الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه وعلى ولديه وعادوا، فلما جلسوا بسيواس بلغهم أن آجاي ضرب نواب البرواناة وضياء الدين بن الخطير، واستأصل أموالهم وتعرض لمن سواهم من الأعيان وعسفهم فكتبوا إلى أبغا بذلك فبعث إليه يطلبه.
ذكر ما دبر البرواناة في إخراج آجاي
على ما كاتب به البرواناة
اتفقا على أكل مال الروم وأنهما يشنآن بي ليخرجاني ويستبدان بها فكتب إليه من هو البرواناة حتى نسمع كلامه فيك، أمره إليك إن شئت أن تقتله وإن شئت أن تبقيه، وكان البرواناة لما بلغه أن آجاي بعث رسولاً في أمره جعل عليه عيناً عن عوده بالجواب فلما قدم الرسول أخذ إلى دار البرواناة وأنزل وأكرم وحمل إليه الخمر وأعطى بعض غلمانه دراهم وأمره أن يسرق الكتاب ويحمله إليه ليقف عليه ويعيده إليه ففعل ذلك، فلما وقف على الكتاب سارع في تجهيز هدية سنية بعث بها إلى أجاي ولاطفه بأعذار قبلها منه، ثم إن البرواناة أخذ خطوط وجوه أهل الروم بأن آجاي قد عزم على قتله وقتل تقونوين وتسليم البلاد لصاحب مصر فعاد الجواب باستدعاء آجاي وتقونوين والبرواناة ومرحسياً القسيس، والأمير سيف الدين طغان البكلربكي فخاف البرواناة من استصحاب سيف الدين فأقطعه أرزنكان وولاه كفالة السلطان غياث الدين ثم خرج فيمن بقي معه واستصحب معه كل من كان آجاي ظلمه وعسفه ليستصرخوا عليه عند أبغا فوصلوا إليه في ربيع الأول فلما مثلوا بين يديه وسمع شكوى
المتظلمين أمر آجاي أن يقيم عنده وقتل من أصحابه سبعة أنفس وأنهى مرحسياً إلى أبغا أن البرواناة أقطع سيف الدين أرزنجان لكي لا أسكنها وإني إن أقتطعها حملت كل سنة خمس مائة فرس عليها خمس مائة فارس نجدة، فقال له تقونوين أنت تلبس البرنس ولا تليق الإقطاع إلا لمن يلبس السراقوج وإن كنت ترغب في الإقطاع فاخلع البرنس.
وقال للبرواناة هذا يضيع كل سنة من أموال الروم شيئاً كثيراً لأنه يحمي من الفلاحين خلقاً يلبسهم البرانس فلا يؤدون الخراج ولا الجزية، فأمر أبغا أن لا يحمي أحد في سائر البلاد لمرحسياً إلا في أرزنجان لا غير لكونه ساكناً بها ثم عاد إلى الروم في ربيع الآخر، لما عاد البرواناة وتقونوين ومن معهما إلى بلاد الروم ورد عليهم أمر أبغا بخروجهم ونزولهم على قلعة البيرة فرحلوا قاصدين البيرة فنزلوا عليها يوم الخميس ثامن جمادى الآخرة وعدتهم ثلاثون ألفاً، منهم خمسة عشر ألفاً من المغل مقدمهم تابشي وأقتاي نوين ومقدم عسكر الروم البرواناة، ومقدم عسكر ماردين وميافارقين شرف الدين عبد الله اللاوي، ومعهم من عساكر الموصل وشهرزور والعراق طوائف، فوصلوا إليها ونصبوا ثلاثة وعشرين منجنيقاً أفرنجياً والرامي به مسلم، ونصبوا من القلعة عليه منجنيقاً فلم يصبه حجره وكان يقع رائداً عنه فقال له الرامي المسلم، لو قطع الله من ساعدك ذراعاً كان أهل البيرة
يستتركون منك لقلة معرفتك ففهم إشارته وقطع ذراعاً من ساعد المنجنيق ورمى به فأصاب المنجنيق فكسره، وخرج أهل البيرة في الليل وكبسوا العسكر فقتلوا الكثير ونهبوا وأحرقوا المنجنيقات وعادوا.
وكان البرواناة لما نزل على البية بعث أربعمائة فارس يتجسسون أخبار الملك الظاهر ليقتلهم ويعمل السير إلى البيرة فإذا سمع بقدومه كبس عسكر المغل بمن معه من عسكر الروم وتوجه إلى الملك الظاهر فلما عبرت الأربعمائة الفرات إلى الشام وجدوا ثلاثة قصّاد وكتب معهم من الملك الظاهر، كتب إلى البرواناة تتضمن أننا وقفنا على ما كتبت به إلينا، وها نحن على أثر رسلك، فكن على أهبة فيما عزمت عليه من اجتماع الكلمة على العدو المخذول، فأحضروا القصّاد عند أقتاي نوين فعزم على قتل من في العسكر من المسلمين فأشار سمعان عليه أن لا يفعل فإنهم يلجأون إلى أهل البيرة فيقووا بهم على قتالنا فتتركهم إلى أن ننفصل ونرحل ونقتلهم في بعض الأماكن ونقتل معهم البرواناة فأمر بحملتهم إلى البرواناة فأنكرهم، وقال هذه مكيدة من صاحب سيس فقبلوا ذلك منه في الظاهر وقالوا شأنك والقصّاد فقتلهم وطاف برؤوسهم في العسكر ثم سيرت الكتب إلى أبغا من غير علم البرواناة، ولما امتد حصار القلعة وعصيانها أرسل أقتاي نوين إلى سيف الدين بكلربكي وحسام الدين بيجار يستشيرهما فأجاباه هذه القلعة حصينة وعساكر صاحبها قريبة وفيها ذخائر كثيرة وعساكرنا قد ضعفت من الغلاء والوباء والرأي الرحيل فرحلوا يوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة بعد أن أحرقوا
مجانيقهم ونهبوا أسواقهم بأيديهم.
ولما بلغ الملك الظاهر وهو بدمشق نزول التتر على البيرة أنفق على العساكر فوق ستمائة ألف دينار، وخرج يوم السبت سابع عشر جمادى الآخرة وهو يوم رحيل التتر عن البيرة فاتصل به خبر رحيلهم بالقطيفة فنم إلى حمص وترادفت الأخبار عليه بتفريق شملهم فعاد إلى دمشق ودخلها يوم الخميس سلخه ثم خرج منها يوم السبت ثاني شهر رجب ومعه جميع العساكر ووصل القاهرة يوم الثلاثاء ثامن عشره وكان قد اجتمع بالقاهرة رسل الملك المظفر صاحب اليمن ورسل الأنبروز ورسل الجنوبين ورسل منكوتمر بن تولي خان بن جنكز خان ملك المسلمين من التتر ورسل العلان ورسل الأشكري وعدتهم خمسة وعشرون رسولاً فركبوا وتلقوا الملك الظاهر على بركة الجب ورجّلوا وقبلوا الأرض فسلم عليهم وأمرهم بالركوب ودخل القلعة.
وأما البرواناة وعساكر الروم فإنهم استشعروا من أقتاي بسبب القصّاد فلما رحلوا عن البيرة فارقوهم وعبروا الفرات قاصدين ملطية وبلاد الروم فلما وصلوا أوطانهم تيقنوا أن لا مقام لهم في الروم مع التتر فأجمعوا رأيهم مع البرواناة على منابذتهم فاستحلف البرواناة حسام الدين بيجار النابتري وولده بهاء الدين مقطع ديار بكر وشرف الدين الخطير وضياء الدين محمود أخاه وأمين الدين ميكائيل على أن يكونوا مع الملك الظاهر يعادون من عاداه ويوالون من والاه فلما بلغ ذلك مجد الدين أتابك وجلال الدين المستوفي أنكرا على البرواناة ولما اطلع