المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر توجه الملك الظاهر إلى الروم - ذيل مرآة الزمان - جـ ٣

[اليونيني، أبو الفتح]

فهرس الكتاب

- ‌السنة الحادية والسبعون وستمائة

- ‌ذكر استيلاء الملك الظاهر على ما بقي من قلاع الإسماعيلية

- ‌ذكر هرب عمرو بن مخلول من آل فضل

- ‌ذكر عزل الصاحب خواجا فخر الدين وزير الروم

- ‌فصل

- ‌السنة الثانية والسبعون وست مائة

- ‌متجددات الأحوال

- ‌ذكر أخذ بيلوس أمير عرب برقة

- ‌ذكر قبض الملك الكرج

- ‌ ذكر مراسلة دارت بين الملك الظاهر ومعين الدين البرواناة

- ‌فصل

- ‌السنة الثالثة والسبعون وست مائة

- ‌متجددات الأحوال

- ‌ذكر هرب رئيس الإسكندرية ومن معه من عكا

- ‌بسم الله الرحمن الرحيم

- ‌ السنة الرابعة والسبعون وستمائة

- ‌مجددات الأحوال

- ‌ذكر ما ورد من أخبار بلاد الروم

- ‌ذكر ما دبر البرواناة في إخراج آجاي

- ‌على ما كاتب به البرواناة

- ‌ذكر استئصال شأفة النوبة

- ‌السنة الخامسة والسبعون وست مائة

- ‌متجددات الأحوال

- ‌ذكر وفود بيجار وولده بهادر

- ‌ذكر هروب شرف الدين بن الخطير

- ‌ذكر ما حدث ببلاد الروم عند وصول التتر

- ‌ذكر عرس المللك السعيد

- ‌ذكر توجّه الملك الظاهر إلى الروم

- ‌ذكر ما اعتمد عليه الأمير شمس الدين محمد بك بن قرمان

- ‌ذكر قصد أبغا الروم لأخذ النشاز

- ‌السنة السادسة والسبعون وست مائة

- ‌متجددات الأحوال

- ‌ذكر ما كان ينوب دولته من الكلف المصرية خاصة

- ‌السنة السابعة والسبعون وستمائة

- ‌فصل في المشاهد الجمالية:

- ‌فصل في المظاهر العلوية:

- ‌فصل في المظاهر المعنوية:

- ‌فصل في المظاهر الجلالية:

- ‌‌‌‌‌‌‌‌‌فصل:

- ‌‌‌‌‌‌‌فصل:

- ‌‌‌‌‌فصل:

- ‌‌‌فصل:

- ‌فصل:

- ‌فصل:

الفصل: ‌ذكر توجه الملك الظاهر إلى الروم

قيمة سوى ثوب واحد جبراً له. فلما كان وقت العصر ركب إلى القلعة وأخذ في تجهيز ما يليق بالزفاف والدخول، ولم يمكن إحدى من نساء المراء عللا الاطلاق من الدخول إلى البيوت، ودخل الملك السعيد الحمّام ثم دخل إلى بيته الذي هيىء لدخوله فيه بأهله، وحملت الجارية إليه، فدخل عليها. ولما بلغ الملك المنصور صاحب حماة ذلك توجه إلى القاهرة مهنئاً ومعه هدية سنيّة، فوصل القاهرة في ثامن عشر جمادى الأخرى، فركب الملك السعيد لتلقيه ونزل في الكبش وأقام مدة يسيرة بحيث ما استراح ثم عاد إلى بلده.

‌ذكر توجّه الملك الظاهر إلى الروم

خرج من قلعة الجبل بالقاهرة يوم الخميس العشرين من شهر رمضان بعد أن رتب الأمير شمس الدين اقسقر الفارقاني نائباً عنه في خدمة الملك السعيد، وترك معه من العسكر بالديار المصرية لحفظ البلاد خمسة آلاف فارس، ورحل من المنزلة يوم السبت ثاني وعشرين الشهر، وسار إلى دمشق فدخلها يوم الأربعاء سابع عشر شوال، وخرج منها متوجهاً إلى حلب يوم السبت العشرين منه، ودخل حلب يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة وخرج منها يوم الخميس إلى حيلان، فترك بها بعض الثقل وتقدم إلى الأمير سيف الدين علي بن مجلى الناب بحلب أن يتوجه إلى الساجور؛ ويقيم على الفرات بمن معه من عسكر حلب لحفظ معابر الفرات لئلا يعبر

ص: 175

منها أحد من التتر قاصداً الشام، ووصل إلى نور الدين الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا. فبلغ نوّاب التتر بالعراق نزولهم على الفرات. فجهزوا إليهم جماعة من عرب خفاجة لكبسهم، فحشدوا وتوجهوا نحوهم، فاتصل بالأمير نور الدين الخبر، فركب إليهم والتقى بهم فكسرهم وأخذ منهم ألفاً ومائتي جمل.

وركب الملك الظاهر من حيلان يوم الجمعة ثالث عشر إلى عين تاب ثم إلى دلوك ثم إلى مرج الديباج ثم إلى كينوك ثم إلى صو ومعناه النهر الأزرق، ثم رحل عنه إلى انحاء دربند فوصله يوم الثلاثاء من ذي القعدة قطعه في نصف النهار، فلما خرجت عساكره وملكت المغاور قدم المير شمس الدين سنقر الأشقر على جماعة من العسكر، وأمره بالمسير بين يديه، فوقع على كتيبة من التتر عدتهم ثلاثة آلاف فارس، مقدمهم كراي، فهزمهم وأسر منهم طائفة؛ وذلك يوم الخميس تاسع الشهر، ثم وردت الأخبار على الملك الظاهر بأن عسكر المغل والروم مع تتاوون والبرواناة على نهر جيحان. فلما صعد العسكر الجبال الشرف على صحراء البلستين فشاهد التتر قد رتبوا عساكرهم أحد عشر طلباً في كل طلب ألف فارس، وعزلوا عسكر الكرج طلباً واحداً، فلما رأى الجمعان حملت ميسرة التتر حملة

ص: 176

واحدة فصدفوا سنجقة الملك الظاهر، ودخلت منهم طائفة بينهم وشقوها، وساقت إلى الميمنة؛ فلما رآهم الملك الظاهر ردفهم بنفسه ثم لاحت منه التفاتة؛ فرأى الميسرة قد انحت عليها ميمنة التتر، فكادت أن تثقل، فأمر جماعة من حماة أصحابه بإردافها، ثم حمل، فحملت العساكر برمّتها حملة واحدة، فترجّل التتر عن خيولهم، وقاتلوا أشد قتال، فلم يغن عنهم شيئاً، وأنزل الله بأسه بهم، فقتلوا وفرّ من نجا منهم، فاعتصموا بالجبال، فقصدوا وأحاطت بهم العساكر، فترجلوا عن خيولهم وقاتلوا وقتلوا حينئذ ممن قاتلهم الأمير ضياء الدين بن الخطير، واستشهد الأمير سيف الدين قيران العلائي والأمير عز الدين أخو المجدي وسيف الدين قلعق الجاشنكير وعز الدين إيبك الشقيقي - رحمهم الله تعالى؛ وأسر من كبراء الروميين مهذب الدين بن معين الدين البرواناة، وابن بنت معين الدين، والأمير تقي الدين جبريل بن خاجا والأمير قطب الدين محمود أخو مجد الدين الأتابك، والأمير سراج الدين إسماعيل بن خاجا، والأمير سيف الدين سنقرجا الزباشي، والأمير نصرة الدين بهمن أخو تاج الدين كيوي صاحب سيواس، والأمسر كمال الدين إسماعيل عارض الجيش، والأمير حسام الدين كاول، والأمير سيف الدين الجاويش، والأمير شهاب الدين غازي بن علي شير التركماني، ومن مقدمي التتر على الألف والمئتين زيرك صهر أبغا، وسرطق، وحيرلد، وسركده، وتماديه. ولما أسر من أسر وقتل من قتل نجا البرواناة، فدخل قيصرية سحر

ص: 177

يوم الأحد ثاني عشر ذي الحجة واجتمع بالسلطان غياث الدين، والصاحب فخر الدين، والأتابك مجد الدين، والأمير جلال الدين المستوفي، والأمير بدر الدين ميكائيل النائب، فأخبرهم بالكسرة، وأوحى إليهم أن المغل المنهزمين متى دخلوا قيصارية فتكوا بمن فيها حنقاً على المسلمين، واشار عليهم بالخروج منها. فخرج السلطان غياث الدين بأهله وماله إلى دوقات، وبينها وبين قيصارية مسيرة أربعة أيام. ونظم الشعراء في هذه الواقعة عدة قصائد، فمن عقل في ذلك المولى شهاب الدين محمود كاتب الدرج بالشام:

كذا فلتكن في الله عز العزائم

وإلا فلا تجفو الجفون الصوارم

عزائم حازتها الرياح فأصبحت

مخلّفة تبكي عليها الغمائم

سرت من حمى مصر إلى الروم فاحتوت

عليه سورات الظبا واللهاذم

بجيش تظل الأرض منه كأنها

على سعة الأرجاء في الضيق خاتم

كتائب كالبحر الخضمّ جيادها

إذا ما تهادت موجه المتلاطم

تحيط بمنصور اللواء مظفّر

له النصر والتأييد عبد وخادم

مليك يلوذ الدين من عزماته

بركن له الفتح المبين دعائم

مليك لأبكار الأقاليم نحوه

حين كذا تهوى الكرام الكرائم

فلم قطبت طوعاً وكراً جياده

معاقل قرطاها السها والنعائم

مليك له بالدين في كل ساعة

بشائر وللكفارمنها مآتم

ص: 178

حلا حين أقدى الكفر منه إلى الهدى

ثغوراً بكى الشيطان وهي بواسم

إذا رام شيئاً لم يعقه لبعدها

وشقتها عنه الأكام الطواسم

فلو نازع النسرين أنزلنا له

وذا واقع عجزاً وذا بعد حائم

ولما رمى الروم المنيع بخيله

ومن دونه سدّ من الصخر عاصم

بروم عقاب الجوّ قطع عقابه

إليه فلا تقوى عليها القوادم

غدا وهو من وقع السنابك دائر

تطاه فتستوطى ثراه المناسم

ولما امتطت أعلاه أعلام جيشه

وقد لاح فيها للفلاح علائم

ترأت عيون الكافرين خلالها

بروق سيوف صوبهن الجماجم

فلم يثن عنها الطرف خوفاً وحيرةً

ومالت على كره إليها الغلاصم

وأبرزت الأرض الكمين وقد علت

عليه طيور للحمام خوائم

فأهوى إليهم كل أجرد طائر

تطير به نحو الهياج القوائم

يخوض الوغى لم تثنه اللجم راقصاً

دلالاً ويغدو وهو في الدم عائم

وسالت عليهم أرضهم بمواكب

لها النصر طوع والزمان مسالم

أدارت بهم سوراً منيعاً مشرفاً

بسمر العوالي ما له الدهر هادم

من الترك أما في المعان فإنهم

شموس وأما في الوغى فضراغم

غدا ظاهراً بالظاهر النصر فيهم

تبيد الليالي والعدى وهو دائم

ص: 179

فأهووا إلى لثم الأسنة في الوغى

كأنهم العشاق وهي المناسم

وصالحت البيض الصفاح رقابهم

وعانقت السمر القدود النواعم

فكم حاكم منهم على ألف دارع

غدا حاسراً والرمح في فيه حاكم

وكم ملك منهم رأى وهو موثق

خزائن ما تحويه وهي غنائم

توسوست السمر الدقاق فأصبحت

لها من رؤوس الدارعين تمائم

فيا ملك الاسلام يامن بنصره

على الكفر أيام الزمان مواسم

بهن بفتح سار في الأرض ذكره

سرى الغيث تحدوه الصبا والنعائم

بذلت له في الله نفساً نفيسة

فوافاك لا يثنيه عنك اللوائم

ولما هزمت القوم ألقت زمامها

إليك الحصون العاصيات العواصم

ممالك حاطتها الرماح فكم سرت

على رجل فيها الرياح النواسم

تبيت ملوك الأرض وهي مناهم

وليس بها منهم مع الشوق حالم

ولولاك ما أومى إلى برق ثغرها

لعزة مثواه من الشام شائم

أقمت لها بالخيل سوراً كأنها

أساور أضحت وهي فيها معاصم

فلا زلت منصور اللواء مؤيداً

على الكفر ما ناحت وأبكت حمائم

وحضر بعد الوقعة الأمير سيف الدين جالس بن إسحاق، والأمير ظهير الدين متوج، وشرف الملك الأمير نظام الدين بن شرف بن الخطير، وولد الأمير ضياء الدين، وأخوه الأمير سيف الدين بلبان المعروف لكجكنا، والأمير سيف الدين شاهنشاه، والأمير مظفر الدين حجافي،

ص: 180

والأمير نصرة الدين جالش عارض ملطية.

ثم جرّد الملك الظاهر الأمير شمس الدين سنقر الأشقر في جماعة لإدراك من فات من المغل والتوجه إلى قيصارية، وكتب معه كتاباً بتأمين أهلها وإخراج السواق والتعامل بالدراهم الظاهرية. ثم رحل بكرة السبت حادي عشر ذي القعدة قاصداً قيصرية، فمرّ في طريقه بقرية لهل الكهف ثم على قلعة سمندو؛ فنزل إليه واليها مذعناً لطاعته؛ ثم على قلعة درندا وقلعة ذالوا، فولّفعل متيهاً كذلك، ونزل ليلة الأربعاة خامس عشر الشهر بقرية قريبة من قيصرية. فلما بات بها وأصبح رتب عساكره، وخرج أهل قيصرية بجملتهم مستبشرين بلقائه، وكانوا عدوا لنزوله الخيام بوطأة تعرف بكيخسرو. فلما قرب منها ترجّل وجوه الناس على طبقاتهم، ومشوا بين يديه إلى أن وصلها.

فلما كان يوم الجمعة سابع عشر الشهر ركب لصلاة الجمعة، فدخل قيصرية، ونزل دار السلطنة، وجلس على التخت، وحضر بين يديه القضاة والفقهاء والصوفية والقرّاء، وجلسوا في مراتبهم على عادة ملوك السلجوقية، فأقبل عليهم ومدّ لهم سماطاً فأكلوا وانصرفوا، ثم حضر الجمعة بالجامع، وخطب له، وحضّر بين يديه الدراهم التي ضربت باسمه، وحمل إليه ما كانت لزوجة البرواناة كرجى خاتون تركية من الأموال التي لم تستطع استصحابها حين خروجها، وماخلفه سواها ممن النتزح معها. وبعث إليه البرواناة ليهنئه بالجلوس على التخت، فكتب إليه يأمره بالوفود عليه ليوليه مكانه،

ص: 181

فكتب إليه يسأله أن ينتظره خمسة عشر يوماً، وكان مراده أن يصل إليه أبغا يحثه المسير ليدرك الملك الظاهر بالبلاد، فاجتمع تتاوون وبالأمير شمس الدين سنقر الأشقر وعرّفه مكر البرواناة في ذلك، فكان ذلك سبباً لرحيل الملك الظاهر عن قيصرية، مع ما انضاف إلى ذلك من قلة العساكر؛ فرحل يوم الاثنين، وكان يومئذ على اليزك علاء الدين إيبك الشيخي وكان قد ضربه الملك الظاهر بسبب سبقه الناس فتسحّب يومئذ إلى التتر وكان أولاد قرّمان قد رهنوا أخاهم الصغير عليّ بك بقيصرية، فخرج الملك الظاهر فأنعم عليه وسأله تواقيع وسناجق له ولإخوته، فأعطاه فتوجه نحو إخوته مقيمين بجبل لارندا إلى أرمناك إلى السواحل. ونزل الملك الظاهر بقيرلو، فورد عليه رسول من جهة البرواناة، ومعه رجل يسمى ظهير الدين الترجمان يستوقف السلطان عن الحركة، وما كانوا يعلمون أين يريد، وكان الخبر شائعاً أن الحركة إلى سيواس. فكان جواب السلطان عن الرسالة أن معين الدين وما كانت تأتيني كتبهم شرطوا شروطاً لم يفوا بها، وقد عرفت الروم وطرفه وما كان جلوسنا على التخت رغبة فيه إلا لنعلمكم أنه لا عائق لنا عن شيء نريده بحول الله وقوته، ويكفينا أخذنا أمه وابنه وابن ابنته. ثم رحل ونزل خان كيقباد، وبعث الأمير علاء الدين طيبرس الوزيري في عسكر إلى الرمانة فحرقها وقتل من بها من الأرمن، وسبى حريمهم

ص: 182