الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة إحدى وأربعين وهي ابنة ستين سنة، وقيل إنها ماتت في خلافة عثمان.
الأولى "سنة إحدى وأربعين"، حين بايع الحسن معاوية، "وهي ابنة ستين سنة"، على القول الثاني؛ لأنها ولدت قبل النبوة بخمس سنين، فتضم إلى ثلاث عشرة قبل الهجرة، ثم إلى إحدى وأربعين بعدها تبلغ ذلك، أما على الأول فتكون ابنة ثلاث وستين، وقد أحسن اليعمري حيث قال بعد الأول، وقد بلغت ثلاثا وستين سنة، "وقيل إنها ماتت في خلافة عثمان" سنة سبع وعشرين، قال في الإصابة حكاه الدولابي، وهو غلط، وكان قائله استند إلى ما رواه ابن وهب عن مالك أنه قال: ماتت حفصة عام فتحت أفريقية، ومراده فتحها الثاني الذي كان على يد معاوية بن خديج، وهو في سنة خمسين، وأما الأول الذي كان في عهد عثمان سنة سبع وعشرين فلا، انتهى، وقيل ماتت سنة خمسين، وقيل سنة سبع وأربعين، حكاها البرهان، وأوصت إلى أخيها عبد الله بما أوصى إليها عمرو بصدقة تصدقت بها، بمال وقفته بالغاية، ذكره أبو عمر والله أعلم.
[أم سلمة أم المؤمنين] :
أما أم المؤمنين أم سلمة هند، وقيل رملة الأول أصح -وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة، وليست عاتكة بنت عبد المطلب- فكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت أبي سلمة بن عبد الأسد، وكانت هي وزوجها أول من هاجر إلى أرض الحبشة، فولدت له بها زينب،
أم سلمة أم المؤمنين:
"وأما المؤمنين أم سلمة" الموصوفة بالجمال البارع، والعقل البالغ والرأي الصائب، وإشارتها عليه صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية تدل على وفور عقلها وصواب رأيها، حتى قال إمام الحرمين لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة "هند، وقيل رملة الأول أصح" بل قال أبو عمرو: يقال رملة وليس بشيء وتقدم اسم أبيها ونسبه، "وأمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة" بن مالك، لكنانية، وليست عاتكة بنت عبد المطلب" خلافا لمن أخطأ فظنها بنت عمته صلى الله عليه وسلم وإنما هي بنت زوجها، وأخواها عبد الله وزهير ابنا عمته عليه السلام، "فكانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت" ابن عمها عبد الله "أبي سلمة بن عبد الأسد" بن المغيرة المخزومي "وكانت هي وزوجها" ممن أسلم قديما، و"أول من هاجر إلى أرض الحبشة"، في أحد الأقوال، وقيل عثمان، وقيل سليط وقيل حاطب كما مر "فولدت له بها زينب" فيما يقال، لكن في مسند البزار ما يدل على أنها وضعتها بعد موت أبي سلمة، فحلت، فخطبها صلى الله فتزوجها، وكان اسمها برة، فغيره صلى الله عليه وسلم زينب.
وولدت له بعد ذلك سلمة وعمر ودرة وقيل هي أولى ظعينة دخلت المدينة مهاجرة،
أسنده ابن أبي خيثمة عنها، حفظت عنه صلى الله عليه وسلم، وروت عنه وعن أزواجه، ذكره في الإصابة في ترجمة زينب، "وولدت له بعد ذلك سلمة" الذي زوجه صلى الله عليه وسلم أمامه بنت حمزة عمه، وعاش إلى خلافة عبد الملك ولم يحفظ له رواية.
"وعمر" الصحابي الصغير، وله رواية في الكتب الستة، واستعمله على فارس والبحرين، ومات بالمدينة سنة ثلاث وثمانين على الصحيح، "ودرة" التي قالت أم حبيبة: يا رسول الله إنا قد تحدثنا أنك ناكح درة بنت أبي سلمة، فقال: إنها لو لم تكن ربيبة في حجري ما حلت لي إنها لابنة أخي من الرضاعة رواه البخاري، وقد علمت أن كون زينب أكبر أولادها إنما هو قول ضعيف، ولذا جزم في الإصابة في ترجمة أم سلمة بقوله، فولدت له سلمة بالحبشة، ثم قدما مكة، وهاجر إلى المدينة، فولدت له عمر ودرة وزينب، وأما الشامي، فتناقض كلامه، فقال: أولا سلمة أكبرهم، وعمر، وزينب أصغرهم، ثم بعده بقليل جزم بأن عمر ولد بالحبشة في السنة الثمانية من الهجرة ولدت زينب بأرض الحبشة، وتركة ذكرة درة رأسا، وكأنه أراد أن يحكي ذلك قولا مقابلا لما صدر به فنسي، لكن الشفاء في الإصابة، فإنه قال في زينب ما علمت، وفي عمر ولد في الحبشة في السنة الثانية، وقيل قبل ذلك وقبل الهجرة، ويدل عليه قول ابن الزبير كان أكبر مني بسنتين، "وقيل هي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة" كما رواه البغوي عن قبيصة بن ذؤيب.
وروى ابن إسحاق عنها: لما أجمع أبو سلمة الخروج إلى المدينة رحل بعيرا له، وحملني، وحمل معي ابن سلمة، ثم خرج يقود بعيره، فلما رآه بنو المغيرة قالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتنا هذه علام نتركك تسير بها في البلاد، ونزعوا خطام البعير ن يدي وأخذوني، فغضب عند ذلك بنو عبد الأسد، وأهووا إلى سلمة، وقالوا: والله لا نترك ابنتنا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا، فتجاذبوا سلمة حتى خلعوا يده، وانطلق به عبد الأسد ورهط أبي سلمة، وحبسني بنو المغيرة عندهم، فكنت أنطلق غداة، وأجلس أبكي بالأبطح فما أزال أبكي حتى أمسي سبعا، أو قربها حتى مر بي رجل من بني عمي، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون هذه المسكينة، فرقتم بينها وبين زوجها وابنها فقالوا: الحقي بزوجك إن شئت.
ورد على عبد الأسد عند ذلك ابني، فرحلت بعيري، ووضعت ابني في حجري، ثم خرجت أريد المدينة وما معي أحد من خلق الله حتى إذا كنت بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة، فقال: أين يا بنت أبي أمية، قلت: أريد زوجي بالمدينة، فقال: هل معك أحد، قلت: لا والله
وقيل غيرها، ومات أبو سلمة سنة أربع وقيل سنة ثلاث من الهجرة.
وكانت أم سلمة سمعته عليه الصلاة والسلام يقول: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها" قالت: فلما مات أبو سلمة
إلا الله وبني هذا، فقال: والله ما مثلك يترك فأخذ بخطام البعير، فانطلق معي يقودني، فوالله ما صحبت رجلا من العرب كان أكرم منه، إذا نزل المنزل أناخ بي، ثم تنحى إلى شجرة، فاضطجع تحتها، فإذا دنا الرواح، قام إلى بعيري، فقدمه ورحله، ثم تأخر عني وقال: اركبي فإذا استويت أتى فأخذ بخطامه فقادني، فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي المدينة، فلما نظر إلى قباء قال: زوجك في هذه القرية، وكان أبو سلمة بها، "وقيل غيرها" قال في الإصابة، ويقال: إن ليلى امراة عامر بن ربيعة شاركتها في هذه الأولية، وقال الشامي: ويقال بل ليلى، "ومات أبو سلمة" البدري المسلم بعد عشرة أنفس، كما قال ابن إسحاق: بجرح أصابه بأحد، فعالجه شهرا حتى برئ، ثم بعثه صلى الله عليه وسلم في سرية، فغاب شهرا ثم عاد فانتقض جرحه، فمات لثمان خلون من جمادى الآخرة "سنة أربع" عند الجمهور، منهم ابن جرير، ويعقوب بن سفيان، وابن البرقي، وابن أبي خيثمة، "وقيل" في جمادى الآخرة أيضا، لكن "سنة ثلاث من الهجرة" قاله ابن عبد البر، قال في الإصابة، والراجح الأول انتهى، "وكانت أم سلمة سمعته عليه الصلاة والسلام" وفي رواية أن زوجها حدثها عنه بذلك ولا منافاة فحدثها أولا، ثم سمعته صلى الله عليه وسلم "يقول" كما في أبي داود والنسائي عن أم سلمة، ولم يذكوا عن أبي سلمة "ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول: اللهم أجرني".
قال السيوطي: بهمزة قطع ممدودة، وكسر الجيم بوزن أكرمني، وبسكون الهمزة، وضم الجيم بوزن انصرني، أي أثبني وأعطني "في مصيبتي وأخلفني" بضم اللام "خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها" ولمسلم والنسائي، وغيرهما أن أبا سلمة جاء إلى أم سلمة، فقال: سمعت من رسول الله صلى الله حديثا هو أعجب إلي من كذا، وكذا، ما أدري ما أعدل به، سمعته يقول:"لا تصيب أحدا مصيبة، فيسترجع عند ذلك ثم يقول: اللهم عندك احتسب مصيبتي هذه، اللهم اخلفني فيها بخير منها إلا أعطاه الله ذلك" والترمذي.
وقال حسن غريب، والنسائي، وابن ماجه، عن أم سلمة، عن أبي سلمة مرفوعا "إذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك احتسب مصيبتي" الحديث.
"قالت: فلما مات أبو سلمة" استرجعت، وقلت: اللهم عندك احتسب مصيبتي، هذه كما في رواية الجماعة عنها زاد في رواية البغوي وغيره ولم تطب نفسي أن أقول اللهم اخلفني
قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له.
وفي رواية: فخطبها أبو بكر فأبت، وخطبها عمر فأبت، ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: مرحبا برسول الله، إن فيَّ خلالا ثلاثا: أنا امرأة شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية وأنا امرأة ليس لي هنا أحد من أوليائي فيزوجني. فغضب عمر رضي الله عنه أشد مما غضب لنفسه حين ردته، فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: "أما ما ذكرت
خيرا منها و"قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة" في قيامه بأمري على الوجه الذي أريده وبعيد أن يكون غيره مثله في حقي، فلم ترد إنكار خيرية أحد من المسلمين على الإطلاق، وهذا أولى من قول صاحب فتح الإله، كأنها أرادت غير نحو العشرة ممن لم تعرف لهم أفضلية على غيرهم حينئذ، وظنها أفضلية أبي سلمة على الكل بعيد من كمال عقلها وفقهها انتهى.
وفي رواية فكنت إذا أردت أن أقول وأبدلني خيرا منها، أقول ومن خير من أي سلمة، وفي رواية لابن ماجه، فلما أردت أن أقول: اللهم عضني خيرا منها، قلت في نفسي: أعاض خيرا من أبي سلمة، "ثم إني قلتها" أي المقالة التي هي "اللهم
…
إلخ" "فاخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم" بعد انقضاء عدتها بوضع زينب، كما في رواية النسائي "حاطب بن أبي بلتعة يخطبني" بضم الطاء "له" كما في مسلم وغيره، والنسائي وغيره أنه أرسل عمر بن الخطاب يخطبها له، وللطبراني برجل الصحيح والنسائي أيضا من وجه آخر، والدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم خطبها بنفسه، وجمع بأنه بعثهما أولا، ثم خطب بنفسه ثانيا، "وفي رواية عند النسائي وغيره بسند صحيح من حديثهما "فخطبها أبو بكر" وفي رواية، فلما انقضت عدتها، أرسل أبو بكر يخطبها، "فأبت وخطبها عمر" وفي رواية فأرسل إليها عمر يخطبها "فأبت ثم أرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبها فقالت: مرحبا برسول الله، إن فيَّ خلالا ثلاثا" أخافهن على رسول الله صلى الله عليه وسلم، "أنا امرأة شديدة الغيرة، وأنا امرأة مصبية"، بضم الميم، وسكون المهملة، وكسر الموحدة، وخفة التحتية، أي ذات صبية ذكور وأناث "وأنا امرأة ليس لي هنا أحد من أوليائي فيزوجني" وللنسائي فقالت: ما مثلي ينكح أنا لا يولد لي وغيور، وذات عيال، "فغضب عمر رضي الله عنه أشد مما غضب لنفسه حين ردته".
زاد في رواية، فقال: أنت التي تردين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يابن الخطاب إن في كذا وكذا، "فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها" زاد في رواية النسائي أنا أكبر منك و "أما ما ذكرت"
من غيرتك فإني أرجو الله أن يذهبها عنك، وأما ما ذكرت من صبيتك فإن الله سيكفيهم، وأما ما ذكرت من أوليائك فليس أحد من أوليائك يكرهني". فقالت لابنها: زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه. قال صاحب "السمط الثمين" رواه بهذا السياق هدبة بن خالد و"صاحب الصفوة" وخرج أحمد والنسائي طرفا منه، ومعناه في الصحيح.
ومنه دلالة على أن الابن يلي العقد على أمه، وعندنا أنه إنما زوجها بالعصوبة لأنه ابن عمها؛ لأن أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله، وأم سلمة هند بنت سهيل بن المغيرة بن عبد الله، ولم يكن من عصبتها
من غيرتك فإني أرجو الله أن يذهبها عنك".
وفي رواية "فسأدعو الله، فيذهب غيرتك"، فدعا صلى الله عليه وسلم فكانت في النساء كأنها ليست منهن، لا تجد من الغيرة شيئا، "وأما ما ذكرت من صبيتك فإن الله سيكفيهم".
وفي رواية النسائي: "وأما العيال فإلى الله ورسوله"، "وأما ما ذكرت من أوليائك فليس أحد من أوليائك يكرهني".
وفي رواية "شاهد ولا غائب إلا سيرضاني""فقالت لابنها" عمر، كما في رواية أحمد والنسائي.
وروى ابن إسحاق أنه سلمة أخوه، وعليه الأكثر، قال البلاذري، وهو أثبت، وأقره في الإصابة "زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم" أمك، "فزوجه" إياها.
"قال" المحب الطبري "صاحب السمط" بكسر السين العقد "الثمين" أي الغالي في أزواج الأمين "رواه بهذا السياق هدبة" بضم الهاء، وسكون الدال، بعدها موحدة "ابن خالد" بن الأسود العنسي أبو خالد البصري، ويقال له هداب، بفتح الهاء والتثقيل، ثقة عابد، لقيه البخاري، ومسلم، وأبو داود، ورووا عنه، ومات سنة بضع وثلاثين ومائتين، "وصاحب الصفوة" ابن الجوزي، "وخرج أحمد والنسائي طرفا منه، ومعناه في الصحيح" لمسلم، "وفيه دلالة على أن الابن يلي العقد على أمه"، كما ذهب إليه أبو حنيفة، ومالك، وجماعة، "وعندنا" يعني الشافعية "أن إنما زوجها بالعصوبة لأنه اب عمها؛ لأن أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد" بسين ودال مهملتين "ابن هلال بن عبد الله" بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي.
"وأم سلمة هند بنت" أبي أمية، واسمه "سهيل" في أحد الأقوال، وقيل هشام وقيل حذافة، وصدوا في الإصابة "ابن المغيرة بن عبد الله" بن عمر بن مخزوم المذكور، "ولم يكن من عصبتها
أحد حاضرا غيره.
وكانت أم سلمة من
أحد حاضرا غيره" من المستوين في الدرجة، لا إنه إذا غاب أقرب العصبة زوج الأبعد؛ لأنه إنما يزوجها حينئذ القاضي، كما هو مذهب الشافعية، ثم استشكل استدلال كل من الفريقين بصغر سن ابنيها سلمة وعمر عن أن يتولى واحد منهما النكاح؛ إذ لم يبلغ واحد منهما حتى أقدم بعضهم على الرواية، فقال: هي وهم أو هو عمر بن الخطاب، وقالت له زوج أمك مجازا باعتبار الأول؛ لأنها تصير أم المؤمنين وبعض أقدم بالظن، وتكلم بلا علم، فظن الأنثى ذكرا، فقال قد كان لها ابن سلمة ودرة ولم ينقل أن واحدا منهما زوجها وقد علمت أن درة أنثى، وإن قول الأكثر أن المزوج لها سلمة، وأنه أثبت والحق أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها من نفسه بلا ولي، كما هو من خصوصياته، وقبله من ابنها صورة تطييبا لخاطرهما، وبذلك جزم السيوطي في خصائصه، فقال: وقال لأم سلمة "مري ابنك أن يزوجك"، فزوجها وهو يومئذ صغير لم يبلغ انتهى.
وروى الطبراني برجال الصحيح عنها: أنه صلى الله عليه وسلم أتاها فلف رداءه، ووضعه على أسكفة الباب، واتكأ عليه، وقال:"هل لك يا أم سلمة"؟ قلت: إني امرأة شديدة الغيرة، وأخاف أن يبدو للنبي صلى الله عليه وسلم ما يكره، فانصرف، ثم عاد، فقال:"هل لك يا أم سلمة؟ إن كان لزيادة في صداقك زدنا"، فعادت لقولهها، فقالت أم عبد: يا أم سلمة تدرين ما يتحدث به نساء قريش، يقلن إنما ردت محمدا لأنها تريد من قريش أحدث منه وأكثر مالا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فتزوجها.
وروى ابن سعد عنها قالت: قلت لأبي سلمة بلغني أنه ليس امرأة يموت زوها، وهما من أهل الجنة، ثم لم تتزوج بعده إلا جمع الله بينهما في الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقي الرجل بعدها فتعال أعاهدك أن لا تتزوج بعد، ولا أتزوج بعدك، قال: أتعطيني؟ قالت: ما سألتك إلا لأعطيك، قال: فإذا أنا مت فتزوجي، ثم قال:"اللهم ارزق أم سلمة بعدي رجلا خيرا مني، لا يحزنها ولا يؤذيها" فلما مات قلت: من هذا الذي هو خير لي من أبي سلمة؟ فلبثت ما لبثت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوقف على الباب، فذكر نحو ما سبق.
قال ابن إسحاق: وأصدقها فراشا حشوة ليف، وقدحا، وصحفة ومجشة انتهى.
قال في الروض: وهي الرحى، ومنه سمي الحشيش، وذكر معها أشياء لا تعرف قيمتها، منها جفنة وفراش.
وفي مسند البزار قال أنس: أصدقها متاعا قيمته عشرة دراهم قال البزار، ويروى أربعون درهما انتهى.
وفي الحديث أنه بنى بها، فبات، فلما أصبح قال:"إن لك على أهلك كرامة، فإن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي، وإن شئت ثلثت ودرت"، فقالت: بل ثلث، "وكانت أم سلمة من
أجمل الناس، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوال من السنة التي مات فيها أبو سلمة.
وماتت سنة تسع وخمسين وقيل سنة اثنتين وستين، والأول أصح،
أجمل الناس" قالت عائشة: لما تزوجها حزنت حزنا شديدا لما ذكر لنا من جمالها، فذكرت ذلك لحفصة، فقالت: ما هي، كما يقال، فتلطفت حتى رأيتها، فرأيت والله أضعاف ما وصفت، فذكرت لحفصة، فقالت: نعم ولكني كنت غيرى.
رواه ابن سعد وروى أحمد أنه صلى الله عليه وسلم لما تزوجها قال: "يا أم سلمة إني أهديت إلى النجاشي حلة، وأواقي مسك، ولا أراه إلا قد مات، ولا أرى هديتي إلا مردودة فهي لك فكان كما" قال، فأعطى كل واحدة من نسائه أوقية، وأعطى أم سلمة المسك والحلة.
وروى أبو الحسن الخلعي عن زينب بنت أبي سلمة أنه صلى الله عليه وسلم كان عند أمها، فجعل حسنا في شق، وحسينا في شق وفاطمة في حجره، وقال:"رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد"، فبكت أم سلمة، فقال:"ما يبكيك"؟ قالت: يا رسول الله خصصتهم، وتركتني وابنتي، فقال:"إنك من أهل البيت".
وروى عمر الملاء عن عائشة، كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر، دخل على نسائه واحدة واحدة، يبدأ بأم سلمة؛ لأنها أكبرهن ويختم بي.
وروى الشيخان عن أم سلمة قلت: يا رسول الله هل لي أجر في بني أبي سلمة، أنفق عليه، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا إنما همي بني؟ فقال:"نعم لك أجر ما أنفقت عليه"، "وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليال بقين من شوال من السنة التي مات فيها أبو سلمة" وهي الرابعة على الصحيح أو الثالثة، وأما قول أبي عبيدة وابن عبد البر تزوجها بعد وقعة بدر في شوال سنة اثنتين، فقال اليعمري، ليس بشيء؛ لأن أبا عمر قال في وفاة أبي سلمة، أنها في جمادى الآخرة سنة ثلاث، وهو لم يتزوجها لا بعد انقضاء عدتها من وفاته انتهى، "وماتت سنة تسع وخمسين، في شوال، قاله الواقدي وتبعه ابن عساكر، وقيل سنة اثنتين وستين، قاله إبراهيم الحربي، قال في التقريب وهو الأصح.
وقال البخاري في التاريخ الكبير سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة إحدى وستين بعدما جاءها خبر قتل الحسين.
قال ابن عبد البر هذا هو الصحيح، وقيل سنة ستين، قال اليعمري وهو الصحيح، فقول المصنف، "والأول أصح" فيما قاله بعضهم معارض بهذه التصحيحات، قال في الإصابة: وهي آخر أمهات المؤمنين موتا، فقد ثبت في مسلم أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وعبد الله بن