الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جماع أبواب بعض آيات وقعت لأصحابه وأتباعهم رضي الله تعالى عنهم فهي من معجزاته صلى الله عليه وسلم
الباب الأول في وجوب اعتقاد إثبات كرامات الأولياء رحمهم الله تعالى
روى البخاري وابن حبان عن أبي هريرة، والإمام أحمد في الزهد، وابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية، والبيهقي في الزهد، والطبراني من طريق آخر عن عائشة، والطبراني والبيهقي عن أبي أمامة، والإسماعيلي في مسند علي، والطبراني عن ابن عباس وأبو يعلى والبزار والطبراني عن أنس وأبو يعلى عن ميمونة بنت الحارث، والطبراني بسند حسن عن حذيفة وابن ماجة وأبو نعيم في الحلية عن معاذ بن جبل، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله تعالى قال: من آذى لي وليا، وفي آخر: من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبد بشيء أحب مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، إن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت في شيء أنا فاعله ما ترددت في قبض نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته» .
تنبيه:
قال العلماء: ومعنى قوله: «كنت سمعه» إلى آخره أي صار سمعه الله، وبصره كذلك، وقوله:«عادى» أي آذى، وأغضب بالقول والفعل، حال من قوله:«وليا» قدم عليه لتنكيره وجعل ظرفا لغوا وقوله: وليا فقيل: إما بمعنى «فاعل» كعليم وقدير، فيكون معناه «الموالي لطاعة ربه» ، وأما بمعنى «مفعول» كقتيل وجريح، لأن الله تعالى تولاه قال الله تعالى:
«وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ» ، وقوله:«آذنته» بالمد وفتح المعجمة بعدها نون، أي أعلمته، وقد استشكل وقوع المحاربة وهي مفاعل من الجانبين، مع أن المخلوق من أمر الخالق، والجواب من أنه من المخاطبة بما يفهم، فإن الحرب الهلاك، والله تعالى لا يغلبه غالب، فكأن المعنى تقرير لإهلاكي إياه، فأطلق تاج الدين بن الفاكهاني في هذا تهديد، لأن من حارب الله تعالى وعانده، ومن عانده أهلكه، وفي بعض الأحاديث القدسية إني لأغضب لأوليائي، كما يغضب الليث الحرد.
وروى الإمام أحمد في كتاب الزهد عن وهب بن منبه رحمه الله تعالى قال: إن الله
تعالى قال لموسى بن عمران حين كلمه: واعلم أن من أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرض بنفسه ودعاني إليها، فأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي، أيظن الذي يحاربني أن يقوم لي أو يظن الذي يغازيني أن يعجزني، أو يظن الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة لا أكل نصرتهم إلى غيري» فتأمل رحمك الله هذا التهديد الشديد لمن آذى أحدا من أولياء الله تعالى، والخائض في هذا الوادي، المتضمن بسالكه إلى المهالك، إنما يضر نفسه، ولا يلتحق بالولي شيء من ذلك، وما مثله إلا كما قيل:
كناطح صخرة يوما ليوهنها
…
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
وقال غيره:
ما يضر البحر زاخرا
…
إن رمى فيه صغير بحجر
ورحم الله الإمام العالم العلامة الشيخ شهاب الدين المنصوري حيث قال:
أجدر الناس بالعلا العلماء
…
فهم الصالحون والأولياء
سادة ذو الجلال أثنى عليهم
…
وعلى مثلهم يطيب الثناء
وبهم تمطر السماء وعنا
…
يكشف السوء ويزول البلاء
خشيه الله فيهم ذات حضرا
…
ففي غيرهم يكون العلاء
فالبرايا جسم وهم فيه روح
…
والبرايا موتى وهم أحياء
فتعفف عن لحمهم فهو سم
…
حل منه الضنا وعز الشفاء
قد سموا قطبة وزادوا ذكاء
…
فعمى عليهم الأنباء
قلت للجاهل المشاقق فيهم
…
هل جزاء الشقاق إلا الشقاء
قد رأينا لكل دهر عيونا
…
ولعمري هم للعيون ضياء
لا يسألون ما يقول جهول
…
أنهيق كلامه أم عواء
وإذا الكلب في ظلام الليالي
…
شبح الأرض لا تبالي السماء
فلبسوا بالشقاء كل جهول
…
ولتفز بالسعادة العلماء
قال الإمام الحافظ أبو القاسم علي بن عساكر رحمه الله تعالى في كتابه «تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري» لحوم العلماء مسمومة وعادة الله في هتك أستار منتقضيهم معلومة.