المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وصور سبحانه وتعالى قوة البرق وأثرها في نفوسهم بقوله تعالى: - زهرة التفاسير - جـ ١

[محمد أبو زهرة]

الفصل: وصور سبحانه وتعالى قوة البرق وأثرها في نفوسهم بقوله تعالى:

وصور سبحانه وتعالى قوة البرق وأثرها في نفوسهم بقوله تعالى:

ص: 151

(يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ

(20)

والخطف معناه الأخذ السريع؛ ولذلك يطلق على الطائر إنه الخطاف لسرعة أخذه، وخَطِفَ من باب فرح، وهي اللغة الفصيحة السائغة في لغة العرب، وهناك لغة تجعلها من باب ضرب، فيقال خَطَفَ يخطَفُ، وقد قرئ بها فهما قراءتان، وقالها الأخفش، فرُوي أن الأخفش قال: خَطَفَ يَخْطَفُ، ولكن قال الجوهري: وهي قليلة رديئة لَا تكاد تعرف.

وعندي أنه إذا كانت هناك قراءة بكسر الطاء لَا يليق أن تذكر بأنها رديئة، وقد روى أنه قرأ بها علي زين العابدين، ويحيى بن وثاب، وقرأ بها يونس، والأولى أن يقال إنهما لغتان في حركة الطاء. هذا والآية الكريمة تصور شدة البرق من حيث إنه يكاد يخطف الأبصار ويذهبها لشدته، كما في قوله:(يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ)، أي يكاد البرق يأخذ أبصارهم سريعا، فلا يبصرون، وكانت السرعة في أخذه، لأنه ومضات تجيء سريعة وتختفي سريعا، ولا تبقى طويلا.

(كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا) أي كلما كان البرق كان الضوء المنير، فعندئذ يمشون فيه مطمئنين غير مسرعين؛ لأن المشي إذا اشتد كان سعيا، وإذا اشتد السعي كان عدْوًا، فكلما أضاء ساروا فيه سير اطمئنان، وإذا أظلم أي إذا انطفأ فأظلم الجو، وصار ظلاما - قاموا - أي وقفوا ساكنين سكون الحيارى راكدين، فهو قيام الحائر الراكد الذي لَا يدري ما الله فاعل، وعبر في الإضاءة بكلما لأنها مكررة بتكرر البرق، ولأنها حركة تغدو وتروح، فإذا جاء البرق وذهب توقعوا عودته، أما الإظلام فلا يطلبونه، وهو حال سلبية لَا تجدد فيها، لَا يطلبون، وقاموا تتضمن السكون والبقاء على ما هم عليه متحيرين مضطربين.

(وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ) لو شاء سبحانه وتعالى أن يذهب بسمعهم بالرعد والصواعق أو ببصرهم بالبرق الخاطف لذهب بها، أي لأخذها كما أعطاها، فقوله تعالى:(لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) معناه لاستردها، وأعادهم صما وعميا،

ص: 151

كما قال تعالى (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78).

ثم ذَيَّلَ سبحانه وتعالى الآيات الكريمات بكمال قدرته، فقال تعالت كلماته:(إِنَّ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير) وذلك التذييل لتأكيد قدرة الله تعالى على إذهاب سمعهم وأبصارهم، وكل قواهم، وقد أكد سبحانه قدرته القاهرة فوق عباده بعدة مؤكدات: بالجملة الاسمية أولا، وبـ " إن " ثانيا، وبذكر لفظ الجلالة الذي يدل على أنه مالك الوجود، ومالك كل موجود، وعموم قدرته على الأشياء كلها (إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ).

وهذه الأخبار كلها - من نزول الصيِّب المنهمر انهمارا، والظلمات المتكاثفة والرعد والبرق، وكون الأبصار يكاد سبحانه وتعالى يخطفها، أهي مجاز لأمور معنوية؟، أم هي حقائق وليست مجازا؛ ونقول إن هناك استعارة تمثيلية في جملة القول، ولا مانع أن تكون في كل جملة مجازا، ويتكون من هذه المجازات الصورة التمثيلية الكبرى.

ويميل إلى ذلك أكثر المفسرين، يقول الفراء في قوله تعالى:(كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فيهِ): أنهم كانوا كلما سمعوا القرآن، وظهرت لهم الحجج أنِسوا ومشوا معه، فإذا نزًّل من القرآن ما يَعْمَون فيه، ويضلون به، أو يُكَلَّفُونه قاموا أي ثبتوا على نفاقهم.

وروي عن ابن عباس " المعنى أنه كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم، وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك ".

وكذلك يفسر الصيب بالقرآن حياة الأرواح، والظلمات والرعد والبرق بما يكرهون به أنفسهم مما يحسبونه شرا عليهم من نصر للمؤمنين، وتمكين للإيمان، وهكذا.

وإن الحق هو أن المثل كله استعارة تمثيلية، أو تشبيه تمثيلي، فقد شبهت حالهم من أن القرآن ينزل في المؤمنين وهم جيرانهم ومعاشروهم، وفيه ماء الحياة الذي

ص: 152

يحي القلوب ويغذيهم. وأنالهم العبر والمثلات من تأييد الله تعالى، ونصره الدائم المستمر للمؤمنين، والخذلان الدائم لهم، وما يقرعهم من آيات بينات، وما يجيء إليهم من بلايا بسبب الخزايا التي تنزل بهم كالرعد الذي يقرع الأسماع والبينات تجيء إليهم نورا يسيرون فيه، ثم تظلم قلوبهم وينطفئ نور الحق بينهم.

شبهت حالهم والعلم البين بين أيديهم بحال قوم نزل عليهم غيث منهمر فيه ظلمات ورعد وبرق وصواعق، ومع ذلك لم ينتفعوا ولم يهتدوا.

فالكلام الكريم، فيه تشبيه حال بحال، وما فيه من مثل قوله تعالى:

(وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ) وقوله: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ) إنما هو من ترشيح الاستعارة، والترشيح هو ذكر الأوصاف المختصة بالمشبه به، كما إذا قلت عن شجاع: إنه ليث، ثم قلت: له لبد، أظفاره لم تقلم، فإن ذلك تقوية للاستعارة بذكر أوصاف خاصة بالمشبه به. والله أعلم.

* * *

العبادة والقدرة والكتاب

ذكر الله تعالى في أول السورة مكانة الكتاب، وأوصاف المتقين ثم أوصاف الذين كفروا، ثم ذكر أوصاف المنافقين، لأنهم شر هذا الوجود الإنساني، وداؤه، ويكمن فيهم سبب فساده.

بعد ذلك ذكر الله واجب العبادة، ومقام كتابه، فقال تعالى:

* * *

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)

* * *

ص: 153

هذه الآيات الكريمات تدعو إلى عبادة الله تعالى وحده، وتذكر أنه خالق من في الوجود، وأنه ربه الذي يَربَه وأنعم عليه بالنعم، وهذا يبين أن الكافرين والمنافقين على باطل، وأن أهل الحق وحدهم هم الذين يسلكون الصراط المستقيم.

ص: 154

(يَا أَيهَا الناسُ) قال بعض العلماء: إن الخطاب بـ " يا أيها الناس " يكون لأهل مكة، وخطاب " يا أيها الذين آمنوأ يكون للمؤمنين بعد الهجرة، ونرى أن هذا التخصيص ليس محكما دقيقا، فهذه سورة البقرة مدنية، وأهل الإيمان قد قاموا واستقروا، وأهل الشرك لايزالون قائمين بمكة.

وفوق ذلك جاء الخطاب بـ " يا أيها الناس " في سورة النساء، وهي مدنية فقد قال تعالى فيها:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُوا فَإنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)؛ ولذلك نرى أن ذلك الاستقراء غير كامل، والأقرب أن نقول إنه إذا كان بـ " يا أيها الناس " فإنه يعم المؤمنين والكافرين؛ لأنه يكون متضمنا خطابا للكافة، ويكون المطلوب فيه إجابة الدعوة الحمدية بالتوحيد، مع ذكر البرهان العام الدال على التوحيد وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم. أما النداء بـ " يا أيها الذين آمنوا " فإنه يكون متجها إلى بيان الأحكام التكليفية: نهيا أو طلبا، أو إباحة بنص شرعي، وسواء أكان التكليف يتعلق بالأسرة أم بالعلاقات الدولية، أم كان بالتحريض على الجهاد.

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) قالوا إن النداء بـ " يا " يكون للبعيد، والنداء بـ " أي " يكون للقريب، وهنا النداء بـ " يا " و " أي " معا، ثم يزاد عليها ها التي تفيد التنبيه، وينادى للبعيد حسَّاب " يا "، وللبعيد معنويا بها أيضا،، والنداء من الله تعالى لعبيده نداء من أعلى من في الوجود إلى خلقه؛ ولذا كان النداء بأداتي نداء، وهما " يا " و " أي "، ويضاف إليهما، فهو منه عز وجل إلى الخلق جدير بأن يكون بأعلى الصيغ، لبعد ما بين الكون وخالقه في المنزلة، وفوق أن هذا النداء من الخالق، وهذا يقتضي أعلى

ص: 154

العلو وأبعده، وموضوع النداء له جلال وخطر، وعظيم شأن؛ لأنه العبادة أو الشرائع. ويقول الزمخشري في ذلك إجابة على سؤال وهو: لماذا كثر النداء في القرآن بـ " يا أيها "؟ فقال: لاستقلاله بأوجه من التأكيد وأسباب من المبالغة، لأن كل ما نادى الله تعالى به عباده من أوامره ونواهيه، وعظاته وزواجره، ووعده ووعيده، واقتصاص أخبار الأمم الدارجة عليهم، وغير ذلك مما أنطق به كتابه أن ينادوا بالآكد الأبلغ.

كان المنادى الناس، مؤمنين وغير مؤمنين، فهو سبحانه وتعالى ينادي الإنسانية كلها لَا فرق بين كافر ومؤمن، وأبيض وأسود، وعربي وأعجمي، والذي يناديهم به أن يعبدوه وحده لَا إله غيره. وطلب العبادة من المؤمنين وغير المؤمنين، وتحقيقها في كل منهما بما يناسبه، فالكافرون الذين يعبدون مع الله تعالى الأنداد، ويتخذونهم شركاء لله - تعالى عن الشبيه والمثل - تكون عبادتهم بخلع عبادة الأوثان، والإيمان بواحد أحد فرد صمد، ليس بوالد ولا ولد، وتصديق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به وطاعته سبحانه فيما أمر به ونهى عنه، وبالخضوع الكامل له وحده سبحانه.

وبالنسبة للمؤمنين الذين آمنوا بالله ورسله، وصدقوا محمدا فيما جاء به من عند ربه العلي الأعلى، فإن ذلك يكون بزيادة الإيمان، والإذعان، والاستمرار على الإيمان والبقاء عليه مستوثقين، كلما جاءتهم آية زادتهم إيمانا لَا يرتابون، ويجتمعون ويكونون قوة في هذه الأرض، وإن الازدياد من العبادة عبادة في ذاته، وكأنها منشأة بعد أن لم تكن.

والعبادة الخضوع المطلق لله سبحانه وتعالى وحده بحيث يكون القلب كله لله تعالى، لَا يحب إلا لله ولا يكره إلا لله، والعبادات تعم الصلوات، والزكوات، والصوم والحج، وغير ذلك مما يكلفه العباد، حتى الأعمال التي تكون بها الحياة، كلها تكون عبادة إذا قصد بالخير فيها وجه الله تعالى، ونفع عباده، فالصانع في

ص: 155

مصنعه والزارع في مزرعته إذا قصد بعمله نفع الناس ووجه الله تعالى، فهو في عبادة، فالعبادة تعم كل أفعال الإنسان، واختصت من بينها الفرائض، لأنها لا يمكن أن تكون إلا لله تعالى، وهو عليم بذات الصدور.

وقد وصف الله سبحانه وتعالى ذاته العلية بصفات تدعو إلى العبادة، من له قلب يخشع، وعقل يخضع، فوصفه أولا بأنه الرب الأوحد، فقال (رَبَّكُمُ) أي رباكم ونماكم، أو وربكم: تولاكم، وكلأكم بالليل والنهار، ويتبع حياتكم، فيرعاكم حق الرعاية في كل أجزاء جسمكم، ونفوسكم وعقولكم، ولا تخفى عليه خافية من أموركم، وهو بهذه الربوبية يستحق أن تعبدوه وحده، لَا شريك له؛ لأنه لا أحد سواه يربكم.

ووصفه ثانيا بأنه (الَّذِي خَلَقَكُمْ) والخلق معناه الإنشاء والإبداع والتقدير والتصوير، صوركم، فأحسن صوركم، والعرب كانوا يعرفون الله تعالى، وأنه وحده الذي خلقهم، كما حكى الله تعالى عنهم:(وَلَئِن سَأَلْتَهم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ. . .) وكانوا يقولون: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى. . .).

فهم يؤمنون بوحدة الخالق المنشئ المكون، ويؤمنون بوحدة الذات والصفات، وإشراكهم كان إشراك العبودية، فهم يعبدون مع الله غيره آلهة أخرى، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.

ووصفه ثالثا بأنه خلق الذين من قبلهم، وقد يسأل سائل: لماذا كان هذا الوصف، والسابق يتضمنه، فمن خلق جيلا فإنه يخلق الأجيال كلها: من مضى، ومن حضر، ومن يجيء بعد ذلك من الأخلاف؟

والجواب على ذلك أنه لَا يغني المتضمن عن الصريح، وذكر الجيل السابق، أو الأجيال السالفة للإشارة أولا إلى عموم قدرته، وإلى أنه قادر على الإحياء والإماتة

ص: 156

فهو خلق السابقين، وأماتهم ثانيا، وللإشارة إلى أن الحاضرين ليسوا مخلدين، فهم سيموتون، كما مات من سبقوهم وسيبعثون جميعا يوم الدين، ولأن العرب كانوا يعتزون بأسلافهم فالله سبحانه وتعالى يبين أنه هو وحده الذي خلق أسلافهم، سواء كانوا ضالين أم كانوا مهتدين. وإن صفة الربوبية وصفة الخلق والتكوين للكون كله، ولمن حضر من الناس، ومن سبقوهم وقبروا في مقابرهم، تقتضي ألا يعبد سواه، ولا يحمد غيره، ولا يستحق الألوهية الحق غيره، فهو الله الواحد الأحد.

وقوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) متصل بقوله تعالى: (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) أي اعبدوه رجاء أن تتقوا بأن تقوا أنفسكم شر عذابه، وتكونوا في أمن من عقابه، و" لعل " الدالة على الرجاء، الرجاء فيها من العباد، والمعنى اعبدوا فالعبادة طريق التقوى ومعها رجاؤها، وتحقيقها، ويقولون إن التقوى أقصى درجات العبادة، لأن تغليب الخوف عبادة، ورجاء النجاة عبادة.

وقد يقال إن قوله تعالى: (ولَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) متصلة بقوله تعالى: (خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُم) ومثل قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ)، والمعنى أن الله تعالى خلق الناس في ماضيهم وحاضرهم وقابِلهم رجاء أن يعبدوه أبلغ العبادة بالتقوى وامتلاء النفس بهيبته، والاعتزاز بعزته.

وإن الله تعالى عالم بكل شيء فليس يجوز عليه الرجاء؛ لأنه يحتمل الوقوع وعدم الوقوع، والرجاء لَا يجوز أن يكون من أحوال الله تعالى، بل هو من أحوال الخلق.

ولذلك قرروا أن (لعل) هنا مجازية أي أنها ذكرت على سبيل المجاز، أي أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق، وجعل لهم سمعا وأبصارا وأفئدة وقدرة وقوة بها يختارون ويفعلون، لَا يقع شيء من أفعالهم الاختيارية إلا بإرادتهم، يدركون الأمور ويتخيرون ويعرفون أسبابها ونتائجها، فحالهم حال من يرجو أن يتجهوا نحو العبادة

ص: 157