المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الدرس الثامن عشر - شرح الآجرومية - حسن حفظي

[حسن حفظي]

الفصل: ‌الدرس الثامن عشر

‌الدرس الثامن عشر

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.

أيها الأخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نواصل الحديث في باب الحال ونحن قد وصلنا إلى خواتيمه لأننا كنا قد بدأنا في الحلقة الماضية في الحديث عن بعض أوصاف الحال وذكرنا أن من أوصافها الغالبة أنها منتقلة يعني ليست لازمة، ولا ثابتة وأنها قد ترد لازمة لكنهم قليل، وذكرنا أيضاً أن من أوصافها أنها مشتقة، ولا تكون جامدة إلا في مواضع قليلة جداً وهذا هو الأصل.وذكرنا أيضاً أن من أوصافها أنها نكرة ولا تقع معرفة إلا قليلاً وذكرنا أن من أوصافها أن صاحبها لابد أن يكون معرفة ويقع نكرة بمسوغ ولم نذكر أنه ربما وقع نكرة بدون مسوغ ولكن هذا قليل ونادر جداً ولذلك يقولون من أمثالهم أو من كلامهم من كلام العرب المعتد به عليه مائةٌ بيضاً مائة هذه نكرة، وبيضاًَ هذه حال، وصاحب الحال هنا لم يأتي له مسوغ ولكن هذا نادر وقليل إذاً لابد من مسوغ من المسوغات، التي سبق أن ذكرناها بقي أن من أوصاف الحال أن الغالب فيها أن تكون اسماً مفرداً، مما ورد فيه اسم مفرداً قول الله عز وجل ?فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ? [القصص:21] فقوله عز وجل خائفاً هذه حال، وهي اسم مفرد وتصلح هذه الآية شاهداً لشيء مما هو خلاف الأصل في الحال وهو وقع يترقب هنا وهي جملة وقعت حالاً فعندنا هنا حالان وصحاب الحال هو الفاعل وهو موسى عليه السلام ?فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِف? خائفاً هذه هي الحال الأولى والحال الثانية جملة يترقب، ولكن الأصل كما ذكرنا في الحال أن تكون مفرداً أما وقوعها جملة فقد ورد، وتقع أيضاً شبه جملة، يعني تقع ظرفاً، وتقع جاراً ومجروراً، ولكن بالنسبة لوقوعها كجملة اشترطوا لها بعض الشروط:-

الشرط الأول: قالوا لابد أن تكون خبرية وليست إنشائية.

والثاني: قالوا ألا تكون يعني الجملة التي وقعت حالاً مصدرة بما يدل على الاستقبال كالسين، أو سوف أو ما شاكل ذلك لابد أن تكون خالية من أي دلالة على الاستقبال لأنها كما تعرفون حال والحال خلاف المستقبل، فإذا تصدرت بما يدل على المستقبل فمعنى هذا أنها ليست حالاً، فاشترطوا هذا الشرط وهذا أيضاً لا يجوز أيضاً أن تكون مصدرة بكلمة لن لابد أن تكون الجملة حالية خالية من كل حالة.

ص: 256

الثالث مما اشترطوه: أن تكون مرتبطة يعني الجملة الواقعة حالاً أن تكون مرتبطة بصاحب الحال برابط، والرابط هذا نوعان:

الواو أو الضمير وقد يكون يجمع بينهما قال الله عز وجل ? أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ? [البقرة:243] فقوله سبحانه وتعالى ? وَهُمْ أُلُوفٌ ? هذه الجملة حالية وقد ارتبطت بالجملة السابقة أولاً هذه جملة حالية وخبرية ليست بإنشائية ليست لا أمر ولا نهي ولا دعاء ولا غير ذلك.

الثاني أنها لم تتصدر بما يدل على الاستقبال فليست مسبوقة لا بالسين ولا بسوف ولا نحو ذلك ولا لن أيضاًَ، لأن لن تخلص الفعل بعد هذا الاستقبال، وأيضاً ارتبطت بصحاب الحال، برابطين الرابط الأول هو الواو، هذه الواو عند إعراب الجملة تقول حالية، أو دليل على أن الجملة التي تأتي بعدها هي حال أما الرابط الثاني فهو الضمير في قوله ?هُمْ? ? وَهُمْ أُلُوفٌ ? فقد ارتبطت بهذين الرابطين، وبهذا تعد هذه الجملة مستوفية الشروط مستوفية لشروط وقوع الحال جملة.

بقي الإشارة إلى أن الحال قد يكون ظرفاً وقد يكون جاراً ومجروراً، أما وقوع الحال ظرفاً فلم أجده في القرآن الكريم، ولكني وجدت وقوع الحال جاراً ومجروراً في قول الله عز وجل ?فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ? [القصص:79] ففي زينته جار ومجرور متعلقان بمحذوف حال من فاعل في خرج، أما وقوعها ظرفاً فيمكن التمثيل له بقولك رأيت الهلال بين السحاب، على أن رأى بصرية، لأنه كما تعلمون أن رأى إذا كانت بصرية فإنه تنصب مفعولاً به واحداً ويكون قوله بين السحاب هذا متعلق محذوف حال من الهلال هذا حال من الهلال.

ص: 257

أما تقديم الحال على صاحبها وعلى عاملها فالأصل أن تكون الحال متأخرة، ولذلك قال المصنف هنا ولا تجيء إلا بعد تمام الكلام يعني الحال، لا تجيء إلا بعد تمام الكلام هو يقصد بعد أن تستوفي الجملة مستلزماتها لكن قد تتقدم على الحال، قد تتقدم على العامل أعني الحال، وقد تتأخر وجوباً، وقد تتأخر جوازاً، أما تأخرها جوازاً فقولك مثلاً رأيت محمداً راكباً راكباً هذا جاء في موضعه، ولا إشكال فيه ويجوز تقديم راكباً هذه فتقول راكباً رأيت محمداً، لا إشكال لكن في بعض الأحيان يجب تأخير الحال، يجب أن تبقى في الأخير وذلك إذا كانت محصورة، يقولون ومنه قول الله عز وجل وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين فمبشرين هنا حال وقد جاءت في الأخير ولا يصح تقديمها لكونها محصورة هذا هو ما نقوله عن الحال.

العامل في الحال الغالب فيها أن يكون فعلاً متصرف، ولكن لا يمنع أيضاً أن يكون فعلاً جامداً كما وقع فعل التعجب عاملاً في الحال في نحو قولهم: ما أحسن محمداً خطيباً، فخطيباً هنا حال والعامل فيه قوله ما أحسن وهي هنا فعل للتعجب وهو فعل جامد لأنه لا يجيء منه أي تصرف آخر وهذا آخر ما نقوله في باب الحال، وننتقل إلى باب شبيه بالحال، وهو

ص: 258