المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نبذة عن تسوريخ - رسائل البشرى في السياحة بألمانيا وسويسرا

[حسن توفيق العدل]

فهرس الكتاب

- ‌تقديم عن طبعة المجلس الأعلى للثقافة بمصر

- ‌تقديم عن طبعة دار السويدي الثقافية الإماراتية

- ‌الإنطلاق من برلين

- ‌16 آب - أغسطس 1889

- ‌الوصول إلى مندن

- ‌معمل كروب للمدافع

- ‌حديقة الحيوان

- ‌شرقي وغربي

- ‌برج القط وبرج الفأر

- ‌المطران والفئران

- ‌توديع الراين

- ‌الوصول إلى فيسبادنودخول الحمّام الروماني

- ‌شلشويق

- ‌زيارة بيت غوتة

- ‌فرنكفورت: معبر الفرنج

- ‌مبارحة فرنكفورت

- ‌برميل خمر عظيم

- ‌صداقة فرنسي طائش

- ‌العبور إلى سويسرا

- ‌إلى بازل

- ‌في بازل

- ‌النهر والأطفال

- ‌مناظر خلابة

- ‌حلة على الجليد

- ‌زورق في بحيرة برينس

- ‌إلى لوتسرن

- ‌تمثال الأسد

- ‌بحريات وأنهار

- ‌الاسترقاق الغربي

- ‌جغرافية سويسرا

- ‌السهم والتفاحة

- ‌نحو قمة افريست

- ‌استقبال في تسوريخ

- ‌مخزن الكتب المدرسية

- ‌نبذة عن تسوريخ

- ‌ثلاثة آلهة

- ‌مملكة بافاريا

- ‌القصر الملكي

- ‌في نرنبرج

- ‌الوصول إلى لايبزغ

- ‌مدينة دريسدن

- ‌العودة إلى برلينوالوصول إليها في 15 سبتمبر 1889

الفصل: ‌نبذة عن تسوريخ

شكري الجزيل معتذراً، ثم خرجت وقد امتلأ دفتر تذكاري من الملاحظات التي قيدتها بشأن تلك الكتب.

ومن جملة ما شاهدته أيضاً محل نموذج الأدوات المدرسية القديمة والحديثة، فألفيته محلاً ذا قاعات عرضوا بها نموذج الأدوات المستعملة في التعليم، كآلات التطريز، والرسم، والتصوير، وأجناس الطاولات والكراسي بهيئة تكفل براحة التلامذة، ونموذج الآلات المستعملة في فن الفلك وعلم الطبيعة، ومثلها آلات تحضير الأجسام الكيماوية، وأجناس الأقلام الإفرنجية، وغير ذلك مما لست

أحصره.

ولولا ضيق المقام لأتيت على وصف جميع ما شاهدته من الأحوال المدرسية بتلك المدينة، ولكن سأوضح ذلك شيئاً فشيئاً عند سنوح الفرصة في رحلتنا البرلينية إن شاء الله تعالى.

ولما آن وقت مبارحتي تلك المدينة شيعني جم خفير من حضرات الذين تعرفت بهم، وأبى حضرة ناظر المحطة إلا أن ينزلني في عربة من الدرجة الأولى، على أنى كنت آخذاً اشتراكاً في جميع السكك الحديدية والبحرية في الدرجة الثانية.

وبالجملة فقد ودعتهم وداع شاكر ممنون مما لحظوني به من كمال العناية والاحترام، ولم تزل الرقاع بيننا متواصلة إلى الآن.

‌نبذة عن تسوريخ

أما هذه المدينة فتسمى تسوريخ وكانت تسمى لدى

ص: 399

الرومانيين توركوم وهي عاصمة كونتينة مسماة باسمها، وعدد سكانها مع ضواحيها 85000 نفس موضوعة على شمال بحيرة تدعى باسمها، ويمر بها نهر يقال له لمات حتى يصب في البحيرة المذكورة.

وهي مركز أعظم الصنائع والتجارة بقطر سويسرا، وأهمها الحرير والقطن، فيوجد بولايتها 10000 مِنْوال لنسيج القطن والحرير، وبها معامل لصنع المراكب البحرية كما أنها نقطة معارف سويسرا، وتوازيها مدينة جنيف، فبها مدرسة جامعة بها ما ينوف عن 400 طالب، و 88 مدرساً ومدرسة صناعية، وأخرى زراعية، ومدرسة كبرى للبنات والتعليم فيها بأجمعها له نجاح عظيم وشهرة كبرى، وقد تخرج في مدارسها علماء لهم اليد البيضاء في تقدم العلوم والفنون، ولو لم يكن لهذه المدينة شرف سوى أنها بلدة العالم الشهير المسمى لديهم بستالوتسي لكفى؛ وذلك أن هذا العالم هو أول من أخرج علم التربية البيداجوجيا

من العلم إلى العمل، عاش في أوائل هذا القرن الميلادي، وكان في ابتداء أمره يشتغل بتحرير حكايات وقصص، ثم اشتغل بمطالعة كتب الفيلسوف روسو الفرنساوي، ومن وقتئذ اجتهد في تحقيق علم النفس ونسبته إلى الجسم، وكيفية التربية، وألف في ذلك كتباً مفيدة باللغة الألمانية،

ص: 400

وأسس مدارس كثيرة حتى اشتهر ذكره في الآفاق، وقصده الملوك لمشاهدته احتراماً له، والعلماء للأخذ عنه، وعلى منوال طريقته نسجت علماء التربية في عصرنا هذا.

أما روسو الفرنساوي فكان مولده بمدينة جنيف في أواخر القرن الماضي الميلادي، وكان فيلسوفاً شهيراً اشتغل أولاً بعلم التربية، ثم تبحر في الفلسفة العامة حتى تشتتت لديه مقاصدها، ومن أخباره أن أكاديمية الفنون بباريس وقتئذ عرضت سؤالاً على العلماء طالبة الجواب عنه، وجعلوا لذلك جائزة، وهذا السؤال هو (تأثير التمدن في التربية)، مدعياً أن الإنسان مفطور على الخير، وإنما التمدن يكسبه الرذائل إلى غير ذلك، وفي أواخر عمره ألف كتاباً باللغة الفرنساوية قال في مقدمته ما معناه: لقد أتيت فيه بما لم يأتِ به أحد قبلي، ولن يأتي أحد بمثله من بعدي فكان كما قال؛ وذلك أنه وصف ترجمة حياته وأعماله منذ نعومة أظفاره، وباح بسر ضميره وأخلاقه التي كان عليها سواء سيئها وحسنها.

هذا ولم يزل القطار يحل آفاقاً، ويقطع أقطاراً حتى أوصلنا إلى بحيرة يقال لها بودن زيه ومعناه بحيرة بودن فنزلنا بها

ص: 401