الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر هروب شرف الدين بن الخطير
قد تقدم القول بوصول البرواناة ومنكوتمر ومن معهم من العساكر إلى الروم في أوائل ربيع الآخر، فلما قدموا ظهر لهم شرف الدين المباينة وعزم ان يلقيهم فسبقه من كان معه رأيه وقالوا: كيف يلتقي بأربعة آلاف ثلاثين ألفاً، فعلم أنه مقتول لا محالة فقصد قلعة لولوة ليتحصن بها، فلم يمكنه واليها من دخولها بجماعتهبل بمفرده، فدخلها ومعه أمير علمه وكان قد أذاه من مدة تزيد على ست عشرة سنة، فقال لوالي القلعة: احتفظ بشرف الدين حتى تسلمه إلى أبغا لتكون لك عنده اليد البيضاء؛ فبض عليه وبعثه إلى البرواناة. فلما وقع نظره عليه سبه وبصق في وجهه وأمر بالاحتياط به.
ذكر ما حدث ببلاد الروم عند وصول التتر
إليها لما عاد البرواناة - كما قلنا - بمن معه من العساكر التترية جلس وتنادوا مقدمي العساكر وكراي وتقو والبرواناة في الإيوان مجلساً عاما. وأحضروا
السلطان غياث الدين ومن رافقه على الانقياد إلى الملك الظاهر وقالوا له: ما حملك على ما فعلت من خلع طاعة أبغا وركونك إلى صاحب مصر؟ فقال: أنا صبي وما علمت الصواب، ولما رأيت أكابر دولتي قد فعلوا ذلك، خفت أن يسلموني إذا لم أوافقهم. فنهض البرواناة إلى شجاع الدين قاسا الخصى الالاء فقتله بيده. ثم أحضروا سيف الدين طرنطاي ومجد الدين أتابك، وجلال الدين المستوفى وسألوهم عن سبب إنفاذهم إلى صاحب
مصر؛ فقالوا: شرف الدين بن الخطير أمرنا بذلك، وخفنا إن لم نجبه فعل بنا كما فعل بتاج الدين. فأحضروا شرف الدين وسألوه، فقال للبرواناة: أنت حرضتني على ذلك، وذكر له المكاتبات التي كاتب بها المظفر واتفاقه معه إلى التاريخ الذي عزم شرف الدين على قصد الملك الظاهر فيه، فأنكر ما ادعاه عليه، فكتبوا ما قاله شرف الدين وانكار البرواناة؛ ثم سألوا شرف الدين عن الأمير سيف الدين طرنطاي، ومجد الدين الأتابك - ختن البرواناة - هل كانوا موافقين بذلك؟ فأنكر وقال: أنا كلفتهم وألزمتهم بإرسال الرسل إلى الملك الظاهر فأمر تتاوون بضربه بالسياط ليقر بمن كان معه. فأقر على نور الدين حجا وسيف الدين قلاوون وعلم الدين سنجر الجمدار وغيرهم. فلما تحقق البرواناة أنه يقتل بإقرار شرف الدين عليه بعث إليه يقول له: متى قتلوني لم يبقوك بعدي، فاعمل على خلاص نفسك وخلاصي بحيث متى حضرت مرة ثانية وضربت وسئلت عن الحال، فارجع عما قلت واعتذر بأن اعترافك كان من ألم الضرب؛ ففعل ما أمره البرواناة، وطولع أبغا بصورة الحال، ثم رسم أن يضرب كل يوم مائة سوط إلى ان يعود الجواب، فعاد الجواب، فأمر بقتله في آخر ربيع الآخر، فقتل وبعث برأسه إلى قونية وإحدى يديه إلى أنكورية والأخرى إلى أرزنجان،
وفرقوا أعضاءه في سائر بلاد الروم، وقتل معه سيف الدين بن قلاوون وعلم الدين سنجر الجمدار وش1 محمد قاتل شمس الدين الأصبهاني نائب الروم وجماعة كثرة من التركمان، وأثبتوا ديناً على طرنطاي ففدى نفسه بمائتي فرس وأربع مائة ألف درهم، وعلى أن يقيم بألف من المغل في زمن الشتاء، وصانع جماعة من امراء المغل حتى أبقوا عليه نفسه، ثم خرج البرواناة إلى البلاد فطافها بعسكره، وقتل من وجد في ضواحيها من المفسدين.
ولما اتصل خبر شرف الدين بن الخطير بأخيه ضياء الدين وهو بالقاهرة دخل على الملك الظاهر في ثوب غيار، فسأله عن سبب ذلك فذكر له أن أخاه قتل. وكان سبب قتله أنه شهد عليه بمتابعة السلطان ومنابذة أبغا سيف الدين طرنطاي ومجد الدين الأتابك وجلال الدين المستوفي وأصحابهم، وأمر الملك الظاهربالقبض على سنان الدين موسى بن طرنطاي ونظام الدين يوسف أخي مجد الدين الأتابك والحاجي أخي جلال الدين المستوفي، وحبسهم في برج من قلعة الجبل، وحبس أتباعهم في خزانة البنود، وذلك في يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الأولى ولم يزالوا محبوساً إلى شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين، فأفرج عنهم الملك السعيد.
وفي تاسع ربيع الآخر كانت وقعة بين نجم الدين أبي نمي أمير مكة وبين عز الدين جماز أمير المدينة على ساكنهما أفضل الصلاة والسلام، وسببها أن إدريس بن حسن بن قتادة صاحب الينبع اتفق هو وجماز