المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المضمضة والاستنشاق والمبالغة فيهما وتخليل الأصابع - شرح السنة للبغوي - جـ ١

[البغوي، أبو محمد]

فهرس الكتاب

- ‌1 - كِتَابُ الإِيمَانِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَعْمَالِ الإِسْلامِ وَثَوَابِ إِقَامَتِهَا

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ الأَعْمَالَ مِنَ الإِيمَانِ وَأَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَالرَّدُّ عَلَى الْمُرْجِئَةِ

- ‌بَابُ حَلاوَةِ الإِيمَانِ وَحُبِّ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى مَا سَلَفَ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ

- ‌بَابُ الْبَيْعَةِ عَلَى الإِسْلامِ وَشَرَائِعِهِ وَالْقِتَالِ مَعَ مَنْ أَبَى

- ‌بَابُ عَلامَاتِ النِّفَاقِ

- ‌بَابُ الْكَبَائِرِ

- ‌بَابُ مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا

- ‌بَابُ الْعَفْوِ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ

- ‌بَابُ رَدِّ الْوَسْوَسَةِ

- ‌بَابٌ: الإِسْلامُ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ

- ‌بَابُ الإِيمَانِ بِالْقَدَرِ

- ‌بَابُ الأُمُورِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى

- ‌بَابُ الأَعْمَالِ بِالْخَوَاتِيمِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ الْقَدَرِيَّةِ

- ‌بَابُ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ

- ‌بَابُ قَوْلِ اللَّهِ سبحانه وتعالى

- ‌بَابُ الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ

- ‌بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ الاعْتِصَامِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ

- ‌بَابُ رَدِّ الْبِدَعِ وَالأَهْوَاءِ

- ‌بَابُ مُجَانَبَةِ أَهْلِ الأَهْوَاءِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى أَوْ أَحْيَا سُنَّةً وَإِثْمِ مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً أَوْ دَعَا إِلَيْهَا

- ‌2 - كِتَابُ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ تَبْلِيغِ حَدِيثِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَحِفْظِهِ

- ‌بَابُ إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَنْ قَالَ فِي الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ

- ‌بَابُ الْخُصُومَةِ فِي الْقُرْآنِ

- ‌بَابُ مَنْ رَوَى حَدِيثًا يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ

- ‌بَابُ حَدِيثِ أَهْلِ الْكِتَابِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ التَّفَقُّهِ فِي الدِّينِ

- ‌بَابُ كِتْبَةِ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ التَّحَاسُدِ فِي الْعِلْمِ

- ‌بَابُ مَنْ تَرَكَ عِلْمًا يُنْتَفَعُ بِهِ

- ‌بَابُ وَعِيدِ مَنْ كَتَمَ عِلْمًا يَعْلَمُهُ

- ‌بَابُ إِعَادَةِ الْكَلامِ لِيُفْهَمَ

- ‌بَابُ التَّوَقِّي عَنِ الْفُتْيَا

- ‌بَابُ طَرْحِ الْمَسأَلَةِ عَلَى الأَصْحَابِ لِيَخْتَبِرَ مَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ التَّخَوُّلِ بِالْمَوْعِظَةِ

- ‌بَابُ قَبْضِ الْعِلْمِ

- ‌3 - كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ مَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الْفَرْجِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ لَمْسِ الْمَرْأَةِ

- ‌بَابُ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ

- ‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ مِنَ اللَّبَنِ وَالسَّوِيقِ

- ‌بَابُ مَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ

- ‌بَابُ أَدَبِ الْخَلاءِ

- ‌بَابُ الاسْتِتَارِ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا دَخَلَ الْخَلاءَ

- ‌بَابُ كَرَاهِيَةِ الْكَلامِ عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ

- ‌بَابُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي نُهِيَ عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ فِيهَا

- ‌بَابُ الْبَوْلِ قَائِمًا

- ‌بَابُ الْبَوْلِ فِي الإِنَاءِ

- ‌بَابُ الاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ

- ‌بَابُ السِّوَاكِ

- ‌بَابُ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ

- ‌بَابُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ التَّسْمِيَةِ فِي الْوُضُوءِ

- ‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِمَا وَتَخْلِيلِ الأَصَابِعِ

- ‌بَابُ تَخْلِيلِ اللِّحْيَةِ

- ‌بَابُ الْبَدَاءَةِ بِالْمَيَامِنِ

- ‌بَابُ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ

- ‌بَابُ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ

- ‌بَابُ صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ مَسْحِ الرَّأْسِ وَالأُذُنَيْنِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

- ‌بَابُ الْوُضُوءِ ثَلاثًا ثَلاثًا

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلاةٍ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌بَابُ التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ

الفصل: ‌باب المضمضة والاستنشاق والمبالغة فيهما وتخليل الأصابع

‌بَابُ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ وَالْمُبَالَغَةِ فِيهِمَا وَتَخْلِيلِ الأَصَابِعِ

210 -

أَخْبَرَنَا الشَّيْخُ الإِمَامُ، أَدَامَ اللَّهُ بَرَكَتَهُ، نَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لِيَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، كِلاهُمَا، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ

وَالاسْتِجْمَارُ: هُوَ اسْتِعْمَالُ الْجِمَارِ، وَهِيَ الأَحْجَارُ فِي الاسْتِنْجَاءِ، وَمِنْهُ رَمْيُ الْجِمَارِ، وَهِيَ رَمْيِ الْحَصَا بِمِنًى.

قَوْلُهُ: «فَلْيُوتِرْ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: هُوَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الثَّلاثِ،

ص: 412

لأَنَّ مَعْقُولا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْوِتْرَ الَّذِي هُوَ وَاحِدٌ، لأَنَّهُ زِيَادَةُ صِفَةٍ عَلَى الاسْمِ، فَلا تَحْصُلُ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ، فَعَلِمَ أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ، وَأَدْنَاهُ الثَّلاثُ.

211 -

أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ الشِّيرَزِيُّ، أَنا زَاهِرُ بْنُ أَحْمَدَ، أَنا أَبُو إِسْحَاقَ الْهَاشِمِيُّ، أَنا أَبُو مُصْعَبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ» .

هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ

قَوْلُهُ: «ثُمَّ لِيَنْثِرْ» وَقَوْلُهُ: «فَلْيَسْتَنْثِرْ» .

يُقَالُ: نَثَرَ وَاسْتَنْثَرَ: إِذَا حَرَّكَ النَّثْرَةَ فِي الطَّهَارَةِ، وَهِيَ طَرَفُ الأَنْفِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَى النَّثْرِ وَالاسْتِنْثَارِ: الاسْتِنْشَاقُ بِالْمَاءِ.

قَوْلُهُ: «فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لِيَنْثِرْ» دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الاسْتِنْشَاقَ غَيْرُ الاسْتِنْثَارِ، فَالاسْتِنْثَارُ هُوَ نَفْضُ مَا فِي الأَنْفِ بَعْدَ الاسْتِنْشَاقِ، يُقَالُ: نَثَرَ يَنْثِرُ بِكَسْرِ الثَّاءِ هَهُنَا، وَنَثَرَ السُّكَّرَ يَنْثُرُ بِضَمِّ الثَّاءِ لَا غَيْرَ.

212 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ

ص: 413

النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَتَوَضَّأَ، فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاثًا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ» .

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَكَمِ الْعَبْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْهَادِ

وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَبُو بَكْرٍ التَّيْمِيُّ الْقُرَشِيُّ.

قَالَ الإِمَامُ رضي الله عنه: الْمَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ جَمِيعًا عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ قَوْمٌ: هُمَا فَرْضَانِ فِيهِمَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ.

ص: 414

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ: هُمَا فَرْضَانِ فِي الْغُسْلِ، سُنَّتَانِ فِي الْوُضُوءِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ: الْمَضْمَضَةُ سُنَّةٌ فِيهِمَا، وَالاسْتِنْشَاقُ وَاجِبٌ فِيهِمَا.

213 -

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَحْمَدَ الْخَلالُ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ.

ح وَأَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْعَارِفُ، قَالا: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ، نَا أَبُو الْعَبَّاسِ الأَصَمُّ، أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ، أَنا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو هَاشِمٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطِ بْنِ صَبِرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ وَافِدَ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، أَوْ فِي وَفْدِ بَنِي الْمُنْتَفِقِ، فَأَتَيْنَاهُ وَلَمْ نُصَادِفْهُ، وَصَادَفْنَا عَائِشَةَ، فَأُتِينَا

ص: 415

بِقِنَاعٍ فِيهِ تَمْرٌ، وَالْقِنَاعُ: الطَّبَقُ، وَأَمَرَتْ لَنَا بِخَزِيرَةٍ، فَصُنِعَتْ، ثُمَّ أَكَلْنَا، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ جَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" هَلْ أَكَلْتُمْ شَيْئًا؟ هَلْ أُمِرَ لَكُمْ بِشَيْءٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، فَلَمْ نَلْبَثْ أَنْ دَفَعَ الرَّاعِي غَنَمَهُ، فَإِذَا سَخْلَةٌ تَيْعَرُ، فَقَالَ: " هِيهِ يَا فُلانُ مَا وَلَّدْتَ؟ قَالَ: بَهْمَةً، قَالَ: فَاذْبَحْ لَنَا مَكَانَهَا شَاةً ".

ثُمَّ انْحَرَفَ إِلَيَّ، وَقَالَ:" لَا تَحْسِبنَّ، وَلَمْ يَقُلْ: لَا تَحْسَبَنَّ، أَنَّا مِنْ أَجْلِكَ ذَبَحْنَاهَا، لَنَا غَنَمٌ مِائَةٌ، لَا نُرِيدُ أَنْ تَزِيدَ، فَإِذَا وَلَّدَ الرَّاعِي بَهْمَةً، ذَبَحْنَا مَكَانَهَا شَاةً " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي امْرَأَةً فِي لِسَانِهَا شَيْءٌ، يَعْنِي: الْبَذَاءَ؟ قَالَ: طَلِّقْهَا، قُلْتُ: إِنَّ لِي مِنْهَا وَلَدًا، وَلَهَا صُحْبَةٌ؟ قَالَ:

ص: 416

فَمُرْهَا، يَقُولُ: عِظْهَا، فَإِنْ يَكُ فِيهَا خَيْرٌ، فَسَتَقْبَلُ، فَلا تَضْرِبَنَّ ظَعِينَتَكَ ضَرْبَكَ أُمَيَّتَكَ.

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْوُضُوءِ، قَالَ: أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابِعِ، وَبَالِغْ فِي الاسْتِنْشَاقِ إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا ".

قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ

وَلَقِيطُ بْنُ صَبِرَةَ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ، وَيُقَالُ: لَقِيطُ بْنُ صَبِرَةَ بْنِ الْمُنْتَفِقِ أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ، وَقِيلَ: لَقِيطُ بْنُ عَامِرٍ أَبُو رَزِينٍ، وَلَقِيطُ بْنُ صَبِرَةَ غَيْرُهُ.

وَالظَّعِينَةُ: الْمَرْأَةُ، وَجَمْعُهَا الظُّعُنُ، وَأَصْلُهَا: الرَّاحِلَةُ الَّتِي تَظْعَنُ، فَقِيلَ لِلْمَرْأَةِ: ظَعِينَةٌ، إِذَا كَانَتْ تَظْعَنُ مَعَ الزَّوْجِ حَيْثُ مَا ظَعَنَ، أَوْ لأَنَّهَا تَظْعَنُ عَلَى الرَّاحِلَةِ إِذَا ظَعَنَتْ، فَسُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ بِاسْمِ السَّبَبِ، كَمَا يُسَمَّى

ص: 417

الْمَطَرُ سَمَاءً، إِذْ كَانَ نُزُولُهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَسُمِّيَ حَافِرُ الدَّابَّةِ أَرْضًا لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا، وَقِيلَ الظَّعِينَةُ: الْهَوْدَجُ، سُمِّيَتِ الْمَرْأَةُ ظَعِينَةً، لأَنَّهَا تَكُونُ فِيهَا.

وَقَوْلُهُ: «لَا تَضْرِبَنَّ ظَعِينَتَكَ» لَيْسَ عَلَى مَعْنَى تَحْرِيمِ ضَرْبِهِنَّ عِنْدَ الْحَاجَةِ، فَقَدْ أَبَاحَ اللَّهُ سبحانه وتعالى ضَرْبَهُنَّ عِنْدَ خَوْفِ النُّشُوزِ، فَقَالَ سبحانه وتعالى:{وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النِّسَاء: 34] وَإِنَّمَا النَّهْيُ عَنْ تَبْرِيحِ الضَّرْبِ، كَمَا يُضْرَبُ الْمَمَالِيكُ فِي عَادَاتِ مَنْ يَسْتَجِيزُ ضَرْبَهُمْ، وَيَسْتَعْمِلُ سُوءَ الْمَلَكَةِ فِيهِمْ، وَتَشْبِيهُهُ بِضَرْبِ الْمَمَالِيكِ لَيْسَ عَلَى إِبَاحَةِ ضَرْبِ الْمَمَالِيكِ، وَإِنَّمَا هُوَ عَلَى طَرِيقِ الذَّمِّ لأَفْعَالِهِمْ، فَنَهَاهُ عَنِ الاقْتِدَاءِ بِهِمْ.

وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ الْمَمَالِيكِ إِلا فِي الْحُدُودِ.

فَأَمَّا ضَرْبُ الدَّوَابِّ فَمُبَاحٌ، لأَنَّهَا لَا تَتَأَدَّبُ بِالْكَلامِ، فَلا تَعْقِلُ الْخِطَابَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَدْ حَرَّكَ بَعِيرَهُ بِالْمِحْجَنِ، وَنَخَسَ جَمَلَ جَابِرٍ حِينَ أَبْطَأَ عَلَيْهِ، فَسَبَقَ الرَّكْبَ حَتَّى مَا مَلَكَ رَأْسَهُ» .

ص: 418

وَتَخْلِيلُ أَصَابِعِ الرَّجُلِ سُنَّةٌ فِي الْوُضُوءِ مَعَ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى بَاطِنِهَا مِنْ غَيْرِ التَّخْلِيلِ، فَإِنِ انْضَمَّتِ الأَصَابِعُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا إِلا بِالتَّخْلِيلِ، فَيَجِبُ التَّخْلِيلُ، وَالأَدَبُ أَنْ يُخَلِّلَ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى مِنْ تَحْتِ الْقَدَمِ، فَيَبْدَأُ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمُ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى.

214 -

أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ، عَنِ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إِذَا تَوَضَّأَ يَدْلُكُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ بِخِنْصَرِهِ» .

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«إِذَا تَوَضَّأْتَ، فَخَلِّلْ أَصَابِعَ يَدَيْكَ وَرِجْلَيْكَ» .

ص: 419

وَقِيلَ فِي الأَمْرِ بِتَخْلِيلِ أَصَابِعِ الْيَدِ، لأَنَّهُ قَدْ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِجَمِيعِ كَفِّهِ، فَيَضُمُّ أَصَابِعَهُ، فَلا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا، كَمَا تَتَرَكَّبُ أَصَابِعُ الرَّجُلِ، وَلا يَصِلُ الْمَاءُ إِلَى بَاطِنِهَا إِلا بِالتَّخْلِيلِ.

وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ سُنَّةٌ إِلا فِي حَقِّ الصَّائِمِ.

وَفِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ بَالَغَ فَوَصَلَ الْمَاءُ إِلَى جَوْفِهِ أَوْ دِمَاغِهِ يَفْسَدُ صَوْمُهُ.

ص: 420