الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَسُجِنَ، ثُمَّ ضُرِبَ وَمَاتَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِيْنَ.
ونَابَ لِهَارُونَ عَلَى الشَّامِ بَدْر الَحَمَامِيّ، ثُمَّ إِنَّ المُكْتَفِي الخَلِيْفَةَ بَعَثَ مُحَمَّدَ بنَ سُلَيْمَانَ الكَاتِبِ، فَانْضَمَّ إِلَيْهِ بَدْرٌ وَغَيْرهُ، فتَهَيَّأَ هَارُوْنَ لِلْحَرْبِ، وَخَرَجَ عَنِ الطَّاعَةِ، وَالتَقَوْا، فَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ الفَرِيْقَيْنِ، وَدَامتِ الفِتْنَةُ، وَضَعُفَ أَمرُ هَارُوْنَ فَقَتَلَهُ عَمَّاهُ: شَيْبَانُ وَعَدِيٌّ بِأَخِيهِمَا، فِي صَفَرٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ.
وكَانَتْ دَوْلَتُهُ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ وَأَشْهُراً، وَقُتِلَ شَابّاً.
وَتملَّكَ عَمُّهُ شَيْبَانُ أَبُو المقَانِبِ (1) ، ثُمَّ تَلاشَى أَمرُهُ بَعْد أَيَّامٍ، وَزَالتْ دَوْلَةُ آلِ طُولُوْنَ، وَطُرِدَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُم بِمِصْرَ، نَحْوٌ مِنْ عِشْرِيْنَ نَفَراً.
9 - القَاسِمُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ سُلَيْمَانَ الحَارِثِيُّ *
ابْنِ وَهْبِ بنِ سَعِيْدٍ الحَارِثِيُّ، الوَزِيْرُ.
وَلِيَ الوِزَارَةَ للمُعْتَضِدِ بَعْدَ مَوتِ وَالدِهِ الوَزِيْرُ الكَبِيْرُ عُبَيْدُ اللهِ، فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِيْنَ، وَظَهَرَتْ شَهَامَتُهُ، وَزَادَ تَمَكُّنُهُ، فَلَمَّا مَاتَ المُعْتَضِدُ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَمَانِيْنَ وَمائَتَيْنِ، قَامَ القَاسِم بِأَعباءِ الخِلَافَةِ، وَعَقَدَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ ظَلُوماً عَاتياً، يَدْخُلُهُ مِن أَملَاكِهِ فِي العَامِ سَبْعِ مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ، وَإِنَّمَا تَقَدّمَ بِخِدْمَتِهِ للمُكْتَفِي، وَكَانَ سَفَّاكاً للدِّمَاءِ، أَبَادَ جَمَاعَةً، وَلَمَّا مَاتَ شَمِتَ النَّاسُ بِموتِهِ.
(1) انظر في ذلك: " ولاة مصر " ص 270 - 271، و" النجوم الزاهرة " 3 / 134، و" حسن المحاضرة " 1 / 596 وهو فيه " أبو المغانم ".
(*) تاريخ الطبري: 10 / 107 - 108، صلة تاريخ الطبري: 11 / 12، مروج الذهب: 2 / 494 - 496، المنتظم: 6 / 47 46، الكامل في التاريخ: 7 / 533، إعتاب الكتاب: 185 182، وفيات الأعيان: 3 / 361 - 362، العبر: 2 / 89، دول الإسلام: 1 / 176، البداية والنهاية: 11 / 98، النجوم الزاهرة: 3 / 133.
وَقَالَ النَّوْفَلِيُّ: كُنْتُ أَبْغُضُهُ لكُفْرِهِ، وَلِمَكْرُوهٍ نَالَنِي مِنْهُ (1) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخَذَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، وَضَبَطَ لَهُ الخزَائِنَ، فَلَقَّبَهُ وَلِيَّ الدَّوْلَةِ، وَزَوَّجَ وَلَدَهُ بَابْنَةِ القَاسِمِ عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً، إِلَاّ أَنَّهُ كَانَ زِنْدِيقاً، وَكَانَ مُؤَدِّبهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ، فَنَالَ فِي دَولَتِهِ مَالاً جَزِيْلاً مِنَ الرّشْوَةِ، فَحَصَّلَ أَرْبَعِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
هَلَكَ القَاسِمُ عَنْ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِيْنَ سَنَةٍ، - لَا رحمه الله.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا شَادِي المُغَنِّيّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن فِرَاس مِنْ عَهْدِ أَرْدَشِيرٍ (2) ، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فِرَاسٍ: هَذَا وَاللهِ - وَأَومأَ إِليَّ - أَحْسَنُ مِنْ بَقَرَةِ هَؤُلَاءِ وَآل عِمْرَانهِمِ.
وَجعلَا يَتَضَاحَكَانِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عبدُوْنَ: حَدَّثَنِي الوَزِيْرُ عَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَقَرَأَ قَارِئ:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ} [آل عِمْرَان:110] فَقَالَ ابْنُ فرَاسٍ: بِنُقْصَانِ يَاءْ، فَوَثَبْتُ فَزِعاً، فَرَدَّنِي القَاسِمُ وَغَمَزَهُ، فَسَكَتَ.
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 362.
(2)
كذا ضبطه الحافظ الدارقطني فيما نقله عنه ابن خلكان في " الوفيات " 4 / 360، وهو أردشير بن بابك بن ساسان: جد ملوك الفرس الذين آخرهم يزدجرد.
انظر ترجمته في " الاخبار الطوال " ص 45 42، و" تاريخ الطبري " 2 / 43 37، و" مروج الذهب " 1 / 245 وما بعدها.
و" عهد أردشير " طبع بتحقيق الدكتور إحسان عباس، وقد قام بنشره دار صادر وهو مجموعة وصايا خلفها أردشير لمن يليه في حكم فارس من الملوك، لتكون لهم عونا في إدارة شؤون ممالكهم، جمع فيها تجاربه في الحكم والادارة، وقد أصبح هذا العهد دستورا لمن جاء بعده من الملوك.