الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع عشر في الحُسن والقُبح
(1)
ش: مقصود المؤلف بهذا الفصل أن يبين أن العقل لا مجال له في إدراك شيء من أحكام الله تعالى لا بتحسين ولا بتقبيح.
قال جمال الدين ابن الحاجب: لا يحكم العقل بأن الفعل حسن أو قبيح في حكم الله تعالى (2).
وفي هذا الفصل مطلبان:
أحدهما: تلخيص محل النزاع بين أهل السنة وأهل الاعتزال في هذا الفصل.
والثاني: بيان حكم الأشياء قبل ورود الشرائع.
(1) انظر معنى الحسن والقبح وتفصيل القول في ذلك في: شرح التنقيح للقرافي ص 89، شرح التنقيح للمسطاسي ص 36، التوضيح شرح التنقيح لأحمد حلولو ص 77، المحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 159، الإحكام للآمدي 1/ 79، نهاية السول 1/ 82، مختصر ابن الحاجب وشرحه 1/ 200، حاشية البناني على جمع الجوامع 1/ 57، العدة لأبي يعلى 1/ 167، المستصفى للغزالي 1/ 55، 56، البرهان للجويني 1/ 87، شرح الكوكب المنير 1/ 300 - 322، تيسير التحرير 2/ 152، مدارج السالكين لابن القيم 1/ 231 - 238، التوضيح على التنقيح 1/ 331 وما بعدها، الميزان للسمرقندي ص 176، المغني للخبازي ص 60.
(2)
مختصر المنتهى لابن الحاجب المطبوع مع شرح العضد وحواشيه 1/ 198.
أما تلخيص محل النزاع: فقد ذكر المؤلف أن الحسن والقبح له ثلاثة استعمالات وهي:
قوله: (حسن الشيء وقبحه يراد به (1): ما يلائم الطبع (2) وينافره كإِنقاذ الغرقى، وإِيلام (3) الأبرياء، وكونهما (4) صفة كمال أو نقص نحو: العلم حسن، والجهل قبيح، وكونهما (5) موجبين (6) للمدح أو الذم (7) الشرعيين، فالأولان (8) عقليان إِجماعًا، والثالث شرعي عندنا لا يعلم ولا يثبت إِلا بالشرع، فالقبيح ما نهى الله (9) عنه، والحسن ما لم ينه عنه، وعند المعتزلة: هو (10) عقلي لا يفتقر إِلى ورود الشرائع، بل العقل يستبد (11) بثبوته (12) قبل الرسل).
ش: فذكر المؤلف في هذا الكلام أن الحسن والقبح له ثلاثة (13)
(1) في أوخ وش: "بهما"
(2)
في أ: "ما لاءم الطبع ونافره"، وفي ش:"أو ينافره"، وفي ط:"وما بنافره".
(3)
في أوخ وش: "اتهام".
(4)
في أوخ: "وكونه".
(5)
في أوخ: "وكونه".
(6)
في أوخ وش: "أو كونه موجبًا".
(7)
في أ: "لمدح الله وذمه".
(8)
في أوخ و: "والأولان".
(9)
في خ وش: "ما نهى الله تعالى عنه"
(10)
"هو" ساقطة من ز.
(11)
في ش: "يستقل"، وفي أوخ:"اقتضى".
(12)
في أوخ: "ثبوته".
(13)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"ثلاث".
استعمالات أحدها: موافقة الطبع ومخالفته.
وهو معنى قوله: (ما يلائم الطبع وينافره)(1)، فالملاءمة هي الموافقة، والمنافرة: هي المخالفة.
مثله المؤلف بـ (إِنقاذ الغرقى، وإِيلام الأبرياء)، فإن إنقاذ الغريق من البحر يوافقه الطبع؛ لأنه ينشرح له ويفرح به، وإيلام البريء من الجناية أي عقاب البريء من الجناية يخالفه الطبع، لأنه يتألم منه
الاستعمال الثاني: كونهما صفة كمال أو نقص، مثّله المؤلف بقوله:(العلم حسن، والجهل قبيح)، وكذلك قولك: الإيمان حسن، والكفر قبيح، وكذلك قولك: الجود حسن، والبخل قبيح وغير ذلك.
الاستعمال الثالث: كونهما موجبين للمدح والذم الشرعيين (2) كإيجاب الإيمان الجنة، وايجاب الكفر النار، فهذه ثلاثة استعمالات.
قوله: (فالأولان: عقليان إِجماعًا) يعني: أن القسمين الأولين من هذه الثلاثة وقع الإجماع والاتفاق بين أهل السنة وأهل الاعتزال على أن العقل يستقل بإدراكها من غير ورود الشرائع، فيدرك العقل أن الحسن موافق للطبع، وأن القبيح مخالف للطبع، وأن العلم كمال، وأن الجهل نقصان.
(1) بين الشربيني المراد بالطبع فقال: وليس المراد بالطبع المزاج حتى يرد أن الموافق للغرض قد يكون منافرًا للطبع كالدواء الكريه للمريض، بل الطبيعة الإنسانية المائلة إلى جلب المنافع ودفع المضار.
انظر: تقريرات الشربيني المطبوعة بهامش حاشية البناني 1/ 57.
(2)
في ط: "الشرعي".
قوله: (والثالث: شرعي عندنا).
يعني: أن القسم الثالث هو محل النزاع، وهو: كون الفعل يوجب الندم (1) أو الذم الشرعيين، فهو عند أهل السنة شرعي أي: لا يعلم ولا يثبت إلا بالشرع، وهو عند أهل الاعتزال عقلي، أي: يعلم بالعقل، ولا يفتقر إلى ورود الشرائع (2).
(1) في ز: "المدح".
(2)
ذكر ابن القيم في هذه المسألة ثلاثة أقوال:
الأول: لبعض نفاة التحسين والتقبيح قالوا: ليست في ذاتها قبيحة، وقبحها والعقاب عليها إنما ينشأ بالشرع.
الثاني: المعتزلة قالوا: قبحها والعقاب عليها ثابتان بالعقل.
الثالث: أن الفعل نفسه قبيح وأنه لا يعاقب إلا بإرسال الرسل، ولا تلازم بين الأمرين، واختاره ابن القيم.
وِاستدل على كون الفعل في نفسه قبيحًا بآيات كثيرة، منها قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} (33 الأعراف)، ولو كان كونها فواحش إنما هو لتعلق التحريم بها وليست فواحش قبل ذلك لكان حاصل الكلام: قل إنما حرم ربي ما حرم .... فمن قال: إن الفاحشة والقبائح والآثام إنما صارت كذلك بعد النهي فهو بمنزلة من يقول: الشرك إنما صار شركًا بعد النهي وليس شركًا قبل ذلك، ومعلوم أن هذا وهذا مكابرة صريحة للعقل والفطرة، فالظلم ظلم في نفسه قبل النهي وبعده، والفاحشة كذلك وكذلك الشرك؛ لأن الحقائق صارت بالشرع كذلك، نعم؛ الشارع كساها بنهيه قبحًا إلى قبحها. فكان قبحها من ذاتها وازدادت قبحًا عند العقل بنهي الرب تعالى عنها وذمه لها، وإخباره ببغضها وبغض فاعلها
…
الدليل الثاني: إنكاره سبحانه قبح الشرك به في إلهيته وعبادة غيره معه بما ضربه لهم من الأمثال وأقام على بطلانه بالأدلة العقلية منها: قِوله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ =
وبيان ذلك: أن من أنقذ غريقًا ففي فعله أمران:
أحدهما: كون الطبع السليم ينشرح له، وهذا عقلي باتفاق.
والأمر الثاني: كونه يثيبه (1) الله على ذلك [في الآخرة](2) وهذا محل النزاع.
وكذلك من غرق إنسانًا ظلمًا فيه أيضًا أمران:
أحدهما: كون الطبع السليم يتألم منه، وهذا عقلي اتفاق (3) أيضًا.
= لَا يَعْلَمُونَ} (29 سورة الزمر)، احتج سبحانه على قبح الشرك بما تعرفه العقول من الفرق بين حال مملوك يملكه أرباب متعاسرون، وحال عبد يملكه سيد واحد، فكذلك على المشرك والموحد، ولو كان إنما قبح بالشرع لم يكن لتلك الأدلة والأمثال معنى.
أما الدليلِ علِى أن العقاب بعد إرسال الرسل فالأدلة كثيرة منها قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (15 سورة الإسراء) وغيرها من الآيات.
ويوضح ابن القيم عدم التلازم بين الأمرين فيقول: "والحق الذي لا يجد التناقض إليه السبيل أنه لا تلازم بينهما وأن الأفعال في نفسها حسنة وقبيحة، كما أنها نافعة وضارة، والفرق بينهما كالفرق بين المطعومات والمشمومات والمرئيات، ولكن لا يترتب عليها ثواب ولا عقاب إلا بالأمر والنهي، وقبل ورود الأمر والنهي لا يكون قبيحًا موجبًا للعقاب مع قبحه في نفسه، بل هو في غاية القبح، والله لا يعاقب عليه إلا بعد إرسال الرسل، فالسجود للشيطان، والأوثان، والكذب، والزنا، والظلم، والفواحش، كلها قبيحة في ذاتها والعقاب عليها مشروط بالشرع.
بتصرف واختصار من كتاب مدارج السالكين لابن القيم 1/ 231، 232، 234، 238.
(1)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"يثيب".
(2)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(3)
في ط وز: "باتفاق".
والأمر الثاني: كونه يعاقبه الله (1) تعالى (2).
وهذا محل النزاع: قال أهل السنة: لا يعلم بالعقل ولا يعلم إلا بالرسل، فإن الثواب والعقاب والأحكام الشرعية وأحوال يوم القيامة لا يعلم شيء من ذلك إلا بالرسل.
وقال أهل الاعتزال: يعلم ذلك بالعقل، فيوجبون بالعقل خلود الكفار (3) وأصحاب الكبائر في النار (4)(5)، ويوجبون دخول المؤمنين الجنة، وخلودهم فيها، وغير ذلك مما أوجبوه بالعقل؛ إذ هو عندهم من باب العدل؛ لأن العقل عندهم يستبد بثبوته قبل الرسل.
ومستندهم في هذه المسألة أن الله تعالى حكيم، والحكيم يستحيل عليه إهمال المصالح والمفاسد، أي: يستحيل عليه إهمال المفاسد فلا يحرمها، وإهمال المصالح فلا يأمر بها، فيكون كل ما ثبت بعد الشرع فهو ثابت قبله؛ لأنه لو لم يثبت قبله لوقع (6) إهمال المفاسد والمصالح (7)، وهذا معنى قوله:(بل العقل يستبد بثبوته قبل الرسل)، ومعنى هذا الاستقلال عندهم: أن
(1) في ط وز: "يعاقبه الله على ذلك".
(2)
"تعالى" لم ترد في ز.
(3)
في ز: "الكافر".
(4)
"في النار" ساقطة من ز.
(5)
انظر: شرح الطحاوية ص 323، 324.
(6)
في ط: "لوقوع".
(7)
في ط: "وإهمال المصالح".
العقل أدرك أن الله تعالى (1) حكم (2) بتحريم المفاسد، وإيجاب المصالح وليس العقل هو الموجب والمحرم، بل الموجب والمحرم هو الله تعالى وذلك عندهم يجب له لذاته لكونه حكيمًا، كما يجب له لذاته لكونه (3) عليمًا (4).
وأهل السنة يقولون: معنى كونه حكيمًا كونه متصفًا بصفات الكمال من العلم العام التعلق والقدرة العامة، التأثير والإرادة النافذة، أي العامة النفوذ لا بمعنى أنه يراعي المفاسد والمصالح، بل له تعالى أن يضل الخلق أجمعين وله أن يهديهم أجمعين، وله أن يهدي البعض، ويضل البعض، وله أن يفعل في ملكه ما يشاء [ويحكم ما يريد، فكل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل، والخلائق دائرون بين فضله وعدله (5).
قال الله تعالى: {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} (6)] (7).
وقال تعالى (8): {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (9).
(1)"تعالى" لم ترد في ط.
(2)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"حكيم".
(3)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"كونه".
(4)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 90.
(5)
انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 90، 91.
(6)
سورة الأنبياء آية رقم (23).
(7)
ما بيِن المعقوفتين ساقط من ط.
(8)
"تعالى" لم ترد في ط.
(9)
سورة السجدة آية رقم (13).
قوله: (فالقبح (1) ما نهى الله عنه، والحسن ما لم ينه عنه (2)).
ش: هذا تفسير القبيح والحسن عند أهل السنة.
وقيل: القبيح ما نهى الله عنه (3) والحسن ما أمر الله به (4).
وقيل: القبيح ما أمرنا بذم فاعله، والحسن ما أمرنا بمدح فاعله.
وقالت المعتزلة: القبيح ما اشتمل على صفة لأجلها يستحق فاعلها الذم، والحسن ما ليس كذلك.
والمراد بالصفة عندهم هي (5) المفسدة، فقول المؤلف: الحسن ما لم ينه عنه هو: قول المعتزلة: [الحسن ما ليس كذلك](6).
فالحسن على هذا تندرج (7) فيه أفعال الله تعالى؛ لأنها لم ينه عنها، وكذلك أفعال غير المكلفين، والساهي (8) والغافل، والنائم، والمجنون، والصبي، والبهيمة؛ لأنها لم ينه عنها، وتندرج (9) في الحسن جميع الواجبات، والمندوبات، والمباحات.
[واعترض على من قال: الحسن ما أمر به: فإنه غير جامع لخروج
(1) في ط وز: "فالقبيح".
(2)
"عنه" وردت في ط، ولم ترد في الأصل وز.
(3)
"عنه" ساقطة من ط.
(4)
في ط: "والحسن ما لم ينه عنه".
(5)
المثبت من ز، وفي الأصل وط:"هو".
(6)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(7)
في ط وز: "يندرج".
(8)
في ط وز: "كالساهي".
(9)
في ط: "ويندرج".
المباحات وأفعال الله تعالى (1) منه، وأفعال غير المكلفين؛ لأنها غير مأمور بها (2)] (3).
واعترض على من قال: الحسن ما أمرنا بمدح (4) فاعله: بأنه غير جامع؛ لخروج المباح منه (5)، وفعل غير المكلف، وحد المؤلف أولى؛ لأنه يعم (6) الجميع.
قوله: (وإِنما الضرائع مؤكدة لحكم العقل فيما علمه ضرورة كالعلم بحسن الصدق النافع، وقبح الكذب الضار، أو نظرًا كحسن الصدق (7) الضار، وقبح الكذب النافع (8)، أو مظهرة لما لم يعلمه (9) العقل ضرورة ولا نظرًا، كوجوب (10) صوم (11) آخر يوم من رمضان وتحريم صوم (12) أول يوم من شوال).
ش: لما ذكر المؤلف أن المعتزلة [قالوا (13): يستبد العقل بثبوت الأحكام
(1) في ط: "عز وجل"
(2)
في ط: "به".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ز.
(4)
في ط: "مدح".
(5)
"منه" ساقطة من ز.
(6)
في ط: "يعلم".
(7)
في أ: "الصدر".
(8)
في ز: "كحسن الكذب النافع وقبح الصدق الضار".
(9)
في ط: "لا يعلمه".
(10)
في أوخ: "كوجوب آخر يوم من رمضان".
(11)
في ش: "كصوم".
(12)
المثبت من ط وز، ولم ترد "صوم" في الأصل.
(13)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
قبل ورود الرسل استشعر (1)[سؤال](2) قائل يقول: ما (3) فائدة الشرائع عندهم إذًا؛ حيث استقل العقل بإدراك ما جاءت به الشرائع؟ فقال: وإنما الشرائع مؤكدة (4) لحكم العقل
…
إلى آخره.
فذكر المؤلف أن الفعل على مذهب المعتزلة ينقسم على ثلاثة أقسام:
منه ما يدركه العقل بضرورته.
ومنه ما يدركه العقل بنظره.
ومنه ما لا يدركه العقل لا بضرورته ولا بنظره، وإنما يدرك بالسمع.
وبيان ذلك: أن ما علمت مصلحته، ولم تقابله مفسدة علم حسنه ضرورة، كحسن الصدق النافع؛ لأن كونه صدقًا جهة حسن (5)، و (6) كونه نفعًا جهة حسن أيضًا، وما علمت مفسدته ولم تقابله مصلحة علم قبحه ضرورة كقبح الكذب الضار؛ لأن كونه كذبًا جهة قبح، وكونه ضرر (7) جهة قبح أيضًا [ولا مدخل للنظر في هذين القسمين عندهم لاتحاد جهة الحسن واتحاد (8) جهة القبح](9).
(1) المثبت من ط وز، وفي الأصل:"المستشعر".
(2)
المثبت بين المعقوفتين من ط وز، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ز: "وما".
(4)
المثبت من ط وز، وفي الأصل:"موحدة".
(5)
"حسن" ساقطة من ط.
(6)
"الواو" ساقطة من ط.
(7)
في ز: "ضارًا".
(8)
في ط: "والاتحاد".
(9)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
وما تعارضت فيه المصلحة والمفسدة فهو: محل النظر والتفكر (1) والتدبر، والتأمل، والاجتهاد [كحسن الصدق الضار، وقبح الكذب النافع (2)، وإنما يحتاج العقل ها هنا إلى النظر](3) والاجتهاد لاحتمال ترجيح المصلحة على المَفسدة فيقضى بالحسن، أو ترجيح (4) المفسدة على المصلحة فيقضى بالقبح، أو تستوي (5) الحالتان فيجب التوقف، فلا بد من النظر في كل صورة حتى يقضي بحسنها، أو بقبحها، أو يتوقف (6) فيها.
قوله: (كحسن الصدق النافع، وقبح الكذب الضار)(7).
مثال ذلك: إذا سألك رجل عمن طلبه بحق، وأنت تعلم موضعه فإن صدقت في إخبارك بموضعه كان صدقًا نافعًا، وإن كذبت كان كذبًا ضارًا.
ومثال الصدق (8) الضار، وقبح الكذب النافع: إذا سألك الرجل عمن طلبه بظلم فإن صدقت في إخبارك بموضعه كان صدقًا ضارًا، وإن كذبت كان كذبًا نافعًا، فهذا محل النظر عند العقل لتردده بين أصلين، [فهذا بيان القسمين](9) الضروري والنظري.
(1) في ز: "والفكر".
(2)
في ز: "كحسن الكذب النافع وقبح الصدق الضار".
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.
(4)
في ط: "وترجيح".
(5)
في ط: "وتستوي"
(6)
في ط: "ويتوقف".
(7)
في ز: "كحسن الكذب النافع، وقبح الصدق الضار".
(8)
يقتضي السياق أن يقول: "ومثال حسن الصدق الضار".
(9)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
وأما القسم الثالث الذي لا يدرك بالعقل، وإنما يدرك بالسمع كوجوب صوم آخر يوم من رمضان، وتحريم أول يوم (1) من شوال، وكذلك جميع العبادات، فلا يقدر العقل على إدراك الفرق بين الأوقات المعينة للعبادات، وبين غيرها من سائر الأوقات، ولا يدرك ذلك إلا بالشرع، فالشرائع عندهم مظهرة في هذا القسم للحكم الثابت بالعقل، [قبل](2) ورود الشرع، والشرائع مؤكدة في القسمين المعلومين للعقل بضرورته (3) أو بنظره (4).
قوله: (وعندنا الشرع الوارد منشئ (5) للجميع).
ش: يعني: أن مذهب أهل السنة أن الشرائع هي المنشئة، أي المبتدئة لجميع الأحكام الثلاثة، ولا مجال فيها للعقل، لا فرق بين ما علمه ضرورة أو نظرًا، ولا فيما لم (6) يعلمه لا ضرورة ولا نظرًا.
قوله: (وعندنا (7) الشرع الوارد منشئ للجميع) هو تكرار لقوله: (والثالث شرعي عندنا لا يعلم، ولا يثبت إِلا بالشرع)، وإنما كرره ليركب (8)
(1) في ط: "وتحريم يوم أول من شوال".
(2)
المثبت من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(3)
في ز: "بضرورة".
(4)
في ز: "بنظر".
(5)
في ش: "وعندنا الشرائع الواردة مثبتة للجميع".
(6)
في ز: "لا يعلمه".
(7)
في ط: "وعند".
(8)
في ز: "ليرتب".
عليه [المسألة الثانية؛ لأنها لازمة عنه](1) وهي (2) قوله: (فعلى رأينا لا يثبت حكم قبل الشرع).
قوله: (فعلى رأينا لا يثبت حكم قبل الشرع).
ش: أي لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود الشرع عندنا.
قوله: (خلافًا للمعتزلة في قولهم أن كل ما ثبت (3) بعد الشرع فهو ثابت قبله).
ش: يعني: أن المعتزلة قالوا: الأفعال (4) التي يقضي العقل بها (5) بحسن أو قبح، وهي: الواجب، والمحظور، والمندوب، والمكروه، والإباحة (6) وهي ثابتة قبل ورود الشرع.
وأما الأفعال التي لا يقضي العقل فيها بحسن ولا قبح فقد اختلفوا فيها على أربعة أقوال:
الوجوب (7)، والتحريم، والإباحة، والوقف، ذكرها سيف الدين الآمدي (8).
(1) ما بين المعقوفتين من ز، وفي ط:"ليركب عليه ما بعده".
(2)
في ز: "وهو".
(3)
في ش: "ما يثبت".
(4)
"الأفعال" ساقطة من ط.
(5)
في ز: "فيها".
(6)
في ط وز: "والمباح".
(7)
في ط: "الواجب".
(8)
ذكر سيف الدين الآمدي ثلاثة أقوال فقط: الحظر، والإباحة، والوقف.
نظر: الإحكام 1/ 92.
ولم يذكر المؤلف فيها إلا قولين: الحظر والإباحة خاصة.
قوله: (وخلافًا للأبهري (1) من أصحابنا القائل بالحظر مطلقًا، وأبي الفرج (2) القائل بالإِباحة مطلقًا).
ش: هذا هو المطلب الثاني في حكم الأفعال (3) قبل ورود الشرع، فذكر المؤلف فيها لأهل السنة ثلاثة أقوال:
أحدها التوقف، أي: لا حكم فيها حتى يرد الشرع، وهو قوله:(فعلى رأينا لا يثبت حكم (4) قبل الشرع) وهذا قول الجمهور.
(1) هو أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح التميمي الأبهري، نسبة إلى أبهر، ولد سنة (289 هـ)، سكن بغداد، وحدث عن محمد بن الحسين الأشناني، وعبد الله ابن زيد الكوفي، وأبي بكر بن أبي داود السجستاني، وكان أبو بكر معظمًا عند سائر علماء وقته، وكان رجلاً صالحًا خيّرًا ورعًا فقيهًا عالمًا، توفي سنة (375 هـ)، من آثاره: كتاب الأصول، كتاب إجماع أهل المدينة، الأمالي، وغيرها.
انظر: تاريخ بغداد 5/ 462، الوافي بالوفيات للصفدي 3/ 308، شذرات الذهب 3/ 86، الديباج المذهب، 2/ 206.
(2)
هو أبو الفرج عمرو بن محمد بن عبد الله الليثي البغدادي القاضي، ولي قضاء طرسوس وأنطاكية، وكان فصيحًا لغويًا فقيهًا متقدمًا، ولم يزل قاضيًا إلى أن مات، روى عنه أبو بكر الأبهري، وأبو علي بن السكن، وعلي بن الحسين بن بندار ابن القاضي الأنطاكي، توفي سنة (330)، من مصنفاته: اللمع، والحاوي في مذهب مالك.
انظر: الديباج المذهب، 2/ 127، شجرة النور الزكية 1/ 79.
(3)
انظر هذه المسألة في: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص 90، شرح التنقيح للمسطاسي ص 55، البرهان 1/ 99، المحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 209 - 219، المعتمد 2/ 315 - 322، المستصفى 1/ 63، الإحكام للآمدي 1/ 91 - 94، الإبهاج في شرح المنهاج 1/ 142، شرح الكوكب المنير 1/ 325 - 327، الإحكام لابن حزم 1/ 47 - 54، المسودة ص 474 - 480.
(4)
في ط: "الحكم".
القول الثاني: أنها على الحظر مطلقًا أي: لا فرق بين ما اطلع العقل، وما لم يطلع عليه، وهو قوله:(خلافًا للأبهري من أصحابنا القائل بالحظر مطلقًا).
القول الثالث: أنها على الإباحة مطلقًا ولا فرق (1) بين ما اطلع العقل عليه، وما لم يطلع عليه، وهو قوله:(وأبي الفرج القائل بالإِباحة مطلقًا).
قوله: (وكذلك قال بقولهما جماعة من المعتزلة فيما لم يطلع العقل على حاله (2) كآخر يوم من رمضان).
ش: يعني أن جماعة من المعتزلة قالوا بالحظر كما قال الأبهري
وقال جماعة من المعتزلة أيضًا (3) بالإباحة كما قال أبو الفرج المالكي
ولكن إنما قالت بالحظر وإلإباحة في الأفعال (4) التي لم يطلع العقل على حالها، أي: على مصلحتها، أى: لم يطلع على حسنها، ولا قبحها كوجوب صوم آخر يوم من رمضان، وتحريم صوم (5) أول (6) يوم من شوال وغير ذلك من العبادات
وأما ما اطلع العقل على حسنه وقبحه فقد انقسم عندهم إلى الأقسام الخمسة، وذلك أن ما حسنه العقل فإن استوى فعله وتركه في النفع والضر
(1) في ز: "أي لا فرق".
(2)
في ط: "عليه أي على حاله".
(3)
في ط وز: "أيضًا من المعتزلة"
(4)
في ط وز: "الأمور"
(5)
"صوم" ساقطة من ز.
(6)
"أول" ساقطة من ط.
فهو مباح، فإن ترجح فعله على تركه ولحق الذم (1) بتركه فهو واجب، وإن لم يلحق الذم على تركه فهو مندوب، وما قبحه العقل إن (2) ترجح تركه على فعله والتحق الذم بفعله فهو حرام، وإن لم يلحق الذم على فعله فهو مكروه، كما تقدمت (3) الإشارة [إليه] (4) بقوله: خلافًا للمعتزلة في قولهم أن كل ما ثبت بعد الشرع فهو ثابت قبله (5).
قوله: (وكذلك قال بقولهما جماعة من المعتزلة فيما لم يطلع العقل على حاله كآخر يوم من رمضان (6)) (7).
مفهومه أن ما اطلع العقل على حاله ليس كذلك، وهو كذلك؛ لأن ما اطلع العقل على مصلحته من حسن أو قبح، يحكمون فيه بمقتضى العقل عندهم كإنقاذ الغريق، وعقاب البريء، وإطعام الجوعان (8)، وإكساء العريان، وإرواء العطشان، وإغاثة الملهوف، وإنما هذا الخلاف المذكور
(1) في ط وز: "لوم".
(2)
في ز: "أو".
(3)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"تقدم"
(4)
المثبت بين المعقوفتين من ز وط، ولم يرد في الأصل.
(5)
"قبله" ساقطة من ز.
(6)
في ش: "كآخر يوم من رمضان، وأول يوم من شوال".
(7)
يقول المسطاسي في شرح التنقيح (ص 56): فإن قيل: فمن قال بهذين المذهبين وهما: الأبهري وأبو الفرج المالكي يلزم: أن يكون موافقًا للمعتزلة في إثبات الأحكام الشرعية والثواب والعقاب من طريق العقل.
فالجواب: أن الأمر ليس كذلك، لأن مدارك هؤلاء الفقهاء شرعية، ولا يلزم من الموافقة في المذهب الموافقة في المدرك، فهؤلاء الفقهاء وافقوا المعتزلة فى المذهب وخالفوهم في المدرك والمسند.
(8)
في ز: "الجيعان".
للمعتزلة بالحظر والإباحة مخصوص عندهم بما لم يطلع العقل على مصلحته.
ودليل من قال من المعتزلة بالحظر (1) فيما لم يطلع العقل على حاله: أن الإقدام على ذلك تصرف في ملك الغير بغير إذنه فلا يجوز عقلاً وعرفًا كما في الشاهد في أخذ مال الغير.
وأجيب عنه: بأن عدم جواز التصرف في ملك الغير مبني على السمع، والسمع معدوم.
ودليل القائلين من المعتزلة بالإباحة (2) فيما لم يطلع العقل على حاله: أن الله تعالى خلق الأشياء وخلق العباد لينتفعوا بها، فدل ذلك على الإباحة بمنزلة تقديم الطعام بين يدي إنسان.
وأجيب عنه: بأنه لا نسلم أن الله تعالى خلق الأشياء للانتفاع لجواز أن يكون خلقها ليصبر (3) عنها.
وأما دليل الأبهري من أصحابنا القائل بالحظر مطلقًا؛ فقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ} (4).
مفهومه أن المتقدم قبل التحليل هو التحريم.
(1) انظر: المحصول للرازي ج 1 ق 1 ص 209، 216.
(2)
انظر المصدر السابق.
(3)
في ط: "ليبصر".
(4)
سورة المائدة آية رقم (4).
وكذلك قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ} (1) مفهومه أنها كانت قبل ذلك محرمة، فدل ذلك على أن الأشياء قبل الشرع على الحظر.
أجيب (2) عن الاستدلال بالآيتين: أن الثابت في دليل الخطاب إنما هو النقيض لا الضد، ونقيض الحلية عدم الحلية، وعدم الحلية أعم من التحريم، فالدال على الأعم غير دال على الأخص (3).
وأما دليل أبي الفرج المالكي القائل بالإباحة مطلقًا: فقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (4)، وقوله تعالى:{أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} (5).
وذلك يدل على الإذن في الجميع.
وأجيب عن الاستدلال بالآيتين بأنه يحتمل أن يكون خلقها للاعتبار لا للتصرف فيها (6)، أي: ليعتبر بها (7) ويستدل (8) بها على وجود الخالق، ووحدانيته، وقدمه، وبقائه، وصفاته جل وعلا لا ليتصرف فيها.
قال المؤلف في الشرح: من قال من أهل السنة بأن الأشياء قبل الشرع
(1) سورة المائدة آية رقم (1).
(2)
في ز: "وأجيب".
(3)
ذكر هذا الجواب المسطاسي في شرح التنقيح ص 56.
(4)
سورة البقرة آية (29).
(5)
سورة طه آية (50).
(6)
"فيها" ساقطة من ز.
(7)
في ز: "لنعتبر بها"، وفي ط:"لتعتنبر".
(8)
في ز: "ولنستدل".
على الحظر أو على الإباحة غير موافق من قال [من المعتزلة](1) بالحظر أو الإباحة؛ لأن مدرك أهل السنة الدليل السمعي، ومدرك أهل الاعتزال الدليل العقلي، فلو لم ترد الأدلة المذكورة لأهل السنة قالوا (2): لا علم لنا بتحريم، ولا تحليل، وأما أهل الاعتزال فإنهم يقولون: دليل العقل هو مدركنا فلا يضرنا عدم ورود الشرائع (3).
قوله: (لنا قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (4) نفى التعذيب قبل البعثة فينتفي ملزومه وهو الحكم).
ش: هذا دليل أهل السنة على إبطال (5) الحسن والقبح العقليين، وهو الاستدلال بنفي اللزوم على نفي الملزوم (6).
وتقرير هذا الدليل أن يقال: لو ثبت التكليف قبل بعثة الرسل لثبت لازمه وهو: التعذيب؛ لأن ثبوت الملزوم يقتضي ثبوِت اللازم، لكن التعذيب منتفٍ لقوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (7)، فإذا انتفى اللازم الذي هو التعذيب انتفى الملزوم الذي هو: الحكم وهو: التكليف؛ لأن نفي اللازم يقتضي انتفاء الملزوم فيقتضي ذلك ألَاّ حكم قبل البعثة (8).
(1) المثبت بين المعقوفتين من ط، ولم يرد في الأصل وز.
(2)
في ط: "لقالوا".
(3)
نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 92.
(4)
سورة الإسراء آية (15).
(5)
وهو دليل على أنه لا تكليف قبل ورود الشرع.
(6)
في ز: "اللازم".
(7)
سورة الإسراء آية (15).
(8)
في ط: "البعث".
قال المؤلف في الشرح: الاستدلال بقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} لا يتم إلا بمقدمتين، فإنه لا يلزم من نفي التعذيب نفي (1) التكليف لاحتمال أن يكون المكلف أطاع فلا تعذيب، مع أن التكليف واقع، أو يكون المكلف عصى، ولكن وقع العفو عنه بفضل الله، أو بالشفاعة، فلا بد من مقدمتين لينتهض (2) الاستدلال بالآية: المقدمة الأولى: قولنا: لو كلفوا قبل البعثة لعصوا (3) عملاً بالغالب، فإن الغالب على العالم العصيان، لقوله تعالى:{وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ} (4)، وقوله تعالى:{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} (5).
المقدمة الثانية: قولنا: لو عصوا (6) لعذبوا عملاً بالأصل؛ لأن الأصل ترتب المسبب على سببه، فالعصيان (7) سبب التعذيب، فترتيب القياس إذًا: لو كلفوا لعصوا، ولو عصوا لعذبوا، فالعذاب لازم لازم التكليف، ولازم اللازم لازم، فانتفاء اللازم الآخر (8) يقتضي: انتفاء الملزوم الأول، فيلزم من انتفاء العذاب قبل البعثة انتفاء التكليف قبل البعثة، وهذا معنى قولي: نفي
(1) في ط: "بعد التكليف".
(2)
في ز: "لينتظم".
(3)
في شرح التنقيح للقرافي: "لتركوا".
(4)
سورة الأعراف آية رقم (102).
(5)
سورة الأنعام آية رقم (116).
(6)
في شرح التنقيح للقرافي: "لو تركوا لعوقبوا".
(7)
في ط وز: "المعصية".
(8)
في ط: "الأخير".
التعذيب قبل البعثة، فينتفي ملزومه وهو الحكم. انتهى (1).
قوله: (فينتفي ملزومه) أي: ملزوم التعذيب بواسطة العصيان؛ لأنه يلزم من انتفاء لازم اللازم انتفاء الملزوم الأول.
كما يقال: يلزم من انتفاء شرط الشرط انتفاء المشروط الأول، كما إذا (2) قلنا: الخطبة شرط في صلاة الجمعة، والطهارة شرط في الخطبة، يلزم (3) من انتفاء الطهارة في الخطبة انتفاء الصلاة.
قوله: (احتجوا بأنا نعلم بالضرورة حسن الإِحسان، وقبح الإِساءة).
ش: هذا دليل المعتزلة القائلين: بأن العقل يعرف الحسن والقبيح، ولا يفتقر إلى ورود الشرع؛ لأن كل عاقل يعلم بضرورة عقله حسن الإحسان، وقبح الإساءة، وذلك أمر ذاتي للعقل من غير نظر [إلى شرع](4) ولا عرف، ولو لم يكن ذلك أمرًا ذاتيًا للعقل لما كان الأمر كذلك.
قوله: (قلنا: محل الضرورة مورد الطباع، وليس محل النزاع).
ش: هذا جواب المؤلف عن دليل المعتزلة.
قال المؤلف في الشرح: ومعنى ذلك: أن العقل إنما أدرك حسن الإحسان من جهة أنه ملائم للطبع لا (5) من جهة أنه يثاب عليه، وقبح الإساءة من جهة منافرتها للطبع، لا من جهة أنه يعاف عليها، والضرورة حينئذ إنما هي في
(1) نقل المؤلف بالمعنى، انظر: شرح التنقيح للقرافي ص 94.
(2)
"إذا" ساقطة من ز.
(3)
في ز وط: "فيلزم".
(4)
المثبت من ز وط، وفي الأصل:"الشرع".
(5)
"لا" ساقطة من ط.
مورد الطباع (1) الذي هو الملائمة والمنافرة، لا في صورة النزاع الذي هو الثواب والعقاب، فدليل المعتزلة إذًا لا يمس محل النزاع (2)[وبالله التوفيق بمنّه](3).
…
(1) في ط: "الطبع".
(2)
نقل المؤلف بالمعنى من شرح التنقيح للقرافي ص 94.
(3)
ما بين المعقوفتين ساقط من ط.