الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ
83 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنا أَبُو عَمْرٍو إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ السُّلَمِيُّ، أَنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْبَصْرِيُّ، نَا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوْلادِ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا فَاعِلِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ذِئْبٍ الْقُرَشِيُّ أَبُو الْحَارِثِ مَدَنِيٌّ
84 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُو الْيَمَانِ، أَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ اللَّيْثِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُشْرِكِينَ، قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ
84 -
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنا أَبُو طَاهِرٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، نَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ يُولَدُ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ كَمَا تُنْتِجُونَ الْبَهِيمَةَ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ حَتَّى تَكُونُوا أَنْتُمْ تَجْدَعُونَهَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَرَأَيْتَ مَنْ يَمُوتُ وَهُوَ صَغِيرٌ؟ قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْحَاقَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.
ح أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ،
أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا
قَالَ الشَّيْخُ، رحمه الله: أَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ لَا يُحْكَمُ لَهُمْ بِجَنَّةٍ وَلا نَارٍ، بَلْ أَمْرُهُمْ مَوْكُولٌ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِمْ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم.
وَجُمْلَةُ الأَمْرِ أَنَّ مَرْجِعَ الْعِبَادِ فِي الْمَعَادِ إِلَى مَا سَبَقَ لَهُمْ فِي عِلْمِ اللَّهِ سبحانه وتعالى مِنَ السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ.
وَقِيلَ: حُكْمُ أَطْفَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُشْرِكِينَ حُكْمُ آبَائِهِمْ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ مُفَسَّرًا عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَرَارِيُّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ:«مِنْ آبَائِهِمْ» .
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِلا عَمَلٍ؟ قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
قُلْتُ: فَذَرَارِيُّ الْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: «مِنْ آبَائِهِمْ» .
قُلْتُ: بِلا عَمَلٍ؟! قَالَ: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
وَقَالَ مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ سَلْمَانَ قَالَ: أَوْلادُ الْمُشْرِكِينَ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، قَالَ الْحَسَنُ: مَا تَعْجَبُونَ! أَكْرَمَهُمُ اللَّهُ، وَأَكْرَمَ بِهِمْ.
وَقَوْلُهُ: «مَنْ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» ، أَصْلُ الْفِطْرَةِ فِي اللُّغَةِ: ابْتِدَاءُ الْخِلْقَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [فاطر: 1] أَيْ: مُبْتَدِيهَا، يُقَالُ: فَطَرَ نَابُ الْبَعِيرِ: إِذَا طَلَعَ أَوَّلَ مَا نَبَتَ.
قَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: هَذَا عِنْدَنَا حَيْثُ أَخَذَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ فِي أَصْلابِ آبَائِهِمْ، فَقَالَ:{أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الْأَعْرَاف: 172].
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى قَوْلِ حَمَّادٍ فِي هَذَا حُسْنٌ، وَكَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الإِيمَانُ الشَّرْعِيُّ الْمُكْتَسَبُ بِالإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ، أَلا تَرَى أَنَّهُ يَقُولُ:«فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» .
يَعْنِي: فِي حُكْمِ الدُّنْيَا، فَهُوَ مَعَ وُجُودِ الإِيمَانِ الْفِطْرِيِّ فِيهِ، مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ.
قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: مَعْنَاهُ: أَنَّ الْفِطْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هِيَ الْعَهْدُ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الْأَعْرَاف: 172]، وَكُلٌّ مُقِرٌّ بِأَنَّ لَهُ صَانِعًا مُدَبِّرًا، وَإِنْ عَبَدَ مَا سِوَاهُ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُقَرِّبُهُ إِلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] وَقَالُوا: أَيِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3] وَكُلُّ مَوْلُودٍ فِي الْعَالَمِ عَلَى ذَلِكَ الإِقْرَارِ، وَهُوَ الْحَنِيفِيَّةُ الَّتِي وَقَعَتِ الْخِلْقَةُ عَلَيْهَا.
قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: «إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي جَمِيعًا حُنَفَاءَ، فَاجْتَالَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ عَنْ دِينِهِمْ» ، وَذَلِكَ الإِقْرَارُ لَا يَبْتَنِي عَلَيْهِ
ثَوَابٌ وَلا حُكْمٌ، أَلا تَرَى أَنَّ الطِّفْلَ مَحْكُومٌ بِدِينِ أَبَوَيْهِ الْكَافِرَيْنِ، فَإِذَا مَلَكَهُ مُسْلِمٌ، حُكِمَ لَهُ بِدِينِ مَالِكِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ الإِمَامُ رحمه الله: وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلامِ حَتَّى يُعْرِبَ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ» .
أَرَادَ بِهِ الْفِطْرَةَ الَّتِي يَعْتَقِدُهَا أَهْلُ الإِسْلامِ، حَيْثُ قَالُوا: بَلَى، وَلا يَبْتَنِي عَلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا سَبَقَ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ ذَهَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ، فَقَالَ: تَفْسِيرُهُ قَوْلُهُ حِينَ سُئِلَ عَنِ الأَطْفَالِ، فَقَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» ، يُرِيدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ إِنَّمَا يُولَدُ عَلَى فِطْرَتِهِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ السَّعَادَةِ أَوِ الشَّقَاوَةِ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ صَائِرٌ فِي الْعَاقِبَةِ إِلَى مَا فُطِرَ عَلَيْهِ، وَعَامِلٌ فِي الدُّنْيَا بِالْعَمَلِ الْمُشَاكِلِ لِفِطْرَتِهِ فِي السَّعَادَةِ أَوِ الشَّقَاوَةِ.
فَمِنْ أَمَارَاتِ الشَّقَاوَةِ لِلطِّفْلِ أَنْ يُولَدَ بَيْنَ يَهُودِيَّيْنِ أَوْ نَصْرَانِيَّيْنِ، فَيَحْمِلانَهُ لِشَقَائِهِ عَلَى اعْتِقَادِ دِينِهِمَا، فَيَنْشَأُ عَلَيْهِ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِلَ، فَيَصِفَ الدِّينَ، فَهُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ وَالِدَيْهِ.
قَالَ الشَّيْخُ، رحمه الله: الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الرّوم: 30] أَيْ: لَا تَبْدِيلَ لِتِلْكَ الْخِلْقَةِ الَّتِي خَلَقَهُمْ لَهَا مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «خَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلْجَنَّةِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ، وَخَلَقْتُ هَؤُلاءِ لِلنَّارِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ» .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ مَوْلُودٍ مِنَ الْبَشَرِ إِنَّمَا يُولَدُ فِي مَبْدَإِ الْخِلْقَةِ عَلَى الْفِطْرَةِ، أَيْ: عَلَى الْجِبِلَّةِ السَّلِيمَةِ، وَالطَّبْعِ الْمُتَهَيِّئِ لِقَبُولِ الدِّينِ، فَلَوْ تُرِكَ عَلَيْهَا، لاسْتَمَرَّ عَلَى لُزُومِهَا، وَلَمْ يُفَارِقْهَا إِلَى غَيْرِهَا، لأَنَّ هَذَا الدِّينَ مَوْجُودٌ حُسْنُهُ فِي الْعُقُولِ، وَبِشْرُهُ فِي النُّفُوسِ، وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ مَنْ يَعْدِلُ إِلَى غَيْرِهِ لآفَةٍ مِنْ آفَاتِ النّشُوءِ وَالتَّقْلِيدِ، فَلَوْ سَلِمَ الْمَوْلُودُ مِنْ تِلْكَ الآفَاتِ لَمْ يَعْتَقِدْ غَيْرَهُ، ثُمَّ تَمَثَّلَ بِأَوْلادِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَاتِّبَاعِهِمْ لآبَائِهِمْ، وَالْمَيْلِ إِلَى أَدْيَانِهِمْ، فَيَزُولُونَ بِذَلِكَ عَنِ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ، وَعَنِ الْمَحَجَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ.
وَلَيْسَ فِي هَذَا مَا يُوجِبُ حُكْمَ الإِيمَانِ لَهُ، إِنَّمَا هُوَ ثَنَاءٌ عَلَى هَذَا الدِّينِ، وَإِخْبَارٌ عَنْ سِرِّ مَحَله مِنَ الْعُقُولِ، وَحُسْنِ مَوْقِعِهِ فِي النُّفُوسِ.
هَذَا قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِهِ.
85 -
قَالَ الإِمَامُ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ، نَا أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعَبْسِيُّ الْقَصَّارُ، أَنا وَكِيعٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلا عَلَى الْمِلَّةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُشَرِّكَانِهِ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ:«اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْمَشِ
قَالَ الشَّيْخُ: وَفِي قَوْلِهِ حِينَ سُئِلَ عَمَّنْ مَاتَ مِنْهُمْ صَغِيرًا: «اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ» إِثْبَاتُ عِلْمُ اللَّهِ تَعَالَى بِمَا كَانَ، وَبِمَا يَكُونُ، وَبِمَا لَمْ يَكُنْ، لَوْ كَانَ كَيْفَ يَكُونُ، لأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ صِغَارًا بِعَمَلِهِمْ لَوْ بَقُوا أَحْيَاءً وَكَبُرُوا.