المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثالثفي تعارض مقتضيات الألفاظ - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٢

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الباب الثالثفي تعارض مقتضيات الألفاظ

‌الباب الثالث

في تعارض مقتضيات الألفاظ

ص: 357

الباب الثالث في تعارض مقتضيات الألفاظ (1)

ش: في هذا الباب مطلبان:

الأول: [في (2) بيان](3) ما يحمل عليه اللفظ إذا تعارضت محامله.

والمطلب الثاني: في بيان الفروع المركبة على التعارض.

قوله: (في تعارض مقتضيات الألفاظ) معناه: في بيان حكم تقابل وتعادل مدلولات الألفاظ، يعني: إذا كان مثلًا للفظ (4) احتمالان متضادان، على ماذا يحمل منهما (5).

قوله: (تعارض) التعارض هو: التقابل، ولا تقابل إلا مع التساوي، ولا

(1) انظر تفصيل الكلام حول هذا الباب في: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 112 - 125، شرح تنقيح الفصول للمسطاسي ص 47 - 52، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 98 - 108، شرح الكوكب المنير 1/ 294 - 299، المحصول ج 1 ق 1 ص 487 - 505، الإبهاج في شرح المنهاج للسبكي 1/ 322 - 336، نهاية السول في شرح منهاج الأصول للإسنوي 2/ 179 - 185.

(2)

في ز: "فيما".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(4)

في ط وز: "للفظ مثلًا".

(5)

في ط: "منها".

ص: 359

تساوي مع الرجحان، وهذه الحقائق التي ذكر (1) المؤلف كلها راجحة (2) بالنسبة إلى أضدادها، ومع ثبوت الرجحان فلا تعارض.

أجيب عن هذا: بأن إطلاق التعارض ها هنا مجاز؛ لأنه باعتبار ما يؤول إليه الأمر (3) في الاستقبال (4)؛ وذلك أن الاحتمال المرجوح قد يعضده دليل فيعارض حينئذ الاحتمال الراجح فيحتاج إلى الترجيح، والله أعلم.

قوله: (في تعارض مقتضيات الألفاظ) يعني: مع (5) ترجيح بعضها على بعض (6).

قوله: (يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز).

ش: ذكر المؤلف إحدى عشرة حقيقة هي كلها راجحة على أضدادها:

الحقيقة الأولى (7) هي: حمل اللفظ [على حقيقته دون مجازه (8)؛ لأن موضوع اللفظ](9) أولى به لأنه الأصل، والمجاز فرع طارئ عليه، والأصل

(1) في ز: "ذكرها".

(2)

المثبت من ط، وفي الأصل:"راجعة".

(3)

"الأمر" ساقطة من ط.

(4)

في ط وز: "المستقبل".

(5)

في ز: "في ترجيح".

(6)

"بعض" ساقطة من ط.

(7)

"الأولى" ساقطة من ط.

(8)

انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 112، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 98، شرح الكوكب المنير 1/ 294.

(9)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

ص: 360

مقدم على الفرع.

قوله أيضًا (1): (يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز).

مثاله: الأسد حقيقة في الحيوان المفترس، مجاز في الرجل الشجاع.

وكذلك قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (2) اللمس حقيقة في المس باليد فينقض الوضوء، وهو مجاز في الجماع.

فإذا حملنا الملامسة في الآية على الملامسة باليد فيستدل (3) بالآية على كون الملامسة تنقض الوضوء، وهو مذهب مالك، والشافعي، وجمهور العلماء.

وإذا حملناه على الوطء (4) فلا يجب الوضوء منها وهو مذهب أبي حنيفة وغيره (5).

قوله: (وعلى العموم دون الخصوص (6)).

ش: هذا حقيقة ثانية (7)، إنما يحمل على العموم؛ لأن البعض داخل في الكل، ففي حمله على الكل حمله على البعض.

(1)"أيضًا" ساقطة من ز.

(2)

آية 43 سورة النساء.

(3)

في ز: "يستدل".

(4)

في ط وز: "الجماع".

(5)

انظر الخلاف في هذه المسألة في: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/ 223 - 224، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 443 - 444، أحكام القرآن للجصاص 2/ 372.

(6)

في نسخة أوخ وش: "والعموم دون التخصيص".

(7)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 112، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 99، شرح الكوكب المنير 1/ 295.

ص: 361

مثاله: قوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} (1) عام (2) في الأختين مطلقًا حرتين أو مملوكتين، فلا يجوز الجمع بينهما مطلقًا، وهو مذهب مالك، والشافعي، [وجمهور العلماء] (3) خلافًا لمن قال: مخصوص بالحرتين (4).

وقال ابن عباس (5) رضي الله عنه (6) -: حرمتهما آية وحللتهما (7) آية؛ فالآية المحرمة قوله تعالى (8): {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} (9)، والآية المحللة هي قوله تعالى:{إِلَاّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} (10).

(1) آية (23) سورة النساء.

(2)

في ط وز: "هو عام".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط وز.

(4)

يقول القرطبي: شذ أهل الظاهر فقالوا: يجوز الجمع بين الأختين بملك اليمين في الوطء، كما يجوز الجمع بينهما في الملك، واحتجوا: بما روي عن عثمان في الأختين من ملك اليمين: "حرمتهما آية وأحلتهما آية".

انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 5/ 117.

(5)

روي أيضًا عن عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب.

انظر: المصدر السابق وأحكام القرآن للجصاص 2/ 130، 131.

(6)

في ز: "عنهما".

(7)

في ز: "وأحلتهما".

(8)

"تعالى" لم ترد في ط.

(9)

آية رقم 23 من سورة النساء.

(10)

قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [آية رقم 24 سورة النساء]، وقد وضح الجصاص المراد بقول ابن عباس وعثمان وعلي:"حرمتهما آية وأحلتهما آية"، بعدة وجوه:

أولاً: إنما هو على جهة أن آيتي التحليل والتحريم غير متساويتين في مقتضاهما، وأن التحريم أولى من التحليل.

ص: 362

قوله: (وعلى (1) الإِفراد دون الاشتراك).

ش: هذه (2) حقيقة ثالثة (3).

مثاله: [قوله](4) تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (5).

فالنكاح ها هنا المراد به معنى واحد وهو: الوطء في الفرج فهو الذي يحل المبتوتة.

= ثانيًا: أن إطلاق القول بأنه أحلتهما آية وحرمتهما آية من غير تقييد هو: قول منكر لاقتضاء حقيقته: أن يكون شيء واحد مباحًا محظورًا في حال واحدة.

ثالثًا: مما يدل على أن التحريم أولى: لو تساوت الآيتان في إيجاب حكميهما أن فعل المحظور يستحق به العقاب وترك المباح لا يستحق به العقاب والاحتياط والامتناع مما لا يأمن استحقاق العقاب به.

رابعًا: الآيتان غير متساويتين في إيجاب التحريم والتحليل وغير جائز الاعتراض بإحداهما على الأخرى؛ إذ كل واحدة منهما ورودها في سبب غير سبب الأخرى وذلك لأن قوله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَينِ} وارد فيه التحريم، وقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وارد في إباحة المسبية التي لها زوج في دار الحرب، وأفاد وقوع الفرقة بين المسبية وبين زوجها وإباحتها لمالكها، فكل من الآيتين واردة في سبب غير سبب الأخرى، فيستعمل حكم كل واحدة منهما في السبب الذي وردت فيه. اهـ بتصرف من أحكام القرآن للجصاص 2/ 131.

(1)

في أوخ وش: "والإفراد دون الاشتراك".

(2)

في ز: "هذا".

(3)

انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 112، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، شرح الكوكب المنير 1/ 295.

(4)

المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل.

(5)

آية 230 سورة البقرة.

ص: 363

وقال ابن المسيب رضي الله عنه: يحلها العقد ويحلها الوطء (1)؛ لأن النكاح عنده مشترك بين الوطء والعقد.

ولكن مذهب الجمهور أولى؛ لأن الإفراد أولى من الاشتراك؛ لأن الاشتراك مجمل حالة عدم (2) القرينة (3) الدالة على المراد بالمشترك؛ وذلك يؤدي إلى تعطيل [الحكم الشرعي](4) فحمل النكاح على معنى واحد وهو: الوطء أولى من حمله على معنيين و (5) هما العقد والوطء.

قوله: (وعلى (6) الاستقلال دون الإِضمار).

ش: هذه (7) حقيقة رابعة (8)، مثاله قوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (9).

(1) انظر قول سعيد بن المسيب رضي الله عنه في: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 3/ 148، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 198.

(2)

في ط: "على" وهو تصحيف.

(3)

في ط: "العربية" وهو تصحيف.

(4)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(5)

"الواو" ساقطة من ط.

(6)

"على" ساقطة من أوخ وش.

(7)

في ز: "هذا".

(8)

انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 112، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، شرح الكوكب المنير 1/ 295.

(9)

آية 33 سورة المائدة.

ص: 364

قال مالك (1): لا إضمار (2) في الكلام، بل الكلام مستقل.

وقال الشافعي (3): في الكلام إضمار، وتقديره: أن يُقتلوا إن قَتلوا، وقوله:{أَوْ يُصَلَّبُوا} (4) يعني: إن قتلوا (5) وأخذوا المال (6)، وقوله:{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْديهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خلافٍ} يعني: إن أخذوا المال، وقوله:{أَوْ يُنفَوْا مِن الأَرْضِ} يعني: إن أخافوا السبيل، كما قرره ابن العربي في أحكام القرآن (7)، ولكن حمل الكلام على الاستقلال أولى من حمله على [الإضمار؛ لأن الإضمار يحتاج إلى مبين، والاستقلال لا يحتاج إلى ذلك](8).

وكذلك قوله عليه السلام: "ذكاة الجنين ذكاة أمه"

فعلى رواية الرفع، فالكلام مستقل لا إضمار فيه، معناه: ذكاة الجنين هي ذكاة أمه.

وعلى رواية النصب فيه إضمار تقديره: ذكاة الجنين أن يذكى مثل (9) ذكاة أمه.

(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 112.

(2)

في ط: "الإضمار".

(3)

انظر: المصدر السابق ص 112، أحكام القرآن لابن العربي 1/ 599.

(4)

في ط: "أو يصلوب" وهو تصحيف.

(5)

في ط: "يقتلوا".

(6)

في ز: "الأموال".

(7)

انظر: أحكام القرآن لابن العربي 1/ 599.

(8)

ما بين المعقوفتين ورد في ط بلفظ: "الإضمار فيه معنى ذكاة الجنين هي لا تحتاج إلى ذلك".

(9)

في ط: "ذكاة مثل ذكاة".

ص: 365

قوله: (وعلى الإِطلاق دون التقييد).

ش: هذه (1) حقيقة خامسة (2).

مثاله قوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (3).

قال مالك: مطلق الشرك محبط للعمل (4) بدليل قوله تعالى [: {وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ} (5).

وقال الشافعي: يقيد بالوفاة على الكفر (6) بدليل قوله تعالى] (7): {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكمْ عَن دِينهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النًّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} (8)، فيحمل (9) المطلق على المقيد.

وقال مالك (10): ليس هذا من باب حمل المطلق على المقيد، وإنما هو من باب ترتيب مشروطين على شرطين، فالمشروطان هما:[الحبوط والخلود، والشرطان هما](11): الردة، والموت عليها، فالأول للأول، والثاني للثاني،

(1) في ز: "هذا".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 112، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 99، شرح الكوكب المنير 1/ 296.

(3)

آية 65 من سورة الزمر.

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 112، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47.

(5)

آية رقم 5 من سورة المائدة.

(6)

في ط: "الفكر" وهو تصحيف.

(7)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(8)

آية رقم 217 من سورة البقرة.

(9)

في ز: "فحمل".

(10)

هذا جواب على مذهب الشافعي.

(11)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

ص: 366

فالحبوط للردة، والخلود للموت عليها، ولكن الإطلاق أولى؛ إذ الأصل (1) عدم التقييد (2).

قوله: (وعلى التأصيل دون الزيادة).

ش: هذه (3) حقيقة سادسة (4).

مثاله قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} (5).

قيل: "لا" زائدة (6) وأصل الكلام: أقسم بهذا البلد.

وقيل (7): ليست بزائدة (8)، وتقدير الكلام: لا أقسم بهذا البلد (9) وأنت

(1) المثبت من ز، وفي الأصل:"من عدم".

(2)

ذكر هذا الجواب بمعناه المسطاسي في شرح التنقيح ص 47.

(3)

في ز: "هذا".

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 113، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، شرح الكوكب المنير 1/ 296.

(5)

آية رقم 1، 2 سورة البلد.

(6)

نسبه القرطبي للأخفش وهذا هو القول الأول.

انظر: تفسير القرطبي 20/ 59.

(7)

وهو قول أهل التأويل كما ذكره ابن النحاس، وهذا هو القول الثاني.

القول الثالث: أن "لا" صلة.

القول الرابع: أن "لا" بمعنى "ألا"، ذكره الأخفش.

القول الخامس: أن "لا" للتوكيد، يقول القائل: لا والله.

انظر: إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس 5/ 227، أحكام القرآن لابن العربي 4/ 1933، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 20/ 59.

(8)

المثبت من ط، وفي الأصل:"بزيادة".

(9)

"البلد" ساقطة من ز.

ص: 367

لست فيه، بل لا يعظم ولا يصلح للقسم إلا إذا كنت (1) فيه (2).

قوله: (وعلى الترتيب دون التقديم والتأخير).

ش: هذه (3) حقيقة سابعة (4).

[مثاله](5) قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ (6) مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ من قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا} (7).

فظاهر الآية: أن الكفارة لا تجب إلا بالوصفين (8) المذكورين قبلها وهما: الظهار والعودة.

وقيل: في الآية تقديم وتأخير تقديره: والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة ثم يعودون لما قالوا، أي: لما كانوا عليه قبل الظهار سالمين (9) من الإثم بسبب فعل الكفارة، فعلى هذا لا يكون العود شرطًا في كفارة (10)

(1) في ط: "كانت".

(2)

يقول المسطاسي في شرح التنقيح (ص 47): غير أن هذا فيه إضمار والأصل عدمه، إلا أن الإضمار يترجح لكثرته، وقد ترجح على الزيادة ها هنا لقلتها بالنسبة إلى الإضمار المذكور.

(3)

في ز: "هذا".

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 113، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، شرح الكوكب المنير 1/ 296.

(5)

المثبت بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل وط:"معناه".

(6)

في الأصل وز وط (يظَّهَّرون) بدون ألف مع فتح الظاء والهاء وتشديدهما وهي: قراءة ورش. انظر هذه القراءة في النشر في القراءات العشر 2/ 385.

(7)

آية رقم 3 سورة المجادلة.

(8)

في ط: "في الوصفين".

(9)

في ط: "وسالمين".

(10)

في ط: "كفار".

ص: 368

الظهار، بل تجب الكفارة على هذا القول بنفس (1) الظهار، هكذا قدره (2) المؤلف في الشرح (3).

وقدر (4) المكي في مشكل الإعراب هذا القول فقال: في الكلام تقديم وتأخير تقديره: والذين يظاهرون من نسائهم فعليهم تحرير رقبة لما قالوا، أي: لما نطقوا به من الظهار، أي للفظهم بالظهار ثم يعودون يعني للوطء، فاللام على هذا القول في قوله:{لِمَا قَالُوا} متعلقة بقوله: {فَتَحْرِيرُ} (5).

وقوله تعالى (6): {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} (7) على القول الأول، اللام متعلقة بقوله:{يَعُودُونَ} (8).

وقوله: {لِمَا قَالُوا} "ما" والفعل مصدر تقديره: ثم يعودون لقولهم،

(1) في ز: "في نفس".

(2)

في ز: "قرر".

(3)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 111، وفي ط وز:"في الشرح على هذا القول".

(4)

في ز: "وقرر".

(5)

قد نقل المؤلف بالمعنى ونص كلام مكي: وقال الأخفش: اللام متعلقة بـ "تحرير"، وفي الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: فعليهم تحرير رقبة لما نطقوا به من الظهار، وتقدير الآية عنده: والذين يظاهرون من نسائهم فعليهم تحرير رقبة للفظهم بالظهار ثم يعودون للوطء.

انظر: كتاب مشكل إعراب القرآن 2/ 363.

(6)

"تعالى" لم ترد في ط.

(7)

المجادلة آية رقم (3).

(8)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"يقولون".

ص: 369

وهذا المصدر الذي هو القول، هو (1) في موضع المفعول كقولهم: هذا الدرهم ضرب الأمير، معناه: مضروب (2) الأمير، فتقدير الآية: ثم يعودون للمقول فيهن الظهار، وهو (3): الزوجات، أي ثم يعودون لوطء المقول فيه (4) الظهار.

واختلف أصحاب مالك في المراد بالعود المذكور في الآية:

قيل (5): العزم على الوطء.

وقيل: العزم على الإمساك.

وقيل: العزم عليهما معًا، أي: على الوطء وعلى الإمساك.

قال ابن الحاجب: والعود في الموطأ العزم على الوطء والإمساك معًا، وفي المدونة: على الوطء خاصة، وروي على الإمساك خاصة (6).

قوله: (وعلى التأسيس (7) دون التأكيد).

ش: هذه (8) حقيقة ثامنة (9).

(1)"هو" ساقطة من ط وز.

(2)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"مضرب".

(3)

في ط وز: "وهن".

(4)

في ط: "فيهن".

(5)

في ز: "فقيل".

(6)

انظر: الفروع لابن الحاجب ورقة 55/ أمخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.

(7)

في ز: "التأسي".

(8)

في ز: "هذا".

(9)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 113، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، شرح الكوكب المنير 1/ 297.

ص: 370

مثاله: قوله تعالى: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} (1).

قيل: هذه الألفاظ (2) الثلاثة (3) مترادفة، والمراد (4) جميعها (5): الكفر، والفسوق (6) والعصيان مؤكدان (7) للكفر.

وقيل: الفسوق ما دون الكفر من الكبائر، والعصيان هو: الصغائر، فكل واحد منها (8) مؤسس لمعنى غير الذي أسسه الآخر، فيقدم التأسيس على التأكيد؛ [لأن التأسيس يفيد زيادة معنى، والأصل في الخطاب الإفادة، وإفادة التأسيس تزيد على إفادة التأكيد](9).

ومثال (10) هذا (11) أيضًا: قوله تعالى في سورة الرحمن: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} من أول السورة إلى آخرها.

قال المؤلف في الشرح: هو تأسيس لا تأكيد، قال. وإنما قلنا: هو تأسيس لا تأكيد؛ لأن العرب لا تزيد (12) في التأكيد على (13) أكثر من

(1) آية 7 سورة الحجرات.

(2)

"الألفاظ" ساقطة من ز.

(3)

في ط: "الثالثة" وهو تصحيف.

(4)

في ط: "والمرادف" وهو تصحيف.

(5)

في ط وز: "بجميعها".

(6)

في ط: "فالفسوق".

(7)

في ط: "ومؤكدان".

(8)

في ط: "منهما".

(9)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(10)

في ز: "ومثاله".

(11)

"هذا" ساقطة من ز.

(12)

في ز: "تزد".

(13)

"على" ساقطة من ط.

ص: 371

ثلاث (1) مرات، فلا تأكيد (2) في السورة ألبتة؛ فإن قوله تبارك وتعالى:{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكمَا تُكَذِّبَانِ} يحمل في كل موضع على الذي يليه من قبله، ويكون التكذيب ذكر باعتبار ما قبل ذلك اللفظ خاصة، فلا تكرار في السورة أصلًا، فقوله تعالى (3) مثلًا:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (4) المراد بالآلاء ها هنا: خروج اللؤلؤ والمرجان خاصة، وهكذا تقول في كل موضع من أول السورة إلى آخرها. انتهى (5).

قال ابن قتيبة (6) في كتاب تأويل المشكل: ومثال هذا: قولك للرجل وقد أحسنت إليه دهرك وتابعت عليه نعماءك وهو في ذلك ينكرك (7) ويكفرك:

(1) في ط: "ثلاثة".

(2)

في ط: "تكيد".

(3)

في ز: "تبارك وتعالى".

(4)

آية رقم 22، 23 سورة الرحمن.

(5)

نقل المؤلف بالمعنى.

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 113.

(6)

هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري، ولد ببغداد سنة ثلاث عشرة ومائتين (213 هـ) ونشأ بها وتأدب، وحدّث بها عن إسحاق بن راهويه، وأبي حاتم السجستاني، وكان ثقة فاضلاً عالمًا باللغة والنحو وغريب القرآن ومعانيه، والشعر والفقه، تولى القضاء بمصر، توفي سنة 276 هـ، من مصنفاته:"غريب القرآن"، "تأويل مشكل القرآن""إعراب القرآن"، "تأويل مختلف الحديث"، "مشكل الحديث"، "أدب الكاتب"، "طبقات الشعراء".

انظر ترجمته في: وفيات الأعيان، 3/ 42 - 44، إنباه الرواة 2/ 143 - 147، تاريخ بغداد 10/ 170، شذرات الذهب 2/ 169، بغية الوعاة 2/ 63، طبقات النحويين للزبيدي ص 183.

(7)

في ز: "ينكر لك".

ص: 372

ألم أبوئك منزلاً وأنت طريد، أفتنكر هذا؟ ألم أحملك وأنت راجل، أفتنكر هذا؟ ألم أحج بك وأنت صرورة (1)؟ أفتنكر هذا؟ انتهى (2).

قال المؤلف في الشرح: وكذلك القول في سورة {والمرسلات} ، فقوله:{وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذّبِينَ} يرجع كل لفظ من ذلك إلى الذي يليه من قبله خاصة، فيكون الجميع تأسيسًا لا تأكيدًا (3).

قوله: (وعلى البقاء دون النسخ).

ش: هذه (4) حقيقة تاسعة (5)، وإنما قدم (6) البقاء على النسخ؛ لأن ما ثبت وجوده يجب استصحابه فلا يرفع بالنسخ إلا بدليل.

مثاله: قوله تعالى: {قُل لَاّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعمٍ يَطْعَمُهُ إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمَاً مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلًّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} (7).

فحصر المحرم في هذه الأربعة يقتضي إباحة ما عداها، ومن جملة ما

(1) في لسان العرب: رجل صرور وصرورة لم يحج قط، وهو المعروف في الكلام، وأصله من الصر: الحبس والمنع.

انظر: لسان العرب مادة: (صرر).

(2)

انظر تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة في باب تكرار الكلام ص 239، 240.

(3)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 113.

(4)

في ز: "هذا".

(5)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 113، شرح التنقيح للمسطاسي ص 47، شرح الكوكب المنير 1/ 298، 299.

(6)

في ط وز: "يقدم".

(7)

آية 145 من سورة الأنعام.

ص: 373

عداها السباع، وقد ورد النهي عنها في (1) قوله عليه السلام:"نهيت عن أكل كل (2) ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطيور"(3).

فاختلف العلماء في ذلك:

فمنهم (4) من قال: هذا الحديث (5) ناسخ للإباحة المضمنة (6) في الآية المذكورة.

ومنهم من قال: ليس بناسخ، فقوله في الحديث:"نهيت (7) عن أكل كل (8) ذي ناب من السباع"، الأكل مصدر أضيف إلى الفاعل دون المفعول،

(1) في ز: "بقوله".

(2)

"كل" ساقطة من ط.

(3)

أخرجه الإمام مسلم عن ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السباع، وعن كل ذي مخلب من الطير" كتاب الصيد، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، رقم الحديث 1934 (3/ 1534).

وأخرجه أبو داود عن ابن عباس قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل كل ذي ناب من السبع وعن كل ذي مخلب من الطير"، رقم الحديث العام 3803 (3/ 355).

وأخرجه أيضًا النسائي عن أبي ثعلبة الخشني أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع كتاب الصيد، باب تحريم أكل السباع (7/ 200).

وأخرجه ابن ماجه في كتاب الصيد (2/ 1077).

وأخرجه الدارمي في كتاب الأضاحي، باب ما لا يؤكل من السباع (2/ 85).

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 114.

(5)

في ط: "الحديد" وهو تصحيف.

(6)

في ط: "المضمة".

(7)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"نهى".

(8)

"كل" ساقطة من ط.

ص: 374

وهو الأصل في إضافة المصدر بنصر (1) النحاة، فيكون الخبر (2) مثل: قوله تعالى: {وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} (3)، فيكون حكمها (4) واحدًا، هكذا (5) قال المؤلف في الشرح (6).

ولكن هذا الذي قاله (7) ضعيف في العربية؛ لأن المصدر كما يضاف إلى فاعله ويحذف مفعوله، كذلك يضاف إلى مفعوله ويحذف فاعله.

مثال إضافته إلى فاعله مع حذف مفعوله: قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ} (8).

ومثال إضافته إلى مفعوله مع (9) حذف فاعله: قوله تعالى: {لا يَسْأَمُ الإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ} (10) فلا ترجيح لأحد الوجهين على الآخر، وإنما محل الترجيح بين (11) إضافته إلى الفاعل أو المفعول (12)، فهو إذا ذكر الفاعل والمفعول معًا فها هنا ترجيح (13) إضافته إلى الفاعل؛ لأن رتبة (14) الفاعل

(1) في ط: "بنصب".

(2)

في ز: "الخبر أي الحديث".

(3)

آية 3 من سورة المائدة.

(4)

في ز: "حكمًا".

(5)

في ط: "كذا".

(6)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 114.

(7)

بدأ المؤلف بالرد على قول القرافي السابق.

(8)

آية 114 سورة التوبة.

(9)

في ز: "وحذف".

(10)

آية 49 سورة فصلت.

(11)

في ط: "الترجيح، الترجيح بين إضافته".

(12)

في ط وز: "والمفعول".

(13)

في ط: "يترجح"، وفي ز:"ترجح".

(14)

في ط: "مزية".

ص: 375

التقديم.

مثال إضافته إلى الفاعل: قوله تعالى: {وَلَوْلا دَفْعُ (1) اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ} (2).

ومثال إضافته إلى المفعول: قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (3).

ومنهم من قال: لا دليل في هذه الآية؛ لاحتمال أن تكون "من" بدلًا من الناس.

ومثاله (4) مضافًا إلى المفعول قول الشاعر:

تنفي يداها الحصى في كل هاجرة

نفي الدنانير تنقاد الصياريف (5)

وزعم بعضهم: أن هذا القسم مخصوص بضرورة الشعر.

(1) في ز: "دفاع".

(2)

آية رقم 251 سورة البقرة.

(3)

آية 97 سورة آل عمران.

(4)

في ط: "وأمثاله".

(5)

قائل هذا البيت هو الفرزدق، وفي المقتضب "الدراهيم" بدل الدنانير.

"الهاجرة": اشتداد الحر، "تنقاد" من نقد الدراهم وهو التمييز بين جيدها ورديئها، وصف ناقته بسرعة السير في الهواجر فيقول: إن يديها لشدة وقعها في الحصى ينفيانه فيقرع بعضه بعضًا ويسمع له صوت كصوت الدراهم إذا انتقدها الصيرفي.

انظر: ديوان الفرزدق ص 570، الكتاب 1/ 10، المقتضب للمبرد 2/ 256، خزانة الأدب 2/ 255، الخصائص 2/ 315، أمالي الشجري 1/ 221، الإنصاف 2/ 255، شرح التصريح 2/ 317.

ص: 376

قال المرادي: الصحيح جوازه في السعة (1)، ولكن هو قليل (2).

واعلم أن المصدر المضاف له خمسة أوجه:

أحدها: أن يضاف إلى الفاعل ويحذف المفعول، كقوله تعالى:{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ} (3).

والثاني: أن يضاف إلى المفعول ويحذف الفاعل، كقوله تعالى:{لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ} (4).

الثالث (5): أن يضاف إلى الفاعل وينصب مفعوله، كقوله تعالى:{وَلَوْلَا دَفْعُ (6) اللَّهِ النَّاسَ} (7).

الرابع (8): أن يضاف إلى مفعوله ويرفع فاعله، كقوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} (9).

الخامس (10): أن يضاف إلى الظرف، ويرفع فاعله، وينصب مفعوله،

(1) في ط: "التسعة".

(2)

انظر: شرح الألفية للمرادي 3/ 12، 13.

(3)

آية 114 سورة التوبة.

(4)

آية رقم 49 من سورة فصلت.

(5)

في ط وز: "والثالث".

(6)

"دفاع" بكسر الدال وألف بعد الفاء، على قراءة نافع، والباقون:"دفع" بفتح الدال وإسكان الفاء من غير ألف.

انظر: التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو عثمان الداني ص 82.

(7)

آية رقم 251 من سورة البقرة.

(8)

في ط وز: "والرابع".

(9)

آية رقم 97 سورة آل عمران.

(10)

في ز: "والخامس".

ص: 377

كقولك: عجبت من انتظار يوم الجمعة زيد عمرًا.

قوله: (وعلى الشرعي دون العقلي).

هذه (1) حقيقة عاشرة (2).

مثاله: قوله عليه السلام: "الاثنان فما فوقهما جماعة"(3).

فإن حملناه على أنه (4) حصل لهما الاجتماع فذلك معلوم بالعقل، وإن حملناه على أنهما حصل لهما فضيلة (5) الجماعة فذلك معلوم بالشرع، فهو: حكم شرعي وهو: أولى؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بُعث لبيان الشرعيات لا لبيان العقليات؛ لأنه (6) يستبد العقل بإدراكها.

قوله: (وعلى العرفي دون اللغوي).

(1) في ز: "هذا".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 114، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 48.

(3)

أخرجه ابن ماجه عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اثنان فما فوقهما جماعة".

أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة، باب الاثنان جماعة، رقم الحديث العام 972 (1/ 312).

وأخرجه أيضًا الدارقطني (1/ 280)، والبيهقي (3/ 69) في سننهما، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 531)، كلهم من طريق الربيع بن بدر، عن أبيه، عن جده، والربيع ابن بدر متروك، ووالده وجده مجهولان.

انظر: المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج، والمختصر للزركشي، ص 148.

(4)

في ز: "أنهما".

(5)

في ط: "فضل".

(6)

في ط وز: "لأن العقليات".

ص: 378

ش: هذه (1) الحقيقة الحادية عشرة (2).

إنما يقدم (3) العرف على اللغة؛ لأن العرف ناسخ للغة، فالناسخ مقدم على المنسوخ، والعرف على ضربين:

عرف شرعي، وعرف عامي.

مثال الشرعي (4): قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة بغير (5) طهور" فإن حملناه على اللغوي، الذي هو: الدعاء لزم منه توقف قبول الدعاء على الطهارة ولا قائل به، فيحمل على الصلاة في عرف الشرع، وهي: العبادة المخصوصة بركوع وسجود، فيستقيم المعنى (6)؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بُعث لتعريف الشرعيات لا لتعريف موضوعات اللغة.

وركبوا على هذا المبنى (7)[فروعًا (8) وهي](8):

من حلف ليطأن جاريته (9) فوطئها حائضًا ففي حنثه قولان:

من حمل الوطء على الشرعي قال: هو حانث؛ لأنه لم يأت بالوطء

(1) في ز: "هذا هو الحقيقة".

(2)

هذا هو الأولى، وفي الأصل وز وط:"عشر".

(3)

في ز: "قدم".

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 114، شرح التنقيح للمسطاسي ص 48، شرح الكوكب المنير 1/ 299، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 123.

(5)

في ط: "إلا".

(6)

"المعنى" ساقطة من ط وز.

(7)

"المبنى" ساقطة من ط.

(8)

المثبت من بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل وط:"فرعًا وهو".

(9)

في ز: "جارية".

ص: 379

الشرعي (1) عاص بهذا الوطء.

ومن حمل على الوطء اللغوي، قال: هو غير حانث؛ لأنه أتى بالوطء اللغوي.

وكذلك عكس هذا الفرع: وهو إذا حلف ليطأن جاريته فوجدها حائضًا ولم يطأها ففيها (2) قولان أيضًا (3):

قيل: لا يحنث لعدم إمكان الوطء الشرعي (4).

وقيل: يحنث لإمكان الوطء اللغوي، وهو لم يفعله.

و (5) قال ابن الحاجب: ولو حلف ليطأنها فوجدها حائضًا: فقولان (6).

ولو وطئها (7) ففيه (8) قولان (9) [أيضًا:

قيل: لا يحنث لعدم إمكان الوطء الشرعي.

وقيل: يحنث لإمكان الوطء اللغوي (10)] (11).

(1) في ز: "بوطء شرعي لأنه عاص

"، وفي ط: "بالوطء الشرعي لأنه عاص".

(2)

في ز: "ففي حنثه".

(3)

"أيضًا" ساقطة من ز.

(4)

"الشرعي" ساقطة من ز.

(5)

"الواو" ساقطة من ط.

(6)

في ط: "قولان".

(7)

في ز: "ولو وطئ".

(8)

"ففيه" ساقطة من ط وز.

(9)

في ط وز: "فقولان"

(10)

انظر: الفروع لابن الحاجب ورقة 37/ ب مخطوط بالمكتبة العامة بالرباط رقم د 887.

(11)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.

ص: 380

ومثال العرف العامي (1): إذا قال واحد من العوام لامرأته: أنت طالق أن دخلت الدار بفتح همزة "أن"، فهو في عرف العامة:[تعليق](2)، فلا ينجز الطلاق [بدون الدخول؛ إذ لا فرق عند العوام بين فتح الهمزة وكسرها؛ لأنهم لا يلتزمون موضوعات اللغة](3).

وأما في عرف اللغة: فينجز الطلاق عليه؛ لأن "أنْ" بفتح (4) الهمزة لا تعليق فيها، وإنما هو علة حصلت، ولو نطق بهذا الكلام نحوي لكان من أهل اللغة، فيحمل كلامه على المقتضى (5) اللغوي؛ لأنه خرج عن العرف.

قوله: (إِلا أن يدل دليل (6) على خلاف ذلك؛ لأن جميع ما ادعينا (7) تقديمه (8) ترجح عند العقل احتمال وقوعه على ما يقابله، والعمل بالراجح متعين).

ش: يعني أن تقديم الحقائق المتقدمة كلها على مقابلاتها [إنما ذلك إذا لم توجد قرينة حالية، أو مقالية تدل على (9) مقابلاتها](10)، أما (11) إن كانت

(1) في ز: "العام".

(2)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"متعلق".

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(4)

في ط: "ينفتح".

(5)

في ز: "على مقتضى اللغة".

(6)

في ط: "الدليل".

(7)

في أ: "ما ادعيناه".

(8)

في ط: "تقديمه من الألفاظ

" إلخ.

(9)

في ز: "على تقديم مقابلاتها".

(10)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(11)

في ط: "وأما".

ص: 381

هنالك قرينة تدل على تقديم مقابلاتها؛ فإنها تقدم على الحقائق المحكوم عليها أولاً (1) بالتقديم.

كقولك مثلًا: رأيت أسدًا يلعب بسيفه، [فيقدم المجاز على الحقيقة في هذا الكلام؛ لوجود قرينة ترجحه (2) على الحقيقة، والقرينة هي: قولك: يلعب بسيفه](3).

قوله: (إِلا أن يدل دليل على خلاف ذلك) الإشارة عائدة (4) إلى جميع الحقائق المقدمات (5) على غيرها.

قوله: (والعمل بالراجح متعين).

يعني: أن العمل بالراجح لازم شرعًا وعقلاً وطبعًا.

أما قولنا: شرعًا فدليله: قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكم مِّن رَبِكُم} (6).

وقوله تعالى: {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} (7)، فالأحسن هو (8) الأقوى (9) والأرجح في

(1) في ط: "ولا".

(2)

في ز: "رجحته".

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(4)

"عائدة" ساقطة من ط، وفي ز:"راجعة".

(5)

في ز: "المقدمة".

(6)

آية 55 من سورة الزمر.

(7)

آية رقم 18 من سورة الزمر.

(8)

"هو" ساقطة من ز.

(9)

في ز: "والأقوى".

ص: 382

الاعتبار.

وأما قولنا: عقلاً فدليله (1): أنا نجد ذلك من أنفسنا (2) مركوزًا في فطرنا (3).

وأما قولنا: طبعًا، فدليله: أن البهائم التي لا تعقل إذا رأت ما هو مضر لها فرّت منه (4)؛ لأن فرارها مظنة السلامة منه وثبوتها مظنة [الضرر](5)، ومظنة السلامة أرجح فعملت بالراجح، وبالله التوفيق بمنه.

قوله: (فروع أربعة: الأول يجوز عند المالكية والشافعي (6)، وجماعة من أصحابه: استعمال اللفظ في حقائقه إِن كان مشتركًا، أو مجازاته، أو مجازه (7) وحقيقته (8)، ويشترط فيه دليل يدل على وقوعه).

ش: هذا هو المطلب الثاني من مطلبي الباب.

قال المؤلف في الشرح: أريد بقولي: وجماعة من أصحابه: أصحاب (9)

(1) في ز: "فدليلنا".

(2)

في ط: "في نفوسنا".

(3)

في ز: "فطرتنا".

(4)

"منه" ساقطة من ز.

(5)

المثبت بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل وط:"الضرورة".

(6)

في ز: "والشافعية".

(7)

"أو مجازه" ساقطة من ط.

(8)

في أوخ وز وش وط: "وحقيقته خلافًا لقوم".

(9)

"أصحاب" ساقطة من ط.

ص: 383

مالك، وسبق (1) القلم إلى المالكية، وصوابه: يجوز عند مالك والشافعي وجماعة من أصحاب مالك (2).

ذكر المؤلف (3)[ثلاث](4) مسائل بالجواز عند مالك، والشافعي، وجماعة من أصحاب مالك:

المسألة الأولى: استعمال اللفظ المشترك في مجموع معانيه نحو: القرء في الطهر والحيض، والجون في الأسود والأبيض (5)، ولفظ العين للباصرة (6) والفوارة (7)، وإلى هذه المسألة أشار المؤلف بقوله:(استعمال (8) اللفظ في حقائقه إِن كان مشتركًا).

المسألة الثانية: استعمال اللفظ في مجموع مجازاته، نحو: استعمال لفظ البحر في العالم والسخي، وإلى هذه المسألة أشار المؤلف بقوله:(أو مجازاته).

المسألة الثالثة: استعمال اللفظ في مجموع حقيقته ومجازه، نحو: استعمال لفظ الغزالة في مجموع الحيوان المعلوم والمرأة الجميلة، وإلى

(1) في ز: "فسبق".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 118، شرح التنقيح للمسطاسي ص 48.

(3)

في ز وط: "وذكر المؤلف في هذا الفرع

" إلخ.

(4)

المثبت بين المعقوفتين من ز، وفي الأصل وط:"ثلاثة".

(5)

في ز: "الجون للأبيض والأسود".

(6)

في ط: "الباصرة".

(7)

في ط وز: "والفوارة مثلًا".

(8)

في ز: "يجوز استعمال".

ص: 384

هذه المسألة الثالثة أشار المؤلف بقوله (1): (أو مجازه وحقيقته).

قوله: (خلافًا لقوم) راجع إلى المسائل [الثلاث](2)، وذلك أن العلماء اختلفوا في استعمال اللفظ المشترك في معنييه الحقيقيين (3)، أو مجازيه أو في (4) حقيقته ومجازه معًا:

فقيل: بالجواز.

وقيل: بالمنع.

فإذا قلنا بجوازه، هل ذلك الاستعمال مجاز؟

وهو الذي نقله المؤلف هنا (5) عن مالك، والشافعي (6)، وجماعة من أصحاب مالك.

أو ذلك (7) الاستعمال حقيقة، وهو مذهب القاضي الباقلاني (8)، وجماعة

(1)"بقوله" ساقطة من ط.

(2)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"الثلاثة".

(3)

في ط وز: "الحقيقتين".

(4)

"في" ساقطة من ز.

(5)

في ط: "ها هنا".

(6)

مذهب الشافعي رضي الله عنه: جواز الاستعمال حقيقة.

انظر: شرح المحلي على متن جمع الجوامع 1/ 295، نهاية السول في شرح منهاج الأصول 2/ 123.

ويقول القرافي مبينًا مذهب الشافعي: ولعل الشافعي رضي الله عنه يريد بأنه حقيقة أنه في كل فرد على حياله لا في الجميع، فلما كان مشتملاً على الحقيقة من حيث الجملة سماه حقيقة توسعًا.

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 116.

(7)

في ط: "وذلك".

(8)

انظر: المصادر السابقة.

ص: 385

من المعتزلة كالقاضي عبد الجبار (1)، وغيره.

وإذا قلنا بمنع استعماله:

فقيل: يمنع ولا يستعمل حقيقة (2) ولا مجازًا، ويجوز (3) إرادة، أي: يجوز (4) استعماله بالنظر إلى إرادة المتكلم لا بالنظر إلى اللغة؛ لأن لكل (5) متكلم أن يريد (6) بلفظه ما شاء، قاله الغزالي (7) وأبو الحسن (8) البصري (9).

وقيل: لا يجوز استعماله أصلاً لا حقيقة، ولا مجازًا، ولا إرادة، قاله

(1) هو القاضي عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن الخليل بن عبد الله الهمذاني، سمع من إبراهيم القزويني، وعبد الله بن جعفر الأصبهاني، وعبد الرحمن ابن حمدان الجلاب، وكان معتزليًا في الأصول وشافعيًا في الفروع، وله ذكر شائع بين الأصوليين، ولي القضاء بالري، ورحل إلى بغداد وحدّث بها، واستقر بالري مواظبًا على التدريس، توفي سنة (415 هـ)، من مصنفاته:"النهاية في أصول الفقه"، "العمد وشرحه" في أصول الفقه.

انظر: تاريخ بغداد 11/ 113، 114، شذرات الذهب 3/ 202، الطبقات الكبرى للسبكي، تحقيق الطناحي والحلو 5/ 97، مرآة الجنان لليافعي 3/ 29، ميزان الاعتدال 2/ 533، طبقات المعتزلة ص 118 - 121.

(2)

في ط وز: "لا حقيقته".

(3)

المثبت من ط، وفي الأصل وز:"أو يجوز".

(4)

في ط: "ويجوز".

(5)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"كل".

(6)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"متكلم يريد".

(7)

انظر: شرح المحلي على جمع الجوامع 1/ 196، نهاية السول وحواشيه 2/ 124، الإحكام للآمدي 2/ 242.

(8)

المثبت من ز، وفي الأصل:"والحسن البصري"، وفي ط:"وأبو إسحاق البصري" وهو وهم من الناسخ، والصواب أبو الحسين البصري.

(9)

انظر: المعتمد لأبي الحسين البصري 1/ 17، والمصادر السابقة.

ص: 386

جماعة من المالكية، وجماعة من المعتزلة.

قوله: (يجوز استعمال اللفظ في حقائقه).

قال سيف الدين (1): يشترط في هذا الاستعمال الذي هو (2) محل الخلاف شروط:

أن يكون اللفظ من متكلم واحد في وقت واحد.

وأن (3) يمكن الجمع بين المعنيين وإن (4) لم تكن الفائدة فيهما واحدة (5).

فقولنا (6) في القيد الأول: أن يكون المتكلم واحدًا: احترازًا من المتكلمين؛ فإنه يجوز لأحدهما أن يستعمل المشترك في أحد معنييه (7)، ويستعمله الآخر في المعنى الآخر بإجماع.

وقولنا: في وقت واحد (8): احترازًا [مما](9) إذا (10) استعمل (11) المتكلم

(1) في ز: "سيف الدين الآمدي".

(2)

"هو" ساقطة من ط.

(3)

المثبت من ز، ولم ترد "أن" في الأصل وط.

(4)

المثبت من ط، ولم ترد "إن" في الأصل وز.

(5)

انظر: الإحكام للآمدي 2/ 242.

ويقول المسطاسي (ص 48): "محل النزاع بما اجتمعت فيه هذه القيود".

(6)

بدأ المؤلف بشرح كلام الآمدي نقلاً من شرح التنقيح للقرافي ص 115.

وفي ز: "فقوله".

(7)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"معنيه".

(8)

في ز: "وقولنا في وقت واحد في القيد الثاني"، وفي ط:"وقولنا في القيد الثاني في وقت واحد".

(9)

المثبت بين المعقوفتين من ط، وفي الأصل وز:"من".

(10)

في ز: "أن".

(11)

في ز: "يستعمل".

ص: 387

اللفظ المشترك في أحد معنييه (1) في وقت، ثم استعمله (2) في وقت آخر في معنى آخر فإنه يجوز بإجماع (3).

قال المؤلف في الشرح: وبهذا يظهر لك بطلان استدلال الحنفية على أن المراد بقوله تعالى: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} (4): الحيض بقوله عليه السلام: "اتركي (5) الصلاة أيام أقرائك"؛ إذ معناه: أيام حيضك (6) باتفاق (7).

ولا دليل لهم في هذا على أن (8) المراد بالآية (9) المذكورة: الحيض (10)؛ لعدم

(1) المثبت من ز وط، وفي الأصل:"معنيه".

(2)

في ز: "ثم يستعمله".

(3)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 115. وذكر المسطاسي قيودًا أخرى وهي:

قوله: "اللفظ الواحد" احترازًا من اللفظين، فإنه يصح أن يريد بهما معنيين إجماعًا.

قوله: "إذا كان مشتركًا" احترازًا من إطلاق اللفظ المشترك بين معنيين مختلفين، والمقصود به أمر مشترك بينهما، كإطلاق لفظ القرء والمراد به معنى الجمع أو الانتقال أو الوقت دون غيره، فإن هذه جائزة إجماعًا.

قوله: "أو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر ولم تكن الفائدة فيهما واحدة" احترازًا من قوله: افعل كذا عند منكري الصيغة؛ فإنها مترددة عندهم بين الإيجاب، والندب، والإباحة، فلا يجوز أن يريد باللفظ جميعها إجماعًا لما فيه من الجمع بين النقيضين. اهـ بتصرف من شرح التنقيح للمسطاسي ص 48.

(4)

آية 228 سورة البقرة.

(5)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"اترك".

(6)

في ز: "حيضتك".

(7)

في ط: "إذ معناه أيام أقرائك؛ إذ معناه أيام حيضك باتفاق".

(8)

المثبت من ز، ولم ترد "أن" في الأصل وط.

(9)

في ز "في الآية".

(10)

المثبت من ز، ولم ترد "الحيض" في الأصل وط.

ص: 388

اتحاد (1) المتكلم ولعدم اتحاد الوقت، لأن المتكلم بالآية هو: الله تعالى، والمتكلم بالحديث المذكور هو: النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك أيضًا ورد في وقتين، وإنما قلنا: لا دليل لهم على تفسير الآية بالحديث المذكور؛ لأن المتكلم الأول قد يريد الطهر، والمتكلم الثاني قد (2) يريد الحيض (3)[ولم تكن الفائدة فيهما واحدة](4).

[وقولنا: في القيد الثالث (5): يمكن الجمع بينهما، احترازًا من استعمال المشترك مثلاً في معاني لا يمكن الجمع بينها، كاستعمال لفظ الأمر نحو: افعل، في الإيجاب والندب معًا، لا يجوز (6) إجماعًا؛ لأنه جمع (7) بين الضدين.

مثال ما يمكن الجمع بين معنييه: كما إذا حمل النكاح المذكور في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} (8) على عقد الأب ووطئه معًا.

وقولنا في القيد الرابع: ولم تكن الفائدة فيهما واحدة احترازًا من اللفظ المشترك إذا أريد به أمر مشترك بين معنييه.

(1) في ط: "إيجاد".

(2)

"قد" ساقطة من ط وز.

(3)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 115.

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط وز.

(5)

في ز: "والقيد الثالث: هو قولنا".

(6)

في ط: "فلا يجوز".

(7)

في ط: "جميع".

(8)

آية رقم 22 من سورة النساء.

ص: 389

مثاله: إذا أريد بلفظ: "القرء" معنى الجمع، أو الوقت، أو الانتقال، دون غيره فإنه جائز إجماعًا، وإنما الخلاف فيما (1) إذا أريد خصوص كل واحد من المعنيين (2)] (3).

قوله: (ويشترط فيه دليل يدل على وقوعه).

ش: أي: لا بد في هذا الاستعمال من دليل من (4) اللغة يدل على وجود هذا الاستعمال في اللغة، وهذا الدليل ذكره المؤلف في قوله:[لنا قوله](5) تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (6).

قوله: (وهذا الفرع مبني على قاعدة، وهي: أن المجاز على (7) ثلاثة أقسام: جائز (8) إِجماعًا وهو: ما اتحد محمله وقربت علاقته، وممتنع إِجماعًا، وهو: مجاز التعقيد، وهو: ما افتقر إِلى علاقات كثيرة نحو قول القائل: تزوجت بنت الأمير، ويفسر ذلك برؤيته لوالد عاقد الأنكحة بالمدينة، معتمدًا على أن النكاح (9) ملازم للعقد الذي هو ملازم للعاقد الذي هو ملازم لأبيه، ومجاز مختلف فيه وهو الجمع بين حقيقتين أو مجازين، أو

(1)"فيما" ساقطة من ط.

(2)

في ط: "من المعنيين مقام".

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط ، ولم يرد في الأصل، ويلاحظ تقدم القيد الرابع على الثالث في ط.

(4)

في ز: "في اللغة".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(6)

آية 56 سورة الأحزاب، وانظر شرح التنقيح للقرافي في ص 115.

(7)

"على" ساقطة من أوخ وش.

(8)

في ز: "قسم جائز".

(9)

المثبت من أوخ وز وش وط، وفي الأصل:"الناكح".

ص: 390

مجاز وحقيقة، فإِن الجمع بين حقيقتين مجاز وكذلك الباقي (1)؛ لأن اللفظ لم يوضع للمجموع فهو مجاز فيه، فنحن والشافعي (2) نقول بهذا المجاز وغيرنا لا يقول به).

ش: قوله: (وهذا الفرع مبني على قاعدة) معناه: وهذا الفرع الذي هو محل الخلاف يظهر من هذه القاعدة التي هي تنويع المجاز إلى ثلاثة أقسام وهي:

جائز باتفاق.

وممنوع باتفاق.

ومختلف فيه.

فالمجاز الذي هو جائز باتفاق فسره المؤلف بقوله: (وهو ما اتحد محمله وقربت علاقته (3)).

قوله: (ما اتحد محمله) أي: اتحد مدلوله، أي لم يتعدد مدلوله؛ كالأسد للرجل الشجاع، احترازًا من القسم الثالث؛ لأن مدلوله متعدد لا متحد، وهو: استعمال اللفظ في حقائقه، أو في (4) مجازاته أو في حقيقته ومجازه، وهو: القسم (5) الثالث المختلف فيه.

(1) في ش: "الناي".

(2)

في ش: "والشافعية".

(3)

في ط: "علاقة".

(4)

في ط: "وفي".

(5)

"القسم" ساقطة من ط.

ص: 391

ومعنى (1) قوله: (وقربت علاقته) أي: قرب فهم علاقته، أي (2) فهمت (3) ملازمته ومناسبته، احترازًا من القسم الثاني؛ لأن علاقته بعدت عن الفهم.

مثال هذا القسم: الأسد للرجل الشجاع؛ لأن مدلوله واحد (4) وهو الرجل الشجاع، وعلاقته مفهومة (5) فلا خلاف في جواز هذا القسم.

قوله: (وممتنع إِجماعًا) هذا (6) القسم الثاني يسمى عندهم بمجاز التعقيد [لكثرة عقداته وعلاقاته (7)، وهو ما تعدد محمله وبعدت علاقاته (8)، وسمي بمجاز التعقيد](9)، مأخوذ من العقد، وهو الربط؛ لأنه يصعب فهمه كما يصعب حل (10) المعقود (11) و (12) المربوط في المحسوسات.

وفسره المؤلف بقوله: (وهو ما افتقر إِلى علاقات كثيرة نحو قول

(1)"ومعنى" ساقطة من ط وز.

(2)

في ط وز: "معناه".

(3)

في ط: "فيمت".

(4)

"واحد" ساقطة من ط.

(5)

في ط وز: "مفهومة وهي الشجاعة".

(6)

في ط: "قوله هذا

" إلخ.

(7)

في ط: "وعلاقته".

(8)

في ط: "علاقته".

(9)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(10)

في ز: "حال".

(11)

"المعقود" ساقطة من ز، وفي ط:"المعقود للأنكحة".

(12)

"الواو" ساقطة من ز.

ص: 392

القائل: تزوجت بنت الأمير).

ش: معناه: رأيت والد العاقد للأنكحة، فأطلق التزويج على الرؤية، وأطلق البنت على الوالد، وأطلق الأمير على العاقد، فالعلاقة بين التزويج والرؤية: الملابسة، لأن الزوج لا بد أن يلابس الزوجة كما أن الرائي (1) يلابس المرئي، والعلاقة بين البنت والوالد: الولادة، والعلاقة بين الأمير والعاقد: الولاية، فهذه ثلاث (2) علاقات أي ثلاث (3) ملازمات كلها بعيدة عن الفهم وليست بقريبة.

قوله: (ويفسر ذلك برؤيته لوالد عاقد الأنكحة بالمدينة) أي: يفسر (4) معنى تزويجه لبنت الأمير برؤيته واجتماعه مع والد المقدم من جهة الأمير، كالقاضي مثلاً على عقد الأنكحة بالمدينة.

قوله: (معتمدًا على أن النكاح (5) ملازم للعقد الذي هو ملازم للعاقد الذي هو ملازم لأبيه).

معناه: معتمدًا في إطلاق هذا المجاز على أن نكاح بنت الأمير ملازم للعقد؛ إذ العقد من لوازم (6) النكاح؛ لأنه [سببه](7) المبيح له، والعقد ملازم

(1) في ز: "لا بد أن يلابس".

(2)

في ط: "ثلاثة".

(3)

في ط: "ثلاثة".

(4)

في ط: "ويفسر".

(5)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"الناكح".

(6)

في ط: "ملازم".

(7)

المثبت من "ز" وفي الأصل "سبب" وفي ط "لا سبب".

ص: 393

للعاقد (1)؛ لأن العقد من لوازم العاقد؛ لأنه فاعله، والعاقد ملازم لأبيه؛ لأن أباه مولده (2)، فقد رأى الأب واجتمع معه، فقد تجوز هذا الناطق بهذا الكلام بإطلاق التزويج على الرؤية، واعتمد في هذا التجوز (3) على نسبة مركبة من ثلاث علاقات، والعرب لا تجيز (4) مثل هذا، وإنما منع (5) هذا (6) لبُعد (7) علاقته؛ إذ من شرط العلاقة:[أن يكون لها](8) اختصاص وشهرة، ولا يكفي (9) فيها مجرد (10) الارتباط كيفما كان؛ ولأجل ذلك قال المؤلف: هو (11) ممتنع إجماعًا.

قوله: (ومجاز مختلف فيه) هذا هو القسم الثالث وهو: ما تعدد محمله وقربت علاقته.

قوله: (وهو: الجمع بين حقيقتين، أو مجازين، أو مجاز وحقيقة، فإِن الجمع بين حقيقتين مجاز، وكذلك الباقي؛ لأن اللفظ لم يوضع للمجموع فهو: مجاز فيه).

(1) في ط: "العاقد".

(2)

في ط: "مولود"، وفي ز:"والده".

(3)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"التزويج".

(4)

في ط: "لا تجز".

(5)

في ز: "امتنع".

(6)

"هذا" ساقطة من ز.

(7)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"البعد".

(8)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(9)

في ط وز: "يكتفى".

(10)

في ط وز: "بمجرد".

(11)

"هو" ساقطة من ز.

ص: 394

يعني بقوله: (الجمع بين حقيقتين) أن يجمع اللفظ بين المعنيين في الإرادة.

وأراد بقوله: (وكذلك الباقي): الجمع بين المجازين، والجمع بين مجاز وحقيقة في الإرادة.

قوله: (لأن اللفظ لم يوضع للمجموع)، هذا دليل على أن استعمال اللفظ في المسائل الثلاث (1) مجاز؛ وذلك (2) أن اللفظ لم تضعه العرب للمجموع، أي: لم تضعه (3) لمجموع المعاني، فإذا استعمل اللفظ في المجموع الذي لم يوضع له فهو: مجاز؛ لأنه لفظ مستعمل في غير ما وضع له.

قوله: (فهو مجاز فيه) أي: فهو مجاز في المجموع.

قوله: (لأن اللفظ لم يوضع للمجموع):

أما بالنسبة إلى الحقيقتين فلم يوضع لمجموعهما، وإنما وضع لكل واحد (4) منهما على البدلية دون الاجتماعية، وأما بالنسبة إلى المجازين فلم يوضع لمجموعهما أيضًا، ولا وضع لأحدهما، بل وضع لغيرهما.

وأما بالنسبة إلى الحقيقة والمجاز فلم يوضع لمجموعهما أيضًا، وإنما وضع للحقيقة دون المجاز.

قوله: (فنحن والشافعي نقول بهذا المجاز وغيرنا لا يقول به).

(1) المثبت من ط وز، وفي الأصل:"الثلاثة".

(2)

في ط: "وكذلك".

(3)

في ط: "لم تضعه العرب".

(4)

الصواب: "واحدة".

ص: 395

هذا تكرار لقوله: (أو لا يجوز (1) عند المالكية (2)، والشافعي، وجماعة من أصحابه استعمال اللفظ في حقائقه

) إلى آخره.

إنما (3) كرره المؤلف ليركب عليه الدليل على جوازه وهو قوله: (لنا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (4)) (5) فقد استعمل لفظ الصلاة في هذه الآية الكريمة في مجموع المعنيين: وهما الدعاء والإحسان.

قال بعضهم: لا دليل على ذلك في هذه الآية؛ لأنه يحتمل أن يكون في الكلام إضمار تقديره: إن الله يصلي على النبي وملائكته يصلون عليه (6)، فيكون هذا من باب حذف الأوائل لدلالة الأواخر (7).

ويحتمل وجه آخر في الآية وهو: أن يكون المراد بالصلاة في الآية أمرًا يشترك (8) فيه المعنيان اللذان هما الدعاء والإحسان (9) وهو العناية بأمر النبي صلى الله عليه وسلم (10)، وإظهار شأنه، وشرفه، فيكون لفظ الصلاة على هذا متواطئًا

(1) في ط: "ولا يجوز".

(2)

في ز: "عند مالك".

(3)

في ز: "وإنما".

(4)

آية 56 من سورة الأحزاب.

(5)

في أوخ وش: "لنا قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}: والصلاة من الملائكة الدعاء، ومن الله الإحسان فقد استعمل المعنيين".

(6)

في ز: "على النبي".

(7)

في ز: "الأواخر عليه".

(8)

في ز: "اشترك".

(9)

انظر هذا الكلام بمعناه في: شرح التنقيح للمسطاسي ص 49.

(10)

في ز وط: "عليه السلام".

ص: 396

لا مشتركًا.

قال المؤلف: عادة جماعة تفسير الصلاة من الله بالرحمة وذلك مستحيل؛ لأن (1) الرحمة رقة في الطبع، وذلك مستحيل في حق الله تعالى (2)، فلذلك فسرتها بالإحسان؛ لأنه ممكن في حق الله تعالى (3).

قال بعضهم: هذا وهم من المؤلف - رحمه الله تعالى (4) -؛ لأنه ورد الإذن في تسمية الله تعالى (5) بالرحمن الرحيم (6).

وأيضًا الرقة في الطبع إنما تلحق من له الطبع، والله تبارك وتعالى منزه عن ذلك.

ولنا دليل (7) آخر على جواز الاستعمال المذكور وهو: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} (8)، فاستعمل لفظ السجود في وضع الجبهة على الأرض وهو حقيقة

(1) في ز: "فإن".

(2)

"تعالى" لم ترد في ط.

(3)

نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 118.

وتأويل الرحمة بالإحسان مذهب الأشاعرة، وأما مذهب أهل السنة فهو إثبات صفة الرحمة بدون تأويل ولا تعطيل.

(4)

"تعالى" لم ترد في ز وط.

(5)

"تعالى" لم ترد في ط.

(6)

ذكر هذا الاستدراك بمعناه المسطاسي في شرح التنقيح ص 49.

(7)

في ز: "ولنا وجه".

(8)

قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} [آية 18 سورة الحج].

ص: 397

و (1) في الخضوع وهو مجاز (2).

وقال بعضهم: لا دليل في هذه الآية أيضًا على جواز ذلك الاستعمال؛ لأن الآية تحتمل الإضمار تقديره: ويسجد كثير من الناس (3).

ولنا دليل آخر على جواز الاستعمال المذكور وهو: قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (4)، فمحاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) حقيقة ومحاربة الله تعالى مجاز (6).

وقال بعضهم أيضًا: لا دليل في هذه الآية على ذلك (7)؛ لأن الآية (8) تحتمل الإضمار تقديره: يحاربون (9) أولياء الله، وهذه الآيات الثلاث (10) لا دليل فيها لوجهين:

أحدهما: احتمال الإضمار كما تقدم.

والثاني (11): إرادة القدر المشترك؛ فالمراد بالصلاة في الآية الأولى: مطلق الإحسان، والمراد بالسجود في الآية الثانية: مطلق الخضوع، والمراد

(1)"الواو" من ط وز، ولم ترد فى الأصل.

(2)

انظر وجه الاستدلال من الآية في شرح التنقيح للمسطاسي ص 49.

(3)

ذكر هذا الجواب المسطاسي في شرح التنقيح ص 49.

(4)

آية 33 من سورة المائدة.

(5)

في ط وز: "الرسول عليه السلام".

(6)

انظر وجه الاستدلال في المصدر السابق ص 49.

(7)

في ز: "على جواز الاستعمال المذكور".

(8)

في ز: "لأن الآية أيضًا".

(9)

انظر هذا الجواب في المصدر السابق ص 49.

(10)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"الثلاث الآيات".

(11)

في ط وز: "والوجه الثاني".

ص: 398

بالمحاربة في الآية الثالثة: مطلق المخالفة (1).

ذكر المؤلف دليلين لمسألتين: [أحدهما: دليل على جواز الاستعمال وهو هذه الآية المذكورة، والدليل الآخر دليل على أن (2) ذلك الاستعمال مجاز لا حقيقة](3)، وهو قوله:(لأن اللفظ لم يوضع للمجموع فهو مجاز فيه)، ولكن لو قدم دليل الجواز [وأخر دليل المجاز (4)](5) لكان أحسن؛ لأن المجاز ثان عن (6) الجواز.

قوله: (احتجوا بأنه يمتنع (7) استعماله حقيقةً لعدم الوضع ومجازًا؛ لأن العرب (8) لم تجزه (9)).

ش: هذه (10) حجة المانعين من استعمال اللفظ في حقيقتيه، أو مجازيه، أو حقيقته ومجازه.

بيان (11) هذه الحجة أن ذلك الاستعمال لا يخلو من أن يكون حقيقة، أو

(1) انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 49.

(2)

في ز: "على كون ذلك".

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(4)

المثبت من ط وفي الأصل: "الجواز".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(6)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"على الجواز".

(7)

في ز: "يمنع".

(8)

في أ: "لأن العرف لم يجزه".

(9)

في أوخ وش: "لم تجزه الجواب منع الثاني".

(10)

في ز: "هذا".

(11)

في ز: "وبيان".

ص: 399

مجازًا، وأيًا ما كان: فباطل، أما كونه لا يصح أن يكون حقيقة؛ فلأن اللفظ [لم يوضع](1) للمجموع - كما تقدم -، وأما كونه لا يصح أن يكون مجازًا؛ فلأن العرب لم تجزه.

قوله: (والجواب منع الثاني).

ش: هذا جواب عن دليل المانعين المذكور (2)، معناه: أن قولكم (3): لم تجز (4) العرب هذا المجاز لم يصح (5)، بل جوزت العرب هذا المجاز.

دليله: الآية المتقدمة وهي: قوله تعالى (6): {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (7)، وقوله تعالى (8):{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله: {وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} (9)؛ لأن السجود في هذه الآية الكريمة قد (10) استعمل في وضع الجبهة على الأرض بالنسبة إلى الناس، وفي الانقياد بالنسبة إلى غيرهم (11)؛ لأن السجود في حق الناس مخالف

(1) المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(2)

في ط: "المذكورين".

(3)

في ط وز: "قولهم".

(4)

في ط: "لم تجزه".

(5)

في ط: "لا يص".

(6)

"تعالى" لم ترد في ط.

(7)

آية رقم 56 من سورة الأحزاب.

(8)

في ط: "تعالى أيضًا".

(9)

آية 18 من سورة الحج.

(10)

في ط: "قال".

(11)

في ط وز: "غير الناس".

ص: 400

لسجود غير الناس.

وكذلك يدل على الجواز قوله تعالى: {يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} (1).

قوله: (الثاني (2): إِذا تجرد المشترك عن القرائن كان مجملاً لا يتصرف فيه إِلا بدليل يعين أحد مسمياته (3)، وقال الشافعي: أحمله (4) على الجميع احتياطًا).

ش: هذا هو الفرع الثاني من الفروع الأربعة المذكورة (5)، وهذا الفرع مبني ومركب على الفرع الأول، ومعنى ذلك: أن اللفظ المشترك إذا جاز استعماله في جميع معانيه، فهل يجب حمله على جميع معانيه عند تجرده عن القرائن أم لا؟ فالفرع الأول من باب الاستعمال، والفرع الثاني من باب الحمل.

قوله: (كان مجملاً لا يتصرف فيه إِلا بدليل).

مثال ذلك: إذا قال القائل للمخاطب: انظر إلى العين، فالعين لفظ مشترك يطلق على الباصرة والفوارة، وعين الميزان، وعين الشمس، وعين الرحى، وعين الركبة، ونفس الشيء، وخيار الشيء، وغير ذلك، فإذا لم يكن (6) هنالك قرينة تبين مراد المتكلم، فيجب التوقف حتى يرد البيان كسائر

(1) آية رقم [33 من سورة المائدة]، وفي ط وز: "وقوله تعالى: {يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [آية (22) سورة المجادلة] ولم ترد هذه الآية في الأصل.

(2)

في خ وش: "الفرع الثاني".

(3)

في أ: "مسماه".

(4)

في ش: "حمله".

(5)

"المذكورة" ساقطة من ط وز.

(6)

في ط وز: "تكن".

ص: 401

المجملات.

وقال الشافعي (1) وكذلك القاضي الباقلاني (2): يجب حمله على جميع معانيه، فهو من باب العمومات لا من باب المجملات، وإنما حمله على جميع معانيه احتياطًا لمراد المتكلم؛ فإنه إذا قال (3): انظر إلى العين فنظر (4) إلى جميع معانيه لا يشك (5) في حصول مراد المتكلم، وأما إذا نظر إلى بعض المعاني دون البعض فربما (6) لا يكون البعض المنظور إليه مراد المتكلم (7).

ولكن قالوا: هذا الدليل الذي هو الاحتياط ضعيف؛ لأنه (8) كما يحصل مراد المتكلم بتحصيل جميع معانيه قد يحصل بذلك أيضًا غير مراده، كما إذا قال (9): انظر إلى العين فنظر إلى عين امرأته (10)، أو نظر إلى ذهبه (11) فربما لا

(1) انظر نسبة هذا القول للإمام الشافعي في: البرهان للجويني مسألة رقم 246، 1 / ص 243، الإحكام للآمدي 2/ 242.

(2)

بين الجويني في البرهان مذهب القاضي أبي بكر الباقلاني فقال: وعظم نكير القاضي على من يرى الحمل على الحقيقة والمجاز جميعًا، وقال في تحقيق إنكاره: اللفظة إنما تكون حقيقة إذا انطبقت على معنى وضعت له في أصل اللسان، وإنما تصير مجازًا إذا تجوز بها عن مقتضى الوضع، وتخيل الجمع بين الحقيقة والمجاز، كمحاولة الجمع بين النقيضين.

انظر: البرهان مسألة رقم 246 (1/ 344).

(3)

في ط وز: "إذا قال له".

(4)

في ط: "فينظر".

(5)

في ط وز: "فلا يشك".

(6)

"لا" ساقطة من ط.

(7)

في ز: "للمتكلم".

(8)

"لأنه" ساقطة من ط.

(9)

في ط وز: "قال له".

(10)

في ط وز: "زوجته".

(11)

في ز: "ذهب"

ص: 402

يريد النظر إلى ذلك؛ لأنه قد يسوؤه ذلك ويحزنه، فراعى الشافعي رحمه الله جهة الاحتياط (1)، ولم يراع جهة أخرى، فالأولى التوقف حتى يرد البيان (2) كما قاله (3) الجمهور، فالاحتياط هو التوقف لئلا يقع الإقدام (4) في غير المراد (5).

قوله: (الثالث (6): إِذا دار اللفظ بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح كلفظ الدابة (7) حقيقة مرجوحة في مطلق ما دب (8) مجاز راجح في الحمار، يحمل (9) على الحقيقة عند أبي حنيفة ترجيحًا للحقيقة على المجاز، وعلى المجاز الراجح عند أبي يوسف نظرًا إِلى الرجحان (10)، وتوقف الإِمام فخر الدين (11) نظرًا إِلى التعارض، (12) والأظهر (13) مذهب أبي يوسف؛

(1) في ط وز: "من الاحتياط".

(2)

في ط: "إلينا".

(3)

في ط: "قال".

(4)

في ط وز: "على".

(5)

انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 50.

(6)

في خ وش: "الفرع الثالث".

(7)

في ط: "الرابعة".

(8)

في أوخ وط وز: "الدابة"، وفي ش:"والدابة".

(9)

في أوخ وش وط: "فيحمل".

(10)

في أوخ وش وز: "للرجحان".

(11)

في ش: "وتوقف الإمام في ذلك كله للتعارض"، وفي ط:"وتوقف الإمام فخر الدين في ذلك للتعارض".

(12)

في أوخ وش وط وز: "للتعارض".

(13)

في ش: "والظاهر".

ص: 403

لأن (1) كل شيء قدم من الألفاظ، إِنما قدم لرجحانه، والتقدير: رجحان (2) المجاز فيجب المصير إِليه).

ش: مثال هذا الفرع قولك: أنت طالق إن لم تكن الدابة في الدار، من حمل الدابة على الحقيقة قال: لا تطلق إلا مع عدم كل ما اتصف بالدبيب، ومن حمله على المجاز الراجح، قال: لا تطلق إلا مع عدم الحمار خاصة.

قال المؤلف في الشرح: هذه المسألة مرجعها (3) إلى الحنفية، وقد سألتهم عنها ورأيتها مسطورة في كتبهم على ما أصف لك، قالوا: المجاز مع الحقيقة لا يخلو من أربعة أقسام:

إما أن يكون المجاز مرجوحًا لا يفهم إلا بقرينة.

مثاله: الأسد في الرجل الشجاع، و [كالحمار](4) في الرجل البليد، فإن الحقيقة تقدم ها هنا إجماعًا.

القسم الثاني: أن يساوي المجاز الحقيقة في الاستعمال ولا راجح ولا مرجوح، فإن الحقيقة ها هنا (5) مقدمة أيضًا اتفاقًا بين أبي يوسف (6) وأبي

(1) في أوخ وش: "فإن".

(2)

في ز: "أي والموضوع رجحان".

(3)

في ز: "نرجعها".

(4)

المثبت من "ط" و"ز" وفي الأصل "كحمار".

(5)

في ط: "لا ها هنا".

(6)

هو أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن خنيس بن سعد بن حبتة الأنصاري، ولد سنة (113 هـ) وجالس أبا حنيفة، وقد سكن بغداد، وتولى القضاء بها في عهد ثلاثة من الخلفاء العباسيين وهم: المهدي والهادي وهارون الرشيد، وكان فقيهًا =

ص: 404

حنيفة؛ لأن الأصل (1) تقديم الحقيقة.

مثاله: لو حلف رجل لأنكح، فالنكاح حقيقة في الوطء مجاز في العقد، فيحنث بالعقد المجازي؛ لمساواته الحقيقة، هكذا قال المؤلف في الشرح (2).

ولكن الجاري على قوله تقدم الحقيقة ألا يحنث بالوطء؛ لأنه الحقيقة، فكلامه متناقض، أوله يقتضي: أنه يحنث (3) بالحقيقة وهو: الوطء، وآخر كلامه (4) يقتضي: أنه يحنث بالمجاز وهو: العقد (5).

و (6) أجيب عنه: بأن قوله: تقدم الحقيقة اتفاقًا (7)، يعني: عند الحنفية

= حافظًا للأحاديث، عالمًا بالفقه، والتفسير، والسير، وأيام العرب، روى عنه محمد ابن الحسن الشيباني، وبشر بن الوليد الكندي، ويحيى بن معين، توفي رحمه الله سنة اثنتين وثمانين ومائة (182 هـ) في بغداد.

انظر: تاريخ بغداد 14/ 242 - 262، البداية والنهاية 10/ 180، وفيات الأعيان 6/ 378، مرآة الجنان 1/ 388 - 389، النجوم الزاهرة 2/ 107 - 109.

(1)

في ز: "لأن الأصل في الكلام".

(2)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 119، وانظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 50.

(3)

"يحنث" ساقطة من ط.

(4)

في ط: "وآخر كلامه قول الحنفية يقتضي".

(5)

يقول المسطاسي في مناقشة كلام القرافي: وفيما قاله نظر من وجهين:

أحدهما: تمثيله المساوي بالنكاح بل أقول: إنه راجح بالعقل؛ لأنه المتبادر إلى الذهن، ولذلك هو الرجحان.

وثانيهما: قوله: حنث بالعقد والذي يجيء على ما قرره من مذهب القوم أنه إنما يحنث بالوطء؛ لأنه الحقيقة.

انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 50.

(6)

"الواو" ساقطة من ط.

(7)

في ز: "أيضًا".

ص: 405

دون غيرهم، بدليل قوله (1) في آخر كلامه: قول الحنفية تقدم الحقيقة على المجاز المساوي غير متجه، بل الحق إنما هو الوقف لأصل (2) الإجمال.

القسم الثالث: أن يكون المجاز راجحًا وتكون الحقيقة مماتة بالكلية؛ [فإن المجاز الراجح مقدم (3) ها هنا اتفاقًا، ويرجع أبو حنيفة إلى قول أبي يوسف ها هنا.

مثاله: لو حلف رجل ليأكل (4) من هذه النخلة، فاللفظ حقيقي في] (5) خشبتها (6)، مجاز راجح في ثمرتها (7)، وقد أميتت هذه الحقيقة؛ إذ لا يؤكل (8) خشبها (9) فلا يحنث عندهما إلا بالثمر (10).

القسم الرابع: أن يكون المجاز راجحًا وتكون الحقيقة متعاهدة في بعض الأوقات، فهذا محل (11) الخلاف، وهي (12): المراد بقول المؤلف ها هنا:

(1)"قوله" ساقطة من ط.

(2)

في ط وز: "لأجل".

(3)

في ز: "يقدم".

(4)

الصواب: "ليأكلن".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(6)

في ط: "خشبها".

(7)

في ط: "ثمرها".

(8)

في ط وز: "لا يأكل أحد".

(9)

في ز: "خشبتها".

(10)

انظر هذا القسم في: شرح التنقيح للقرافي ص 119.

(11)

في ط: "هو محل".

(12)

في ز: "وهو".

ص: 406

الحقيقة المرجوحة: [يعني الحقيقة](1) التي تتعاهد (2) في بعض الأوقات وهي: الحقيقة التي قلّ استعمالها.

مثاله: إذا حلف رجل: ليشربن (3) من النهر، فالشرب بفيه من النهر حقيقة، والشرب من الأداة: مجاز راجح؛ لأنه إذا غرف بالكوز وشرب (4)، فقد شرب من الكوز لا من النهر، لكن (5) المجاز الراجح المتبادر إلى الذهن، والحقيقة التي هي الشرب بفيه قد تراجع في بعض الأوقات، فإن بعض الرعاة وبعض أفراد الناس قد يكرع من النهر بفيه من غير أداة، فلا يبرأ من الحنث عند أبي حنيفة حتى (6) يشرب (7) بفيه (8) من غير أداة، تقديمًا للحقيقة على المجاز، ولا يبرأ (9) عند أبي يوسف [من الحنث](10) حتى يشرب (11) من الأداة (12)، تقديمًا للمجاز الراجح، ولا يبرأ عنده إذا كرع بفيه (13).

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(2)

في ط: "تتعاد".

(3)

في ط: "ليشترين" وهو تصحيف.

(4)

في ز: "وشرب منه".

(5)

في ط وز: "لكنه".

(6)

"حتى" ساقطة من ط.

(7)

في ط: "شرب".

(8)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"فيه".

(9)

في ط: "ولا يبرأ من الحنث".

(10)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز وط.

(11)

في ط: "شرب".

(12)

في ز: "من الأدوات".

(13)

نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 120، وانظر أيضًا: شرح التنقيح للمسطاسي ص 51.

ص: 407

قال المؤلف في الشرح: فهذه (1) صورة المسألة، قال: وأما بيان وجه الحق فيها (2): فالرجحان هو: الموجب للتقديم (3)، وأما إذا تساوى الحقيقة مع المجاز فلا تقديم لعدم الرجحان، فقول الحنفية: تقدم الحقيقة على المجاز المساوي: باطل، بل يجب التوقف لأجل الإجمال؛ لأنه لما ذهب الرجحان بالتساوي بطل تقديم الحقيقة، وذلك أن الحقيقة إنما تقدم من (4) حيث تقدم، لكونها أسبق إلى الذهن، وهو معنى قولهم: الأصل في الكلام الحقيقة، أي: الراجح في الكلام الحقيقة، فإذا ذهب الرجحان بالتساوي بطل تقديم الحقيقة وتعين الإجمال والتوقف (5) حينئذ.

هذا (6) هو الحق، فقول الحنفية: تقدم الحقيقة على المجاز المساوي لها غير متجه (7).

قوله: (وتوقف الإِمام فخر الدين نظرًا للتعارض (8)).

قال الإمام فخر الدين في بيان هذا التعارض: "إن كون (9) اللفظ حقيقة

(1) في ز: "هذه".

(2)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"منها".

(3)

في ط: "التقديم".

(4)

"من" ساقطة من ط وز.

(5)

في ز: "وتوقف".

(6)

في ط وز: "وهذا".

(7)

نقل المؤلف بالمعنى. انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 120.

(8)

في ط: "فخر الدين في ذلك التعارض".

(9)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"كان".

ص: 408

يوجب القوة، وكونه مرجوحًا (1) يوجب الضعف، وكون المجاز راجحًا يوجب القوة، وكونه مرجوحًا يوجب الضعف، فيحصل التعارض لهذا (2) بين الحقيقة المرجوحة والمجاز الراجح، فلا يتعين لأحدهما (3) إلا بالنية" (4).

واعترض هذا (5) التعارض بأن قيل: لا معنى (6) لكونه قويًا إلا أنه يحمل على معناه من غير قرينة، ولا معنى لكونه ضعيفًا إلا أنه لا يحمل على معناه إلا بقرينة فلا يصح وصف الحقيقة في هذه المسألة بالقوة، ولا وصف المجاز بالضعف، بل المجاز راجح والعمل بالراجح متعين، وهذا معنى قوله:(فإِن كل شيء قدم من الألفاظ إِنما قدم لرجحانه) والتقدير: رجحان المجاز (7) فيجب المصير إليه.

قوله: (فإِن كل شيء قدم من الألفاظ) يعني: بالألفاظ الألفاظ المذكورة أول الباب في قوله: (يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز، والعموم (8) دون الخصوص إِلى آخرها (9)) يعني: وكذلك ما قدم من الأدلة

(1) في ط وز: "مجازًا".

(2)

في ز: "بهذا".

(3)

في ز: "أحدهما".

(4)

نقل المؤلف بالمعنى من كتاب المعالم للإمام فخر الدين، تحقيق عائش أبو الريش ص 65.

(5)

في ط وز: "على هذا".

(6)

في ط: "للمعنى".

(7)

في ط: "المجاز الراجح".

(8)

في ط وز: "وعلى العموم".

(9)

في ط: "إلى آخرها قوله: فإن كل شيء قدم من الألفاظ يعني

" إلخ، وهو تكرار.

ص: 409

والبينات وجميع موارد الشريعة، إنما قدم جميع ذلك لرجحانه على غيره (1).

و (2) قوله: (والتقدير)(3) أي: والفرض ها هنا رجحان المجاز على الحقيقة، فيجب تقديمه على الحقيقة.

قال المؤلف في الشرح: فإهمال الرجحان (4) ها هنا ليس بجيد (5).

قوله: (وها هنا دقيقة، وهي: أن الكلام إِذا (6) كان في سياق النفي، والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة كالدابة، والطلاق يكون (7) الكلام نصًا في نفي المجاز الراجح بالضرورة، فلا يتأتى توقف الإِمام وإِن كان في سياق الإِثبات، والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة فهو نص في إِثبات الحقيقة (8) بالضرورة فلا يتأتى توقف الإِمام، وإِنما يتأتى له ذلك إِن سلم له في نفي الحقيقة والكلام في سياق النفي، أو في (9) إِثبات المجاز، والكلام في سياق الإِثبات، أو يكون (10) المجاز الراجح ليس بعض أفراد الحقيقة كالرواية والنجو).

(1) نقل المؤلف بالمعنى.

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 120، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 51.

(2)

"الواو" ساقطة من ط وز.

(3)

في ط: "والتقدير رجحان المجاز".

(4)

في ط: "المجاز".

(5)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 120.

(6)

في ش: "إن كان".

(7)

في ش: "فيكون".

(8)

في خ وش: "الحقيقة المرجوحة بالضرورة".

(9)

في ط: "وفي".

(10)

في ط: "ويكون".

ص: 410

ش: قوله: (وها هنا دقيقة) معنى الدقيقة (1): الذي (2) يدق في فهمه النظر.

ومقصود المؤلف بهذه الدقيقة أن يقيد ما أطلقه الإمام فخر الدين في تعارض الحقيقة المرجوحة مع المجاز الراجح؛ لأن الإمام توقف في أيهما يقدم على الآخر - كما تقدم - (3)، ولكن إطلاقه التوقف في جميع الوجوه لا يصح بل يصح التوقف في بعض الوجوه، ولا يصح في بعض (4) الوجوه (5).

وبيان ذلك: أن ها هنا خمسة أوجه: وجهان منهما: لا يصح فيهما التوقف، وثلاثة أوجه: يصح فيها التوقف.

فأحد الوجهين اللذين لا يصح التوقف فيهما: إذا كان الكلام في سياق النفي، والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة كالدابة والطلاق؛ وذلك أن لفظ الدابة حقيقة مرجوحة (6) في مطلق ما اتصف بالدبيب، وهو: مجاز راجح في الحمار.

وكذلك الطلاق (7) هو: حقيقة مرجوحة في مطلق الانحلال؛ كالانحلال

(1) في اللسان: والدقيق: الأمر الغامض، مادة (دقق).

(2)

في ط: "هي المعنى الذي". وفي ز: "المعنى".

(3)

يقول فخر الدين في المعالم (ص 65): إذا دار اللفظ بين الحقيقة المرجوحة وبين المجاز الراجح لم يتعين لأحدهما إلا بالنية.

(4)

في ط: "البعض".

(5)

"الوجوه" ساقطة من ط.

(6)

"مرجوحة" ساقطة من ز.

(7)

في ط وز: "لفظ الطلاق".

ص: 411

من الوثائق (1) وغيره، وهو: مجاز راجح في انحلال (2) العصمة.

مثال ذلك: في الدابة قولك: ليس في الدار دابة، فإن أراد المتكلم بالدابة المجاز الراجح الذي هو: الحمار: فقد انتفى هذا المجاز بالمطابقة، وإن أراد الحقيقة التي هي: كل ما اتصف بالدبيب: فقد انتفى المجاز الراجح أيضًا بالالتزام؛ إذ يلزم من انتفاء الأعم انتفاء الأخص، فلا يمكن توقف الإمام في هذا الوجه على التقديرين (3) سواء (4) قصد نفيه، أو قصد نفي الحقيقة.

ومثال ذلك: في لفظ الطلاق قولك: ليست فلانة بمطلقة، فإن أراد المتكلم بهذا المجاز الراجح الذي هو: انحلال (5) العصمة: فقد انتفى هذا المجاز بالمطابقة، وإن أراد الحقيقة التي هي الانحلال (6): فقد انتفى هذا المجاز أيضًا بالالتزام؛ إذ يلزم من نفي الأعم نفي الأخص، فلا يتأتى توقف الإمام في هذا أيضًا على التقديرين (7) سواء قصد نفيه، أو نفي الحقيقة.

وهذا الوجه الذي قررناه هو معنى قول المؤلف: وهي أن الكلام، إذا كان في سياق النفي، والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة كالدابة، والطلاق و (8) يكون

(1) في ط وز: "الوثاق".

(2)

في ط: "الحلال".

(3)

في ط: "التقدير".

(4)

"سواء" ساقطة من ز.

(5)

في ط: "الحلال".

(6)

في ط: "الذي هو مطلق الانحلال".

وفي ز: "التي هي مطلق الانحلال".

(7)

في ط: "التقدير".

(8)

"الواو" ساقطة من ز وط.

ص: 412

الكلام نصًا في نفي المجاز (1) الراجح بالضرورة فلا يتأتى توقف الإمام (2).

قوله: (وإِن كان في سياق الإِثبات والمجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة فهو: نص في إِثبات الحقيقة بالضرورة، فلا يتأتى توقف الإِمام).

هذا هو الوجه الثاني من الوجهين اللذين لا يمكن فيهما توقف الإمام، وهو إذا كان الكلام في سياق الإثبات مع كون المجاز الراجح بعض أفراد الحقيقة.

مثاله: قولك: في الدار دابة، فإن أراد المتكلم بالدابة الحقيقة: فقد ثبتت (3) الحقيقة بالمطابقة، وإن أراد المجاز الراجح: كان نصًا في إثبات الحقيقة بالالتزام؛ لأنه يلزم من وجود الأخص (4) وجود الأعم، فلا يصح توقف الإمام في هذا الوجه أيضًا؛ فإن الحقيقة ثابتة على التقديرين (5) سواء قصد إثباتها (6)، أو قصد إثبات المجاز الراجح (7).

قوله: (وإِنما يتأتى ذلك (8) إِن سلم له في نفي الحقيقة والكلام في سياق النفي، أو في إِثبات المجاز والكلام في سياق الإِثبات، أو يكون المجاز

(1) في ط: "الحمار" وهو تصحيف.

(2)

انظر هذا الوجه في: شرح التنقيح للقرافي ص 121.

(3)

في ط: "ثبت".

(4)

المثبت من ط، وفي الأصل:"إلا بعد".

(5)

في ط: "التقدير".

(6)

في ز: "إثبات المجاز الراجح أو قصد إثبات الحقيقة المرجوحة".

(7)

انظر هذا الوجه في شرح التنقيح للقرافي ص 121.

(8)

في ط: "به ذلك".

ص: 413

الراجح: ليس بعض أفراد الحقيقة كالرواية، والنجو).

ذكر المؤلف [رحمه الله](1) ها هنا الثلاثة الأوجه (2) التي يمكن فيها توقف الإمام:

أحد الأوجه: نفي الحقيقة مع كون الكلام في سياق النفي.

مثاله قولك: ليس في الدار دابة، فإن أراد المتكلم نفي المجاز الراجح: فلا يلزم من نفي (3) المجاز الراجح نفي الحقيقة؛ إذ لا يلزم (4) من نفي (5) الأخص نفي الأعم، الذي هو: الحقيقة، فيكون الأعم إذًا يحتمل نفيه، ويحتمل ثبوته، فيمكن توقف الإمام إن سلم له التوقف، وأما إن لم يسلم له التوقف فيقال له: لا يصح التوقف لأجل رجحان المجاز.

وإلى هذا الوجه أشار المؤلف بقوله: (وإِنما يتأتى له (6) ذلك إِن سلم له في نفي الحقيقة، والكلام في سياق النفي).

قوله: (أو في إِثبات المجاز والكلام في سياق الإِثبات)، هذا هو الوجه الثاني من الأوجه الثلاثة التي يمكن فيها التوقف، وهو: ثبوت المجاز مع كون الكلام في سياق الإثبات.

مثاله: قولك: في الدار دابة، فإن أراد المتكلم مطلق الدابة الذي هو:

(1) ما بين المعقوفتين لم يرد في ز وط.

(2)

الصواب: "ثلاثة أوجه".

(3)

في ط: "النفي".

(4)

المثبت من ط، وفي الأصل:"يلزم".

(5)

في ط: "النفي".

(6)

في ط: "أنه".

ص: 414

الحقيقة فلا يلزم من ثبوت مطلق الدابة ثبوت المجاز الراجح، الذي هو: الحمار (1)؛ إذ لا يلزم من وجود الأعم وجود الأخص، فيصح فيه توقف الإمام، فيكون المجاز الراجح إذًا يحتمل ثبوته، ويحتمل نفيه.

وإلى هذا الوجه الثاني أشار المؤلف بقوله: (أو في إِثبات المجاز، والكلام في سياق الإِثبات).

قوله: (أو يكون (2) المجاز الراجح ليس بعض أفراد الحقيقة كالرواية والنجو).

هذا هو الوجه الثالث من الأوجه الثلاثة التي يمكن توقف الإمام (3) فيها، وهو: إذا كان المجاز الراجح ليس بعض أفراد الحقيقة.

مثاله قولك: في الدار راوية (4)، أو ليس في الدار راوية، أو في الدار نجو أو ليس في الدار نجو، فالراوية حقيقة هو (5): الجمل، أو الناقة، وسميت (6) بذلك؛ لأنها تروي القوم بلبنها وبولها ومائها.

ويسمى الدلو راوية (7) مجازًا راجحًا، من باب تسمية الشيء بما يلازمه،

(1) في ط: "المجاز".

(2)

في ط: "ويكون".

(3)

"الإمام" ساقطة من ز.

(4)

في ط: "دابة راوية".

(5)

في ط: "هي".

(6)

في ط: "وسمي".

(7)

في اللسان الراوية هو: البعير أو البغل أو الحمار الذي يستقي عليه الماء، والرجل المستقي أيضًا راوية، والعامة تسمي المزادة راوية، وذلك جائز على الاستعارة والأصل الأول. =

ص: 415

فإذا سمع لفظ الراوية فهل يحمل على الناقة، أو على الدلو، فهو (1) محتمل، فيمكن (2) توقف الإمام فيه؛ إذ لا يلزم من وجود الناقة وجود الدلو، ولا يلزم من عدمها عدمه؛ لأن المجاز أجنبي عن الحقيقة، فليس الدلو ببعض أفراد الحقيقة (3)، فلا يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر ولا من عدمه عدمه (4).

وهكذا تقول (5) في النجو، فالنجو حقيقة هو: المكان المرتفع (6)، وهو مجاز راجح في فضلات الغذاء (7).

فإذا سمع لفظ النجو فهل يحمل على الحقيقة؟ أو على المجاز (8) الراجح؟ فهو (9) محتمل يمكن فيه توقف (10) الإمام؛ إذ لا يلزم من وجود أحدهما وجود الآخر، ولا من عدمه عدمه؛ لأن الفضلات المستقذرة (11) ليست ببعض المكان المرتفع، وإنما سميت الفضلات المستقذرات نجوًا مجازًا راجحًا (12) من باب

= انظر: اللسان مادة (روى).

(1)

في ط: "فهي".

(2)

في ز: "يمكن".

(3)

في ط وز: "الناقة".

(4)

"عدمه" ساقطة من ط.

(5)

في ز: "نقول".

(6)

انظر: اللسان مادة (نجا).

(7)

انظر: اللسان مادة (نجا).

(8)

في ط: "أو يحمل على المجاز".

(9)

في ط: "وهو".

(10)

في ط: "توقف الإمام فيه".

(11)

في ط: "المستقذرات".

(12)

"راجحًا" ساقطة من ط.

ص: 416

تسمية الحال باسم المحل.

قوله: (الرابع (1) إِذا دار اللفظ بين احتمالين مرجوحين: فيقدم التخصيص، والمجاز والإِضمار، والنقل، والاشتراك على النسخ، والأربعة الأولى على الاشتراك، والثلاثة الأولى على النقل، والأولان على الإِضمار، والأول على الثاني؛ لأن النسخ يحتاط فيه أكثر لكونه يصير اللفظ باطلاً (2) فتكون مقدماته (3) أكثر، فيكون مرجوحًا فتقدم لرجحانه عليه، والاشتراك مجمل حالة عدم (4) القرينة بخلاف الأربعة، والنقل يحتاج إِلى اتفاق على إِبطال وإِنشاء وضع بعد وضع، والثلاثة يكفي (5) فيها مجرد القرينة فتقدم عليه (6)، ولأن الإِضمار أقل فيكون مرجوحًا، ولأن (7) التخصيص في (8) بعض الحقيقة بخلاف المجاز).

ش: هذه الأمور الستة (9) المذكورة في هذا الفرع هي مرجوحة

(1) في خ وش: "الفرع الرابع".

(2)

"باطلاً" ساقطة من ط، وفي أ:"بإطلاق".

(3)

في أ: "فيكون مقدمًا به".

(4)

في نسخة ش: "عند عدم".

(5)

"يكفي" ساقطة من أ.

(6)

في ش: "عليها".

(7)

في أ: "لأن".

(8)

في ز: "فيه".

(9)

انظر تفصيل الكلام في هذه الأمور في: شرح التنقيح للقرافي ص 112 - 125، شرح التنقيح للمسطاسي ص 51 - 52، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 105، الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 223 - 336، المعالم للرازي، تحقيق موسى =

ص: 417

بالنسبة (1) إلى أضدادها المتقدمة في أول الباب (2) في قوله: يحمل اللفظ على الحقيقة دون المجاز، وعلى العموم دون التخصيص (3) إلى آخره، إلا أنه لم يذكر ضد النقل [فيما تقدم ولكن](4) وإن (5) لم يذكره فهو فرع مرجوح بالنسبة إلى عدم النقل؛ إذ الأصل (6) عدم النقل.

فتكلم المؤلف رحمه الله ها هنا على هذه الأمور الستة المرجوحة فيما بينها (7)؛ إذ فقد (8) الراجح من أضدادها المذكورة أول الباب، فإن انفرد واحد من هذه المرجوحات الستة: يحمل (9) اللفظ عليه، وإن اجتمع منها اثنان فأكثر ولم (10) يتعذر الجمع: حمل اللفظ عليها إن دل على الجمع (11) قرينة، وإلا اقتصر على واحد منها تقليلاً (12) للمخالفة (13) بحسب الإمكان، فالأولى

= عايش أبو الريش ص 69 - 78، المحصول ج 1 ق 1 ص 487 - 505

(1)

في ط: "ولنسبة".

(2)

في ز وط: "هذا الباب".

(3)

في ز: "الخصوص".

(4)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(5)

في ز: "فهو وإن لم".

(6)

في ز: "لأن".

(7)

في ط: "بينهما".

(8)

في ز: "عند فقد".

(9)

في ط وز: "حمل".

(10)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"لم".

(11)

في ط: "الجميع".

(12)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"تعليلاً".

(13)

في ط وز: "لمخالفة الدليل".

ص: 418

بالتقديم من هذه الأمور هو: التخصيص ثم المجاز ثم الإضمار ثم النقل ثم الاشتراك ثم النسخ (1).

وأسباب الترجيح بين (2) هذه الأمور الستة ذكرها المؤلف بقوله: (لأن (3) النسخ يحتاط فيه أكثر) (4).

هذا سبب تقدم الخمسة الأولى على السادس الذي هو: النسخ، وذلك (5) أن النسخ يحتاج إلى شروط كثيرة بخلاف الخمسة المذكورة، أي: لأن النسخ يحتاط فيه أكثر من غيره، لكونه يصير الحكم باطلاً (6) بعد إرادته فتكون مقدماته أي شروطه أكثر من شروط غيره؛ لأنه يشترط في النسخ أن يكون الناسخ (7) مساويًا للمنسوخ في السند أو أقوى منه، بخلاف التخصيص وغيره (8) كما سيأتي تفصيله في باب النسخ إن شاء الله تعالى.

(1) ذكرها بهذا الترتيب القرافي في شرح التنقيح ص 132.

(2)

في ز وط: "فيما بين".

(3)

في ز: "إن".

(4)

في ط: "أكثر إلى آخره قوله: لأن النسخ يحتاط فيه أكثر".

(5)

في ز: "وذكر".

(6)

يقول فخر الدين في المحصول: أما لو وقع التعارض بين الاشتراك والنسخ فالاشتراك أولى؛ لأن النسخ يحتاط فيه ما لا يحتاط في تخصيص العام.

إلى أن قال: والفقه فيه أن الخطاب بعد النسخ يصير كالباطل وبعد التخصيص لا يصير كالباطل فلا جرم يحتاط في النسخ ما لا يحتاط في التخصيص.

انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 502، ص 503.

(7)

في ز: "النسخ".

(8)

في ط: "وغيره لذلك لا ينسخ المتواتر بالآحاد كما سيأتي

" إلخ.

وفي ز: "وغيره ولذلك لا ينسخ المتواتر بالآحاد ويجوز تخصيص المتواتر بالآحاد كما سيأتي

" إلخ.

ص: 419

وسبب تقدم الأربعة التي هي: التخصيص، والمجاز، والإضمار، والنقل، على الاشتراك بينه المؤلف بقوله:(والاشتراك مجمل حالة عدم القرينة) معناه: إن فقدت القرينة بقي اللفظ معطلاً بخلاف الأربعة، فإن اللفظ معها لا يعطل؛ ولأجل هذا كان الاشتراك مرجوحًا بالنسبة إلى الأربعة.

وسبب تقديم الثلاثة التي هي: التخصيص، والمجاز، والإضمار على النقل: بينه المؤلف بقوله: (والنقل يحتاج إِلى اتفاق على إِبطال وإِنشاء وضع بعد وضع) يعني: أن النقل لا يحصل إلا بعد اتفاق الكل على إبطال الوضع الأول، وإنشاء وضع آخر، وذلك متعذر (1) أو متعسر بخلاف الثلاثة التي هي التخصيص، والمجاز، والإضمار، فإنها يكتفى فيها بمجرد القرينة، فلأجل هذا تقدم هذه الثلاثة على النقل.

وسبب تقديم الأولين اللذين هما: التخصيص، والمجاز على الإضمار: بينه (2) المؤلف بقوله: (ولأن الإِضمار أقل فيكون مرجوحًا).

يعني: أن الإضمار أقل في كلام العرب من التخصيص والمجاز، فالأكثر راجح، والأقل مرجوح، فيقدمان على الإضمار، فنص (3) المؤلف ها هنا على (4) أن المجاز يقدم على الإضمار، هو (5): نص الإمام فخر الدين في المعالم (6).

(1) في ط: "معتدر" وهو تصحيف.

(2)

في ط: "فبينه".

(3)

في ط: "نص".

(4)

"على" ساقطة من ز.

(5)

في ز: "وهو".

(6)

يقول الرازي في المعالم: إذا وقع التعارض بين المجاز والإضمار فالمجاز أولى؛ لأنه =

ص: 420

ونص الإمام فخر الدين في المحصول أن المجاز والإضمار سواء؛ لأن كل واحد منهما يحتاج إلى قرينة (1).

فاختلف كلامه في كتابيه.

وسبب تقديم التخصيص على المجاز: بيّنه المؤلف بقوله: (ولأن التخصيص في بعض الحقيقة بخلاف المجاز) يعني: أن التخصيص يخرج به (2) بعض أفراد الحقيقة ويبقى اللفظ في البعض الآخر، كلفظ المشركين (3) مثلاً إذا خصص بغير (4) الحربيين بقي اللفظ في الحربيين وهم: بعض المشركين (5) فهو: مجاز أقرب إلى الحقيقة، وبقي اللفظ مع ذلك مستصحبًا في الباقي، فلا يحتاج إلى قرينة، وهذا لا يوجد في غير التخصيص؛ فلأجل هذا يقدم التخصيص على غيره.

فإذا تقرر هذا فاعلم أن التعارض فيما بين هذه الأمور الستة يحتاج إلى

= أكثر وقوعًا، والكثرة تدل على قلة مخالفة الدليل.

انظر: المعالم ص 77، تحقيق موسى عايش أبو الريش.

(1)

يقول فخر الدين: إذا وقع التعارض بين المجاز والإضمار فهما سواء؛ لأن كل واحد منهما يحتاج إلى قرينة تمنع المخاطب عن فهم الظاهر، وكما يتوقع وقوع الخفاء في تعيين المضمر، كذلك يتوقع وقوع الخفاء في تعيين المجاز.

انظر: المحصول ج 1 ق 1 ص 500.

(2)

"به" ساقطة من ز.

(3)

في ط: "المشتركين" وهو تصحيف.

(4)

في ط: "بقي".

(5)

في ط: "المشتركين".

ص: 421

خمسة عشر مثالًا (1)، ولكن (2) لم يذكر المؤلف في الشرح إلا عشرة أمثلة، ولم يذكر مثالاً لمعارضة الخمسة الأول للسادس الذي هو: النسخ، وذلك (3) خمسة أمثلة، فأنا أذكر العشرة الأمثلة التي ذكرها (4) المؤلف فأقول بحول الله وقوته:

مثال تعارض التخصيص والمجاز: قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للَّه} (5):

يقول الشافعي: هذا أمر [بوجوب](6) الحج والعمرة ابتداء، فتكون العمرة واجبة (7)، ولكن يلزمه المجاز، وهو: استعمال الإتمام في الابتداء.

ويقول المالكي: هذا النص مخصوص بالحج والعمرة المشروع فيهما (8)(9)، بدليل قوله:{أَتِمُّوا} ؛ لأن الإتمام إنما [يستعمل](10) في شيء مشروع فيه؛ إذ لا تجب العمرة عند مالك ابتداءً (11)، ولكن يلزمه التخصيص بالمشروع فيه، والتخصيص أولى من المجاز.

(1) في ط: "مثلاً".

(2)

في ط: "وللمكن".

(3)

في ط: "وقولك".

(4)

المثبت من ز، وفي الأصل وط:"ذكر".

(5)

آية 196 سورة البقرة.

(6)

المثبت من ط، وفي الأصل:"يوجب" ولم ترد في ز.

(7)

انظر: الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 334.

(8)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 125، شرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(9)

في ط: "فيها".

(10)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"يستقل".

(11)

في ز: "ابتداء عند مالك".

ص: 422

ومثال تعارض التخصيص، والإضمار: قوله عليه السلام: "الإسلام (1) يجبُّ ما قبله"(2).

يقول المالكي: لا يقضي المرتد الصلاة إذا أسلم (3) بدليل هذا الحديث، ولكن يلزمه التخصيص بالديون إجماعًا.

ويقول المخالف: في الكلام إضمار صونًا له عن التخصيص، تقديره: الإسلام يجبُّ إثم ما قبله، فلا تسقط الصلاة عنه (4)، والتخصيص أولى من الإضمار (5).

ومثاله أيضًا: قوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} (6):

يقول المالكي: فم (7) الكلب طاهر فلا يجب غسله، ولكن يلزمه

(1)"الإسلام" ساقطة من ط.

(2)

أخرجه الإمام أحمد في المسند في قصة إسلام عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص قال: "قلت: يا رسول الله أبايعك على أن تغفر لي ما تقدّم من ذنبي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الإسلام يجبُّ ما كان قبله، وأن الهجرة تجبُّ ما كان قبلها" قال عمرو: فوالله إن كنت لأشد الناس حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا راجعته بما أريد حتى لحق بالله عز وجل حياءً منه".

أخرجه الإمام أحمد في المسند 4/ 204.

(3)

في ط: "إذا أسلم أي: جمع".

وفي ز: "الصلاة وكذا الصيام".

(4)

"عنه" ساقطة من ط.

(5)

هذا المثال لم يذكره القرافي في شرح التنقيح وذكره في رسالة تعارض الاحتمالات ورقة 31 مخطوط بالمكتبة الأزهرية رقم 1987/ 54047.

(6)

قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [سورة المائدة آية رقم 4].

(7)

في ط وز: "موضع فم".

ص: 423

التخصيص مما (1) أمسكه الكلب بعد القدرة على ذكاته (2).

ويقول (3) الشافعي: في الكلام إضمار تقديره: فكلوا من حلال ما أمسكن عليكم (4).

ومثال تعارض التخصيص والنقل: قوله تعالى: {وَالَّذيِنَ يُظَاهِرُونَ مِن نِسَائِهِمْ} (5):

يقول المالكي: يلزم الظهار من الأمة وأم الولد؛ لأنهما من النساء (6)، ولكن يلزمه (7): التخصيص بذوات المحارم فإنهن من (8) النساء (9)، ولا يلزم فيهن ظهار (10).

ويقول الشافعي: لفظ النساء صار منقولاً في العرف للحرائر فوجب ألا

(1) في ز: "بما".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 124، شرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(3)

في ط: "ويول".

(4)

يقول الشافعي: يلزم على ما ذكرتموه جواز أكل ما أمسك بعد القدرة عليه من غير ذكاة، وليس كذلك فيلزم التخصيص، بل ها هنا إضمار تقديره: كلوا من حلال ما أمسكن عليكم، وكون موضع فمه من الحلال محل النزاع.

فللمالكي أن يقول: على ما ذكرناه يلزم التخصيص، وعلى ما ذكرتموه يلزم الإضمار والتخصيص أولى.

انظر: الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 335.

(5)

آية 3 سورة المجادلة.

(6)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 124.

(7)

في ط: "يلزم".

(8)

"من" ساقطة من ز.

(9)

في ز: "نساء".

(10)

في ط: "الظهار".

ص: 424

يتناول محل النزاع فيلزمه النقل، ولكن التخصيص أولى من النقل (1).

ومثال تعارض التخصيص والاشتراك قوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ} (2):

يقول المالكي: يجوز للعبد أن يتزوج أربعًا؛ لأن الطيب معناه: ميل النفس، وقد تميل نفسه إلى أربع نسوة، ولكن يلزمه: التخصيص بالنساء المحرمات (3) كزوجة الغير (4) مع أنها محرمة إجماعًا مع أنها قد (5) تميل إليها نفسه.

ويقول (6) الشافعي: بل المراد بالطيب الحلال.

ويقول المالكي: الطيب حقيقة في ميل النفس؛ لأنه المتبادر إلى الفهم، فلو كان حقيقة أيضًا في غيره للزم الاشتراك، والتخصيص أولى من الاشتراك (7).

ومثال تعارض المجاز والإضمار قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (8):

(1) انظر: الإبهاج شرح المنهاج 1/ 331.

(2)

آية 3 من سورة النساء.

(3)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 123، شرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(4)

الأولى عدم تعريف "غير".

(5)

"قد" ساقطة من ط.

(6)

في ز: "وقال".

(7)

انظر: شرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(8)

آية 6 سورة المائدة.

ص: 425

يقول المالكي والشافعي: في الكلام إضمار لولاه لوجب الأمر بالطهارة بعد الصلاة تقدير هذا الإضمار: إذا قمتم محدثين (1).

ويقول المخالف (2): يزول هذا المحذور بأن يجعل القيام في الآية مجازًا عبر به عن إرادته (3)، من باب إطلاق المسبب على السبب (4) تقديره: إذا أردتم القيام إلى الصلاة.

وقد اختلف في المجاز مع الإضمار:

قيل: المجاز أولى كما قال المؤلف (5)؛ لأنه أكثر منه في لسان العرب.

وقيل: الإضمار أولى (6)؛ لأن قرينته لا تزايله.

وقيل: هما سواء لتوقفهما على القرينة مع إمكان حقائقها (7).

ومثال تعارض المجاز والنقل: قوله عليه السلام: "بين العبد والكفر ترك الصلاة"(8).

(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 124، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(2)

في ز: "هذا المخالف".

(3)

انظر: المصدرين السابقين.

(4)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"السبب على المسبب".

(5)

وقاله أيضًا الرازي في المعالم ص 77 كما سبق التنبيه إليه.

(6)

انظر: الإبهاج في شرح المنهاج ص 331، ولم ينسب هذا القول.

(7)

وهو قول الإمام فخر الدين في المحصول ج 1 ق 1 ص 500.

(8)

أخرجه مسلم عن أبي سفيان قال: سمعت جابرًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة". =

ص: 426

يقول الحنبلي (1): تارك الصلاة المعترف بوجوبها كافر بدليل هذا الحديث؛ لأن الصلاة منقولة في عرف الشرع إلى هذه العبادة المخصوصة بالركوع والسجود، فمن تركها فهو كافر.

ويقول المالكي والشافعي (2): الصلاة ها هنا معناها الدعاء والطلب؛ لأن ذلك هو معناها لغة، فمن أعرض (3) عن طلب الله، واستغنى عنه فهو كافر، واستعمل (4) لفظ الصلاة في هذه العبادة المخصوصة بالركوع والسجود على سبيل المجاز؛ لأجل اشتمالها على الدعاء، والمجاز أولى من النقل (5).

ومثال تعارض المجاز والاشتراك: قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (6):

يقول المالكي: لا تحل المبتوتة (7) إلا بالوطء؛ لأن النكاح حقيقة في الوطء

= انظر: صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من ترك الصلاة، رقم الحديث (133) 1/ 88.

وأخرجه أيضًا ابن ماجه عن جابر في كتاب إقامة الصلاة، باب ما جاء فيمن ترك الصلاة، رقم الحديث 1078، 1/ 342.

وأخرجه أبو داود عن جابر، كتاب السنة، باب في رد الإرجاء، رقم الحديث 4678، (4/ 219).

وأخرجه الدارمي عن جابر، كتاب الصلاة، باب في تارك الصلاة 1/ 280.

(1)

المثبت من ط وش وز، وفي الأصل:"الحنفي".

(2)

"والشافعي" لم ترد في شرح التنقيح للقرافي وشرح التنقيح للمسطاسي.

(3)

في ط: "عرض".

(4)

في ز: "واستعمال".

(5)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 124.

(6)

آية 230 سورة البقرة.

(7)

المثبت هو الأولى، وفي الأصل:"المثبوتة".

ص: 427

مجاز في العقد، والأصل عدم المجاز (1).

ويقول سعيد بن المسيب: لفظ النكاح مشترك بين الوطء والعقد؛ لأنه مستعمل فيها، والأصل في الاستعمال الحقيقة، فيكون مجملاً فيسقط الاستدلال به (2).

ولكن المجاز أولى من الاشتراك.

ومثال تعارض الإضمار والنقل: قوله عليه السلام: "الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر"(3):

يقول الشافعي: يجوز لصائم التطوع إبطال صومه لغير عذر؛ لأنه عليه السلام وكله إلى مشيئته فلا يحرم عليه فطره، فالصوم منقول من معناه اللغوي وهو: مطلق الإمساك إلى الإمساك المخصوص؛ لأنه المتبادر إلى الفهم (4).

ويقول المالكي: لا نقول: إنه منقول من مسماه اللغوي، بل هو مستعمل في مسماه (5) اللغوي، وفي الكلام إضمار، ومعنى الكلام: الممسك الذي من (6) شأنه أن يتطوع أمير نفسه في كل يوم، وسماه متطوعًا (7) باعتبار ما يؤول

(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 123، شرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(2)

انظر: المصادر السابقة.

(3)

أخرجه الإمام أحمد في مسنده (6/ 341) عن جده عن أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعا بشراب فشرب، ثم ناولها فشربت فقالت: يا رسول الله، أما إني كنت صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الصائم المتطوع أمير نفسه، إن شاء صام، وإن شاء أفطر".

(4)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 124، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(5)

في ز: "معناه".

(6)

"من" ساقطة من ز.

(7)

في ط: "تطوعًا".

ص: 428

إليه، وهذا الإضمار أولى من النقل (1).

ومثال تعارض الإضمار والاشتراك: قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} (2):

يقول الشافعي: يجوز الاقتصار على مسح بعض الرأس؛ لأن الباء مشترك بين الإلصاق في الفعل القاصر، وبين التبعيض في الفعل المتعدي، فيكون (3) ها هنا للتبعيض؛ لأنه فعل متعد، فلو قال: امسحوا (4) رؤوسكم (5) صح (6).

ويقول المالكي: ها هنا مضمر تقديره: وامسحوا بلل أيديكم برؤوسكم، فالرأس ممسوح به، والفعل لا يتعدى إلى الآلة بغير باء فيكون الباء للتعدية (7).

ومثال تعارض النقل والاشتراك: قوله عليه السلام: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا"(8):

(1) انظر: المصدرين السابقين.

(2)

آية 6 سورة المائدة.

(3)

في ط وز: "فتكون".

(4)

"امسحوا" ساقطة من ط.

(5)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"برؤوسكم".

(6)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 123، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(7)

انظر: المصدرين السابقين.

(8)

أخرجه البخاري عن أبي هريرة قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعًا".

صحيح البخاري، كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان 1/ 44. =

ص: 429

يقول الشافعي: الطهارة في عرف الشرع منقولة إلى إزالة الحدث، والخبث ولا حدث (1) فيتعين الخبث (2).

ويقول المالكي: الطهارة لفظ مشترك في عرف اللغة بين إزالة الأقذار (3)، والغسل على وجه التقرب إلى الله تعالى؛ لأنه مستعمل فيهما حقيقة إجماعًا، والأصل عدم التغيير (4)، والمشترك (5) مجمل فيسقط الاستدلال به حتى يبين الخصم الرجحان.

يقول الخصم: جعله منقولاً إلى العبادة المخصوصة أولى من الاشتراك.

وهذه عشرة أمثله فيها بيان (6) المعاني الخمسة الأولى، ذكرها المؤلف في

= وأخرجه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار" مسلم، كتاب الطهارة، باب حكم ولوغ الكلب، رقم الحديث العام 279 (1/ 234).

وأخرجه أبو داود عن أبي هريرة وعن عبد الله بن المغفل في كتاب الطهارة، باب الوضوء بسؤر الكلب، رقم الحديث العام 73 (1/ 59).

وأخرجه ابن ماجه عن أبي هريرة وعبد الله بن المغفل وابن عمر، كتاب الطهارة، باب غسل الإناء من ولوغ الكلب، رقم الحديث العام 363 (1/ 130).

وأخرجه الدارمي عن عبد الله بن المغفل، كتاب الوضوء، باب ولوغ الكلب (1/ 188).

وأخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة في المسند 2/ 245.

(1)

في ط: "والأحداث".

(2)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 123، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 52.

(3)

في ط: "الاقتدار" وهو تصحيف.

(4)

انظر: المصدرين السابقين.

(5)

في ز: "والنقل والمشترك".

(6)

في ز: "بين".

ص: 430

الشرح ولم يذكر أمثلة هذه الخمسة (1) فيما بينها وبين النسخ وهي: خمسة أمثلة، ذكر (2) بعض الشراح مثالاً واحدًا من هذه الأمثلة (3) الباقية وهو (4) مثال التخصيص مع النسخ.

وقال: مثال تعارض التخصيص مع النسخ: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (5) سواء كانت الزوجة حاملاً، أو حائلاً:

فقيل: هذه الآية منسوخة (6) بقوله تعالى: {وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (7).

وقيل: ذلك تخصيص، والتخصيص أولى من النسخ.

(1) في ز: "الخمسة الباقية".

(2)

في ط وز: "وذكر".

(3)

في ز: "الخمسة".

(4)

المثبت من ط وز، وفي الأصل:"وهي".

(5)

آية 234 سورة البقرة.

(6)

في ط: "مخصوصة".

(7)

آية 4 سورة الطلاق.

ص: 431