الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرى ثم قال أنا صاحب هذه الروايات فاسمع ما يشهد لك صحة تأويلها، إني رأيتني في ذلك الفزع العظيم كنت أقول: والله ما هذا إلا أني أقول واعتقد أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب فكنت أملي فأقول إني تائب، يا رسول الله، وأكرر ذلك مرارا، فأرى القبر الشريف قد عاد إلى هيئته أولا وسكن، ثم استيقظت وأشهدت على نفسي بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يكتب قط وعليه ألقى الله- عز وجل ونقله الحافظ في تخريج أحاديث الرافعي لكن قال ابن محمد الهروي بدل أبي ذر الهروي فالله تعالى أعلم.
تنبيه:
ما رواه عمر بن شبة وابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود- رضي الله تعالى عنه- ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأ وكتب، وهاه البيهقي وقال: إنه منقطع وقال، الطبراني هذا منكر وأظن أن معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى قرأ عبد الله بن عتبة وكتب يعني أنه كان يعقل في زمانه.
وكل حديث في هذا الباب فغير صحيح.
الحادية عشرة:
الصواب أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يحسن الشعر ويحرم عليه التوصل إلى تعلمه وروايته قال الله سبحانه وتعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [يس/ 69] أخبر سبحانه وتعالى عن نبيه بأنه لم يؤته معرفة الشعر، وأنه لا ينبغي له أن يصلح له، قال الخليل بن أحمد:
كان الشعر أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثير من الكلام ولكن لا يتأتى له.
روى ابن أبي حاتم عن الحسن البصري- رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم كان يتمثل بهذا البيت:
............... ......
…
كفى الإسلام والشيب للمرء ناهيا
قال أبو بكر- رضي الله عنه
............... ....
…
كفى الشيب والإسلام للمرء ناهيا
فأعادها بالأول فقال: أشهد أنك رسول الله، بقول الله تعالى وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ [يس/ 69] .
وروى ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن مرداس: أرأيت قولك
أتجعل نهبي ونهب العبيد
…
بين الأقرع وعيينة
وما كان حصن ولا حابس
…
يفوقان مرداس في مجمع
فقال أبو بكر: إنما هو بين عيينة والأقرع، فقال: هم سواء.
وروى أبو داود عن ابن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أبالي ما أتيت إن
أنا شربت ترياقا قال: أو تعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل تعس»
أي من جهة تعسي، فخرج به ما قاله حاكيا وعن غيره لا عن نفسه، كما في الصحيح صدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد.
ألا كل شيء ما خلا الله باطل...............
…
وسيأتي الكلام على حديث ابن عمرو- رضي الله تعالى عنه- في المسألة الآتية.
قال الإمام إبراهيم الحربي، ولم يبلغني أنه صلى الله عليه وسلم أنشد بيتا تاما رويته بل إما الصدر كقول لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل............... ........
أو العجز كقول طرفة:
............... .......
…
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
فإن أنشد بيتا كاملا غيره كبيت العباس بن مرداس.
وروى البيهقي عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت: ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت شعر قط.
وروى ابن سعد عن الزهري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبنون المسجد:
هذا الحمال لا حمال خيبر
…
هذا أبر ربنا، وأطهر
قال: فكان الزهري يقول: إنه لم يقل شيئا من الشعر إلا قد قيل قبله أو نوى ذاك إلا هذا.
قال العلماء- رحمهم الله تعالى-
وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الرجز كقوله:
هل أنت إلا أصبع دميت
…
وفي سبيل الله ما لقيت
وغيره محمول على أنه لم يقصده ولا يسمى شعرا إلا ما كان مقصودا، وكذا وقع في القرآن آيات موزونة، لأنها لم تقصد.
وقد قال أهل البديع: إن الانسجام هو أن يكون الكلام لخلوه من الانعقاد متحدرا كتحدر الماء المنسجم ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة وإذا قوي الانسجام في النثر جاءت فقراته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه، ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا، فمنه من بحر الطويل: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ، وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف/ 29] ومن المديد وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا [هود/ 37] .
ومن البسيط: فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ [الأحقاف/ 25] .
ومن الوافر: وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ [التوبة/ 14] .
ومن الكامل: وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة/ 213] .
ومن الهزج: فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً [يوسف/ 93] .
ومن الرجز: وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا [الإنسان/ 14] .
ومن الرمل: وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ [سبأ/ 13] .
ومن السريع: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ [البقرة/ 259] .
ومن المنسرح: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ [الإنسان/ 2] .
ومن الخفيف: لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً [النساء/ 78] .
ومن المضارع: يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ [غافر/ 32، 33] .
ومن المقتضب: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة/ 10] .
ومن المجتث: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الحجر/ 49] .
ومن المتقارب: وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [الأعراف/ 183] .
والمشهور بين الناس قوله تعالى: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران/ 92] .
وروى أبو يعلى والبزار وابن حبان عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال: لما نزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد/ 1]، جاءت امرأة أبي لهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر فلما رأى أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيك، فلو قمت، قال: إنها لن تراني، فجاءت فقالت: يا أبا بكر، إن صاحبك قد هجاني، قال: ما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مصدق وانصرفت، قلت: يا رسول الله، لم ترك، قال: ما زال ملك يسترني بجناحيه.
وروى الحميدي وأبو يعلى من طريق إسحاق بن إبراهيم الهروي، وبقية الإسناد ثقات عن أسماء- رضي الله تعالى عنها- قالت:
لما نزلت: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد/ 1] أقبلت العوراء أم جميل ابنة حرب ولها ولولة وفي يديها فهر من حجارة وهي تقول:
مذمما عصينا
…
.. وأمره أبينا
.. ودينه ملينا
ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، ثم قرأ قرآنا ومعه أبو بكر، قال: يا رسول الله، قد أقبلت وأنا أخاف أن تراك،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها لن تراني» ،
وقرأ قرآنا اعتصم به، كما