الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس عشر [في الرخصة والعزيمة]
(1)
[قوله](2): (الرخصة: جواز الإِقدام على الفعل مع اشتهار المانع منه شرعًا).
ش: هذا الفصل (3) مناسب لما قبله؛ لأن الرخصة من جملة الأحكام الوضعية.
ذكر المؤلف في هذا الفصل أربعة مطالب:
أحدها (4): حقيقة الرخصة.
والثاني: حقيقة العزيمة.
والثالث: أقسام الرخصة.
والرابع: أقسام أسبابها (5).
أما حقيقة الرخصة لغة: فهي التيسير والتسهيل، يقال: رخص السعر إذا
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في الأصل وز وط، وهو زيادة يقتضيها السياق.
(2)
ما بين المعقوفتين لم يرد في الأصل وز وط، وهوزيادة يقتضيها السياق.
(3)
في ز: "الباب".
(4)
"أحدها" ساقطة من ط.
(5)
في ط: "سبابها"، وفي ز:"أقسام العزيمة".
تيسر وسهل (1).
وأما حقيقتها في الاصطلاح (2) فكما قال المؤلف.
وإنما أتى المؤلف بهذا الحد؛ لأن الإمام فخر الدين قال في المحصول: الرخصة جواز الإقدام مع قيام المانع (3)، ثم رأى المؤلف أن هذا الحد غير مانع؛ لأنه يتناول جميع الواجبات من الصلوات (4) الخمس، والصيام، والجهاد، والحج، والحدود، والتعزيرات وغيرها؛ لأن في جميعها جواز الإقدام مع قيام المانع منها.
[والمانع منها](5) هو (6): الظواهر المقتضية لمنع وجوبها؛ كقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (7).
(1) يقول الفيروزآبادي: الرخص بالضم ضد الغلاء
…
والرخصة بضمة، وبضمتين، ترخيص الله للعبد فيما يخففه عليه، والتسهيل والنوبة في الشرب، والرخيص الناعم من الثياب.
انظر: القاموس المحيط مادة (رخص)، وانظر أيضًا: المصباح المنير مادة (رخص).
(2)
انظر في تعريف الرخصة اصطلاحًا: شرح التنقيح للقرافي ص 85، والمحصول ج 1 ق 1 ص 154، شرح التنقيح للمسطاسي ص 35، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 75، المستصفى للغزالي 1/ 98، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 120، الإحكام للآمدي 1/ 132، نهاية السول 1/ 120، تيسير التحرير 2/ 228، شرح الكوكب المنير 1/ 478، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص 71، التعريفات للجرجاني ص 97.
(3)
المحصول ج 1 ق 1 ص 154.
(4)
في ط: "الصلاة".
(5)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(6)
في ز: "الذي هو".
(7)
سورة الحج آية رقم (78).
وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (1)
وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (2).
وقوله تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم} (3).
وقوله عليه السلام: "لا ضرر ولا ضرار"(4).
(1) سورة البقرة آية رقم (185).
(2)
سورة الإسراء آية رقم (70).
(3)
سورة التين آية رقم (4).
(4)
هذا الحديث رواه جمع من الصحابة منهم: عبادة بن الصامت وعبد الله بن عباس وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة، وأبو لبابة، وثعلبة بن أبي مالك القرظي، وجابر بن عبد الله، وعائشة رضي الله عنهم، وهذا الحديث أصل لبعض القواعد الشرعية؛ لذا سوف أذكر طرق هذا الحديث وما قاله العلماء في ذلك.
ذكر الزركشي في المعتبر طرق هذا الحديث عن هؤلاء الصحابة:
1 -
أما حديث عبادة فقد رواه ابن ماجه عن إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة عن جد أبيه عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن "لا ضرر ولا ضرار"(ابن ماجه رقم الحديث 2340 (2/ 784)، وفي سنده انقطاع؛ حيث لم يدرك إسحاق جده. (المعتبر ص 235)، قال ابن حجر عن إسحاق: أرسل عن عبادة وهو مجهول الحال، (التقريب 1/ 62).
2 -
وحديث ابن عباس فقد رواه ابن ماجه أيضًا عن عبد الرزاق عن معمر عن جابر الجعفي، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعًا "لا ضرر ولا ضرار"(ابن ماجه رقم الحديث 2341، كتاب الأحكام 2/ 784) وفي سنده جابر الجعفي وهو ضعيف، (المعتبر ص 236).
3 -
وحديث أبي سعيد الخدري رواه الحاكم في البيوع (2/ 57) من جهة الدرواردي عن عمرو بن يحيى المازني عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر ولا ضرار، من ضر ضره الله، ومن شق شق الله عليه".
أخرجه الدارقطني 3/ 77، واليبهقي 6/ 69.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وفي سنده عثمان =
وتلك الظواهر كلها تقتضي منع وجوب هذه الواجبات علينا؛ إذ في ذلك
= ابن محمد بن عثمان بن ربيعة.
ويقول الألباني معقبًا على كلام الحاكم والذهبي: وهذا وهم منهما معًا، فإن عثمان هذا مع ضعفه لم يخرج له مسلم أصلاً، وأورده الذهبي في الميزان، وقال عبد الحق في أحكامه: الغالب على حديثه الوهم (إرواء الغليل 1/ 410).
4 -
وحديث أبي هريرة فقد أخرجه الدارقطني عن أبي بكر بن عياش قال: أراه قال: عن علي بن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا: "لا ضرر ولا ضرورة" الدارقطني (4/ 228).
وابن عياش مختلف فيه، قاله الزيلعي (4/ 385)، وفي سنده يعقوب بن عطاء وهو ضعيف كما في التقريب (2/ 376).
5 -
وحديث أبي لبابة فقد رواه أبو داود في المراسيل عن واسع بن حبان عن أبي لبابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا ضرر في الإسلام ولا ضرار".
انظر: كتاب المراسيل لأبي داود (ص 44). وفي سنده انقطاع بين واسع وأبي لبابة. إرواء الغليل (1/ 413).
6 -
وحديث ثعلبة رواه الطبراني في معجمه الكبير (1377) عن إسحاق بن إبراهيم، عن صفوان بن سليم، عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا ضرر ولا ضرار".
وفي سنده إسحاق بن إبراهيم وهو ابن سعيد الصواف، قال الحافظ في التقريب: لين الحديث (1/ 54).
7 -
وحديث جابر رواه الطبراني في الأوسط (169) عن ابن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن عمه واسع بن حبان، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام".
وقال: لم يروه عن محمد بن يحيى إلا ابن إسحاق، وقال الألباني: وهو ثقة ولكنه مدلس وقد عنعنه (إرواء الغليل 1/ 411).
8 -
وحديث عائشة رواه الدارقطني (4/ 227) عن الواقدي: ثنا خارجة، عن عبد الله ابن سليمان بن زيد عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة مرفوعًا:"لا ضرر ولا ضرار". =
حرج وعسر وضرر وإهانة للصورة الإنسانية المكرمة، المقومة (1)، المعظمة، وذلك يقتضي ألا يكلف الإنسان المشاق والمضار، ولكن في (2) هذه الواجبات من المصالح العاجلة والمثوبات الآجلة [ما لا ينبغي أن يترك في مقابلة راحة الإنسان العاجلة، وهذه المثوبات الآجلة](3) هي العوارض التي لأجلها خولفت ظواهر هذه النصوص المذكورة (4).
فلما رأى المؤلف اندراج الواجبات المذكورة في حد الإمام عدل عنه إلى قوله: (جواز الإِقدام على الفعل مع اشتهار المانع)(5) فقيد المانع بالشهرة
= وفي سنده الواقدي وهو متروك (إرواء الغليل 1/ 412).
هذه أهم طرق هذا الحديث وهي وإن كانت لا تخلو أسانيدها من ضعف فإنها بمجموعها يقوي بعضها بعضًا، وهذا الحديث ذكره النووي في الأربعين النووية وقال: حديث حسن رواه ابن ماجه والدارقطني مسندًا ورواه مالك في الموطأ مرسلاً، وله طرق يقوي بعضها بعضًا (ح/ رقم 32 ص 57).
وقال العلائي: للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به.
وقال الألباني بعد ما ساق طرق الحديث، وبيّن ما فيها من ضعف: فهذه طرق كثيرة لهذا الحديث قد جاوزت العشر وهي وإن كانت ضعيفة مفرداتها فإن كثيرًا منها لم يشتد ضعفها، فإذا ضم بعضها إلى بعض تقوى الحديث بها وارتقى إلى درجة الصحيح.
انظر تفصيل الكلام حول طرق هذا الحديث في المعتبر للزركشي حديث رقم 295 ص 235 - 238، إرواء الغليل للألباني حديث رقم 896 (1/ 408 - 414).
(1)
في ز: "المقدمة".
(2)
في ز: "ما في هذه".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط وز.
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 86.
(5)
في ز: "اشتهار المانع منه".
ولم (1) يطلق المانع كما أطلقه الإمام فخر الدين ليخرج به الأمور المذكورة الواردة على حد الإمام.
قال المؤلف في الشرح: وأريد باشتهار المانع الشرعي نفور الطبع الجيد السليم عند سماع قولنا: أكل فلان الميتة للجوع، أو شرب (2) الخمر للغصة، أو أكل في رمضان لمرض أو سفر أو نحو ذلك، ولا ينفر أحد عند سماع قولنا: صلى فلان أو صام فلان أو أقيم الحد على فلان أو (3) نحو ذلك (4).
فقوله: (جواز الإِقدام على الفعل مع اشتهار المانع) تقديره: جواز الإقدام على الفعل مع نفور الطبع السليم عن (5) ذلك.
قال المؤلف في الشرح: هذا الحد فاسد؛ لأنه غير جامع لخروج رخص عديدة منه، ولم ألتهم (6) إليها حين ذكري لهذا الحد كالإجارة، والقراض، والمساقاة، والسلم، فإن الإجارة رخصة من بيع المعدوم الذي لا يقدر على تسليمه، والقراض والمساقاة رخصة من أجرة مجهولة، والسلم رخصة من
(1) في ط: "وما".
(2)
في ط: "وشرب".
(3)
في ط: "ونحو ذلك".
(4)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 86.
(5)
في ط وز: "عند ذلك الفعل".
(6)
في ط: "انتهم"، وفي ز:"ألتم" وفي هامش ز تعليق: لعله لم أتفطن أو ما في معناه، وإلا فالذي في الشرح هكذا صورته:"ما ألتهم".
وفي شرح التنقيح للقرافي: "لم ألهم"، وفي اللسان: ألهمه الله خيرًا لقنه إياه، واستلهمه إياه مسألة أن يلهمه. انظر مادة:(لهم).
الغرر بالنسبة إلى المرئي، [وأكل الصيد رخصة (1) من منع أكل الحيوان المشتمل (2) على (3) دمائه فيكفي فيه الجرح والخدش](4).
وهذه الأمور غير مندرجة تحت (5) الحد؛ إذ لا ينفر أحد إذا ذكر له ملابسة هذه الأمور (6).
قال المؤلف في الشرح: والذي استقر عليه حالي أني عاجز عن ضبط الرخصة بحد جامع مانع (7).
واعترض بعضهم هذا الحد (8)[الذي حد به المؤلف الرخصة ها هنا](9) بالمناقض (10)؛ لأن جواز (11) الإقدام على الفعل يقتضي جواز الإقدام، وقوله:(مع اشتهار المانع منه) أي: من الإقدام على الفعل يقتضي منع الإقدام وذلك أمر متناقض.
قال: وأحسن ما قيل في حد الرخصة قول جمال الدين أبي عمرو بن
(1)"رخصة" ساقطة من ز.
(2)
في ز: "المشتملة"
(3)
"على" ساقطة من ز.
(4)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
(5)
في ط وز: "في".
(6)
نقل المؤلف بالمعنى: انظر: شرح التنقيح للقرافى ص 86، وانظر أيضًا: شرح التنقيح للمسطاسي ص 35.
(7)
شرح التنقيح للقرافي ص 87.
(8)
في ط: "حد المؤلف".
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.
(10)
"بالمناقض" ساقطة من ز، وفي ط:"بالتناقض".
(11)
في ز: "لأن قوله جواز".
الحاجب قال في حدها: "المشروع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر"(1).
قوله: (المشروع) يندرج فيه الفعل والترك؛ لأن الرخصة تكون بالترك كما تكون بالفعل كترك بعض الصلاة في حق المسافر.
وقوله: (لعذر) احترازًا من المشروع لا لعذر وهو كثير.
وقوله: (مع قيام المحرم) أي: المحرم للفعل أو الترك احترازًا من المشروع لعذر مع عدم قيام المحرم، كالإطعام عند فقد الرقبة مي الظهار لاستحالة التكليف بإعتاق الرقبة عند عدمها، بل الظهار سبب لوجوب العتق في حالة، ولوجوب الإطعام في حالة أخرى (2).
قال الغزالي - رحمه الله تعالى (3) -: التيمم لفقد الماء ليس برخصة (4) لاستحالة التكليف باستعمال الماء عند عدمه، بخلاف أكل الميتة للمضطر وشرب الخمر عند الإكراه (5)، وأما التيمم مع وجود الماء لعدم القدرة على الاستعمال فإنه رخصة (6).
وقوله: (لولا العذر) أي: المحرم إنما (7) يحرم عند عدم العذر (8)، وأما
(1) انظر: مختصر المنتهى لابن الحاجب 2/ 7.
(2)
انظر: المستصفى للغزالي 1/ 98.
(3)
"تعالى" لم ترد في ط وز.
(4)
في المستصفى: فلا يحسن تسميته رخصة.
(5)
لأنه قادر على الترك.
(6)
نقل المؤلف بالمعنى. انظر: المستصفى للغزالي 1/ 98.
(7)
في ط: "وإنما".
(8)
في ط: "القدرة".
مع وجود العذر فلا يحرم، فالعذر (1) رافع (2) للتحريم، فلم يجمع المشروعية مع التحريم.
قوله: (والعزيمة طلب الفعل الذي لم يشتهر فيه مانع شرعي).
ش: هذا هو المطلب الثاني وهو حقيقة العزيمة وهي ضد الرخصة.
العزيمة: [مأخوذة](3) من العزم وهو: الطلب المؤكد (4) فيه، ومنه قوله تعالى:{فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} (5)، وقوله تعالى:{أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} (6) لتأكد طلبهم الحق، هذا معناها لغة.
وأما في الاصطلاح (7): فقال الإمام في المحصول: هي جواز الإقدام مع عدم المانع (8).
قال المؤلف في الشرح: هذا الحد غير مانع؛ لأنه يندرج (9) فيه أكل
(1) في ز: "والعذر".
(2)
في ز: "راجع".
(3)
في الأصل وز وط: "مأخوذ"، والمثبت هو الصواب.
(4)
انظر تعريف العزيمة لغة في: لسان العرب مادة (عزم)، المصباح المنير مادة (عزم)، القاموس المحيط مادة (عزم).
(5)
سورة طه آية رقم (115)، وهذه الآية لم ترد في ط.
(6)
سورة الأحقاف آية رقم (35).
(7)
انظر تعريف العزيمة اصطلاحًا في: المحصول ج 1 ق 1 ص 154، المستصفى للغزالي 1/ 98، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 123، الإحكام للآمدي 1/ 131، شرح الكوكب المنير 1/ 476، نهاية السول 1/ 128، تيسير التحرير 2/ 229، المدخل لابن بدران ص 71، التعريفات للجرجاني ص 130.
(8)
يقول فخر الدين في المحصول ج 1 ق 1 ص 154: "ما جاز فعله إما أن يجوز مع قيام المقتضى للمنع أو لا يكون كذلك، فالأول: الرخصة، والثاني: العزيمة".
(9)
في ز: "اندرج".
الطيبات ولبس الليِّنات، لجواز الإقدام عليها، وليس فيها مانع مع أنها ليست من العزائم؛ إذ لا طلب فيها؛ لأن العزيمة مأخوذة من العزم، وهو: الطلب المؤكد فيه.
ولذلك (1) زدت في حدي: طلب الفعل مع عدم اشتهار المانع [الشرعي، فقيد الطلب يخرج أكل الطيبات ونحوها.
وقيد اشتهار المانع] (2) يخرج (3) الرخصة إذا طلبت (4) كأكل المضطر الميتة (5)؛ [لأن أكل المضطر الميتة](6)[فيه](7) طلب الفعل مع اشتهار المانع الشرعي، وقصدت أصل الطلب.
ولم أعين الوجوب لأن المالكية قالوا: إن السجدات المندوبة للسجود عند (8) تلاوتها عزائم، [قالوا: عزائم] (9) القرآن إحدى عشرة سجدة، فذكرت الطلب ليندرج المندوب والواجب. انتهى نصه (10).
(1) في ز: "فلذلك".
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(3)
في ز: "فتخرج"
(4)
في ط: "إذا طلب".
(5)
في ز: "كأكل الميتة للمضطر".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(7)
المثبت بين المعقوفتين من ز، ولم يرد في الأصل وط.
(8)
في ط: "وعند".
(9)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(10)
نقل المؤلف بالمعنى.
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 87.
قال الغزالي [رحمه الله تعالى](1): العزيمة (2) هي ما لزم العباد بإيجاب الله تعالى (3) كالعبادات الخمس ونحوها.
فعلى هذا التفسير لا تكون العزيمة إلا في الواجبات دون المندوبات، وعلى تفسير المؤلف تكون في الواجب والمندوبات (4)؛ لأن الطلب أعم منها (5)(6).
(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في ز وط.
(2)
"العزيمة" ساقطة من ط.
(3)
انظر: المستصفى للغزالي 1/ 98.
(4)
في ز: "والمندوب".
(5)
في ط: "منهما".
(6)
اختلف الأصوليون فيما تشمله العزيمة من الأحكام، وبناء عليه اختلفت عباراتهم في تعريف العزيمة:
القول الأول: أن العزيمة تختص بالواجب، وممن قال به الغزالي والآمدي.
القول الثاني: أن العزيمة تشمل الواجبات والمندوبات وهو مذهب القرافي.
القول الثالث: أنها تشمل الفرض والواجب والسنة والنفل واليه ذهب ابن همام الحنفي.
القول الرابع: أنها تشمل الأحكام الخمسة: الواجب والمحرم والمندوب والمكروه والمباح، وممن قال به الفتوحي.
انظر: المستصفى 1/ 98، الإحكام للآمدي 1/ 131، تيسير التحرير 2/ 229، شرح الكوكب 1/ 746.
والعزيمة تطلق على أربعة أنواع:
الأول: تطلق على الحكم الذي لم يتغير أصلاً كوجوب الصلوات الخمس.
الثاني: الحكم الذي تغير إلى ما هو أصعب منه كحرمة الاصطياد بالإحرام بعد إباحته قبله.
الثالث: الحكم الذي تغير إلى سهولة لغير عذر: كحل ترك الوضوء لصلاة ثانية مثلاً =
قوله: (ثم الرخصة قد تنتهي إِلى الوجوب (1) كأكل المضطر الميتة (2) وقد لا تنتهي كإِفطار المسافرين (3)).
ش: هذا هو المطلب الثالث في أقسام الرخصة، فلها ثلاثة أقسام:
واجبة.
ومندوبة.
ومباحة.
فالواجبة نحو أكل المضطر [الميتة إذا خاف على نفسه الهلاك، وكذلك إفطار الصائم](4) إذا خاف على نفسه الهلاك من شدة العطش، أو الجوع (5).
والمندوبة (6): كالقصر في السفر.
والمباحة: كالفطر في السفر (7).
= لمن لم يحدث بعد حرمته، والحل ها هنا بمعنى خلاف الأولى.
الرابع: الحكم الذي تغير إلى سهولة لعذر مع عدم قيام السبب للحكم الأصلي، مثاله: إباحة ترك ثبات الواحد من المسلمين للعشرة من الكفار في القتال بعد حرمته، وسببها قلة المسلمين، ولم تبق حال الإباحة لكثرتهم حينئذ وعذرها مشقة الثبات المذكور لما كثر.
انظر: شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع 1/ 123.
(1)
في أوخ وش: "للوجوب".
(2)
في أوخ: "للميتة".
(3)
في أوخ وش: "المسافر".
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(5)
في ط: "والجوع".
(6)
في ط: "والمندوب".
(7)
انظر هذه الأقسام للرخصة وأمثلتها في: حاشية البناني على جمع الجوامع =
قوله: (وقد لا تنتهي) يعني: إلى الوجوب، فيندرج فيه القسمان وهما: المندوبة والمباحة.
قوله: (كإِفطار المسافر (1)) (2) وفي نسخة أخرى: كإفطار الصائم، كإذا طرأ على الصائم عذر (3) يشق معه الصيام، أو إذا (4) أراد التقوي على جهاد العدو.
واعترض قوله: (الرخصة تنتهي إِلى الوجوب)؛ لأنها إذا انتهت إلى الوجوب فهي عزيمة لا رخصة.
أجيب عنه: بأن الوجوب في هذه الحالة أمر عارض، والأصل إنما هو جواز الإقدام مع قيام المانع، فلم تخرج الرخصة عن أصلها بهذا الاعتبار.
قوله: (وقد يباح سببه (5) كالسفر، وقد لا يباح كالغصة لشرب (6) الخمر).
ش: هذا هو المطلب الرابع في تقسيم أسباب الرخصة، فذكر المؤلف أن سبب الرخصة قسمان:
مباح.
وغير مباح.
= 1/ 121، الإحكام للآمدي 1/ 132، تيسير التحرير 2/ 232، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد لابن بدران ص 71، شرح الكوكب المنير 1/ 479.
(1)
في ط وز: "المسافرين".
(2)
"الواو" ساقطة من ط.
(3)
في ط وز: "مرض".
(4)
في ط: "وإذا".
(5)
في خ وش وط وز: "سببها".
(6)
في ش: "بشرب".
فمثال المباح: السفر الجائز، فإنه مبيح للفطر بإجماع، وإنما الخلاف في الأفضل هل الصوم أو الفطر (1)، فيجوز للإنسان إنشاء السفر طلبًا للترخص بالفطر (2).
ومثال غير المباح: الاغتصاص لشرب الخمر.
قال المؤلف في الشرح (3): وقولي: وقد لا يباح سببها كالغصة لشرب الخمر إن (4) أريد به أنه لا يباح لأحد أن يغص نفسه حتى يشرب الخمر، ولا لغير شرب الخمر، بل الغصة حرام مطلقًا. انتهى نصه (5).
[لأن ذلك يؤدي إلى الهلاك، قال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (6)](7).
قال ابن القصار في عيون المجالس (8): من اضطر إلى شرب الخمر فلا يشربها ولا يتداوى بها، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: يجوز له ذلك.
(1) في ط: "والفطر".
(2)
عدّ ابن اللحام هذا من الرخص المكروهة فقال: ومن الرخص ما هو مكروه كالسفر للترخص.
انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص 118، 119.
(3)
في ط: "في الشرع".
(4)
"إن" ساقطة من ط.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 87.
(6)
سورة البقرة آية رقم (195).
(7)
المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل وز.
(8)
عنوان كتاب ابن القصار "عيون الأدلة" وقد اختصره القاضي عبد الوهاب البغدادي في كتاب سماه "عيون المجالس".
انظر مقدمة تحقيق عيون الأدلة لابن القصار (1/ 30 ق) للدكتور عبد الحميد السعودي، كتاب الطهارة.
انظر: ابن عبد السلام (1) في جناية الشرب (2).
…
(1) هو محمد بن عبد السلام بن يوسف بن كثير الفقيه المالكي، كان إمامًا عالمًا حافظًا متفننًا في علمي الأصول، والعربية، وعلم الكلام، وعلم البيان، فصيح اللسان، صحيح النظر، قوي الحجة، عالمًا بالحديث، ولي القضاء في تونس، فكان قائمًا بالحق ذابًا عن الشريعة موصوفًا بالدين والعفة والنزاهة، معظمًا عند الخاصة والعامة، تخرج بين يديه جماعة من العلماء كأبي عبد الله بن عرفة الورغمي ونظرائه، توفي رحمه الله سنة تسع وأربعين وسبعمائة (749 هـ)، من مصنفاته:"تنبيه الطالب لفهم كلام ابن الحاجب".
انظر ترجمته في: الديباج 2/ 329، 330، نيل الابتهاج ص 243، درة الحجال 2/ 133 - 134، وفيات الأعيان لابن قنفذ ص 354.
(2)
انظر: تنبيه الطالب لفهم ألفاظ جامع الأمهات لابن الحاجب لمحمد بن عبد السلام، الجزء الثالث باب جناية الشرب ورقة 123 ب، 124/ أمن نسخة مصورة فلميًا بمعهد المخطوطات بالكويت رقم 500.