الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدرس السابع
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نواصل الحديث في الممنوع من الصرف، الممنوع من الصرف انتهينا مما يُمنع لعلةٍ واحدة، وانتهينا أيضًا مما يُمنع لعلتين، والوصفية واحدة من العلتين، قلنا الوصف ووزن "أفعل"، والوصف وزيادة الألف والنون، والوصف والعدل، وقد انتهينا من هذا.
ننتقل الآن إلى نوعٍ آخر مما يُمنع لعلتين وهو ما كانت إحدى العلتين العلمية، يقولون يُمنع الاسم من الصرف إذا اجتمعت فيه علتان إحداهما العلمية، العلمية وماذا؟ العلمية والألف والنون، مثل "عثمان" و"سلطان"، العلمية والتأنيث، وليس كل مؤنثٍ علم يُمنع من الصرف، بل لابد أن يكون إما مختومًا بالتاء أو زائدًا على ثلاثة أحرف، أو ثلاثة أحرف ووسطه متحرك، أو ثلاثة ووسطه ساكن ولكنه اسم أعجمي، الأمثلة "فاطمة ممنوعة من الصرف لأنها مختومة بالتاء، "سحر" هذه ممنوعة ثلاثية ومتحركة الوسط، "زينب" ممنوعة من الصرف لأنها أربعة أحرف، "ماه" "وجور" أسماء لأعلام أعجمية، يعني مدن أعجمية، هذه ممنوعة من الصرف، صحيح أنها ثلاثية وساكنة الوسط لكنها مؤنث وأعجمي تمنع من الصرف، لكن "هند" و"دعد"، يجوز لك الوجهان على السواء فيهما أن تصرف وأن تمنع، يجوز أن تقول "جاءت هندٌ"، ويجوز أن تقول "جاءت هندُ"، و"مررت بهندٍ" و"مررتُ بهندَ"، أنت حر إذا ثلاثيًّا ساكن الوسط، ومنه كما يرى بعضهم قول الله عز وجل ? اهْبِطُوا مِصْرًا ? [البقرة: 61] ، على أن المقصود مصر التي نحن فيها الآن، مصر العلم على هذا البلد على أنه هو المقصود، وبعضهم يرى أنها ليست علمًا في هذه الآية، وإنما ? اهْبِطُوا مِصْرًا ? من الأمصار أيّ مصر، لكن على الرأي الذي يرى أنها علم تكون حينئذٍ مصروفة، لأنه يجوز الوجهان فيما كان ثلاثيًّا ساكن الوسط.
انتهينا من العلم المؤنث ومن العلم المختوم بالألف والنون، بقي الآن العلم الموازن للفعل، مثل "شمّر" ومثل "يزيد" و"تغلب" و"يشكر" و"أحمد"، وهكذا، هذه كلها ممنوعة من الصرف للعلمية ووزن الفعل.
النوع الرابع العلم المركب تركيبًا مزجيًّا، نحو "بعلبك" و"حضر موت" و"معدي كرب" وما شاكل ذلك.
النوع الخامس العلم المعدول، يمثلون له بنحو "عُمر"، يقولون "عمر" معدولٌ عن "عامر"، و"زُحَل" و"زُفَر" وما شاكل ذلك، ما كان وزن فُعَل وهو معدولٌ عن فاعل فإنهم يمنعونها من الصرف للعلتين العلمية والعدل، وهذه خمسة أنواع، وهناك خمسة أنواع، وهنالك نوعان يمتنعان من الصرف مطلقًا لعلة واحدة، وثلاثة مع الوصفية، وخمسة مع العلمية، صار المجموع عشرة أنواع كل هذه تُمنع من الصرف، بقي أن نشير إلى ما نبهني إليه أخوكم وهو أن الممنوع من الصرف يرجع إلى أصله فيُجر بالكسرة ولكن لا يرجع إليه التنوين، فهو يرجع إلى أصله فيُجر بالكسرة وذلك في حالتين:
1-
الحالة الأولى: أن تدخل عليه "ال"، قال الله عز وجل ? وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ? [البقرة:187] ، مجرورة بالكسرة.
2-
الحالة الثانية: أن يُضاف، فإذا وقع مضافًا رجع إلى أصله أيضًا فجر بالكسرة، انتبهوا إلى آيتين أذكر فيهما اسمًا واحدًا مرة جاء منصرفًا ومرة جاء غير منصرف، قال الله عز وجل ? وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا ? [النساء: 86] ، هنا لأنه لم يُضَف جاء مجرورًا بالفتحة، ممنوعًا من الصرف لعلتين،
وقال الله عز وجل ? لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ? [التين: 4] ، جاءت كلمة ? أَحْسَنِ ? مصروفةً لأنها مضافة إلى كلمة تقويم، حينئذٍ نعيدها إلى أصلها فنجرها بالكسرة.
لكن اعلم بارك الله فيك التنوين لا يعود إليه إلا في الضرورة الشعرية أو في مواضع حددوها وذكروها، قالوا إن الممنوع من الصرف في بعض الحالات يرجع إليه التنوين، منها الضرورة الشرعية، ومنها مراعاة الفواصل، "ويوم دخلت الخدر خدر عنيزةٍ"، "عنيزة" هنا جاء منونًا مصروفًا، وفي قراءة قول الله عز وجل ? سَلَاسِلًا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا ? [الإنسان: 4] ، جاءت ? سَلَاسِلًا ? منونة لمناسة أغلالا وسعيرًا لأنها مناسبة لها، هذه في قراءة، القراءة الأخرى ? سَلَاسِلَ ? بدون تنوين.
وقالوا أيضًا العلم إذا زالت عنه علميته فإنه يرجع إلى أصله فيُصرف، مثلا دخلت "رُبَّ"، و"رُبَّ" لا تدخل إلا على النكرات، فقلتَ "رُبَّ عمرٍ قابتله" و"رُبَّ يزيدٍ قابلته"، لأن ذهبت عنه العلمية، فما بقي فيه إلا علة واحدة فيعود إلى أصله فيُصرف ويُنون. وهذا آخر الحديث في باب الممنوع من الصرف، وأيضًا نحن لم نعط الممنوع من الصرف كل ما يستحق لأنه بابٌ طويل.
ننتقل الآن إلى قول المصنف (وللجزم علامتان: السكون والحذف) ، فأما السكون فيكون علامةً للجزم في الفعل المضارع الصحيح الآخر، إذا كان عندك فعلٌ مضارعٌ صحيح الآخر لم يتصل به ألف الاثنين ولا واو الجماعة ولا ياء المخاطبة، صحيح الآخر أي ليس آخره حرف علة، ليس آخره ألف ولا واو ولا ياء، فإنك تقول "لم يشربْ محمد" و"لم يحضرْ" و"لم يُسافرْ" و"لم ينمْ"، نقول "لم ينم" هذه فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه السكون لأنه صحيح الآخر ولم يتصل به ألف الاثنين ولا واو الجماعة ولا ياء المخاطبة. هذا النوع الأول ومنه قول الله عز وجل ? قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ? [يوسف: 77] ، ? إِنْ ? حرف شرط، و ? يَسْرِقْ ? فعل مضارع مجزوم بـ ? إِنْ ? وعلامة جزمه السكون. قال المصنف رحمه الله (وأما الحذف فيكون علامةً للجزم في الفعل المضارع المعتل الآخر، وفي الأفعال الخمسة التي رفعها بثبوت النون) ، نبدأ بالفعل المضارع المعتل الآخر، الفعل المضارع المعتل الآخر إما أن يكون مختومًا بالألف نحو "يسعى" أو مختومًا بالواو نحو "يدعو" أو مختومًا بالياء نحو "يرمي"، إذا أدخلت عليه الجازم فإنك تحذف حرف العلة من آخره، فتقول "لم يدعُ" و"لم يسعَ" و"لم يرمِ"، قال الله عز وجل ? أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ? [الفيل: 1] ، ? تَرَ ? فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وقال الله عز وجل ? وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ ? [المؤمنون: 117] ، ? يَدْعُ ? فعل مضارع مجزوم وعلامة جزمه حذف حرف العلة، وقال سبحانه ? مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي ? [الأعراف: 178] ، ? يَهْدِ ? أصله "يهدي" ولما دخل عليه الجازم حُذف حرف العلة من آخره، هذا هو المعتل الآخر.
وأما الفعل المضارع الذي اتصل به ألف الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبة فمن شواهده قول الله عز وجل ? إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ? [التحريم: 4] ، ? تَتُوبَا ? فعل مضارع مجزوم بـ ? إِنْ ? وعلامة جزمه حذف النون، وقال الله عز وجل ? وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ ? [البقرة: 283] ، الشاهد عندنا في قوله ? وَلَا تَكْتُمُوا ? فقد حُذفت النون هنا لدخول لا الناهية عليه، وقال الله عز وجل ? فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ? [مريم: 26] ، الشاهد عندنا في قوله ? تَرَيِنَّ ? لأنه تقدم عليه "إنْ" الشرطية وبعدها "ما زائدة" فحُذف منها حرف العلة، "إن تسعيْ في الخير تُثابي"، أصله طبعًا "تسعين" و"تُثابين"، لكن لما دخلت عليها "إن" الشرطية حُذف منها النون، وهذا آخر ما يُقال في هذا الموضوع وهو علامات الجزم، إما السكون وإما الحذف، السكون للفعل المضارع الصحيح الآخر، والحذف في موضعين، في الفعل المضارع المعتل وفي الأفعال الخمسة.
ننتقل الآن إلى قول المصنف (المُعرَبات قسمان) ، وهنا يأتي المصنف بتفصيلاتٍ جديدة هي مكررة في الأبواب السابقة، ولكنه أتى بها بصورة أخرى، وسنمشي معه أيضًا في تصويره هذا الجديد، قبل قليل كان يتحدث عن علامات الإعراب، الآن يتحدث عن المعرب نفسه، فيقول (المُعرَبات قسمان: قسميُعرَبُ بالحركات، وقسم يعرب بالحروف) ، ثم قال (فالذي يُعرَبُ بالحركاتِ أربَعَةُ أنواع: الاسم المفرد، وجمع التكسير، وجمع المؤنث السالم، والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شيء) ،وهذه كلها واضحة جدًا، وسبق أن شرحناها، كل هذه تُعرب الحركات، لا تُعرب الحروف. الاسم المفرد "جاء محمدٌ" و"هذا بابٌ" و"ذلك رجلٌ"، هذه حركات، وجمع التكسير "هؤلاء رجالٌ مسلمون"، وجمع المؤنث "هؤلاء المسلماتِ صالحاتٌ"، كذلك والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شيءٌ يُعرب بالحركات سواءٌ كانت الحركة ظاهرة أو غير ظاهرة، مثل "يدعو" ومثل "يضرب"، فإنه يُرفع بالضمة ويُنصب بالفتحة ويُجزم بالسكون، هذه هي الحركات الأصلية.
وقال المصنف أيضًا (وكلها) يعني الأشياء التي ذكرها قبل قليل، وهي الاسم المفرد، وجمع التكسير، وجمع المؤنث السالم، والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شيءٌ، قال (وكلها تُرفَعُ بالضمة، وتُنصَبُ بالفتحة، وتُخفَضُ بالكسرة، وتُجزَمُ بالسكون) ، استثني منها الممنوع من الصرف فإنه سيأتي بيانه، الممنوع من الصرف يُجر بالفتحة، وجمع المؤنث السالم يُنصب بالكسرة، وسيستثنيه المصنف، سيذكره بعد قليل، إذًا هذه كلها ترفع بالضمة وتنصب بالفتحة وتُخفض بالكسرة وتُجزم بالسكون يعني بالعلامات الأصلية.
قال المصنف (وخرج عن ذلك) أي عن هذه القاعدة التي ذكرها قبل قليل (وخَرَجَ عن ذلك ثلاثةُ أشياء: جمع المؤنث السالم يُنصَبُ بالكسرة، والاسم الذي لا ينصَرِفُ يُخفَضُ بالفتحة، والفعل المضارع المُعتَلُّ الآخِر يُجزَمُ بحذف آخره) ، هذه استثناها من الكلام الذي قاله قبل قليل.
ثم انتقل بعد ذلك إلى قوله (والذي يُعرَبُ بالحروف أربعة أنواع: التثنية، وجمع المُذَكَّر السالم، والأسماء الخمسة، والأفعال الخمسة) ، ما الأفعال الخمسة؟ سبق أن مرت بنا عدة مرات، لكنه هنا مثل لها تمثيلا، وقال (وهي: يَفعلانِ، وتَفعلانِ، ويَفعلون، وتفعلون، وتفعلين) ، هذه الأشياء كلها إعرابها بالحروف وليس بالحركات.
ثم بعد هذا يفصل أيضًا تفصيلا سبق أن شرحناه، لكن لا بأس أن نتتبعه على حسب كلامه، قال (فأما التثنيةُ فتُرفَعُ بالألف، وتُنصَبُ وتُخفَضُ بالياء) ، وهذا سبق أن ذكرناه وشرحناه ومثلنا له، قال (وأما جمع المذكر السالم فيُرفَعُ بالواو، ويُنصَبُ ويُخفَضُ بالياء) وهذا سبق أن ذكرناه وشرطه وشرحه وكل ما يتعلق به، قال (وأما الأسماء الخمسة فتُرفَعُ بالواو، وتُنصَبُ بالألف، وتُخفَضُ بالياء) ، وقد ذكرنا شروطها والحديث فيها، وقلنا إنه ليس كل الأسماء الخمسة هذه دائمًا تُرفع بالواو وتُنصب بالألف وتجر بالياء، ولكنها إذا اجتمعت فيها هذه الشروط.
ثم بعد هذا قال المصنف رحمنا الله وإياه (وأما الأفعال الخمسة فتُرفَعُ بالنون وتُنصَبُ وتُجزَمُ بحذفها) ، وهذا الكلام كله قد شرحناه، لا نحتاج إلى زيادة، لكن نذكر بعض الأمثلة، قال الله عز وجل ?المر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ? [الرعد: 1] ، ?يُؤْمِنُونَ ? فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون، قال الله عز وجل ? وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ? [البقرة: 95] ، الشاهد عندنا في قوله ? يَتَمَنَّوْهُ ?، فإنه فعل مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون، وأما المجزوم فنحو قول الله عز وجل ? فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ? [النساء: 91] ، والشاهد عندنا في ? يَعْتَزِلُوكُمْ ? و? يُلْقُوا ? و? يَكُفُّوا ? فإنها كلها مجزومة وعلامة جزمها حذف النون.