المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المقدمة ويمضى المجاهدون الجزائريون قدما على طريق الثورة، فيخطون بتضحياتهم ودمائهم - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ١٢

[بسام العسلي]

الفصل: ‌ ‌المقدمة ويمضى المجاهدون الجزائريون قدما على طريق الثورة، فيخطون بتضحياتهم ودمائهم

‌المقدمة

ويمضى المجاهدون الجزائريون قدما على طريق الثورة، فيخطون بتضحياتهم ودمائهم أروع آيات الشهادة، ويفوز بعضهم بإحدى الحسنيين- الشهادة- ويبقى لبعضهم إحدى الحسنيين -النصر - يمضي المجاهدون الجزائريون قدما على طريق الثورة، وتتشابه أيامهم ولياليهم، وتتماثل حكاياتهم وقصصهم، لتنسج بتشابهها وتماثلها وتكاملها ملحمة البطولة الخالدة، ملحمة الثورة العملاقة، مفخرة العرب المسلمين في العصر الحديث.

وحكاية الثورة، ككل حدث تاريخي، يمكن أن تضيق حتى تقتصر على الخطوط العامة والمبادىء الرئيسية، كما يمكن أن تتسع لتشمل أدق التفاصيل وأصغر الأمور. وتبقى الفائدة من التجربة التاريخية متوافرة في الحالين، تبعا لما يرغبه الباحث في الإفادة من هذه التجربة والتعلم منها. وفي الحقيقة، فلا الإيجاز يغني عن التوسع والشمول، ولا هذا يغني عن الإيجاز في عصر أصبح لعامل الوقت دوره الحاسم في حياة الأفراد والشعوب. وعند هذه النقطة يمكن الوصول إلى ما هو مقصود.

لقد تم وضع المخطط الأساسي بحيث يشمل الكتيب العاشر من هذه المجموعة (جيش التحرير الوطني الجزائري والصراع

ص: 7

المسلح) ما هو ضروري لتغطية أعمال القتال. ولكن تبين أنه من المحال تغطية هذه النقطة في كتيب واحد. فجاء الكتيب التالي (أيام جزائرية خالدة) لإكمال قصة الصراع المسلح في الثورة الجزائرية. وكان لا بد أيضا من إعطاء البحث بعض أبعاده في الكتاب الحالي (المجاهدون

الجزائريون وتطور الصراع المسلح). وتبقى هناك نقاط تتطلب المزيد من العرض، وهو هدف الكتاب التالي (المجاهدة الجزائرية والإرهاب الاستعماري) حلقات متماسكة، متكاملة، يمسك بعضها برقاب بعض، وعلى الرغم من ذلك، وإقرارا بالحقيقة، فإن قصة الثورة، وقصة الصراع المسلح فيها، تبقى أكثر غنى، وأكثر شمولا واتساعا من أن تحيط بها بعض الكتيبات. غير أن المأمول هو ألا يكون العرض المقدم في هذه الكتيبات قد قصر عن

الجمع بين متطلبات

الإيجاز ومتطلبات الشمول.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فقد يظهر هناك بعض التشابه في (قصص الثورة) أو في (التحقيقات الواردة عن جهاد المجاهدين، وأيامهم، وأعمال الثورة) وقد يخيل أنه بالمستطاع، الاستغناء عن قسم منها، ولكن التدقيق في تلك القصص والوثائق يظهر أن هناك خيوطا متجددة باستمرار في نسيج الثورة، وهي بتجددها جديرة أن تذكر حتى لو كان فيها بعض التشابه مع ما سبقها. وقد كان بالمستطاع استخلاص تلك الخيوط وحدها. وإبرازها

دون سواها، ولكن ذلك كان من شأنه يقينا تشويه النواحي الإبداعية، الجمالية،

لسرد مسيرة

الأحداث، فيفقد البحث أحد ركنيه (المتعة والجمال). ولما كان هدف هذه المجموعة تحقيق هدفين في وقت واحد وهما (القائدة) ثم

ص: 8

(المتعة) فقد كان لزاما الإبقاء على الفقرات المعروضة، بشكلها ومضمونها، قدر المستطاع، حتى يتحقق المطلوب، والله ولي التوفيق.

تبقى هناك كلمة في اصطلاح (المتعة) الذي سبق استخدامه.

لقد كانت الثورة الجزائرية، مأساة (تراجيدي) بكل ما تحمله كلمة المأساة من أبعاد ومضامين. حتى بات من المتفق عليه بأنها أكبر مأساة في القرن العشرين، إلى جانب مأساة العرب في فلسطين، فأية (متعة) في استقراء فصول المأساة؟ وهل هناك استمتاع باستقراء بعض ملامح ما عاناه المجاهدون من آلام وشقاء وما أقدموا على التضحية به من أغلى التضحيات وأنبلها؟ أجل! هناك متعة، وهي متعة المجاهد وهو يسير فوق المأساة بإيمان لا حدود له. أجل! هناك متعة، وهي متعة الفدائي وهو يسمو ويرتفع عن الذات ليقدم النموذج الأعلى للإنسان العربي المسلم.

أجل! هناك متعة، خوض الصراع المرير في ظروف متناهية القوة، ووسط ضجيج الحرب بوسائط غير متكافئة وبقوى غير خاضعة لما هو معروف من موازين القوى. وبالرغم من ذلك، وفوق كل ذلك، يسير المجاهد والفدائي والمسبل (النصير). الرجل والمرأة، الشيخ والطفل، وكلهم في ركب واحد، وكلهم ثقة لا حدود لها بالنصر، وحتمية الفوز.

إنه النموذج الأعلى للإنسان العربي المسلم خاصة ولكل إنسان عامة.

فهل هناك ما هو أكثر إمتاعا من مطالعة قصته.

ص: 9

غير أنها ليست في كل الأحوال متعة ما هو معروف من متع الدنيا.

إنها متعة الإعجاب بالإنسان المتفوق. وقد كان الجزائري المجاهد هو ذلك الإنسان المتفوق.

بسام العسلي

ص: 10