشجعي، ولم يذكر في شيوخه عمرو بن شعيب، ولا في الرواة عنه أبو الربيع السمان، وهو أنزل في الطبقة من أبي الربيع. وانظر (تهذيب الكمال 5/ 435).
الثالث: أخرجَ أبو الشيخ الحديثَ من طريقِ الطيالسيِّ عن أبي الربيع به -وهو الطريقُ الذي ذكره الدارقطنيُّ-، وذكر فيه: عمرَو بنَ دينارٍ، وليس حجاج بن دينار.
به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: أبو الربيع أشعث بن سعيد السمان، وهو متروكٌ كما قال الحافظُ في (التقريب 523).
ومع ضَعْفِهِ قدِ اضطربَ فيه؛ فرواه تارة أخرى بإسقاط عمرو بن شعيب، أخرجَ ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 262) من طريق سعيد بن سليمان، والبيهقيُّ في (الكبير 1053) من طريق عبد الوهاب بن عطاء، وابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 263) من طريق سعيد بن أبي عروبة.
ثلاثتهم (سعيد، وعبد الوهاب، وابن أبي عروبة) رووه عن أشعث أبي الربيع السمان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا من أجلِ أبي الربيعِ كما تقدَّمَ.
وبه ضَعَّفَ أهلُ العلمِ هذا الطريقَ:
فقال ابنُ عَدِيٍّ -بعد ذكره عدة أحاديث في ترجمته-: "وأبو الربيع السمان له من الحديث غير ما ذكرتُ، فِي أحاديثِهِ ما ليس بمحفوظٍ، وهو
مع ضَعْفِهِ يُكتبُ حديثُه، وأنكر ما حُدِّثَ عنه ما ذكرتُه".
وبه أيضًا ضَعَّفَهُ البيهقيُّ -عقب الحديث-، ووافقه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 317).
وقال ابنُ طاهرٍ المقدسيُّ: "رواه أبو الربيع السمان، أشعث بن سعيد: عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة. وأبو الربيع متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 1/ 206).
قلنا: وقد تُوبِعَ أبو الربيع متابعةً واهيةً، ذكرها الدارقطنيُّ في (العلل 4/ 72) فقال: ورواه بقية، عن قيس بن الربيع، عن عمرو بن دينار، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، قال الدارقطنيُّ -عقبه-:"قيس لم يسمع من عمرو بن دينار شيئًا".
قلنا: وقيس بن الربيع قال فيه الحافظُ: "صدوقٌ تغيَّرَ لما كَبِر، وأدخلَ عليه ابنه ما ليس من حديثه فحَدَّثَ به"(التقريب 5573).
وفيه -أيضًا- بقية بن الوليد، وهو صدوقٌ كثيرُ التدليسِ عن الضعفاءِ، كما في (التقريب 734)، وهذا التدليسُ بَيَّنه أبو زرعةَ العراقيُّ فقال:"يعني تدليس التسوية، وهو أفحشُ أنواعِ التدليسِ"(المدلسين صـ 37)، فيُحتمل أنه أسقط أبا الربيع السمان من بين قيس وعمرو بن دينار.
قلنا: وكذا تابع أبا الربيع سعيدُ بنُ أبي عَروبةَ من وجهٍ آخرَ، ذكره البيهقيُّ في (السنن الكبير 1056 تعليقًا) فقال: "وقد رُوي، عن ابنِ أبي عَروبةَ، عن عمرِو بنِ دِينارٍ، عنِ ابنِ المسَيِّبِ، عن أبي هريرة، به
ولم نقفْ على هذا الوجهِ عند أحدٍ من المخرجين، وما ظهرَ من إسنادِهِ
فهو ضعيفٌ، فإن سعيدَ بنَ أبي عَروبةَ، كان ثقةً، إلا أنه كثير التدليس، كما قال الحافظُ في (التقريب 2365)؛ فالظاهرُ أنه أسقطَ أبا الربيع السمانَ؛ ولذا قال البيهقيُّ -عقبه-:"وابنُ أبي عَروبةَ إنما سمعه من أبي الربيع، عن عمرو".
قلنا: والمحفوظُ عن عمرو بن دينار ما ذكره ابنُ المدينيِّ فقال: "قلتُ لسفيانَ: إن أبا الربيع روى عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؛ في الرجلِ يعزبُ في إبله؟ فقال سفيانُ: إنما حدَّثنا بهذا المثنى بنُ صباح، عن عمرِو بنِ شُعيبٍ، وإنما قال عمرو بن دينار: سمعتُ جابرَ بنَ زيدٍ يقوله. قال عليٌّ: قلتُ لسفيانَ: إن شعبةَ رواه هكذا، عن جابرِ بنِ زيدٍ. فقال: إن شعبةَ كان من أهلِ الحفظِ والصدقِ، ولم يكن ممن يريدُ الباطلَ"(الكامل 2/ 262)، ومن طريقه: البيهقيُّ في (السنن الكبير 1053).
وروايةُ جابرِ بنِ زيدٍ المذكورة أخرجها ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 1043) فقال: حدثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر بن زيد، سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَعْزُبُ وَمَعَهُ أَهْلُهُ؟ قَالَ: يَأْتِي أَهْلَهُ وَيَتَيَمَّمُ.
فبيَّنَتْ روايةُ ابنِ عيينةَ هذه مرد حديث أبي الربيع إلى المثنى عن عمرو بن شعيب، كما في الوجهِ الأولِ.
الوجه الثاني: رواه الزهريُّ عنِ ابنِ المسيبِ، به.
أخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط 6336) من طريق إبراهيم بن محمد الشافعي عن حفص بن غياث عن المثنى بن الصباح عن الزهري، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ معلولٌ، تقدَّمَ الكلامُ عليه في الوجهِ الأولِ.
الوجه الثالث: رواه عمرُو بنُ دينارٍ عن ابنِ المسيبِ، به.
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 2/ 262) من طريقي سعيد بن سليمان الواسطي، وأخرجه ابنُ عَدِيٍّ -أيضًا- في (الكامل 2/ 263)، من طريق سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه البيهقيُّ في (الكبرى 1053) من طريق عبد الوهاب بن عطاء.
ثلاثتهم -سعيد الواسطي، وابن أبي عروبة، وعبد الوهاب- عن أبي الربيع السمان عن عمرو بن دينار، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، وقد تقدَّمَ الكلامُ عليه في الوجهِ الأولِ.
الوجه الرابع: رواه عمرو بن مُرَّة عن ابنِ المسيبِ، به.
أخرجه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 6/ 538) -ومن طريقه البيهقيُّ في (الكبرى 1054) -، والدارقطنيُّ في (العلل 4/ 72)، والمخلصُ في (المخلصيات 799)، من طرقٍ عن عمر بن شبة عن عبد الله بن سلمة الأفطس عن الأعمش عن عمرو بن مُرَّة، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عبد الله بن سلمة الأفطس، وهو متروكُ الحديثِ، كما قال أبو حاتم، والنسائيُّ، والفلاسُ، وغيرُهُم، وقال يحيى بنُ سعيد:"ليس بثقة"، وقال ابنُ المدينيِّ:"ذهبَ حديثُه"، وقال أحمدُ:"ترك النَّاسُ حديثَه، كان يجلسُ إلى أزهر فيُحَدِّثُ أزهر فيكتبُ على الأرضِ: كذب كذب، وكان خبيثَ اللسانِ"، وقال الساجيُّ:"كان يحيى ينسبه إلى الكذب"، وقال أبو أحمدَ الحاكمُ:"سكتوا عنه"، وقال أبو زرعة:"كان صدوقًا ولكنه كان يقعُ في يحيى بن سعيد القطان وعبد الواحد بن زياد"، وقال ابنُ عَدِيٍّ:"مع ضَعْفِهِ يُكتبُ حديثُه" وانظر (لسان الميزان 4/ 488).
وقد ضَعَّفَ العلماءُ هذا الطريقَ به.
فأنكره عليه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 6/ 538).
وقال الدارقطنيُّ: "غريبٌ من حديثِ الأعمشِ عن عَمْرٍو عنه -ولم يَنْسِبْ عَمْرًا-، وتفرَّدَ به: عبد الله بن سلمة الأفطس، وهذا الحديثُ يُروى عن عمرو بن شعيب، وعمرو بن دينار عن سعيد، وقد روى عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب حديثًا غير هذا فهو غريبٌ عنه"(أطراف الغرائب والأفراد 5162).
وقال البيهقيُّ (عقب الحديث): "عبد الله بنُ سلمة الأفطسُ ضعيفٌ"، فقال الذهبيُّ معلقًا:"تركوه"(المهذب 1/ 226).
وقال ابنُ طاهرٍ المقدسيُّ: "رواه عبد الله بن سلمة الأفطسُ عن الأعمشِ، عن عمرِو بنِ مرَّةَ، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة؛ وعبد الله هذا متروك الحديث، كذابٌ"(ذخيرة الحفاظ 2/ 1195).
قلنا: فلا يصلحُ هذا الطريق لتقوية طريق المثنى المتقدم.
الوجه الخامس: رواه سليمانُ الأحولُ عن ابنِ المسيّبِ، به.
أخرجه الطبرانيُّ في (الأوسط 2011) من طريق وكيع عن إبراهيم بن يزيد عن سليمان الأحول، به.
قال الطبرانيُّ (عقب الحديث): "لا نعلمُ لسليمانَ الأحولِ عن سعيد بن المسيب غير هذا، ولم يروه إلا وكيع، عن إبراهيم بن يزيد. وقد رُوي عن سعيد بن المسيب من وجهٍ آخرَ، ورواه المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد".
قلنا: وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا أيضًا؛ فيه: إبراهيمُ بنُ يزيدَ الخُوزي، وهو متروكُ الحديثِ، كما قال الحافظُ في (التقريب 272).
وبه ضَعَّفَهُ ابنُ حجرٍ في (الدراية 1/ 69)، وابن أمير حاج في (التقرير والتحبير علي تحرير الكمال ابن الهمام 2/ 303).
الطريق الثاني:
رواه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي هريرة، به.
أخرجه الدارقطنيُّ في (العلل 4/ 71) -معلقًا- عن أبي السائبِ عن حفص بن غياث عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن أبي هريرة، به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ معلولٌ؛ تقدَّمَ الكلامُ عليه في الوجهِ الأولِ.
قلنا: يتبيَّن مما تقدَّم أن جميعَ طرقِ الحديثِ ضعيفةٌ، ولا تصلحُ في المتابعاتِ؛ لذلك قال الدارقطنيُّ -بعد ذكره للطرقِ المتقدمةِ-:"وليس منها شيءٌ ثابتٌ"(العلل 4/ 72).
وقال النوويُّ: "حديثُ أبي هريرةَ هذا ضعيفٌ، رواه أحمدُ في (مسنده)، ورواه البيهقيُّ من طرقٍ ضعيفةِ وبَيَّنَ ضَعْفَهُ"(المجموع 2/ 215).
وضَعَّفَهُ أيضًا في (الخلاصة 1/ 222).
3039 -
حَدِيثُ عمرِو بنِ شُعيبٍ مرسلًا:
◼ عَنْ عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، سُئِلَ عَن بَعْضِ ذَلِكَ فَقَالَ:((لَا بَأْسَ بِهِ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ لإرسالِهِ.
[التخريج]:
[عب 935].
[السند]:
رواه عبد الرزاق في (المصنف) عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، به.
والمرادُ بما سُئِلَ عنه ما رواه عبد الرزاق في (المصنف 934) عن ابن جريج، عن عطاء، قال في الحَائِضَ تَطْهُرُ وليسَ عندها ماءٌ، قال: تَتيَمَّمُ وَيُصِيبُهَا زَوْجُهَا.
فذَكَرَ عبدُ الرزاقِ روايةَ عمرٍو المرسلة عقبه وأحالَ المتنَ عليه بقوله: "سُئِلَ عن ذلك".
وقد تقدَّم نحو ذلك من حديث عمرو بن شعيب عن ابن المسيب عن أبي هريرة في الرواية المتقدمة.
ولذا ذكره الدارقطنيُّ في (العلل 4/ 71) عند سؤاله عن حديث أبي هريرة المتقدم؛ حيث قال: "ورواه ابن عيينة، عن المثنى، عن عمرو بن شعيب مرسلًا".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لإرسالِهِ، فعمرُو بنُ شُعيبٍ معدودٌ في صغارِ التابعين.
قلنا: وفي سندِ الدارقطنيِّ: المثنى بن الصباح، وهو ضعيفٌ كما تقدَّمَ.
وأيضًا قد خُولِفَ ابنُ عيينةَ على إرسالِهِ؛ فرواه الثوريُّ، وعبدُ الرزاقِ، وابنُ المباركِ، وعيسى بنُ يونس، ومحمدُ بنُ سلمةَ، كلُّهم عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن ابن المسيب عن أبي هريرة. وانظر (علل الدارقطني 4/ 71).
3040 -
حَدِيثُ قتادة مرسلًا
◼ عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ:
…
{وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} ، ((فَرَخَّصَ لِلْمُسَافِرِ إِذَا كَانَ مُسَافِرًا وَهُوَ جُنُبٌ لَا يَجِدُ مَاءً- أَنْ يَتَيَمَّمَ، وَيُصَلِّيَ)).
[الحكم]:
ضعيفٌ لإرسالِهِ، وأعلَّه بذلك الهيثميُّ.
[التخريج]:
[طب (12/ 206/ 12907)].
[السند]:
قال الطبرانيُّ: حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا محمد بن الحسن التسنيمي، ثنا روح بن عبادة، ثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ لإرسالِهِ؛ فقتادة -وهو ابنُ دعامةَ السدوسيُّ- تابعيٌّ لم يدركِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وبذلك أعلَّه الهيثميُّ فقال: "رواه الطبرانيُّ
…
وهو مرسلٌ، وبقية رجاله ثقات" (مجمع الزوائد 10967).
قلنا: وبقية رجاله ثقات، عدا محمد بن الحسن التسنيمي، قال فيه الحافظ:"صدوقٌ يغربُ"(التقريب 5812).
[تنبيه]:
روى الطبرانيُّ (عقب حديث قتادة هذا)، قال: حدثنا عبدان بن أحمد، ثنا محمد بن الحسن التسنيمي، ثنا روح، ثنا شعبة، عن قتادة، عن لاحق بن
حُميد، عن ابن عباس، بهذا الحديث.
فأَحَالَ على حديثِ قتادةَ المرفوع، إلا أنه لم ينص في إسناد ابن عباس على رفْعِهِ، وقد رُوي حديث ابن عباس موقوفًا من طرقٍ:
فأخرجه إسماعيلُ القاضي في (أحكام القرآن 154) عن مُسَدَّدٍ عن يزيدَ بنِ زُرَيْعٍ عن شعبةَ عن قتادةَ عن أبي مِجْلَز لاحق بنِ حُميدٍ، قال: كان ابنُ عباسٍ يتأوَّلُ هذه الآية: {ولا جنبا إلا عابري سبيل} ، قال:((يقولُ: لا يَقْرَبُ الصَّلاةَ وَهُوَ جُنُبٌ، إِلَّا وَهُوَ مُسَافِرٌ، لا يَجِدُ مَاءً يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي)).
وأخرجه ابنُ المنذرِ (508) عن محمدِ بنِ عليٍّ الصائغِ، عن أحمدَ بنِ شبيبٍ، عن يزيدَ، عن سعيدٍ، عن قتادةَ، به.
وأخرجه الطبريُّ في (التفسير 7/ 50)، قال: حدثني محمد بن سعد (وهو العَوْفي)، قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس، به.
وأخرجه ابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 1677) -مختصرًا-: عن وكيع، عنِ ابنِ أبي عَروبةَ، عن قتادةَ، عن أبي مجلز، عن ابنِ عباسٍ؛ {ولا جنبا إلا عابري سبيل} قال: هو المسافرُ.
وأخرجه الدارميُّ (1192) عن مسلم بن إبراهيم، عن هشام، عن قتادة، به.