المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌القصر الملكي ثم توجهت إلى القصر الملوكي، فدخلته ضمن المتفرجين، ولم - رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا

[حسن توفيق العدل]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم عن طبعة المجلس الأعلى للثقافة بمصر

- ‌تقديم عن طبعة دار السويدي الثقافية الإماراتية

- ‌الإنطلاق من برلين

- ‌16 آب - أغسطس 1889

- ‌الوصول إلى مندن

- ‌معمل كروب للمدافع

- ‌حديقة الحيوان

- ‌شرقي وغربي

- ‌برج القط وبرج الفأر

- ‌المطران والفئران

- ‌توديع الراين

- ‌الوصول إلى فيسبادنودخول الحمّام الروماني

- ‌شلشويق

- ‌زيارة بيت غوتة

- ‌فرنكفورت: معبر الفرنج

- ‌مبارحة فرنكفورت

- ‌برميل خمر عظيم

- ‌صداقة فرنسي طائش

- ‌العبور إلى سويسرا

- ‌إلى بازل

- ‌في بازل

- ‌النهر والأطفال

- ‌مناظر خلابة

- ‌حلة على الجليد

- ‌زورق في بحيرة برينس

- ‌إلى لوتسرن

- ‌تمثال الأسد

- ‌بحريات وأنهار

- ‌الاسترقاق الغربي

- ‌جغرافية سويسرا

- ‌السهم والتفاحة

- ‌نحو قمة افريست

- ‌استقبال في تسوريخ

- ‌مخزن الكتب المدرسية

- ‌نبذة عن تسوريخ

- ‌ثلاثة آلهة

- ‌مملكة بافاريا

- ‌القصر الملكي

- ‌في نرنبرج

- ‌الوصول إلى لايبزغ

- ‌مدينة دريسدن

- ‌العودة إلى برلينوالوصول إليها في 15 سبتمبر 1889

الفصل: ‌ ‌القصر الملكي ثم توجهت إلى القصر الملوكي، فدخلته ضمن المتفرجين، ولم

‌القصر الملكي

ثم توجهت إلى القصر الملوكي، فدخلته ضمن المتفرجين، ولم نشاهد منه سوى محل يقال له قاعة الكنز وقد عرضوا فيه المصوغات والجواهر والأحجار الكريمة التي كانت مستعملة للعائلة الملوكية، ولقد أصابوا في تسميته كنزاً، حيث جمع مجموعاً عظيماً من الجواهر التي بسببها كدت أصدق بكنوز السالفين التي وردت في الحكايات والقصص الخرافية.

ثم حركت الأقدام إلى تمثال عظيم أقاموه خارج المدينة يسمى تمثال بفاريا ارتفاعه 19 متراً، وهو من النحاس المجوف، على صور امرأة رافعة بيدها اليمنى غصناً، وبجانبها أسد رابض، ثم صعدت في جوفه ضمن الصاعدين على درجات من الحديد حتى وصلنا إلى مجوف الرأس فألفيناه يسع خمسة أشخاص واقفين.

أسس هذا التمثال الملك لويز الثاني تذكاراً لمملكة بفاريا وهذه الكلمة لاتينية واسمها

باللغة الألمانية بيئرن وهي أهم مملكة جرمانية بعد البروسيا.

‌في نرنبرج

ثم ودعت تلك المدينة بطريق البر حتى وصلت إلى أقدم مدن ألمانيا وهي مدينة يقال لها نرنبرج فأقمت بها يوماً كاملاً أمتع طرفي بمحاسن أبنيتها وطرقاتها القديمة فشمتها بلدة قد أحاط بها سور قديم سميك ذو أبواب متقنة الصنع كباب النصر وباب المتولي بمصر، ويحيط بذلك السور خندق عمقه 10 أمتار، وعرضه 30 متراً، وطرقاتهم ضيقة غير مستقيمتها كثيرة الانعطافات بهيئة يشغف بها الناظر، تحفها المنازل القديمة العجيبة البناء

ص: 407

المنقوشة الأحجار كالمنازل المشرقية القديمة، وبأغلب ميادينها آبار أقيم عليها أبنية مختلفة الشكل وتماثيل غريبة، ومن ذلك رايتُ بئراً قد أقاموا عليه أشكالاً هرمية منقوشة نقشاً جميلاً حول تمثال شخص قابض بيديه مزماراً كأنه يزمر، والماء يخرج من عيون ذلك المزمار بكيفية مضحكة.

وشمت بئراً آخر يسمونه بئر العفاف أقيم عليه تمثال شابة جميلة الصورة آخذة أعضاؤها تناسباً لطيفاً والماء يخرج من ثدييها إلى آخره.

تُلجئ الضروراتُ في الأمور إلى سلوك ما لا يليقُ بالأدب.

وغير ذلك مما يقصر اليراع عن حصره ووصفه، ودلني على أن سكانها الأقدمين كانوا يميلون إلى الخلاعة والطرب، كما هي سنة المدن التي بلغت أوج كمالها.

وقد كانت هذه المدينة قديماً أمْدَن بلاد جرمانيا، وكانت مستقلة تحت حكم أشرف العائلات بها، ولكن كان قيصر ألمانيا يرسل إليها مأموراً من طرفه يقيم بقلعتها ليستولي على عوائد البضائع الواردة والصادرة، وكان يعين مأموريها من عائلة يقال لها هوهنسلرن وهي عائلة إمبراطور ألمانيا الحالي.

وكانت أعظم مركز للبضائع المشرقية تأتيها على طريق البندقية إلى أن استكشفت

قارة أميركا، ولم تزل مستقلة إلى

ص: 408

سنة 1806 ميلادية، وفيها استولت عليها مملكة بفاريا إلى الآن. شاهدت بها قلعتها ويسمونها دي بورج وبها قاعة تشمل آلات التعذيب والقتل كانت مستعملة لحكامها قديماً، ومن جملتها آلة حديدية يسمونها (البكر الحديدية) وذلك أنها مصنوعة على هيئة جسم الإنسان من الرأس إلى القدم فكانوا يخلعونها على من يريدون قتله، ثم يديرونها بواسطة آلة أخرى فتضغط على الجسم شيئاً فشيئاً إلى أن تزهق الروح، وغير ذلك مما يدل على عدوان حكامها في الزمن القديم، وقساوة قلوبهم.

ثم اتجهت إلى محل مجلس الشورى (البرلمان) فوجدته، على قدمه، حسن البناء لطيف الموقع، وألفيت قاعة المشورة وعلى بابها مكتوب بيت شعر باللغة الألمانية القديمة هذا نصه:

،

ومعناه حرفياً:

رأي واحد نصف رأي، ولذلك يلزم سماع كلا الرأيين.

ومن جملة ما شاهدته أيضاً مأثرتها أنتيكاخنة فَشِمْتُها عظيمة جداً بها 75 قاعة عمومية قد عرضوا فيها الأشياء الجرمانية القديمة على اختلاف الأعصر، ويقصدها علماء الآثار للبحث في آثارها طلباً لتوسيع دائرة فنونهم التاريخية

ص: 409

والصناعية، ومن الغريب أن تلك المأثرة لم تكن تابعة للحكومة بل أقامتها الأهالي وصرفت لأجلها الدرهم والدينار حفظاً لآثار بلادهم، وأنعم بذلك من مقصد جميل، وأكرم بها من همة عالية!

ثم بارحت تلك المدينة مسروراً بما أرتني منها، وزيادة على ذلك يجدر بها أن تتباهى حيث هي بلدة الصانع المشهور المسمى بطرس هيله مخترع ساعة الجيب، وكان ذلك سنة 1500 ميلادية تقريباً، ولأجل ذلك كانوا يسمون الساعات ببيض

نرنبرج لكونها كانت آخذة شكلاً بيضاوياً.

ولا يخفى أن الآلات التي تدل على الزمن كانت معروفة في الأعصر الغابرة قبل الهجرة والميلاد كالمزاول وزجاجات الرمل والتي تسير بالمياه، وأول من اخترع الساعات وسيرها بواسطة الطروس السلكية العجلية والأثقال هم العرب ولا فخر، وكان ذلك في القرن الثالث عشر الميلادي، وأول ساعة طرقت بلاد أوروبا من هذا الشكل العربي هي التي أهداها السلطان صلاح الدين إلى فريدريك الثاني قيصر جرمانيا وقتئذ، كما هو مشهور بكتب التاريخ.

هذا ولم يزل القطار بنا سائراً حتى بارحنا حدود مملكة بفاريا، وقذف بنا في حدود مملكة صكصونيا.

ص: 410