المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل السابع في وسيلته - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٢

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل السابع في وسيلته

‌الفصل السابع في وسيلته

(1)

ش: وفي هذا الفصل مطلبان:

أحدهما: في حكم الوسيلة.

والثاني: في أقسامها.

ومعنى الوسيلة: عبارة عن المقدمة التي يتوقف عليها تحصيل الشيء.

والضمير في قوله: (وسيلته) يعود على الواجب (2).

[قال بعضهم: ظاهر الترجمة يقتضي: عود الضمير على الأمر لقرينة الباب، وباطن الترجمة يقتضي: عوده على الواجب](3) يدل عليه (4) قوله (5): ما لا يتم الواجب المطلق إلا به، ويحتمل عوده على الأمر.

وإنما أعاده المؤلف على الأمر، وإن كان عائدًا على الواجب في الحقيقة

(1) انظر هذا الفصل في: شرح التنقيح للقرافي ص 161، 162، شرح التنقيح للمسطاسي ص 72، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 137، 138.

(2)

في ز وط: "الوجوب".

(3)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(4)

"يدل عليه" ساقطة من ز وط.

(5)

في ط وز: "لقوله".

ص: 657

للملازمة (1) بين الأمر والواجب، تقدير (2) الكلام: في حكم وسيلة الواجب على حذف المضاف، ومعنى ذلك: هل تجب وسيلة الواجب بالأمر الأول الذي وجب به الواجب أم لا؟ وبسط الكلام: هل تجب وسيلة الفعل المأمور به بالأمر الأول الذي وجب به الفعل المأمور به أم لا؟

قوله: (وعندنا وجمهور العلماء (3) ما لا يتم الواجب المطلق إِلا به، وهو مقدور للمكلف فهو واجب لتوقف الواجب عليه).

ش: ذكر المؤلف رحمه الله ها هنا أن وسيلة الواجب تكون واجبة (4) بشرطين:

أحدهما: أن يكون الواجب مطلقًا لا مقيدًا.

والشرط الثاني: أن تكون تلك الوسيلة مقدورًا للمكلف؛ أي: يمكن تحصيلها للمكلف احترازًا من المعجوز عنها.

قوله: (الواجب المطلق) أي (5): الواجب الذي أطلق إيجابه أي: لم يقيد إيجابه بسبب، ولا شرط (6)، ولا مانع.

(1) في ط: "لملازمة".

(2)

في ط: "تقديره".

(3)

في أوخ وش وز وط: "وعندنا وعند جمهور العلماء".

(4)

في ز: "واجبًا".

(5)

في ط وز: "معناه".

(6)

في ط: "ولا يشترط".

ص: 658

قوله: (فالقيد الأول) يعني به: قوله: (المطلق) احترازًا من الواجب المقيد بأسباب الوجوب، وشروطه، وانتفاء موانعه؛ فإنها لا تجب إجماعًا مع توقف الوجوب عليها.

مثاله قوله عليه السلام: "في عشرين دينارًا نصف دينار"(1) فالنصاب سبب، والدين مانع، فلا يجب على المكلف السعي في تحصيل النصاب (2) لتجب عليه الزكاة، ولا السعي (3) في نفي الدين لتجب عليه الزكاة.

[ومثال الشرط: الإقامة شرط في وجوب الجمعة والصوم، فلا يجب على المكلف تحصيل الإقامة لتجب عليه الجمعة أو (4) الصوم](5) وإن كان الوجوب (6) متوقفًا على ذلك.

قال المؤلف في الشرح: أجمع المسلمون أن (7) ما يتوقف الوجوب عليه (8) من سبب، أو شرط، أو انتفاء مانع لا يجب تحصيله؛ كالنصاب في وجوب

(1) أخرجه ابن ماجه عن ابن عمر وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من كل عشرين دينارًا فصاعدًا نصف دينار، ومن الأربعين دينارًا.

كتاب الزكاة، باب زكاة الورق والذهب، رقم الحديث العام 1791 (1/ 571).

في الزوائد: إسناد الحديث ضعيف لضعف إبراهيم بن إسماعيل.

(2)

"النصاب" ساقطة من ط.

(3)

في ط: "السمعي" وهو تصحيف.

(4)

في ط: "والصوم".

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(6)

في ط: "الواجب".

(7)

في ز: "على أن".

(8)

في ز: "ما يتوقف عليه الوجوب".

ص: 659

الزكاة، فلا يجب تحصيله إجماعًا، وكالإقامة في وجوب الصيام، فلا يجب تحصيلها لذلك (1) إجماعًا، وكالدين في منع وجوب الزكاة، فلا يجب دفعه لتجب الزكاة إجماعًا.

وإنما النزاع فيما يتوقف عليه إيقاع الواجب بعد تحقق الوجوب:

فقيل: يجب؛ لتوقف الواجب عليه.

وقيل: لا يجب؛ لأن الأمر ما اقتضى إلا تحصيل المقصد، أما الوسيلة فلا؛ ولأنه إذا ترك المقصد كصلاة الجمعة، أو الحج مثلًا، فإنما (2) يعاقب على ترك الجمعة والحج (3)، أما المشي (4) إلى الجمعة أو الحج فلم يدل دليل على أنه يعاقب عليه، فإذا انتفى استحقاق العقاب انتفى الوجوب؛ لأن استحقاق العقاب من خصائص الوجوب. انتهى نصه (5).

قوله: (الواجب المطلق) يقتضي شيئين: واجب مطلق، وواجب مقيد.

مثال المطلق: قول السيد لعبده: اصعد السطح، هذا محل الخلاف، هل يجب على العبد تحصيل آلة الصعود، أم لا.

ومثال المقيد: قول السيد لعبده (6): إذا نصب السلم (7) فاصعد السطع،

(1) في ز: "تحصيل ذلك".

(2)

في ز: "فإنه".

(3)

في ز: "أو الحج".

(4)

في ط: "الشيء".

(5)

نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 161.

(6)

في ط: "بعبده".

(7)

في ز: "المسلم" وهو تصحيف.

ص: 660

فلا يجب على العبد في هذا تحصيل السلم (1) إجماعًا.

قوله: (فالقيد (2) الأول: احترازًا من أسباب الوجوب وشروطه (3)، فإنها لا تجب إِجماعًا مع التوقف (4)).

أشار بهذا الكلام إلى شروط الوجوب، وهي: الأشياء التي يتوقف عليها الوجوب، فلا يجب على المكلف تحصيلها إجماعًا كالجماعة والإمام والاستطانة لصلاة الجمعة.

[قوله: (و (5) إِنما الخلاف فيما تتوقف (6) عليه الصحة بعد الوجوب) أشار بهذا الكلام إلى شروط الأداء، وهي: الأشياء التي تجب على المكلف بعد ورود الواجب؛ كالطهارة للصلاة، والسعي إلى الجمعة، والحج، وغير (7) ذلك، فشروط (8) الأداء إذًا هي محل الخلاف](9).

قوله: (والقيد الثاني: احترازًا (10) من توقف فعل العبد بعد وجوبه على تعلق علم الله تعالى، وإِرادته وقدرته بإِيجاده، ولا يجب على المكلف

(1) في ز: "المسلم".

(2)

في ط: "فالمقيد".

(3)

في خ وش: "وشروطه وانتفاء موانعه".

(4)

في خ وش: "مع التوقف عليها"، وفي ط:"مع التوقف وإنما الخلاف فيما تتوقف عليه الصحة بعد الوجوب"

(5)

"الواو" ساقطة من ز.

(6)

"فيما تتوقف" ساقط من ز.

(7)

في ز: "أو الحج أو غير ذلك".

(8)

في ز: "من شروط".

(9)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(10)

المثبت من أوخ وش وط، ولم ترد:"احترازًا" في الأصل وز.

ص: 661

تحصيل ذلك إِجماعًا).

ش: أراد بالقيد الثاني قوله (1): وهو مقدور للمكلف، [أي: يمكن تحصيله للمكلف] (2): احترازًا مما لا يمكن تحصيله للمكلف.

قال المؤلف في الشرح: قولي مقدور للمكلف: احترازًا من المعجوز عنه؛ فإنه لا يجب بناء على (3) نفي (4) التكليف بما لا يطاق وإن كنا نجوّزه (5).

الباء الجارة في قوله: (بإِيجاده) متعلقة بتعلق.

والضمير في قوله: (بإِيجاده) يعود على فعل العبد؛ لأن كل فعل وقع (6) في الوجوب لا بد أن يتعلق بهذه الصفات الثلاث: علم الله تعالى لإيجاده، وإرادته تعالى لإيجاده، وقدرته تعالى بإيجاده. [فإن العبد من المحال أن يصلي مثلًا حتى يقدر الله تعالى له أن يصلي، ويعلم الله تعالى أنه يصلي، ويخلق الله تعالى له حركات الصلاة وسكناتها، فتعلق هذه الصفات شرط في إيقاع الواجب، ولا يمكن إيجابها على العبد لعجزه عن التصرف في صفات (7) الله تعالى](8).

قوله: (وقالت الواقفية: إِن كانت الوسيلة سبب المأمور به وجبت وإِلا

(1)"قوله" ساقطة من ز.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(3)

"على" ساقطة من ط.

(4)

في ط: "بقي".

(5)

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 161.

(6)

في ز: "يقع".

(7)

في ط: "ذات".

(8)

ما بين المعقوفتين نقله المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 161، 162.

ص: 662

فلا).

ش: هذا قول ثالث بالتفصيل بين السبب وغيره، من شرط (1) وانتفاء مانع.

ووجه هذا القول: أن المسبب (2) لا وجود له عند انتفاء سببه (3)، فالأمر بالمسبب أمر بالسبب؛ لأن السبب (4) يلزم من وجوده الوجوب، ومن عدمه العدم بخلاف الشرط؛ لأنه لا يلزم من وجود (5) الشرط وجود المشروط فلا يكون الأمر بالمشروط أمرًا بالشرط.

مثال ذلك في السبب: أمر السيد لعبده بإشباع زيد، فإنه أمر بإطعامه؛ لأن الإطعام سبب الإشباع أي: علته.

[ومثاله في الشرط: أمرالشارع بالصلاة، فلا يكون أمرًا بالطهارة إلا بدليل آخر يدل على وجوب الطهارة](6).

ومثال ذلك أيضًا: الأمر بالإِيلام (7)، فإن ذلك الأمر أمر (8) بالضرب؛ لأن الضرب سبب للإيلام، بخلاف آلة (9) الضرب، فلا يكون ذلك الأمر

(1) في ز: "شروط".

(2)

في ز وط: "السبب".

(3)

في ط: "السبب".

(4)

"لأن السبب" ساقطة من ط.

(5)

في ز: "وجوده الشرط".

(6)

ما بين المعقوفتين ساقط من ز.

(7)

في ز وط: "بإيلام زيد".

(8)

في ز: "هو أمر".

(9)

في ز: "آلمة".

ص: 663

أمرًا بتحصيل آلة الضرب؛ لأن ذلك شرط لا سبب.

وهناك قول رابع: بين الشرعي (1) فيجب دون العقلي، والعادي فلا يجبان، هذا (2) القول مختار (3) ابن الحاجب.

فهي إذًا أربعة أقوال:

يجب، لا يجب، يجب السبب دون غيره، يجب الشرعي دون غيره (4).

(1) في ز: "الشرع".

(2)

في ز وط: "وهذا".

(3)

في ز: "هو مختار".

(4)

الخلاف في هذه المسألة منحصر في أربعة أقوال:

القول الأول: للجمهور: أن مقدمة الواجب تجب بوجوب الواجب مطلقًا، سواء أكانت سببًا شرعيًا، أم عقليًا، أم عاديًا، وسواء كانت شرطًا شرعيًا، أم عقليًا، أم عاديًا.

القول الثاني: أنها لا تجب بوجوب الواجب مطلقًا.

القول الثالث: للواقفية بالتفصيل، فتجب إن كانت سببًا مطلقًا، ولا تجب إن كانت شرطًا مطلقًا.

القول الرابع: وهو مذهب إمام الحرمين وابن الحاجب أنها تجب إن كانت شرطًا شرعيًا ولا تجب إن كانت شرطًا عقليًا أو عاديًا.

انظر تفصيل الخلاف في هذه المسألة في: شرح التنقيح للقرافي ص 161، شرح التنقيح للمسطاسي ص 72، المحصول 1 ق 2 ص 317 - 322، المعالم للرازي ص 134، الإحكام للآمدي 1/ 110 - 112، البرهان 1/ 257 - 260، المعتمد 1/ 93 - 96، المستصفى 1/ 71، حاشية التفتازاني على العضد 1/ 244 - 246، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 193، 194، الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 108 - 111، نهاية السول 1/ 197 - 211، العدة لأبي يعلى 2/ 419 - 421، المسودة ص 60 - 62، الفتاوى لابن تيمية 20/ 159 - 167، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص 61، 62، تيسير التحرير 2/ 215 - 217، فواتح الرحموت 1/ 95، ميزان الأصول 1/ 139 - 142.

ص: 664

قوله: (ثم الوسيلة إِما (1) أن يتوقف عليها القصد في ذاته أو لا يتوقف).

ش: هذا هو المطلب الثاني في أقسام الوسيلة، قسمها المؤلف أولًا على قسمين، ثم قسمها آخرًا على: خمسة أقسام.

وذلك (2) أنه قسم الوسيلة التي يتوقف (3) عليها المقصد في ذاته على ثلاثة أقسام وهي:

الشرعي، والعرفي، والعقلي.

وقسم الوسيلة التي يتوقف عليها بواسطة (4) على قسمين:

وسيلة بسبب الاشتباه.

ووسيلة بسبب تيقن الاستيفاء (5).

قوله: (إِما أن يتوقف عليها المقصد في ذاته).

ش: أي أحد القسمين وسيلة يتوقف عليها المقصد، في ذات المقصد أي: في نفس المقصد لا (6) لأمر خارج عن ذات المقصد (7)، أي: يتوقف عليها المقصد (8) بالنظر إلى ذاته لا بالنظر إلى خارج (9) عن ذات المقصد (8).

(1) في ط: "إنما".

(2)

في ط: "وذا".

(3)

في ط: "توقف".

(4)

في ط: "بواسط".

(5)

في ط: "الاستيقاع".

(6)

في ط: "أي لا لأمر".

(7)

في ط: "المقصود".

(8)

في ط: "المقصود".

(9)

في ز: "إلى أمر خارج".

ص: 665

وقوله: (أو لا يتوقف) أي: والقسم الآخر: وسيلة لا يتوقف عليها المقصد في (1) ذاته (2)، بل يتوقف عليها المقصد (3) لأمر آخر خارج عن ذات المقصد (4).

قوله: (فالأول (5): إِما شرعي كالصلاة على الطهارة).

أي: تتوقف صحة الصلاة على حصول (6) الطهارة شرعًا، لقوله (7) عليه السلام:"لا صلاة (8) إلا بطهور (9) " هذا توقف شرعي.

قال المؤلف في الشرح: أريد بهذا التوقف الشرعي كما قاله إمام الحرمين (10): أنه إذا تقرر: أن الطهارة شرط في صحة الصلاة، ثم ورد الأمر بعد ذلك بصلاة ركعتين، فإنه تجب (11) الطهارة، أما من غير هذا الوجه فلا،

(1)"في" ساقطة من ط.

(2)

في ز: "لا في ذاته".

(3)

في ط: "المقصود".

(4)

في ط: "المقصود".

(5)

"فالأول" ساقطة من ز، وفي أوخ وش:"والأول".

(6)

"حصول" ساقطة من ط.

(7)

في ط: "قوله".

(8)

في ط: "الصلاة".

(9)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"إلا بطهارة".

(10)

يقول إمام الحرمين: فإذا ثبت في الشرع افتقار صحة الصلاة إلى الطهارة فالأمر بالصلاة الصحيحة يتضمن أمرًا بالطهارة لا محالة.

انظر: البرهان 1/ 257.

(11)

في ط: "لا تجب".

ص: 666

فلو قال الله تعالى: صلوا ابتداء، صلينا بغير وضوء، حتى يدل دليل على اشتراط الطهارة. انتهى نصه (1).

قوله: (أو عرفي؛ كنصب السلم لصعود السطح).

هذا مثال الوسيلة التي يتوقف عليها المقصد في العرف والعادة (2)؛ لأن صعود السطح لا يمكن إلا بوجود السلم بمقتضى العادة والعرف، و (3) هذا توقف عرفي.

قوله: (أو عقلي؛ كترك الاستدبار لفعل الاستقبال).

هذا مثال الوسيلة التي يتوقف عليها المقصد في العقل؛ لأن فعل استقبال القبلة لا يمكن في العقل إلا بفعل الاستدبار؛ لأجل المضادة بين الاستقبال والاستدبار؛ لأنه لا يمكن فعل ضد إلا بترك ضده عقلًا، هذا توقف عقلي.

قوله: (والثاني: جعله (4) وسيلة إِما بسبب الاشتباه نحو: إِيجاب خمس صلوات لتحصيل صلاة منسية (5)، وكاختلاط (6) النجس بالطاهر، والمذكاة بالميتة، والمنكوحة بالأجنبية (7)، أو لتيقن الاستيفاء؛ كغسل

(1) انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 162.

(2)

المثبت من ز وط، وفي الأصل "والصلاة".

(3)

"الواو" ساقطة من ط.

(4)

في أوش: "فجعله".

(5)

في ط: "المنسية".

(6)

في أوخ وش وز وط: "أو كاختلاط".

(7)

في أوخ وش: "بالأخت".

ص: 667

جزء من الرأس مع الوجه، أو إِمساك جزء من (1) الليل مع نهار الصوم).

ش: هذا بيان القسم الثاني من أول الكلام وهو: الوسيلة التي لا يتوقف عليها المقصد في ذاته، بل يتوقف المقصد عليها (2) بواسطة.

والواسطة شيئان:

واسطة الاشتباه.

وواسطة تيقن الاستيفاء.

أما الوسيلة بواسطة الاشتباه فقد مثّله المؤلف بأربعة أمثلة.

ومعنى الاشتباه هو (3): الالتباس، والاختلاط، تقول: اشتبه الأمر، إذا التبس واختلط.

وقوله: (نحو إِيجاب خمس صلوات لتحصيل صلاة منسية).

وذلك: أن من نسي صلاة ولم يدر عينها: فإنه يجب عليه أن يصلي الصلوات الخمس ليتوصل بذلك [إلى](4) تحصيل الصلاة المجهولة العين، [فالصلاة المجهولة العين](5)، لا تتوقف في ذاتها على الأربع الصلوات التي تضاف إليها، بل تتوقف عليها بعلة الاشتباه وطلب اليقين.

قال ابن الحاجب في مختصر (6) الجواهر: ويعتبر في الفوائت يقين براءة

(1) في ش: "من آخر الليل".

(2)

في ز: "يتوقف عليها المقصد".

(3)

"هو" ساقطة من ز.

(4)

المثبت من ط وز، ولم يرد في الأصل.

(5)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(6)

في ز: "في مختصره ويعتبر".

ص: 668

الذمة، فإن شك، أوقع أعدادًا تحيط بجهات الشكوك، فلو نسي صلاة لا (1) بعينها: صلى خمسًا (2).

قوله: (نحو: إِيجاب خمس صلوات لتحصيل صلاة منسية) فالمقصد (3) ها هنا تحصيل صلاة واحدة وهي: المنسية، والوسيلة: تحصيل (4) أربع صلوات غيرها، فيتوقف المقصد على الوسيلة بواسطة الالتباس، والاختلاط.

قوله: (وكاختلاط (5) النجس بالطاهر).

هذا مثال ثان للوسيلة التي توقف (6) المقصد عليها بواسطة الالتباس، والاختلاط، يعني: إذا كان هناك إناءان أحدهما طاهر والآخر نجس ولم يعلم الطاهر منهما فالمقصد ها هنا (7): ترك النجس، والوسيلة: ترك الطاهر، فيتوقف ترك النجس على ترك الطاهر بواسطة (8) الاختلاط، والالتباس أيضًا.

قوله: (أو كاختلاط النجس بالطاهر).

(1)"لا" ساقطة من ط.

(2)

انظره في: الفروع لابن الحاجب ورقة 11/ أمخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.

(3)

في ط: "فالمقصود".

(4)

"تحصيل" ساقطة من ز.

(5)

في ط وز: "أو كاختلاط".

(6)

في ط: "يتوقف".

(7)

في ط: "قوله".

(8)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"بواسط".

ص: 669

[يحتمل أن يريد الإناء](1)، و (2) يحتمل أن يريد الثوب، ولكن هذا التمثيل في الاحتمالين إنما يجري على القول بترك (3) الجميع، وأما على القول باستعمال الجميع، أو باستعمال (4) البعض بالتحري فلا يجري عليه (5)؛ وذلك أن اختلاط الإناء الطاهر بالإناء النجس، وكذلك اختلاط الثوب الطاهر بالثوب النجس مختلف في ذلك كله.

قال الشيخ ابن الحاجب: وإذا اشتبهت الأواني:

قال سحنون: يتيمم ويتركها.

وقال مع ابن الماجشون: يتوضأ ويصلي حتى تفرغ.

وزاد ابن مسلمة (6): ويغسل أعضاءه مما قبله (7).

ابن المواز وابن سحنون: يتحرى كالقبلة.

(1) ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(2)

"الواو" ساقطة من ط.

(3)

في ز: "لترك".

(4)

في ط: "وباستعمال".

(5)

"عليه" ساقطة من ط.

(6)

هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب التميمي الحارثي القَعْنَبي، أصله مدني وسكن البصرة، وهو معدود في الفقهاء من أصحاب مالك، روى عن مالك ولزمه عشرين سنة، وقرأ عليه الموطأ، وروى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وأبو داود السجستاني، أخرج عنه البخاري ومسلم، قال عنه أبو حاتم: هو بصري ثقة حجة، توفي رحمه الله سنة إحدى وعشرين ومائتين (221 هـ) بمكة.

انظر ترجمته في: الديباج المذهب 1/ 411، 412، مرآة الجنان 2/ 81، البداية والنهاية 10/ 283، تهذيب التهذيب 6/ 31 - 33.

(7)

في ز: "عاقبه".

ص: 670

ابن القصار: مثلهما إن كثر، ومثل ابن مسلمة إن قلّت (1).

فإن تغير اجتهاده بعلم عمل عليه، وبظن: قولان كالقبلة.

وإذا اختلف اجتهاد رجلين في ذلك: لم يجز أن يؤم أحدهما الآخر ويتحرى في الثياب.

وقال ابن الماجشون: يصلي بعدد النجس وزيادة ثوب (2). انتهى نصه (3).

ذكر (4) ابن الحاجب في الأواني المشتبهة (5) خمسة أقوال، وسكت عن قول سادس، وهو: التطهر بعدد النجس وزيادة إناء، كما قيل في الثياب المشتبهة (6).

قال ابن عبد السلام: وهذا القول هو الأولى؛ لأنه يمكن التوصل به (7) إلى يقين الطهارة (8).

قوله: (والمذكاة بالميتة).

هذا مثال ثالث للوسيلة التي توقف (9) المقصد عليها بواسطة الالتباس

(1) انظر: عيون الأدلة لابن القصار كتاب الطهارة (3/ 857) تحقيق د. عبد الحميد السعودي.

(2)

في ز: "ثوب صلاة".

(3)

انظر: الفروع لابن الحاجب ورقة 3 مخطوط بالخزانة العامة بالرباط رقم 887 د.

(4)

في ط: "وذكر".

(5)

في ط: "المشبهة" وهو تصحيف.

(6)

في ط: "المتسبهه".

(7)

"به" ساقطة من ز.

(8)

انظر: تنبيه الطالب لفهم ألفاظ جامع الأمهات لابن عبد السلام (الجزء الأول ورقة 11/ أ) نسخة مصورة فلميًا في معهد المخطوطات بالكويت رقم 50.

(9)

في ز: "يتوقف".

ص: 671

والاختلاط، فالمقصد ها هنا: ترك الميتة، والوسيلة: ترك المذكاة (1)، فيتوقف ترك الميتة على ترك المذكاة بواسطة الالتباس والاختلاط أيضًا.

قوله: (والمنكوحة بالأجنبية).

هذا مثال رابع للوسيلة التي توقف (2) المقصد عليها بواسطة الالتباس والاختلاط، فالمقصد ها هنا: ترك الأجنبية (3)، والوسيلة ترك: المنكوحة، وهي (4): الزوجة، فتوقف (5) ترك الأجنبية على ترك المنكوحة بواسطة الالتباس والاختلاط أيضًا.

قال الإمام فخر الدين: ذهب قوم (6) إلى أن المنكوحة حلال، والأجنبية هي: الحرام.

قال: وهذا باطل؛ لأن المراد بالحل (7) رفع الحرج، والجمع بينه وبين التحريم متناقض.

قال: فالحق أنهما حرامان:

إحداهما بعلة كونها أجنبية، والأخرى بعلة الاشتباه بالأجنبية (8).

(1) في ط: "المنكوحة" وهو تصحيف.

(2)

في ز: "يتوقف".

(3)

في ز: "الأجنية".

(4)

في ط: "وهو".

(5)

في ط: "فيتوب" وهو تصحيف.

(6)

"قوم" ساقطة من ط.

(7)

في ط وز: "من الحل".

(8)

نقل المؤلف بالمعنى من المحصول ج 1 ق 2 ص 327، 328.

ص: 672

قوله: (أو تيقن (1) الاستيفاء؛ كغسل جزء من الرأس مع الوجه، أو إِمساك جزء من الليل مع نهار الصوم).

هذا بيان الوسيلة التي توقف (2) عليها المقصد بواسطة تيقن الاستيفاء، مثله المؤلف بمثالين:

أحدهما: غسل جزء من الرأس مع غسل الوجه؛ فالمقصد (3) ها هنا هو (4): غسل الوجه، والوسيلة هي: غسل جزء من الرأس، فيتوقف غسل (5) الوجه على غسل جزء من الرأس بواسطة الاستيفاء.

قال الغزالي في المستصفى: وهذا الجزء (6) غير مقدر، ويكفي منه أقل ما ينطلق (7) عليه الاسم (8).

ومثال ذلك أيضًا: مسح جزء من الوجه مع مسح الرأس؛ لأنه لا يتوصل

(1) في ط: "لتيقن".

(2)

في ط: "يتوقف".

(3)

في ز: "فالمقصود".

(4)

"هو" ساقطة من ط.

(5)

في ط: "مع غسل".

(6)

في ز: "جزء".

(7)

في ط: "ما ينطق عليه الاسلام" وهو تصحيف.

(8)

هذا جواب عن اعتراض.

يقول الغزالي: فإن قيل: لو كان واجبًا لكان مقدرًا، فما المقدار الذي يجب غسله من الرأس؟

وأجاب عن الاعتراض فقال: قلنا: قد وجب التوصل به إلى الواجب وهو: غير مقدر، بل يجب مسح الرأس، ويكفي أقل ما ينطلق عليه الاسم وهو: غير مقدر، فكذلك الواجب أقل ما يمكن به غسل الوجه وهذا التقدير كاف في الوجوب.

انظر: المستصفى 1/ 72.

ص: 673

إلى مسح جميع الرأس إلا بأخذ جزء من الوجه، وكذلك إمساك جزء من الليل مع نهار الصوم، فالمقصد (1) إنما (2) هو: إمساك النهار، والوسيلة: إمساك جزء من الليل؛ وذلك قبل طلوع الفجر وبعد غروب الشمس، فيتوقف صوم النهار على صوم جزء من الليل بواسطة الاستيفاء، وهو: استيفاء الواجب، وبالله التوفيق (3).

(1) في ز: "فالمقصود".

(2)

في ط: "انهما".

(3)

في ز: "التوفيق بمنه".

ص: 674