المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب المبتدأ والخبر - شرح الآجرومية - حسن حفظي

[حسن حفظي]

الفصل: ‌ باب المبتدأ والخبر

وننتقل الآن إلى‌

‌ باب المبتدأ والخبر

، قال المصنف رحمه الله (بَابُ اَلْمُبْتَدَأِ وَالْخَبَرِ: اَلْمُبْتَدَأُ: هو اَلِاسْمُ اَلْمَرْفُوعُ اَلْعَارِي عَنْ اَلْعَوَامِلِ اَللَّفْظِيَّةِ) .

المبتدأ لا يكون إلا اسمًا، ولا يكون فعلا، ولا يكون جملةً، ولا يكون حرفًا، (اَلْمَرْفُوعُ) حق المبتدأ أن يكون مرفوعًا، (اَلْعَارِي عَنْ اَلْعَوَامِلِ اَللَّفْظِيَّةِ) ، يُخرج بقوله (اَلْعَارِي) أن يتقدم عليه مثلا حرف جر، أو أن يتقدم عليه إن وأخواتها، وأن يتقدم عليه كان وأخواتها، أو أن يتقدم عليه ظنّ وأخواتها، فإنه سوف يتغير الحكم، أما تقدم الجار عليه فأحيانًا لا يتغير إلا قليلا، نحو قولك مثلا "بحسبك درهمٌ"، فالباء هنا يقولون حرف جار زائد، و"حسب" هنا مجرور لفظًا مرفوعٌ محلا لأنه مبتدأ، ودرهمٌ خبر، فهو هنا لم يعر عن العوامل اللفظية، لكن الحرف الموجود هنا حرف جر زائد، لكن لو كان حرف جر أصليًّا لما جاز لنا أن نعربه مبتدأ، لأنه لابد أن يعرو عن العوامل اللفظية. مما يمكن أن يُنظر فيه من العوامل اللفظية إنّ وأخواتها، يتغير الحكم حينئذٍ، ما يصير تعربه مبتدأ، يصير تعربه اسم إنّ، كان وأخواتها كذلك، لا تعربه مبتدءًا وإنما تعربه اسم كان، ظن وأخواتها كذلك ما تعربه مبتدءًا وإنما تعربه مفعول أول، وهكذا.

في بعض الأحيان يا إخواني لا يصير اسمًا صريحًا، وأحيانًا يكون اسمًا صريحًا، قال الله عز وجل ? مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ ? [الحجرات: 29] ، ? مُحَمَّدٌ ? هذا مبتدأ، وهو اسمٌ صريحٌ واضح، وقال الله سبحانه وتعالى ? وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ? [البقرة: 184] ، أنت قلت قبل قليل إن المبتدأ لا يكون إلا اسمًا، "أنْ" هذه حرف، و"تصوموا" فعل مضارع، فكيف تعرب هذه الجملة، قال هو ظاهره ليس اسمًا، ولكن في حقيقته هو اسمًا، لأن أنْ وما دخلت عليه تؤولان بمصدر، ويُعرب هذا المصدر مُبتدءًا، والتقدير في هذه الآية ـوالله أعلم ـ "وصيامكم خيرٌ لكم"، لأن "أنْ" هذه تؤول مع ما بعدها بمصدر، فإذاً يجوز أن يكون المبتدأ اسمًا ظاهرًا أن يكون مؤولا وذلك إذا كانت داخلةً عليه "أنْ" المصدرية أو "لو" المصدرية أو ما شاكل ذلك، هذا هو المبتدأ.

ص: 145

أما الخبر فقد عرفه المصنف في قوله (وَالْخَبَرُ هُوَ اَلِاسْمُ اَلْمَرْفُوعُ اَلْمُسْنَدُ إِلَيْهِ، نَحْوَ قَوْلِكَ "زَيْدٌ قَائِمٌ" وَ"الزَّيْدَانِ قَائِمَانِ" وَ"الزَّيْدُونَ قَائِمُونَ ") ، أما قوله المسند إليه فهذا خطأٌ لأن الخطأ ليس مُسندًا إليه، المُسند إليه هو المبتدأ، فغيروها بارك الله فيكم، أقول الخبر: هو الاسم المرفوع المسند، هو مُسند إلى المبتدأ، المبتدأ هو المسند إليه، أما الخبر فهو مُسند وليس مُسندًا إليه، مثل له بعدد من الأمثلة، طبعًا هذه الأمثلة تصلح للمبتدأ وتصلح للخبر، وهو قوله "زيدٌ قائمٌ"، و"الزيدان قائمان"، و"الزيدون قائمون"، فإن كلمة "زيد" مبتدأ، و"قائم" خبر، و"الزيدان" مثنى وهو مبتدأ، و"قائمان" خبر وهو مثنى، و"الزيدون" مبتدأ مرفوع وعلامة رفعه الواو، وقائمون خبره.

أما قوله (اَلْمُسْنَدُ إِلَيْهِ) فهو كما بينتُ لكم يحتاج إلى إعادة نظر، لأنه قد تكون في بعض النسخ لم يُذكر فيها كلمة إليه.

والأصل في المبتدأ أن يكون مفردًا، ولا يكون المبتدأ إلا مفردًا، لا يكون جملة ولا يكون غيرها، أما الخبر فالأصل فيه والغالب أن يكون مفردًا، لكن قد يكون جملةً وقد يكون شبه جملة، أما كونه جملةً فهذا يُشترط فيه أن تكون الجملة مشتملة على رابطٍ يربطها بالمبتدأ، يعني ما يجوز لك أن تقول "زيدٌ سافر عبد الله"، "زيدٌ" مبتدأ، وجملة "سافر عبد الله" ما تصلح أن تكون خبرًا، لأنه لا رابط بين جملة الخبر والمبتدأ، لكن لو أكملت عليها كلمة واحدة "سافر عبد الله أخوه"، هذا صحيح لوجود الرابط.

ص: 146

والرابط أنواع، النوع الأول وهو أقوى الروابط وأكثرها شيوعًا الضمير، يعني أن يكون في الخبر ضميرٌ يعود على المبتدأ، كقولك مثلا "زيدٌ أكرمته"، فالهاء هذه تربط جملة الخبر بالمبتدأ، وهذا أقوى الروابط، لكن هناك عدد من الروابط متروكة إن شاء الله إلى لقائنا القادم، ونتقبل الآن الأسئلة منكم إذا كان لديكم أسئلة.

سأل أحد الطلبة:

فضيلة الشيخ، جزاكم الله خيرًا، قال (الخبر هو الاسم المرفوع المسند) ، نعرف أن الخبر قد يقع جملة وشبه جملة، أليس فيه قوله (الاسم) يعني خروج شبه الجملة والجملة؟

أجاب الشيخ:

بارك الله فيك، هذا الكلام حقٌ، وهذا الكلام الذي جعلني أتتطرق إلى أنه في بعض الأحيان يكون الخبر جملةً وأحيانًا يكون شبه جملةٍ، يعني ـجارًا ومجرورً ـ أو ظرفًا، وكلامك صحيح، وهذا الكلام عليه مأخذ، يعني على كلام المصنف فيه مأخذ لأن قوله (هو الاسم) يدل على أنه لا يكون غير اسم، ولا يكون جملةً ولا يكون شبه جملة، لكن طبعًا هذا هو الغالب، الغالب في الخبر أن يكون اسمًا، وأن يكون مفردًا أيضًا، هذا الغالب فيه.

سأل أحد الطلبة:

جزاكم الله خيرًا، قال المؤلف (بَابُ اَلْمَفْعُولِ اَلَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ) ، فلماذا ذكر هذا والمعروف أن التسمية نائب الفاعل؟ فهل هناك فرقٌ بين التسميتين؟

أجاب الشيخ:

أولا لا مشاحّة في الاصطلاح كما يقولون، وكثير من المؤلفين القدامى لا يقول "باب النائب عن الفاعل"، وإنما يقولن "باب المفعول الذي لم يُسم فاعله"، يعني هذا تعبيرٌ قديم، وهو لاضير عليه فيه، هو مفعول ولم يُسم فاعله يعني لم يُذكر فاعله من، حتى في الإعراب بعضهم لا يقول نائب فاعل وإنما يقول هو مفعول ما لم يُسم فاعله، لكن الأولى من ناحية الإعراب أن يُقال فيه إنه نائب عن الفاعل.

أما من ناحية تسميته بهذه التسمية فهذا اصطلاح، ولا مشاحة في الاصطلاح، والله أعلم.

ص: 147

سأل الشيخ:

متى يجب أن تُلحق بالعامل علامة تدل على أن الفاعل مؤنث؟

أجاب أحد الطلبة:

إن كان ليس هناك فاصلٌ بين الفعل والفاعل.

علق الشيخ:

بارك الله فيك، إذا لم يوجد فاصلٌ بين الفعل والفاعل وكان الفاعل مؤنثًا حقيقي التأنيث، فإنه لو كان مجازي حتى لو كان متصلا بفاعله فلا إشكال، تؤنث أو تذكر، تقول "طلع الشمس" وتقول "طلعت الشمس"، والأولى طبعًا "طلعت الشمس"، لكن الثاني جائز، فإذا كان الفاعل مؤنثًا حقيقي التأنيث غير مفصولٍ عن عامله وجب إلحاق علامة تدل على أن الفاعل مؤنث، هذا كلامٌ حقٌ، وبارك الله فيك.

سأل الشيخ:

إذا كان الفاعل مثنًى أو مجموعًا، فما الكثير في الفعل أو في العامل، هل نلحق به علامةً تدل على أن الفاعل مثنًّى أو مجموع، أو لا نلحق؟

أجاب الطالب:

لا نلحق.

علق الشيخ:

هذا الغالب، ولكن الوجه الثاني جائز أم غير جائز؟

أجاب الطالب:

جائز.

سأل الشيخ:

هل تحفظ شيئًا من شواهده؟

أجاب أحد الطبة:

مثل قول الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف ? قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا ? [الأعراف: 23] .

علق الشيخ:

لا، هذه ليست شاهدًا لهذا، لأن الفاعل هنا غير مذكور، يعني ليس مصرحًا به بعد ? قَالَا ?، وإنما الألف هذه هي الفاعل نفسها.

أجاب طالبٌ آخر:

? ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ? [المائدة: 71] .

علق الشيخ:

صحيح، هذا هو الشاهد، ولم يرد إلا في موضعين من القرآن، هما قول الله عز وجل ? وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ? [الأنبياء: 3] ، والموضع الثاني ? ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ? [المائدة: 71] ، ولم يرد في غيرهما في القرآن الكريم كله.

نكتفي بهذا القدر اليوم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

ص: 148