الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
500 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الرِّجَالِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ وَلَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ مُطْلَقًا
2984 -
حَدِيثُ جابر:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ بِغَيْرِ إِزَارٍ (إلا بمئزر) 1، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ (فَلَا يَأْكُلْ) 2 عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالخَمْرِ (يُشْرَبُ عَلَيْهَا الخَمْرُ) 3، [وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا؛ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ])).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[اللغة]:
المئْزر: الإزار نفسه. (العين 7/ 382).
[التخريج]:
[ت 3005 (واللفظ له) / ن 406 (مقتصرًا على الجملة الأولى والرواية الأولى له) / حم 14651 (والزيادة والرواية الثالثة له ولغيرِهِ) / مي 2119 (مختصرًا) / ك 7992/ عل 1925 (والرواية الثانية له) / طس 588، 688، 1694، 2510، 8214/ بز (كشف 320) / شعب
5207/ عد 8186، 5020/ مزكي 81/ غيب 27/ طيل 335/ محد (3/ 183) / خط (2/ 51) / بشن 189/ مش (خيرة 512/ 2) / تجر (صـ 191) / تد (1/ 242) / حسيني (حمام 7، 8) / علج 556].
[التحقيق]:
هذا الحديث له طريقان:
الطريق الأول:
رواه الترمذيُّ عن القاسم بن دينار الكوفي، حدثنا مصعب بن المقدام، عن الحسن بن صالح، عن ليث بن أبي سليم، عن طاوس، عن جابر به.
ورواه أبو يعلى وغيره: من طريق مصعب به.
وتوبع عليه مصعب؛
فرواه الطبرانيُّ في (الأوسط 588) من طريق عصمة بن سليمان عن الحسن بن صالح به.
وقال: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن ليثٍ إلا الحسنُ".
قلنا: وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ ليثِ بنِ أبي سُليمٍ، قال الحافظ:"صدوقٌ، اخْتَلَطَ جدًّا، ولم يتميزْ حديثُه فتُرِكَ"(التقريب 5685).
قال الترمذيُّ: "هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ، لا نعرفه من حديثِ طاوسٍ، عن جابر إلا من هذا الوجه، قال محمد بن إسماعيل: ليثُ بنُ أبي سليمٍ صدوقٌ وربما يهم في الشيء. وقال محمد بن إسماعيل: قال أحمد بن حنبل: ليثٌ لا يُفرحُ بحديثه، كان ليث يرفع أشياء لا يرفعها غيره فلذلك ضعَّفوه".
وقال عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ: "في إسنادِ هذا الحديثِ -حديث جابر- ليثُ بنُ
أبي سليمٍ، وهو ضعيفٌ عندهم" (الأحكام الوسطى 1/ 245).
وقال ابنُ القطانِ: "ضعيفٌ؛ لأنه من روايةِ ليثِ بنِ أبي سُليمٍ، وهو إن كان غير متَّهم في صدقه، فسيئُ الحفظِ مضطربُ الرواياتِ، وقد حَدَّث عنه الناسُ"(أحكام النظر لابن القطان صـ 101).
وقال العراقيُّ: "إسنادُ الترمذيِّ ضعيفٌ؛ لضعفِ روايةِ ليثِ بنِ أبي سُليمٍ"(تخريج أحاديث إحياء علوم الدين 334).
الطريق الثاني: عن أبي الزبير عن جابر:
وقد رُوي عن أبي الزبيرِ من عدةِ أوجهٍ:
أشهرها: ما رواه النسائيُّ عن إسحاقَ بنِ راهويه، قال: حدثنا معاذُ بنُ هشامٍ، قال: حدثني أبي، عن عطاءٍ، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ به مختصرًا.
ورواه الحاكمُ، والطبرانيُّ في (الأوسط 8214)، والبيهقيُّ في (الشعب)، وغيرهم، من طريقِ ابنِ راهويه به مطولًا.
قال الطبرانيُّ -عقب الحديث-: "يقال: إن عطاءً الذي روى عنه هشام الدستوائي هذا الحديث هو عطاء بن السائب، ولم يرو هذا الحديث عنه إلا هشام، ولا عن هشام إلا ابنه، تَفَرَّد به إسحاق"(المعجم الأوسط 1694)، وبنحوه في (8214).
قلنا: إلا أن عطاء بن السائب غير معروف بالروايةِ عن أبي الزبيرِ؛ ولذا ردَّه الألبانيُّ فقال: "الأقربُ أنه عطاء بن أبي رباح، فقد ذكروا في شيوخه أبا الزبير بخلاف ابن السائب، وكلام الحاكم يُشعر بهذا، فإنه قال -عقب الحديث-:((صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ)). ووافقه الذهبيُّ. فإن ابنَ السائبِ ليس من رجالِ مسلمٍ، بخلافِ ابنِ أبي رباحٍ، فإنه من رجالِه ورجالِ
البخاريِّ أيضًا. ثم إن هذا الإسنادَ وإن كان على شرط مسلم فإن أبا الزبيرِ مدلسٌ معروفٌ بذلك وقد عنعنه، فهو صحيحٌ بما قبله ليس إلا" (الإرواء 7/ 7).
قلنا: كلام الشيخ الألبانيُّ، فيه نظرٌ من وجوهٍ:
الأول: أن الحديثَ الذي صَحَّحَ به هو حديث عمر، وهو ضعيفٌ جدًّا كما سيأتي بيانُهُ، بعد حديثِ جابرٍ هذا.
الثاني: أن هشامًا الدستوائيَّ لا تُعرفُ له رواية عن عطاء بن أبي رباح، إنما يَروي عنه بواسطة.
الثالث: أن عطاءَ بنَ أبي رباحٍ لا يَروي عن أبي الزبيرِ، بل أبو الزبير هو الذي يروي عنه.
وقد روى الحديثَ ابنُ شيرويه في (زوائده على مسند إسحاق) -كما في (المطالب 2585) - قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا رجلٌ يقالُ له: عطاءُ بنُ عجلان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، به.
وهذا سندٌ صحيحٌ إلى عبدِ الوراثِ، وعطاءُ بنُ عجلان هذا "متروكٌ، بل أطلقَ عليه ابنُ معينٍ والفلاسُ وغيرهما الكَذِبَ" كما في (التقريب 4594).
ولكن أخرجَ الحديثَ قوامُ السنةِ في (الترغيب والترهيب) من طريق محمد بن صالح أبي بكر الأنماطي الحافظ عن أبي معمر، قال: حدثنا عبد الوارث، حدثنا رجلٌ يقالُ له: عطاءُ بنُ دينارٍ، عن أبي الزبير، به.
وقال مغلطاي: "لما ذكر النسائيُّ حديثَ عطاءٍ عن أبي الزبيرِ عن جابرٍ في: النهي عن الجلوس على مائدة تدارُ عليها الخمرُ، قال حمزةُ الكنانيُّ -
راوي كتاب النسائي الكبير-: عطاءٌ هذا هو ابنُ دينارٍ المدنيُّ، وهو يَرِدُ على المزيِّ هنا؛ إذ لم يذكرْه ولا نبَّه عليه، ويرد عليه في (الأطراف) فإنه لما ذكر هذا الحديث، قال: عطاء هذا هو ابنُ أبي رباحٍ؛ لأن راوي الكتاب المُشاهد للمحدثِ به أعلم من غيره، ولا شك، والله تعالى أعلم" (إكمال تهذيب الكمال 3713).
وجاء في (النكت الظراف لابن حجر): "ذَكَرَ شيخُنَا الحافظُ العراقيُّ أن النسائيَّ قال في الوليمة: إن عطاءً هذا هو ابنُ دينارٍ، مدنيٌّ"(تحفة الأشراف 2/ 333).
قلنا: وعطاءُ بنُ دينارٍ المدني مجهولٌ لا يُعْرفُ، ولعلَّه هو القرشيُّ وهو ضعيفٌ كما في (التقريب 4590).
وقد صَحَّحَ الحديثَ -من هذا الوجه- عددٌ من أهلِ العلمِ، وظاهرُ صنيعهم أنهم رأوا أن عطاءً الراوي عن أبي الزبير هو عطاءُ بنُ أبي رباحٍ:
فقال الحاكمُ: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، ولم يخرجاه".
وغَمَزَ البوصيريُّ تصحيح الحاكم للحديث بقوله: "وزعم أنه على شرط مسلم"(إتحاف الخيرة 1/ 302).
وقال الجورقانيُّ: "هذا حديثٌ مشهورٌ وصحيحٌ"(الأباطيل 335).
وقال ابنُ تيميةَ: "رواه النسائيُّ بإسنادٍ صحيحٍ"(شرح العمدة 1/ 405).
وقال ابنُ مفلحٍ: "حديثٌ حسنٌ"(الآداب الشرعية 3/ 325).
وقال العراقيُّ: "إسنادُ النسائيِّ جيدٌ"(تخريج أحاديث الإحياء 334).
ورَمَزَ لحُسْنِهِ السيوطيُّ في (الجامع الصغير 8984).
قلنا: وقد رُوي هذا الحديثُ عن أبي الزبيرِ من وجوهٍ أُخرى،
منها:
ما رواه الطبرانيُّ (المعجم الأوسط 688)، قال: حدثنا أحمد قال: نا عمرو بن هشام أبو أمية الحراني قال: نا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي قال: نا إبراهيم بن طهمان به.
قال الطبراني: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن إبراهيم إلا عثمان".
وهذا إسنادٌ رجاله ثقات، عدا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، فوَثَّقَهُ ابنُ مَعينٍ وغيرُهُ، وصَدَّقه أبو حاتم وغيرُهُ، وتكلَّم فيه آخرون بسبب إكثاره منَ الروايةِ عن الضعفاءِ والمجاهيلِ، وعلى هذا فليس هو في نفسه بعلة، وقد لخص حاله الحافظ فقال:"صدوق، أكثرَ الرواية عن الضعفاءِ والمجاهيلِ فضُعِّف بسبب ذلك حتى نَسَبَهُ ابنُ نُميرٍ إلى الكذبِ، وقد وَثَّقَهُ ابنُ معينٍ"(التقريب 4494). واتَّهمه ابنُ حِبَّانَ بالتدليسِ (المجروحين 2/ 70).
قلنا: وقد صَرَّحَ بالتحديثِ من إبراهيمَ بنِ طهمان، فزالتْ شبهةُ تدليسه.
وشيخ الطبراني هو أحمد بن علي الأبار، أحد الثقات الحفاظ.
ومنها:
ما رواه أحمدُ (14651) عن يحيى بنِ إسحاقَ، أخبرنا ابنُ لهيعةَ، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ به.
وابنُ لهيعةَ ضعيفٌ.
ومنها:
ما رواه الدارميُّ (2137) عن مسلمِ بنِ إبراهيمَ، حدثنا الحسنُ بنُ أبي جعفرٍ، حدثنا أبو الزبيرِ، به.
والحسنُ: "ضعيفُ الحديثِ مع عبادتِهِ وفَضْلِهِ"(التقريب 1222).
ومنها:
ما رواه السهميُّ في (تاريخ جرجان صـ 191): من طريق أبي طيبة عن أبي الزبير، به.
وأبو طَيْبة هو عيسى بن سليمان الجرجاني، ضَعَّفه ابنُ معينٍ وساقَ له ابنُ عَدِيٍّ عِدَّةَ مناكيرٍ، ثم قال:"وأَبو طيبةَ هذا كان رجلًا صالحًا، ولا أظنُّ أنه كان يتعمدُ الكذبَ، ولكن لعلَّه كان يشتبه عليه فيغلط" انظر (الكامل 5/ 257).
ومنها:
ما رواه الخطيبُ في (تاريخه 2/ 51)، وابنُ الجوزيِّ في (العلل المتناهية 556): من طريق يحيى بن راشد، عن أبي الزبير، به.
ويحيى بن راشد: "ضعيف" كما في (التقريب 7545).
ومنها:
ما رواه الحسينيُّ في (آداب دخول الحمام 7): من طريق صدقة، عن سعيد بن أبي عروبة به.
وصدقة هو: ابنُ عبد الله السمين، وهو:"ضعيف" كما في (التقريب 2913).
ومنها:
ما رواه البزارُ -كما في (كشف الأستار 320) - من طريق محمد بن كثير، عن عمرو بن قيس الملائي، عن أبي الزبير، به.
ومحمد بن كثير هو القرشي الكوفي، وهو:"ضعيف" كما في (التقريب 6253).
ومنها:
ما ذكره الرافعيُّ في (التدوين 1/ 242): من طريق بحر السَّقاء عن أبي الزبير، به.
وبحر السقاء: "ضعيف" كما في (التقريب 637).
ومنها:
ما رواه الطبرانيُّ في (الأوسط 2510): حدثنا أبو مسلم قال: نا حجاج بن نصير قال: نا عباد بن كثير المكي قال: نا أبو الزبير، به.
وقال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن عباد إلا حجاج".
وعباد: "متروك، قال أحمد: روى أحاديث كذب"(التقريب 3139).
وأما حجاج بن نصير فقد قال عنه الحافظ: "ضعيف، كان يقبل التلقين"(التقريب 1139).
ومنها:
ما رواه ابنُ عَدِيٍّ في (الكامل 4/ 452) وغيره: من طريق داود بن الزِّبْرقان، عن أبي الزبير، به.
وداود: "متروك" كما في (التقريب 1785).
فكلُّ هذه الطرق تؤكد أنَّ للحديثِ أصلًا عن أبي الزبيرِ، ويبقي النظر في عنعنته وهو مشهورٌ بالتدليسِ عن جابرٍ.
وأيضًا يُخشى أن يكون ليثٌ إنما حملَ الحديثَ عن أبي الزبيرِ، وبسبب اختلاطه الشديد جعله عن طاوسٍ، فيعودُ الحديثَ إلى مَخْرجٍ واحدٍ، لا سيما وأن ليثًا يَروي أيضًا عن أبي الزبير، والله أعلم.
وللحديثِ عِدَّةُ شواهد من حديث عمر، وعائشة، وأبي هريرة، وأبي أيوب، وأبي سعيد، وغيرهم، ولكن أسانيدها كلها ضعيفة، أو واهية عند التحقيق؛ ولذا فلا نرى تقوية هذا الحديث بشواهده، والله أعلم.
وقد قال الحازميُّ: "وأحاديثُ الحمَّامِ كُلُّها معلولةٌ، وإنما يصحُّ فيها عن الصحابةِ"(الاعتبار صـ 241).
[تنبيه]:
أخرجَ الحديثَ الخطيبُ في (تاريخ بغداد 2/ 51)، من طريق إسحاق بن
راهويه، عن معاذ بن هشام، عن أبيه، عن عطاء، عن أبي الزبير، عن جابرٍ مرفوعًا بلفظ:((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلْ بِحَلِيلَتِهِ الحَمَّامَ)).
والحديثُ محفوظٌ عن إسحاقَ بنِ راهويه بهذا الإسنادِ بلفظِ: ((فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ))، رواه عن إسحاقَ بهذا اللفظِ جماعةٌ منَ الثقاتِ.
فإما أن تكون هذه الرواية مصحفة، أو تكون من أخطاء أحد الرواة في إسناد الخطيب.
* * *
رِوَايَةُ: مَعَ حَلِيلَتِهِ:
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلَنَّ مَعَ حَلِيلَتِهِ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا اللفظِ، وضَعَّفه ابنُ حَجَرٍ.
[التخريج]:
[زوائد ابن شيرويه على مسند إسحاق (مط 2585)، (خيرة 512/ 1) (واللفظ له) / خط (2/ 51)].
[التحقيق]:
هذه الرواية لها طريقان:
الطريق الأول:
رواه ابنُ شيرويه في (زوائده على مسند إسحاق) -كما في (المطالب 2585) - قال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث،
حدثنا رجلٌ يقالُ له: عطاء بن عجلان، عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله، به.
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ عطاء بن عجلان هذا "متروك، بل أطلقَ عليه ابنُ معينٍ والفلاسُ وغيرهما الكذب" كما في (التقريب 4594).
وبه ضَعَّفه ابنُ حَجَرٍ، ثم قال:"أخرجتُه لغرابةِ لفظِهِ، وإلا فقد أخرجه أحمدُ من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير بلفظ: ((فَلَا يَدْخُلْ بِحَلِيلَتِهِ الحَمَّامَ))، ومعنى المتن الذي أوردناه يعطي غير معنى هذا"(المطالب العالية 11/ 469).
الطريق الثاني:
رواه الخطيبُ من طريقِ أبي عُميرٍ قال: حدثنا ضمرةُ، عن يحيى بنِ راشد، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ به.
وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه يحيى بن راشد المازني، وهو:"ضعيف" كما في (التقريب 7545).
والحديثُ رواه غيرُ واحدٍ عن أبي الزبيرِ بلفظ: ((فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتِهُ الحَمَّامَ))، كما سبقَ.
[تنبيه]:
جاء في (إتحاف الخيرة المهرة): (وقال إسحاق بن راهويه: ثنا ابن شيرويه، ثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو معمر، ثنا عبد الوارث، ثنا رجل يقال له: عطاء بن عجلان)(إتحاف الخيرة المهرة 512/ 1).
فقال ابنُ حجرٍ -في تعليقاته على (الإتحاف) -: "أعجوبة. والحديثُ من زيادات ابن شيرويه على مسند إسحاق، فذِكرُ إسحاقَ هنا خطأ"(حاشية إتحاف الخيرة 1/ 301).
رِوَايَةُ: فَلَا يَتْرُكَنَّ أَهْلَهُ يَدْخُلُونَ الحَمَّامَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَتْرُكَنَّ أَهْلَهُ يَدْخُلُونَ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[مخلص 2206].
[السند]:
قال المخَلِّص: حدثنا ابنُ مَنيعٍ: حدثنا محمدُ بنُ زيادٍ: حدثنا أبو شهابٍ، عن أبي جنابٍ، عن أبي الزبيرِ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ الأنصاريِّ به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه أبو جناب الكلبيُّ، قال ابنُ حَجَرٍ:"ضعَّفوه لكثرة تدليسه"(التقريب 7537).
رِوَايَةُ: نهى أن يدخل الماء إلا بمئزر:
• وَفِي رِوَايَةٍ مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ المَاءَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ)).
[الحكم]:
منكرٌ بهذا اللفظِ، وأنكره: أحمدُ، وأبو داود، والعقيليُّ، وابنُ عَدِيٍّ، وابنُ حِبَّانَ، وابنُ القيسرانيِّ، والبوصيريُّ، والألبانيُّ.
[اللغة]:
((المئزر)): الإزار، وهو ثوبٌ يحيطُ بالنصفِ الأسفلِ منَ البدنِ. (المعجم الوسيط 1/ 16).
[التخريج]:
[خز 265/ ك 592 (واللفظ له) / عل 1807/ معر 391/ منذ 644/ عق (1/ 548) / عد (3/ 323) / جهلي 96/ حسيني (حمام 9)].
[السند]:
رواه ابنُ خزيمةَ عن محمد بن عيسى وأحمد بن الحسين بن عباد، قالا: حدثنا الحسن بن بشر، نا زهير، عن أبي الزبير، عن جابر به.
ورواه ابنُ الأعرابي، وابنُ عَدِيٍّ، والحاكم، وغيرهم، من طريقِ الحسنِ بنِ بِشْرٍ به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ معلولٌ؛ الحسنُ بنُ بِشْرٍ مختلفٌ فيه. وقال الحافظُ: "صدوقٌ يُخطئُ"(التقريب 1214).
قلنا: الحسنُ بنُ بِشْرٍ روى عن زهيرٍ مناكيرَ، كما قال أحمدُ، وهذا منها،
فقد أخطأَ الحسنُ في إسنادِ هذا الحديثِ.
فهذا الحديثُ -بهذا اللفظ- إنما يُعرفُ من حديثِ حمادِ بنِ شُعيبٍ.
كذا رواه أبو يعلى، والعقيليُّ، وابنُ المنذرِ، وغيرُهم، من طريقِ حمادِ بنِ شُعيبٍ، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ، به.
وحمادٌ هذا ضعيفٌ؛ قال البخاريُّ: "فيه نظر"، ونقلَ ابنُ الجارودِ عن البخاريِّ أنه قال:"منكرُ الحديثِ". وقال أبو داود: "تركوا حديثه". انظر (تعجيل المنفعة 224).
وقد أَنْكَرَ أحمدُ هذا الحديثَ لأجلِ حمادٍ (فتح الباري لابن رجب 1/ 337).
وقال الآجريُّ: "سمعتُ أبا داود ذَكَرَ الحسنَ بنَ بشرٍ فقال: رَوَي عن زهيرِ بنِ معاويةَ عن أبي الزبيرِ عن جابرٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم حديثين منكرين: ((ذكاة الجنين))، و ((لا تدخلوا الحمام
(1)
إلا بمئزر)). فقلتُ: هما عند حماد بن شعيب عن أبي الزبير. فقال: حماد بن شعيب ضعيفٌ" (سؤالات الآجري لأبي داود 7).
وذكره العقيليُّ في (الضعفاء 1/ 548)، ونقل تضعيفه عن عددٍ منَ الأئمةِ، ثم ذكَرَ له هذا الحديثَ، وقال -عقبه-:"ولا يتابعه عليه إلا مَن هو دونه أو مثله".
وقال ابنُ حِبَّانَ: "قد سمع الحسن بن بشر هذا الخبرَ عن حماد بن
(1)
كذا ذكره بهذا اللفظ، والمحفوظ عن الحسن بهذا الإسناد بلفظ (الماء) بدل (الحمام).
شعيب، ورواه عن زهير بن معاوية عن أبي الزبير، ووهم فيه". وقال عن حديثه هذا:"ليس له أصلٌ يرجعُ إليه"(المجروحين 1/ 306).
وقال ابنُ عَدِيٍّ: "وهذا من حديثِ زهيرٍ عن أبي الزبيرِ، ليس يرويه إلا الحسن بن بشر، وقد رواه عن
(1)
أبي الزبير حماد بن شعيب".
قال ابنُ القيسراني: "وكأنَّ ابنَ عَدِيٍّ أشارَ إلى أن هذا الحديثَ حديثُ حمادٍ وأن الحسنَ سرقه ورَكَّبه"(ذخيرة الحفاظ 1796).
وقال أيضًا: "رواه حمادُ بنُ شعيبٍ التميميُّ الحِمَّانيُّ، عن أبي الزبير، عن جابرٍ، وحمادٌ هذا ليس بشيءٍ"(تذكرة الحفاظ 940).
وعَدَّه الذهبيُّ من مناكيرِهِ فقال: "ومن مناكيره ما رواه جماعةٌ عنه، عن أبي الزبيرِ، عن جابرٍ: نَهَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يُدْخَلَ الماء إلا بمئزرٍ"(ميزان الاعتدال 1/ 596).
وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ حمادِ بنِ شُعيبٍ"(إتحاف الخيرة 1/ 303).
ومع ما ذكرناه من علةِ الحديثِ، فقد صَحَّحَهُ ابنُ خزيمةَ!
وقال الحاكمُ -بعد أن رواه من طريق الحسن بن بشر-: "هذا حديثٌ صحيحٌ على شرطِ الشيخين ولم يخرجاه! ! ".
وتعقبه الألبانيُّ بأن الحسنَ بنَ بِشْرٍ لم يُخرجْ له مسلمٌ، ثم هو مختَلفٌ فيه، وفي (التقريب):"صدوقٌ يُخطئُ"، وأضافَ إليه أيضًا عنعنة أبي الزبير،
(1)
في طبعة (دار الفكر)"غير"، وهو خطأ، والصواب "عن" كما في (طبعة الرشد 3/ 508).
وضَعَّفه بهاتين العلتين (الضعيفة 4/ 13).
ورمز لصحته السيوطي في (الجامع الصغير 9373)، وتبعه المُناوي فقال:"إسنادُهُ صحيحٌ"(التيسير 2/ 476).
* * *
رِوَايَةُ: فَإِنَّ لِلمَاءِ عَامِرًا
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَا يَدْخُلْ أَحَدُكُمُ المَاءَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ؛ فَإِنَّ لِلمَاءِ عَامِرًا)).
[الحكم]:
سندُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفه: ابنُ عَدِيٍّ، وابنُ القيسراني، والقاضي عياض، وعبد الحقِّ الإشبيلي، وأبو العباس القرطبي، والعراقي، وابن الملقن، والعيني، والقسطلاني.
[التخريج]:
[عد (10/ 518)].
[السند]:
قال ابنُ عَدِيٍّ: حدثنا محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي، حدثنا أبو كامل الجحدري، حدثنا شيخ من أهل الحجاز يقال له يحيى بن سعيد، حدثنا أبو الزبير، عن جابر به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ يحيى هذا هو التميمي المدني قاضي شيراز؛ قال البخاري وأبو حاتم: "منكرُ الحديثِ"، زاد أبو حاتم:"وهو مجهولٌ لا أعرفه". وقال النسائيُّ: "يَروي عن الزهريِّ أحاديث موضوعة". وقال ابنُ عَدِيٍّ:
"يَروي عن الثقاتِ البواطيل"(لسان الميزان 8463).
وذكر هذا الحديثَ ابنُ عَدِيٍّ في مناكيره (الكامل 10/ 518)، وفَرَّق بين راوي هذا الحديث وبين قاضي شيراز، وخالفه كافة العلماء فجعلوهما واحدًا.
وقال عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ -وذكر الحديث من عند ابنِ عَدِيٍّ-: "ويحيى بن سعيد التميمي هذا منكرُ الحديثِ ضعيفه، وليس يحيى بن سعيد الأنصاري، ذلك ثقة جليل"(الأحكام الوسطى 1/ 196). وظنَّ ابنُ الملقنِ أن هذا كلام ابن عَدِيٍّ فنسبه له (البدر المنير 2/ 389).
وقال ابنُ القيسراني: "ويحيى هذا متروك الحديث"(ذخيرة الحفاظ 6318).
وقال القاضي عياض -عن هذا الحديث-: "ضعيفٌ عند أهلِ العلمِ"(المفهم 6/ 191).
وقال أبو العباس القرطبيُّ: "لم يصحَّ"(المفهم 6/ 191).
وقال العراقيُّ: "وهو حديثٌ ضعيفٌ، لا يصحَّ الاحتجاج به"(طرح التثريب 2/ 225).
وضَعَّفه أيضًا ابنُ الملقن في (التوضيح 4/ 620)، والعينيُّ في (عمدة القاري 3/ 228)، والقسطلانيُّ في (إرشاد الساري 1/ 331).
* * *
رِوَايَةُ: فإن للماء عينين
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَا تَدْخُلُوا المَاءَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَلَا الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ [فَإِنَّ لِلمَاءِ عَيْنَيْنِ])).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا.
[التخريج]:
[رفا 114/ فر (ملتقطة 4/ ق 157/ أ) (والزيادة له)].
[السند]:
قال أبو علي الرفاء: حدثنا علي بن مُشْكان الساوي، حدثنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر به.
ورواه أبو منصور الديلمي من طريق ابن أبي رواد به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه: عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد، وهو واهٍ جدًّا، قال أبو حاتم، وغيره:"أحاديثُه منكرةٌ". وقال ابنُ الجنيدِ: "لا يساوي شيئًا، يُحدث بأحاديث كذب". وقال العقيليُّ: "له أحاديث مناكير، ليس ممن يقيم الحديث". وقال ابنُ حِبَّانَ: "في روايته عن إبراهيم بن طهمان مناكير" انظر: (لسان الميزان 4308).
قلنا: وهذا من مناكيره عن إبراهيم.
* * *
رِوَايَةُ: ومن لم يسترْ عورته
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَدْخُلَ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ لَمْ يَسْتُرْ عَوْرَتَهُ مِنَ النَّاسِ كَانَ فِي لَعْنَةِ اللهِ وَالمَلَائِكَةِ وَالخَلْقِ أَجْمَعِينَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ساقطٌ.
[التخريج]:
[حنف (حارثي 65)].
[السند]:
قال الحارثيُّ: أخبرنا صالح بن أحمد بن أبي مقاتل القيراطي -من درب أبي هريرة ببغداد-، قال: ثنا الحسن بن سلام، عن الحسن بن المسيب، عن أبي حنيفة، عن أبي الزبير، عن جابر به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه علتان:
الأولى: صالح بن أحمد بن أبي مقاتل القيراطي، وهو متروكٌ كذَّابٌ، انظر (لسان الميزان 3846).
الثانية: أبو حنيفةَ، ضعيفُ الحديثِ، كما تقدَّم بيانُه مِرارًا.
* * *
2985 -
حديث عمر:
◼ عَنْ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَقْعُدَنَّ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالخَمْرِ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِإِزَارٍ، وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا تَدْخُلِ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفه: المنذريُّ، وابنُ الملقنِ، والهيثميُّ، وأحمد شاكر.
[التخريج]:
[حم 125 (واللفظ له) / عل 251/ شعب 7380/ هق 14663/ طاو 64/ عمر (ملخص 318) / حسيني (حمام 6)].
[السند]:
رواه أحمدُ عن هارونَ بنِ معروفٍ، ثنا ابنُ وهبٍ، حدثني عمرُو بنُ الحارثِ، أن عمرَ بنَ السائبِ حدَّثه أنَّ القاسمَ بنَ أبي القاسمِ السَّبَائِيَّ حدَّثه عن قاص الأجناد بالقسطنطينية أنه سمعه يُحَدِّثُ أن عمرَ بنَ الخطابِ رضي الله عنه قال:
…
فذكره.
ومداره عندهم على ابنِ وهبٍ به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ فيه ثلاثُ عِللٍ:
العلة الأولى: جهالةُ قاص الأجناد، وقيل: اسمه عبد الله بن يزِيد، كذا ترجمَ له الحسينيُّ في (الإكمال 493)، وتبعه الحافظُ في (التعجيل 600).
ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا.
ولذا قال المنذريُّ: "لا أعرفه"(الترغيب والترهيب 272).
وقال ابنُ الملقنِ: "وفي إسنادِهِ هذا المجهولُ كما تَرَى"(البدر المنير 8/ 19).
وقال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ، وفيه راوٍ لم يُسَمَّ"(مجمع الزوائد 515).
وقال أحمد شاكر: "إسنادُهُ ضعيفٌ؛ لجهالة قاص القسطنطنية، وهو مجهولٌ لم أعرفْه"(تحقيق مسند أحمد 125).
وقال يعقوبُ بنُ شيبةَ: "وهو حديثٌ مصريٌّ، رواه عمرو بن الحارث -وهو ثقة، قاله ابنُ معينٍ، وكان معلمًا لولد عبد الله بن صالح، مات قبل الليث بيسير -عن عمر بن السائب عن القاسم بن أبي القاسم عن قاص الأجناد، وهؤلاء من شيوخ المصريين وليسوا من المشهورين"(ملخص من مسند عمر ليعقوب بن شيبة 317).
العلة الثانية: الانقطاع بين عمر وقاص الأجناد؛ فقد ذكروا أنه كان قاصًا لمسلمة بن عبد الملك بالقسطنطينية، وكان غزو مسلمة للقسطنطينية بعد (سنة 96 هـ)
(1)
، فمثله لا يدرك عمر بحال، والله أعلم.
وقد نصَّ على ذلك الحافظُ ابنُ حَجرٍ في ترجمة قاص الأجناد هذا، فقال -بعد الاختلاف في اسمه-: "
…
وأخرج أحمدُ -أيضًا- من طريقِ يعقوبَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الأشج، أن عبد الله بن زيد -قاص مسلمة بالقسطنطينية- حدَّثه عن عوفِ بنِ مالكٍ، فذكرَ حديثًا، ومن طريقٍ أُخْرَى
(1)
انظر (تاريخ الإسلام 3/ 312).
فيها ابنُ لهيعةَ فقال: "عبد الله بن يزيد"، ويغلبُ على الظنِّ أن هذا الراوي عن عوفٍ هو الذي وقعتْ روايته هنا عن عمرَ، فكأنَّ روايتَه عنه مرسلةٌ" (تعجيل المنفعة 600).
العلة الثالثة: القاسم بن أبي القاسم السَّبَائِيّ؛ ذكره البخاريُّ في (التاريخ الكبير 7/ 167)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 7/ 117)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 333)، ولم يذكروا له راويًا غير عمر بن السائب، وذكر ابنُ يونسَ أن حرملةَ بنَ عمران وحجاجَ بنَ شدادٍ رويا عنه (التعجيل 874).
وقد ضَعَّفَ إسنادَ الحديثِ ابنُ القطانِ في (أحكام النظر صـ 101).
ومع ما ذكرناه من عللٍ لهذا الإسنادِ، فقد قال الحسينيُّ:"هذا إسنادٌ جيدٌ"(الإلمام بآداب دخول الحمام صـ 39).
وقال ابنُ كثيرٍ: "هذا إسنادٌ حسنٌ ليس فيه مجروحٌ ولم يخرجوه"(مسند الفاروق 1/ 412).
[تنبيهان]:
الأول: جاءَ الحديثُ في (إرواء الغليل) عنِ ابنِ عمرَ بدلًا من (عمر)، وهو خطأ.
الثاني: قد وَرَدَ مثلُ هذا عن عمرَ من قولِهِ إلا أنه جاءَ بإسنادٍ ضعيفٍ، أخرجه أبو مسعود المعافى بنُ عمران في (الزهد 195) قال: حدثنا يوسف بن ميمون، قال: حدثنا عطاء، عن ابن عمر، قال: كَتَبَ عمرُ إلى عامله بالشام: ((أَنْ مُرْ مَنْ قِبَلَكَ أَنْ يَنْتَضِلُوا، وَيَحْتَفُوا، وَيَتَمَعْدَدُوا، وَيَأْتَزِرُوا، وَيَرْتَدُوا، وَيُؤَدِّبُوا الخَيْلَ، وَلَا تُرْفَعْ فِيْهِمُ الصُّلُبُ، وَلَا تُجَاوُرْهُمُ الخَنَازِيرُ،
وَلَا يَقْعُدُوا عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الخَمْرُ، وَلَا يَدْخُلُوا الحَمَّامَ إِلَّا بِإِزَارٍ، وَإِيَّاكُمْ وَأَخْلَاقَ العَجَمِ)).
ويوسف بن ميمون "ضعيف" كما في (التقريب 7889).
2986 -
حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ:
◼ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، [وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ]، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ مِنْ نِسَائِكُمْ فَلَا تَدْخُلِ الحَمَّامَاتِ)).
فرُفِعَ الحديثُ إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ، فَكَتَبَ إلى أبي بكرِ بنِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حزمٍ أنْ سَلْ محمدَ بنَ ثابتٍ عن هذا الحديث [فإنه رضًا] 2 واكتبْ بما قالَ. فَفَعَلَ. فَكَتَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ أن تمنع النساء الحمَّامات.
[الحكم]:
صحيحٌ مفرقًا بشواهدِهِ، الفقرات الثلاث الأولى لها شاهد في (الصحيحين) من حديثِ أبي هريرةَ، وباقي الحديث صحيح بما سبقَ وبما سيأتي من شواهدَ.
[التخريج]:
[حب 5632 (والزيادة الثانية له ولغيرِهِ) / ك 7992 (واللفظ له) / عل (مط 180)، (خيرة 513/ 1) / طب (4/ 124/ 3873) / طس 8658/ مكخ 233/ هق 14923/ شعب 7379 (والزيادة الأُولى له ولغيرِهِ) / حربي (الأول ق 6/ أ-ب) / معز 94/ كر (51/ 190)].
[التحقيق]:
لهذا الحديث طريقان:
الطريق الأول: يرويه يحيى بن أيوب واختلف عنه:
فرواه ابنُ حِبَّانَ في (صحيحه)، وعليُّ بنُ عمرَ الحربيُّ في (حديثه عن الصوفي عن ابن معين ق 6) -ومن طريقه ابن عساكر في (تاريخه) - كلاهما: عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، قال: حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، قال: حدثنا يحيى بن أيوب، عن (يعقوب بن إبراهيم)
(1)
، عن محمد بن ثابت بن شرحبيل، عن عبد الله بن سويد الخَطْمي، عن أبي أيوب به.
ورواه أبو يعلى والبيهقيُّ من طريقِ عمرِو بنِ الرَّبيعِ به.
وخولف فيه عمرو بن الربيع:
فرواه الطبرانيُّ في (الكبير) وفي (الأوسط) عن مُطَلِّبِ بنِ شُعيبٍ الأزديِّ، ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، حدثني الليثُ، حدثني يحيى بنُ أيوبَ، عن يعقوبَ بنِ إبراهيمَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ جُبيرٍ، عن محمدِ بنِ ثابتِ بنِ شرحبيلَ القرشيِّ، أن عبدَ اللهِ بنَ يزيدَ الخطميَّ حدَّثه عن أبي أيوبَ به.
هكذا بزيادة (عبد الرحمن بن جبير) بين يعقوب بن إبراهيم ومحمد بن ثابت، وبتسمية الراوي عن أبي أيوب (عبد الله بن يزيد الخطمي).
قال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، و (الأوسط)، وفيه: عبد الله بن صالح كاتب الليث، وقد ضَعَّفه أحمد وغيره. وقال عبد الملك بن شعيب بن
(1)
وقع عند ابن عساكر (محمد بن إبراهيم) بدلًا من (يعقوب بن إبراهيم)، مع أنه رواه من طريق الحربي، وهو في جزء الحربي على الصواب، ويبدو أنه تحريفٌ في أصل كتابه عن الحربي، فقد ذكره في ترجمة محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، وقال -عقب الحديث-:"يحيى بن أيوب قد أدرك محمد بن إبراهيم غير أني لا أعلم له سماعًا"!
الليث: ثقة مأمون" (مجمع الزوائد 1521).
وقال البوصيريُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، و (الأوسط) من رواية عبد الله بن صالح كاتب الليث، وليس عنده ذكر عمر بن عبد العزيز"(إتحاف الخيرة 1/ 302).
ورواه الحاكمُ من طريقِ الليثِ، وسقطَ من سندِهِ ذِكرُ يحيى.
أما عن الراوي عن أبي أيوبَ فرَجَّحَ أبو حاتم أنه ابنُ سُويدٍ، ورجَّحَ ابنُه عبدُ الرحمنِ أنه ابنُ يزيدَ (علل الحديث 192).
وما رجَّحَهُ ابنُ أبي حاتمٍ هو الصوابُ؛ فقد ذَكَرَ ابنُ أبي حاتمٍ أن ابنَ وهبٍ رواه عن يحيى بنِ أيوبَ به، وسمَّاه ابنَ يزيدَ الخطميَّ.
وزيادةُ الرجلِ مرجوحةٌ؛ إذ إن الراوي عن الليثِ هو أبو صالح كاتب الليث تكرر بيانُ ضَعْفِهِ، قال عنه الحافظُ ابنُ حَجرٍ:"صدوقٌ كثيرُ الغلطِ، ثَبْتٌ في كتابه، وكانتْ فيه غفلةٌ"(التقريب 3388).
ورواه البيهقيُّ من طريقِ أحمدَ بنِ الحسنِ -شيخ ابن حِبَّانَ هنا-، وسمَّاهُ عبد الله بن يزيد الخطمي، وقال في (الشعب):"وعبد الله هذا إن كان الخطمي فاسم أبيه يزيد".
ورواه الباغنديُّ من طريقٍ آخر كما سيأتي، وسمَّاه ابن يزيد الخطمي.
وعبد الله بن يزيد الخطمي صحابيٌّ صغيرٌ، روى له الستة. انظر (الجرح والتعديل 5/ 197)، (تهذيب التهذيب 6/ 78).
هذا تحقيق الكلام في عبد الله راوي الحديث عن أبي أيوب.
أما محمد بن ثابت، فقد ذكره البخاريُّ في (التاريخ الكبير 1/ 50)،
وابنُ أبي حاتم في (الجرح والتعديل 7/ 215)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 5/ 358)، وقال عنه ابنُ حجرٍ:"مقبول"(تقريب التهذيب 5769).
ووثَّقَهُ السخاويُّ في (التحفة اللطيفة 3701).
وأما يعقوبُ بنُ إبراهيمَ، فزَعَمَ الحاكمُ أنه أبو يوسف القاضي صاحب أبي حنيفة؛ فقال:"هذا حديثٌ صحيحُ الإسنادِ ولم يخرجاه، ويعقوبُ بنُ إبراهيمَ هذا الذي روى عنه الليثُ بنُ سعدٍ هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم"، وصَحَّحَ إسنادَهُ مع أن أبا يوسف القاضيَّ ضعيفٌ، انظر (لسان الميزان 8622).
وذكر ابنُ أبي حاتمٍ في (العلل 192) روايةَ عبد الله بن وهب، وكذا من رواية الليث بن سعد للحديث، وفيهما:(يعقوب بن إِبراهِيم بن عبد الله بن حُنين)، وكذا وقعَ في روايةِ يعقوبَ الفسويِّ عند البيهقيِّ في (الشعب)،
وابنُ حُنينٍ هذا ذكره البخاريُّ في (التاريخ الكبير 8/ 396)، وابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 9/ 201)، وسكتا عنه، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 643).
وقال الذهبيُّ: "يعقوب لا أدري مَن هو"(المهذب في اختصار السنن الكبير 6/ 2896).
هذا، ويوجدُ في هذه الطبقة يعقوب بن إبراهيم آخر، وهو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري المصري، وهو يروي -كذلك- عن عبد الرحمن بن جبير ومحمد بن ثابت، ويروي عنه يحيى بن أيوب، ذكره ابنُ أبي حاتمٍ في (الجرح والتعديل 9/ 201)، وسكتَ عنه، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 642).
الطريق الثاني:
رواه الباغنديُّ في (مسند عمر بن عبد العزيز 94): عن الحسين بن شاكر السمرقندي، ثنا محمد بن يوسف، ثنا أبو قرة موسى بن طارق، قال: ذكر زمعة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال: رُفِعَ إلى عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ حديثٌ حدَّثَ به محمدُ بنُ ثابتِ بنِ شرحبيلَ، فَكَتَبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى أبي أن سَلْ محمد بن ثابت عن حديثه فإنه رضًا فسأله وأنا معه، فأخبرَنا محمد بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب
…
فذكره.
وهذا سندٌ ضعيفٌ؛ زمعة هو ابن صالح؛ وهو ضعيفٌ كما في (التقريب 2035).
والحسين بن شاكر وَثَّقَهُ الإدريسيُّ وضَعَّفه الدارقطنيُّ. (اللسان 2549).
2987 -
حَدِيثُ عائشة:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: ((نَهَى الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَنِ [دُخُولِ] الحَمَّامَاتِ، ثُمَّ رَخَّصَ لِلرِّجَالِ أَنْ يَدْخُلُوهَا فِي المَيَازِرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ لِلنِّسَاءِ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ: الترمذيُّ، والإشبيليُّ، والحازميُّ، وابنُ القطانِ، والنوويُّ، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[د 4009 (والزيادة له) / ت 3006/ جه 3773، (واللفظ له) / حم 2547، 25006، 25085/ بز (18/ 177) / هق 3269، 14802/ شعب 7374/ تخ (الكنى 543) / منذ 646/ حق 1374، 1375/ تمام 608/ هقد 706/ سط (صـ 72) / أسد (6/ 206) / جهلي 99/ عف (خلال 304) / بغ 3211/ عتب (صـ 241) / كك (ق 40 ب) / حسيني (حمام 3)].
[السند]:
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا حماد عن عبد الله بن شداد عن أبي عذرة عن عائشةَ رضي الله عنها به.
ومداره عندهم على حمادٍ به.
قال الترمذيُّ: "هذا حديثٌ لا نعرفه إلا من حديثِ حمادِ بنِ سلمةَ".
وقال البزارُ: "هذا الحديثُ لا نعلمه يُروى بهذا اللفظِ إلا من هذا الوجهِ".
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ علته أبو عُذرة الراوي عن عائشة؛ قال فيه الحافظُ: ((ذكره ابنُ أبي خيثمةَ في (الصحابة)، وتبعه مسلم في (الكنى)، وعُدَّ في (الأوهام)، نعم، له إدراك ولا صحبةَ له. قاله البخاريُّ، والدولابيُّ، والحاكمُ أبو أحمد،
…
وذكره ابنُ حِبَّانَ في (ثقات التابعين)، وقال: يقال: له صحبة)) (الإصابة 12/ 568). وانظر: (جامع التحصيل ترجمة: 993).
ونقل الذهبيُّ عنِ ابنِ المدينيِّ أنه قال فيه: "مجهولٌ"، ولذا قال الذهبيُّ:"لا يُعرفُ"(الميزان 10417).
وقال الحافظُ: "مجهولٌ، من الثانيةِ، وَوَهِم من قال: له صحبة"(التقريب 8250).
وقال ابنُ العربي: "لا يُعرفُ اسمه، وليس له إلا هذا الحديث الواحد"(عارضة الأحوذي 10/ 242).
ولذا قال الترمذيُّ: "إسنادُهُ ليس بذاك القائم".
وأقرَّه عبدُ الحقِّ الإشبيليُّ في (الأحكام الكبرى 1/ 406).
وقال أبو بكرٍ الحازميُّ: "لا يُعرفُ هذا الحديث إلا من هذا الوجه، وأبو عُذرة غير مشهور"(الاعتبار صـ 241)، ونقله عنه البوصيريُّ في (الزوائد 4/ 121)، ولم يتعقبه بشيء.
وبقية كلام الحازمي: "وأحاديثُ الحمَّامِ كلها معلولة، وإنما يصحُّ فيها عن الصحابةِ رضي الله عنهم، فإن كان هذا الحديثُ محفوظًا فهو صريحٌ في النسخِ".
وضَعَّفه النوويُّ في (الخلاصة 543)، والشوكانيُّ في (نيل الأوطار 1/ 318)، والألبانيُّ في (ضعيف أبي داود 4009).
وأما ابنُ القطانِ فسلكَ مسلكًا آخر، فقال:"وعلةُ هذا الحديثِ الجهلُ بحالِ عبد الله بن شداد هذا، وهو شيخ من تجار واسط، لم يَرْوِ عنه غير حماد بن سلمة، بَيَّنَ أمره -كما قلنا- ابنُ معينٍ في رواية عباس، والبخاريُّ -أيضًا- وغيرُهما، ويلتبسُ على من لم يحصلْ بعبد الله بن شداد بن الهادي الثقة المأمون"(بيان الوهم والإيهام 3/ 337).
ثم راحَ ابنُ القطانِ يرمي عبدَ الحقِّ بالوهم والخلط؛ لأنه نسب أبا عُذرة لواسط، وزعم ابنُ القطانِ أنه التبس على عبدِ الحقِّ أمر ابن شداد؛ ولذا اكتفى بمجمل كلام الترمذي.
وانظر أيضًا: (أحكام النظر لابن القطان صـ 100).
ولم يهم عبد الحق، بل ابن القطان هو الواهم؛ فإن أبا عُذرة ذكره أسلم -المعروف بِبَحْشَل- ممن مات بواسط، فعلى هذا يُعَدُّ واسطيًّا.
وأما إعلاله -أعني: ابن القطان- الحديث بجهالة ابن شداد، فليس بصواب، وقد اعتمد في ذلك على ابن معين، وابن معين هو القائل في ابن شداد هذا:"ليس به بأس"(سؤالات ابن الجنيد 426)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات 7/ 38)، ووثَّقَهُ العجليُّ (الثقات 904)، وقال ابنُ حجرٍ:"صدوق"(التقريب 3383).
وأيضًا فلم يتفردْ حمادُ بنُ سلمةَ بالروايةِ عنه -كما زعم-، بل روى عنه الثوريُّ عند النسائيِّ في (الكبرى 8995) حديث ((تحريم إتيان النساء في أدبارهن)).
ومع ما ذكرناه من علة هذا إسناد هذا الحديث، فقد قال مغلطاي:"رواه أبو داود بسندٍ جيدٍ وإن خالفَ عبدُ الحقِّ"(شرح سنن ابن ماجة 3/ 81).
ويشهدُ لحديث أبي عُذرةَ هذا مرسل طاوس مرفوعًا بلفظ: ((اتَّقُوا بيتًا يُقالُ له الحَمَّامُ)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يُنْقِّي مِنَ الوَسَخِ وَيَنْفَعُ مِنْ كَذَا؟ قَالَ:((فَمَنْ دَخَلَهُ فَلْيَسْتَتِرْ)). وهو مرسلٌ صحيحٌ، وقد رُوي موصولًا ولا يصحُّ كما سيأتي ذكره.
ويشهدُ لجملته ما سبقَ من حديثِ جابرٍ، وعمر، وأبي أيوب رضي الله عنهم.
رِوَايَةُ:
…
إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَائِشَةَ: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ عَنِ الحَمَّامَاتِ، إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[ش 1190].
[السند]:
قال ابنُ أبي شيبةَ: حدثنا عفانُ، قال: حدثنا حمادُ بنُ سلمةَ، قال: أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ شدادٍ، عن أبي عذرةَ -وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم عن عائشةَ به.
وهذا سندٌ ضعيفٌ، تقدَّم الكلامُ عليه في الروايةِ السابقةِ.
وقوله: ((إِلَّا مَرِيضَةً أَوْ نَفَسَاءَ)) له شواهد، منها: حديث عبد الله بن عمرو الآتي قريبًا، وهو وإن كان ضعيفًا إلا إنه يشهدُ لهذه الروايةِ.
ورُوي عن عمرَ -من غير ما وجه- أنه قال: ((لَا تَدْخُلَنَّ امْرَأَةٌ مُسْلِمَةٌ الحَمَّامَ
إِلَّا مِنْ سَقَمٍ)): أخرجه عبدُ الرزاقِ في (المصنف 1143)، وابنُ أبي شيبةَ في (المصنف 1186)، والبغويُّ في (مسند ابن الجعد 2374)، والبيهقيُّ في (الشعب 7387)، ورُوي نحوه عن عائشة: أخرجه عبدُ الرزاقِ في (المصنف 1145).
رِوَايَةُ:
…
وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَدْخُلْنَهُ البَتَّةَ
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:((بَيْتٌ بِالشَّامِ لَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَدْخُلُوهُ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُؤْمِنَاتِ أَنْ يَدْخُلْنَهُ البَتَّةَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ساقطٌ.
[التخريج]:
[محد (2/ 323) (واللفظ له) / فقط (أطراف 6061) / أصبهان (1/ 370) / فر (ملتقطة/ 2/ أ/ ق 12) / علج 564].
[السند]:
قال أبو الشيخ -وعنه أبو نعيم، ومن طريق أبي نعيم أخرجه الديلميُّ-: حدثنا عبد الله بن سندة بن الوليد، قال: ثنا رجاء بن صهيب، قال: ثنا محمد بن زنبور، قال: ثنا عمر بن صبح، عن خالد بن ميمون، عن مطر بن طهمان، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة به.
ومداره عندهم على عمر بن صبح به.
قال الدارقطنيُّ: تفرَّدَ به خالدُ بنُ ميمونٍ عن مطرٍ، ولم يروه عنه غير عمر
ابن صُبْح.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ساقطٌ؛ فيه: عمر بن صبح بن عمران، وهو:"متروكٌ، كَذَّبه ابنُ راهويه" كما في (التقريب 4922).
قال ابنُ الجوزيِّ: ((لم يروه عن خالدٍ غير عمر بن الصبح، قال ابنُ حِبَّانَ: كان يضعُ الحديثَ على الثقاتِ، لا يحلُّ كتب حديثه إلَّا على وجهِ التعجبِ" (العلل المتناهية 1/ 344).
2988 -
حَدِيثُ أبي هريرةَ:
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ مِنْ ذُكُورِ أُمَّتِي فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَمَنْ كَانَتْ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ مِنْ إِنَاثِ أُمَّتِي فَلَا تَدْخُلِ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ: الهيثميُّ، والبوصيريُّ، والشوكانيُّ، والعظيم آبادي.
[التخريج]:
[حم 8275 (واللفظ له) / عدن (مط 174)، خيرة (505/ 1) / حسيني (حمام 5)].
[السند]:
رواه أحمدُ -ومن طريقه الحسينيُّ-، وابنُ أبي عمرَ: عن أبي عبد الرحمن المقرئ، حدثنا سعيد بن أبي أيوب، أخبرني أبو خيرة، عن موسى بن وردان، قال أبو خيرة: لا أعلمه إلا قال عن أبي هريرة به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ علته جهالة أبو خيرة، قال الذهبيُّ:"لا يُعْرَفُ"(ميزان الاعتدال 10162).
قال الهيثميُّ: "رواه أحمدُ، وفيه أبو خيرة، قال الذهبيُّ: لا يُعرفُ"(مجمع الزوائد 1516).
وقال البوصيريُّ: "هذا إسنادٌ ضعيفٌ"(إتحاف الخيرة).
وكذلك أعلَّه بأبي خيرة: الشوكانيُّ في (نيل الأوطار 9/ 1011)،
والعظيم آبادي في (عون المعبود 9/ 1011).
رِوَايَةُ: أَنْشُدُ اللَّهَ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((أَنْشُدُ اللَّهَ رَجَالَ أُمَّتِي لَا يَدْخُلُوا الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَأَنْشُدُ اللَّهَ نِسَاءَ أُمَّتِي أَنْ لَا يَدْخُلْنَ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ الألبانيُّ.
[التخريج]:
[معص (صـ 251) / كر (13/ 401) / حسيني (حمام 4)].
[السند]:
رواه ابنُ جُمَيْعٍ الصيداويُّ -ومن طريقه ابنُ عساكر، والحسينيُّ- عن أبي علي الحسن بن أبي نعيم بن الأصم، حدثنا بكر بن سهل، حدثنا عمرو بن هاشم، حدثنا موسى بن وردان، عن أبي هريرة به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه ثلاثُ عللٍ:
العلة الأولى: الانقطاعُ؛ عمرو بن هاشم -وهو البيروتي- "صدوق يخطئ" كما في (التقريب 5127)، كَتَبَ عن الأوزاعي وهو صغير -كما قال ابنُ وَارَة-؛ ولذلك استبعدَ الذهبيُّ سماعه من ابن عجلان. انظر:(جامع التحصيل 587).
قلنا: وبالتالي فهو لم يدركْ موسى بن وردان؛ لأن موسى من الثالثة
وتوفي (117 هـ).
والأوزاعي -الذي سمع منه البيروتي وهو صغير- من السابعة وتوفي (157 هـ)، فتنبه.
وأما تصريحه بالسماعِ منه في السندِ فهو وَهْمٌ، ولعلَّه من بكر بن سهل الآتي:
العلة الثانية: بكر بن سهل -هو الدمياطي-؛ قال الذهبيُّ: "مقارب الحال". وقال النسائي: "ضعيف". وقال مسلمة: "تكلَّموا فيه ووضَعُوه". وانظر: (لسان الميزان 1582)، (إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني 304).
العلة الثالثة: أبو عليٍّ الأصمُ لم نجدْ من ترجمَ له غير ابن عساكر، ولم يذكرْ فيه شيئًا غير قوله:"أخشى -والله أعلم- أن يكون هذا هو الحسن بن إبراهيم بن الأصبغ العَكَّاوي الذي حدَّثَ بصيدا عن أبي الدرداء العَكِّي، وحَدَّثَ عنه علي بن الحسن بن علان الذي تقدَّم ذكره" اهـ.
قلنا: وهذا الذي أشار إليه لم يُذكرْ في ترجمته أيضًا جرحٌ ولا تعديلٌ.
وقد ضَعَّفَ الألبانيُّ الحديثَ في (الضعيفة 5696).
ومع ما ذكرناه من عللِ هذا الإسنادِ، فقد رمزَ له السيوطيُّ بالحُسنِ في (الجامع الصغير 2737)، ولعلَّه حسَّنَه لشواهدِهِ، وفيه نظر لما تقدَّم بيانُه في حديثِ جابرٍ.
رِوَايَةٌ
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُدْخِلَنَّ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[طلوت 20/ طش 3470 (واللفظ له) / مخلص 1064/ متشابه (1/ 445)].
[السند]:
رواه طالوتُ بنُ عَبَّادٍ في (نسخة له): عن بُسْرِ بنِ سعيدٍ، قال: حدثنا مكحولٌ الشاميُّ قال: حدثنا أبو هريرة، به.
ورواه الباقون من طريق أبي القاسم البغوي عن طالوتٍ به، إلا أنه وقع عند الطبراني:(بشير بن سعيد) وزاد في الحديث الذي قبله وهو من نفس هذا الطريق: (البصري)، ووقع عند الخطيب:(بشر بن سعيد).
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: بُسْرُ بنُ سعيدٍ أو بِشْرُ بنُ سعيدٍ، ترجمَ له الخطيبُ في (تلخيص المتشابه)، وذكرَ له هذا الحديث، ولم يَذكرْ فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولكن أشارَ إلى خطأ وقعَ فيه، مما يدلُّ على ضَعْفِهِ، وانظرْ بيانَه في:
العلة الثانية: الانقطاعُ؛ مكحول لم يسمعْ من أبي هريرة، وإنما أرسلَ عنه كما قالَ البزارُ (تهذيب التهذيب 10/ 292). وقال الدارقطنيُّ: "لم يَلْقَ
أبا هريرة" (جامع التحصيل 796).
وعليه فصيغة التحديث المذكورة في السندِ وهم من قِبل بشر هذا؛ ولذا قال الخطيبُ: "كذا قال هذا الشيخ، وسماع مكحول من أبي هريرة لا يثبت"(تلخيص المتشابه 1/ 445).
* * *
رِوَايَةُ: إلا بمنديل
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((لَا يَدْخُلِ الرَّجُلُ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِنْدِيلٍ، وَلَا تَدْخُلِ المَرْأَةُ الحَمَّامَ بِمِنْدِيلٍ وَلَا بِغَيْرِ مِنْدِيلٍ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ تالفٌ.
[التخريج]:
[عد (9/ 609) (واللفظ له) / ملتقطة (4/ ق 180) / أشيب 46].
[السند]:
رواه ابنُ عَدِيٍّ عن محمدِ بنِ منيرٍ، حدثني كُرْدُوس، ثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة به.
ومداره عندهم على كردوس به.
جاء في جزء القاسم بن موسى الأشيب زيادة أبي عبد الله القافلائي بين كردوس والمعلى.
[التحقيق]:
هذا سندٌ تالفٌ؛ معلَّى بن عبد الرحمن اتَّهمه بالكذبِ ووضع الحديث: ابنُ معينٍ، وابنُ المدينيِّ، والدارقطنيُّ. وقال أبو زرعةَ:"ذاهبُ الحديثِ"، وقال أبو حاتم:"ضعيفُ الحديثِ، كأنَّ حديثَه لا أصلَ له"، وقال مرة:"متروكُ الحديثِ". وقال ابنُ حجرٍ: "متهمٌ بالوضعِ، وقد رُمِي بالرفضِ" كما في (التقريب 6805).
ولعلَّ هذا مِن وضعه، فإنه مخالفٌ لكلِّ روايات الحديث مع ضعْفها.
وقد ذكره ابنُ عَدِيٍّ في ترجمته، وقال:"وهذا أيضًا عن عبد الحميد بن جعفر يرويه معلَّى عنه، ولمعلَّى غير ما ذكرتُ منَ الأحاديثِ عمَّن يَروي عنهم يتفردُ بروايته عنهم، وأرجو أنه لا بأس به".
ولخَّصَ كلامَه ابنُ القيسراني فقال: "وهذا لا يرويه عن عبد الحميد غير مُعلَّى"(ذخيرة الحفاظ 6323).
وأما قولُ ابنِ عَدِيٍّ: (لا بأس به)، ففيه كلُّ البأسِ، كيفَ وقد اتُّهِم بالكذبِ والوضعِ، ولكن يبدو أن ابنَ عَدِيٍّ لم يقفْ على كلام الأئمة، حيث إنه لم يذكرْ شيئًا عنهم في ترجمته، إنما ذكر عن ابنِ صاعد قوله:"وكان الدقيقي يثني عليه". والدقيقيُّ هذا ليس ممن يُعتدُّ بقوله في الجرح والتعديل. والله أعلم.
* * *
2989 -
حَدِيثُ أبي سعيدٍ:
◼ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَسْعَ إِلَى الجُمُعَةِ، وَمَنِ اسْتَغْنَى عَنْهَا بِلَهْوٍ وَتِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ، وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ، وضَعَّفَهُ: ابنُ الملقنِ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[طس 7320 (واللفظ له) / بز (كشف 318)].
[السند]:
ورواه الطبرانيُّ عن محمد بن العباس عن محمد بن حرب عن علي بن يزيد به.
رواه البزارُ عن محمدِ بنِ حربٍ النَّشَائيِّ، والحسينِ بنِ عليِّ بنِ يزيدَ، كلاهما عن علي بن يزيد الأكفاني، عن فُضيل بن مَرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد به.
قال الطبرانيُّ: "لم يَرْوِ هذا الحديث عن فُضَيل بن مرزوق إلا علي بن يزيد، تفرَّدَ به: محمدُ بنُ حربٍ".
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
العلة الأولى: عطية -هو ابنُ جُنَادة العوفي-؛ قال الذهبيُّ: "ضعَّفوه"(الكاشف 3820). وقال الحافظُ: "صدوقٌ، يُخطئُ كثيرًا، وكان شيعيًّا
مدلسًا" (التقريب 4616)، وقد سبقَ مِرارًا.
العلة الثانية: علي بن يزيد -هو الصُّدَائيُّ الأكفانيُّ-؛ اختُلِفَ فيه. وقال الحافظُ: "فيه لين"(التقريب 4816).
قال ابنُ الملقنِ: "رواه البزارُ، وفيه ضَعْفٌ"(البدر المنير 8/ 19).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الأوسط) والبزارُ باختصار ذكر الجمعة، وفيه علي بن يزيد الألهاني، ضَعَّفه أبو حاتم وابنُ عَدِيٍّ، ووثَّقَهُ أحمدُ، وابنُ حِبَّانَ"(مجمع الزوائد 1520).
وهذا الكلامُ فيه نظرٌ من وجهين:
الوجه الأول: أنه ليس الأَلْهَانِي، وإنما هو الأكفاني، كما جاء في سنديهما. والظاهر أن ذكر (الألهاني) هنا إنما هو تحريفٌ، وليس خطأ في تعيين علي بن يزيد؛ وذلك لأن الكلامَ الذي ذكره فيه إنما ينطبق على (الأكفاني)، وليس على (الألهاني).
الوجه الثاني: أنه قصر العلة على عَلِيِّ بنِ يزيدَ، ولم يتعرضْ لعطية العوفي بشيءٍ.
والحديث ضَعَّفَهُ الألبانيُّ في (ضعيف الترغيب 126).
رِوَايَةُ
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنَ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ، وَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الخَمْرُ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ واهٍ.
[التخريج]:
[رفا 91].
[السند]:
قال أبو عليٍّ الرفاء: حدثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، حدثنا أحمد بن الوليد، حدثنا خالد بن يزيد حدثنا عمر بن صهبان، عن عمارة بن غزية، عن يحيى بن عمارة، عن أبي سعيد الخدري.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ، فيه علتان:
الأولى: خالد بن يزيد، وهو العدويُّ، كَذَّبه أبو حاتم ويحيى، وقال ابنُ حِبَّانَ:"يروي الموضوعات عن الأثبات". انظر: (لسان الميزان 2910).
الثانية: عمر، صهبان، وهو:"ضعيف" كما في (التقريب 4923).
وبهما أعلَّه ابنُ القطانِ فقال: "في إسنادِهِ عمر بن صهبان، وخالد بن يزيد المكي، وهما ضعيفان"(أحكام النظر صـ 102).
2990 -
حديث أنس:
◼ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ لَا يَدْخُلُ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ تالفٌ.
[التخريج]:
[خط (14/ 290)].
[السند]:
رواه الخطيبُ، عن غالب بن هلال الحفار، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن معروف البزاز، حدثنا عبد الله بن أبي داود، حدثنا عبد الرحمن بن مسلم المقرئ، حدثنا يَغْنَم بن قَنْبَر، حدثنا أنس به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ تالفٌ؛ يغنم بن سالم بن قنبر رَمَاهُ ابنُ حِبَّانَ وغيرُهُ بالكذبِ. انظر: (لسان الميزان 8669).
2991 -
حَدِيثُ ابن عباس:
◼ وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ
…
)) الحَدِيثَ بِطُولِهِ.
[الحكم]:
إسنادُهُ تالفٌ.
[التخريج]:
[طب (11/ 191/ 11462)].
[السند]:
رواه الطبرانيُّ، عن محمد بن زكريا الغَلَابي، ثنا عبد الله بن رجاء، أنا يحيى بن أبي سليمان المدني، عن عطاء، عن ابن عباس به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ تالفٌ؛ فيه علتان:
العلةُ الأُولى: يحيى بن أبي سليمان المدني؛ لين الحديث، كما في (التقريب 7565).
وبه ضَعَّفَ الإسنادَ ابنُ الملقنِ في (البدر المنير 8/ 19).
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الكبير)، وفيه يحيى بن أبي سليمان المدني، ضَعَّفَهُ البخاريُّ وأبو حاتم، ووثَّقَهُ ابنُ حِبَّانَ"(مجمع الزوائد 1525).
العلة الثانية: محمد بن زكريا الغلابي؛ قال الدارقطنيُّ: "يضعُ الحديثَ". انظر: (لسان الميزان 6791)، و (إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني 894).
2992 -
حَدِيثُ ابن عمر:
◼ عَنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يؤمن بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَدْخُلَ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ساقطٌ.
[التخريج]:
[طس 6669/ عد (5/ 409) (واللفظ له) / علج 563].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له طريقان:
الطريق الأول: رواه الطبرانيُّ، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن خلف، عن حبيب، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر به.
وهذا سندٌ ساقطٌ؛ حبيب -هو ابنُ أبي حبيب- كاتب مالك؛ "متروكٌ، وكَذَّبه أبو داود وجماعة" كما في (التقريب 1087).
قال الطبرانيُّ: لم يَرْوِ هذا الحديث عن مالكٍ إلا حبيب".
وقال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ في (الأوسط)، وفيه حبيب كاتب مالك، وهو ضعيفٌ"(مجمع الزوائد 1528).
الطريق الثاني: رواه ابنُ عَدِيٍّ، وابنُ الجوزيِّ من طريقِ الوليدِ بنِ القاسمِ، عن سالم بن عبد الأعلى، عن نافعٍ، عنِ ابنِ عمرَ به.
وهذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ سالم بن عبد الأعلى "متروك ورُمي بالوضع"(لسان الميزان 3339).
وضَعَّفه ابنُ القيسراني بسالمٍ (ذخيرة الحفاظ 5526).
وقال ابنُ الجوزيِّ: "وهذا لا يصحُّ"(العلل المتناهية 563).
وقال ابنُ القطانِ: "ضعيفٌ؛ فإنه من رواية سالم بن عبد الأعلى عن نافعٍ عن ابنِ عمرَ، وسالمٌ هو (أبو الفيض)
(1)
كوفيٌّ ضعيفٌ، أنكروا عليه ما جاء به عن نافعٍ عنِ ابنِ عمرَ ((أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَشْفَقَ مِنَ الحَاجَةِ رَبَطَ فِي يَدِهِ خَيْطًا)) قال البخاريُّ: تركوه" (النظر في أحكام النظر لابن القطان صـ 101).
(1)
في الأصل المطبوع: (أبو القبص)، وهو تصحيفٌ.
2993 -
حَدِيثُ المقدامِ:
◼ عَنِ المِقْدَامِ بنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ آفَاقًا فِيهَا بُيُوتٌ يُقَالُ لَهَا الحَمَّامَاتُ، حَرَامٌ عَلَى أُمَّتِي دُخُولُهَا)). فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا تُذْهِبُ الوَصَبَ وَتُنَقِّي الدَّرَنَ. قَالَ:((فَإِنَّها حَلَالٌ لِذُكُورِ أُمَّتِي فِي الأُزُرِ، حَرَامٌ عَلَى إِنَاثِ أُمَّتِي)).
[الحكم]:
ضعيفٌ جدًّا، وضَعَّفَهُ: الهيثميُّ والألبانيُّ.
[اللغة]:
الوَصَبُ: المرضُ وتكسيره، وتقول: وَصِبَ يَوْصَبُ وَصَبًا، وأصابه الوَصَب، والجمع أوصاب، أي أوجاع فهو وَصِبٌ، وهو يَتَوَصَّب: يجد وجعًا (العين 7/ 168).
[التخريج]:
[طب (20/ 284/ 671) / طش 1857].
[السند]:
رواه الطبرانيُّ عن أحمد بن المعلى الدمشقي، ثنا هشام بن عمار، ثنا مسلمة بن علي، ثنا الزُّبيدي، عن راشد بن سعد، عن المقدام بن معديكرب به.
[التحقيق]:
هذا سندٌ ضعيفٌ جدًّا؛ مسلمة بن علي هو أبو سعيد الخشني الدمشقي البلاطي، وهو متروك، كما في (التقريب 6662).
قال الهيثميُّ: "رواه الطبرانيُّ، وفيه مسلمة بن علي الخُشَنِي، وقد أجمعوا
على ضَعَّفه" (مجمع الزوائد 1523).
وقال الألبانيُّ: "وهذا إسنادٌ ضعيفٌ جدًّا؛ آفته مسلمة بن علي -وهو الخشني-، وهو متروك"(الضعيفة 14/ 730).
2994 -
حَدِيثُ محمد بن كعب القرظي
◼ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ كَعْبٍ القُرَظِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَدْخُلِ الحَمَّامَ إِلَّا بِمِئْزَرٍ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلْيَهَا الخَمْرُ. وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَعَلَيْهِ الجُمُعَةُ يَوَمَ الجُمُعَةِ إِلَّا صَبِيًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ مَمْلُوكًا، وَمَنِ اسْتَغْنَى بِلَهْوٍ أَوْ تِجَارَةٍ، اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ، وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)).
[الحكم]:
إسنادُهُ ضعيفٌ.
[التخريج]:
[عب (كنز 27426)].
[السند]:
قال عبد الرزاق: حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي به.
[التحقيق]:
هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علتان:
الأولى: أبو معشر، هو نَجيح بن عبد الرحمن، وهو:"ضعيفٌ أَسَنَّ واختلطَ"، كما في (التقريب 7100).
الثانية: الإرسال، فمحمد بن كعب القرظي منَ التابعين، وروايتُهُ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلةٌ.
2995 -
حَدِيثُ أبي هريرة
◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهُ صلى الله عليه وسلم: ((الظَّرِيفُ لَا يَأْخُذُ شَعْرَهُ فِي دُكَّانِ حَجَّامٍ، وَلَا يَدْخُلُ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ الحَمَّامَ)).
[الحكم]:
موضوعٌ، والحكمُ بوضعه هو مقتضى صنيع السيوطي وابن عراق.
[التخريج]:
[فر (ملتقطة 2/ ق 276، 277) معلقًا، (ذيل اللآلئ 794)].
[التحقيق]:
هذا الحديثُ له طريقان:
الأول:
علَّقَهُ الديلميُّ في (مسند الفردوس) كما في (الغرائب الملتقطة 2/ ق 276) قال: قال أبو الشيخ: حدثنا محمد بن إبراهيم بن شبيب، حدثنا علي بن مُبَشِّر، حدثنا محمد بن الصلت عن جُمَيْع بن عمر
(1)
، عن مروان بن سالم، عن عبد الله بن همام، عن أبي هريرة به.
وهذا سندٌ تالفٌ، فيه:
مروان بن سالم، هو أبو عبد الله الغِفَاري، قال فيه الساجي وأبو عروبة:"يضعُ الحديثَ"، زاد الساجي:"كذَّابٌ"، وتركه النسائيُّ وغيرُهُ؛ ولذا قال فيه ابنُ حجرٍ:"متروكٌ، ورَمَاهُ الساجيُّ وغيرُهُ بالوضعِ"(التقريب 6570).
(1)
في مخطوطة الغرائب: "عمير" مصغرًا، وليس ذلك سهوًا من الحافظ، فإنه قد ذكره هكذا مصغرًا في كتبه الثلاثة:(اللسان، والتهذيب وتقريبه)، وفي عامة المراجع كما أثبتناه.
وجُميع بن عمر بن عبد الرحمن العجلي، فَسَّقَهُ أبو نعيم المُلائيُّ، وقال أبو داود:"أخشى أن يكون كذَّابًا"(الميزان 1/ 421)، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات)، وقال العجليُّ:"لا بأس به، يُكتبُ حديثُه، وليس بالقويِّ"(تهذيب التهذيب 2/ 111)، وقال ابنُ حجرٍ:"ضعيفٌ رافضيٌّ"(التقريب 966).
وعبد الله بن همام، الراوي عن أبي هريرة، لم نجدْ مَن ترجمَ له.
الطريق الثاني:
رواه الديلميُّ كما في (الزيادات على الموضوعات 794) قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الزنجاني، عن القاضي أبي عبد الله الحسين بن محمد الزنجاني، عن إبراهيم بن عبد الله البصري، عن عبد الرحمن بن عمران العبدي، عن إسحاق بن إبراهيم بن حُبَيش، عن محمد بن الفرات، عن سعيد بن لقمان، عن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي هريرة، مرفوعًا بمثله، غير أنه قال:"من دكان"!
وهذا سندٌ تالفٌ أيضًا، فيه: محمد بن الفرات التميمي، كَذَّبه أحمدُ وغيرُهُ؛ ولذا قال ابنُ حجرٍ:"كذَّبُوه"(التقريب 6217).
وسعيدُ بنُ لقمان، قال الأزديُّ:"لا يُحتجُّ بحديثِهِ"(الميزان 2/ 156).
وعبد الرحمن بن عمران العبدي لم نجدْ له ترجمةً.
والحديثُ ذكره السيوطيُّ في (الزيادات على الموضوعات 794)، ولم يُعَلِّقْ عليه بشيءٍ، فقال ابنُ عراق:"لم يبينْ علته، وفيه سعيد بن لقمان، قال الأزديُّ: "لا يُحتجُّ به"، وعنه محمد بن الفرات"(تنزيه الشريعة 2/ 393).
وسكتَ عن ابنِ الفراتِ لأنه ذكره في المقدمة (1/ 112) ضمن الكذَّابين الذين سيكتفي بذكر أسمائهم، منعًا للتَّكرار.
قلنا: وهذا هو نفسُ السببِ الذي لأجله لم يبينِ السيوطيُّ علةَ الإسنادِ! فإنه قد سبقَ أن قال في (الزيادات) تحت الحديث (رقم 644): "محمد بنُ الفرات كذَّابٌ".
فلما جاء ذكر حديثنا هذا، لم يعلق عليه، مكتفيًا بإبراز سنده، المشتمل على ابن الفرات، الذي مَرَّ ذكره مبينًا حاله.
2996 -
حَدِيثُ الحسن بن علي:
◼ عَنْ عَاصِمِ بنِ ضَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عَلَى شَاطِئِ الفُرَاتِ، وَذَلِكَ بَعْدَ العَصْرِ وَنحْنُ صِيَامٌ. قَالَ: وَمَاءُ الفُرَاتِ يجْرِي عَلَى رَضْرَاضٍ وَالمَاءُ صَافٍ وَنحْنُ عِطَاشٌ، فَقَالَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ:((لَوْ كَانَ مَعِيَ مِئْزَرٌ لَدَخَلْتُ المَاءَ)). قُلْتُ: إِزَارِي أُعْطِيكَهُ. قَالَ: فَمَا تَلْبَسُ أَنْتَ؟ قُلْتُ: أَدْخَلَ كَمَا أَنَا. قَالَ: فَذَاكَ الَّذِي أَكْرَهُ، إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((إِنَّ لِلْمَاءِ عَوَامِرَ مِنَ المَلَائِكَةِ كَعَوَامِرِ البُيُوتِ، اسْتَحْيُوهُمْ، وَهَابُوهُمْ، وَأَكْرِمُوهُمْ، إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَيْهِمُ المَاءَ فَلَا تَدْخُلُوا إِلَّا بِمِئْزَرٍ)).
[الحكم]:
باطلٌ، وإسنادُهُ تالفٌ.
[التخريج]:
[أصبهان (1/ 388) (واللفظ له) / فر (ملتقطة 1/ ق 293، 294) مختصرًا].
[السند]:
رواه أبو نعيم في (أخبار أصبهان 1/ 388) -ومن طريقه الديلميُّ في (مسنده) كما في (الغرائب 1/ ق 293) - قال: حدثنا أبو محمد سعيد بن محمد بن أحمد، ثنا أحمد بن عبد الله بن هشام السرخسي أبو منصور، ثنا الحسين بن إدريس الهروي، ثنا أبو الهذيل خالد بن هَيَّاج بن بسطام الهروي، حدثني أبي عن عباد بن كثير، عن عمرو بن خالد، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عاصم بن ضمرة، به.
[التحقيق]:
إسنادُهُ تالفٌ جدًّا، وفيه أربعُ عللٍ:
الأُولى: عمرو بن خالد، هو أبو خالدٍ الواسطيُّ، كَذَّبه أحمدُ، وابنُ مَعينٍ، وأبو داود، وغيرُهم؛ ولذا قال الذهبيُّ:"كذَّبُوه"(الكاشف 4150)، بينما قال الحافظُ:"متروكٌ، ورَمَاه وكيعٌ بالكذبِ"! (التقريب 5021).
الثانية: عباد بن كثير، هو الثقفيُّ، قال ابنُ حجرٍ:"متروكٌ، قال أحمدُ: روى أحاديثَ كذب"(التقريب 3139).
الثالثة: هيَّاج بن بِسطام التميمي، قال ابنُ حَجرٍ:"ضعيفٌ، روى عنه ابنُه خالدٌ منكراتٍ شديدةً"(التقريب 7355).
وقيل: الحمل فيها على ابنِهِ خالدٍ، (اللسان 2906).
الرابعة: عنعنة حبيب، فإنه كثير الإرسال والتدليس، وإن كان هذا قد وُضع عليه، فقد قال الثوري:"حبيب بن أبي ثابت لم يَرْوِ عن عاصم بن ضمرة شيئًا قط"(المعرفة 1/ 700)، وقال أبو داود:"ليس لحبيبٍ عن عاصم بن ضمرة شيء يصحُّ"(التقريب 2/ 179)، وقال أبو حاتم:"لا يثبتُ لحبيبٍ رواية عن عاصمٍ"(العلل 6/ 51).
وفي البابِ عن جابرٍ رضي الله عنه: ((أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُدْخَلَ المَاءُ إِلَّا بِمِئْزَرٍ))، وهو حديثٌ منكرٌ، ضعيفُ الإسنادِ، وقد سبقَ الكلامُ عليه في أولِ البابِ.
2997 -
حَدِيثُ المنهيات الطويل:
◼ عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي سَبْعَةُ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَبُو هُرَيْرَةَ، وَجَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍو بنِ العَاصِ، وَعِمْرَانُ بنُ حُصَيْنٍ، وَمَعْقِلُ بنُ يَسَارٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، وَأَنَسُ بنُ مَالِكٍ -يَزِيد بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الحَدِيث- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَنَّهُ
…
نَهَى أَنْ يُبَالَ فِي المُغْتَسَلِ، وَنَهَى عَنِ البَوْلِ فِي المَاءِ الرَّاكِدِ، وَنَهَى أَنْ يَبُولَ فِي المشارِعِ، وَنَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ وَفَرْجُهُ بَادٍ إِلَى الشَّمْسِ وَالقَمَرِ، وَنَهَى أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبِلَ القِبْلَةِ، وَنَهَى أَنْ يَبُولَ الرَّجُلُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَنَهَى أَنْ يَسْتَنِجَي بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ، وَنَهَى أَنْ يَسْتَنْجِيَ بِتُرَابٍ قَدِ اسْتَنْجَى بِهِ مَرَّةً،
…
وَنَهَى أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلُ حَاجَتَهُ تَحْتَ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ، أَوْ عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ، أَوْ عَلَى طَرِيقٍ عَامِرٍ، وَنَهَى أَنْ يَسْتَنْجِيَ الرَّجُلُ بِيَمِينِهِ،
…
وَنَهَى أَنْ يُبَالَ فِي الإِنَاءِ الَّذِي يُنْتَفعُ بِهِ،
…
وَنَهَى أَنْ يُجَامِعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَقَدْ خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَنَهَى أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ وَهُوَ جُنُبٌ حَتَّى يَتَوَضَّأَ،
…
وَنَهَى أَنْ يُدْخَلَ الحَمَّامُ إِلَّا بِمِئْزَرٍ، وَنَهَى أَنْ تَدْخُلَهُ المَرْأَةُ،
…
وَنَهَى أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ فِي المَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ،
…
وَنَهَى عَنِ الخِضَابِ بِالسَّوَادِ،
…
)) إلى آخر الحديث، وهو مطول جدًّا.
[الحكم]:
باطلٌ موضوعٌ بهذه السياقةِ، وقدِ استنكره: الجوزجانيُّ، وابنُ عَدِيٍّ والذهبيُّ، وحكم ببطلانه النوويُّ، وقال ابنُ حَجرٍ:"باطلٌ لا أصلَ له"، وأقرَّه: السيوطيُّ، وابنُ عراق، والشوكانيُّ، والألبانيُّ.
وبعض فقرات المتنِ قد صحَّت مفردة من وجوهٍ أُخْرَى، كالنهي عن البولِ في الماءِ الراكدِ، والنهي عن البولِ مستقبل القبلة، والنهي عن الاستنجاء بروثٍ
أو عظمٍ، والنهي عن أن يستنجي الرجلُ بيمينه، والنهي عن دخولِ الحمَّامِ للرجالِ إلا بمئزر، والنهي للنساءِ عن دخولِهِ مطلقًا، وسُئِلَ عن نومِ الرجلِ وهو جنبٌ فقال:((نَعَمْ، إِذَا تَوَضَّأَ)).
[التخريج]:
[حكيم (منهيات صـ 23 مع صـ 29، 30، 31، 33، 35، 37، 40، 43، 45، 46، 47، 148، 149، 158، 159، 186، 196)، (ذيل اللآلئ 968)].
سبقَ تخريجه وتحقيقه في: (باب النهي عن استقبال القبلة، واستدبارها عند قضاء الحاجة).
2998 -
حَدِيثُ أنسٍ
◼ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: ((مَنْ دَخَلَ الحَمَّامَ بِغَيْرِ مِئْزَرٍ لَعَنَهُ المَلَكَانِ)).
[الحكم]:
لم نقفْ على إسنادِهِ، وضَعَّفَهُ: السيوطيُّ، والألبانيُّ.
[التخريج]:
[الشيرازي (الجامع الصغير للسيوطي 8661)].
[التحقيق]:
الحديث ذكره السيوطيُّ في (الجامع الصغير 8661)، ورمزَ له بالضعفِ، وتبعه على ذلك الألبانيُّ في (ضعيف الجامع 5575)، ولم نقفْ على إسنادِهِ؛ فكتاب الشيرازي في عداد المفقود حتى الآن.
* * *
وفي الباب أحاديث أُخر، انظر البابين التاليين: