الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واجتنابه صلى الله عليه وسلم الشيء واختياره غيره لا يدل على كونه محرما عليه.
وقد قال ابن شاهين في ناسخه: لم يكن محرما عليه، وإنما هو أدب من الآداب.
تنبيه:
قال الإمام الخطابي- رضي الله تعالى عنه- يحسب العامة أن المتكئ هو الآكل، على أحد شقيه، وليس كذلك، بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته.
قال ومعنى الحديث لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل فعل من يستكثر من أكل الطعام، فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد، فلذلك أقعد مستوفزا.
وذكر القاضي نحوه، ثم قال: ليس هو الميل على الشق عند المحققين بل معناه:
التمكن للأكل والتقعد في الجلوس كالمتربع وشبهه، وإنما كان جلوس النبي صلى الله عليه وسلم جلوس المستوفز.
التاسعة:
الصواب أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحسن الخط.
العاشرة:
وبتحريم التوصل إليه. قال الله سبحانه وتعالى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت/ 48] .
قال أئمة التفسير: الضمير في قوله: من قبله عائد إلى الكتاب وهو القرآن المنزل عليه صلى الله عليه وسلم أي: وما كنت يا محمد تقرأ من قبله، ولا تختلف إلى أهل الكتاب، بل أنزلناه إليك في غاية الإعجاز والتضمن للغيوب وغير ذلك، فلو كنت ممن يقرأ كتابا، ويخط خطوطا لارتاب المبطلون من أهل الكتاب، وكان لهم في ارتيابهم متعلق، وقالوا: الذي تجده في كتبنا لا يكتب ولا يقرأ وليس به.
فقد روى أين أبي حاتم عن مجاهد- رضي الله تعالى عنه- قال: كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم إن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يخط ولا يقرأ.
وروى الشيخان عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّا أمة أمّية لا نكتب ولا نحسب» .
فهذا الحديث صريح في أنه كان لا يحسنهما وأخرج من ذلك ما
في الصحيح في باب عمرة القضاء، من حديث البراء- رضي الله تعالى عنه- قصة الحديبية قال فيه: أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر عليا أن يكتب كتاب الصلح بينه وبين قريش قال اكتب هذا ما صلح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سهيل بن عمرو- رضي الله تعالى عنه- وذلك قبل أن يسلم:
لو علمنا أنك رسول الله، ما صددناك، اكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امح رسول الله فقال: والله، لا أمحوك أبدا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس يحسن أن يكتب فكتب:
«هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله»
وقد تمسك بهذه الرواية من قال: إنه كان يحسن
الكتابة كالإمام الباجي وأبي ذر الصروي وأبو الفتح النيسابوري وأبي جعفر السمناني الأصولي.
وقالوا: عدم معرفته كان بسبب المعجزة ولما أمن الارتياب في ذلك عرف حينئذ الكتابة من غير تقدم تعليم فكانت معجزة أخرى، ورجع عن ذلك أبو ذر كما في المعجزات سيأتي.
فكانت معجزته عن ذلك أمور كما الجواب أن قصة الحديبية واحدة، وقد وردت بألفاظ مختلفة وإن الكاتب فيها هو علي لما وقع التصريح به في حديث المسور
وفي رواية في حديث البراء ذكره البخاري في الجزية قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: «امح رسول الله فقال علي: والله لا أمحاه أبدا قال فأرنيه، قال: فأراه إياه فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده.
وذكر مسلم نحوه. فيحتمل أن النكتة في قوله «فأخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب لبيان قوله أرني إياها، إنه ما احتاج أن يريه موضع الكلمة والتي امتنع علي من محوها إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة، وعلى أن قوله بعد ذلك، «فكتب» فيه حذف تقديره فمحاها، فأعادها لعلي فكتب، وبهذا جزم ابن التين قلت: هذا ويحمل قوله «فكتب» على أنه أمر بالكتابة
…
ويؤيده الرواية الأخرى للبخاري من حديث أنس- رضي الله تعالى عنه- بلفظ: لما صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابا فكتب: محمد رسول الله، فتحمل الرواية الأولى على أن قوله: فكتب أي فأمر بالكتابة وهو كثير لحديث ابن عباس: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، وحديث كتب إلى النجاشي.
وحديث عبد الله بن حكيم: كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديث كتب إلى كسرى.
ويدل عليه أيضاً
رواية المسور في الصحيح أيضاً في هذه القصة ففيها: «والله، أني رسول الله، وإن كذبوني فاكتب: محمد بن عبد الله» .
وحكى مغلطاي في الزهر الباسم، أن الحافظ أبا ذر الهروي رأى في المنام أنه دخل مسجد المدينة فرأى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشق ويميد ولا يستقر، فاندهش لذلك، وقال في نفسه: لعل هذا بسبب اعتقادي، ثم عقدت التوبة مع نفسي فسكن واستقر، فلما استيقظ قص الرؤيا على ابن معور فعبرها له كذلك الحافظ ابن معور، من غير أن ينسبه إلى نفسه فقال ابن معور: بغير صنعته أو ينحله ما ليس له بأهل ولعله مفترى عليه.
فقال: من أين قلت هذا؟ قال: من قول الله تعالى: تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً، وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً [مريم/ 90- 91- 92] فقال: لله درك وأقبل يقبل عينيه مرة ويبكي ويضحك مرة