الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت هذه المدينة مسكونة للرومانيين قديماً، وتسمى وقتئذ أرجنتوارم وفي العصر المتوسط للميلاد كانت زاهية تحت ملك الجرمانيين إلى أن استولى عليها لويز الرابع عشر ملك الفرنساويين في سنة 1681، وأخذتها البروسيا في حربها الأخيرة من فرنسا سنة 1870 وعدد سكانها الآن 111980 نفساً، وكثير منهم
فرنساويو الأصل، وأغلبهم يكرهون تبعيتهم للبروسيا، كما اختبرت ذلك منهم، وهو دليل على الصداقة الوطنية، والحمية الجنسية.
العبور إلى سويسرا
إلى بازل
ولما دعا داعي الرحيل أخذنا في السبيل نحل في آفاق وأقطار حتى بارحنا حدود البلاد الألمانية الغربية، وعُجنا على مدينة بازل فعرجتُ بها ونزلت في حيِّها، مودعاً البلاد الألمانية متذكراً محاسنها الطبيعية، وأقمت بها يوماً فشمتها آخذة نظاماً مخصوصاً، حسنة الشوارع غالباً، يمر في وسطها نهر الرين ويقسمها قسمين: قسماً على الشاطئ الجنوبي، ويسمونه بازل الكبرى والذي على الشاطئ الشمالي بازل الصغرى، ويصل بينهما جسر عظيم، ويحيط بتلك المدينة أسوار أخْنَت عليها يدُ الهرم والقدم.
ولعلمي بتقدم المدارس والفنون بها قصدت مدرستها التجهيزية، وقابلني حضرة ناظرها بعد الاستئذان، وأكرم من قدري، وعرض علي جدول الأوقات للدروس اليومية لأنتخب
درساً أحضره، فشاقني مشاهدة درس الرياضة البدنية، ومذ حضرت المحل المعد لذلك ألفيته قاعة خشبية متينة أقيمت في حوش المدرسة بها طاقات زجاجية في السقف والجوانب، وهي متّسعة مغطاة أرضها بمشمع سميك طلباً لثبوت أرجل التلامذة، وعدم إحداث حركة أثناء مرورهم وقد رسم على ذلك الغطاء ما صورته.
وكان عدد التلاميذ نحو الثلاثين من سن 12 إلى 15. فأول تمرين ألقاه عليهم المعلم أن اصطفوا صفوفاً كل منهم واقف على إحدى نقط تقاطع الخطوط الأفقية والرأسية، وحركوا أذرعهم يميناً ويساراً أمام وخلف وفوق، تقليداً لما يصنعه المعلم أمامهم، ثم أمرهم بالمسير فانتظم كل خمسة منهم صفاً وراء آخر، وساروا راسمين قوساً حتى طافوا بالمحل مراراً، ثم تفرقوا فرداً يتبعه آخر، وساروا سريعاً على محيطي الدائرتين بحيث يصنعون حلقتين يتماسان في نقطة تماس
الدائرتين، ولكن كان سيرهم بهيئة لا يمكن تقابل أفرادهم لطول المحيطين، وفي أثناء ذلك يضعون أيديهم على صدورهم تارة، وأخرى وراءهم، وطوراً يرفعونها مشتبكة إلى أعلى، ثم أمرهم بأن يتناول كلٌّ قضيباً من الخشب طوله متر تقريباً وقطره 3 سنتيمترات تقريباً، فقبض كل على طرفي عصاه بيديه، وصار يوجهها إلى جميع الجهات الست مراراً حتى إذا أتموا ذلك وجههم المعلم إلى آلة تمرينية أخرى هذه صورة شكلها.
فيصرف لها ثلاثا ثلاثاً بين ذينك الوجهين، ويثبون حتى يقبضوا على الخطين المتوازيين [أ] و [ب] ويسيرون إلى أن ينتهوا إلى الآخر، وهكذا غيرهم حتى يأتي على آخرهم، وبعد ذلك صرفهم إلى آلة أخرى هذا شكلها.