الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة أخيرة
وبعد!
بمثل تلك النماذج البشرية العليا انتصرت الثورة الجزائرية.
وبمثل ذلك الإيمان العميق استطاعت جزائر الثورة إنجاز هدفها العظيم.
لم يكن المجاهدون جميعهم على درجة واحدة من الصبر والثبات والإيمان والقدرة على احتمال كره القتال. غير أن النماذج (الممتازة)، إذا جاز التعبير، قد دعمت روح الثورة بنوع من الصوفية وإنكار الذات لا يعرفه إلا المجاهدون حقا وصدقا.
ترى هل كان باستطاعة جزائر الثورة الصمود في وجه أشرس حرب استعمارية عرفتها دنيا الاستعمار لو لم يتوافر لها جيل كامل من رواد الثورة العربية الإسلامية؟
…
لقد مارست فرنسا وجندها ضد شعب الجزائر وثورته ما لا قبل لفرد أو لشعب باحتماله؛ تقتيل وإبادة، إحراق وتدمير، نهب وسلب، انتهاك للحرمات، قمع يعجز القلم عن وصفه ويقصر الخيال عن تصوره، وصمد الشعب الجزائري طوال سبع سنوات ونيف. فأية قوة تلك التي استطاعت احتمال هذا القدر من الجرائم الإنسانية، والخروج من ذلك كله بالنصر؟
إنها قوة الإيمان، ولا شيء غير الإيمان.
إنها روح الجهاد في سبيل الله، والدفاع عن الدين ومقدماته، والدار وحرماتها.
وقد يغتر مغرور، أو يندس دساس لئيم، فيقول: ولكن كان هناك بعض المسلمين، (كالقوم والحركيين) وسواهم ممن عملوا مع فرنسا ضد أبناء قومهم وإخوانهم في الدين.
إن أمثال هؤلاء يتجاوزون الحقيقة عن عمد.
يتجاوزون الحقيقة عندما يتجاهلون عوامل الضعف البشرية.
ويتجاوزون الحقيقة عندما يتجاهلون تأثير الاستعمار وأساليبه الذكية - الخبيثة - طوال مائة وستة وعشرين عاما.
ومع ذلك، فكيف كان موقف الكتلة الرئيسية من هؤلاء المضللين عندما كانت تصلهم دعوات إخوانهم للانضمام إليهم في الجهاد ضد أعداء الدين والوطن؟.
تلك حقيقة تبرزها وثائق الثورة ذاتها، وتحفظها يوميات القتال. لقد كان معظم هؤلاء يستجيبون لنداء الثورة. ويهجرون معسكرهم ليعملوا مع إخوانهم في الله، وفي الدين، في الوطن، لقد ضمت الثورة في طليعتها الريادية نحبة، أو جيلا، من المؤمئين المسلمين الذين لم يتوافر مثلهم في جيل واحد، إلا وكان النصر في ركابهم.
وبمثل تلك النماذج البشرية العليا انتصرت الثورة الجزائرية.
وبمثل تلك النماذج البشرية العليا ستبقى الجزائر المجاهدة قاعدة راسخة من قواعد العرب المسلمين. وستحتفظ بمكانتها منارة تهدي التائهين في صحراء الظلام.