الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وَعِيدِ مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمُهُ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [الْبَقَرَة: 159] الآيَةَ.
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمرَان: 187].
140 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ زِيَادُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَنَفِيُّ، أَنا أَبُو مُعَاذَةَ الشَّاهُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنا أَبُو بَكْرٍ عُمَرُ بْنُ سَهْلِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الدِّينَوَرِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ الْقَاضِي، نَا أَبُو حُذَيْفَةَ مُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ
وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَاسْمُ أَبِيهِ
أَسْلَمُ، مَوْلَى آلِ أَبِي خُثَيْمٍ، قُرَشِيٌّ، فِهْرِيٌّ، مَكِّيٌّ، مَاتَ سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَيُقَالُ: أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
قِيلَ: مَعْنَى الْحَدِيثِ: كَمَا أَنَّهُ أَلْجَمَ لِسَانَهُ عَنْ قَوْلِ الْحَقِّ، وَإِظْهَارِ الْعِلْمِ يُعَاقَبُ فِي الآخِرَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ.
وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: هَذَا فِي الْعِلْمِ الَّذِي يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُهُ إِيَّاهُ، وَيَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ عَلَيْهِ، كَمَنْ رَأَى كَافِرًا يُرِيدُ الإِسْلامَ، يَقُولُ: عَلِّمُونِي، مَا الإِسْلامُ؟ وَكَمَنْ يَرَى رَجُلا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالإِسْلامِ، لَا يُحْسِنُ الصَّلاةَ، وَقَدْ حَضَرَ وَقْتُهَا، يَقُولُ: عَلِّمُونِي كَيْفَ أُصَلِّي؟ وَكَمَنْ جَاءَ مُسْتَفْتِيًا فِي حَلالٍ أَوْ حَرَامٍ، يَقُولُ: أَفْتُونِي.
وَأَرْشِدُونِي.
فَإِنَّهُ يَلْزَمُ فِي هَذِهِ الأُمُورِ أَنْ لَا يَمْنَعُوا الْجَوَابَ، فَمَنْ فَعَلَ كَانَ آثِمًا مُسْتَحِقًّا لِلْوَعِيدِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الأَمْرُ فِي نَوَافِلِ الْعِلْمِ الَّتِي لَا ضَرُورَةَ بِالنَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: ذَاكَ إِذَا كَتَمَ سُنَّةً.
وَقَالَ: لَوْ لَمْ يَأْتِنِي أَصْحَابُ الْحَدِيثِ لأَتَيْتُهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ، وَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَحَدًا يَطْلُبُ الْحَدِيثَ بِنِيَّةٍ، لأَتَيْتُهُ فِي مَنْزِلِهِ حَتَّى أُحَدِّثَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ عِلْمُ الشَّهَادَةِ.