المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الإدارة في مجتمع الثورة - سلسلة جهاد شعب الجزائر - جـ ١٢

[بسام العسلي]

الفصل: ‌ الإدارة في مجتمع الثورة

3 -

‌ الإدارة في مجتمع الثورة

لقد عملت الإدارة الفرسية الاستعمارية طوال ليل الاستعمار على تدمير الإنسان الجزائري من أجل إحكام السيطرة على الثرى الجزائري والوطن الجزائري، وأحكمت سيطرتها على الأرض الجزائرية من أجل تدمير الإنسان الجزائري والتحكم بأموره ومصيره، واسترقاقه من غير إعلان عن تطوير نظام الرق. ومن خلال عملية التدمير المتعمد والتعسفي للإنسان الجزائري والأرض الجزائرية، زالت أو كادت تزول شخصية الجزائر المادية والمعنوية. وهكذا فعندما انطلقت شرارة الثورة كان لا بد للقيادة التاريخية من ممارسة عمل مزدوج: تحرير الأرض من جهة،

وتحرير الإنسان من جهة ثانية، ولم تكن هذه العملية بالعملية السهلة، إذ كانت أعباء قيادة الجهاد في تلك الظروف العسيرة كافية لإرهاق أقوى القيادات وأصلبها. غير أن الضرورات فرضت وجودها واضطر القادة التاريخيون للقيام بالعمل المزدوج في وقت واحد: بناء المجتمع الجزائري وتنظيم الإدارة الجزائرية. وكان هذا العمل المتكامل هو الذي أعطى الثورة الجزائرية طابعها المدني - العسكري، إذا جاز التعبير، أو مجتمع السلم والحرب، بتعبير آخر. ويفسر ذلك الطابع الذي لا زالت الجزائر تحمل أثره

ص: 52

ذلك التلاحم في العمل العسكري والعمل الإجتماعي.

لقد كان على قيادة جيش التحرير بناء العلاقات الاجتماعية من (الصفر) أو من (العدم). وإيجاد الحلول الناجعة والفعالة للمشكلات التي كانت تتركها، أو تخلقها، طبيعة الصراع والتي لم تكن تميز بين المجاهد الجزائري والمجتمع الجزائري. وقد استطاعت القيادة التاريخية للثورة وضع أسس الحلول في مؤتمراتها المتتالية، بهدف توحيد نظم الإدارة للمجتمع الجزائري الجديد - مجتمع المستقبل - وعملت باستمرار على تطوير تلك النظم، وقد يكون من المناسب التوقف قليلا عند أحد الأوامر التنظيمية لولاية مد ولايات الكفاح التي صدرت في بداية سنة (1959) حيث تلقي الضوء على (روح التنظيم) في تلك الحقبة التاريخية.

الجمهورية الجزائرية

جبهة التحرير الوطني ......... جيش التحرير الوطني

الولاية السادسة .......... أركان الحرب

التحرير في 58/ 110 رقم 527/ 58 ط.

المجالس البلدية

إلى أعضاء المجالس البلدية.

نوجه إليكم هذه النقاط لتسيروا على ضوئها حتى تنير لكم الطريق لبلوغ ما رسمته لكم حكومتكم الجزائرية. ولتعينكم على تسيير شؤونكم الداخلية من تأسيس وتشييد. بهذا يجب علينا أن نعمل ونسير بنظام مع العزم والحزم في كل عمل حتى نصبح قادرين على تسيير أعمالنا، والله معنا ما دمنا سائرين في سبيل العدل والأخوة. الطاعة لله ولحكومتنا.

ص: 53

تركيب المجالس البلدية: يتكون المجلس من خمسة أعضاء ينتخبون من بينهم رئيسا يسمى (شيخ البلدية) ويحتوي تنظيمه على خمسة مكاتب:

أ - مكتب شؤون الأمة: يشرف عليه (شيخ البلدية) كما يشرف على المكاتب الأربعة الأخرى ويتولى رقابتها، وله اتصال مباشر بلجنة الأوقاف المدنية.

ب - مكتب الإصلاحات البلدية والحالة الصحية: ويقوم بتوزيع المياه والأراضي والغابات والبناء والتعمير وتسجيل الولادات والوفيات والاصلاحات الحيوية في دائرة السكان.

ج - المكتب المالي:

ويقوم بتنفيذ مهمتين:

1 -

جمع المدخولات من: الزكاة، الاشتراكات، والتبرعات والضرائب، والإعانات الخاصة أو العامة.

2 -

توزيع الإعانات على: المكاتب الشعبية المستحقة لها، وللأئمة، وللمعلمين، وللفقراء من أفراد الشعب، للمسجونين، ولعائلات المجاهدين والشهداء والأسرى، وتقديم الإعانات للفلاحين لمؤازرتهم وتشجيعهم على الحرث والزراعة.

د - المكتب التجاري: ويتولى الحالة الاقتصادية من صادرات وواردات، وتأمين كل ما يطلبه منه العريف الأول السياسي من شراء.

هـ - مكتب الشرطة: يتولى حفظ الأمن، وإقرار السلام، ومراقبة الشعب من ظالم ومظلوم، وكل من ارتكب ما حرم الله، وفي ذلك الامتثال والسير تحت أوامر (شيخ البلدية).

ص: 54

توضيحات:

أ - مكتب شؤون الأمة:

1 -

كل المسائل الشرعية تتولاها لجنة الأوقاف.

2 -

له إبداء الرأي في حل المشاكل، إذا طلبت منه اللجنة المذكورة.

3 -

يتولى رقابة كل التسجيلات للمكاتب الأربعة الأخرى.

ب - مكتب الإصلاحات البلدية والحالة الصحية:

1 -

يتولى تسجيل الولادات والوفيات، فور حدوثها، وبألا تتجاوز مهلة تأخير التسجيل مدة أسبوع.

2 -

عليه أن يدرس كل الأراضي الصالحة للتعمير والبناء ويقوم بتقديم تقرير يوضح فيه كل ما يراه صالحا للشعب.

ج - المكتب المالي، وواجبه:

1 -

الاتصال بكافة أفراد الشعب، وجمع الاشتراكات وغيرها.

2 -

تسجيل كل ما حصل عليه من المال.

3 -

دفع المال كله إلى العريف الأول السياسي شهريا.

4 -

تسجيل كل من فرضت عليه الإعانة وامتنع عن دفعها.

5 -

تسجيل اسم كل شحص لم يتمكن من إعلامه بالطلب.

6 -

فرض الضرائب وتحصيلها من أصحابها.

7 -

تقديم إيصالات رسمية لكل من يقدم مبلغا من المال - من أفراد الشعب - وكذلك استلام إيصال رسمي من العريف الأول السياسي عندما يتم تسليمه المال.

ص: 55

د - المكتب التجاري:

1 -

لا يعترف بأي طلب كان، إلا من العريف الأول السياسي.

2 -

لا بد أن يكون كل شراء مصحوبا بالحجة - فاتورة الشراء.

3 -

إذا احتاج المال، فليطلبه من العريف الأول - الإتصال والإخبار.

هـ - مكتب الشرطة:

1 -

يجب عليه إطاعة وتنفيذ كل ما يأمره به (شيخ البلدة).

2 -

القيام بالسهر الدائم لحماية الشعب والدفاع عن كيانه وشرفه.

3 -

التحقيق في كل مشاجرة - نزاع - وبحثها، ورفع تقرير عنها إلى شيخ البلدة.

4 -

يمنع من فرض الضرائب، ويكتفي بإبلاغ شيخ البلدة عن كل حادث وقع وهو يتولى تنفيذ واجب تحصيل الضرائب.

تعليمات:

1 -

يجب على كل فرد من الأعضاء المذكورين أن يحتل مكانه حسب معرفته ومقدرته، لأن الشعب يحاسب كل واحد منا على عمله ومسؤوليته.

2 -

يشترط في أعضاء هذا المجلس التحلي بالأخلاق الإسلامية، والتشبع بالروح الوطنية، وأن يكون الإخلاص رائدهم، مع الحرص على إحراز ثقة الشعب، وتقوية الروابط فيما بينهم، متجاوزين الحزازات القديمة، والأغراض الشخصية

ص: 56

التي من طبيعتها زرع روح الانشقاق بين أفراد الشعب وطبقاته.

3 -

تكون الأحكام مستمدة من الشريعة الإسلامية، أو العرف السائد - الموجود.

4 -

إذا عجز المجلس عن حل مشكلة أو تنفيذها:

-

إن كانت من الناحية العسكرية فيقدمها إلى العريف الأول السياسي.

- وإذا كانت شرعية فيقدمها إلى لجنة الأوقاف والشؤون الدينية والثقافية.

5 -

يمنع على المجالس البلدية إصدار حكم الإعدام، أو التأديب، على أي مدني كان، وعلى هذه المجالس تقديم -المرتكب - إلى العريف الأول السياسي مصحوبا بالحجج والبراهين الدالة على إجرامه، وهو يتولى الحكم في ذلك.

6 -

كل نزاع أو خصام أدى إلى قتل أحد الخصمين، فيحجر قبل كل شيء على ما تم النزاع عليه، كما يحجر على القاتل، ويقدم إلى الجيش.

7 -

يمنع تقاضي أي أجر عن تسجيل العقود والزواح والطلاق والتركة.

8 -

يدفع الشاري الجزائري ثلث المال المشترى به عند شراء الأملاك إذا ما تجاوز مبلغ الشراء الخمسمائة ألف فرنك، هذا إذا كان البيع والشراء بين الجزائريين. كما يرخص للجزائريين بشراء أملاك (المعمرين).

9 -

يجب على المكتب الشعبي أن يهتم بالمحافظة على عائلات الشهداء وأولادهم وأملاكهم، وكذلك الأسرى والمعتقلين من عسكريين ومدنيين، وتعيين الكفيل للقاصرين وأملاكهم.

ص: 57

10 -

يجب على كل مجلس عقد اجتماعين في كل شهر لدراسة شؤونهم العامة وفحص تقاريرهم الشهرية ويقدم كل مكتب أعماله التي قام بها والتي هو مأمور بتنفيذها. كما يدرسون الأعمال المقبلة وتسييرها وكذلك توزيعها على أقسامها. وبعد الاجتماع، يعقد كل مكتب اجتماعا لأعضائه ليقدم لهم الأعمال التي كلف بتنفيذها.

11 -

يجب على (شيخ البلدة) مراقبة عمل المكاتب الخمسة.

12 -

تسجيل (القوم)(1) ولمن ينتمون، مع ملاحظة عن أسباب انخراطهم.

13 -

رفع التقارير الشهرية إلى الجيش في اليوم المعين لاستلام البريد من الجيش وتسليمه إليه. وكذلك الأمر بالنسبة للبريد الأسبوعي بين المجلس والقسمة في يومه المعين من قبل المساعد.

14 -

على كل من لم يصله البريد في موعده المعين رفع تقرير إلى مسؤول الناحية أو المنطقة.

15 -

التعليم إلزامي للبنين والبنات.

16 -

يمنع كل مدني من غير أعضاء هذه المكاتب التدخل في شؤونها أو معارضتها في أعمالها، وإذا صدر عنها ما يخالف القانون، فعليه رفع شكواه إلى العريف الأول السياسي.

17 -

يمنع كافة أعضاء المكاتب الشعبية الاطلاع أو التدخل

(1) القوم تنظيم عسكري من الجزائريين، أقامته السلطات الاستعمارية الفرنسية لمحاربة الثورة، وما لبث هذا التنظيم أن انحل بسبب انضمام أفراده تباعا لقوة الثورة. (المؤلف).

ص: 58

في شؤون بعضهم البعض، وكل فرع مسؤول عن عمله وأسراره.

18 -

يمنع كل فرد من أفراد الشعب، أو المجالس البلدية، التدخل أو الاتصال أو رفع الشكوى، عن غير طريق مسؤوله - أي قسمته وناحيته -.

19 -

يمنع منعا باتا تأسيس المنظمات أو الأحزاب السياسية أو الانخراط فيها، ويحال إلى المجلس العسكري من يلاحظ عليه مخالفة ذلك.

20 -

يحال فورا إلى الجيش، وعن طريق الدرك، كل مجاهد أو مدني يعثر عليه بدون رخصة - تصريح -.

محكمة المدنيين: إن للمدنيين أحكاما ينفذها الجيش في مجاله العسكرية، ويحاكمون بالعقوبات التالية:

1 -

التأديب.

2 -

الغرامة.

3 -

الإبعاد.

4 -

الإعدام.

الفصل الأول - الإعدام:

1 -

كل ما يمس أمن الدولة (الحكومة).

2 -

اختلاس أموال الجيش.

3 -

ارتكاب ما يسمى بمبادىء الإسلام.

الفصل الثاني - التأديب:

1 -

إفشاء السر.

2 -

رفض الأوامر.

3 -

التمرد على المكاتب الشعبية ومنها البلدية والدرك والشرطة.

الفصل الثالث - الغرامة:

1 -

رفض المشاركة في أداء الواجب الوطني.

2 -

الاعتداء على ممتلكات الآخرين.

3 -

المشاجرة.

ص: 59

الفصل الرابع - الإبعاد:

1 -

التهم بدون حجج (الافتراء).

2 -

قلة الثقة وفقدانها.

3 -

الإساءة إلى الجوار.

تأكيد: تلغى من الآن فصاعدا التسميات القديمة، وتكون كالتالي:

1 -

اللجان - يسمون (المجالس البلدية).

2 -

المسبلون - يسمون (رجال الدرك).

3 -

المنظمات الشعبية تسمى (المكاتب الشعبية).

4 -

خلايا الجاسوسية تسمى (المكاتب السرية).

تنبيه هذا القانون مؤقت، وتلغى جميع القرارات السابقة، ويتم العمل بما ذكر أعلاه، وبما يتم إبلاغكم به في المستقبل. ويعتمد تنفيد هذا القرار على إخلاصكم وتضحيتكم لوطنكم المفدى، وجمهوريتكم الفتية عاشت الجزائر بأبنائها المخلصين لها.

الصدور في: فبراير (شباط) 1959

الصاغ الثاني للولاية السادسة

أحمد بن عبد الرزاق

ص: 60