الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
الطفل الجزائري ضحية الاستعمار
(*)
تعرض آلاف الأطفال الجزائريين لآلام مدمرة، من جراء الحرب الاستعمارية القذرة التي فرضتها فرنسا على الجزائر. وكان الطفل أبرأ ضحية أصابتها الوحشية الاستعمارية التي طالما مارسها جيش المجرمين والجلادين الفرنسيين بالجزائر. وكثيرا ما أصبح يتامى هذه الحرب وهم مشردون يجوبون طرقات المدن والقرى الجزائرية على غير هدى. وقد جاء في تقرير نشرته لجنة الدفاع الوطني لمجلس الشيوخ الفرنسي، تحقيقات عن مآسي مرعبه عاشها هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين فقدوا المأوى والملجأ، ورأوا بأعينهم آباءهم يعدمون، فحفرت تلك المناظر المفزعة في مخيلاتهم وقلوبهم، فهم لن ينسوها أبدا. وقد فرت آلاف عديدة من هؤلاء الأطفال مخترقين الحدود التونسية والمغربية؛ هاربين من وحشية الاستعمار الفرنسي. فاهتم الاتحاد العام للعمال الجزائريين بمصيرهم، وأسس دارين بالمغرب تضمان مائتي يتيما، ودارين بالمرسى (تونس) تضمان نحوا من مائتين وستين يتيما وهو مشروع
(*) المرجع الأساسي لهذه الفقرة: مجلة (الشبانب) الجزائرية. العدد الخامس - نوفمبر - 1959 ص 10 - 13.
جيش التحرير يحارب بيد ويبني بيد أخرى تعليم اللغة العربية لأبناء المستقبل
اجتماعي إنساني عظيم استحق التشجيع المعنوي والدعم المادي. لأن معظم هؤلاء الأطفال هم أبناء الشهداء الأبرار: شهداء الحرية والاستقلال، وأعمارهم تتراوح بين الرابعة والسابعة عشر. وقد عمل الاتحاد بعد ذلك على إعداد دارين للبنات إحداهما بتونس والأخرى بطنجة. وقامت هذه المدارس بإعداد الأطفال من الناحية التعليمية، باللغتين العربية والفرنسية، وفقا لمنهج التعليم الابتدائي الشامل لجميع المواد: الدين، والحساب، والجغرافيا، والتاريخ، والتربية البدنية والرياضة، والتعليم المهني: البناء والكهرباء والنجارة والدهن والخياطة والفلاحة.
كان الأطفال يمارسون تطبيق هذه المهن في المدرسة ذاتها، أو في الحديقة الواسعة المحيطة بها، يشرف عليهم معلمون ومدربون أكفياء. وكان هناك مرشدون - موجهون - يشرفون على توجيه الأطفال وتدريبهم على الحياة العملية حتى أصبحوا يباشرون بأنفسهم العناية بتنظيف دار - المدرمة - وحفظ الأثاث والطبخ والتموين، ويسهر على صحة الأطفال طبيب خاص يساعده ممرض.
وفي ميدان الشباب، فإن المكتب العام لاتحاد العمال، عمل على تنظيم جمهرة من الشبان، ووزعهم بحسب إمكاناتهم ومؤهلاتهم على عدد من العواصم الأوروبية لتكوينهم وإعدادهم إعدادا يلبي احتياجات مرحلة ما بعد الثورة، مثل العمل في الخطوط الحديدية والبريد والصحة والطيران المدني والسينما، وتدريب الفتيات على أعمال الخياطة والأعمال الإدارية والكتابة على الآلة الراقنة - الكاتبة - ونحوها.
وأظهر الاتحاد حرصه الكامل على إعداد نخبة من الشباب للإطارات النقابية إعدادا تتوافر فيه الصفات الفكرية والنضالية
والمعلومات الواسعة عن الحقائق التاريخية والاقتصادية والاجتماعية للوطن الجزائري وللعالم المعاصر. من ذلك أنه أقام ندوة دراسية ثانية بمركز (بئر الباي) من 19 تموز - يوليو - حتى 2 آب - أغسطس - 1959 حضرها وزير الأخبار للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. وكان من أهم موضوعات البرنامج الدراسي لهذه الندوة: (التكوين النقابي الأساسي للنقابات في المغرب العربي، وتاريخ الحركة العمالية الإفريقية، والحركة العمالية الفرنسية وكفاح الطبقة العاملة في العالم، والنظريات الاقتصادية: الرأسمالية والاشتراكية والشيوعية، وكذلك أنظمة التأمين الاجتماعي وحالة العامل الزراعي الجزائري، والتجارب المصرية والصينية واليوغوسلافية للإصلاح الزراعي. وعرضت على المشتركين في الندوة أشرطة سينمائية ثقافية. وبالجملة فإن الاتحاد العام للعمال الجزائريين قد سار من نجاح إلى نجاح بفضل نشاطه لدى المنظمات النقابية في العالم، والتي أمدته - باستمرار - بالاعلانات المختلفة لتحقيق مشاريعه الكثيرة، القريبة منها والبعيدة.
المجاهدون - يتعاملون مع العدو