الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الرابع عشر في أوصاف العبادات
وهي خمسة
الفصل الرابع عشر في أوصاف العبادات (1) وهي خمسة
شرع المؤلف رحمه الله تعالى (2) في هذا الفصل في بيان أوصاف العبادات فحصرها في خمسة وهي:
الأداء، والقضاء، والإعادة، والصحة، والإجزاء.
وفي هذا الفصل ستة مطالب:
الأول: في الأداء.
والثاني: في القضاء.
والثالث: في التنبيه الذي أورده المؤلف على القضاء.
والرابع: في الإعادة.
والخامس: في الصحة.
والسادس: في الإجزاء.
قوله: (وهي خمسة).
(1) في نسخة أوخ وش: "العبادة".
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
اعترض (1) بعضهم بأن قال: بقيت على المؤلف (2) خمسة أخرى وهي: الوجوب، والتحريم، والندب، والكراهة، والإباحة، فإنها أوصاف العبادات (3) أيضًا؛ لأنها أوصاف أفعال (4) المكلفين (5)؛ لأنك تقول: هذا فعل واجب، أو حرام، أو مندوب، أو مكروه، أو مباح (6).
أجيب عن هذا: بأن هذه الأشياء الخمسة هي أقسام الحكم الشرعي وليست بأوصاف العبادات.
قوله: (الأول: الأداء، وهو: إِيقاع العبادة في وقتها المعين لها شرعًا لمصلحة اشتمل عليها الوقت).
ش: هذا هو المطلب الأول في حد الأداء (7)، وهذا الحد ركبه المؤلف من
(1) في ط وز: "اعترضه".
(2)
في ز: "عليه".
(3)
في ط: "العبادة".
(4)
"أفعال" وردت في ط وز، ولم ترد في الأصل.
(5)
في ز: "المتكلفين".
(6)
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 28.
(7)
تعريف الأداء لغة يقال: أداه تأدية أوصله وقضاه، والاسم الأداء.
انظر: القاموس المحيط 4/ 298، مادة (أدو).
وانظر تعريف الأداء اصطلاحًا وما يتعلق به من مسائل في: شرح التنقيح للقرافي ص 72، شرح التنقيح للمسطاسي ص 28، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 62، المستصفى 1/ 95، شرح الكوكب المنير 1/ 365، فواتح الرحموت 1/ 85، شرح العضد على مختصر المنتهى لابن الحاجب 1/ 232، شرح المحلي على متن جمع الجوامع 1/ 108، نهاية السول 1/ 109، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص 59، التعريفات للجرجاني ص 9، المغني للخبازي ص 52.
جنس وخمسة قيود.
فالجنس هو قوله: (إِيقاع).
والقيد الأول: هو قوله: (العبادة)(1).
والقيد الثاني: هو قوله: (في وقتها).
والقيد الثالث: هو قوله: (المعين لها).
والقيد الرابع: هو قوله: (شرعًا).
والقيد الخامس: هو قوله: (لمصلحة اشتمل عليها الوقت).
حد الأداء عند القدماء: إيقاع العبادة في وقتها، فزاد المؤلف ثلاثة قيود تحريرًا للحد.
قوله: (إِيقاع العبادة)(2) أي: فعل الطاعة في وقتها، أي: فعل المأمور به في وقته.
واحترز (3) بقوله: (العبادة) مما ليس بطاعة؛ لأن ما ليس بطاعة لله تعالى لا يسمى (4) بالأداء كسائر الأفعال التي ليست بطاعة كالحرث، والحصاد، والغرس (5) وسائر الصناعات.
(1) في ز: "العبادات".
(2)
في ز: "إيقاع العبادة في وقتها".
(3)
في ز: "احترز".
(4)
في ز: "لا يوصف".
(5)
في ط وز: "والبناء والغرس".
وقوله: (1)(في وقتها) احترز به من القضاء؛ لأن القضاء إيقاع العبادة خارج وقتها كما سيأتي في حد القضاء (2).
وقوله: (المعين لها) معناه المحدود للعبادة بطرفيه، أي: بأوله وآخره كتعيين أوقات الصلوات (3) الخمس دون سائر الأوقات، وتعيين شهر رمضان للصوم دون سائر الشهور، واحترز به من العبادات (4) التي لم يعين (5) لها وقت محدود بطرفيه، أي: بأوله وآخره كالحج؛ فإنه وظيفة العمر.
وقول: الفقهاء حجة الأداء، وحجة القضاء: مجاز لا حقيقة (6).
وقوله (7): (شرعًا) احترازًا من فعل العبادة في وقتها المعين لها عرفًا، كالترويحات في رمضان، قاله بعضهم، فإن تعيين الزمان لها (8) بالعرف.
وقال بعضهم: مثال ما عينه العرف كأمر السيد لعبده أن يفعل فعلاً في وقت محدود معين له؛ لأن هذا أفضل (9) العبادة في وقتها المعين لها عرفًا؛ لأن طاعة العبد لسيده عبادة وهذا والله أعلم أولى؛ لأن الترويحات سنها (10)
(1) في ط: "قوله".
(2)
انظر (2/ 22) من هذا الكتاب.
(3)
في ط: "الصلاة".
(4)
في ط وز: "العبادة".
(5)
في ط: "يتعين".
(6)
"لا حقيقة" ساقطة من ط وز.
(7)
في ط: "قوله".
(8)
في ز: "فيها".
(9)
"أفضل" ساقطة من ط وز.
(10)
أخرج البخاري ومالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه قال: خرجت =
عمر (1) رضي الله عنه (2) وفعل عمر أمر شرعي لا عرفي.
قوله: (فقولنا: في وقتها احترازًا من القضاء، وقولنا: شرعًا احتراز من العرف).
ش: بيّن المؤلف بهذا الكلام الشيء الذي احترز منه بقوله: (في وقتها) والشيء الذي احترز منه بقوله: (شرعًا)، وأما الشيء الذي احترز منه بقوله:(العبادة) فلم يذكره، وكذلك الشيء الذي احترز منه بقوله:(المعين لها)(3)، وقد بيّناه [قبل هذا](4).
وقوله (5): (لمصلحة (6) اشتمل عليها الوقت احترازًا من تعيين الوقت
= مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة في رمضان إلى المسجد، فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط، فقال عمر: إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبيّ ابن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، قال عمر: نِعم البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون، يريد آخر الليل، وكان الناس يقومون أوله، واللفظ للبخاري.
انظر: صحيح البخاري باب: فضل من قام رمضان 1/ 342، المطبوع مع حاشية السندي، موطأ الإمام مالك، باب قيام شهر رمضان ص 91 تعليق عبد الوهاب عبد اللطيف، موسوعة فقه عمر بن الخطاب، تأليف د. محمد رواس قلعه جي ص 456.
(1)
في ز: "عمر بن الخطاب".
(2)
"رضي الله عنه" لم ترد في ط.
(3)
"لها" ساقطة من ز.
(4)
ما بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
(5)
في أوخ وش: "وقولنا"، وفي ط:"قوله".
(6)
"لمصلحة" ساقطة من أوش.
لمصلحة المأمور به لا لمصلحة في الوقت، كما إِذا قلنا: الأمر للفور، فإِنه يتعين الزمان (1) الذي يلي ورود الأمر، إِلا أنه (2) لا يوصف بكونه (3) أداء في وقته ولا قضاء بعد وقته، كمن (4) بادر لإِزالة منكر أو إِنقاذ (5) غريق، فإِن المصلحة ها هنا في الإِنقاذ (6) سواء كان في هذا الزمان أو غيره) (7).
ش: ذكر (8) في هذا الكلام الشيء الذي احترز منه بقوله: لمصلحة اشتمل عليها الوقت، واحترز بذلك من تعيين الوقت لمصلحة اشتمل عليها الفعل المأمور به ولا يشتمل عليها الوقت.
وذلك أن تعيين الوقت للعبادة على ضربين: تارة يشتمل (9) الوقت على المصلحة (10) أي: تكون المصلحة في نفس الوقت [كتعيين أوقات الصلوات الخمس، وشهر رمضان.
وتارة تكون المصلحة في الفعل المأمور به، أي: لا تكون المصلحة في نفس الوقت] (11)، بل الأوقات كلها متساوية في هذا الضرب، كسائر العبادات
(1) في أوخ وش: "الزمن".
(2)
في أوخ وش: "ولا يوصف".
(3)
في أ: "بكوها".
(4)
في أوخ وش: "وكمن".
(5)
في ش: "وإنقاذ".
(6)
في ش: "في نفس الإنقاذ".
(7)
في ز: "أو في غيره".
(8)
في ط: "بين".
(9)
في ز: "يشمل".
(10)
في ط: "مصلحة".
(11)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
الفوريات كرد الغصوب، والودائع، والديون، والعواري إذا طلبت، وكذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك أقضية الحكام إذا ثبتت الحجج واجبة (1) على الفور، وكذلك إنقاذ الغريق في الماء، وإغاثة الملهوف، وإطعام الجوعان، وإكساء العريان، والتوبة من الذنوب، وكذلك الحج على القول بأنه على الفور، وما في معنى ذلك من سائر الفوريات.
فإن هذه العبادات الفوريات عيّن لها الشرع أوقاتها، فأول (2) وقتها أول أزمنة الإمكان، وآخر وقتها الفراغ منها على حسب ما تحتاج إليه من طول وقصر (3)، ولكن تعيين الوقت لهذه الفوريات ليس لمصلحة في نفس الوقت، وإنما هو لمصلحة في الفعل المأمور به، فإن هذه العبادات الفوريات تابعة لأسبابها، وإذا (4) وقعت أسبابها وقعت، ولا فرق فيها بين سائر الأوقات من ليل أو نهار، فإنها تابعة للأسباب وليست بتابعة للأوقات بخلاف العبادات الوقتيات كالصلوات الخمس، وشهر رمضان، فإنها تابعة للأوقات وليست بتابعة للأسباب.
فتبيّن بما قررناه (5): أن العبادة إذا كان وقتها مشتملاً على المصلحة في نفسه فإنها توصف بالأداء والقضاء، أي: توصف بالأداء إذا فعلت في ذلك
(1) في ط: "وجبت".
(2)
في ط: "أول".
(3)
في ط: "أو قصر".
(4)
في ط وز: "فإذا".
(5)
في ط: "قدرناه".
الوقت المعين (1)، وتوصف بالقضاء إذا فعلت خارج ذلك الوقت المعين لها، وإذا كان وقتها غير مشتمل على المصلحة في نفسه فلا توصف بالأداء ولا بالقضاء، أي: لا توصف بالأداء إذا فعلت في أول أزمنة الإمكان، ولا توصف بالقضاء إذا فعلت بعد ذلك، هذا (2) هو الفرق بين ما يوصف بالأداء والقضاء وبين ما لا يوصف بهما.
وهنا الذي قررناه (3) هو معنى قول المؤلف: وقولنا: لمصلحة اشتمل عليها الوقت احترازًا من تعيين الوقت لمصلحة المأمور به، لا لمصلحة في الوقت.
وقوله: (كما إِذا قلنا: الأمر للفور فإِنه يتعين الزمان الذي يلي ورود الأمر
…
) إلى آخره.
ذكر المؤلف ها هنا مثالين للفوريات (4) التي لا يشتمل فيها الوقت على المصلحة، أحد المثالين كلي، والآخر جزئي.
فالمثال الكلي: هو قوله: (كما إِذا قلنا: الأمر للفور).
والمثال الجزئي: هو قوله: (كمن بادر إِلى إِزالة منكر و (5) إِنقاذ غريق)، ولكن المثال الكلي إنما يتبين لك بالمثال (6) الجزئي.
(1) في ط: "المعين لها".
(2)
في ط: "وهذا".
(3)
في ط: "قدرناه".
(4)
"للفوريات" ساقطة من ز.
(5)
في ز: "أو".
(6)
في ط: "المثال".
قوله: (كما إِذا قلنا: الأمر للفور) مثال (1) ذلك: إذا فرعنا على الأمر (2) المطلق المجرد يحمل على الفور.
ومعنى الفور هو: المبادرة إلى الامتثال في أول أزمنة الإمكان؛ وذلك أن الأمر المجرد عن قرينة تحمله على إرادة الفور، وإرادة (3) التأخير هل يحمل على الفور أو على التأخير؟
ذكر فيه المؤلف ثلاثة أقوال في باب الأوامر، فقال فيه: وهو (4) عنده أيضًا للفور، وعند الحنفية خلافًا لأصحابنا المغاربة، والشافعية، وقيل: بالوقف (5)، كما سيأتي بيانه (6) إن شاء الله تعالى.
قوله: (فإِنه يتعين الزمان الذي يلي ورود الأمر) يعني: أن الأمر إذا ورد بفعل شيء في الحين، فإن الزمان الذي يلي زمان سماع لفظ الأمر متعين لفعل المأمور به
قال المؤلف في الشرح: قولي: يتعين الزمان الذي يلي ورود الأمر ليس الأمر (7) كذلك، بل قال القاضي أبو بكر رحمه الله: لا بد من زمان إسماع
(1) في ط وز: "معناه مثال
…
" إلخ.
(2)
في ط وز: "أن الأمر".
(3)
في ط: "أو إرادة".
(4)
"هو" ساقطة من ط.
(5)
نص كلام القرافي في المتن.
نظر: شرح التنقيح للقرافي ص 28، وانظر:(2/ 460 - 464) من هذا الكتاب.
(6)
في ز: "بيان".
(7)
"الأمر" ساقطة من ز.
الصيغة، وزمان فهم معناها، وفي الزمان الثالث (1) يقع الامتثال وهو متجه لا تتأتى المخالفة فيه. انتهى نصه (2).
قوله: (فإِنه يتعين الزمان الذي يلي ورود الأمر) ليس بصحيح كما قال في شرحه، فالأولى إذًا أن يقال: فإنه يتعين الزمان الذي يلي [الزمان الذي يلي زمان](3) ورود الأمر؛ لأن الأزمنة ها هنا ثلاثة:
زمان ورود الأمر، [وزمان فهم معنى الأمر](4)، وزمان فعل المأمور به (5).
قوله: (إِلا أنه لا يوصف بكونه أداء في وقته ولا قضاء بعد وقته) وإنما قال: لا يوصف بالأداء والقضاء؛ لأنه لم يتعلق (6) بوقت مشتمل (7) على المصلحة في نفسه.
وقوله (8): (كمن بادر لإِزالة أو إِنقاذ غريق).
هذا هو المثال الجزئي، وبه يظهر لك المثال الكلي؛ لأن هذا المثال مندرج
(1) في ط: "الثلاث".
(2)
شرح التنقيح للقرافي ص 72.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(5)
في ط زيادة: "وزمان سماعه".
(6)
في ط: "يتعين".
(7)
في ز: "مشتملة".
(8)
في ط: "قوله".
في المثال الأول؛ لأنه من جزئياته، فإن إزالة منكر أو إنقاذ (1) غريق في الماء، فإن المصلحة في هذا في إزالة المنكر وفي إنقاذ الغريق أي: وقت اتفق فيه ذلك، ولا فرق بين سائر أوقات الليل والنهار؛ لأن المصلحة في المأمور به ولا مصلحة في وقت معين؛ لأن هذا تابع لسببه لا لوقت معين.
قوله: (أما (2) تعيين أوقات العبادات فنحن نعتقد أنها لمصالح (3) في نفس الأمر اشتملت عليها (4) هذه الأوقات، وإِن كنا لا نعلمها، وهكذا كل تعبد (5) فمعناه (6): أنا لا نعلم مصلحته (7)، لا أنه (8) ليس فيه مصلحة، طردًا لقاعدة الشرع في عادته في (9) رعاية مصالح العباد على سبيل التفضل).
ش: لما بيّن المؤلف ما شرع لمصلحة في المأمور به بيّن ها هنا ما شرع لمصلحة في وقته، كأوقات الصلوات الخمس، وشهر رمضان، فإن الشرع لم يعيّن هذه الأوقات للعبادات (10) إلا لمصلحة للعباد علمها الله تبارك وتعالى في خصوص هذه الأوقات دون غيرها من سائر الأوقات، وهكذا نقول في
(1) في ز: "وانقاذ".
(2)
في أوخ وش: "وأما".
(3)
في ش: "المصالح"
(4)
في ز: "عليه".
(5)
في أوخ وش: "تعبدي".
(6)
في خ وش: "معناه".
(7)
لا يسلم للمؤلف أن كل تعبد لا نعلم مصلحته.
والصحيح أننا نعلم بعض مصالح العبادات ويخفى علينا مصالح عبادات أخرى.
(8)
في ط: "لأنه".
(9)
في أ: "ورعاية".
(10)
في ز: "للعبادة".
كل (1) ما تعبدنا الله له مما لا نعلم مصلحته (2)، فكل (3) ما تعبدنا الله به من الأوامر والنواهي، فإن ذلك لأجل مصلحة علمها الله تبارك وتعالى فيما أمرنا به، أو لأجل مفسدة علمها الله تبارك وتعالى فيما نهانا عنه؛ إذ لا يأمر الله تبارك وتعالى إلا بما فيه مصلحة لعباده، ولا ينهى إلا عن (4) ما (5) فيه مضرة لعباده (6).
قوله: (طردًا لقاعدة الشرع في عادته في رعاية مصالح العباد) [هذا دليل على أن كل حكم معلل؛ إذ لا تعرى أحكام الله عن فائدة وحكمة.
ومعنى قوله: (طردًا لقاعدة الشرع في (7) عادته (8)): أنا قد] (9) استقرينا الشرائع ووجدنا أكثرها مصالح، إذ لا يأمر الله إلا بخير، ولا ينهى إلا عن شر، ووجدنا فيها أشياء قليلة بالنسبة إلى ما علمناه، كتعيين أوقات الصلوات (10) الخمس، وشهر رمضان، ونصب الزكاة، وتحديد الحدود، والكفارات وغيرها، ولم تعلم (11) مصلحة ذلك (12).
(1)"كل" ساقطة من ز.
(2)
في ط: "لمصلحة".
(3)
في ط: "وكل".
(4)
"عن" ساقطة من ط وز.
(5)
في ط وز: "بما".
(6)
انظر: الموافقات للشاطبي 1/ 195، 199.
(7)
"في" ساقطة من ز.
(8)
"عادته" ساقطة من ز.
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(10)
في ط: "الصلاة".
(11)
في ط: "نعلم".
(12)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 72.
فنقول: هذه الأشياء القليلة التي لم نعلم مصالحها فيها مصالح، وإن كنا لا نعلمها قياسًا للقليل على الكثير لتطرد قاعدة الشرع في عادته في رعاية مصالح العباد.
قوله: (طردًا (1) لقاعدة (2) الشرع) أي: تعميمًا لقاعدة الشرع.
قال المؤلف في الشرح: ومثال ما ذكرته: أن ملكًا إذا كانت عادته أنه لا يخلع اللباس الأخضر إلا على الفقهاء، فرأيناه خلع الأخضر على رجل لم نعرفه، فإنّا نعتقد أن ذلك الرجل فقيه لأجل قاعدة ذلك الملك (3).
قوله: (في عادته في رعاية مصالح العباد على سبيل التفضل) هذا إجماع أهل السنة.
خلافًا لأهل الاعتزال القائلين: بأن الله عز وجل (4) يراعي مصالح العباد على سبيل الوجوب العقلي (5)، ومعنى ذلك عندهم: أنه يستحيل عليه تعالى
(1) في ط: "وطرد".
(2)
في ط: "القاعدة".
(3)
شرح التنقيح للقرافي ص 72.
(4)
"عز وجل" لم ترد في ط.
(5)
ذكر الشاطبي مذهب الأشاعرة والمعتزلة فى المصالح والمفاسد، وذلك أن الأشاعرة يقولون: إن معرفة المصالح والمفاسد يتبين بتتبع موارد الشرع واستقراء الشريعة. والمعتزلة يقولون: العقل يدرك المصالح والمفاسد قبل الشرع، وجعلوا الشرع كاشفًا لمقتضى ما دعاه العقل عندهم، فعلى هذا: لا فرق بين مذهب الأشاعرة والمعتزلة؛ فاختلافهم في المدرك، فالأشاعرة يقولون: لا قبل للعقل بإدراكها، والمعتزلة يقولون: بل العقل يدركها قبل الشرع، والنتيجة واحدة، وهي: أن المصالح والمفاسد معتبرة في الأحكام الشرعية.
انظر: الموافقات 2/ 44، 45.
خلاف ذلك؛ لأنه حكيم، والحكيم لا يفعل المفسدة، وأما أهل السنة فالله تعالى عندهم له أن يفعل في ملكه ما يشاء ويحكم في خلقه بما يريد.
قوله: (فقد تلخص أن التعيين في الفوريات لتكميل مصلحة المأمور به وفي العبادات (1) لمصالح (2) في الأوقات (3) فظهر الفرق).
ش: أي ظهر الفرق بين ما يوصف بالأداء والقضاء وبين ما لا يوصف بهما (4) مع اشتراكهما في تعيين الوقت.
قوله: [الأداء إِيقاع العبادة في وقتها المعين لها شرعًا لمصلحة اشتمل عليها الوقت](5).
ش: هذا (6) الحد حرز به المؤلف حد الأداء، وعدل المؤلف عن الحد الذي حد به القدماء الأداء والقضاء، وهو قولهم: الأداء: إيقاع الواجب في وقته، والقضاء: إيقاع الواجب خارج وقته، وذلك أنه رأى حد (7) القدماء ليس بجامع ولا مانع.
(1) في ط: "العبادة".
(2)
في أوخ وش: "لمصلحة".
(3)
في ز: "الوقت".
(4)
في ط: "بها".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
في ز: "وهذا".
(7)
في ط: "أحد".
[وإنما قلنا: ليس بجامع](1) لخروج النفل المؤقت (2) بوقت (3)، كالوتر والعيد، لأن (4) ذلك يوصف بالأداء كما نص عليه المؤلف بقوله بعد هذا (5): وقد يوصف (6) بالأداء وحده كالجمعة والعيد (7) بزوالهما (8).
[وإنما](9) قلنا: ليس بمانع لدخول الفوريات فيه مع أنها لا توصف (10) بالأداء.
قوله: (الأداء إِيقاع العبادة (11) إِلى آخر هذا الحد (12)) ولو ركبه المؤلف هذا التركيب، فهو: معترض، فإنه غير مانع لدخول ما ليس بمحدود في الحد، وذلك أن قوله:(إِيقاع العبادة) يصدق على الإعادة، ويصدق أيضًا على قضاء رمضان؛ لأن وقت قضائه ما بين رمضان ورمضان وهو وقت معين، فينبغي أن يزاد في الحد فيقال: الأداء (13): إيقاع العبادة أولاً في وقتها
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(2)
في ط: "والمؤقت".
(3)
"بوقت" ساقطة من ز.
(4)
في ط: "أن".
(5)
"هذا" ساقطة من ط وز.
(6)
في ط وز: "توصف"
(7)
في ط وز: "العيدين".
(8)
"بزوالهما" ساقطة من ط وز.
(9)
المثبت بين المعقوفتين ورد في ط، ولم يرد في الأصل وز.
(10)
في ط: "تتصف".
(11)
في ط: "العبادات".
(12)
في ط وز: "ما قال هذا".
(13)
"الأداء" ساقطة من ط.
المعين لها شرعًا لمصلحة اشتمل عليها بالأمر (1) الأول (2).
فقولنا أولاً: احترازًا من الإعادة.
وقلنا (3): بالأمر الأول: احترازًا من قضاء رمضان؛ فإنه بالأمر الثاني لا بالأمر الأول على مذهب المحققين.
وسيأتي بيانه في باب الأوامر في قول المؤلف: لا يوجب القضاء عند اختلال المأمور به عملاً بالأصل، بل القضاء بأمر جديد خلافًا لأبي بكر الرازي (4).
قوله: (الثاني: القضاء وهو (5): إِيقاع العبادة خارج وقتها الذي عيّنه الشرع لمصلحة فيه).
ش: هذا هو المطلب الثاني في بيان حقيقة القضاء (6) أي
(1) في ط وز: "الوقت بالأمر".
(2)
هذا التعريف اختاره المؤلف بعد مناقشة تعريف القرافي.
وقد ذكر الفتوحي في شرح الكوكب المنير تعريف الأداء بأنه: ما فعل في وقته المقدر له أولاً شرعًا. وذكر بأن قوله: "أولاً" ليخرج ما فعل في وقته المقدر له شرعًا لكن في. غير الوقت الأول؛ كالصلاة إذا ذكرها بعد خروج وقتها، فإذا فعلها في ذلك الوقت فهو وقت ثان لا أول، ويخرج به أيضًا قضاء الصوم فإذا فعله كان قضاء؛ لأن فعله في الوقت المقدر له ثانيًا لا أولاً.
انظر: شرح الكوكب المنير 1/ 366.
(3)
في ط: "وقولنا".
(4)
هذا نص كلام القرافي في المتن.
انظر: شرح التنقيح ص 144، وانظر:(2/ 538) من هذا الكتاب.
(5)
"وهو" ساقطة من ط.
(6)
انظر تعريف القضاء في: شرح التنقيح للقرافي ص 72، شرح التنقيح للمسطاسي =
الواجب (1) من أوصاف العبادة (2) هو القضاء.
وهذا الحد ركبه المؤلف من جنس وخمسة قيود، كما تقدم في حد الأداء:
القيد الأول: هو قوله: (العبادة) احترز به من غير العبادة.
والقيد الثاني: هو قوله: (خارج وقتها) احترز به من الأداء، إلا أن قوله:(خارج وقتها) أراد به بعد وقتها، وإن كان قوله:(خارج [وقتها] (3)) يصدق على قبل العبادة (4) وبعدها.
والقيد الثالث: هو قوله: (الذي عينه) احترز به من حجة القضاء؛ لأن الحج وظيفة العمر، كما تقدم في الأداء؛ لأنه ليس بالقضاء الذي حده المؤلف ها هنا وسيأتي التنبيه عليه.
والقيد الرابع: هو قوله: (عينه الشرع) احترز (5) به مما عينه العرف كأمر السيد لعبده بفعل في وقت عينه له ثم فعله بعد ذلك الوقت فلا يسمى قضاء؛ لأن الشرع لم يعين ذلك الوقت.
= ص 28، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 64، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 1/ 232، المستصفى للغزالي 1/ 95، نهاية السول 1/ 109، شرح المحلى على متن جمع الجوامع 1/ 108، شرح الكوكب المنير 1/ 365، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص 59، فواتح الرحموت 1/ 85، المغني للخبازي ص 52.
(1)
في ط وز: "الوصف".
(2)
في ط وز: "لعبادات".
(3)
المثبت من "ط" و"ز" وفي الأصل "وقته".
(4)
في ز: "وقت العبادة".
(5)
في ز: "احترازًا".
والقيد الخامس: هو قوله: (لمصلحة فيه) احترز به من الفوريات إذا فعلت بعد مضي الزمان الفوري (1) فلا يسمى قضاء (2)، كما لا يسمى إذا فعل في الزمان الفوري أداء.
واعترض هذا الحد بأن قيل: ليس بجامع؛ لأنه خرج منه قضاء رمضان؛ لأن زمان قضائه عينه الشرع كما عين زمان أدائه، فإن زمان قضائه هو السنة التي تلي شهر الأداء
أجيب عنه بأن قيل: يزاد في الحد أولاً، أي الذي عينه الشرع أولاً لمصلحة فيه، وهو أيضًا غير جامع؛ لأن القضاء يقال في الاصطلاح على فعل العبادة بعد تعينها بالشروع فيها كحجة القضاء، ويقال القضاء أيضًا لما يفعله المدرك على غير نظامه.
أجيب عنه بأن قيل: القضاء في الاصطلاح لفظ (3) مشترك بين ثلاثة معان:
يقال على إيقاع العبادة خارج وقتها.
ويقال على إيقاع العبادة بعد تعينها بالشروع فيها.
ويقال على ما فعل على غير نظامه (4) من حيث تقديم السر على الجهر.
(1)"الفوري" ساقطة من ز.
(2)
ذكر هذا الاحتراز بمعناه المسطاسي في شرح التنقيح ص 29.
(3)
"لفظ" ساقطة من ز.
(4)
ذكر المسطاسي أن قوله في تعريف القضاء: إيقاع العبادة خارج وقتها أنه يعترض عليه بأربعة أمور:
الأول: من قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} [آية 103 سورة النساء]، فسمى فعل صلاة الجمعة قضاء مع فعلها في وقتها. =
والمعنى الذي حده المؤلف من هذه (1) المعاني الثلاثة هو الأول منها، فإن من حد معنى واحدًا من معاني (2) اللفظ المشترك فلا يرد عليه الباقي نقضًا؛ لأن من حد العين الباصرة فلا يرد عليه الذهب وغيره مما يسمى عينًا لاختلاف الحقائق (3)، [فلا تجمع الحقائق](4) المختلفة بحد واحد؛ لأن الحقائق المختلفة يجب أن تكون حدودها مختلفة.
واعترض بعضهم هذا الحد بأن قال: هذا الحد غير جامع لكل ما يقال
= الثاني: ما فعل بعد تعيينه بسببه والشروع فيه ومنه حجة القضاء.
الثالث: ما يفعله المسبوق بعد الصلاة؛ فإنهم يقولون: هل يكون قاضيًا فيما فاته أم لا.
الرابع: ما يكون بمعنى الأداء منه قولهم: لألزمنك أو تقضيني حقي.
أجاب عن هذه الأمور الأربعة بالجواب التالي:
أن القضاء يطلق على عدة أمور، يطلق ويراد به نفس الفعل، كقوله تعالى:{فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} أي: فعلت.
ويطلق ويراد به الأداء.
ويطلق ويراد به فعل العبادات بعد تعيينها بسببها ومنها قضاء الحج.
ويطلق ويراد به ما فعل على خلاف نظامه وهو ما يفعله المسبوق بعد سلام الإمام. فالأولان الفوريان، والمحدود ها هنا هو القضاء في الاصطلاح فلا ينقض باللغويات، وأما الثلاثة الباقية فاصطلاحية والمحدود أحدها، واللفظ إذا كان مشتركًا بين أشياء وحددنا واحدًا منها فلا يرد الباقي عليه نقضًا، كما إذا حددنا العين الباصرة فلا يرد علينا عين الذهب نقضًا. اهـ باختصار.
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 29.
(1)
في ز: "هذا".
(2)
في ز: "معنيي".
(3)
ذكر هذه الاعتراضات والجواب عنها القرافي في شرح التنقيح ص 73، 74.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
له (1): القضاء؛ لأنه (2) يقال على عشرة معان:
يقال على الفراغ: كقوله تعالى (3): {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ} (4)، وقوله تعالى (5):{فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} (6).
ويقال على التمام: كقوله تعالى: [{لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى} (7).
ويقال على الفصل: كقوله تعالى: {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (8).
ويقال على وجوب العذاب: كقوله تعالى] (9): {وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} (10).
ويقال على الحتم: كقوله تعالى: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ} (11).
ويقال على الإخبار والإعلام: كقوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} (12).
(1) في ز: "عليه".
(2)
في ز: "فإن القضاء".
(3)
"تعالى" لم ترد في ط.
(4)
سورة النساء آية رقم (103).
(5)
"وقوله تعالى" لم ترد في ط.
(6)
سورة البقرة آية رقم (200).
(7)
سورة الأنعام آية رقم (60).
(8)
سورة يونس آية رقم (54).
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(10)
سورة هود آية رقم (44).
(11)
سورة يوسف آية رقم (41).
(12)
سورة الإسراء آية رقم (4).
ويقال على الحكم والأمر (1): كقوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلا إِيَّاهُ} (2).
ويقال على الفعل: كقوله تعالى: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ} (3)، ومنه قول الشاعر:
وعليهما (4) مبرودَتان (5) قضاهما (6)
…
داود أو صَنْعُ (7) السَّوابغ تبَّعُ (8)
(1) في ط: "على الأمر والحكم".
(2)
سورة الإسراء آية رقم (23).
(3)
سورة طه آية رقم (72).
(4)
في ز: "وعلينا".
(5)
في ط وز: "مسردتان".
(6)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"قضا فيهما".
(7)
في ط: "وصنع".
(8)
قائل هذا البيت هو أبو ذؤيب خويلد بن خالد الهذلي، هلك له بنون خمسة في عام واحد أصابهم الطاعون، وتوفي رحمه الله في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهذا البيت من قصيدة له مطلعها:
أمِنَ المَنونِ ورَيْبها تتَوَجّعُ
…
والدهرُ ليسَ بمعتبٍ من يجزعُ
إلى أن قال:
وعليهما ماذِيَّتَانِ قَضَاهُما
…
داودُ أو صَنْعُ السوابِغِ تبَّعُ
وفي المعاني الكبير:
وتعاورا مسرودتين قضاهما
…
داود أو صنع السوابغ تبع
قوله: "وتعاورا مسرودتين" أي: درعين تعاوراهما بالطعن، والتعاور لا يكون إلا من اثنين.
"مسرودتين" السرد: الخرز في الأديم، "قضاهما" فرغ من عملهما.
"الصنع" الحاذق بالعمل وهو هنا تبع، فهو يقول: سمع بأن داود سخر له الحديد فهو يصنع منه ما أراد، وسمع بأن تبعًا عملهما.
انظر: شرح المفصل لابن يعيش 3/ 58، شرح أشعار الهذليين للسكري 1/ 1، 39، =
وبمعنى الخلق: كقوله تعالى: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} (1).
ويقال على الموت: كقوله تعالى (2): {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} (3).
وهذه المعاني (4) يطلق القضاء عليها (5) جميعًا (6) ولم يتناولها حد المؤلف.
أجيب عن هذا بأن قيل: الاعتراض بهذا لا يلزم المؤلف؛ لأن المؤلف إنما حد المعنى الاصطلاحي، وأما المعنى اللغوي فلم يتعرض له المؤلف، فإن هذه المعاني كلها لغوية.
قوله: (تنبيه: لا يشترط في القضاء تقدم الوجوب بل تقدم سببه عند الإمام والمازري وغيرهما من المحققين خلافًا للقاضي عبد الوهاب وجماعة من الفقهاء؛ لأن (7) الحائض تقضي ما حرم عليها فعله في زمان (8) الحيض، والحرام لا يتصف بالوجوب، وبسط ذلك (9) في كتاب الطهارة في
= المعاني الكبير لابن قتيبة ص 1039، مجاز القرآن لأبي عبيدة التيمي تعليق محمد فؤاد سزكين 1/ 52، 2/ 24، 143.
(1)
سورة فصلت آية رقم (12).
(2)
"تعالى" لم ترد في ط.
(3)
سورة الزخرف آية رقم (77).
(4)
انظر بعض هذه المعاني للقضاء في المفردات في: غريب القرآن للأصفهاني، كتاب القاف (ص 406، 407).
(5)
في ط وز: "على".
(6)
في ط وز: "جميعها".
(7)
في أ: "لأن القضاء من الحائض"، وفي ش:"فإن الحائض تقضي".
(8)
في أوخ وش: "زمن".
(9)
في أوش: "وبسط ذلك ذكرته في الفقه"، وفي خ:"وبسط ذلك في الطهارة".
موانع الحيض مذكور (1)).
ش: هذا هو المطلب الثالث وهو: التنبيه على ضعف القول باشتراط تقدم الوجوب في القضاء، ومعنى التنبيه: إيقاظ من غفلة الوهم، تقدير كلامه هذا تنبيه على وهم.
واعلم أن الواجب إذا لم يفعل في وقته المقدر له أن فعله بعد ذلك قضاء حقيقة (2) باتفاق، وإن لم ينعقد سبب وجوبه في الوقت المقدر له أن فعله بعد ذلك ليس بقضاء لا حقيقة ولا مجاز باتفاق، كفوات الصلاة في زمان الصبا.
واختلفوا فيما انعقد سبب وجوبه ولم يجب لمانع كالصوم في حق الحائض، والمريض، والمسافر، وكالصلاة في حق النائم (3):
فذهب (4) جمهور العلماء: إلى أن فعله بعد وقته قضاء حقيقة، وبه قال الإمام فخر الدين (5)، والإمام المازري.
وذهب جماعة من العلماء: إلى أن فعله بعد وقته ليس بقضاء، وإنما هو أداء؛ لأنه واجب بأمر جديد لا (6) بأمر قديم، وإطلاق القضاء عليه مجاز لا
(1)"مذكور" ساقطة من ز.
(2)
"حقيقة" ساقطة من ز.
(3)
هذا تحرير لمحل النزاع.
(4)
في ز: "وذهب".
(5)
انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 150.
(6)
في في ط: "لا واجب".
حقيقة، وبه قال الباجي (1) والغزالي (2).
وسبب الخلاف في هذا: اختلافهم في فائدة القضاء:
فقيل: فائدة القضاء استدراك لمصلحة تقدم سبب الوجوب.
وقيل: فائدة القضاء استدراك لمصلحة تقدم الوجوب.
فمن قال: فائدته استدراك لمصلحة تقدم سبب الوجوب، قال: القضاء بعد ذلك حقيقة؛ لأنه استدراك لما فات.
ومن قال: فائدته استدراك لمصلحة تقدم (3) الوجوب قال: القضاء بعد (4) ذلك (5) مجاز لا حقيقة لعدم تقدم الوجوب.
وقال القاضي عبد الوهاب: بل القضاء حقيقة لتقدم الوجوب، فإن الحائض يجب عليها الصوم في زمان حيضها، ولكن منع مانع الحيض.
وذلك أن القائلين بأن فائدة القضاء هي (6) استدراك لمصلحة تقدم الوجوب قد اختلفوا على قولين:
منهم من قال: لا يجب الصوم (7) على الحائض في زمان حيضها،
(1) انظر: إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي، تحقيق د. عمران علي أحمد العربي ج 1/ 102.
(2)
انظر: المستصفى للغزالي 1/ 96.
(3)
"تقدم" ساقطة من ز.
(4)
في ز: "بعده".
(5)
"ذلك" ساقطة من ز.
(6)
في ز: "هو".
(7)
"الصوم" ساقطة من ط.
وهو مذهب المحققين، منهم الباجي (1) في المنتقى (2)، والغزالي (3).
ومنهم من قال: يجب عليها الصوم ولكن منعه الحيض شرعًا؛ فالقضاء في حقها حقيقة.
قوله (4): (لا يشترط في القضاء تقدم الوجوب بل تقدم سببه).
ش: أي: لا يشترط في كون القضاء قضاء حقيقة أن يتقدم وجوب الفعل، بل المشترط (5) هو تقدم سبب الوجوب كمثل رؤية الهلال [فإن رؤية الهلال](6) سبب لوجوب الصوم، هذا مذهب الإمامين: الإمام فخر الدين (7)، والإمام المازري، وجماهير المحققين.
وقال القاضي عبد الوهاب وجماعة من الفقهاء: بل يشترط في القضاء أن يتقدم الوجوب مع السبب (8).
وقوله: (خلافًا للقاضي عبد الوهاب).
(1) في ط: "وهو مذهب الباجي"، وفي ز:"وقد ذهب الباجي".
(2)
يقول الباجي في المنتقى (1/ 121): الصوم زمن الحيض لا يجب، ولو وجب لأثمت الحائض بتأخيره ولوجب أن يصح منها فعله، وإنما يجب عليها صيام آخر في غير أيام الحيض، وإنما يقال: إن ما تفعله الحائض من الصوم بعد انقضاء أيام الحيض قضاء على سبيل المجاز والاتساع.
(3)
انظر: المستصفى 1/ 96.
(4)
في ط: "وقوله".
(5)
في ط: "الشرط".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(7)
"فخر الدين" ساقطة من ز.
(8)
انظر نسبة هذا القول للقاضي عبد الوهاب في: شرح التنقيح للقرافي ص 74.
قال المؤلف في الشرح: معنى هذا أن القاضي عبد الوهاب قال: الحيض يمنع صحة الصوم دون وجوبه، فاشترط في خصوص هذه الصورة تقدم الوجوب مع السبب، ولم يجعل ذلك شرطًا عامًا، ووافقه الحنفية على وجوب الصوم عليها، إلا أنهم قالوا: يجب عليها وجوبًا موسعًا. انتهى نصه (1).
فتحصل مما ذكرنا بأن (2) الحائض في زمان حيضها فيها ثلاثة أقوال:
قيل: لا يجب عليها الصوم، كما قاله (3) المازري.
وقيل: يجب عليها، كما قاله القاضي عبد الوهاب.
وقيل: يجب عليها وجوبًا موسعًا، كما قاله الحنفية.
واحتج القائلون بعدم الوجوب عليها بالدليل العقلي القطعي، وهو اجتماع النقيضين، وذلك أنه لا يجوز أن يكلف الإنسان بأمرين متناقضين (4) في حالة واحدة؛ لأن الوجوب والحرام متناقضان، فكيف يجب الصوم عليها ويحرم عليها في حالة واحدة، فإن الواجب (5) راجح الفعل والحرام راجح الترك، والجمع بين الفعل والترك محال لتناقضهما، فكيف يقال للإنسان (6):
(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 74.
(2)
في ز: "أن".
(3)
في ط وز: "قال".
(4)
في ز: "نقيضين".
(5)
في ط: "الوجوب".
(6)
في ط: "الإنسان".
هذا واجب عليك فإن تركته عوقبت عليه؟ وهو أيضًا حرام عليك (1) فإن فعلته عوقبت عليه؟ فمقتضى ذلك أنه يعاقب مطلقًا فعله أو تركه، وهذا شيء لا (2) يتعاهد في الشريعة.
فهذا معنى قول المؤلف: لأن الحائض تقضي ما حرم عليها فعله في زمان الحيض؛ والحرام لا يتصف بالوجوب، فهذا دليل ضروري قاطع على أن الحائض لا يجب عليها الصوم في زمان حيضها.
ورد هذا الدليل: بأن تحريم الفعل لا يدل على عدم وجوبه، بدليل المحدث؛ فإن الصلاة تحرم عليه في حال (3) الحدث وهي واجبة عليه إجماعًا.
وأجيب عنه: بأن المحدث (4) متمكن من إزالة المانع بخلاف الحائض.
واحتج القائلون بالوجوب بثلاثة أدلة:
أحدها: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (5).
وهي قد شهدت الشهر فيجب عليها الصوم.
الثاني: أنها تنوي بصومها قضاء رمضان، فلولا تقدم الوجوب لما احتاجت إلى إضافته لرمضان (6).
الثالث: أنها تقضي مقدار (7) ما فات لها فيقدر القضاء بمقدار الأداء بمنزلة
(1) في ط: "عليك حرام".
(2)
في ط وز: "لم".
(3)
في ز: "حالة".
(4)
في ط: "قيل المحدث".
(5)
سورة البقرة آية رقم 185.
(6)
في ط وز: "إلى رمضان".
(7)
في ط: "مقدور".
القيم مع المتلفات، فكما أن القيمة تقوم مقام المتقوم (1) المتقدم (2) فكذلك يكون هذا الصوم، يقوم مقام الوجوب المتقدم.
وأجيب عن الدليل الأول: وهو قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (3): بأنه (4) يعارضه الدليل القطعي الذي قررناه، وهو أنه يؤدي إلى اجتماع النقيضين وهما: الوجوب والتحريم، وإذا تعارض الظاهر والنص القطعي [فإن القطعي](5) مقدم على الظاهر.
وأجيب عن الدليل الثاني: وهو كونها تنوي بصومها قضاء رمضان: أنها إنما تنوي رمضان لتمييز هذا الصوم عن غيره من أنواع الصوم؛ لأن العبادة لا بد لها من نية تميزها عن غيرها فتضيف صومها إلى رمضان لتمييز هذا الصوم من سائر أنواع الصوم، أي ليس هذا الصوم تطوعًا، ولا نذرًا، ولا كفارة، ولا صومًا (6) مبتدأ [الآن، وإنما سببه الترك المتقدم لا تقدم الوجوب](7).
وأجيب عن الدليل الثالث: وهو كونها تقضي مقدار ما فات لها: أن الله تعالى جعل التقدير في رمضان سببًا لوجوب مثله بعد رمضان، أي:
(1) في ز: "المقوم".
(2)
"المتقدم" ساقطة من ز.
(3)
سورة البقرة آية رقم (185).
(4)
في ط: "بأن".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(6)
في ز: "صومها".
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
جعل الله تعالى (1) كل يوم من (2) رمضان سببًا لوجوب صوم يوم بعد رمضان فيقدر القضاء بقدر المتروك لا لتقدم الوجوب (3).
وأما الحنفية القائلون بأن الصوم يجب على الحائض وجوبًا موسعًا فقالوا: لا يلزمنا الاجتماع بين الوجوب والحرام؛ لأن وقت الوجوب موسع؛ إذ لا تصوم هذا الواجب إلا بعد (4) رمضان.
قال المؤلف في القواعد: هذا المذهب باطل؛ لأن الواجب الموسع يجوز فعله في أول أزمنة التوسعة باتفاق، ولا يجوز للحائض أن تصوم في جميع زمان الحيض باتفاق، ولو صح ما قالوه [من الواجب الموسع] (5) لصح أن يقال: الظهر تجب (6) من طلوع الشمس وجوبًا موسعًا [فإنها تفعل يعد الزوال كما يفعل بالصوم بعد رمضان، ويصح أيضًا أن يقال: إن رمضان يجب من رجب وجوبًا موسعًا](7) ويفعل بعد انسلاخ شعبان، كما يفعل الصوم بعد زوال العذر، وذلك (8) كله خلاف الإجماع، فلا يصح ما قالوه من الواجب
(1)"تعالى" لم ترد في ط وز.
(2)
في ط: "هو".
(3)
هذه الأدلة وأجوبتها ذكرها القرافي في شرح التنقيح (ص 74، 75)، وكذلك ذكرها في الفروق، الفرق الثامن والستون بين قاعدة الواجب الموسع وبين قاعدة ما قيل به من وجوب الصوم على الحائض 2/ 62 - 67.
(4)
في ط: "بقدر".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
في ز: "يجب".
(7)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(8)
في ط: "وذلك".
الموسع. انتهى (1) نصه.
وقال الإمام المازري: فإن أردت الاعتذار عن القاضي عبد الوهاب وإلحاقه بالجمهور في هذه المسألة، وهو الظن الجميل به لعلو قدره في علم الأصول والفروع، فيكون معنى قوله: الحيض (2) يمنع الصوم دون وجوبه، أنه لا يمنع الوجوب منعًا كليًا؛ لأن الصوم يجب (3) عليها بعد انقضاء الحيض بخلاف الصلاة، فإن الحيض يمنعها منعًا كليًا.
قوله: (لأن الحائض تقضي ما حرم عليها فعله في زمان الحيض).
هذا دليل الجمهور.
وظاهر هذا أن هذا (4) الخلاف خاص بالحائض، وهو ظاهر كلام المؤلف في الشرح أيضًا؛ لأنه قال في الشرح: اشترط القاضي عبد الوهاب في خصوص هذه الصورة تقدم الوجوب مع السبب، ولم يجعل ذلك شرطًا عامًا. انتهى (5).
وليس كذلك، بل وقع الاختلاف بين الأصوليين في الحائض وغيرها من
(1) نقل المؤلف بالمعنى.
انظر كتاب: الفروق للقرافي، الفرق الثامن والستون بين قاعدة الواجب الموسع وبين قاعدة ما قيل به من وجوب الصوم على الحائض 2/ 66.
(2)
في ط وز: "أن الحيض".
(3)
"يجب" ساقطة من ط.
(4)
"هذا" ساقطة من ز.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 74.
المسافر، والمريض، فذكر المازري فيهم (1) أربعة أقوال:
قيل: يخاطب الجميع؛ لأن القضاء واجب عليهم والقضاء حقيقة في ترك الواجب.
وقيل: بعدم خطابهم، قاله الكرخي؛ لأن جواز التأخير أو وجوب التأخير ينافي الوجوب.
وقيل: بخطاب المسافر والمريض؛ لأنهما لو صاما لبرئت ذمتهما، بخلاف الحائض فلا يجب عليها؛ إذ لا يجتمع الوجوب والتحريم.
وقيل: بخطاب المسافر دون المريض والحائض؛ لأن المريض في حكم العاجز، والعاجز لا يكلف، وأما المسافر فيجوز له التأخير، ولم يسقط عنه التكليف.
قوله: (وبسط ذلك في كتاب الطهارة في موانع الحيض مذكور) معناه: وبيان الحجج وأجوبتها مذكور في كتاب الطهارة من الذخيرة (2) قاله المؤلف في الشرح (3).
قوله: (ثم تقدم السبب قد يكون مع الإِثم كالمتعمد التمكن وقد لا يكون كالنائم والحائض).
ش: الألف واللام في قوله: السبب للعهد المتقدم في (4) قوله:
(1) في ز: "في الجميع".
(2)
ذكر القرافي في الذخيرة (1/ 375) القول الأول والثاني ولم يذكر قول الحنفية الثالث.
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 75.
(4)
"في" ساقطة من ط.
لا يشترط في القضاء تقدم الوجوب بل تقدم سببه.
قوله: (ثم تقدم السبب) أي: تقدم سبب (1) وجوب القضاء كدخول الوقت مثلاً.
قسم المؤلف ذلك السبب قسمين:
قسم يؤثم المكلف معه.
وقسم لا يؤثم المكلف معه.
فالذي يؤثم المكلف معه هو: ترك العبادة في وقتها [عمدًا](2) اختيارًا.
وقولنا: (عمدًا) احترازًا [من الناسى؛ إذ لا إثم على الناسي لقوله (3) عليه السلام: "رفع القلم عن الناسي حتى يذكر"(4)
(1) في ط: "من سببه".
(2)
المثبت من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ط: "وقوله"
(4)
خلط المؤلف بين حديثين: الحديث الأول أخرجه النسائي وابن ماجه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حنى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر، ومحن المجنون حتى يعقل أو يفيق".
انظر: سنن النسائي، كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه (6/ 127)، سنن ابن ماجه ح/ رقم 2041، كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه (1/ 658).
وأخرجه الدارمي عن عائشة في كتاب الحدود (2/ 171)، وأبو داود عن عائشة في كتاب الحدود ح/ رقم 4398 (4/ 139).
وأخرجه الترمذي عن علي بلفظ نحو هذا وقال: حديث علي حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علي ح/ رقم 1423، كتاب الحدود، باب: ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد (5/ 110). =
وقولنا: اختيارًا، احترازًا] (1) من العاجز؛ فإن (2) العاجز معذور ولا إثم عليه، وإلى هذا القسم أشار المؤلف بقوله:(كالمتعمد المتمكن).
واحترز (3) بـ (المتعمد) لترك العبادة في الوقت من غير المتعمد.
واحترز بـ (المتمكن) من فعل العبادة في غير وقتها من غير المتمكن، وهو العاجز عن فعلها في وقتها، وإنما يؤثم المتعمد (4) المتمكن لتمكنه من الفعل.
والقسم الذي لا يؤثم المكلف معه هو ترك العبادة في وقتها لعذر عقلي أو شرعي.
= والحديث الثاني الذي أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" ح/ رقم 2045 كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي (1/ 659).
وفي الزوائد إسناده صحيح إن سلم من الانقطاع، والظاهر أنه منقطع بدليل زيادة عبيد بن نمير في الطريق الثاني وليس ببعيد أن يكون السقط من جهة الوليد بن مسلم؛ فإنه كان يدلس.
ويقول الزركشي في المعتبر (ص 154): "ورواه الحافظ الضياء المقدسى في كتابه المستخرج من هذا الوجه. وله طرق كثيرة" اهـ.
وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار 2/ 56.
وذكر الألباني في إرواء الغليل: (1/ 124) أنه روي من طرق ثلاث عن ابن عباس، وروي من حديث أبي ذر، وثوبان، وابن عمر، وأبي بكرة، وأم الدرداء، والحسن مرسلاً.
وقال: بأن هذه الروايات وإن كانت لا تخلو جميعها من ضعف فبعضها يقوي بعضًا.
(1)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
في ط: "لأن".
(3)
في ط: "احترازًا".
(4)
في ط وز: "هذا القسم الذي هو المتعمد
…
" إلخ.
مثال العذر العقلي: النوم.
ومثال الشرعي: الحيض.
وإلى هذا القسم أشار المؤلف بقوله: [وقد لا يكون (1) كالنائم والحائض] معناه: وقد لا يكون تقدم السبب مع الإثم كالنائم والحائض؛ إذ لا إثم عليهما، قال عليه السلام:"رفع القلم عن النائم حتى ينتبه"(2)، وإنما لا يؤثم في (3) هذا القسم لعدم التمكن من الفعل.
قوله: (والمزيل للإِثم قد يكون من جهة العبد كالسفر وقد لا يكون كالحيض).
ش: لما ذكر أن السبب قد يكون مع الإثم أراد (4) أن يبين ها هنا السبب الذي يزول به ذلك الإثم، فذكر ها هنا أن الذي (5) يزول به ذلك الإثم قسمان:
(1) في ط: "يكون".
(2)
أخرجه النسائي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق".
انظر: سنن النسائي كتاب الطلاق، باب من لا يقع طلاقه (6/ 127).
وأخرجه ابن ماجه عن عائشة في كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه، حديث رقم (2041)(1/ 658).
وأخرجه أبو داود عن عائشة في كتاب الحدود حديث رقم (4398)(4/ 139).
وأخرجه الدارمي عن عائشة في كتاب الحدود (2/ 171).
وأخرجه الترمذي عن علي بلفظ نحو هذا وقال: حديث علي حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي من غير وجه عن علي، (حديث رقم (1423) كتاب الحدود باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد 5/ 110).
(3)
"في" ساقطة من ط.
(4)
في ز: "وأراد".
(5)
في ز: "السبب الذي".
أحدهما: ما يكون من جهة العبد كالسفر؛ فإن المسافر لا إثم عليه إذا أفطر في رمضان.
والقسم الآخر: ما (1) يكون من غير جهة العبد كالحيض؛ فإن الحائض لا إثم عليها في ترك الصوم.
قوله: (والمزيل (2) قد (3) يصح معه الأداء كالمرض وقد لا يصح، إِما شرعًا كالحيض وإِما (4) عقلاً كالنوم).
ش: لما بيّن المؤلف السبب الذي يكون معه الإثم والذي لا يكون معه الإثم، وبيّن السبب الذي يزيل الإثم، أراد أن يبين ها هنا السبب الذي يصح معه الأداء، والسبب الذي لا يصح معه الأداء.
فمثل (5) السبب الذي يصح معه أداء (6) العبادة في وقتها بالمرض.
ومثل (7) السبب الذي لا يصح معه فعل العبادة في وقتها بالحيض، والنوم، فإن الحيض يمنع من فعل العبادة باعتبار الشرع، وأما العقل فلا يمنع ذلك؛ لأن ذلك أمر جائز عقلاً، وأما النوم فإنه يمنع العبادة عقلاً وشرعًا؛ لأن النائم غير مكلف في حال نومه حتى ينتبه.
(1)"ما" ساقطة من ط.
(2)
كلمة "والمزيل" ساقطة من أوخ وط.
(3)
في ش وط: "وقد"
(4)
في أوخ وش: "أو".
(5)
في ط: "فمثال".
(6)
في ط: "الأداء".
(7)
في ط: "ومثال".
قوله: (قد (1) يصح معه الأداء كالمرض) هذا (2) إذا كان المرض لا يفضي إلى هلاك عضو أو نفس [فإن هذا القسم يصح معه الأداء باتفاق](3).
وأما إذا كان المرض (4) يفضي (5) إلى هلاك عضو أو نفس فلا يجوز (6) معه الأداء؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (7).
ثم إذا وقع ونزل وفعل العبادة مع هذه الحالة الممنوعة فهل تجزئه تلك العبادة أم لا؟ ذكر فيه الغزالي احتمالين (8): قال: يحتمل أن يقال: لا يجزئه ذلك؛ لأنه حرام، والحرام لا يجزئ عن الواجب.
ويحتمل أن يقال: يجزئه ذلك، تخريجًا على الصلاة في الدار المغصوبة؛ فإن الصلاة فيها تصح، فإن كل واحد منهما مطيع لله (9) تعالى (10) في فعل العبادة، وهو عاصٍ من جهة أخرى (11)؛ لأن المريض الصائم جنى على
(1) في ط: "وقد".
(2)
"هذا" ساقطة من ز.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
"المرض" ساقطة من ز.
(5)
في ط: "يفضح".
(6)
في ز: "فيمتنع".
(7)
سورة البقرة آية رقم (195).
(8)
في ط: "الاحتمالين".
(9)
في ط: "الله".
(10)
"تعالى" لم ترد في ط.
(11)
نقل المؤلف كلام الغزالي بمعناه.
انظر: المستصفى 1/ 97، وانظر: شرح التنقيح للقرافي ص 75.
نفسه بالفساد كما جنى الغاصب على منافع المغصوب، فكل واحد منهما مطيع لله تعالى (1) بفعل (2) العبادة، وكل واحد منهما جائر، أحدهما: جائر على نفسه [وهو المريض](3) والآخر جائر على غيره [وهو غاصب الدار](4).
قوله: (فائدة: العبادة قد توصف بالأداء والقضاء (5) كالصلوات الخمس، وقد لا توصف بهما كالنوافل، وقد توصف (6) بالأداء وحده كالجمعة والعيدين).
ش: قال المؤلف في الشرح: تمثيلي بالعيدين إنما هو على مذهب مالك (7) رحمه الله (8).
وأما الشافعي فإنها عنده توصف (9) بالأداء والقضاء (10)؛ لأنه يقول (11)
(1)"تعالى" لم ترد في ط وز.
(2)
في ط: "ويفعل".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط وز.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط وز.
(5)
في أ: "أو القضاء".
(6)
في ط: "لا توصف".
(7)
في المدونة (1/ 169) قال مالك فيمن فاتته صلاة العيدين مع الإمام: إن شاء صلى وإن شاء لم يصل، قال: ورأيته يستحب له أن يصلي، قال: وإن صلى فليصل مثل صلاة الإمام ويكبر مثل تكبيره في الأولى وفي الآخرة.
(8)
"رحمه الله" لم ترد في ط.
(9)
في ط: "توصف عنده".
(10)
يقول النووي في المجموع (5/ 29): فرع في مذاهب العلماء إذا فاتت صلاة العيد قد ذكرنا أن الصحيح من مذهبنا أنها يستحب قضاؤها أبدًا.
(11)
"يقول" ساقطة من ط.
بالقضاء في كل نافلة لها سبب (1).
قوله: (كالجمعة).
قال المؤلف في الشرح: فيه إشكال من جهة أن العرب لا تصف الشيء بصفة إلا إذا كان قابلاً لضدها [فلا يقولون للحائط أعمى وإن كان لا يبصر؛ لأنه لا يقبل البصر، وكذلك لا يقال أصم، وإن كان لا يسمع؛ لأنه لا يقبل السماع (2)](3)، فيلزم على هذا ألا توصف صلاة الجمعة بالأداء؛ لأنها لا تقبل القضاء (4).
أجيب عن هذا: بأن الشيء (5) لا يوصف بصفة إلا إذا كان قابلاً لضدها، إنما ذلك باعتبار العقل والعادة، وأما باعتبار الشرع (6)[فلا](7)؛ لأن الشرع هو الذي منع صلاة الجمعة من قبول القضاء، [وأما العقل والعادة فلا يمنعان ذلك](8).
قوله: (الثالث الإِعادة، وهي: إِيقاع العبادة في وقتها بعد تقدم إِيقاعها
(1) نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 75.
(2)
في ط: "الإسماع".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 75، 76.
(5)
في ط: "كون الشيء".
(6)
في ط: "الشرع فيه".
(7)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
(8)
المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل، وقد ذكر هذا الجواب القرافي في شرح التنقيح ص 76.
على نوع من (1) الخلل في الإِجزاء (2)).
ش: شرع ها هنا في بيان الوصف الثالث من أوصاف العبادات (3)[وهو: الإعادة (4)](5).
واحترز بقوله: (العبادة) من غير العبادة وهو: العادة (6).
واحترز بقوله: في (وقتها) من القضاء.
واحترز بقوله: (بعد تقدم إِيقاعها) من الأداء؛ لأنه فعل أولاً.
وقوله: (على نوع من الخلل) أي على ضرب كالنقص (7).
وقوله (8): (الإِجزاء)(9) بكسر الهمزة أراد به الصحة، يريد أو في الكمال؛ بدليل تفسيره [لمحل](10)[الخلل](11).
(1)"من" ساقطة من ط.
(2)
في أوخ وش: "على خلل في الإجزاء".
(3)
في ط: "العبادة".
(4)
انظر تعريف الإعادة وما يتعلق بها من مسائل في: شرح التنقيح للقرافي ص 76، شرح التنقيح للمسطاسي ص 30، المستصفى للغزالي 1/ 95، فواتح الرحموت 1/ 85، شرح الكوكب المنير 1/ 368، مختصر المنتهى لابن الحاجب 1/ 232، شرح المحلى على متن جمع الجوامع 1/ 117، المحصول ج 1 ق 1 ص 148، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص 60، تيسير التحرير 2/ 199.
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(6)
في ط: "العادة".
(7)
في ط وز: "من النقص"
(8)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"وقولي".
(9)
في ط: "بالإجزاء".
(10)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، وفي الأصل:"بمحل".
(11)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، وفي الأصل:"الخلاف".
وقوله: (في الإِجزاء) في الكلام حذف المعطوف تقديره: على نوع من الخلل في الإجزاء أو في الكمال.
ويدل على هذا أنه قال في النفائس (1): "يريد الإمام بالخلل ما هو أعم من الإجزاء والكمال"(2).
قوله: (في الإِجزاء).
قال أبو زكريا المسطاسي: يتعين ضبطه بكسر الهمزة وهو الصحة، فمن ضبطه بفتح الهمزة فلقد غلط؛ لأن المؤلف جعل الكمال قسيمه في قوله، ثم الخلل قد يكون في الصحة، وقد يكون في الكمال، والمراد بالصحة: الإجزاء بكسر الهمزة، ولا يصح كون الكمال قسيمه إلا إذا كان بكسر الهمزة؛ لأن الصلاة بدون الطهارة لا خلل فى جزء من أجزائها؛ لأن الطهارة ليست من أجزاء الصلاة، وكذلك صلاة المنفرد لا خلل أيضًا في جزء (3) من أجزائها (4).
وقوله (5): (الإِعادة إِيقاع العبادة في وقتها) معترض من جهة أن الإعادة عند مالك رحمه الله [تكون](6) في الوقت وبعد الوقت؛ لأنها تكون في
(1) المثبت بين المعقوفتين من ط وز، وفي الأصل:"التفاسير".
(2)
انظر: نفائس الأصول تحقيق عادل عبد الموجود 1/ 325.
(3)
في ز: "في جزء أيضًا".
(4)
نقل المؤلف بالمعنى بتقديم وتأخير وزيادة.
انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 30.
(5)
في ط: "قوله".
(6)
المثبت بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل:"يكون".
الوقت لاستدراك المندوبات، وتكون (1) بعد الوقت لاستدراك الواجبات (2).
أجيب عنه: بأنه تبع في ذلك لفظ الإمام في المحصول (3)، ولكن زاد المؤلف على حد الإمام قوله:(في الإِجزاء)؛ لأن حد الإمام تمامه قوله على (4) نوع من (5) الخلل وليس فيه في الإجزاء، والأولى إسقاط قوله:(في وقتها) لئلا يكون مناقضًا لآخر كلامه؛ [لأن الإنسان](6) إذا أخل بشرط أو ركن يعيد أبدًا، والأولى أيضًا: إسقاط قوله: (في الإِجزاء)، لئلا يكون مناقضًا لآخر كلامه؛ لأن الخلل يكون في الإجزاء ويكون في الكمال.
قوله: (ثم الخلل قد يكون في الصحة، كمن صلى بدون شرط أو ركن، وقد يكون في الكمال كمن صلى منفردًا (7)).
ش: وفي بعض النسخ كالمنفرد (8) بالصلاة ومعناهما واحد، فالإعادة في حق من صلى بدون شرط أو ركن: خلل في الإجزاء أي: في الصحة،
(1)"وتكون" ساقطة من ط.
(2)
انظر هذا الاعتراض في شرح التنقيح للقرافي ص 76.
(3)
نبه على هذا القرافي فقال: هذا هو لفظ المحصول في اشتراط الوقت.
انظر: شرح التنقيح ص 76.
(4)
"على" ساقطة من ز.
(5)
عرف فخر الدين الإعادة فقال: الإعادة اسم لمثل ما فعل على ضرب من الخلل، المحصول ج 1 ق 1 ص 148.
(6)
"لأن الإنسان" ساقطة من ط.
(7)
في أوخ وش: "كمن صلى بدون ركن أو في الكمال كصلاة المنفرد".
(8)
في ط: "المفنرد".
والإعادة في حق من صلى وحده وأعادها في جماعة: خلل في الكمال.
[مثال الشرط: الطهارة](1) ومثال الركن: تكبير الإحرام.
قوله: (الرابع: الصحة وهي عند المتكلمين بها وافق الأمر، وعند الفقهاء ما أسقط القضاء، والبطلان يتخرج على المذهبين).
ش: شرع المؤلف - رحمه الله تعالى - ها هنا في بيان الوصف الرابع من أوصاف العبادات وهو الصحة.
الصحة لغة: تقال على مقابلة المرض (2)، وتقال على الثابت؛ كقولنا: صح قول فلان إذا ثبت.
وأما بالنسبة إلى الشرع: فتارة تطلق على العبادات، وتارة تطلق على عقود المعاملات.
فذكر المؤلف رحمه الله أن الصحة باعتبار العبادات في معناها قولان (3):
قول المتكلمين.
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(2)
عرف ابن منظور الصحة فقال: الصح والصحة والصحاح خلاف السقم وذهاب المرض.
انظر: لسان العرب فصل الصاد حرف الحاء مادة (صح)، معجم مقاييس اللغة لابن فارس 3/ 281 مادة (صح).
(3)
انظر معنى الصحة في العبادة والخلاف في ذلك في: شرح التنقيح للقرافي ص 76، ص 77، شرح التنقيح للمسطاسي ص 31، المحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 142، المستصفى للغزالي 1/ 94، 95، فواتح الرحموت 1/ 122، المنخول ص 126، شرح الكوكب المنير 1/ 465، شرح المحلي على من جمع الجوامع 1/ 395، العدة 2/ 441.
وقول الفقهاء.
فمعناها عند المتكلمين: عبارة عن موافقة الأمر الشرعي سواء وجب القضاء أو لم يجب.
ومعناها عند الفقهاء: عبارة عن كون الفعل مسقطًا للقضاء (1).
قوله: (والبطلان يتخرج على المذهبين).
يعني: أن معنى البطلان في العبادات يتخرج (2) على هذين القولين المذكورين في معنى الصحة.
فمعنى البطلان على مذهب المتكلمين ما خالف (3) الأمر.
ومعنى البطلان على مذهب الفقهاء: ما أمكن أن يترتب فيه القضاء (4).
قوله: (فصلاة من ظن الطهارة وهو محدث صحيحة عند المتكلمين؛ لأن الله تعالى أمره أن يصلي صلاة تغلب (5) على ظنه طهارتها (6) وقد
(1) مثال ذلك صلاة من ظن أنه متطهر: صحيحة في عرف المتكلمين؛ لأنها موافقة للأمر المتوجه عليه والقضاء وجب بأمر متجدد، وفاسدة عند الفقهاء؛ لأنها لا تسقط القضاء.
انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 142.
ويقول المسطاسي في شرح التنقيح (ص 31): الصحة والبطلان ها هنا اعتباريان، فمن نظر إلى غلبة الظن وموافقة الأمر قال: هي صحيحة، ومن نظر إلى المترتب على تقدير الذكر قال: هي فاسدة.
(2)
"يتخرج" ساقطة من ط.
(3)
في ط: "مخالف".
(4)
وضح هذا التخريج القرافي في شرح التنقيح ص 77.
(5)
في أوخ وش وط وز: "يغلب".
(6)
في خ وش: "طهارته".
فعل (1) وهو موافق للأمر (2)، وباطلة عند الفقهاء؛ لكونها لم تمنع من ترتب القضاء).
ش: قال المؤلف في الشرح: لا خلاف بين الفريقين في المعنى؛ لأنهم اتفقوا على جميع الأحكام؛ لأنهم اتفقوا على أنه موافق لأمر الله تعالى (3)، وأنه مثاب، وأنه يجب عليه القضاء إذا اطلع على الحدث؛ وأنه لا (4) يجب عليه القضاء إذا لم يطلع على الحدث.
وإنما الخلاف في التسمية خاصة هل يقال: لفظ الصحة لما وافق الأمر سواء وجب القضاء أو لم يجب، أو لا (5) يقال: لفظ الصحة إلا لما (6) لا يمكن أن يتعقبه القضاء (7).
قال المؤلف في الشرح: مذهب الفقهاء أنسب إلى اللغة؛ فإن العرب لا تسمي [الإناء](8) صحيحًا إلا إذا كان صحيحًا من جميع الجهات، وأما إذا كان فيه كسر ولو من جهة واحدة فلا تسميه (9) صحيحًا، وهذه الصلاة (10) مختلة (11) على
(1) في أوخ وش: "فهو".
(2)
في أ: "الأمر".
(3)
"تعالى" لم ترد في ط.
(4)
في ز: "لم".
(5)
في ط: "ولا".
(6)
في ط: "ما".
(7)
هذا تحرير لمحل النزاع بين المتكلمين والفقهاء في معنى الصحة، نقله المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 76، 77.
(8)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، وفي الأصل:"إناء".
(9)
في ط: "تسمى".
(10)
في ط: "الصلوات".
(11)
في ط: "مختلفة".
تقدير ذكر الحدث (1) فلا تسمى صحيحة بمنزلة الإِناء المكسور من (2) بعض الجهات (3).
قوله: (فصلاة من ظن الطهارة وهو محدث) أطلق الظن على الاعتقاد، أي: اعتقد أنه على (4) طهارة ثم ظهر له بعد الصلاة (5) أنه على حدث.
وقوله: (عند المتكلمين) يعني جمهور المتكلمين؛ لأن بعض المتكلمين قالوا بمثل قول الفقهاء.
واعترض قوله: (ما أسقط القضاء) بأن قيل: هذا تحديد الشيء بما هو أخص منه؛ فإن الصحة أعم من سقوط القضاء؛ فإن سقوط القضاء إنما (6) يقال في الفرض (7) خاصة ولا يقال في النفل، وأما الصحة فتقال في الفرض وفي النفل، فقد عرف الشيء بما هو أخص منه؛ كتفسير الحيوان بالإنسان (8).
أجيب عنه: بأن القضاء قد يوجد في النوافل على مذهب الشافعي، وقد روي عن مالك (9) أن ركعتي الفجر تقضى بعد طلوع الشمس (10)، وكذلك ما
(1) في ط: "الحد".
(2)
في ط: "ومن".
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي، والنقل بالمعنى ص 76، 77.
(4)
"على" ساقطة من ط.
(5)
في ط: "الصلوات".
(6)
"إنما" ساقطة من ز.
(7)
في ط: "للفرض".
(8)
ذكر هذا الاعتراض بمعناه المسطاسي في شرح التنقيح ص 31.
(9)
انظر: المنتقى للباجي 1/ 228.
(10)
المثبت من ز، وهو الأقرب للصواب، وفي الأصل وط:"الفجر".
شرع فيه من التطوعات وأبطله، قاله (1) مالك أيضًا (2) وأبو حنيفة.
قوله: (وأما فساد العقود: فهو خلل يوجب عدم ترتب (3) آثارها عليها إِلا أن تلحق بها عوارض على أصولنا يأتي تفصيلها في كتاب البيوع وغيرها إِن شاء الله) (4).
ش: لما ذكر المؤلف معنى الفساد والصحة في العبادات أراد أن يبين ها هنا معناهما في العادات (5)، وهي: العقود كعقد البيع، وعقد القراض (6) وعقد النكاح، وغير ذلك، نذكر أن معنى الفساد بالنسبة إلى العقود هو خلل يوجب عدم ترتب آثارها عليها، الضمير في قوله:(آثارها)، وفي قوله:(عليها) عائد (7) على العقود.
والمراد بالآثار هي (8): الفوائد المطلوبة (9) من العقود.
(1) في ز: "على ما قال".
(2)
"أيضًا" ساقطة من ز.
(3)
في ش: "ترتيب".
(4)
في أوش: "على أصولنا في البيع المفاسد".
وفي خ: "على أصولنا في البيع الفاسد في كتاب البيوع وغيره إن شاء الله تعالى".
(5)
في ز: "غير العبادات".
وانظر معنى الفساد في العادات في: شرح التنقيح للقرافي ص 77، شرح التنقيح للمسطاسي ص 31، المحصول ج 1 ق 1 ص 143، المستصفى للغزالي 1/ 94، فواتح الرحموت 1/ 122، الإحكام للآمدي 1/ 131، شرح الكوكب المنير 1/ 467.
(6)
في ز: "وعقد الإجارة وعقد القراض".
(7)
في ز: "يعود".
(8)
في ط: "هو".
(9)
في ز: "المطلوبات".
والمراد بالترتب (1): هو التمكن (2) من تلك الفوائد، فتقدير (3) كلامه: فهو خلل يوجب عدم تمكن الفوائد على العقود.
وتلك الفوائد تختلف باختلاف العقود: ففائدة البيع مثلاً الأكل، والبيع (4)، والهبة، والصدقة، والوقف، وغير ذلك.
وفائدة الإجارة: التمكن من المنافع.
وفائدة القراض: استحقاق الربح، وعدم الضمان.
وفائدة النكاح: التمكن من أنواع الاستمتاع، والتمكن من الطلاق وغير ذلك.
وإنما سكت المؤلف عن تعريف الصحة في العقود اكتفاء عنها بتعريف الفساد؛ لأن الأشياء تعرف بأضدادها، فإن معنى الصحة يفهم من معنى الفساد، فلما كان الفساد (5) خللاً (6) يوجب عدم ترتب آثارها عليها يكون معنى الصحة ترتب آثارها عليها.
وإنما سكت المؤلف عن الفساد في العبادات؛ لأنه ذكر فيها البطلان في قوله: (والبطلان يتخرج على المذهبين).
(1) في ط: "الترتيب".
(2)
في ط: "المتمكن".
(3)
في ط: "تفسير".
(4)
في ط: "للبيع".
(5)
في ز: "معنى الفساد".
(6)
في ز: "هو خلل".
وسكت عن البطلان في العادات (1)؛ لأنه ذكر فيها (2) الفساد دون البطلان، فإنما فعل ذلك؛ إذ لا فرق بين الفساد والبطلان، فإنهما مترادفان عندنا وعند الشافعية.
وأما الحنفية فقد فرقوا بين الباطل والفاسد فقالوا: الباطل ما نهي عنه لذاته كالخمر والخنزير، والفاسد: ما نهي عنه لوصفه كالربا (3).
قوله: (إِلا أن تلحق به عوارض على أصولنا) يعني: أن النهي يدل على فساد المنهي عنه فيجب فسخه إلا أن تلحق بها عوارض أي: إلا أن تتصل بالعقود المنهي عنها لواحق وحوادث، فيقرر (4) حينئذ ويمضي بالقيمة، والمراد
(1) في ط: "العبادات".
(2)
في ز: "فيه".
(3)
يقول أبو علي الشاسي الحنفي: والنهي نوعان:
نهي عن الأفعال الحسية: كالزنا، وشرب الخمر، والكذب، والظلم.
ونهي عن التصرفات الشرعية: كالنهي عن الصوم في يوم النحر والصلاة في الأوقات المكروهة وبيع الدرهم بالدرهمين.
وحكم النوع الأول: أن يكون المنهي عنه هو عين ما ورد عليه النهي فيكون عينه قبيحًا فلا يكون مشروعًا أصلاً.
وحكم النوع الثاني: أن يكون المنهي عنه غير ما أضيف إليه النهي، فيكون هو حسنًا بنفسه قبيحًا لغيره.
انظر: أصول الشاشي ص 165.
ويقول الخبازي في المغني (ص 76): وكذا بيع الربا مشروع بأصله والنهي يتعلق بوصفه، وهو الفعل الخالي عن العوض.
وانظر تفريق الحنفية هذا في: المحصول ج 1 ق 1 ص 143، الفروق للقرافي 2/ 82.
(4)
في ز: "فتقرر".
بالعوارض التي تقرر البيع الفاسد أربعة أشياء وهي:
حوالة الأسواق، وتلف العين، ونقصانها، وتعلق حق الغير بها.
ولكن تقرير العقد الفاسد إذا اتصل به أحد هذه الأشياء يحتاج إلى تفصيل، بيّنه المؤلف في كتاب البيوع وغيره في الذخيرة (1).
وإلى هذا أشار بقوله: يأتي تفصيلها في كتاب البيوع وغيره إن شاء الله.
وقوله: (على أصولنا) أي: هذا على مذهبنا وقواعدنا نحن المالكية.
وذلك أن فقهاء الأمصار اختلفوا في النهي: هل يدل على فساد المنهي عنه أو لا؟
ذهبت (2) الشافعية: إلى أنه يدل على الفساد مطلقًا (3) فلا يجوز الانتفاع ولو بيع ألف مرة، فيجب نقضه فطردوا أصلهم (4).
وذهبت الحنفية إلى أنه يدل على الصحة مطلقًا (5) فيجوز الانتفاع به، وقالوا: إذا اشترى أمة شراءً فاسدًا يجوز له وطؤها، وكذلك جميع العقود الفاسدة فطردوا أيضًا أصلهم.
(1) انظر كتاب: الذخيرة الجزء الرابع، كتاب البيوع ورقة 49 ب إلى ورقة 51 أمن نسخة مصورة فلميًا بمركز البحث بجامعة أم القرى برقم 112.
(2)
في ط: "وذهبت".
(3)
انظر مذهب الشافعية في: الإحكام للآمدي 2/ 192، اللمع للشيرازي المطبوع مع التخريج ص 86.
(4)
في ز: "أصولهم".
(5)
انظر مذهب الحنفية في النهي، هل يدل على الفساد في: ميزان الأصول للسمرقندي ص 230، 231، المغني للخبازي ص 72 - 74، كشف الأسرار 1/ 258، 263.
وذهبت المالكية إلى التفصيل في ذلك فقالوا: يدل على الفساد، إلا إذا (1) اتصل به أحد أربعة أشياء المذكورة فيمضي بالقيمة؛ لأن البيع الفاسد يفيد شبهة الملك (2)، فلم يطرد (3) المالكية مذهبهم (4) وراعوا الخلاف؛ لأن مراعاة الخلاف أصل من أصول المالكية.
وها هنا مسائل من النهي اتفق مالك والشافعي وأبو حنيفة على صحتها وهي:
الصلاة في الدار المغصوبة، والصلاة في الثوب المغصوب، والطهارة بالماء المغصوب، والمسح على الخف المغصوب، والحج بالمال الحرام.
اتفقوا كلهم على صحة (5) هذه المسائل
وخالفهم في ذلك أحمد بن حنبل (6) رضي الله عنه فقال:
(1)"إذا" ساقطة من ط.
(2)
في ط: "المالك".
(3)
المثبت من ط، وفي الأصل:"يطردوا"
(4)
انظر مذهب المالكية في: شرح التنقيح للقرافي ص 77، شرح التنقيح للمسطاسي ص 31، الفروق للقرافي الفرق السبعون بين قاعدة اقتضاء النهي الفساد فى نفس الماهية وبين قاعدة اقتضاء النهي الفساد فى أمر خارج 2/ 82 - 84.
(5)
تعليلهم لصحة هذه المسائل أن حقيقة المأمور من الصلاة والسترة وصورة التطهر والحج قد وجدت من حيث المصلحة لا من حيث الإذن الشرعي، وإذا حصلت حقيقة المأمور به من حيث المصلحة كان النهي مجاورًا وهي الجناية على الغير.
انظر: الفروق للقرافي الفرق السبعون 2/ 85.
وانظر: تيسير التحرير 1/ 377، أصول الشاشي ص 169، اللمع للشيرازي ص 86، المستصفى للغزالي 2/ 35، الإحكام للآمدي 2/ 188.
(6)
هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، ولد بمرو، ونشأ في بغداد وطلب العلم بها، أخذ عن: وكيع، وسفيان بن عيينة، والشافعي، وأخذ عنه: البخاري =
يمنع (1) ذلك كله (2).
انظر: القواعد السنية للمؤلف في الفرق السبعين بين قاعدة اقتضاء النهي الفساد (3) في نفس الماهية، وبين اقتضاء النهي الفساد (4) في أمر خارج عن الماهية (5).
قوله: ([الخامس] (6) الإِجزاء وهو كون الفعل كافيًا في الخروج عن عهدة التكليف (7) وقيل: ما أسقط القضاء).
ش: شرع المؤلف (8) ها هنا في بيان الوصف الخامس من أوصاف العبادات وهو الإجزاء (9) يعني: أن الإتيان (10) بالفعل يكفي (11) في سقوط التعبد به،
= وأبو داود وكثير من الأعلام، وامتُحِنَ في مسألة خلق القرآن، توفي ببغداد سنة (241 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ 2/ 431، وفيات الأعيان 1/ 63، شذرات الذهب 2/ 96.
(1)
في ط: "يمنع".
(2)
انظر: العدة لأبي يعلى 1/ 441، 442.
(3)
في ط: "الفاسد".
(4)
في ط: "الفاسد".
(5)
انظر: الفروق للقرافي 2/ 82 - 85.
(6)
"الخامس" ساقطة من ط.
(7)
في أ: "المكلف".
(8)
"المؤلف" ساقطة من ط.
(9)
الإجزاء خاص بالعبادة الواجبة أو المندوبة، وقيل: خاص بالعبادة الواجبة، ولكن لا يوصف به العقود فهو خاص بالعبادات.
انظر بحث الإجزاء في: شرح التنقيح للقرافي ص 77، 78، شرح التنقيح للمسطاسي ص 31، المحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 144، شرح الكوكب المنير 1/ 469، شرح المحلي على متن جمع الجوامع 1/ 103.
(10)
في ز: "أن الإجزاء هو الإتيان".
(11)
"يكفي" ساقطة من ط.
وإنما يكون كذلك إذا أتى به مستجمعًا لجميع الأمور (1) المعتبرة فيه من حيث وقع التعبد له.
قوله: (ما أسقط القضاء) هذا قول الفقهاء المتقدم في الصحة.
وقوله (2): (كون الفعل كافيًا في الخروج عن عهدة التكليف) هو معنى قوله في الصحة: ما وافق الأمر على قول المتكلمين.
قال المؤلف في الشرح: فيلزم على هذا أن يكونا مسألة واحدة فلم [جعلوهما (3) مسألتين (4)؟ يعني أن الصحة والإجزاء يلزم على هذا (5) التقرير أن يكونا مترادفين.
أجاب المؤلف في الشرح عن هذا فقال: العقود توصف بالصحة ولا توصف بالإجزاء، وكذلك النوافل من العبادات توصف بالصحة دون الإجزاء، وإنما يوصف بالإجزاء ما هو (6) واجب.
(1)"الأمور" ساقطة من ط.
(2)
في ط: "قوله"
(3)
المثبت بين المعقوفتين من ط، وفي الأصل:"جعلوها".
(4)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 78.
(5)
"هذا" ساقطة من ط.
(6)
اختلف في الإجزاء.
قيل: توصف به العبادة الواجبة والمندوبة.
وقيل: الواجبة فقط، ومنشأ الخلاف أن من قال بوجوب كل ما وصف بالإجزاء في الأحاديث كحديث الأضحية وحديث الاستجمار بثلاثة أحجار وغيرهما، قال: لا يوصف بالإجزاء إلا الواجب.
ومن قال بالندب ولو في حديث منها لما قام عنده من دليل الندب قال: يوصف به كل من الواجب والمندوب.
انظر: حاشية البناني على شرح المحلي على متن جمع الجوامع 1/ 104.
ولذلك استدل جماعة من العلماء على وجوب الأضحية بقوله عليه السلام لأبي بردة بن [نيار](1): "تجزئك ولا تجزئ عن أحد بعدك"(2)، فحينئذ الصحة أعم من الإجزاء بكثير، فهما حقيقتان متباينتان فأمكن جعلهما مسألتين (3).
قال المؤلف في الشرح: قولهم: الإجزاء ما أسقط القضاء، [غير متجه من جهة أن الذي يسقط القضاء هو المجزئ لا الإجزاء، فالأولى لصاحب هذا المذهب أن يقول: فالإجزاء](4) هو كون الفعل مسقطًا للقضاء، فيجعله
(1) المثبت بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل وط:"دينار".
(2)
هذا طرف من حديث، وتمام الحديث كما أخرجه البخاري عن البراء قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال: "أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل أن يصلي فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء"، فقام خالي أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، أنا ذبحت قبل أن أصلي وعندي جذعة خير من مسنة، قال:"اجعلها مكانها" أو قال: "اذبحها ولن تجزئ جذعة عن أحد بعدك"، وفي رواية أخرى: قال: يا رسول الله، فإن عندنا عناقًا لنا جذعة هي أحب إلي من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال:"نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك".
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي، كتاب الصلاة باب العيدين (1/ 170 - 172)، وفي كتاب الأضاحي ذكر هذا الحديث بروايات مختلفة (3/ 318، 319). وأخرجه مسلم عن البراء بن عازب بروايات متعددة في كتاب الأضاحي، باب وقتها (6/ 74 - 76).
وأخرجه أبو داود عن البراء بن عازب ح/ رقم 2800، كتاب الأضاحي، باب ما يجوز من السن في الضحايا 3/ 96.
(3)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 77، 78، وذكر هذا الجواب بمعناه المسطاسي في شرح التنقيح ص 31.
(4)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
صفة للفعل لا لنفس الفعل.
وحكى الإمام فخر الدين (1) أنه قيل: هو سقوط القضاء فجعله (2) صاحب هذا المذهب نفس (3) السقوط، فيلزمه حيث وجد سقوط القضاء يوجد الإجزاء.
وليس كذلك، بل من مات وسط الوقت ولم يصل، أو صلى (4) صلاة فاسدة فإنه وجد في حقه سقوط القضاء، ولم يوجد الإجزاء، فإن القضاء إنما يتوجه بعد خروج الوقت وبقاء أهلية التكليف، والميت ليس أهلاً للتكليف، ولأنّا نعلل (5) سقوط (6) القضاء بالإجزاء والعلة مغايرة للمعلول فلا يكون الإجزاء نفس سقوط القضاء. انتهى (7) نصه.
أجاب بعضهم عن هذين الإلزامين اللذين ألزمهما المؤلف لمن فسر الإجزاء بسقوط القضاء، أجاب عن الإلزام الأول الذي هو قوله: يوجد سقوط القضاء دون الإجزاء في حق من مات في وسط الوقت ولم يصل، أو صلى صلاة فاسدة: أن المراد بسقوط (8) القضاء إنما هو في حق من يمكن في حقه وجوب القضاء وهو الحي دون الميت.
(1) انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 144.
(2)
في ط: "فيجعله".
(3)
في ط: "بنفس".
(4)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"وصلى".
(5)
في ط: "ولا نعلل"
(6)
المثبت من ط، وفي الأصل وز:"بسقوط".
(7)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 78.
(8)
المثبت من ط، وفي الأصل وز:"سقوط".
وأجاب عن الإلزام الثاني الذي هو قوله: يعلل (1) سقوط (2) القضاء بالإجزاء والعلة مغايرة للمعلول: أن العلة في سقوط القضاء هي (3) الإتيان بالمأمور به [على الوجه الذي أمر به لا نفس الإجزاء](4).
قال بعضهم: سكت المؤلف عن القبول مع أنه من أوصاف العبادات، إنما سكت عنه؛ لأنه من أصول الفقه، قاله في النفائس؛ وذلك أن القبول أمر غائب عنا لا تدركه (5) أحكامنا (6).
وذكر المؤلف في القواعد (7) في الفرق الخامس والستين بين قاعدة ما يثاب عليه من الواجبات وبين (8) ما لا يثاب عليه، فذكر أن القبول مخالف للصحة والإجزاء: فإن الفعل قد يكون صحيحًا مجزئًا مبرئًا لذمة العبد، ومع ذلك لا يقبل ولا يثاب عليه، والدليل على ذلك: الكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى في قصة ابني آدم: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ
(1) في ز: "نعلل".
(2)
في ط: "بسقوط".
(3)
في ز: "هو".
(4)
ما بين المعقوفتين زيادة من ط، ولم يرد في الأصل وز.
(5)
في ط وز: "تدخله".
(6)
يقول القرافي في نفائس الأصول: ولما كان القبول هو أمر مغيب عنا لا تدخله أحكامنا تركه الأصوليون من أوصاف العبادة؛ لأنهم ما يذكرون إلا ما تدخله أحكامنا بضوابط عندنا معلومة أو مظنونة، والقبول ليس كذلك فتركوه.
انظر: نفائس الأصول تحقيق عبد الموجود 1/ 330، وانظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 32.
(7)
انظر: الفروق للقرافي 2/ 51 - 53.
(8)
في ط: "وبين قاعدة ما لا يثاب".
الْمُتَّقِينَ} (1).
لأنه تقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر مع أن كل واحد منهما جاء على وفق الأمر (2).
ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (3).
فسؤالهما الله عز وجل القبول مع صحة فعلهما وإجزائه دليل على أن القبول مغاير للصحة والإجزاء.
ومن السنة قوله عليه السلام في الأضحية: "اللهم تقبل من محمد وآل محمد"(4)
(1) سورة المائدة آية رقم (27).
(2)
يقول القرافي في الفروق: ويدل عليه أن أخاه علل عدم القبول بعدم التقوى، ولو أن الفعل مختل في نفسه لقال: إنما يتقبل الله العمل الصحيح الصالح؛ لأن هذا هو السبب القريب لعدم القبول، فحيث عدل عنه دل ذلك على أن الفعل كان صحيحًا مجزئًا، وإنما انتفى القبول؛ لأجل انتفاء التقوى فدل ذلك على أن العمل المجزئ قد لا يقبل، وإن برئت الذمة وصح في نفسه.
انظر: الفروق 2/ 51.
(3)
سورة البقرة آية رقم (127).
(4)
هذا جزء من حديث، وتمام الحديث كما أخرجه مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد ويبرك في سواد وينظر في سواد، فأتي به ليضحى به، فقال لها:"يا عائشة هلمي المدية" ثم قال: "اشحذيها بحجر"، ففعلت ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال:"بسم الله، اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد" ثم ضحى به.
انظر: صحيح مسلم كتاب الأضاحي، باب استحباب الضحية وذبحها (6/ 78).
فسؤاله عليه السلام القبول مع صحة فعله وإجزائه دليل على أن القبول خلاف الصحة والإجزاء.
ومنه (1) قوله عليه السلام في الحديث الصحيح خرّجه مسلم: "من أحسن (2) في إسلامه فإنه يجزى بعمله في الجاهلية والإسلام"(3).
فاشترط الإحسان وهو التقوى في حصول الجزاء، فدل ذلك على أن القبول خلاف الصحة والإجزاء (4).
وانعقد الإجماع على ذلك - نسأل الله (5) أن يتقبل منا أعمالنا بفضله وإحسانه - (6).
فالقبول معناه: حصول الثواب.
(1) في ط وز: "ومنه أيضًا".
(2)
في ط وز: "من أسلم وأحسن"
(3)
نص هذا الحديث كما أخرجه مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: قال أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال:"أما من أحسن منكم في الإسلام فلا يؤاخذ بها، ومن أساء أخذ بعمله في الجاهلية والإسلام".
انظر: صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب هل يؤاخذ بأعمال الجاهلية 1/ 77.
وأخرجه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رجل: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: "أما من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر".
انظر: صحيح البخاري كتاب استتابة المرتدين (4/ 195) بحاشية السندي.
(4)
انتهى كلام القرافي.
انظر: الفروق 2/ 51 - 52.
(5)
في ز: "الله تعالى".
(6)
في ط: "وإحسانه وبالله التوفيق"، وفي ز:"وبالله التوفيق بمنه".
والصحة والإجزاء [معناهما: عدم العقاب.
فيلزم من حصول الثواب عدم العقاب، ولا يلزم من عدم العقاب حصول الثواب.
والقبول (1) أخص، والصحة (2) والإجزاء] (3) أعم، فكل مقبول مجزئ وليس كل مجزئ مقبول (4)(5).
…
(1) في ز: "فالقبول".
(2)
في ز: "وحصول الصحة".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(4)
في ط: "مقبولاً".
(5)
وقد يأتي نفي القبول في الشرع تارة بمعنى نفي الصحة كما في حديث: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول".
أخرجه الإمام مسلم 1/ 104.
وانظر: شرح الكوكب المنير 1/ 471.