الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ
220 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ، رحمه الله، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُمَيْدِيُّ، أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، نَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى، نَا الْحَجَبِيُّ، وَمُسَدَّدٌ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ، صَلاةُ الْعَصْرِ، وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَانَا بِأَعْلَى صَوْتِهِ:«وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُسَدَّدٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي كَامِلٍ، كِلاهُمَا، عَنْ أَبِي عَوَانَةَ
وَيُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ الْمَكِّيُّ، يُقَالُ: إِنَّهُ فَارِسِيٌّ، نَزَلَ مَكَّةَ.
قَوْلُهُ: «أَرْهَقَتْنَا الصَّلاةُ» أَيْ: دَنَا وَقْتُهَا، وَيُرْوَى: أَرْهَقْنَا الصَّلاةَ، أَيْ: أَخَّرْنَاهَا.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» أَيْ: لأَصْحَابِ الأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلِهَا، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُف: 82]، أَيْ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ.
وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّ الْعَقِبَ يُخَصُّ بِالْعَذَابِ إِذَا قُصِّرَ فِي غَسْلِهَا، وَالْعَقِبُ: مَا أَصَابَ الأَرْضَ مِنْ مُؤَخَّرِ الرِّجْلِ إِلَى مَوْضِعِ الشِّرَاكِ.
قَالَ الإِمَامُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ الْمَنْقُولُ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِعْلِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم.
وَذَهَبَتِ الشِّيعَةُ إِلَى أَنَّهُ يُمْسَحُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ، وَيُحْكَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ، أَنَّهُ قَالَ: يُتَخَيَّرُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ، لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} [الْمَائِدَة: 6] فَاللَّهُ سبحانه وتعالى عَطَفَ الرِّجْلَ عَلَى الرَّأْسِ، وَالرَّأْسُ مَمْسُوحٌ، فَكَذَلِكَ الرِّجْلُ.
قُلْنَا: قَدْ قُرِئَ {وَأَرْجُلَكُمْ} [الْمَائِدَة: 6] بِنَصْبِ اللامِ، فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ {
وَأَيْدِيَكُمْ} [الْمَائِدَة: 6] وَمَنْ قَرَأَ بِالْخَفْضِ، فَهُوَ عَلَى مُجَاوَرَةِ اللَّفْظِ، لَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْحُكْمِ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ} [هود: 26] فَالأَلِيمُ صِفَةُ الْعَذَابِ، وَأَخَذَ إِعْرَابُ «الْيَوْمِ» لِلْمُجَاوَرَةِ، وَكَقَوْلِهِمْ:«حُجْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ» .
فَالْخَرِبُ نَعْتٌ لِلْحجر، وَأَخَذَ إِعْرَابَ «الضَّبِّ» لِلْمُجَاوَرَةِ.
رُوِيَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: الْمَسْحُ فِي كَلامِ الْعَرَبِ يَكُونُ غَسْلا، وَيَكُونُ مَسْحًا، وَمِنْهُ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: إِذَا تَوَضَّأَ فَغَسَلَ أَعْضَاءَهُ: قَدْ تَمَسَّحَ، وَيُقَالُ: مَسَحَ اللَّهُ مَا بِكَ، أَيْ: غَسَلَ عَنْكَ وَطَهَّرَكَ.