المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[جويرية أم المؤمنين] : - شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية - جـ ٤

[الزرقاني، محمد بن عبد الباقي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌تابع كتاب المغازي

- ‌حرق ذي الكفين

- ‌[غزوة الطائف] :

- ‌[نبذة من قسم الغنائم وعتب الأنصار] :

- ‌[بعث قيس إلى صداء] :

- ‌[البعث إلى بني تميم] :

- ‌[بعث الوليد إلى بني المصطلق] :

- ‌[سرية ابن عوسجة] :

- ‌[سرية قطبة إلى خثعم] :

- ‌[سرية الضحاك إلى القرطاء] :

- ‌[سرية علقمة إلى طائفة من الحبشة] :

- ‌[هدم صنم طيء] :

- ‌[ثم غزوة تبوك] :

- ‌[حج الصديق بالناس] :

- ‌[هلاك رأس المنافقين] :

- ‌العبث إلى اليمن

- ‌[بعث خالد إلى نجران] :

- ‌[بعث علي إلى اليمن] :

- ‌[حجة الوداع] :

- ‌[آخر البعوث النبوية] :

- ‌الفصل الأول: في ذكر أسمائه الشريفة المنبئة على كمال صفاته المنيفة

- ‌الفصل الثاني: في ذكر أولاده الكرام عليه وعليهم الصلاة والسلام

- ‌الفصل الثالث: في ذكر أزواجه الطاهرات وسراريه المطهرا

- ‌مدخل

- ‌خديجة أم المؤمنين

- ‌[سودة أم المؤمنين] :

- ‌[عائشة أم المؤمنين] :

- ‌[حفصة أم المؤمنين] :

- ‌[أم سلمة أم المؤمنين] :

- ‌[أم حبيبة أم المؤمنين] :

- ‌[زينب بنت جحش أم المؤمنين] :

- ‌[زينب أم المساكين والمؤمنين] :

- ‌[ميمونة أم المؤمنين] :

- ‌[جويرية أم المؤمنين] :

- ‌[صفية أم المؤمنين] :

- ‌[ذكر سراريه صلى الله عليه وسلم] :

- ‌الفصل الرابع: في أعمامه وعماته واخوته من الرضاعة وجداته

- ‌مدخل

- ‌[ذكر بعض مناقب حمزة] :

- ‌[ذكر بعض مناقب العباس] :

- ‌الفصل الخامس: في خدمه وحرسه ومواليه، ومن كان على نفقاته، وخاتمه ونعله وسواكه ومن يأذن عليه ومن كان يضرب الأعناق بين يديه

- ‌الفصل السادس: في أمرائه ورسله وكتابه وكتبه إلى أهل الإسلام في الشرائع والأحكام، ومكاتباته إلى الملوك وغيرهم من الأنام

- ‌الفهرس

الفصل: ‌[جويرية أم المؤمنين] :

وقيل ست وستين وقيل ثلاث وستين، وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها.

أخرج ابن سعد عن يزيد بن الأصم، قال: تلقيت عائشة من مكة أنا وابن لطلحة من أختها، وقد كنا وقعنا في حائط من حيطان المدينة، فأصبنا منه، فبلغها ذلك فلامت ابن أختها، ثم وعظتني موعظة بليغة، ثم قالت: أما علمت أن الله ساقك حتى جعلك في بيت من بيوت نبيه. ذهبت والله ميمونة، ورمى بحبلك على غاربك، أما أنها كانت من أتقانا لله، وأوصلنا للرحم فدل هذا الأثر أن عائشة عاشت بعدها، وعائشة ماتت قبل الستين، بلا خلاف، وسنده صحيح، فهو أولى من قول الواقدي وقد جزم يعقوب بن سفيان، بأنها ماتت سنة تسع وأربعين انتهى، "وقيل" ماتت سنة "ست وستين" حكاه السهيلي وغيره، قال في الإصابة: وليس بثابت، وقال البرهان: هو شاذ باطل، "وقيل ثلاث وستين".

قاله ابن إسحاق فيما أسنده عنه الطبراني في الأوسط برجال ثقات، قال في الإصابة: ولا يثبت، أي لما صح أنها ماتت في حياة عائشة، وقول بعضهم للاتفاق على أنها ماتت قبلها فاسد؛ إذ أصحاب هذه الأقوال لا يقولون بذلك، فأين الاتفاق. "وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها".

وروى الشيخان عن عطاء قال: حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف، فقال ابن عباس: هذه زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها، ولا تزلزلوها وارفقوا.

وروى ابن سعد عن يزيد الأصم، قال: دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى فيها صلى الله عليه وسلم.

ص: 424

[جويرية أم المؤمنين] :

وأما أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها بنت الحارث بن أبي ضرار -بكسر الضاد المعجمة وتخفيف الراء- فكانت تحت مسافع -بالسين المهملة والفاء- ابن صفوان المصطلقى، وكانت قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس

جويرية أم المؤمنين:

"وأما أم المؤمنين جويرية" بضم الجيم مصغر "رضي الله عنها بنت الحارث بن أبي ضرار، بكسر الضاد المعجمة، وتخفيف الراء" فألف، فراء ابن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة، بجيم ومعجمة، مصغر، وهو المصطلق بطن من خزاعة الخزاعية، ثم المصطلقية، "فكانت تحت مسافع" بضم الميم، و"بالسين المهملة، والفاء" المكسورة "ابن صفوان المصطلقي"، المقتول كافرا يوم المريسيع، كما جزم به ابن أبي خيثمة والواقدي، فقصر البرهان في قوله لا أعلم له إسلاما، والظاهر هلاكه على شركه، "وكانت" كما أخرجه ابن إسحاق عن عائشة "قد وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس" بمعجمة مفتوحة وميم مشددة، فألف فمهملة

ص: 424

الأنصاري، في سنة خمس وقيل سنة ست، فكاتبته على نفسها، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث وكان من أمري ما لا يخفى عليك، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس وإني كاتبت نفسي، وجئت أسألك في كتابتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فهل لك إلى ما هو خير"؟ فقالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك". قالت: قد فعلت

"الأنصاري" الخزرجي خطيب الأنصار، من كبار الصحابة، بشره صلى الله عليه وسلم بالجنة، واستشهد باليمامة، فنفذت وصيته بمنام رآه خالد بن الوليد.

قالت عائشة في حديثها، أو لابن عم له بأو التي للشك، وذكره الواقدي بالواو المشركة وأنه خلصها من ابن عمه بنخلات له بالمدينة، زاد المصنف على الحديث، أن ذلك "في سنة خمس" على الراجح، "وقيل سنة ست" ومر الكلام فيه في غزوتها لبيان سنة الترويج، "فكاتبته على نفسها"، بتسع أواق من ذهب، كما ذكره الواقدي في الغزوة.

قالت عائشة: وكانت امرأة حلوة ملاحة، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه وملاحة، بفتح الميم، مصدر ملح، بضم اللام، أي ذات بهجة وحسن منظر، "ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم" تستفتيه في كتابتها.

قال عائشة: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي، فكرهتها، وعرفت أنه سيري منها ما رأيت، فدخلت عليه، "فقالت: يا رسول الله" زاد الواقدي أني امرأة مسلمة، أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، و"أنا جويرية بنت الحارث" سيد قومه، "وكان من أمري ما لا يخفى عليك"، وفي رواية قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، "ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس" أو لابن عم له، كما في الرواية، "وإني كاتبت نفسي" والواقدي، ووقعت في سهم ثابت وابن عم له، فخلصني منه بنخلات له بالمدينة، فكاتبني على ما لا طاقة لي به، ولا يدان لي، ولا قدرة عليه، وهو تسع أواق من الذهب، وما أكرهني على ذلك إلا أني رجوتك صلى الله عليك، "وجئت أسألك في كتابتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فهل لك" ميل "إلى ما هو خير" ولا يقدر رغبة؛ لأن تعديتها بفي، "فقالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: "أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك".

قال الشامي: نظرها صلى الله عليه وسلم حتي عرف حسنها؛ لأنها كانت أمه، ولو كانت حرة ما ملأ عينه منها؛ لأنه لا يكره النظر إلى الإماء، أو لأن مراده نكاحها، أو قبل نزول الحجاب عليه انتهى، وفي الثالث نظر لنزوله سنة ثلاث أو أربع كما مر. "قالت" نعم يا رسول الله "قد فعلت" زاد الواقدي: فأرسل إلى ثابت بن قيس، فطلبها منه، فقال ثابت: هي لك يا رسول الله، بأبي وأمي

ص: 425

فتسامع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية فأرسلوا ما في أيديهم من السبي وقالوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قالت عائشة: فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها، أعتق في سببها مائة أهل بيت من بني المصطلق، خرجه أبو داود من حديث عائشة.

وقال ابن هشام ويقال اشتراها صلى الله عليه وسلم من ثابت بن قيس وأعتقها وأصدقها أربعمائة درهم.

فادى صلى الله عليه وسلم ما كان من كتابتها وأعتقها وتزوجها، "فتسامع الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تزوج جويرية، فأرسلوا ما في أيديهم من السبي" الباقي بأيديهم فداء على ما ذكره الواقدي، أنهم فدوهم ورجعوا بهم إلى بلادهم، فيكون معناه فدوا جملة منهم، وأعتق المسلمون الباقي لما تزوج جويرية، "وقالوا" هم "أصهار" أو بالنصب بتقدير أرسلوا أو أعتقوا أصهار "رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وروي أنها طلبتهم منه ليلة دخوله بها، فوهبهم لها، فإن صح فطلبها، وكونه وهبهم لا ينافي أن المسلمين أطلقوهم، بل ذلك زيادة إكرام من الله لرسوله حتى لا يسأل أحدا منهم بشيء أو مجانا.

"قالت عائشة" رضي الله عنها: "فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها أعتق في سببها" أي بسببها، وفي رواية فلقد أعتق الله تعالى بها "مائة أهل بيت" بالإضافة أي مائة طائفة كل واحدة منهن أهل بيت من بني المصطلق، ولم تقل مائة هم أهل بيت لإبهام أنهم مائة نفس كلهم أهل بيت وليس مرادا وقد روى أنهم كانوا أكثر من سبعمائة.

"خرجه أبو داود" وأحمد "من حديث" ابن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، عن عمه عروة، عن خالته "عائشة" جزاها الله خيرا ما أنصفها، تذكر فضائل ضراتها، وما هو منها بعجيب، فهي الصديقة ابنة الصديق.

وروى البيهقي عن جويرية قالت: رأيت قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع في حجري، فكرهت أن أخبر أحدا، فلما سبينا رجوت الرؤيا، فأعتقني وتزوجني، وظاهرا هذا أو صريحة أنه جعل نفس اعتق صداقا، وبه جزم الشعبي التابعي المشهور، فقال: كانت جويرية ملكه صلى الله عليه وسلم، فأعتقها وجعل عتقها صداقها، وأعتق كل أسير من بني المصطلق.

"وقال ابن هشام: ويقال اشتراها صلى الله عليه وسلم من ثابت بن قيس، وأعتقها، وأصدقها أربعمائة "درهم"، وقال: جاء أبوها بفدائها بإبل، فرغب في بعيرين منها، فغيبهما بالعقيق، ثم أتاه، فقال: يا

ص: 426

وعن ابن شهاب: سبى صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث يوم المريسيع فحجبها وقسم لها، وكانت ابنة عشرين سنة، وكان اسمها "برة" فحوله النبي صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية. وقد تقدم مثل ذلك في زينب بنت جحش.

محمد هذا فداء ابنتي فقال صلى الله عليه وسلم: "فأين البعيران اللذان غيبتهما في العقيق في شعب كذا وكذا"، فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فوالله، ما اطلع على ذلك إلا الله، فأسلم الحارث، وأسلم معه ابنان له، وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين، فجاء بهما، ودفع الإبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ودفع إليه ابنته جويرية، وأسلمت، وحسن إسلامهم، وخطبها صلى الله عليه وسلم إلى أبيها، فزوجه إياها، وأصدقها أربعمائة درهم، حكاهن ابن هشام أيضا.

"و" روى الطبراني بسند حسن "عن ابن شهاب" الزهري، قال:"سبى صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث" رضي الله عنهما "يوم المريسيع" بضم الميم، وفتح الراء، وسكون التحتيتين، بينهما مهملة مكسورة، آخره عين مهملة ماء لبني خزاعة كانت به الغزوة "فحجبها" ضرب عليها الحجاب، "وقسم لها" مع زوجاته فدل ذلك على أنها زوجة، ومراد ابن شهاب رد القول بأنه كان يطأها بملك اليمين والراجح الأول.

وقد روى الطبراني برجال الصحيح من مرسل مجاهد قال: قالت جويرية يا رسول الله إن أزواجك يفخرن علي، ويقلن لم يتزوجك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"أولم أعظم صداقك، ألم أعتق أربعين من قومك"؟.

وروى ابن سعد من مرسل أبي قلابة قال: سبى صلى الله عليه وسلم جويرية، يعني وتزوجها، فجاء أبوها، فقال: إن ابنتي لا يسبى مثلها، فخل سبيلها، فقال:"رأيت إن خيرتها أليس قد أحسنت"؟ قال: بلى، فأتاها أبوها، فقال: إن هذا الرجل قد خيرك، فلا تفضحينا، قالت: فإني أختار الله ورسوله، وسنده صحيح، "وكانت ابنة عشرين سنة" فهداها الله مع صغر السن، وشرفها بصحبة رسوله في الدارين.

"و" روى ابن سعد، وابن أبي خيثمة، وأبو عمر عن ابن عباس قال:"كان اسمها برة، فحوله النبي صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية" كره أن يقال خرج من عند برة، ولا يشكل بقولها السابق أنا جويرية لاحتمال أنها لم ترد العلم، بل تحقير نفسها، بأنها جويرية، أي امرأة حقيرة في نفسها، وأرادت بذكر الحارث، وقوله سيد قومه بيان نسبها وشرفها فيهم ليرق لها صلى الله عليه وسلم "وقد تقدم مثل ذلك في زينب بنت جحش" فعلم أنه غير اسمهما معا، وأخرج الترمذي بسند صحيح، عن ابن عباس، عن جويرية، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليها، وهي في مسجدها أول النهار، ثم مر عليها قريبا من نصف النهار، فقال:"ما زلت على حالك"، قالت: نعم، قال: "ألا أعلمك كلمات تقوليهن،

ص: 427