المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌514 - باب بدء التيمم - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٤

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌أَبوَابُ الحَمَّامِ

- ‌499 - بَابُ مَا وَرَدَ فِي دُخُولِ الحَمَّامِ

- ‌500 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الرِّجَالِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَلَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ مُطْلَقًا

- ‌501 - بَابُ مَا رُوِيَ أَنَّ دُخُولَ الحَمَّامِ بِغَيْرِ إِزَارٍ مِنْ فِعْلِ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌502 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي تَحْرِيمِ دُخُولِ الحَمَّامِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌503 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي التَّرْخِيصِ لِلنِّسَاءِ فِي دُخُولِ الحَمَّامِ مِنْ عُذْرٍ

- ‌504 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي ذَمِّ الحَمَّامِ

- ‌505 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي مَدْحِ الحَمَّامِ

- ‌506 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَوِّلِ مَنِ اتَّخَذَ الحَمَّامَ

- ‌507 - بَابُ مَا رُوِيَ مِنِ اخْتِيَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَوْضِعَ الحَمَّامِ

- ‌508 - باب مَا رُوِيَ فِي دُخُولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الحَمَّامَ

- ‌509 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الحَمَّامَ بَيْتُ إِبْلِيسَ

- ‌510 - باب ما رُوي في القولِ عندَ دخولِ الحَمَّامَ

- ‌511 - بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ القَدَمَيْنِ بَعْدَ الخُرُوجِ مِنَ الحَمَّامِ

- ‌512 - بَابُ مَا يُقَالُ لِمَنْ خَرَجَ مِنَ الحَمَّامِ

- ‌513 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي نَهْيِ الصَّائِمِ عَنْ دُخُولِ الحَمَّامِ

- ‌كِتَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌أَبْوَابُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَفَضْلِهِ

- ‌514 - بَابُ بَدْءِ التَّيَمُّمِ

- ‌515 - بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَدَمِ المَاءِ

- ‌516 - بَابٌ: التَّيَمُّمُ فَضْلٌ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً

- ‌أبواب الأسباب المبيحة للتيمم

- ‌517 - بَابُ التَّيَمُّمِ لِفَقْدِ المَاءِ

- ‌518 - بَابُ التَّيَمُّمِ لِلمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِعْمَالِ المَاءِ

- ‌519 - بَابُ التَّيَمُّمِ لِمَنْ خَافَ الهَلَاكَ مِنْ بَرْدٍ وَنَحْوِهِ

- ‌520 - باب فِيمَنْ ذَكَرَ قِصَّةَ عَمْرٍو دُونَ ذِكْرِ التَّيَمُّمِ

- ‌521 - باب فيمَنْ رَوَى القِصَّةَ بِذِكْرِ التَّيَمُّمِ وَالوُضُوءِ مَعًا

- ‌522 - باب فِيمَنْ رَوَى القِصَّةَ بِدُونِ ذِكْرِ الوُضُوءِ وَلَا التَّيَمُّمِ

- ‌523 - بَابُ التَّيَمُّمِ فِي الحَضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدِ المَاءَ، وَخَافَ فَوْتَ الصَّلَاةِ

الفصل: ‌514 - باب بدء التيمم

‌514 - بَابُ بَدْءِ التَّيَمُّمِ

3025 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ -أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ-، انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ ! أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِالنَّاسِ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ! !

فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ؟ !

قَالَتْ: فَعَاتَبَنِي، وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي، ((فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَصْبَحَ) عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ؛ فَتَيَمَّمُوا)).

فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ [-وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ-]: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ! فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ.

ص: 172

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م)، دون الرواية فللبخاري.

[الفوائد]:

الأولى: قال ابنُ عبدِ البرِّ: "وأجمعَ العلماءُ بالأمصارِ بالمشرقِ والمغربِ -فيما علمتُ- أن التَّيَمُّمَ بالصعيدِ عند عدم الماء طهورُ كلِّ مسلمٍ مريضٍ أو مسافرٍ، وسواء كان جُنبًا أو على غيرِ وضوءٍ، ولا يختلفون في ذلك"(الاستذكار 1/ 303).

الثانية: في هذا الحديث: تواضع رسول الله صلى الله عليه وسلم واهتمامه بشأن المرأة وقيامه بذلك بنفسه، وإقامة الناس معه وتأخر الجيش كله لأجل عِقد امرأة، وليس في هذا خدش للرجولة كما يظن بعضهم.

وفيه رد قاصم لظهور الغامزين بشريعة الله والداعين لقوانين بشرية يزعمون أنها أنصفت المرأة {أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون} [المائدة: 50]، {وإنك لعلى خلق عظيم} [القلم: 4].

الثالثة: وفيه: حِرْصُ عائشة الطيبة الطاهرة حبيبتنا وأُمُّنا رضي الله عنها على الرفقِ بزوجِها صلى الله عليه وسلم وراحته، وأن تتحمل الغمزَ والضربَ والطعنَ على أن لا تعكر صفو نومه صلى الله عليه وسلم.

الرابعة: وفيه: النظر إلى الأقدارِ والأحداث نظرة الرضا والخير والتفاؤل، وأن الإنسان لا يلام على أمرٍ قدري لم يكن فيه خطأ منه، بل يواسى بحسن الظنِّ والكلمة الطيبة والثناء الصادق كما فعل أُسيدُ بنُ حُضيرٍ رضي الله عنه.

[التخريج]:

]

خ 334، 3672 (واللفظ له)، 4607، 5250 (مختصرًا)، 6844 (مختصرًا) / م (367/ 108) / ن 315/ كن 368، 11217/ طا 134/

ص: 173

حم 25455/ خز 279/ حب 1295، 1312/ عه 927 - 928/ عب 888/ طب (23/ 49/ 129) / شف 85 (مختصرًا) / خشف 73 (مختصرًا) / حق 966/ سراج 1، 2/ سرج 77/ طبر (7/ 75 - 76) / عط (حاكم 215) / عط (كندي 17) / عط (حاجب 28) / مطغ 583/ بغز 41/ منذ 501/ مخلص 3164/ مسن 809/ هق 1004، 1076/ هقع 1559، 1560/ حد (1/ 154 - 155) / حداد 2732/ غبز 27، 28/ مشب 161/ طيل 364/ جر 1903/ بغ 307/ بغت (2/ 226) / حجة (2/ 328 - 329) / وسيط (2/ 59) / ثعلب 1137 - 1140/ دانيال (بلبان ق 50/ ب - 51/ أ) / أثر (2/ 144) / منتظم (3/ 220)].

[السند]:

قال البخاريُّ (3672): حدثنا قتيبة بن سعيد، عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، به.

ورواه البخاريُّ (334)، و (5250): عن عبد الله بن يوسف. وبرقم (4607): عن إسماعيل بن أبي أويس.

ورواه مسلمٌ: عن يحيى بن يحيى.

كلهم: عن مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة به.

[تنبيهان]:

الأول: روى الحديثَ الطبريُّ في (تفسيره 7/ 75)، فقال: حدثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعتُ عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن عائشة، أنها قالت: كنتُ في مسيرٍ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم،

الحديث.

ص: 174

وكذا رواه السراجُ في (مسنده 2)؛ من طريق المعتمر به.

فأسقط عبيد الله بن عمر من سنده: "القاسم والد عبيد الرحمن"

ولذا أعلَّه الشيخُ أحمد شاكر في (تحقيقه على الطبري 8/ 401) بالانقطاعِ؛ فقال: "وهذا الحديثُ ظاهره الإرسال. لأنه -هنا- من رواية عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة. وعبد الرحمن لم يدركْ أن يسمعَ من عمة أبيه عائشة".

قلنا: قد ثبتَ متصلًا من رواية مالك كما في (الصحيحين) وغيرهما، وكذا رواه عمرو بن الحارث كما رواه مالك عند البخاري (4608).

وقد جاءت رواية لعبيد الله موافِقة لرواية مالك، وعمرو، غير أنها واهية، أخرجها ابنُ المظفرِ في (غرائب مالك 28) فقال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن جعفر القاضي، نا ياسين بن عبد الأحد أبو زرارة، حدثني جدي ليث بن عاصم، نا عثمان بن الحكم الجُذَامي، حدثني عبيد الله بن عمر، عن عبد الرحمن بن القاسم، ، عن أبيه، عن عائشة به.

وفي إسنادها: عبد الله بن محمد بن جعفر أبو القاسم القزويني شيخ ابن المظفر، كَذَّبه الدارقطنيُّ وغيرُهُ (لسان الميزان 4/ 574).

الثاني: وقع الحديثُ عند البخاريِّ برقم (4607) بلفظ: ((فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ))، كذا في بعض الروايات، ووقع في بعضها كما في الحاشية:((حِينَ أَصْبَحَ))، وكذا وقع في رقم (334)، ووقع في رقم (3672):((فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ)).

والروايتان الأخيرتان متوافقتان في المعنى، كما قال الحافظ في (الفتح 1/ 433)، بخلاف الأولى؛ ولذا خطَّأها القاضي عياضٌ، فقال: "قوله في

ص: 175

باب التيمم: (فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ) كذا في الموطأ وكذا لابنِ السكنِ. وعند المروزي وأبي ذر والنسفي: (فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أَصْبَحَ) وكلاهما صحيح، والأول أوجه. وعند الجرجاني:(فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ) وهو وهمٌ بَيِّنٌ" (مشارق الأنوار على صحاح الآثار 2/ 33)، وانظر أيضًا (مشارق الأنوار 1/ 179)، وتبعه ابنُ قرقول في (مطالع الأنوار 2/ 226 و 4/ 238).

* * *

رِوَايَةُ: فَالْتُمِسَ المَاءُ ..

• وَفِي رِوَايَةٍ قَالَتْ: ((سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي بِالْبَيْدَاءِ وَنَحْنُ دَاخِلُونَ المَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَنَزَلَ، فَثَنَى رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا (فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجْرِي رَاقِدٌ)، أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ فَلَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ فِي قِلَادَةٍ فَبِي المَوْتُ، لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَوْجَعَنِي، ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَيْقَظَ وَحَضَرَتِ الصُّبْحُ، فَالْتُمِسَ المَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ

الآيَةَ}، فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: لَقَدْ بَارَكَ اللَّهُ لِلنَّاسِ فِيكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَرَكَةٌ لَهُمْ)).

[الحكم]:

صحيح (خ).

[التخريج]:

[خ 4608 (واللفظ له)، 6845 (مختصرًا) / طبر (7/ 78 - 79) (والرواية له) / هق 1075 و 1116].

ص: 176

[السند]:

قال البخاريُّ (4608، 6845): حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، أن عبد الرحمن بن القاسم حَدَّثَهُ عن أبيه، عن عائشة به.

ورواه الطبريُّ عن أحمد بن عبد الرحمن. والبيهقيُّ عن أحمد بن عيسى وحرملة. كلهم: عن ابن وهب، عن عمرِو بنِ الحارثِ، به.

* * *

رِوَايَةُ عروة عن عائشة:

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً فَهَلَكَتْ (هَلَكَتْ قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ) 1، فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رجلًا فَوَجَدَهَا، فَأَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا [بِغَيْرِ وُضُوءٍ]، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ)) فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ لِعَائِشَةَ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ [قَطُّ]، إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكِ لَكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا (بَرَكَةً) 2)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م).

[التخريج]:

[خ 336 (واللفظ له)، 3773 (والزيادتان والرواية الثانية له)، 4583، 5164، 5882 (والرواية الأولى له) / م (367/ 109) / جه 563/ حم 24299/ مي 764/ خز 278/ حب 1705/ حميد 1504

ص: 177

/ طب (23/ 50/ 131) / حق 582/ سرج 1486/ سراج 4/ حسن (فتح 1/ 441) / معيل (فتح 1/ 441) / نعيم (خ - فتح 1/ 441) / طبر (7/ 78) / منذ 531/ حا 5370/ مسن 810/ محلى (2/ 141) / ثعلب 1142/ هق 1042/ بغت (2/ 226) / طيل 365/ تحقيق 285/ نبلا (11/ 382)].

[السند]:

قال البخاريُّ في (336): حدثنا زكرياء بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن نمير، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة بلفظ السياقة الأولى.

وقال (3773)، (5164): حدثنا عبيد بن إسماعيل، حدثنا أبو أسامة، عن هشام، بنحوه وفيه الزيادة.

أبو أسامة: هو حماد بن أسامة.

وقال البخاريُّ -أيضًا- (5882): حدثنا إسحاق بن إبراهيم، حدثنا عَبْدةُ، حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، رضي الله عنها بلفظ السياقة الثانية.

وقال (4583): حدثني محمد، أخبرنا عبدة، عن هشام بنحوه.

عبدة: هو ابنُ سليمانَ الكلابي.

[تنبيهان]:

الأول: أن روايةَ هشامِ بنِ عروةَ هذه تخالفُ في ظاهرها رواية عبد الرحمن بن القاسم المتقدمة في أمور:

ص: 178

الأول: في ذكر القلادة ولمن تكون.

الثاني: في ذكر الموضع الذي وقعت فيه.

الثالث: فيمن أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبها.

الرابع: فيمن وجدها.

الخامس: في الصلاة بغير وضوء.

فاتفقتْ روايةُ عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه المتقدمة في أول الباب في هذه الأمور، وهي:

الأول: أن عِقدًا لعائشةَ انقطعَ.

الثاني: أن الموضعَ الذي وقعتْ فيه هو البيداءُ، وهو اسمٌ لأرضٍ ملساء بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب، تُعَدُّ من الشرف أمام ذي الحليفة (معجم البلدان 1/ 523).

الثالث: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قامَ بالتماسه وجماعة معه بغير تعيين لهم.

الرابع: أنهم وجدوا العِقدَ تحتَ البعيرِ لما بعثوه من مكانه الذي باتوا فيه.

الخامس: لم يذكر في روايته أنهم صلَّوا بغيرِ وضوءٍ.

بينما في رواية هشام، قدِ اختَلَفَ عليه أصحابُهُ في ذلك:

فأما القلادة:

فقال عبد الله بن نمير كما عند البخاري (336)، وغيره،

وأبو أسامة حماد بن أسامة كما عند البخاري في (3773)، ومسلم (367)، وغيرهما.

ص: 179

وابنُ بِشْرٍ كما عند مسلم في (367).

وعليُّ بنُ مُسْهِر، عند جعفر الفريابي في كتاب الطهارة كما في (فتح الباري لابن حجر 1/ 432) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 19/ 267)، وغيره-.

وحميد بن الأسود، كما عند الطبراني في (الكبير 23/ 50/ 131).

خمستهم رووه عن هشام بسنده، وفيه: أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت.

وخالفهم: عبدة بن سليمان كما عند البخاري في (4583، 5882)، وغيره، فرواه عن هشام فقال:"هلكتْ قلادةٌ لأسماءَ".

وتابعه سفيان بن عيينة كما عند الحميدي في (مسنده 165) -ومن طريقه ابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد 19/ 268) -.

بينما رواه أبو معاوية عن هشام كما عند أبي داود في (سننه 317) وقَرَنَ معه عبدة -ومن طريقه أبو عوانة في (مستخرجه 930)، وابن عبد البر في (التمهيد 19/ 268)، وغيرهما-، وإسحاق بن راهويه في (مسنده 583) -وعنه النسائي في (الصغرى 327)، وغيره-، فقالا:"في طلب قلادة أضلتها عائشة"، ولم يذكر لمن هي.

وفي رواية حماد بن سلمة كما عند ابن عبد البر في (التمهيد 19/ 269) عن هشام بن عروة عن أبيه، أن عائشةَ كانتْ في سفرٍ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان في عُنقها قلادة لأسماءَ ابنة أبي بكرٍ، فعَرَّسُوا فانسلتِ القلادةُ من عنقها، فلمَّا ارتحلوا

الحديث.

وخالفَ الجميعَ معمرٌ فقال: عن هشام بن عروة، عن أبيه، أو غيره قال:

ص: 180

سَقَطَ عِقدٌ لعائشةَ. أخرجه عبد الرزاق في (المصنف 887) -ومن طريقه الطبراني في (الكبير 23/ 49/ 130) -.

فأما الموضع الذي وقعتْ فيه: فلم يذكرْ جمهورُ أصحابِهِ الموضعَ الذي سقطتْ فيه، بينما جاء في رواية ابن عيينة عند الحميدي أنها وقعت "ليلة الأبواء".

وفي رواية علي بن مسهر أنها وقعت في مكان يقال له: "الصُّلْصُل".

وفي رواية حماد بن سلمة عند ابن عبد البر قال: "المعرس".

فأما المرسل: فقد جاء في رواية ابن نمير أن النبيَّ أرسلَ رجلًا كما عند البخاري (336).

وفي رواية حماد بن سلمة عند ابن عبد البر: "فأرسل رجلين".

وفي رواية أبي أسامة عند البخاري (3773)، ومسلم (367) وقَرَنَ معه ابن بشر:"أنه أَرْسَلَ ناسًا من أصحابه في طلبها" وفي رواية عبدة عند البخاري (4583): "بَعَثَ رجالًا في طلبها".

وفي رواية أبي معاوية عند أبي داود، وغيره:"بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ وَنَاسًا".

وفي رواية علي بن مسهر: "فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَطَلَبُوهَا حَتَّى وَجَدُوهَا".

فأما من وجدها: فالظاهرُ من رواية الإفراد أن الضميرَ في قوله: "فَبَعَثَ رجلًا فوجدها" إما أن يعود إلى الرجل الذي أرسله النبيُّ صلى الله عليه وسلم، أو يعود إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم نفسه.

ص: 181

أما في رواية الجمع أنه أَرْسلَ ناسًا أو رجالًا فوجدوها، أنهم هم الذين وجدوها في الموضع الذي أرسلهم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكذا في رواية التثنية أن الرجلين هما اللذان وجداها.

فأما صلاتهم بغير وضوء: فقد اتَّفقَ جمهورُ الرواةِ عليه بأنهم صلَّوا بغيرِ وُضُوءٍ.

نظرًا لهذا الاختلاف على هشامٍ في ألفاظه، اختلفتْ مداركُ العلماءِ في توجيه الحديث نظرًا لإخراج الشيخين له؛ من مُرَجِّح أو جامع.

فرجَّحَ إسماعيلُ بنُ إسحاقَ القاضي روايةَ عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه - على رواية هشامٍ، وتكلَّم في رواية هشام هذه فقال:"بلغني عن يحيى القطان أنه كان ينكرُ أشياءَ حَدَّثَ بها هشامٌ في آخر عمره لما سَاءَ حفظه"(فتح الباري لابن رجب 2/ 221).

ونقلَ الخلافَ العراقيُّ في (طرح التثريب)، فحَاولَ التوفيقَ والجمعَ، ومع ذلك مالَ في آخرِ البحثِ إلى أن روايةَ ابنِ القاسمِ عن أبيه أثبتُ وأصحُّ، فقال: "اختلفتْ طرقُ الحديثِ في تعيين المكان الذي ضَاعَ فيه العِقدُ؛ فقالَ مالكٌ ما تقدَّمَ، ورواه هشامُ بنُ عروةَ عن أبيه فاختُلفَ عليه فيه، فأكثرُ الرُّواةِ عنه لم يذكروا المكان، وهو الموجودُ في الكتبِ الخمسةِ المتقدمةِ، ورواه سفيانُ بنُ عيينةَ عنه فقال فيه:((إنها سقطتْ قلادتُها ليلةَ الأبواءِ)). كذا رواه الحميديُّ في (مسند سفيان)، ورواه عليُّ بنُ مُسْهِرٍ عن هشامٍ فقال:((وكان هذا المكان يقال له الصلصل) رواه ابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد).

ورواه حمادُ بنُ سلمةَ عن هشامٍ فقال فيه: فأَرْسَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رجلين إلى المُعَرَّسِ يلتمسان القلادة. فأما حديثُ سفيانَ فهو مخالفٌ لحديثِ

ص: 182

مالكٍ؛ لأن الأبواءَ جبلٌ بين مكةَ والمدينةِ.

وأما روايةُ عليِّ بنِ مُسْهرٍ فيجوزُ أن يكونَ صلصل في جهةِ ذاتِ الجيشِ.

وأما روايةُ حمادِ بنِ سلمةَ فليسَ فيها مخالفةٌ؛ لأنه لم يُرَدْ بالمُعَرَّسِ مكانٌ معروفٌ، وإنما أُريدَ المكان الذي عَرَّسوا فيه، فإنه قال في أول حديثه:(فعرَّسُوا) وكذا في حديث عمار بن ياسر الآتي.

ورواية مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أصح وأثبت، ويشهدُ لها حديثُ عمارِ بنِ ياسرٍ" (طرح التثريب 2/ 95).

وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "ليس اختلاف النَّقَلة في العقد والقلادة ولا في الموضع الذي سقط ذلك فيه لعائشة ولا في قول القاسم عن عائشة: (عقدٌ لي) وقول هشام: (إن القلادةَ استعارتها من أسماء عائشة) ما يقدحُ في الحديثِ ولا يُوهِنُ شيئًا منه؛ لأن المعنى المراد من الحديث والمقصود إليه هو نزول آية التيمم، ولم يختلفوا في ذلك"(التمهيد 19/ 268).

وكذا أشارَ لهذا الخلافِ ابنُ رجبٍ مائلًا لترجيحِ رواية ابن القاسم عن هشامٍ فقال: "قد سبق: أن روايةَ هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ لهذا الحديثِ -تخالفُ روايةَ عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة؛ فإن عبدَ الرحمنِ ذَكَرَ في روايته: أن عقدًا لعائشةَ انقطعَ، وأنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَقَامَ على التماسه، وأنه نَامَ حتَّى أَصْبَحَ على غيرِ مَاءٍ، فنزلتْ آيةُ التيممِ.

وأما عروة فذكر في روايته أن قِلادةً لأسماء استعارتها عائشة فهلكتْ -يعني: أنهم فقدوها-، فأَرْسَلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في طلبها فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلَّوا فشكَوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلتْ آيةُ التيممِ.

وفي حديثِ ابنِ القاسمِ، عن أبيه: أنهم بَعَثُوا البعيرَ، فوجدوا العِقدَ

ص: 183

تحته.

وفي حديثِ ابنِ عروةَ، عن أبيه: أن الذين أرسلهم في طلبها وجدوها.

فَزَعَمَ بعضُ الناسِ أن عائشةَ كان لها عِقدٌ انقطعَ وقلادة فُقدتْ، فَأَرْسَلَ في طلبِ القلادةِ وأقاموا على التماسِ العقدِ، وفي هذا نظر. والله أعلم.

ورجَّحَتْ طائفةٌ روايةَ مالكٍ، عنِ ابنِ القاسمِ، عن أبيه- على روايةِ هشامٍ، عن أبيه. ومنهم: القاضي إسماعيلُ المالكيُّ، وقال: بلغني عن يحيى القطان أنه كان ينكرُ أشياءَ حَدَّثَ بها هشامٌ في آخرِ عمره لما ساءَ حفظه" (فتح الباري 2/ 220).

بينما ذهبَ الحافظُ ابنُ حَجرٍ وسبقه جماعةٌ، إلى عدمِ المعارضةِ، وأن الجمعَ ممكنٌ، فقال -بعد ذكرِ الخلافِ المتقدمِ، وكلام ابن عبد البر- معقبًا عليه: "كلامه يُشْعِرُ بتعذرِ الجمعِ بين الروايتين، وليس كذلك بل الجمعُ بينهما ممكنٌ بالتعبيرِ عن القِلادةِ بالعِقدِ. وبأن إضافتها لأسماءَ رضي الله عنها إضافة مِلكٍ وإلى عائشةَ إضافة يد. وبأن انسلالها كان بسبب انقطاعها، وبأن الإرسالَ في طلبها كان في ابتداءِ الحالِ، ووجدانها كان في آخره بعد أن بعثوا البعير.

وأما قوله: (إن الذين ذهبوا في طلبها هم الذين وجدوها) فلا بُعْد فيه أيضًا؛ لاحتمال أن يكون وجدانهم إيَّاها بعد رجوعهم.

وإذا تَقَرَّرَ ذلك كانت القضية واحدة وليس فيها مخالفة، إلا أن في رواية عروة زيادة على ما في رواية القاسم من ذكر صلاة المبعوثين في طلبها بغير وضوء، ولا اختلاف ولا تعارض" (النكت على مقدمة ابن الصلاح 2/ 805 - 806).

التنبيه الثاني: غَمَزَ ابنُ المنذرِ في زيادة: ((فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ)) فقال: "إن كان

ص: 184

هذا محفوظًا، قوله:((صَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ))، قد حفظه عبدة؛ فإني لم أجده من غير حديثه، ففيه كالدليلِ على أنه لا إعادةَ على مَن صلَّى في الوقتِ الذي لا يجد ماءً ولا ترابًا بغير طهارة؛ لأن فرضَ أولئك قبل نزول آية التيمم كان الوضوء بالماء، فإذا كانوا صلَّوا في تلك الحال بغير طهور، ولم يُؤمروا بالإعادة، كان كذلك مَن كان في مثل حالهم، وقد أعوزه ما يتطهر به فصلَّى، فلا إعادةَ عليه. هذا إذا كان الحرف الذي في حديث عبدة محفوظًا" (الأوسط 2/ 164 - 165)

قلنا: قد تقدَّمَ اتِّفاقُ الرّواةِ على هشامٍ في ذكرِ هذه اللفظةِ؛ ولذا تعقبه الحافظُ ابنُ حَجرٍ فقال: "وأغربَ ابنُ المنذرِ فادَّعَى أن عبدةَ تفرَّدَ بهذه الزيادةِ"(فتح الباري 1/ 441).

والذي يظهرُ لنا أن ابنَ المنذرِ لم يُرِد تفرد عبدة بهذه الزيادة، وإنما أرادَ هشام بن عروة، وذلك لتفرده بها عن أبيه دون عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه القاسم. وكذا روى الحديثَ يحيى بنُ عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة، فلم يذكرْها كما عند أحمد (26341).

* * *

ص: 185

رِوَايَةُ بعث أسيد

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسَيْدَ بنَ حُضَيْرٍ وَنَاسًا [مَعَهُ] يَطْلُبُونَ قِلَادَةً كَانَتْ لِعَائِشَةَ نَسِيَتْهَا (أَضَلَّتْهَا) فِي مَنْزِلٍ نَزَلَتْهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسُوا عَلَى وُضُوءٍ، (وَلَمْ يَجِدُوا مَاءً، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل آيَةَ التَّيَمُّمِ) قَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لِكِ وَلِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا)).

[الحكم]:

صحيحُ المتنِ، دون "تعيين المُرْسَل" فَشَاذٌّ.

[التخريج]:

[د 317 (والزيادة والرواية له) / ن 327 (واللفظ له) / كن 382/ حق 583/ سراج 5/ مشكل 2458/ عه 930/ تمهيد (19/ 268) / غو (1/ 365) / محلى (2/ 141) / ثعلب 1141/ نبلا (11/ 468)].

[السند]:

أخرجه أبو داود في (سننه) -ومن طريقه أبو عَوانة قي (مستخرجه)، وابنُ عبدِ البرِّ في (التمهيد)، وابنُ بشكوال في (غوامض الأسماء)، وغيرهم- قال: حدثنا عبد الله بن محمد النُّفَيْلي، أخبرنا أبو معاوية، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، أخبرنا عبدة -المعنى واحد-، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة به.

ورواه إسحاقُ في (مسنده) -وعنه النسائي في (سننه)، وغيره- قال: أخبرنا أبو معاوية به.

ورواه السراجُ في (مسنده) قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، وهنَّاد بن

ص: 186

السَّري عن أبي معاوية به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ أبو معاوية هو محمد بن خازم الضرير، متكلَّمٌ في روايته عن غير الأعمش، وخاصة في هشام بن عروة، قال أبو داود:"قلتُ لأحمدَ: كيف حديث أبي معاوية عن هشام بن عروة؟ قال: فيها أحاديث مضطربة، يرفعُ منها أحاديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم"(مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود صـ 301).

وقال الأثرمُ: "قلتُ لأبي عبد الله: أبو معاوية، صحيح الحديث عن هشام؟ قال: لا، ما هو بصحيح الحديث عنه"(شرح علل الترمذي 2/ 680).

قال أبو داود: "أبو معاوية إذا جازَ حديث الأعمش كثر خطؤه يخطئ على هشام بن عروة، وعلى إسماعيل، وعلى عبيد الله بن عمر"(سؤالات الآجري 466).

وقال الحافظُ ابنُ حجرٍ: "ثقةٌ، أحفظُ الناسِ لحديثِ الأعمشِ، وقد يَهِمُ في حديثِ غيرِهِ"(التقريب 5841).

وقد ذَكَرَ له أبو داود متابعًا، حيثُ قَرَنَ معه رواية عثمان بن أبي شيبة عن عبدة عن هشام بن عروة، ولكنه قال:"المعنى واحد"، فإما أن يريدَ أبو داود رحمه الله اتِّفَاقه معه في أصلِ الحديثِ دون ذِكر أُسيدٍ في المتنِ، أو يريد الاتفاق في المتن كله. فإن كان الثاني فرواية عثمان هذه تكون شاذة؛ وذلك لمخالفة الجماعة له على عبدة، حيث لم يذكروا فيمن أرسله النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلا إبهامًا، وهؤلاء الجماعة هم:

ص: 187

محمد بن سلام البيكندي كما عند البخاري (4583).

إسحاق بن راهويه كما عند البخاري (5882)، وغيره.

أبو سعيد الأشج كما عند ابن أبي حاتم في (التفسير 5370).

هارون بن إسحاق كما عند الجورقاني في (الأباطيل 365).

فرواه أربعتهم عن عبدة بن سليمان، لم يعيينوا فيه مَن أرسله النبيُّ صلى الله عليه وسلم لالتماسِ العقدِ في المنزلِ.

وقد تابع عبدة على هذا الوجه جماعة، وهم:

أبو أسامة -وكان من أعلم الناس بحديث هشام بن عروة-، أخرجَ روايتَه البخاريُّ (3773)، ومسلمٌ (367)، وغيرهما.

عبد الله بن نمير كما عند البخاري (336)، وغيره.

ابن بِشْرٍ كما عند مسلم (367).

حميد بن الأسود كما عند الطبراني في (الكبير 23/ 49/ 130).

علي بن مسهر كما عند جعفر الفريابي في الطهارة كما في (فتح الباري 1/ 432) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 19/ 267)، وغيره-.

حماد بن سلمة كما عند ابن عبد البر في (التمهيد 19/ 269).

سفيان بن عيينة كما عند الحميدي في (مسنده 165) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد 19/ 268) -.

فرووه -سبعتُهُم- عن هشام بن عروة بسنده، لم يعينْ أحدٌ منهم المرْسَلَ، مع اختلافهم على هشامٍ في عددهم كما سبقَ وبَيَّنا.

ص: 188

ومع ذلك فقد حاولَ الحافظُ توجيه هذه الرواية فقال: "وطريقُ الجمعِ بين هذه الروايات أن أُسيدًا كان رأس مَنْ بُعِثَ لذلك فلذلك سُمِّيَ في بعض الروايات دون غيره. وكذا أُسْنِدَ الفعل إلى واحدٍ مبهم وهو المراد به، وكأنهم لم يجدوا العقد أولًا، فلما رجعوا ونزلتْ آيةُ التيممِ وأرادوا الرحيلَ وأثاروا البعير؛ وجده أسيد بن حضير. فعلى هذا فقوله في رواية عروة الآتية: (فوجدها) أي: بعد جميع ما تقدم من التفتيش وغيره"(فتح الباري 1/ 435).

رِوَايَةُ وَكَانَ ذَلِكَ المَكَانُ يُقَالَ لَهُ الصُّلْصُلُ

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلَادَةً لَهَا وَهِيَ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْسَلَّتْ مِنْهَا، وَكَانَ ذَلِكَ المَكَانُ يُقَالَ لَهُ الصُّلْصُلُ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَطَلَبُوهَا حَتَّى وَجَدُوهَا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ لَهَا أُسَيْدُ بنُ الحُضَيْرِ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، فَوَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ فِيهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ خَيْرًا)).

[الحكم]:

إسنادُهُا صحيحٌ.

[الفوائد]:

قال الحافظُ: "الصُّلْصُل، بمهملتين مضمومتين ولامين الأولى ساكنة بين الصادين، قال البكري: هو جَبَلٌ عند ذي الحليفة. كذا ذكره في حرف الصاد المهملة، ووهم مغلطاي في فهم كلامه فزعم أنه ضبطه بالضاد المعجمة

ص: 189

وقلَّده في ذلك بعض الشراح وتصرف فيه فزاده وهمًا على وهم" (فتح الباري 1/ 432).

[التخريج]:

[الطهارة لجعفر الفريابي (فتح 1/ 432) / تمهيد (19/ 267) (واللفظ له) / حداد 2733].

[السند]:

رواه جعفر الفريابي كما في (الفتح لابن حجر) -ومن طريقه ابن عبد البر في (التمهيد)، وأبو نعيم الحداد في (الجامع) - قال: قال: حدثنا منجاب

(1)

بن الحارث عن علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجاله ثقات، منجابٌ هو ابنُ الحارثِ، ثقةٌ من رجالِ مسلمٍ (التقريب 6882).

ولا معارضة بين هذه الرواية حيثُ ذكرَ فيه موضع قطع القلادة وذلك في الصلصل، ولا بين ما ذُكر في كونها وقعت في البيداء أو ذات الجيش،

قال العراقيُّ -بعد ذِكر الخلاف-: " وأما رواية علي بن مسهر فيجوزُ أن يكون صلصل في جهة ذات الجيش"(طرح التثريب 2/ 95).

وقال ابنُ حجرٍ: "وفي رواية علي بن مسهر في هذا الحديث عن هشام

(1)

- وقع في المطبوع من التمهيد: (منجلب)، وهو تصحيف ظاهر، وقد جاء على الصواب في (التمهيد ط هجر 3/ 418): وعلق محققه قائلًا: في م: (منجلب).

ص: 190

قال: وكان ذلك المكان يقال له الصلصل. رواه جعفر الفريابي في كتاب الطهارة له وابنُ عبد البرِّ من طريقه" (فتح الباري 1/ 433).

رِوَايَةُ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((أَنَّهَا سَقَطَتْ قِلَادَتُهَا لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِنَ المُسْلِمِينَ فِي طَلَبِهَا، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَصْنَعَانِ؟ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللَّهُ خَيْرًا، مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ تَكْرَهِينَه إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ لَكِ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا)).

[الحكم]:

إسنادُهُ صحيحٌ.

[الفوائد]:

قال الحافظُ: "الأَبْواءُ -بفتح الهمزة وسكون الموحدة- قريةٌ من الفرعِ من عمل المدينة، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلًا قيل: سميت بذلك للوباء الذي بها، ولا يصحُّ ذلك إلا على القلب"(فتح الباري 1/ 74).

[التخريج]:

[حمد 165 (واللفظ له) / تمهيد (19/ 268) / غو (1/ 264)].

[السند]:

رواه الحميديُّ -ومن طريقه ابن عبد البر، وابن بشكوال-، قال: حدثنا

ص: 191

سفيان (وهو ابن عيينة) قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ صحيحٌ رجاله ثقات رجال الشيخين.

وقد تقدَّمَ الجمعُ بين هذه الرواية وما قبلها قريبًا.

[تنبيه]:

عزا القرطبيُّ الحديثَ للترمذيِّ فقال: "أخرجه الترمذيُّ، حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة

"؛ فذكرَ الحديثَ. (تفسير القرطبي 5/ 215).

وكذا عزاه للترمذي مغلطاي (شرح ابن ماجه 2/ 324)، وغيره.

قلنا: لم نقفْ عليه في شيءٍ من مصنفات أبي عيسى الترمذي، ولعلَّهم أرادوا محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي الترمذي، فإنه صاحب تصانيف كما في (تاريخ الإسلام 6/ 603).

وقد أخرجه ابنُ عبدِ البرِّ من طريقه عن الحميديِّ به، كما تقدَّم.

ص: 192

رِوَايَةُ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِتُرْبَانَ

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ: ((أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِتُرْبَانَ -بَلَدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ المَدِينَةِ بَرِيدٌ وَأَمْيَالٌ- وَهُوَ بَلَدٌ لَا مَاءَ بِهِ، وَذَلِكَ مِنَ السَّحَرِ، انْسَلَّتْ قِلَادَةٌ لِي مِنْ عُنُقِي فَوَقَعَتْ، فَحُبِسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِالْتِمَاسِهَا حَتَّى طَلَعَ الفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ القَوْمِ مَاءٌ.

قَالَتْ: فَلَقِيتُ مِنْ أَبِي مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ مِنْ التَّعْنِيفِ وَالتَّأْفِيفِ، وَقَالَ: فِي كُلِّ سَفَرٍ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْكِ عَنَاءٌ وَبَلَاءٌ!!

قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ الرُّخْصَةَ بِالتَّيَمُّمِ. قَالَتْ: فَتَيَمَّمَ القَوْمُ، وَصَلَّوْا. قَالَتْ: يَقُولُ أَبِي حِينَ جَاءَ مِنَ اللَّهِ مَا جَاءَ مِنْ الرُّخْصَةِ لِلْمُسْلِمِينَ: وَاللَّهِ -مَا عَلِمْتُ يَا بُنَيَّةُ- إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ، مَاذَا جَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ فِي حَبْسِكِ إِيَّاهُمْ مِنَ البَرَكَةِ وَاليُسْرِ.

[الحكم]:

إسنادُهُ حسنٌ.

[التخريج]:

[حم 26341].

[السند]:

رواه أحمد: عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ حسنٌ؛ رجاله ثقات، رجال الصحيح، عدا يحيى بن عباد وابن إسحاق.

ص: 193

فأما يحيى فهو ثقة، روى له أصحاب السنن كما في (التقريب 7575).

وأما ابنُ إسحاقَ فاستشهدَ به البخاريُّ، وروى له مسلمٌ في المتابعاتِ كما في (تهذيب الكمال 24/ 429)، وهو صدوقٌ يدلسُ كما في (التقريب 5725)، وقد صرَّحَ بالتحديثِ، فانتفتْ شبهةُ تدليسه، والحديثُ صحيحٌ بما سبقَ.

رِوَايَةُ: لما كان من أمر عقدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((قَالَتْ: لَمَّا كَانَ مِنْ أَمْرِ عِقْدِي مَا كَانَ، وَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا، فَخَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ أُخْرَى، فَسَقَطَ أَيْضًا عِقْدِي، حَتَّى حَبَسَ التِمَاسُهُ النَّاسَ، وَطَلَعَ الفَجْرُ، فَلَقِيتُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ مَا شَاءَ اللهُ، وَقَالِ لِي: يَا بُنَيَّةُ، فِي [كُلِّ] سَفَرٍ تَكُونِينَ عَنَاءً وبلاءً، وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ!! فَأَنْزَلَ اللهُ الرُّخْصَةَ بِالتَّيَمُّمِ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا وَاللهِ يَا بُنَيَةُ إِنَّكِ لَمَا عَلِمْتُ مُبَارَكَةٌ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ جدًّا بهذا اللفظِ، وضَعَّفَ إسنادَهُ الحافظُ ابنُ حَجرٍ، وأصلُ القصةِ صحيحٌ بغيرِ هذا السياقِ كما سبقَ.

[التخريج]:

[طب (23/ 121/ 159) (واللفظ له) / شب (1/ 348) (والزيادة له)].

[السند]:

قال الطبرانيُّ: حدثنا القاسم بن عباد الخطابي، ثنا محمد بن حميد

ص: 194

الرازي، ثنا سلمة بن الفضل، وإبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، به.

ورواه عمر بن شبة في (تاريخ المدينة): حدثنا محمد بن حميد قال: حدثنا سلمة بن الفضل، وعلي بن مجاهد، وإبراهيم بن المختار، عن محمد بن إسحاق، به.

[التحقيق]:

هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا مسلسلٌ بالضعفاءِ؛ فمحمدُ بنُ حمُيدٍ هو الرازيُّ؛ كَذَّبه أبو زرعةَ وغيرُهُ، ووَثَّقَهُ آخرون. وقال الذهبيُّ:"وثَّقَهُ جماعةٌ، والأَوْلَى تركه"، وضَعَّفَهُ الحافظُ في (التقريب 5834)، وأَعلَّ به هذه الرواية في (الفتح 1/ 435).

وأما شيوخ ابن حميد:

فعلي بن مجاهد الكندي الرازي الكابلي، وهو "متروك" كما في (التقريب 4790).

وإبراهيم بن المختار، وهو "ضعيفُ الحفظِ" كما في (التقريب 245).

وسلمة بن الفضل "صدوقٌ كثيرُ الخطأ"، كما في (التقريب 2505).

ورغم ذلك حَسَّنَ إسنادَهُ مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 324).

وقد خالفهم إبراهيم بن سعد الزهري -وهو ثقةٌ حجةٌ من رجالِ الشيخين كما في (التقريب 177) -؛ فرواه عنِ ابنِ إسحاقَ، قال: حدثني يحيى بن عباد به، بغيرِ هذا اللفظِ كما في الرواية السابقة.

ص: 195

رِوَايَةُ فى غزوة المُرَيْسِيعِ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنْ عَبَّادِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الزّبَيْرِ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: حَدِّثِينَا يَا أُمَّهُ حَدِيثَكِ فِى غَزْوَةِ المُرَيْسِيعِ.

قَالَتْ: يَا ابنَ أَخِي، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا خَرَجَ فِي سَفَرٍ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا، وَكَانَ يُحِبُّ أَلَّا أُفَارِقَهُ فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ.

فَلَمَّا أَرَادَ غَزْوَةَ المُرَيْسِيعِ أَقْرَعَ بَيْنَنَا، فَخَرَجَ سَهْمِي وَسَهْمُ أُمِّ سَلَمَةَ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ، فَغَنَّمَهُ اللهُ أَمْوَالَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ، ثُمَّ انْصَرَفْنَا رَاجِعِينَ.

فَنَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْزِلًا لَيْسَ مَعَهُ مَاءٌ، وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَى مَاءٍ. وَقَدْ سَقَطَ عِقْدٌ لِي مِنْ عُنُقِي، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَقَامَ بِالنّاسِ حَتَّى أَصْبَحُوا، وَضَجَّ النَّاسُ وَتَكَلَّمُوا وَقَالُوا: احْتَبَسَتْنَا عَائِشَةُ.

وَأَتَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالُوا: أَلَا تَرَى إِلَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ حَبَسَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

وَالنّاسُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ. فَضَاقَ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَجَاءَنِي مُغَيِّظًا فَقَالَ: أَلَا تَرَيْنَ مَا صَنَعَتِ بِالنَّاسِ؟ حَبَسْتِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَالنّاسُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي عِتَابًا شَدِيدًا، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلَا يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، رَأْسُهُ عَلَى فَخِذِي وَهُوَ نَائِمٌ.

فَقَالَ أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ: وَاللهِ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَنْزِلَ لَنَا رُخْصَةٌ، وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي بِيَعِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ،

ص: 196

وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا حَيْثُمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ)).

فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ: وَكَانَ أُسَيْدٌ رَجُلًا صَالِحًا فِي بَيْتٍ مِنَ الأَوْسِ عَظِيمٍ.

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ، وإسنادُهُ تالفٌ، وقصةُ ضياعِ العِقْدِ ونُزُولِ آيةِ التَّيَمُّمِ صحيحٌ كما تقدَّمَ.

[التخريج]:

[واقدي (2/ 426 - 427)].

[السند]:

قال الواقديُّ: حدثني يعقوب بن يحيى بن عباد، عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ تالفٌ؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:

الأولى: الواقديُّ محمد بن عمر بن واقد، وهو متروكٌ متهمٌ بالكذبِ ووضعِ الحديثِ.

الثانية: شيخه؛ يعقوب بن يحيى بن عباد بن الزبير، قال فيه الحافظ:"مجهولُ الحالِ"(التقريب 7836).

الثالثة: شيخه؛ عيسى بن معمر الحجازي، قال فيه الحافظ:"لَيِّن الحديث"(التقريب 5327).

وقد خُولِفَ ممن هو أوثق منه، وهو يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير؛ فرواه عن أبيه بغير هذا السياق كما تقدَّمَ.

ص: 197

رِوَايَةُ بالمُعَّرس

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَزْوَةٍ لَهُ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالمُعَرَّسِ قريبًا مِنَ المَدِينَةِ نَعِسْتُ مِنَ اللَّيْلِ، وَكَانَتْ عَلَيَّ قِلَادَةٌ تُدْعَى السِّمْطَ تَبْلُغُ السُّرَّةَ، فَجَعَلْتُ أَنْعَسُ، فَخَرَجَتْ مِنْ عُنُقِي، فَلَمَّا نَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الصُّبْحِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، خَرَّتْ قِلَادَتِي مِنْ عُنُقِي. فَقَالَ: ((أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أُمَّكُمْ قَدْ ضَلَّتْ قِلَادَتَهَا، فَابْتَغُوهَا))، فَابْتَغَاهَا النَّاسُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَاشْتَغَلُوا بِابْتِغَائِهَا إِلَى أَنْ حَضَرَتْهُمُ الصَّلَاةُ، وَوَجَدُوا القِلَادَةَ، وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى مَاءٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ تَيَمَّمَ إِلَى الكَفِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَيَمَّمَ إِلَى المَنْكِبِ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى جَسَدِهِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأُنْزِلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ)).

[الحكم]:

منكرٌ بهذا السياقِ، وضَعَّفَهُ بدرُ الدينِ العينيُّ.

[التخريج]:

[طح (1/ 111)].

[السند]:

أخرجه الطحاويُّ قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عمي عبد الله بن وهب، عن ابن لهيعة، عن أبي الأسود حدَّثَه أنه سمع عروة يخبره عن عائشة به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه عبد الله بن لهيعة، والعمل على تضعيف حديثه كما تقدَّمَ مِرارًا.

وبه أعلَّه العينيُّ في (نخب الأفكار 2/ 405).

ص: 198

وفيه -أيضًا- أحمد بن عبد الرحمن، هو ابنُ أخي ابن وهب، روى له مسلمٌ، ووثَّقَهُ جماعةٌ، وخلط بأخرة في أحاديث لكنه رَجَعَ عنها، وقد تكلَّمَ فيه أهلُ بلدِهِ لأجلِ تفرده عن عمِّه بأحاديثَ. انظر ترجمته من (تهذيب التهذيب 1/ 48).

قال ابنُ عَدِيٍّ: ((ومَنْ ضَعَّفَهُ أنكر عليه أحاديث وكثرة روايته عن عمِّه، وحرملة أكثر رواية عن عمِّه منه، وكل ما أَنْكَرُوه عليه فمحتملٌ وإن لم يروه عن عمِّه غيره، ولعلَّه خَصَّه به)) اهـ. (التهذيب 1/ 48).

وقال الحافظُ: "صدوقٌ، تغيَّر بأَخَرَةٍ"(التقريب 67).

قلنا: وسياقُ هذا الحديثِ منكرٌ يُخَالفُ روايات الثقات الذين رووا قصة عائشة رضي الله عنها، فالثابتُ من روايةِ الثقاتِ أن الصحابةَ الذين ذهبوا يتفقدون العِقْدَ صلَّوا بلا وُضُوءٍ ولا تَيَمُّمٍ -لأنه لم يكن قد شُرع بعد- حتى نزلت الآيةُ بمشروعيةِ التَّيَمُّمِ، فكيفَ عرفَ الصحابةُ التَّيَمُّمَ قبلَ أن يُشْرَعَ لهم؟ ! !

وذَهَبَ الطحاويُّ إلى أن آيةَ التَّيَمُّمِ لم تَنْزِلْ كاملةً، بل نَزَلَ الأمرُ بالتَّيَمُّمِ، فَتَيَمَّمُوا هذا التَّيَمُّمَ المختلف فيه، ثم نَزَلَ بعد ذلك صفة التَّيَمُّمِ، وهذا يرده ما في الصحيحِ أن آيةَ التَّيَمُّمِ نزلتْ كاملةً.

وفي المتنِ نكارةٌ أُخرى، وذلك في قولها:((فَلَمَّا نَزَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الصُّبْحِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ خَرَّتْ قِلَادَتِي مِنْ عُنُقِي))؛ فالثابتُ في (الصحيح) أَنَّها أَخْبَرتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك قبل صلاة الصبح بكثير، وفي روايةِ ابنِ إسحاقَ أنَّ ذلك كان في السَّحرِ.

وكذلك قولها: ((وكَانَتْ عَلَيَّ قِلَادَةٌ تُدْعَى السِّمْطَ، تَبْلُغُ السُّرَّةَ))، فهذا مما تفرَّدَ به ابنُ لهيعةَ، ولم يذكره في الحديثِ أحدٌ غيره.

ص: 199

والحملُ في هذا الحديثِ على ابنِ لهيعةَ وإن كان من روايةِ أحدِ العبادلةِ عنه؛ فإن مخالفةَ الراوي لمن هو أوثق وأحفظ، أو لمن هم أكثر عددًا دليل على خطأ روايته، وإن كان ثقة، فكيف بمن تُكلم فيه؟!!

رِوَايَةُ وَالمَاءُ بَعِيدٌ

• وَفِي رِوَايَةٍ، قَالَتْ:((بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ إِذْ سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي، فَأَقَمْتُ فِي طَلَبِهَا فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: مَا حَبَسَكِ؟! قُلْتُ: سَقَطَتْ قِلَادَتِي، فَأَقَمْتُ فِي طَلَبِهَا فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهَا! فَقَالَ: قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ قِلَادَةٍ، حَبَسَتِ النَّاسَ، وَالمَاءُ بَعِيدٌ!! فَجَاءَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعَ مَا يَقُولُ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا؟)) فَقُلْتُ: سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لِي. قَالَتْ: فَأُنِيخَ بَعِيرِي وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فَصَلَّيْنَا الصُّبْحَ وَبُعِثَ بَعِيرِي. فَإِذَا أَنَا بِالقِلَادَةِ)).

[الحكم]:

ضعيفٌ.

[التخريج]:

[حق 1265/ سراج 3/ طبر (7/ 79)

(1)

/ ثعلب 1143].

[السند]:

رواه إسحاقُ بنُ راهويه -ومن طريقه السراج-، قال: أخبرنا النضر، نا صالح بن رستم، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، به.

(1)

سقط هذا الحديث من (ط. ابن تيمية) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر.

ص: 200

ورواه الطبريُّ من طريقِ ابنِ أبي عَدِي.

والثعلبيُّ من طريقِ روحِ بنِ عُبادة.

كلاهما عن أبي عامر صالح بن رستم، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: صالح بن رستم المزني أبو عامر الخزاز، مختلفٌ فيه، ولخَّص حالَهُ الحافظُ فقال:"صدوقٌ كثيرُ الخطأ"(التقريب 2861).

وقد أخطأَ في سندِهِ ومَتْنِهِ، وهي العلةُ الثانيةُ:

أما السندُ: فقد خالفه من هو أوثق منه، وهو أيوب السختياني -ثقةٌ ثبتٌ حجةٌ، (التقريب 605) -؛ فرواه عنِ ابنِ أبي مليكةَ مرسلًا، كما سيأتي.

وأما المتنُ: فالمحفوظُ فيه ما في الصحيح أنهم صلَّوا الصبح بغيرِ وُضُوءٍ ولا تَيَمُّمٍ، حتَّى نَزَلتْ آيةُ التيممِ وليس العكس، كما سبقَ، وكذا ليس فيه:((قَبَّحَهَا اللَّهُ مِنْ قِلَادَةٍ)).

ص: 201

3026 -

حَدِيثُ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ مرسلًا

◼ عَنِ ابنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي سَفَرٍ، فَفَقَدَتْ عَائِشَةُ قِلَادَةً لَهَا، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالنُّزُولِ، فَنَزَلُوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالَ لَهَا: شَقَقْتِ عَلَى النَّاسِ -وَقَالَ أَيُّوبُ بِيَدِهِ، يَصِفُ أَنَّهُ قَرَصَهَا-، قَالَ: وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، وَوُجِدَتِ القِلَادَةُ فِي مُنَاخِ البَعِيرِ، فَقَالَ النَّاسُ: مَا رَأَيْنَا قطُّ امْرَأَةً أَعْظَمَ بَرَكَةً مِنْهَا)).

[الحكم]:

ضعيفٌ لإرسالِهِ.

[التخريج]:

[طبر (7/ 76)].

[السند]:

قال الطبريُّ: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، عن أيوب، عنِ ابنِ أبي مُلَيْكَةَ به، مرسلًا.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ إلا أنه مرسلٌ؛ فابنُ أبي مليكةَ من الوسطى من التابعين، فلم يشهدْ هذه القصةَ.

ص: 202

3027 -

حَدِيثُ عَمَّارٍ

• عَنْ عَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَرَّسَ بِأُولَاتِ (بِذَاتِ) 1 الجَيْشِ، وَمَعَهُ عَائِشَةُ [زَوْجَتُهُ] 1، فَانْقَطَعَ عِقْدٌ لَهَا مِنْ جَزْعِ ظَفَارِ، فَحُبِسَ النَّاسُ ابْتِغَاءَ عِقْدِهَا ذَلِكَ، حَتَّى أَضَاءَ الفَجْرُ، وَلَيْسَ مَعَ النَّاسِ مَاءٌ!! فَتَغَيَّظَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: حَبَسْتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذكره عَلَى رَسُولِه صلى الله عليه وسلم [فَتَيَمَّمُوا] 2 رُخْصَةَ التَّطَهُّرِ (التَّيَمُّمِ) 2 بِالصَّعِيدِ الطَّيِّبِ، فَقَامَ المُسْلِمُونَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبُوا بِأَيْدِيهِمْ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعُوا أَيْدِيَهُمْ وَلَمْ يَقْبِضُوا (يَنْفُضُوا) 3 مِنَ التُّرَابِ شَيئًا، فَمَسَحُوا بِهَا وُجُوهَهُمْ وَ] ظَاهَرَ] 3 أَيْدِيَهُمْ إِلَى المَنَاكِبِ، وَمِنْ بِطُونِ أَيْدِيهِمْ إِلَى الآبَاطِ)). [فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ فَقَالَ:((مَا عَلِمْتُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ))] 4.

وَفِي رِوَايَةٍ: وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنهما: ((وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ)) 3.

[الحكم]:

منكرُ المتنِ، أنكره العلماءُ على الزهريِّ فيما حكاه إسماعيلُ بنُ أُميَّةَ، وكان الزهريُّ يقولُ:"لا يَعتبر بهذا الناس"، وقال ابنُ عيينةَ:"لا يؤخذُ بهذا" وقال أحمدُ بنُ حنبلٍ: "ليس بشيء"، وقال -أيضًا-:"ما أرى العمل عليه"، وأنكره جدًّا ابنُ رجبٍ الحنبليُّ، وقال عبدُ الحقِّ:"الصحيحُ المشهورُ في صفةِ التَّيَمُّمِ من تعليمِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إنما هو للوجه والكفين"، وأقرَّه ابنُ القطانِ.

وإسنادُهُ مضطربٌ، قال أحمدُ:"اختلفوا في إسنادِهِ" وكذا قال ابنُ رجبٍ، وأشارَ لذلك أبو داود، والبزارُ، وقال ابنُ عبدِ البرِّ: "أحاديثُ عمَّارٍ في

ص: 203

التَّيَمُّمِ كثيرةُ الاضطرابِ، وإن كان رواتُها ثقات، وقال ابنُ العربي:"لا يصحُّ"، وقال ابنُ حَجرٍ:"ذَكَر أبو داود عِلَّتَهُ والاختلافَ فيه" وقال المباركفوريُّ: "لا يصلحُ للاحتجاجِ".

[اللغة]:

((عَرَّسَ)): نَزَلَ ليلًا ليستريح (النهاية 3/ 436).

و((الجَزْع)) -بفتح الجيم وسكون الزاي-: خرز يمني (النهاية 1/ 744).

و((ظفار)) -بكسر الظاء أو فتحها-: وهي اسم مدينة لحمير باليمن (النهاية 3/ 352).

[الفوائد]:

قال الخطابيُّ رحمه الله: "لم يختلفْ أحدٌ من أهلِ العلمِ أنه لا يلزمُ المُتَيَمِّمُ أن يمسحَ بالتُّرَابِ ما وراء المرفقين"(معالم السنن 1/ 99).

وقال ابنُ بطالٍ: "وأما التيمم إلى المناكب، فالأمة فى جميع الأمصار على خلافه"(شرح صحيح البخارى 1/ 480).

[التخريج]:

[د 320 (واللفظ له) / ن 319 (والرواية الثانية له والثالثة له ولغيرِهِ والزيادة الأولى له ولغيرِهِ) / كن 369 (والزيادة الثانية له) / جه 563 (والزيادة الرابعة له ولغيرِهِ) / حم 18322 (والرواية الثالثة له ولغيرِهِ) / مش 449 (والزيادة الثالثة له ولغيرِهِ) / عل 1629 (والرواية الأولى له ولغيرِهِ)، 1633/ جا 121/ طح (1/ 110 - 111) / طحق 106 .... ].

ص: 204

سيأتي تخريج الحديث وتحقيقه بمروياته تحت: (باب التيمم إلى المناكب والآباط).

ص: 205

3028 -

حَدِيثُ ابنِ عبَّاسٍ

◼ عَنِ ابنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ -مَوْلَى عَائِشَةَ-: أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ لِابنِ عَبَّاسٍ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تَمُوتُ، وَعِنْدَهَا ابنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: هَذَا ابنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ بَنِيكِ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنَ ابنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ تَزْكِيَتِهِ، فَقَالَ لَهَا عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَقِيهٌ فِي دِينِ اللَّهِ، فَأْذَنِي لَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْكِ وَلْيُوَدِّعْكِ، قَالَتْ: فَأْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ ابنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ سَلَّمَ وَجَلَسَ، وَقَالَ: أَبْشِرِي يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْكِ كُلُّ أَذًى، وَنَصَبٍ -أَوْ قَالَ: وَصَبٍ- وَتَلْقَيِ الأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ -أَوْ قَالَ: أَصْحَابَهُ- إِلَّا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكِ جَسَدَكِ.

فَقَالَتْ: وَأَيْضًا؟ فَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ((كُنْتِ أَحَبَّ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ [رَسُولُ اللَّهِ] يُحِبُّ إِلَّا طَيِّبًا)).

وَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، [جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ]، فَلَيْسَ فِي الأَرْضِ مَسْجِدٌ [مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ، يُذْكَرُ فِيهِ اللَّهُ] إِلَّا وَهُوَ يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ.

وَسَقَطَتْ قِلَادَتُكِ بِالأَبْوَاءِ، فَاحْتَبَسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي المَنْزِلِ، -وَالنَّاسُ مَعَهُ- فِي ابْتِغَائِهَا -أَوْ قَالَ: فِي طَلَبِهَا- حَتَّى أَصْبَحَ القَوْمُ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ (لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ)، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} الآيَةَ، فَكَانَ فِي ذَلِكَ رُخْصَةٌ لِلنَّاسِ عَامَّةً فِي سَبَبِكِ، فَوَاللَّهِ إِنَّكِ لَمُبَارَكَةٌ.

فَقَالَتْ: دَعْنِي يَا ابنَ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَا، فَوَاللَّهِ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نسْيًا مَنْسِيًّا

ص: 206

[الحكم]:

ضعيفٌ بهذا التمامِ، وأصلُهُ في (صحيح البخاري) بغيرِ هذا السياقِ.

[التخريج]:

[حم 2496 (والزيادات والروايتان له)، 3262 (واللفظ له) / عل 2648/ طب (10/ 321/ 10783) / فحم 1639/ سعد (10/ 74) / محتضر 217/ حد (1/ 323 - 324) / طبر (7/ 77) / جهمي 84 (ليس فيه نزول آية التيمم) / بشر (1/ 520 - 521) / حسن (حاشية ابن القيم على سنن أبي داود 13/ 30) / جوزي (تبصرة 1/ 473) / بشران (مجلسان 5) / فكر (4/ 234 - 235)].

[التحقيق]:

انظر الكلام عليه فيما يأتي.

ص: 207

رِوَايَةٌ مختصرةٌ

• وَفِي رِوَايَةٍ، عَنِ ابنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: جَاءَ ابنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي مَرَضِهَا، فَأَبَتْ أَنْ تَأْذَنَ لَهُ، فَقَالَ لَهَا بَنُو أَخِيهَا: ائْذَنِي لَهُ فَإِنَّهُ مِنْ خَيْرِ وَلَدِكِ. قَالَتْ: دَعُونِي مِنْ تَزْكِيَتِهِ. فَلَمْ يَزَالُوا بِهَا حَتَّى أَذِنَتْ لَهُ.

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: ((إِنَّمَا سُمِّيتِ أُمَّ المُؤْمِنِينَ لِتَسْعَدِي، وَإِنَّهُ لَاسْمُكِ قَبْلَ أَنْ تُولَدِي، إِنَّكِ كُنْتِ مِنْ أَحَبِّ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ إِلَّا طَيِّبًا، وَمَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقِي الأَحِبَّةَ إِلَّا أَنْ تُفَارِقَ الرُّوحُ الجَسَدَ، وَلَقَدْ سَقَطَتْ قِلَادَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ خِيَرَةً فِي ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى آيَةَ التَّيَمُّمِ وَنَزَلَتْ فِيكِ آيَاتٌ مِنَ القُرْآنِ، فَلَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ المُسْلِمِينَ إِلَّا يُتْلَى فِيهِ عُذْرُكِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ)).

فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنْ تَزْكِيَتِكَ لِي يَا ابنَ عَبَّاسٍ، فَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسِيًّا مَنْسِيًّا)).

[الحكم]:

ضعيفٌ بهذا التمامِ، وأصله في صحيح البخاري بغيرِ هذا السياقِ.

[التخريج]:

[حم 1905 (ليس فيه نزول آية التيمم) / ك 6895 (واللفظ له) / طبر (7/ 79) (مختصرًا) / لك 2754].

[التحقيق]:

انظر الكلام عليه فيما يأتي.

ص: 208

رِوَايَةُ عبد الرحمن بن أبي بكر

• وَفِي رِوَايَةٍ: قَالَ: ((جَاءَ عَائِشَةَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهَا. قَالَتْ: لَا حَاجَةَ لِي بِهِ. قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ:

)).

[الحكم]:

ضعيفٌ بهذا التمامِ، وأصله في صحيح البخاري بغيرِ هذا السياقِ.

[التخريج]:

[حب 7150 (واللفظ له) / حل (2/ 45) / علو 80].

[التحقيق]:

هذا الحديثُ مدارُهُ على عبد الله بن عثمان بن خُثَيْمٍ، وقد اختُلفَ عليه في إسناده، وخولف في متنه:

فأما الاختلاف عليه في الإسناد؛ فقد رُوي عنه على وجهين:

الوجه الأول: عن ابنِ خُثَيْمٍ عن ابنِ أبي مُلَيكَةَ، قال: جاء ابنُ عباسٍ يستأذنُ على عائشةَ

فذكرَ الحديثَ بلفظِ الروايةِ الثانيةِ.

أخرجه أحمدُ في (المسند 1905)، واللالكائي في (أصول الاعتقاد 2754) من طريقِ سفيانَ بنِ عيينةَ عن معمرٍ.

وأخرجه الطبريُّ في (التفسير) عن الحسنِ بنِ شبيبٍ.

وأخرجه الحاكمُ في (المستدرك 6895) من طريقِ الحميديِّ.

وأخرجه أبو نعيمٍ في (الحلية 2/ 45) -معلقًا- عن الحسينِ بنِ عليٍّ (وهو الجُعْفي).

-ثلاثتهم- عن سفيانَ بنِ عيينةَ.

ص: 209

وأخرجه ابنُ حِبَّانَ (7150)، وأبو نعيمٍ في (الحلية 2/ 45) -ومن طريقه ابنُ قدامةَ في (صفة العلو 65) - من طريقِ يحيى بنِ سُليمٍ الطائفيِّ.

ثلاثتهم (معمر، وسفيان، ويحيى) عن عبد الله

(1)

بن عثمان بن خُثَيْمٍ عنِ ابنِ أبي مليكةَ، به.

وهذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، عدا ابن خُثَيْمٍ، وهو مختلفٌ فيه، كما سيأتي.

وقد وقعَ وهم في رواية يحيى بنِ سُليمٍ، وذلك في ذكرِ مَن شفع لعائشةَ لدخولِ ابنِ عباسٍ حيثُ قال ابنُ أبي مليكةَ: "

قال عبدُ الرحمنِ بنُ أبي بكرٍ

" كما في الروايةِ الثالثةِ.

وهذا بلا شَكٍّ وهم فاحش؛ وذلك أن عبد الرحمن بن أبي بكر أخا عائشة قد مات قبلها، فكيف له أن يحضر وفاتها؟ ! وهذا من أوهام يحيى بن سليم أو من شيخه ابن خُثَيْمٍ، كما سيأتي.

الوجه الثاني: قد رُوي عنه تارة أخرى بزيادة راوٍ في إسنادِهِ:

فرواه ابنُ خُثَيْمٍ عنِ ابنِ أبي مليكةَ عن ذكوانَ مولى عائشةَ، أنه استأذن لابنِ عباسٍ

فذكره بلفظ الروايةِ الأُولى.

أخرجه أحمدُ في (المسند 3262)، وفي (فضائل الصحابة 1639) -ومن طريقه الواحديُّ في (أسباب النزول 1/ 323)، وابنُ حجرٍ في (نتائج

(1)

تحرف في مطبوع (الحلية) إلى: "محمد" وذلك في الرواية المعلقة حيث قال أبو نعيم: وَذَكَرَ حُسَيْنُ بنُ عَلِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عُثْمَانَ، عَنِ ابنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابنُ عَبَّاسٍ

فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

ص: 210

الأفكار 4/ 234 - 235) - عن عبد الرزاق عن معمر

(1)

.

وأخرجه أحمدُ في (المسند 2496) -ومن طريقه ابنُ الجوزي في (التبصرة 1/ 473) - والطبرانيُّ في (المعجم الكبير 10783)، وابنُ بشران في (أماليه 5)، من طريق زائدة بن قدامة.

وأخرجه ابنُ سعدٍ في (الطبقات 10/ 74)

(2)

، والدارميُّ في (الرد على الجهمية 84)، والطبري في (التفسير 7/ 77) من طرق عن زهير بن معاوية.

وأخرجه أبو يعلى

(3)

في (مسنده 2648)، وابن أبي الدنيا في (المحتضرين 217) من طريق بشر بن المفضل الرقاشي.

جميعهم (معمر، وزائدة، وزهير، وبشر) عن ابن خثيم عن ابن أبي مليكة عن ذكوان، به.

وهذا إسنادٌ رجاله ثقات رجال الشيخين، عدا عبد الله بن عثمان بن خُثَيْمٍ، وهو مختلفٌ فيه كما قال الحافظُ في (مقدمة الفتح صـ 457).

قلنا: وَثَّقَهُ ابنُ معينٍ، والنسائيُّ، وابنُ سعدٍ، والعجليُّ، وقال البزارُ:"رجلٌ من أهلِ مكةَ مشهورٌ حسنُ الحديثِ لا نعلمُ أحدًا ترك حديثه"، وفي رواية أُخرَى عنِ ابنِ مَعينٍ قال:"أحاديثُه ليستْ بالقويةِ"، وقال النسائيُّ -

(1)

جاء في إسناد (فضائل الصحابة لأحمد): "معمر وابن خثيم عن ابن أبي مليكة"، والصحيح ما جاء في (المسند):"معمر عن ابن خثيم"، وكذا ذكره ابن حجر في (الإتحاف 7/ 55)، وفي (أطراف المسند 3/ 56، 149)، وأيضًا رواه في (نتائج الأفكار)، وكذا الواحدي في (أسباب النزول) من طريق أحمد، به.

(2)

تحرَّف عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة في المطبوع- إلى عبد بن عبيد الله.

(3)

تصحَّفَ عبد الله بن أبي مليكة في المطبوع- إلى عبيد الله.

ص: 211

أيضًا في رواية أخرى-: "ليس بالقويِّ" وقال أيضًا: "لينُ الحديثِ"، وقال أحمدُ بنُ حنبلٍ -فيما حكاه عنه الفسويُّ-:"يحتمل"، وقال أبو حاتم:"ما به بأس، صالح الحديث"، وقال مرة أخرى -فيما حكاه عنه الذهبيُّ-:"لا يُحتجُّ به"، وقال عليُّ بنُ المدينيِّ:"منكرُ الحديثِ"، وضَعَّفَهُ الدارقطنيُّ، وقال ابنُ البرقي:"ليس بالقويِّ"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات) وقال:"يُخطئُ"، وقال الطحاويُّ:"وهو رجلٌ مطعونٌ في روايته، منسوبٌ إلى سوءِ الحفظِ، وإلى قلةِ الضبطِ ورداءة الأخذ"، ولخَّصَ حالَهُ الحافظُ في (التقريب 3466) فقال:"صدوقٌ"، وفي (نتائج الأفكار 4/ 235) قال:"صدوقٌ، في حفظه شيء".

وانظر، (السنن الصغرى للنسائي 5/ 262، 8/ 71)، و (مسند البزار 11/ 294)، و (شرح مشكل الآثار (7/ 370)، و (المعرفة والتاريخ 2/ 174)، (الإلزامات والتتبع صـ 352)، (تهذيب التهذيب 5/ 315)، (ميزان الاعتدال 2/ 459)، (المغني في الضعفاء 1/ 346).

فالراجح فيه: أنه صدوقٌ في حفظه شيء كما قال الحافظ؛ ولذا لا يُقبلُ ما ينفردُ به كما قال الزيلعيُّ (نصب الراية 1/ 353).

قلنا: وقد خُولِفَ ابنُ خُثَيْمٍ من عمرَ بنِ سعيدِ بنِ أبي حسينٍ -وهو ثقةٌ من رجالِ الشيخينِ كما في (التقريب 4905) -؛ فرواه عنِ ابنِ أبي مليكةَ، قال:((استأذنَ ابنُ عباسٍ -قبل موتها- على عائشةَ وهي مغلوبةٌ، قالتْ: أَخْشَى أن يُثْنِي عليَّ! فقيل: ابنُ عَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومن وجوهِ المسلمين. قالت: ائْذَنُوا لَهُ. فقال: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ! ! قال: ((فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ)). وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلافَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ

ص: 212

فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نسْيًا مَنْسِيًّا)).

أخرجه البخاريُّ (4753)، وأحمدُ في (فضائل الصحابة 1644)، وابنُ الحدادِ في (جامع الصحيحين 3216) من طرقٍ عن يحيى بنِ سعيدٍ القطانِ.

وأخرجه ابنُ سعدٍ في (الطبقات) كما في (نتائج الأفكار 4/ 234) عن أبي أحمدَ الزبيريِّ.

كلاهما -القطان والزبيري- عن عمرَ بنِ سعيدٍ به.

ففي روايةِ ابنِ خُثَيمٍ المتقدمة أن عائشةَ قالتْ لابنِ عباسٍ: لوددتُ أني كنتُ نسيًا مَنسيًّا! ! بخلافِ رواية عمر بن سعيد هذه، فإنها قالتها عقب انصراف ابن عباس.

وهذا يدلُّ على وَهْم ابنِ خُثَيمٍ، كما أنه زاد في إسنادِهِ ذكوان،

وأيضًا زاد في متنه أشياء، منها سقوط القلادة ليلة الأبواء، وأشياء غيرها.

وبذلك أشارَ ابنُ حجرٍ إلى إعلال روايته؛ فقال: "ورواه عبد الله بن عثمان بن خثيم -بمعجمة مثلثة مصغر- عنِ ابنِ أبي مليكةَ، فزادَ في السندِ رجلًا وفي المتنِ أشياء

وابنُ خُثيَمٍ صدوقٌ، في حفظه شيء، وعمر بن سعيد أثبتُ منه" (نتائج الأفكار 4/ 234 - 235).

[تنبيه]:

قال أبو نعيمٍ -عقب رواية عبد الله بن عثمان بن خثيم-: "ورواه يحيى بنُ سعيدٍ القطانُ، عن عمرَ بنِ سعيدٍ، عن ابنِ أبي مليكةَ، قال: استأذنَ ابنُ عباسٍ

فذكر مثله" (الحلية 2/ 45).

ص: 213

قلنا: هذا صنيعٌ غيرُ جيدٍ من أبي نعيمٍ لجعله رواية عمر بن سعيد بن أبي حسين -التي أخرجها البخاري كما تقدم- مثل رواية ابن خثيم؛ فبين اللفظين زيادات وفروق كما بينا سابقًا.

ص: 214

3029 -

حَدِيثُ أبي سلمة مرسلًا:

◼ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ -مُرْسَلًا-: أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَضَلَّتْ قِلادَةً لَهَا فِي مَسِيرِهَا، وَنَزَلَتْ وَنَزَلُوا يَتْبَعُونَهَا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:((أَهْلِي))، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: أَهْلَكَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا فَنَعَسَ. فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه يَضْرِبُهَا وَيَقُولُ بِكِ وَبِكِ حَبَسْتِ النَّاسَ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ! ! قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: فَالمَوْتُ لِي مِمَّا يَقُولُ أَبِي وَالمَوْتُ لِي أَنْ أَبْعَثَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ! ! فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَلَى رَاحِلَتِهِ فَقَالَ: أَصَلَّيْتُمْ؟ قُلْتُ: لَا. فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ فَاسْتَبَانَ القِلادَةَ هُنَاكَ، وَأُنْزِلَتِ التَّيَمُّمُ بِالصَّعِيدِ، فَجَعَلَ النَّاسُ يُصَلُّونَ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهَا حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ فِي سَبَبِهَا.

[الحكم]:

ضعيفٌ بهذا السياقِ، وأصلُ القصةِ ثابتٌ كما تقدَّمَ.

[التخريج]:

[تد (3/ 359)].

[السند]:

رواه الرافعيُّ في (أخبار قزوين) -معلقًا- عن علي بن الحسين بن علي الرفائي، عن محمد بن نصر بن أحمد بن مُكْرَم المُعَدَّل، عن أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا هارون بن عبد الله، ثنا عبد الصمد -يعني ابنَ عبدِ الوارثِ- ثنا حرب -يعني ابنَ شدادٍ- ثنا يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة أن عائشة

به.

[التحقيق]:

هذا الإسنادُ -فيما أُبرزَ منه- رجاله ثقات، غير علي بن الحسين بن علي

ص: 215

الرفائي القصبري؛ فلم نقفْ على مَن ترجمَ له إلا الرافعي، وقد أثنى عليه فقال:"فاضلٌ مكثرٌ منَ الحديثِ وغيره، وارتحل إلى بغدادَ ومصرَ".

قلنا: ولكنه ضعيفٌ لإرساله؛ أبو سلمة هو ابنُ عبد الرحمن، تابعيٌّ لم يدركِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

ص: 216

3030 -

حَدِيثُ عروة أو غيره مرسلًا:

◼ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيه، أَوْ غَيْرِهِ، قَالَ:((سَقَطَ عِقْدٌ لِعَائِشَةَ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعْشَرًا يَبْتَغُونَهُ، فَأَدْرَكَهُمُ الصُّبْحُ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ طُهُورٍ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَنَزَلَ التَّيَمُّمُ)).

قَالَ مَعْمَرٌ: وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ، قَالَ: مَرَّ أَبُو بَكْرٍ بِعَائِشَةَ فَقَالَ: ((حَبَسْتِ النَّاسَ وَعَنَّيْتِيهُمْ)). قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ هِشَامٌ، عَنْ أَبِيهِ، وَقَالَهُ أَيُّوبُ أيضًا، قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ التَّيَمُّمُ سُرَّ بِذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: ((مَا عَلِمْتُكِ لَمُبَارَكَةٌ، مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا)).

[الحكم]:

متنُه صحيحٌ يشهدُ له ما سبقَ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[عب 887 (واللفظ له) / طب (23/ 49/ 130)].

[السند]:

رواه عبد الرزاق -ومن طريقه الطبراني-، عن معمر، عن هشام بن عروة، عن أبيه أو غيره، به.

وروى معمرٌ بعضَه عن أيوبَ السختيانيِّ- مرسلًا.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:

الأولى: الإرسالُ؛ فعروةُ بنُ الزبيرِ وأيوبُ تابعيان لم يدركا النبي صلى الله عليه وسلم.

ص: 217

الثانية: روايةُ معمرٍ عن هشامِ بنِ عروةَ وأيوبَ متكلَّمٌ فيها؛ قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: "ثقةٌ ثبتٌ فاضلٌ، إلا أن في روايته عن ثابتٍ، والأعمشِ، وهشامِ بنِ عروةَ، شيئًا. وكذا فيما حَدَّثَ به بالبصرةِ"(التقريب 6809).

فلعلَّه من أجلِ ذلك شَكَّ في روايته عن هشام: "عن أبيه، أو غيره".

بل خُولِفَ منَ الجماعةِ -حماد بن أسامة، وعبدة بن سليمان، وابن نمير، ومحمد بن بشر، وغيرهم- فرووه عن هشامٍ عن أبيه عن عائشةَ، كما تقدَّمَ.

ص: 218

3031 -

حَدِيثُ عروة وحده

◼ عَنْ عُرْوَةَ، قَالَ:((سَقَطَتْ قِلَادَةٌ لَهَا لَيْلَةً بِالأَبْوَاءِ، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ، فَأَدْرَكَتْهُمَا الصَّلَاةُ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا مَاءٌ، فَلَمْ يَدْرِيَا كَيْفَ يَصْنَعَانِ، فَأَنْزَلَ اللهُ التَّيَمُّمَ، فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: جَزَاكِ اللهُ خَيْرًا، فَمَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللهُ لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلمُسْلِمِينَ فِيهِ خَيْرًا)).

[الحكم]:

متنُهُ صحيحٌ، وإسنادُهُ ضعيفٌ.

[التخريج]:

[طبر (7/ 79)

(1)

].

[السند]:

قال الطبريُّ: حدثني سعيد بن الربيع الرازي، قال: حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجالُ الصحيحِ، عدا سعيد بن الربيع الرازي، ولم نقفْ له على ترجمةٍ، وقد خالف الحميدي؛ فرواه عن سفيان، به موصولًا عن عائشة، كما تقدم.

والحميديُّ: ثقةٌ حافظٌ من رجالِ الشيخينِ، كما في (التقريب 3320)، وهو من أثبتِ الناسِ في ابنِ عيينةَ.

* * *

(1)

سقط هذا الحديث من (ط. ابن تيمية) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر.

ص: 219

رِوَايَةُ مطولًا:

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عُرْوَةَ: ((أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ فِي سَفَرٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةٌ لِأَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَعَرَّسُوا فَانْسَلَّتِ القِلَادَةُ مِنْ عُنُقِهَا، فَلَمَّا ارْتَحَلُوا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْسَلَّتْ قِلَادَةُ أَسْمَاءَ مِنْ عُنُقِي!! فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ رَجُلَيْنِ إِلَى المَعَرَّسِ يَلْتَمِسَانِ القِلَادَةَ، فَوَجَدَاهَا، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ طَهُورٍ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}؛ فَقَالَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ: يَرْحَمُكِ اللَّهُ يَا عَائِشَةُ، مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ تَكْرَهِينَهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَرَجًا)).

[الحكم]:

مرسلٌ صحيحٌ.

[التخريج]:

[تمهيد (19/ 269)].

[السند]:

قال ابنُ عبدِ البرِّ: حدثنا يونس بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن قال: حدثنا جعفر بن محمد بن المستفاض قال: حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي

(1)

قال: حدثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه، به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ رجال الصحيح، عدا إبراهيم بن الحجاج فمَن دونه:

(1)

تحرَّف في المطبوع إلى: "السلمي"، وتم تصويبه من (تهذيب الكمال 2/ 69).

ص: 220

فأما إبراهيم، فمن رجال النسائي، قال فيه الحافظ:"ثقةٌ يهمُ قليلًا"(التقريب 162).

وأما جعفر بن محمد بن المستفاض، فهو أبو بكر الفريابي، وهو إمامٌ ثقةٌ معروفٌ، وانظر (تاريخ الإسلام 7/ 31).

ومحمد بن معاوية بن عبد الرحمن القرطبي، المعروف بابنِ الأحمرِ، وهو أحدُ رواةِ سنن النسائي - أيضًا ثقة إمام. (تاريخ الإسلام 8/ 130).

ويونس بن عبد الله بن محمد، وهو ابنُ مغيثٍ المعروف بابنِ الصَّفار، قال فيه الذهبيُّ:"شيخ الأندلس في عصره ومسندها وعالمها"(تاريخ الإسلام 9/ 466).

قلنا: والحديثُ صَحَّ موصولًا عن عائشةَ كما تقدَّمَ.

ص: 221

3032 -

حَدِيثُ أبي هريرة

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((لمَّا نَزَلَتْ (أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى) آيَة التَّيَمُّمِ لَمْ أَدْرِ كَيْفَ أصْنَعُ، فَأتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم [فِي مَنْزِلِهِ] 1 [أَسْأَلُهُ] 2 فَلَمْ أَجِدْهُ، [وَقِيلَ: قَدْ خَرَجَ الوَقْتَ الدُّرَجَةَ الَّذِي أَخَذَ فِيهِ] 3 فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُهُ فَاسْتَقْبَلْتُهُ، فَلَمَّا رَآنِي عَرَفَ الَّذِي جِئْتُ لَهُ، فَبَالَ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ، [لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ وَلَمْ أَسْأَلْهُ] 4)).

[الحكم]:

ضعيفٌ؛ لانقطاعه، وضَعَّفَهُ بهذه العلةِ ابنُ حَجرٍ.

[التخريج]:

[ش 1701 (واللفظ له)، 37444 (مختصرًا) / مش (مط 155، خيرة 725) (والزيادة الثانية له) / سحق 330 (والرواية الأولى له، والزيادة الأولى والثالثة والرابعة له)].

[السند]:

قال ابنُ أبي شيبةَ: حدثنا عَبَّادُ بنُ العوامِ، عن بُرْد، عن سليمان بن موسى، عن أبي هريرة به.

ورواه إسحاقُ بنُ راهويه في (مسنده) عن عبد الأعلى، نا بردُ بنُ سِنان به.

ومداره عندهم على برد به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لانقطاعه فسليمان بن موسى لم يدركْ أبا هريرة؛ فهو

ص: 222

من صغارِ التابعين، وروايته عن الصحابة منقطعةٌ، قال البخاريُّ:"سليمانُ لم يدركْ أحدًا من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم"(العلل الكبير للترمذي صـ 102).

وسليمانُ بنُ موسى هذا أثنى عليه جماعة، وضَعَّفَهُ آخرون، ولخَّصَ حاله الحافظُ فقال:"صدوقٌ فقيهٌ، في حديثه بعضِ لينٍ، وخولط قبل موته بقليل"(التقريب 2616).

قال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ رجالُهُ ثقاتٌ"(إتحاف الخيرة 725).

وقال ابنُ حجرٍ: "هذا منقطعٌ"(المطالب العالية 155).

قلنا: وفي الحديثِ ما يشكلُ إذْ جعلَ نُزول آية التيمم بعد إسلام أبي هريرة رضي الله عنه، وقد أسلم أبو هريرة في العام السابع من الهجرة عقب رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من خيبر، وهذا يعارضُ ما أخرجه البخاريُّ في (صحيحه 3672)، ومسلم (367/ 108) من حديث عائشة قالت: ((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ

فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا)).

وقدِ اختلفَ أهلُ العلمِ في تاريخِ الغزوةِ المذكورةِ في قولِ عائشةَ هذا؛ فذَهَبَ جماعةٌ إلى أنَّها غزوةُ بني المصطلقِ بينما رجَّحَ آخرون أنها ذاتُ الرقاعِ. وانظر بحث ذلك في (مرويات غزوة بني المصطلق صـ 335 - 347 للدكتور إبراهيم بن إبراهيم قريبي).

ولذا قال ابنُ الملقنِ: "وهو مشكلٌ إذ التيمم كان قبل إسلامه"(التوضيح لشرح الجامع الصحيح 5/ 160).

وقد استدلَّ الحافظُ ابنُ حَجرٍ بحديثِ أبي هريرةَ هذا على أن الغزوةَ المذكورةَ

ص: 223

في حديثِ عائشةَ المتقدم - متأخرة بعد إسلام أبي هريرة" (فتح الباري 1/ 435).

قلنا: يسلمُ له ذلك لو كان الحديثُ صحيحًا إلى أبي هريرةَ، ولكنه منقطعٌ كما سبقَ.

ص: 224

3033 -

حَدِيثُ الأسلع بن شريك

◼ عَنِ الرَّبِيع بن بَدْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، أَنَّ رجلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: الأَسْلَعُ، قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَرْحَلُ لَهُ. قَالَ: فَقَالَ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ: ((يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَارْحَلْ لِي))، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَسَكَتَ سَاعَةً، وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِآيَةِ الصَّعِيدِ. قَالَ: فَدَعَانِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرَانِي كَيْفَ أَمْسَحُ، فَمَسَحْتُ وَرَحَلْتُ لَهُ وَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى المَاءِ، قَالَ لِي:((قُمْ يَا أَسْلَعُ فَاغْتَسِلْ)).

[الحكم]:

منكرُ المتنِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: أبو حاتمٍ الرازيُّ، وابنُ المنذرِ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ عَدِيٍّ، والبرديجيُّ، وابنُ السكنِ، وابنُ عبدِ البرِّ، والبيهقيُّ، وابنُ حزمٍ، وابنُ الجوزيِّ، والنوويُّ، وابنُ دَقيقِ العيدِ، والذهبيُّ، وابنُ عبدِ الهادِي، وابنُ كَثيرٍ، والزيلعيُّ، والهيثميُّ، وابنُ حَجرٍ، والعينيُّ، والشوكانيُّ.

[التخريج]:

[سعد (9/ 64) (واللفظ له) / عد (4/ 510) (مختصرًا) / كر (4/ 313)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

ص: 225

رِوَايَةُ إلى المرفقين

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأُرَجِّلُ لَهُ [فَقَالَ لِي ذَاتَ ليلةٍ: ((يَا أَسْلَعُ قُمْ فَأَرْجِلْ لِي))] فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ ((فَنَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ بِالتَّيَمُّمِ (بِآيَةِ الصَّعِيدِ) فَأَرَانِي كَيْفَ أَتَيَمَّمُ (أَمْسَحُ)، فَضَرَبَ بِيَدِهِ الأَرْضَ فَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ بِهِمَا يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ (ذِرَاعَيْهِ)، [فَمَسَحْتُ وَرَجَّلْتُ لَهُ وَصَلَّيْتُ])).

[الحكم]:

منكرٌ.

[التخريج]:

]

قا (1/ 50)(واللفظ له) / مق 5/ صبغ 249 (والزيادتان له، والروايات له) / مجاهد (صـ 301) / هق 1015].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

ص: 226

رِوَايَةُ ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الأَرْضِ فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ

• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: ((

وَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِآيَةِ الصَّعِيدِ، قَالَ: فَتَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ، فَلَّمَا انْتَهَيْتُ إِلى المَاءِ، قَالَ:((يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَاغْتَسِلْ)) فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ إِلَى الأَرْضِ، ثُمَّ نَفَضَهُمَا فَمَسَحَ بِهِمَا ذِرَاعَيْهِ بِاليُمْنَى عَلَى اليُسْرَى، وَبِاليُسْرَى عَلَى اليُمْنَى، ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا)).

[الحكم]:

منكرٌ.

[التخريج]:

[صمند (1/ 202 - 203) / كر (4/ 312)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

ص: 227

رِوَايَةُ صفة التيمم

• وَفِي رِوَايَةٍ زَادَ: ((

فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَاءٍ، فَقَالَ لِي:((يَا أَسْلَعُ، مِسَّ -أَوْ أَمِسَّ- هَذَا جِلْدَكَ))، قَالَ: وَأَرَانِي أَبِي التَّيَمُّمَ، كَمَا أَرَاهُ أَبُوهُ:((ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).

[الحكم]:

منكرٌ.

[التخريج]:

[طب (1/ 298/ 875) (واللفظ له) / صحا 1092/ طبر (7/ 76)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

ص: 228

رِوَايَةُ ثُمَّ مَسَحَ ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا

• وَفِي رِوَايَةٍ، عن عَمْرِو بنِ جَرَادٍ التميميِّ عَنِ الأَسْلَعِ -رَجُلٍ مِنْ بِنِي الأَعْرَجِ بنِ كَعْبٍ- قَالَ: كُنْتُ أَخْدُمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي: ((يَا أَسْلَعُ، قُمْ أَرِنِي كَيْفَ كَذَا وَكَذا؟)). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ. فَسَكَتَ عَنِّي سَاعَةً، حَتَّى جَاءَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام بِالصَّعِيدِ التَّيَمُّمِ، قَالَ:((قُمْ يَا أَسْلَعُ فَتَيَمَّمْ)).

قَالَ

(1)

: ثُمَّ أَرَانِي الأَسْلَعُ كَيْفَ عَلَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم التَّيَمُمَّ.

قَالَ: ((ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ ثُمَّ نَفَضَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ حَتَّى أَمَرَّ عَلَى لِحْيَتِهِ، ثُمَّ أَعَادَهُمَا إِلَى الأَرْضِ فَمَسَحَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَ إِحْدَاهُمَا بِالأُخْرَى، ثُمَّ نَفَضَهُمَا، ثُمَّ مَسَحَ ذِرَاعَيْهِ ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: ((فَضَرَبَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ ثُمَّ رَفَعَهُمَا لِوَجْهِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ ضَرْبَةً أُخْرَى فَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ بَاطِنَهُمَا وَظَاهِرَهُمَا حَتَّى مَسَّ بِيَدَيْهِ المِرْفَقَيْنِ)).

[الحكم]:

منكرٌ.

[التخريج]:

[طب (1/ 298/ 876)(واللفظ له) / منذ 539/ طبر (7/ 76) / حميد (در 4/ 453، كنز 9/ 598) / قط 683 (بسياق الرواية الثانية مقتصرًا على صفة التيمم) / صحا 1093/ ثعلب 1153/ تحقيق 279 (مختصرًا على السياقة الثانية) / كر (4/ 313) / قاضي (إصا 1/ 122) / معرفة الصحابة

(1)

القائل هو: عَمْرُو بنُ جَرَادٍ التميميِّ، الراوي عن الأَسْلَعِ.

ص: 229

لأبي بكر البرقي

(1)

(2/ 432) / جص (1/ 418)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الآتية.

رِوَايَةُ: فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى المَاءِ، قَالَ: يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَاغْتَسِلْ.

• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ، فَقَالَ لِي:((يَا أَسْلَعُ قُمْ فَارْحَلْ لَنَا)). قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَصَابَتْنِي -بَعْدَكَ- جَنَابَةٌ! فَسَكَتَ عَنِّي حَتَّى أَتَاهُ جَبْرَائِيلُ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ فَقَالَ لِي: ((يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَتَيَمَّمْ صَعِيدًا طَيِّبًا، ضَرْبَتَيْنِ: ضَرْبَةً لِوَجْهِكَ وَضَرْبَةً لِذِرَاعَيْكَ، ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا. فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى المَاءِ، قَالَ: يَا أَسْلَعُ، قُمْ فَاغْتَسِلْ)).

[الحكم]:

منكرٌ.

[التخريج]:

[طح (1/ 113) / طحق 114].

[السند]:

أخرجه ابنُ سعدٍ في (الطبقات) فقال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا الربيع بن بدر، قال: حدثني أبي، عن جدي، أن رجلًا منهم، يقال

(1)

تصحَّفَ في (معرفة الصحابة) إلى: أبي بكر الرقي، والصواب ما أثبتناه، فإن أبا بكر هذا هو أحمد بن عبد اللَّه بن عبد الرحيم بن سعيد، أبو بكر ابن البرقي، المصري الحافظ، له كتاب في معرفة الصحابة، وانظر (تاريخ الإسلام 6/ 272).

ص: 230

له: الأسلعُ، قال: كنتُ أخدمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم

فذكره بالرواية الأولى.

ورواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل): أخبرنا الحسن، قال: حدثنا قتيبة، حدثنا الربيع بن بدر به مختصرًا.

ورواه الطبرانيُّ في (الكبير 875) فقال: حدثنا بشر بن موسى، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، ح وحدثنا أبو الزِّنْباع رَوْح بن الفرج المصري، ثنا عمرو بن خالد الحَرَّاني، قالا: ثنا الربيع بن بدر، حدثني أبي، عن أبيه، عن رجل منا، يقال له: الأسلع

وفيه زيادة.

ورواه -أيضًا- من طريق يحيى الحِمَّاني، ثنا الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، عن الأسلع بنحوه.

ومداره -عند الجميع- على الربيع بن بدر الأعرجي بسندِهِ، يزيدُ بعضُهم على بعضٍ في المتنِ ويقصر.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلسلٌ بالعللِ:

العلة الأولى: الربيعُ بنُ بدرٍ، متروكٌ كما في (التقريب 1883).

وبه أعلَّ الحديثَ أبو حاتم في (العلل رقم 137/أ) -وأقرَّه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 2/ 318) -، وابنُ المنذرِ في (الأوسط 2/ 173)، وابنُ حِبَّانَ في (الثقات 3/ 20).

وابنُ حزمٍ في (المحلى 2/ 149 - 150) - وأقرَّه مغلطاي أيضًا في (شرح ابن ماجه 2/ 318) -.

وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا أيضًا ليس يرويه غير الربيع

، وللربيعِ بنِ بدرٍ

ص: 231

غيرُ ما ذكرتُ منَ الحديثِ، وعامة حديثه ورواياته عمن يروي عنهم مما لا يتابعه أحدٌ عليه" (الكامل 4/ 518).

وضَعَّفَهُ به: ابنُ الجوزي في (التحقيق 1/ 237)، وابنُ دقيقِ العيدِ في (الإمام 1/ 123 و 3/ 154)، والذهبيُّ في (تنقيح التحقيق 1/ 81)، وابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل لابن أبي حاتم صـ 179)، وقال:"وقد روى هذا الحديثَ الدارقطنيُّ، عن المَحاملي، عن بشر بن موسى، وقال: الربيع بن بدر متروك الحديث".

قلنا: لم نقفْ على كلامِ الدارقطنيِّ هذا في (سننه) عقب الحديث، وكذا لم يذكرْه ابنُ حَجرٍ في (الإتحاف)، والذي يظهرُ أن ابنَ عبدِ الهادِي قَصَدَ بيان حكم الدارقطني على الراوي، فقد ذَكَرَ الدارقطنيُّ حديثًا للربيعِ في (سننه 1/ 173، 174)، وقال فيه:"متروك الحديث".

وضَعَّفَهُ -أيضًا-: ابنُ كثيرٍ في (إرشاد الفقيه 1/ 73)، والهيثميُّ في (المجمع 1412، 1413)، وابنُ حَجرٍ في (التلخيص 1/ 268)، والشوكانيُّ في (النيل 1/ 329).

وقد قال البيهقيُّ -عقبه-: "الربيع بن بدر ضعيفٌ، إلا أنه غير منفرد به".

فتعقبه ابنُ دقيقِ العيدِ بقوله: "لا يكفي في الاحتجاج كونه غير منفرد، حتى ينظر مرتبته ومرتبة مشاركه، فليس كلُّ مَن تَوَافَقَ مع غيرِهِ في الروايةِ يكون موجبًا للقوة والاحتجاج"(الإمام 3/ 155). وأقرَّه الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 153).

وتعقبه -أيضًا- ابنُ التركماني فقال: "لم يذكرْ مَن وافقه على ذلك، ولا يكفي في الاحتجاج أنه غير منفرد حتى ينظر مرتبته ومرتبة مشاركه، فليس

ص: 232

كلُّ مَن وافقه غيره يَقْوَى ويُحتجُّ به" (الجوهر النقي 1/ 208).

قلنا: وقد توبع الربيع بن بدر متابعة ناقصة من العلاء بن الفضل بن عبد الملك عن الهيثم بن رُزَيْق عن أبيه عن الأسلع، بنحوه.

فإن كان البيهقيُّ أرادَ بعدمِ انفراد الربيع للحديث هذه المتابعة؛ ففي قوله نظر؛ لأنها متابعةٌ واهيةٌ كما سيأتي، ولا يصلحُ كلا الوجهين للتقوية بالآخر.

العلة الثانية والثالثة: أبو الربيعِ البدرُ بنُ عمرٍو، وجَدُّه عمرو بن جراد- كلاهما مجهول كما قال الحافظُ في (التقريب 644، 4999).

وبهما أعلَّ الحديثَ ابنُ المنذرِ فقال: "إسنادٌ مجهولٌ؛ لأن الربيعَ لا يُعرفُ بروايةِ الحديثِ ولا أبوه ولا جده، والأسلعُ غيرُ معروفٍ، والاحتجاجُ بهذا الحديثِ يَسْقُطُ من كلِّ وجهٍ"(الأوسط 2/ 173).

وقال ابنُ حزمٍ: "أما حديثُ الأسلعِ ففي غايةِ السُّقوطِ؛ لأننا رويناه من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني عن عُلَيلَة -هو الربيع- عن أبيه عن جده عن الأسلعِ، وكلُّ مَن ذكرنا فليسوا بشيءٍ، ولا يُحتجُّ بهم"(المحلى 2/ 149 - 150).

وقد ضَعَّفَ الحديثَ -أيضًا- النوويُّ في (خلاصة الأحكام 1/ 221)، وفي (المجموع 2/ 227). والعينيُّ في (عمدة القاري 4/ 6)، وفي (نخب الأفكار 2/ 412، 431).

قلنا: وفي الحديث علة رابعة، وهي الكلام في الأسلع راوي الحديث، فتقدَّم عنِ ابنِ المنذرِ أنه قال:"الأسلع غير معروف".

وقال ابنُ حِبَّانَ: "الأسلع السعدي، رجلٌ مِن بني الأعرج بن كعب، يقال:

ص: 233

إن له صحبة، ولكن في إسنادِ خبرِهِ: الربيعُ بنُ بدرٍ، وهو ضعيفٌ" (الثقات 3/ 20).

وقال أبو بكر البرديجيُّ في (طبقات الأسماء المفردة من الصحابة 103): "أسلع وهو من حديث الربيع بن بدر عن أبيه، وفيه نظر".

وبنحوه قال ابنُ السكنِ كما في (الإصابة 1/ 121)، وابنُ عبدِ البرِّ في (الاستيعاب 1/ 139).

وأشارَ إلى ذلك البغويُّ حيثُ ذكره في (معجم الصحابة 1/ 320) وأسنَدَ حديثَه هذا فقال: "لا أعلم روى غيره".

قلنا: وقد أثبت صحبته أبو حاتم في (الجرح والتعديل 2/ 341)، وابنُ منده، وأبو نعيم، وابنُ قانع، وغيرهما.

وثَمَّ علة خامسة في المتن، وذلك أن المعروفَ في نزول آية التيمم ما أخرجه الشيخان في (صحيحيهما) من حديثِ عائشةَ رضي الله عنها في فقدها عقد أسماء رضي الله عنها فقامَ الصحابةُ في التماسه حتى فقدوا الماء. وقد تقدم.

ص: 234

رِوَايَةُ وَضَعْتُ أَحْجَارًا فَأسْخَنْتُ بِهَا مَاءً فَاغْتَسَلْتُ

• وَفِي رِوَايَةٍ عنِ الأَسْلَعِ بنِ شَرِيكٍ، أنَّه قَالَ:((كُنْتُ أُرَحِّلُ نَاقَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ، وَأَرَادَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الرِّحْلَةَ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَرْحَلَ نَاقَتَهُ وَأَنَا جُنُبٌ، وَخَشِيتُ أَنْ أَغْتَسِلَ بِالمَاءِ البَارِدِ فَأَمُوتَ أَوْ أَمْرَضَ، فَأَمَرْتُ رجلًا مِنَ الأَنْصَارِ فَرَحَّلَهَا، وَوَضَعْتُ أَحْجَارًا فَأسْخَنْتُ بِهَا مَاءً فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ لَحِقْتُ بَرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ، فَقَالَ: ((يَا أَسْلَعُ، مَا لِي أَرَى رِحْلَتَكَ (رَاحِلَتَكَ) تَغَيَّرَتْ (تَضْطَرِبُ)؟!)). فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرْحِّلْهَا، رَحَلَهَا رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ:((وَلِمَ؟)). فَقُلْتُ: إِنِّي أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَخَشِيتُ القُرَّ عَلَى نَفْسِي، فَأَمَرْتُهُ أَنْ يَرْحَلَهَا، وَوَضَعْتُ أَحْجَارًا فَأَسْخَنْتُ مَاءً وَاغْتَسَلْتُ بِهِ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى:{يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} إِلَى {إِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} )).

[الحكم]:

منكرٌ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا، واستغربه: ابنُ عبدِ الهادِي، وضَعَّفَهُ: الذهبيُّ، والهيثميُّ، وابنُ الملقنِ، وابنُ حَجرٍ، وبدرُ الدينِ العينيُّ.

[اللغة]:

((القُرُّ)): -بالضم-: البردُ عامة، أو يُخَصُّ القُر بالشتاءِ، والبردُ في الشتاء والصيف. (تاج العروس 13/ 387).

[التخريج]:

[طب (1/ 299/ 877)(واللفظ له) / صمند (1/ 203 - 204) / صحا 1094/ هق 10 (والروايتان له) / ضيا (4/ 215 - 217/ 1430، 1431) / ضيا (سنن 1/ 10 - 11) / مردويه (كثير 2/ 322) / حسن (إمام

ص: 235

1/ 123)، (حبير 1/ 26)، (در 4/ 452) / باوردي (در 4/ 452) / قاضي (در 4/ 452)].

[السند]:

قال الطبرانيُّ: حدثنا سهل بن موسى شيران الرامهرمزي، ثنا محمد بن مرزوق، ثنا العلاء بن الفضل بن أبي سوية عن الهيثم بن رزيق

(1)

، عن أبيه، عن الأسلع، به.

ومداره عندهم على محمد بن مرزوق، به.

[التحقيق]:

وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:

العلةُ الأُولى: العلاء بن الفضل بن عبد الملك بن أبي سوية المنقري؛ رَمَاه العباسُ بنُ عبدِ العظيمِ العنبريُّ بوضعِ حديثٍ فقال: "وَضَع العلاء بنُ الفضل حديثَ صدقات قومه الذي رواه عن عبيد الله بن عِكْرَاش"، وانظر (تهذيب التهذيب 7/ 37).

وأقرَّه الدارقطنيُّ في (التعليقات على المجروحين صـ 161).

وقال ابنُ حِبَّانَ: "غير محتجٍّ به"(المجروحين 2/ 175)، وقال -أيضًا-:"كان ممن ينفرد بأشياء مناكير عن أقوامٍ مشاهير، لا يعجبني الاحتجاج بأخباره التي انفردَ بها، فأما ما وافقَ فيها الثقات فإنِ اعتبرَ بذلك معتبرٌ لم أرَ بذلك بأسًا"(المجروحين 2/ 175).

(1)

تحرَّفَ في (المعرفة) لابن مندة إلى: زريق، وكذا (تاريخ دمشق) لابن عساكر حيثُ رواه من طريقه، والصوابُ تقديم الراء على الزاي كما في بقية المصادر. وانظر (الإمام لابن دقيق العيد 1/ 124).

ص: 236

وقال ابنُ القطانِ: "لا تُعرفُ حاله"(بيان الوهم والإيهام 3/ 584).

ومع كلِّ ذلك قال الذهبيُّ: "صدوقٌ إن شاء الله"! (الميزان 3/ 13)، بينما قال في (الكاشف 4341):"فيه ضعف"، وفي (المغني في الضعفاء 4187) قال:"ليس بالقوي ولا الواهي".

وضَعَّفه الحافظُ في (التقريب 5252).

قلنا: وقد خالفَ الذهبيُّ ما قال في (الميزان) فأعلَّ الحديثَ بالعلاءِ هذا فقال: "تفرَّدَ به العلاءُ، وما هو بحُجةٍ"(المهذب على سنن البيهقي 1/ 9)، وأقرَّهُ الزيلعيُّ في (نصب الراية 1/ 103).

وقد تعقب الضياءُ المقدسيُّ على ابنِ الجوزيِّ ذكره للعلاء بن الفضل في (الضعفاء)؛ فقال: "قال شيخنا أبو الفرج بن الجوزي: العلاء بن الفضل المنقري ذكروه في الضعفاء، ولم يذكر من ضَعَّفه، وقد نظرتُ في غير كتاب من تسمية الرجال الضعفاء فلم أره فيهم، والله أعلم"(الأحاديث المختارة 4/ 217).

قلنا: قد تقدَّم ذِكرُ ابن حِبَّانَ له في (المجروحين)، فلا يُعترضُ على ابنِ الجوزي ما قال.

العلةُ الثانيةُ: الهيثم بن رزيق المالكي، ترجمَ له ابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 9/ 83)، ولم يذكره بجرحٍ ولا تعديلٍ، ولم يذكرْ عنه إلا راويًا واحدًا، بينما ذكره العقيليُّ في (الضعفاء له 4/ 182 ط. التأصيل) وذكر له حديثًا عن الحسن فقال:"لا يتابَع عليه ولا يُعرفُ إلا به".

وقال ابنُ الجوزيِّ: "مجهولٌ"(العلل المتناهية 2/ 910).

وذكره الذهبيُّ في (المغني في الضعفاء 6802)، و (ديوان الضعفاء 4506).

ص: 237

وبه ضَعَّفَ الحديثَ الهيثميُّ فقال: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه الهيثم بن رزيق؛ قال بعضُهم: لا يتابَع على حديثه"(المجمع 1411). وكذا ابنُ حجرٍ في (التلخيص 1/ 26).

العلةُ الثالثةُ: أبو الهيثم، رزيق المالكي، مجهولٌ، لم يترجم له سوى ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل 3/ 504)، ولم يذكر راويًا عنه سوى ابنه.

ولذا وصفه ابنُ حَجرٍ بالجهالة كما في (التلخيص الحبير 1/ 26).

والحديث ضَعَّفه ابنُ حَجرٍ بالعللِ الثلاثِ فقال: "والهيثم بن رزيق الراوي له عن أبيه، عن الأسلع- هو وأبوه مجهولان، والعلاء بن الفضل المنقري راويه عن الهيثم فيه ضَعْفٌ، وقد قيل: إنه تفرَّدَ به"(التلخيص 1/ 26).

وكذا ضَعَّفَهُ ابنُ الملقنِ في (البدر المنير 1/ 431)، والعينيُّ في (عمدة القاري 3/ 83).

وقد استغربَ إسنادَهُ ابنُ عبدِ الهادِي في (تعليقه على العلل لابن أبي حاتم صـ 180).

قلنا: وفي صحبةِ الأسلعِ هذا نظرٌ، كما سبقَ وبينا مع المخالفة الظاهرة في المتن في ذكر سبب نزول التيمم مع حديث عائشة المتقدم، إلا أن يُحمل على واقعتين، ولا جمعَ مع ضَعْفِ الحديثِ.

[تنبيهات]:

الأول: وقعَ في المطبوع من (الطبقات الكبرى) لابنِ سعدٍ خطأٌ في تسميةِ صحابي الحديث، فوقعتْ فيه ترجمة الأسلع هكذا:"ميمون بن سنباذ الأسلع".

ص: 238

فعَقَّب الشيخ شاكر فقال: "وهو تخليطٌ منَ الطابعِ. فإن "ميمون بن سنباذ" غير"الأسلع" وإنما هي عنوان مستقل، دون ترجمة، كما يقع في ابن سعد كثيرًا، ثم "الأسلع" عنوان ترجمة أخرى"(تفسير الطبري ت: شاكر 8/ 402 - حاشية رقم 2).

قلنا: والذي يظهرُ أن هذا الخطأ منِ ابنِ سعدٍ نَفْسِهِ، حيثُ أَورَدَ الحديثَ المخرج في ترجمة ميمون هذا؛ ولذا ترجم ابنُ عساكر للأسلع بن شريك فقال:"الأسلع بن شريك بن عوف الأعرجي، ويقال: اسم الأسلع ميمون بن سنباذ". ثم قال: "وسمَّى محمد بن سعد كاتب الواقدي الأسلع هذا ميمون بن سنباذ، وساقَ بعضَ هذا الحديث عن مسلم بن إبراهيم عن الربيع بن بدر عن أبيه عن جده، أن رجلًا منهم يقالُ له الأسلع ولم يسمه".

ورجَّحَ ابنُ عساكر قولَ مَن قالَ: إن اسمه الأسلع بن شريك، وقال:"أولى أن يكون هو المحفوظ"(تاريخ دمشق 4/ 313).

وقد ترجمَ ابنُ كثيرٍ في (التكميل في الجرح والتعديل 479)، وابنُ حَجرٍ في (تعجيل المنفعة 1086 ط. البشائر) لميمون فقالا: ميمون بن سنباذ العقيلي الأسلع، أبو المغيرة اليماني، نزيل البصرة.

ومع ذلك ترجمَ ابنُ حَجرٍ لميمون هذا في (الإصابة 10/ 363) فقال: ميمون بن سنباذ العقيلي، يكنى أبا المغيرة.

ولم يذكرْ في نسبه أو لقبه الأسلع، كما لم يذكر فيه حديثنا هذا. بينما ترجم لصاحب حديثنا هذا فقال:"الأسلع الأعرجي، بالراء"(الإصابة 1/ 121).

الثاني: اختُلف في نسبة الأسلع -صحابي الحديث-، وذلك لاختلاف

ص: 239

الراوي عنهما في حديث التَّيَمُّمِ وكذا اختلاف لفظيهما:

فقيل: الأسلع بن الأسقع، وقال بعضُهم: الأسلع بن شريك. ففرَّق بينهما ابنُ عبدِ البرِّ في (الاستيعاب 1/ 139)، وابنُ الأثيرِ في (الأُسْد 1/ 211)؛ فترجما للأول برواية الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عنه، وللثاني برواية رزيق المالكي عنه.

وجعلهما واحدًا كثيرٌ من أهلِ العلمِ؛ وهو ظاهر صنيع الطبرانيِّ في (معجمه)، وابنِ منده في (المعرفة)، وأبي نُعيمٍ في (المعرفة)، وغيرهم.

وقد فَصَّلَ في هذه المسألةِ وأجادَ الحافظُ ابنُ حَجرٍ في (الإصابة 1/ 121 - 124)، وانظر (جامع المسانيد والسنن 1/ 270)، و (تهذيب الأسماء واللغات 1/ 117).

الثالث: عزا السيوطيُّ -في (الدر المنثور 4/ 452) - هذا الحديثَ إلى (مشكل الآثار للطحاوي)، ولم نقفْ عليه فيه، ولعلَّه أراد (شرح معاني الآثار) فقد سبقَ الحديثُ فيه.

ص: 240

3034 -

حَدِيثُ الأسقع خادم النبي صلى الله عليه وسلم

◼ عَنِ الأَسْقَعِ قَالَ: ((كُنْتُ أُرَحِّلُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ارْحَلْ لَنَا يَا أَسْقَعُ)) فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلَيْسَ فِي المَنْزِلِ مَاءٌ. فَقَالَ:((تَعَالَ يَا أَسْقَعُ أُعَلِّمْكَ التَّيَمُّمَ مِثَلَ مَا عَلَّمَنِي جِبْرِيلُ))، فَأَتَيْتُهُ فَنَحَّانِي عَنِ الطَّرِيقِ قَلِيلًا فَعَلَّمَنِي التَّيَمُّمَ

ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ ثُمَّ مَسَحَ بِهما وَجْهَهُ، ثُمَّ ضَرَبَ الأَرْضَ وَمَسَحَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ)).

• وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ الأَسْقَعِ -خَادِمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَخْبَرْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَرَانِي التَّيَمُمَّ: ضَرْبَةٌ لِلوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِليَدَيْنِ وَالذِّرَاعَينِ إِلَى المِرْفَقَينِ)).

[الحكم]:

منكرُ المتنِ، وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا.

[التخريج]:

]

خط (9/ 351 - 352)(بسياق الرواية الأولى) / جوزي (مسلسل ق 7/ ب)(بسياق الرواية الثانية)].

[السند]:

قال الخطيبُ: أخبرنا أبو مسلم غالب بن علي بن محمد الرازي بنيسابور، قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن محمد الصفار بهراة، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد بن عبد الوهاب أبو محمد، قال: حدثنا داود بن أحمد أبو سليمان البغدادي، وكان يسكن دمياط إملاء علينا، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن معمر بن مخلد الشيباني السُّرُوجي، قال: حدثنا الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده عن الأسقع به.

ص: 241

ورواه ابنُ الجوزي في (المسلسلات) من طريق سويد بن سعيد عن الربيع به.

[التحقيق]:

هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه الربيعُ بنُ بدرٍ، متروك، وأبوه وجده مجهولان، كما سبق قريبًا.

ص: 242