الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى
{وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الْأَنْعَام: 110]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الْأَنْفَال: 24].
قِيلَ: مَعْنَاهُ: يَمْلِكُ عَلَيْهِ قَلْبَهُ، فَيَصْرِفُهُ كَيْفَ يَشَاءُ.
86 -
قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَتْ يَمِينُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» .
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الْقُرَشِيُّ مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَمِائَةٍ.
87 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا أَبُو مُحَمَّدٍ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُنِيبٍ، نَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنا سَعِيدُ بْنُ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْقَلْبِ كَرِيشَةٍ بِأَرْضٍ فَلاةٍ تُقَلِّبُهَا الرِّيَاحُ ظَهْرًا لِبَطْنٍ»
غُنَيْمُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو الْعَنْبَرِ الْمَازِنِيُّ، بَصْرِيٌّ.
88 -
قَالَ
الإِمَامُ
الْحَسَنُ
بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ،
أَنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، أَنا حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آمَنَّا بِكَ وَبِمَا جِئْتَ بِهِ، فَهَلْ تَخَافُ عَلَيْنَا؟ قَالَ:«الْقُلُوبُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ يُقَلِّبُهَا» ، هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه
89 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَافِعٍ الأَنْمَاطِيُّ، نَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْقَفَّالُ، أَنا أَبُو نُعَيْمٍ هُوَ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ، نَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ هُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلابِيَّ رضي الله عنه، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«مَا مِنْ قَلْبٍ إِلا وَهُوَ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، إِذَا شَاءَ أَنْ يُقِيمَهُ أَقَامَهُ، وَإِذَا شَاءَ أَنْ يُزِيغَهُ أَزَاغَهُ» .
قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ يَرْفَعُ أَقْوَامًا وَيَضَعُ آخَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْفَرَجِ الْمُظَفَّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ التَّمِيمِيُّ، أَنا أَبُو الْقَاسِمِ حَمْزَةُ بْنُ يُوسُفَ السَّهْمِيُّ، أَنا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، نَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ الْقُرَشِيُّ يُعْرَفُ بِابْنِ الرَّوَّاسِ الْكَبِيرِ، بِدِمَشْقَ، نَا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَ مَعْنَاهُ، وَقَالَ: مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ: فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ سَعَادَتِهِ أَوْ شَقَاوَتِهِ، بَلْ إِنِ اهْتَدَى، فَبِهِدَايَةِ اللَّهِ إِيَّاهُ، وَإِنْ ثَبَتَ عَلَى الإِيمَانِ فَبِتَثْبِيتِهِ، وَإِنْ ضَلَّ فِبِصَرْفِهِ عَنِ الْهُدَى.
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ} [الحجرات: 17]، وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى إِخْبَارًا عَنْ حَمْدِ أَهْلٍ الْجَنَّةِ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الْأَعْرَاف: 43] وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ} [إِبْرَاهِيم: 27].
90 -
قَالَ
الإِمَامُ
الْحَسَنُ
بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بِشْرَانَ، أَنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الرَّمَادِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنهم، قَالَ: قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا إِذَا كُنَّا عِنْدَكَ رَأَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا مَا نُحِبُّ، فَإِذَا رَجَعْنَا إِلَى أَهْلِينَا، فَخَالَطْنَاهُمْ أَنْكَرْنَا أَنْفُسَنَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الْخَلاءِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ حَتَّى تُظِلَّكُمْ بِأَجْنِحَتِهَا عِيَانًا» .
هَذَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، مِنْ رِوَايَةِ حَنْظَلَةَ الأُسَيْدِيِّ، وَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً» ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: كَانَ ابْنُ رَوَاحَةَ يَأْخُذُ بِيَدِي، وَيَقُولُ: تَعَالَ نُؤْمِنْ سَاعَةً إِنَّ الْقَلْبَ أَسْرَعُ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلْيًا.
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ: وَالإِصْبَعُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْحَدِيثِ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عز وجل، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فِي صِفَاتِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، كَالنَّفْسِ، وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ، وَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ، وَالإِتْيَانِ، وَالْمَجِيءِ، وَالنُّزُولِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ، وَالضَّحِكِ، وَالْفَرَحِ.
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى لِمُوسَى: {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} [طه: 41]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39]، وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [الْقَصَص: 88]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرَّحْمَن: 27]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [الْمَائِدَة: 64]، وَقَالَ:{يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67]، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ} [الْبَقَرَة: 210]، وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الْفجْر: 22]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الْفرْقَان: 59].
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ» .
وَرَوَى أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: " لَا تَزَالُ جَهَنَّمُ يُلْقَى فِيهَا، وَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ، حَتَّى يَضَعَ رَبُّ
الْعِزَّةِ فِيهَا قَدَمَهُ ".
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي آخِرِ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ: «فَيَضْحَكُ اللَّهُ مِنْهُ، ثُمَّ يَأْذَنُ لَهُ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ» .
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «فَيَتَجَلَّى لَهُمْ يَضْحَكُ» .
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَغَيْرِهِ:«اللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدٍ مِنْ أَحَدِكُمْ يَسْقُطُ عَلَى بَعِيرِهِ وَقَدْ أَضَلَّهُ فِي أَرْضِ فَلاةٍ» .
فَهَذِهِ وَنَظَائِرُهَا صِفَاتٌ لِلَّهِ عز وجل، وَرَدَ بِهَا السَّمْعُ، يَجِبُ الإِيمَانُ بِهَا، وَإِمْرَارُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مُعْرِضًا فِيهَا عَنِ التَّأْوِيلِ، مُجْتَنِبًا عَنِ التَّشْبِيهِ، مُعْتَقِدًا أَنَّ الْبَارِي سبحانه وتعالى لَا يُشْبِهُ شَيْءٌ مِنْ صِفَاتِهِ صِفَاتِ الْخَلْقِ، كَمَا لَا تُشْبِهُ ذَاتُهُ ذَوَاتِ الْخَلْقِ، قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].
وَعَلَى هَذَا مَضَى سَلَفُ الأُمَّةِ وَعُلَمَاءُ السُّنَّةِ، تَلَقَّوْهَا جَمِيعًا بِالإِيمَانِ وَالْقَبُولِ، وَتَجَنَّبُوا فِيهَا عَنِ التَّمْثِيلِ وَالتَّأْوِيلِ، وَوَكَلُوا الْعِلْمَ فِيهَا إِلَى اللَّهِ عز وجل، كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ عز وجل:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا} [آل عمرَان: 7].
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: كُلُّ مَا وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ نَفْسَهُ فِي كِتَابِهِ، فَتَفْسِيرُهُ قِرَاءَتُهُ، وَالسُّكُوتَ عَلَيْهِ، لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يُفَسِّرَهُ إِلا اللَّهُ عز وجل وَرُسُلُهُ.
وَسَأَلَ رَجُلٌ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالإِيمَانُ بِهِ وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، وَمَا أَرَاكَ إِلا ضَالًّا، وَأَمَرَ بِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنَ الْمَجْلِسِ.
وقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَأَلْتُ الأَوْزَاعِيَّ، وَسُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ، وَمَالِكَ بْنَ أَنَسٍ عَنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ وَالرُّؤْيَةِ، فَقَالَ: أَمِرُّوهَا كَمَا جَاءَتْ بِلا كَيْفٍ.
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَلَى اللَّهِ الْبَيَانُ، وَعَلَى الرَّسُولِ الْبَلاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ.
وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: قَدَمُ الإِسْلامِ لَا تَثْبُتُ إِلا عَلَى قَنْطَرَةِ التَّسْلِيمِ.
قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [الْبَقَرَة: 29] ارْتَفَعَ فَسَوَّى خَلْقَهُنَّ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {اسْتَوَى} [الْبَقَرَة: 29]: عَلا عَلَى الْعَرْشِ.