المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صداقة فرنسي طائش - رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا

[حسن توفيق العدل]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم عن طبعة المجلس الأعلى للثقافة بمصر

- ‌تقديم عن طبعة دار السويدي الثقافية الإماراتية

- ‌الإنطلاق من برلين

- ‌16 آب - أغسطس 1889

- ‌الوصول إلى مندن

- ‌معمل كروب للمدافع

- ‌حديقة الحيوان

- ‌شرقي وغربي

- ‌برج القط وبرج الفأر

- ‌المطران والفئران

- ‌توديع الراين

- ‌الوصول إلى فيسبادنودخول الحمّام الروماني

- ‌شلشويق

- ‌زيارة بيت غوتة

- ‌فرنكفورت: معبر الفرنج

- ‌مبارحة فرنكفورت

- ‌برميل خمر عظيم

- ‌صداقة فرنسي طائش

- ‌العبور إلى سويسرا

- ‌إلى بازل

- ‌في بازل

- ‌النهر والأطفال

- ‌مناظر خلابة

- ‌حلة على الجليد

- ‌زورق في بحيرة برينس

- ‌إلى لوتسرن

- ‌تمثال الأسد

- ‌بحريات وأنهار

- ‌الاسترقاق الغربي

- ‌جغرافية سويسرا

- ‌السهم والتفاحة

- ‌نحو قمة افريست

- ‌استقبال في تسوريخ

- ‌مخزن الكتب المدرسية

- ‌نبذة عن تسوريخ

- ‌ثلاثة آلهة

- ‌مملكة بافاريا

- ‌القصر الملكي

- ‌في نرنبرج

- ‌الوصول إلى لايبزغ

- ‌مدينة دريسدن

- ‌العودة إلى برلينوالوصول إليها في 15 سبتمبر 1889

الفصل: ‌صداقة فرنسي طائش

ويقال إن الذي أقامه هو كارل فيليب أحد ملوك هذه الدوقية، وكان له خادم يباشر ذلك البرميل يسمى بركيو قد أقيم تمثاله بجانب البرميل، حيث كان مديماً للشرب حتى هلك، وشهرته في ذلك مقرونة بشهرة البرميل في أنحاء ألمانيا حتى إنهم صاغوا أدواراً للألحان يصفون من شأنه في الشرب والسكر.

وفي سنة 1886 اجتمع المعلمون والطلبة بذلك القصر وأقاموا بينهم ليلة أنس

احتفالاً بمدرستهم الجامعة حيث كان لها 500 سنة منذ إنشائها، وقد أكرمتهم الحكومة بملء ذلك البرميل نبيذا إدخالاً للسرور عليهم.

‌صداقة فرنسي طائش

ثم بارحت تلك المدينة منتعش الخاطر بمحاسن مناظرها إلى أن أنَخْتُ بمدينة بادن بادن فمكثت بها يوماً قد اغرورقت فيه مُقْلَةُ السماء وأزْرَفت عن سحائبها، ونبض لها عرق البرق، ونطق لسان الرعد، فما تسنّى لي مشاهدتها إلا سويعات قد اختلستها، فإذا هي مدينة حسنة واقعة في وادٍ عظيم يدعى أوزتال ومعناه وادي أوز حيث يمر به غدير يقال له أوز، كثيرة المنتزهات منتظمة الطرقات متقنة المنازل، وهي من أعظم المدن المشهورة قديماً وحديثاً بلطافة هوائها، وسمُّوها بادن بادن، للفرق بينها وبين بادن التي هي في سويسرا وبادن التي في بلاد النمسا.

ص: 364

وعدد سكانها 12929 نفساً ويطرقها الغرباء كثيراً للأخذ بحمَّاماتها ذات الماء المعدني المشهور، ومن تلك المدينة طوّحت بي الأسفارُ على مدينة استراسبورغ عاصمة ولاية الالزاس وقسم لورين الألماني، وصاحبني فيها شاب فرنساوي جمعتني وإياه وحدة الغربة، ورأيت منه سرعة حركة وطيشاً سهَّلا لي صعوبات السفر. فكنت إذا وجهت إليه خطاباً وهو على يميني لا أشعر إلا وهو يجاوبني من جهة اليسار، ومازالت أهدئ من سرعته، وأطفئ من نار عنفوانه حتى آمن بفضيلة التأني، وأول ما شاهدناه الكنيسة الكبرى بها، وهي ذات بنيان شاهق أسست في القرن الثالث عشر للميلاد وارتفاع برجها 142 متراً، وبها شباك عظيم على هيئة دائرة يشغله قطع الزجاج الملون بشكل منتظم، وقطر ذلك الشباك يبلغ 14 متراً ونصف، وهو من عجائب الصناعة، ومذ دخلنا، وقد حان أوان الظهيرة شاهدنا جمعاً غفيراً من الناس يحتاطون بساعة عظيمة، فإذا هي ساعة فلكية

تاريخية مشهورة بغرابة صنعها وشكلها، فوقفنا ننتظر حتى إذا حان ضربها إشارة لانتصاف النهار أرتنا منها العجائب، وذلك أنها في بناء مستطيل مخصوص أحيط به حاجز حديدي، وأمامه الكرة الأرضية، ومثلها السماوية، أما قاعدة البناء السفلي ففيها فرجة مستطيلة أفقية يتوسطها عمود، وفوق تلك القاعدة

ص: 365

أخرى موشورية الشكل مستطيلة أقيم بأسفلها الساعة وفوقها فرجتان قد قام بإحداهما شخص على هيئة إنسان وبيديه قدومان، وحول تلك القاعدة أشخاص أسود ودجاج، فحين يضرب ناقوس الساعة ينقر الشخص بقَدُّوميه على ناقوس بين يديه، وتتحرك الأسود والدجاج من الفرج المذكورة أشخاص تتحرك أجسامهم يُشخِّصون حوادث من التاريخ المسيحي، ولم تزل تلك الحال إلى أن يتم الضرب، وبالجملة فهي عجيبة الصنعة تشهد بحذاقة صانعها المسمى شفيلجة وقد أتم صنعها سنة 1842 ميلادية. وبينما كنا نجوس خلال تلك المدينة إذا شاهدنا تمثالاً علمت مما هو مكتوب على جداره أنه تمثال كليبر القائد الفرنساوي الذي كان مع نابليون في البلاد المصرية حين حل بها بعسكره، ولد هذا القائد في مدينة استراسبورغ سنة 1753، ومات في الديار المصرية سنة 1800 ميلادية.

أما هذه المدينة فلطيفة على ضيق شوارعها وانعطافاتها موضوعة على نهر ايل الذي يصب في نهر الرين على بعد ساعتين، ودائرة محيطها حسنة المنظر مشغولة بالبساتين، ومنها شاهدت بستاناً مشهوراً يسمونه أورانجري ومدرستها الجامعة مشهورة كغيرها بألمانيا، وبناؤها أحسن مباني المدارس التي شاهدتها.

ص: 366