المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثامن في خطاب الكفار - رفع النقاب عن تنقيح الشهاب - جـ ٢

[الحسين الشوشاوي]

الفصل: ‌الفصل الثامن في خطاب الكفار

‌الفصل الثامن في خطاب الكفار

(1)

ش: وفي هذا الفصل مطلبان:

أحدهما: محل الخلاف.

والثاني (2): فائدة الخلاف.

قوله: (أجمعت (3) الأمة على أنهم مخاطبون بالإِيمان، واختلفوا في خطابهم بالفروع).

ش: هذا هو المطلب (4) الأول وهو: أن محل الخلاف هو الفروع دون الأصول، وهي: الإيمان.

قوله: (مخاطبون بالإِيمان)(5) أي: مخاطبون بالتصديق بالله وبالرسل (6)

(1) انظر هذا الفصل في: شرح التنقيح للقرافي ص 163 - 167، شرح التنقيح للمسطاسي ص 72 - 74، إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي 1/ 119، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 139 - 143.

(2)

في ط وز: "والآخر".

(3)

في ط وز: "اجتمعت".

(4)

في ط وز: "هذا بيان مطلب الأول".

(5)

في ز وط: "بالإيمان أي مخاطبون بأن يزيلوا الكفر بالإيمان، قوله: مخاطبون بالإيمان أي مخاطبون بالتصديق

إلخ".

(6)

في ز: "بالرسول".

ص: 675

وبما جاءت به الرسل؛ وذلك أن الله عز وجل أوجب توحيده على كل مكلف، لقوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ} (1) أي: ليوحدوني؛ وذلك يقتضي التصديق بالله عز وجل وبرسله (2) وبما جاءت به رسله عليهم السلام.

قوله: (واختلفوا في خطابهم بالفروع).

ش: المراد بالفروع: ما عدا الأصول، فالأصول هي (3): وظيفة القلوب، والفروع هي (4): وظيفة الجوارح؛ كالصلاة والصيام (5) وغير ذلك.

وسبب الخلاف (6) في خطابهم بالفروع: هل يتوقف الخطاب بالفروع على حصول الإيمان؛ لأن الإيمان شرط في صحة الفروع؟ أو لا (7) يتوقف الخطاب بالفروع على حصول الإيمان؟

فمن قال: لا يتوقف الخطاب بالفروع على حصول الإيمان، قال: هم مخاطبون بالفروع؛ لأن (8) معنى الخطاب بها إزالة الكفر بالإيمان وإيقاع العبادة.

(1) آية 56 من سورة الذاريات.

(2)

في ط: "وبرسوله".

(3)

في ز: "هو".

(4)

في ز: "وهو".

(5)

في ز: "والصيام والزكاة"، وفي ط:"والزكاة والصيام".

(6)

في ز: "الاختلاف".

(7)

في ط: "ولا".

(8)

"لأن" ساقطة من ط.

ص: 676

ومن قال: يتوقف الخطاب بالفروع على حصول الإيمان قال: هم غير مخاطبين بالفروع لعدم شرط صحتها، وهو: حصول الإيمان.

قوله: (قال الباجي: وظاهر مذهب مالك خطابهم بها خلافًا لجمهور الحنفية، وأبي حامد الإِسفراني (1)، لقوله تعالى حكاية عنهم:{مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (2)، ولأن العمومات تتناولهم، وقيل: مخاطبون (3) بالنواهي دون الأوامر (4)).

ش: قوله (5): (قال الباجي: وظاهر مذهب مالك خطابهم بها) قاله الباجي في الفصول (6).

وهو (7) أيضًا: مذهب جمهور الشافعية، وجمهور المعتزلة.

[قال المؤلف في شرح المحصول (8): وإليه ذهب جمهور المالكية

(1) هو أبو حامد أحمد بن أبي طاهر محمَّد بن أحمد الإسفراييني نسبة إلى إسفراين بلدة بخراسان، ولد سنة أربع وأربعين وثلاثمائة (344 هـ)، قدم بغداد سنة أربع وستين وثلاثمائة (364 هـ)، وأخذ عن الفقهاء، وأبو حامد شيخ العراق وإمام الشافعية في وقته، انتهت إليه رئاسة المذهب، وجلس مجلسه ثلاثمائة متفقه، توفي سنة (406 هـ)، من مصنفاته:"كتاب في أصول الفقه".

انظر ترجمته في: شذرات الذهب 3/ 178، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 65، وفيات الأعيان 1/ 74، مفتاح السعادة 2/ 318.

(2)

سورة المدثر آية (42، 43).

(3)

في ز: "هم مخاطبون".

(4)

"دون الأوامر" ساقط من ز.

(5)

المثبت من ز وط، ولم يرد:"قوله" في الأصل.

(6)

انظر: إحكام الفصول في أحكام الأصول 1/ 119.

(7)

"وهو" ساقطة من ز.

(8)

في ز: "في الشرح".

ص: 677

والشافعية والحنابلة (1)) (2).

وقوله (3): (خلافًا لجمهور الحنفية وأبي حامد الإِسفراني).

يعني: من الشافعية، وإليه ذهب ابن خويز منداد (4) من المالكية.

فهذان قولان متقابلان.

القول الثالث (5) الفرق بين النواهي فيخاطبون بها، وبين الأوامر فلا

(1) انظر: نفائس الأصول، تحقيق عادل عبد الموجود (4/ 1576).

(2)

المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.

(3)

في ط: "فقوله".

(4)

في ز وط: "ابن خوين منداد".

وابن خويز منداد هو محمد بن أحمد بن عبد الله بن خويز منداد، الفقيه المالكي، صاحب أبا بكر الأبهري وتفقه عليه، وهو من كبار المالكية العراقيين، وكان يجانب علم الكلام وينافر أهله، ويحكم عليهم بأنهم من أهل الأهواء. توفي رحمه الله سنة تسع وثلاثين ومائة (139 هـ)، من مصنفاته: كتاب في الخلاف، وآخر في أصول الفقه.

انظر ترجمته في: الديباج، 2/ 229، الوافي بالوفيات للصفدي 1/ 52.

(5)

وهذه الأقوال الثلاثة هي المشهورة عند الأصوليين:

القول الأول: أنهم مخاطبون، وهو مذهب مالك وجمهور الشافعية وجمهور المعتزلة وإحدى الروايات عن الإمام أحمد، والعراقيين من الحنفية.

القول الثاني: أنهم غير مخاطبين، وهو لمشائخ سمرقند من الحنفية ومنهم: أبو زيد، وشمس الأئمة السرخسي، والبزدوي، وقال به أيضًا أبو حامد الإسفراييني من الشافعية، واختاره ابن عبد الشكور في مسلم الثبوت، وعزاه البيضاوي في المنهاج إلى المعتزلة، وقال به الإمام أحمد في إحدى الروايات.

القول الثالث: أنهم مخاطبون بالنواهي؛ لأنها يخرج المكلف عن عهدتها بمجرد تركها وإن لم يشعر بها فضلًا عن القصد إليها، وأما الأمر فلا يخرج عن عهدته حتى =

ص: 678

يخاطبون بها (1).

وهناك قول رابع ذكره القاضي عبد الوهاب في الملخص بالتفصيل بين المرتد فيخاطب بالفروع دون الكافر الأصلي فلا يخاطب بها (2).

فجملة الأقوال إذًا أربعة أقوال: اثنان متقابلان في الخطاب (3) وعدمه، واثنان متقابلان في التفصيل فصَّل أحدهما في الخطاب، وفصَّل الآخر في الكفر.

ونقل المؤلف في الشرح قولًا خامسًا وهو: الخطاب بغير الجهاد لعدم

= يعتقد وجوبه ويفعله.

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 163، إحكام الفصول للباجي 1/ 119 - 121، البرهان 1/ 107 - 110، شرح التنقيح للمسطاسي ص 74، المحصول ج 1 ق 2 ص 399، 400، المستصفى 1/ 91 - 93، المنخول ص 31 - 32، شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/ 12، 13، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 210 - 212، الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 176 - 185، نهاية السول 1/ 369 - 383، تخريج الفروع على الأصول للزنجاني ص 98 - 100، العدة لأبي يعلى 2/ 358 - 368، المسودة ص 46 - 47، المدخل إلى مذهب الإمام أحمد ص 589، تيسير التحرير 2/ 148 - 150، فواتح الرحموت 1/ 128 - 130، كشف الأسرار عن أصول البزدوي 4/ 242 - 245، أصول السرخسي 1/ 75 - 77، ميزان الأصول ص 193 - 198.

(1)

في ز وط: "فلا يخاطبون بها، مثال الأوامر قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} (البقرة 43)، ومثال النهي قوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} (الإسراء 32)، {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ} (الأنعام 151) ".

(2)

انظر هذا القول في: شرح التنقيح للقرافي ص 163، حاشية البناني 1/ 210، نهاية السول 1/ 375.

(3)

في ط: "والخطاب".

ص: 679

حصول مصلحته من الكافر (1).

قال (2) في الشرح: وقد مرّ بي في بعض الكتب - لست أذكره الآن - أن الجهاد خاص بالمؤمنين، ولم يخاطب الله (3) بوجوب الجهاد كافرًا، وهو متجه لعدم حصول مصلحته (4) من الكافر (5)(6).

أجيب عن دليله بعدم حصول مصلحته من الكافر (7): بأنا لا نكلفه بالجهاد وهو كافر، بل كلف بأن يسلم ثم يجاهد (8)، كالتكليف بالصلاة حالة الحدث (9).

قوله: (لقوله (10) تعالى حكاية عنهم: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} (11) و (12) لأن العمومات تتناولهم).

(1) في ز "الكفار".

(2)

في ط: "قال المؤلف".

(3)

في ز وط: "يخاطب الله تعالى".

(4)

في ط: "مصلحة".

(5)

في ز: "الكفار".

(6)

هذا هو الدليل الأول لمن قال باستثناء الجهاد.

والدليل الثاني: أن الله تعالى حيث ذكر الجهاد لم يذكر صيغة يندرج فيها الكفار.

انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 166، 167، حاشية الشيخ محمَّد بخيت على نهاية السول 1/ 376، 377، وشرح التنقيح للمسطاسي ص 74.

(7)

في ز: "بعدم مصلحته من الكفار"، وفي ط:"بالكافر".

(8)

في ز: "يجاهدك".

(9)

هذا جواب عن الدليل الثاني.

انظر هذا الجواب في المصدرين السابقين.

(10)

"لقوله" ساقطة من ط.

(11)

آية 42، 43 من سورة المدثر.

(12)

"الواو" ساقطة من ز وط.

ص: 680

ش: هذا دليل القول (1) بالخطاب لأن قولهم: لم نك من المصلين، يدل على أنهم يعاقبون على ترك الصلاة.

وكذلك قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (6) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} (2) يدل على أنهم يعاقبون على ترك الزكاة.

وكذلك قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} (3).

فقوله: (ومن يفعل ذلك) يتناول جميع ما تقدم فيعاقبون على القتل، والزنا، كما يعاقبون على دعوى الإله (4) مع الله تعالى:

قوله: (ولأن العمومات تتناولهم).

كقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ} (5).

وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ} (6).

وقوله تعالى (7): {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} (8).

(1) المثبت من ط، ولم ترد:"القول" في الأصل وز.

(2)

آية 6، 7 من سورة فصلت.

(3)

آية 68، 69 من سورة الفرقان.

(4)

في ط: "الله".

(5)

آية 1 من سورة النساء.

(6)

آية 21 من سورة البقرة.

(7)

"تعالى" لم ترد في ز.

(8)

آية 97 من سورة آل عمران.

ص: 681

لأن هذا عام يتناول (1) الأمر بالحج الكافر، فإذا تناوله الأمر تناوله النهي؛ لأن كل من قال بالأمر قال بالنهي بخلاف العكس.

وحجة القول بعدم الخطاب: أن الكافر لو أمر بالفروع لأمر بها: إما حالة الكفر، وإما بعد الكفر، وكلا الأمرين خلاف الإجماع.

وذلك: أنه إذا قلنا: هو (2) مأمور بالفروع في (3) حالة كفره فذلك خلاف الإجماع؛ لأن الأمة مجمعة (4) على أنه لا يقال: صل، وأنت كافر.

وإذا قلنا: مأمور بها بعد الكفر (5) فهو خلاف الإجماع أيضًا، لقوله عليه السلام:"الإِسلام يجبّ ما قبله"(6) وأجمعت الأمة على ذلك أيضًا (7).

أجيب عن هذا: بأنه أُمر حالة الكفر بأن يسلم ويفعل العبادات (8) كما خوطب المحدث حالة الحدث بالصلاة، فمعنى ذلك: أنه يؤمر بأن يتطهر ويصلي، فزمان الكفر ظرف للتكليف لا لوقوع الفعل المكلف، كما أن زمان الحدث ظرف للمخاطب (9) بالصلاة؛ لأنه (10) ظرف لوقوع الصلاة، فلا

(1) في ز: "فيتناول".

(2)

"هو" ساقطة من ز وط.

(3)

في ط: "وذلك أنه حالة كفره".

(4)

في ط وز: "مجتمعه".

(5)

في ط: "بعد زوال".

(6)

في ز: "يجب ما قبله ولا يجب ما بعده".

(7)

ذكر هذه الحجة القرافي في شرح التنقيح ص 165.

(8)

في ز: "العبادة".

(9)

المثبت من ط، وفي الأصل وز:"للمخاطب".

(10)

في ط وز: "لا أنه".

ص: 682

تقول (1) له: صل وأنت محدث، بل تقول له: يجب عليك أن تزيل (2) الحدث وتصلي فأنت الآن مكلف بذلك، فكذلك نقول للكافر: أنت (3) الآن مكلف بإزالة الكفر وإيقاع الفروع، لا أنك مكلف بإيقاع الفروع (4) في زمان الكفر (5)، فهذا الجواب يرد ما قالوا (6) من أنه لا يصح (7) خطاب الكافر في حال كفره.

وأما قولهم: لا يصح خطاب الكافر بعد كفره لقوله عليه السلام: "الإِسلام يجبّ ما قبله".

فيستدل على بطلانه بهذا الحديث بعينه، وذلك: أن الجبّ معناه: القطع، وإنما يقطع ما هو متصل فيدل هذا الحديث على أن الخطاب بالتكليف قد اتصل، فلولا القاطع (8) لاتصل التكليف وبقي مستمرًا.

وحجة الخطاب بالنواهي دون الأوامر: أن النواهي يخرج الإنسان عن عهدتها بمجرد تركها وإن لم يقصد إليها، وأما الأمر فلا يخرج من عهدته (9) حتى يعتقد وجوبه، وذلك: أن المأمور به يتوقف على النية والاعتقاد، وذلك

(1) في ط: "يقال".

(2)

في ط: "محدث كافر بل نقول يجب عليك أن تزول".

(3)

"أنت" ساقطة من ز.

(4)

"الفروع" ساقطة من ز.

(5)

ذكر هذا الجواب القرافي في شرح التنقيح ص 165.

(6)

في ط: "قاله".

(7)

في ز: "يصلح".

(8)

في ز وط: "القطع".

(9)

في ز: "عهدتها".

ص: 683

لا يصح من الكافر، فلا يؤمر بما لا يصح منه، وأما المنهي (1) عنه فيخرج الإنسان عن عهدته بدون نية واعتقاد (2).

[ورد هذا: بأنه يلزمه أن يخاطب بالمأمور الذي لا يحتاج إلى نية كزوال النجاسة](3).

حجة خطاب المرتد دون الأصلي: أن المرتد قد تقدمت له (4) حالة (5) التكليف فوجب استصحابها بخلاف الأصلي؛ لأن الأصل استصحاب الحال (6).

قوله: (وفائدة الخلاف: ترجع إِلى مضاعفة العذاب (7) في الآخرة، وعينه الإِمام، أو إِلى (8) غير ذلك، وبسطه في (9) غير هذا الكتاب).

ش: هذا هو المطلب الثاني: وهو ثمرة الخلاف.

قال الإمام فخر الدين في المحصول: لا فائدة للتكليف (10) إلا مضاعفة

(1) في ط: "النهي".

(2)

في ط: "ولا اعتقاد".

(3)

ما بين المعقوفتين ساقط من ط.

(4)

في ز: "به".

(5)

"حالة" ساقطة من ط.

(6)

في ز وط: "فوجب استصحابها؛ لأن الأصل استصحاب الحال بخلاف الأصلي".

(7)

في أوخ: "العقاب".

(8)

في ط: "أولى".

(9)

في ز: "وبسط ذلك في".

(10)

في ز: "في التكليف".

ص: 684

العذاب في الآخرة (1) ولا تأثير لهذا الاختلاف (2) في الأحكام المتعلقة بالدنيا، وإنما تأثير هذا الاختلاف في أحكام (3) الآخرة؛ لأن الكافر إذا مات على كفره فلا شك أنه يعاقب على كفره، وهل يعاقب مع ذلك على ترك الصلاة والزكاة وغيرها أم لا؟ فلا معنى لقولنا: إنه مخاطب بهذه العبارات إلا أنه يعاقب على تركها كما يعاقب (4) على ترك الإيمان (5).

قوله: (وعينه الإِمام) أي: عين الإمام تضعيف العذاب في الآخرة، أي: لا معنى لهذا الخلاف عنده إلا تضعيف العذاب، أي: تكثير العذاب في الآخرة، أو تقول: عيَّن الإمام هذا الوجه (6) المذكور وهو مضاعفة العذاب، وهما (7) بمعنى واحد.

قوله: (أو إِلى غير ذلك) أي: أو ترجع فائدة الخلاف إلى غير ذلك (8)، أي: إلى (9) غير هذا الوجه المذكور.

ذكر (10) المؤلف في شرح المحصول في ذلك وجوهًا (11):

(1) في ز وط: "في الدار الآخرة".

(2)

في ز: "الإخلاف".

(3)

في ط: "الاختلاف الأحكام".

(4)

في ز: "كما أنه يعاقب".

(5)

نقل المؤلف بالمعنى من المحصول ج 1 ق 2 ص 400.

(6)

"الوجه" ساقطة من ط.

(7)

"وهما" ساقطة من ز.

(8)

"ذلك" ساقطة من ط.

(9)

"أي إلى غير" ساقط من ز وط.

(10)

في ط: "وذكر".

(11)

في ط: "وجوهًا كثيرة".

ص: 685

[ومنها: تيسير الإسلام، وذلك أنه إذا قلنا: إن الكافر مخاطب بالفروع، وكان طيب النفس بالخيرات والصدقات (1) وأنواع الإحسان، فقد يكون ذلك سببًا لتيسير إسلامه استنباطًا من قوله عليه السلام: "إن المؤمن ليختم (2) له بالكفر بسبب كثرة ذنوبه" (3)، فيؤخذ منها (4) أن الكافر قد يختم له بالإيمان بسبب (5) كثرة حسناته، وإن وقع الإجماع على أنه لا يثاب عليها في الآخرة، ولكن ورد الحديث (6) الصحيح أنه يعطى بها في الدنيا (7)](8).

و (9) منها تضعيف العذاب في الآخرة كما ذكر ها هنا في الأصل.

ومنها: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار (10) في رمضان هل يجب عليه إمساك بقية اليوم أم لا؟ قولان.

ومنها: المسافر يقدم في أثناء النهار (11) في رمضان، هل يجوز له أن يطأ

(1) في ز وط: "من الصدقات".

(2)

في ز: "يختم".

(3)

لم أجد هذا الحديث فيما تيسر لي مطالعته من كتب الحديث.

(4)

في ز وط: "منه".

(5)

المثبت من ز وط، وفي الأصل:"سبب".

(6)

في ط: "في الحديث".

(7)

لم أجده في الصحاح، وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3/ 125) عن أنس رضي الله عنه من حديث طويل، وفيه:"وأما الكافر فيعطى بحسناته في الدنيا، فإذا لقي الله عز وجل يوم القيامة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرًا".

(8)

هذا الوجه الذي بين المعقوفتين ورد في ز وط هو آخر الوجوه.

(9)

"الواو" ساقطة من ط.

(10)

في ط: "نهار رمضان".

(11)

في ط: "نهار رمضان".

ص: 686

امرأته (1) الكتابية أم لا (2)؟

ومنها: الكافر إذا أسلم في آخر الوقت هل يقدر له ما يحتاج إليه من الطهارة (3)، وستر العورة، أو يقدر له من حين إسلامه (4)؟

سبب الخلاف في الجميع الخطاب وعدمه.

انظر (5) تمام المسألة في: شرح (6) المحصول للمؤلف (7).

(1) في ط: "زوجته".

(2)

في ط وز: "أم لا قولان".

(3)

في ط: "الطهار".

(4)

في ز وط: "إسلامه قولان".

(5)

في ز: "وانظر".

(6)

"المسألة في شرح" ساقط من ز.

وفي ط: "انظر شرح المحصول للمؤلف. ش: قوله: "إن المصدر".

(7)

يقول القرافي في نفائس الأصول: قوله: "واعلم أنه لا أثر في الأحكام المتعلقة بالنهى لأنها لا تصل لا حالة الكفر ولا بعد الإسلام".

قلنا: بل يظهر أثره في الدنيا من وجوه:

أحدها: أنه قد يكون ذلك سببًا لإسلامه؛ لأنه جاء في الحديث: "إن الرجل ليختم له بالكفر بسبب كثرة ذنوبه" ومقتضى ذلك أن يختم له بالإسلام بسبب كثرة خيره وبره.

وثانيها: أن الإسلام يكون أوقع في صدره إذا كان كثير الفساد والفسوق والفجور مضافًا إلى الكفر، فإذا علم أن الإسلام يجبّ ذلك كله كان ميله إلى الإسلام أشد.

وثالثها: أنه يتجه اختلاف العلماء في استحباب إخراج زكاة الفطر إذا أسلم في أيام الفطر.

ورابعها: أنه يتجه إقامة الحدود عليهم، لا سيما الرجم عند الشافعي؛ فإن العقوبات مع المعصية والمخالفات حتى تلك الجنايات مناسبة أما أنَّا نعاقبه وهو لم يعص بذلك =

ص: 687

. . . . . . . . . . . . . . . .

= الفعل الذي نعاقبه عليه فبعيد عن القواعد، فالقائل بأنهم مكلفون يسلم من مخالفة القواعد، وهو أثر جميل.

وخامسها: استحباب قضاء الصوم إذا أسلم في أثناء الشهر ملاحظة لتقدم الخطاب في حقه، وكذلك وجوب إمساك بقية اليوم الذي أسلم فيه، بخلاف الصبي والحائض.

وسادسها: لا يشترط إذا أسلم في آخر الوقت بقاء وقت الاغتسال والوضوء، بل تجب الصلاة بإدراك وقت يسع ركعة.

وسابعها: تفصيل معاملاتهم على معاملات المسلمين، فإنا إذا قلنا: ليسوا مخاطبين بالتحريم كانت معاملتهم فيما أخذوه على خلاف القواعد الشرعية أخف من معاملة المسلم؛ لأنه عاص بذلك العقد وقد نهاه الله تعالى عنه، ولم ينه الكافر، ولأنه إذا أسلم أقر على ما بيده من الربا والغصوب بخلاف المسلم إذا تاب.

وإذا قلنا: إنهم مخاطبون بالفروع، فلا استحسان في معاملتهم من جهة أن كلا الفريقين تعاطى العقود المحرمة ولم يبق الحق إلا من جهة أن الإسلام يقر لهم الغصوب، والربا، وثمن الخمر وغيرها.

وثامنها: أن عقد الجزية يكون من جملة آثاره ترك الإنكار للفروع فإنه سبب شرع، كذلك إن قلنا: إنهم مخاطبون، وإلا فلا يكون شرع سببًا إلا لترك إنكار الكفر خاصة.

وتاسعها: أن العلماء اختلفوا في الكافر إذا طلق أو أعتق وبقيا عنده حتى يسلم هل يلزمه ذلك أو لا؟

فإذا قلنا: إنهم ليسوا مخاطبين، أمكن تخريج عدم اللزوم على ذلك؛ فإن من جملة الفروع نصب الأسباب، والعتاق والطلاق سببان إذا لم ينصبا في حقهم لما يلزمهم أثرهما.

وعاشرها: الأوقاف والهبات والصدقات إذا باعوها بعد صدور أسبابها، إذا قلنا: ليسوا مخاطبين لا نمنعهم، وهو مذهب مالك.

انظر: نفائس الأصول، تحقيق عادل عبد الموجود وعلي معوض (4/ 1580 - 1581).

ص: 688