الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْتَعِدُ مِنَ الحُمَّى، فَكُنْتُ عَلَى الفِرَاشِ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ، وَسَقَطَ شَعْرِي، فَدَخَلَ أَخِي، فَقَالَ: أَيْش قِصَّتُكَ؟
فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: اعتَذِرْ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
فَاعْتَذَرْتُ وَتُبْتُ، فَمَا مَرَّ لِي إِلَاّ جُمُعَةً حَتَّى نَبَتَ شَعْرِي.
قُلْتُ: كَانَ هُوَ وَآبَاؤُهُ مُلُوْكَ بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَلَهُ غَزَوَاتٌ فِي التُّرْكِ، وَهُوَ الَّذِي ظَفَرَ بِعَمْرِو بنِ اللَّيْثِ وَأَسَرَهُ، فَجَاءهُ مِنَ المُعْتَضِدِ التَّقْلِيْدُ بِوِلَايَةِ خُرَاسَانَ وَمَا يَلِيْهَا، وَكَانَتْ سَلْطَنَتُهُ مُدَّةَ سَبْعِ سِنِيْنَ.
تُوُفِّيَ: بِبُخَارَى فِي صَفَرٍ، سَنَة خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ (1) ، فَتَمَلَّكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ أَحْمَدُ.
وَمَاتَ ابْنُهُ السُّلْطَانُ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِ مائَةٍ، قَتَلَهُ مَمَالِيْكُهُ (2) ، ثُمَّ مَلَّكُوا وَلَدَهُ نَصْراً (3) ، فَدَامَ ثَلَاثِيْنَ عَاماً، فَأَحْسَنَ السِّيْرَةَ، وَعَظُمَتْ هَيْبَتُهُ.
91 - صَاحِبُ الأَنْدَلُسِ عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ *
وَابْنُ مُلُوْكِهَا، الأَمِيْرُ أَبُو مُحَمَّدٍ، عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الحَكَمِ بنِ هِشَامِ بنِ الدَّاخِلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مُعَاوِيَةَ بنِ الخَلِيْفَةِ هِشَامِ بنِ
(1) انظر " عبر الذهبي " 2 / 102.
(2)
ولقب بعد موته بالشهيد. انظر " الكامل " لابن الأثير: 8 / 87 77، و" العبر " 2 / 118.
(3)
الملقب بالسعيد. ترجمه المؤلف في " العبر " 2 / 227، وانظر " الكامل " لابن الأثير: 8 / 80 78.
(*) تاريخ علماء الأندلس: 1 / 6، جذوة المقتبس: 12، الكامل في التاريخ: 8 / 73، الحلة السيراء: 1 / 124 120، البيان المغرب: 2 / 120 وما بعدها، العبر: 2 / 114، دول الإسلام: 1 / 182، مرآة الجنان: 2 / 236، ابن خلدون: 4 / 132، تاريخ الخلفاء: 831، النجوم الزاهرة: 3 / 181، نفخ الطيب: 1 / 353 352، شذرات الذهب: 2 / 233.
عَبْدِ المَلِكِ المَرْوَانِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ.
تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ المُنْذِرِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَامتَدَّتْ دَوْلَتُهُ، وَكَانَ مِنْ أُمَرَاءِ العَدْلِ، مُثَابِراً عَلَى الجِهَادِ، مُلَازِماً لِلصَّلَوَاتِ فِي الجَامِعِ، لَهُ مَوَاقِفُ مَشْهُوْدَةٌ، مِنْهَا: مَلْحَمَةُ بلِي (1) :كَانَ ابْنُ حَفْصُوْنَ قَدْ حَاصَرَ حِصْنَ بلِي وَمَعَهُ ثَلَاثُوْنَ أَلْفاً، فَسَارَ عَبْدُ اللهِ فِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفاً، فَالتَقَوا، فَانهَزَمَ ابْنُ حَفْصُوْنَ، وَاسْتَحَرَّ بِجَمْعِهِ القَتْلُ، فَقَلَّ مَنْ نَجَا، وَكَانُوا عَلَى رَأْيِ الخَوَارِجِ.
وَكَانَ عَبْدُ اللهِ ذَا فِقْهٍ وَأَدَبٍ.
وَنَقَلَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ الأَمِيْرَ عَبْدَ اللهِ اسْتفتَى بَقِيَّ بنَ مَخْلَدِ فِي الزِّنْدِيْقِ، فَأَفتَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابُ، وَذَكَرَ حَدِيْثاً فِي ذَلِكَ.
مَاتَ: فِي أَوَّلِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ ثَلَاثِ مائَةٍ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ ابْنُ ابْنِهِ النَّاصِرُ لِدِيْنِ اللهِ، فَدَامَ خَمْسِيْنَ سَنَةً، وَتَلَقَّبَ بِإِمرَةِ المُؤْمِنِيْنَ، وَهَذَا وَآبَاؤُهُ ذَكَرْتُهُمْ مُجْتَمِعِيْن فِي المائَةِ الثَّانِيَةِ فِي عَصْرِ هُشَيْمٍ (2) .
(1) كذا الأصل، وهي كذلك في " العبر " 2 / 114. وانظر " البيان المغرب " لابن عذاري: 2 / 123، وابن خلدون: 4 / 135.
(2)
انظر الجزء الثامن 217، 241، وكان الناصر لدين الله واسمه عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن محمد أول من تلقب بالخلافة من رجال الدولة الاموية في الأندلس.
وكانت ولايته مما يستغرب، لأنه كان شابا، وأعمامه وأعمام أبيه حاضرون، فتصدى لها، واحتازها دونهم، ووجد الأندلس مضطربة بالمخالفين، مضطرمة بنيران المتغلبين، فأطفأ تلك النيران، واستنزل أهل العصيان، واستقامت له الأندلس في سائر جهاتها بعد نيف وعشرين سنة من أيامه.